المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترجمة الشيخ العلامة عبد الرحمن عبد الصمد -رحمه الله تعالى-


بلال الجيجلي
10-02-2012, 09:29 PM
ترجمة الشيخ العلامة عبد الرحمن عبد الصمد -رحمه الله تعالى-

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين ، نبينا محمد وعلى آله وصحابته وأزواجه والتابعين .
وبعد:
فهذه ترجمة مختصرة لفضيلة الشيخ أبي يوسف عبد الرحمن عبد الصمد رحمه الله تعالى ، قد جمعتها من أقاربه ومحبيه وطلبته في دولة الكويت وخارجها ، أسأل الله أن تكون خالصة لوجهه الكريم ، وأن تليق به رحمه الله تعالى .
اسمه ونسبه :
هو فضيلة الشيخ العلامة الأصولي السلفي : أبي يوسف عبد الرحمن بن يوسف بن محمود بن حسين بن علي بن عبد الصمد الفقيهي السعدي الشامي .
يرجع نسبه الكريم لعائلة الفقهاء: وهي قبيلة عربية أصيلة كانت تسكن مكة المكرمة ثم نزح منها فخذ سمي أيضاً بالفقهاء شمالاً ، فسكنوا بلاد الشام ، ولا يزالون فيها ويعرفون بهذا الاسم ، وهم من بني سعد بن بكر بن هوازن .
مولده ونشأته :
ولد رحمه الله رحمة واسعة سنة 1927 م في بلدة تدعى: عنبتا شرق طولكرم التابعة لمحافظة نابلس في فلسطين المحتلة ، طهرها الله من رجس اليهود .
وقد توفي والده الشيخ يوسف بن محمود الفقيهي وعمره لم يتجاوز السابعة ، ثم لحقت به والدته فتوفيت وهو دون التاسعة من عمره ، فنشأ نشأة حسنة يتيمةً عند عمه الأكبر ، فحفظ القرآن الكريم وتعلم مبادىء اللغة العربية وهو صغير.
تعليمه :
وقد تلقى تعليمه المدرسي في إحدى مدارس بلدته عنبتا ، وتخرج منها ثم هاجر من فلسطين قبل الاحتلال اليهودي لسوريه مروراً بلبنان ، فاستقر بمدينة حلب السوريه ، وذلك سنة 1944 م .
زواجه :
تزوج رحمه الله من امرأة حلبية سلفية فاضلة كانت له خير معين له على الدعوة وتحمل ضيق الحال والعيش والظروف القاسية التي عاشها -رحمه الله- خاصة بعد أن تمسك بالعقيدة السلفية وهاجم أهل البدع والضلال من الصوفية والإخوان المسلمين في مدينة حلب ، فابتلي أشد البلاء حتى هاجر للمملكة العربية السعودية ، وقد رزق منها بثلاث بنين: يوسف وبه يكنى ، وعبد الله وعبد العزيز ، و أربعة بنات ، حفظهم الله تعالى .
حياته في سوريه :
لما هاجر -رحمه الله- من فلسطين بعد عام 1944 م لسوريه أقام بمدينة حلب وتعرف بها على التصوف ، فتصوف على الطريقة الرفاعية ، عفا الله عنه وغفر له ، وبقي لخمس سنين رفاعياً وتبحر بأصول الطريقة وبدعها حتى لقب بالسيد عبد الرحمن الرفاعي ، غفر الله له في عصره ذاك .
ثم منَّ الله عز وجل عليه بالهداية فهجر الطريقة الصوفية الرفاعية الرافضية الضالة وأهلها ومكانته فيها وبين أهلها لمنهج أهل السنة والجماعة وذلك لما بدأ يظهر له معنى التصوف الرفاعي وأخبار الصوفية وعقيدتهم وأكاذيبهم وضلالاتهم وشركياتهم من خارج محيط مشايخه وأصحابه .
فحصل له من جراء ذلك مكائد وأذىً كثيراً ، ودست له الدسائس الخبيثة من المتعصبين حتى أقيمت عليه الدعاوى الباطلة المزورة أمام المحاكم السوريه ، فبرأه الله تعالى منها ورد كيدهم ومكرهم في نحورهم .
ولما التزم -رحمه الله- مع السلفيين في مدينة حلب بدأ ينهل العقيدة السلفية الصحيحة من عالم حلب الشيخ محمد الياقطي السلفي ولازمه ملازمة شديدة لقرابة ثمان سنوات متتالية ، وكان من شدة ملازمته له أنه يسير المسافات الطويلة سيراً على الأقدام من أجل حضور درس من دروسه أو خطبه وشروحه ، وجالس الشيخ محمد نسيب بن عبد الرزاق بن محيي الدين الرفاعي السلفي ، والإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني ، ثم منَّ الله عليه أن يكون ضمن البعثة السوريه المبتعثة للدراسة في المملكة العربية السعودية .
حياته في المملكة العربية السعودية :
حضر -رحمه الله تعالى- ضمن البعثة السورية للدراسة في المعهد العلمي بمدينة الرياض ، وتعرف على عدد من المشايخ أبرزهم سماحة العلامة الإمام المفتي محمد بن إبراهيم آل الشيخ وتلميذه النجيب سماحة الوالد الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، رحمهما الله رحمة واسعة .
وبقي بمدينة الرياض تسع سنوات ثم لما افتتحت الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة التحق بها طالباً ومدرساً بتزكية من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- حتى حصل على الشهادة الثانوية الشرعية ودرس في السنة الأولى في كلية الشريعة . ثم عاد لسوريه بعد قطع بعثته لأسباب أمنية .
حياته في سوريه مرة أخرى :
لما عاد لسوريه عمل إماماً وخطيباً في مناطق مختلفة لمحافظات عدة نذكر منها :
• إمام وخطيب مسجد بلدة مغلة كبيرة في محافظة الرقة في الشمال الغربي من القطر السوري من سنة 1965 حتى أوائل سنة 1968 م .
• إمام وخطيب مسجد الدانة في محافظة ادلب في الشمال الغربي من القطر السوري ، مدة ثلاثة أشهر .
• إمام وخطيب مسجد بلدة رامحدان التابعة لمحافظة حماة مدة تسعة أشهر .
• إمام وخطيب مسجد بلدة كرناز التابعة لمحافظة حماة حتى رحل لدولة الكويت سنة 1974 م .
وقد واجه صعوبات كبيرة ومعوقات في نشر العقيدة السلفية بسبب الجهل المستشري بالعقيدة والتوحيد بين العوام وشد الرحال للأضرحة وتقديسها بالصلاة والطواف حولها ، وذلك بسبب سيطرة الصوفية والإخوان المسلمون على عوام المسلمين ، ومحاربتهم للدعوة السلفية وأصولها ، أعاذنا الله و إياكم من البدع وأهلها .
وكان للجهل الشديد بالأحكام والعبادات الشرعية ، واختلاط السنة بالبدع والمحدثات والخرافات ، أثراً عظيماً في دعوته وصبره وتصديه للبدع ، فأوذي بعرضه وبدنه ورزقه -رحمه الله- .
وكانت له ردود علمية قيمة صودرت منه ومنعت ، منها ما كان في الرد على الفرق الباطنية والعلمانية وأهل الفسوق والفجور والقائلين بوحدة الوجود والحلول والرافضة والمعتزلة ، وغيرهم من أهل البدع والضلال.
ثم لما لم يرق لهؤلاء هذا الهجوم من الشيخ -رحمه الله- سلطوا عليه صبيانهم فآذوه و اتهموه بأنه وهابي ويعمل لصالح المخابرات السعودية حتى أوقفه النصيرية عن الإمامة والخطابة -رحمه الله- بمكيدة من أهل البدع والضلال لما رأوه من قوة وصبر في الدفاع عن التوحيد والسنة .
حياته في دولة الكويت:
قدم -رحمه الله تعالى- دولة الكويت يوم 21/1/1975 م ، وتقدم مباشرة للامتحان في وزارة الأوقاف الكويتية فقبل بوظيفة إمام وخطيب ، واستلم عمله يوم 29/3/1975 م إماما بمسجد شبرة بمنطقة العمرية وانتشر صيته بين الشباب السلفي حتى نقل بعد ذلك لمسجد العوائل بمنطقة الوفرة البعيدة بمكيدة من الصوفية الرفاعية والأشاعرة والإخوان المسلمين لما رأوا اجتماع السلفيين حوله .
وبقي بمنطقة الوفرة حتى وفاته -رحمه الله- صابراً محتسباً مداوماً على نصرة السنة وأهلها في مجالسه الخاصة والعامة ، ولا يكاد بيته يخلو من الطلبة والزائرين .
وقد أوقف عن الخطابة مراراً في دولة الكويت لمهاجمته الرافضة والأشاعرة والإخوان المسلمين وكاد أن يصل به الأمر للإبعاد من دولة الكويت ولكن الله رد كيدهم في نحرهم وسلمه ونصره .
وقد كانت دروسه بعد التضييق عليه تقام في المجالس والدوانيات الخاصة فكان له درس في منطقة النقرة للنساء ، ودرس بعد العصر بمنطقة النزهة ، ودرس بعد المغرب بمنطقة الأندلس ، ودرس بعد صلاة العشاء بمنطقة الفردوس ، وله دروس أسبوعية مسجله بدوانيات ومجالس الإخوة السلفيين بمناطق الصليبية وجليب الشيوخ والصباحية والأحمدي والرقة والجهراء والفحيحيل وأم الهيمان والرابية .
فكانت دروسه -رحمه الله- على امتداد دولة الكويت طولاً عرضاً ، ولم يكن يعرف الراحة ولم يسأل عنها حتى أن يوم راحته السبت كان قد خصص لمعالجة المرضى بالرقية الشرعية .
فوقته كله عمل وجهاد ودعوة وصبر ، فرحمه الله .
الكتب التي درسها في تلك المجالس :
• رياض الصالحين : تحقيق الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني ، دوانية الصليبية والفردوس.
• كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب التميمي : دوانية العارضية.
• صحيح الإمام البخاري : دوانية الفردوس حتى وصل لكتاب الرقاق.
• درس في أصول الفقه : درس خاص لفئة المدرسين بمنزله.
• فقه السيرة : تحقيق الإمام محمد ناصر الدين الألباني : دوانية الصليبية والفردوس.
• كتاب السنة للإمام البربهاري : دوانية جليب الشيوخ.
مؤلفاته ورسائله ومذكراته وردوده :
• أسئلة طال حولها الجدل.
• قراءة الجنب لكتاب الله.
• مس المرأة : هل ينقض الوضوء ؟.
• قضاء الصلوات الفائتة عمداً واجب أم لا ؟.
• سنة الجمعة.
• الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الأذان.
• البدع في الدين كلها ضلالة.
• الرد على من قال بالبدعة الحسنة.
• التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته.
• رسالة في الأذان الثاني يوم الجمعة.
• قنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الصبح أم تركه.
• هل ثواب قراءة القرآن الكريم يصل للميت ؟.
• صلاة التراويح أحد عشر ركعة أم عشرون.
• المولد النبوي سنة أم بدعة.
• المسلم هل يلزم بتقليد المذاهب الأربعة.
• رسالة في الإحابات على الأسئلة السبعة.
• رسالة في التوحيد.
• الرسالة العظمى.
• رسالة في اللحية.
• رد على د. عبد الله عزام في مدحه الأديب سيد قطب ، وبيان أخطاء سيد قطب ، وتأييد الألباني في ذلك ، ولعل هذه الرسالة هي الأولى التي ردت على سيد قطب وبينت فكره ومعتقده ، وللأسف أنها فقدت.
• التعليقات على المؤلفات.
• الرافضة ؟.
• العبادة لا تكون عبادة إلا بأمرين.
• تعريفات سلفية.
• نصيحة عامة.
• ما الهجرة ؟.
• أصل الإسلام وقاعدته.
• زاد المسافر.
• أمور يجب معرفتها.
• قواعد سلفية.
وغير ذلك من الأبحاث العلمية التي صودرت بسورية وفقدت ، وكذلك الأشرطة السمعية التي جاوزت 200 ساعة صوتية ، منها ما هو موجود على الشبكة العنكبوتية .
هوايته وصناعاته وصفاته :
كان -رحمه الله- خبيراً كهربائياً ، كما كانت له خبرة واسعة في تصليح اللاقطات والساعات وماكينة الخياطة ، والتمديدات الصحية والكهربائية وخبرة لا بأس بها بمبادىء الطب العربي الشعبي فضلاً على أنه يعقد الأنكحة ، ويعالج بالرقية الشرعية حتى تتلمذ على يديه أشهر المعالجين اليوم ، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة .
كان -رحمه الله- متواضعاً ، لا يحب الألقاب ولا يرد على من يطلق عليه شيخ بل كان يحب أن ينادى باسمه أو كنيته .
زاهداً جواداً كريماً رغماً عن الحاجة ، شديد التسمك بالسنة والدليل ولا يحيد عنه أبداً ، وإن سألت عن أعدائه قال : إبليس والصوفية والرافضة والبدعة وأهلها.
كانت له فراسة عجيبة فريدة مميزة قلما تخطىء بل لا تكاد تخطىء في الأشخاص والأحداث والوقائع.
حليماً حكيماً اجتماعياً لا يمله أحد ، شديد الغضب على محارم الدين إذا انتهكت ، جريئاً شجاعاً مقدماً لا يهاب أحدا في الحق.
وكان ذو دعابة لطيفة ومؤنسة بل يحب كل من جالسه أن لا يفارق مجلسه ، وكانت الابتسامة لا تفارقه -رحمه الله- .
وكان كلامه طيب وعبارته سهله ممتعه وحجته قوية وأسلوبه سمحاً بالنقاش يأخذ بيدك للسنة من أقرب الطرق وأوضحها.
وكانت لحيته طويلة لا يأخذ منها أبداً ، ويكره تقديس الأشخاص والتحزب ويمقت أهلها.
وما رأينا مثله أبر منه بمشايخه يجلهم ويوقرهم ويثني عليهم ويدعوا لهم ويحترمهم احتراماً عظيماً ويغضب عندما يذكروا بسوء ، وأعني هنا شيخيه الإمامين عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، ومحمد ناصر الدين الألباني ، رحمهم الله جميعاً .
وفاته :
توفي -رحمه الله تعالى- بمدينة ملبورن - أستراليا عندما ذهب بدعوة من الجمعية الإسلامية الأسترالية من أجل الدعوة و إقامة دورات شرعية للمسلمين في المهجر ، وكانت موته بحادث سير قيل مفتعل من صوفية أستراليا ، والله تعالى أعلم.
فتوفي مساء الخميس الساعة التاسعة والنصف بتاريخ 17 شوال 1408 هـ الموافق 2/6/1988 م ، ودفن هناك .
وجاء نعيه من الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح -رحمه الله- في جريدة القبس الكويتية رقم 5914 المؤرخ في 18 ربيع الأول 1409 هـ الموافق 29/10/1988 م .
وبكاه طلبته ومحبوه ، وعم الحزن دولة الكويت كلها ، فسبحان الذي جعل له القبول عند العوام قبل السلفيين ، والله تعالى أسأل أن يجعل موته شهادة في سبيله وأن يسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
فرحمه الله كان غريباً ، ونشأ غريباً ، وكان غريباً بسلفيته وزهده وفراسته وورعه وأسلوبه وتواضعه حتى مات غريباً ودفن غريباً .
والحمد لله رب من قبل ومن بعد .
ملحوظة: من كانت عنده فائدة عنه -رحمه الله- تفيد هذا التوثيق لترجمته قد نسيناها أو أخطأنا في شيء فلينبهنا ، وجزاكم الله خيراً !.

تنبيه: لا يخفى على الإخوة الأفاضل موقف الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني من محمد نسيب الرفاعي و هجرانه له.

منقول وهو مقال للأخ عبد الله الخالدي في شبكة سحاب