المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : توضيح الصراط المستقيم في بيان علاقة البدعة بالعدالة والرد على الطيباوي ذي الفهم السقيم


بلال الجيجلي
07-29-2010, 09:17 AM
توضيح الصراط المستقيم في بيان علاقة البدعة بالعدالة والرد على الطيباوي ذي الفهم السقيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فإن مما يتميز به المنهج السلفي أنه مبني على كتاب وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، على منهج السلف الصالح، وهو منهج بريء من الأهواء والبدع، ويحذر المسلم من كل ما يضره، ويدله على كل ما ينفعه ..

ومما حذرت من الشريعة الإسلامية الغراء البدع وأهلها ..

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: « يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ يَقُولُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ».

وقال العرباض بن سارية رضي الله عنه: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما موعظة بليغة، ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، قلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: «أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عيها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة».

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار».

وقال أبو قلابة: قال عبد الله بن مسعود: « إياكم والتبدع والتنطع والتعمق، وعليكم بالعتيق».

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «عليكم بالاستقامة واتباع الأمراء والأثر، وإياكم والتبدع».
وقال رضي الله عنه : « قصد في سنة خير من اجتهاد في بدعة»

وقد اتفق أهل العلم على حرمة ارتكاب البدع، وأن الابتداع في الدين من كبائر الذنوب، وأن مرتكب البدعة قد وقع فيما يقدح في الدين والعدالة.

قال الصنعاني في توضيح الأفكار(2/284) : « وقد تقرر كون البدعة من الكبائر عند أئمة العلم ودلت عليه عدة أحاديث» .

بل نقل الاتفاق على التعريف الذي ذكره الحافظ ابن حجر والذي فيه ذكر البدعة مما يخل بالعدالة ..

قال الحافظ ابن حجر في نزهة النظر: « والمُرادُ بالعَدْلِ : مَنْ لهُ مَلَكَةٌ تَحْمِلُهُ على مُلازمةِ التَّقوى والمُروءةِ .
والمُرادُ بالتَّقوى : اجْتِنابُ الأعمالِ السَّيِّئةِ مِن شِرْكٍ أَو فِسقٍ أَو بِدعةٍ» .

وقال الصنعاني: «تفسير العدالة بما ذكره الحافظ ابن حجر تطابقت عليه كتب أئمة الأصول والحديث وإن حذف البعض قيد الابتداع..» إلى آخر كلامه فارجع إليه..

وقال رحمه الله في ثمرات النظر: (ص/52) : « فهذه الأحاديث وأقوال العلماء منادية على أن الابتداع من الكبائر وقد رسموا الكبيرة بما توعد عليه بخصوصه وهو صادق على البدعة».

فجميع ما سبق يدل على أن الابتداع أمره خطير، وأنه من الأمور التي تردي صاحبها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة)) قال: من هي يا رسول الله؟ قال : ((الجماعة))

فهذا الحديث يدل على أن هذه الفرق الضالة متوعدة بالعذاب، وهذا من حد الكبيرة، فيكون المبتدع قد تقحم ببدعته كبيرة من كبائر الذنوب..

والبدعة: هي طريقة في الدين تضاهي الشريعة يقصد بها التقريب إلى الله.

أو ما أحدث في الدين من غير دليل.

ومن أمثلة البدع: الطواف حول القبور، والاستغاثة بالمقبور، والحج للمشاهد والمقابر، والقول بأن جميع الموجودات هي الله، ونفي الأسماء والصفات عن الله أو نفي شيء منها مما ثبت بالكتاب والسنة أو أدجمعت عليه الأمة، وتكفير المسلمين بارتكاب الكبائر غير المكفرة، والاعتقاد بأن الإيمان اعتقاد أو اعتقاد وقول وأن العمل ليس منه، وأن إيمان جبريل كإيمان أفجر الناس، وأن الله لا يخلق أفعال العباد، وتكفير الصحابة رضي الله عنهم، وأن علماء أهل السنة منافقون، والتدين بالكذب، وشرب الخمور، وأذية أهل السنة، ونحو ذلك من البدع ..

فمن علم تلك البدع وما أشبهها كيف لا تنخرم عدالة مرتكبها إذا علم الدليل فأعرض عن الحق، واتبع هواه، ولم يرفع بالكتاب والسنة وما عليه السلف رأساً؟!!

فهل الخارجي الذي يعتقد كفر علي ومعاوية رضي الله عنهما ووالى أهل النهروان لو صلى وصام وقام وما نام، وعمل بالحلال وابتعد عن بقية الحرام هل يكون هذا عدلاً تقياً؟!!

ألم تحمله التقوى على تطهير قلبه من الغل على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

ألا يحمله الورع، وتحمله التقوى على معاداة من ذمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال فيهم: «طوبى لمن قتلهم أو قتلوه»؟!!
فتباً للمأربي والطيباوي ومن على شاكلتهما ممن يرون أن التقوى والورع والخوف من الله لا تحملهم على ترك البدعة والابتداع واتباع الهوى

فكيف يكون الرافضي تقياً؟ وكيف يكون الناصبي نقياً؟ وكيف يكون الجهمي ورعاً؟

فجميع ما سبق يدل دلالة أكيدة وبإجماع العلماء على أن البدعة مؤثرة في العدالة، وأن العدالة ملكة تحمل صاحبها على طاعة الله والبعد عما حرمه من الكفر والفسوق والبدع ..

وبعد هذه المقدمة أفند جملة من شبه الطيباوي صاحب الشبه والبلاوي ..


* * * * *

البدعة لا تخل بالعدالة عند العبقري الطيباوي !

أكد الطيباوي في مقاله المريض على هذه المسألة، وظن أنه قد أتى بشيء من العلم في مقاله البليد الذي خالف فيه الإجماع، وخالف فيه صاحبه علي الحلبي نفسه!!

فالبدعة عند العلماء مما يخل بالعدالة، ومبحثها يدرس عند أهل السنة في مبحث الأمور المخلة بالعدالة كما سبق ذكره، ولكن لأن المأربي مبتدع، كذا الطيباوي فإنه سعى بكل ما يملك من تلبيس وتخليط لإيهام الناس أن العدالة لا علاقة لها بالبدعة، ومن عجيب جهله أنه حصر مدخل البدعة بالعدالة فيما يتعلق بالكذب فقط!!

* من تلبيسات الطيباوي أنه يترك الكلام الواضح الصريح، ويأتي إلى الكلام المشتبه فيجعله قاضياً على الصريح!

فالحافظ ابن حجر رحمه الله جعل البدعة مما يخل بالعدالة، وصرح في الفتح أن المبتدع ليس عدلاً، فجاء الطيباوي لكلام الحافظ ابن حجر في اعتماده قبول رواية من رمي ببدعة إذا كان لم يخالف معلوماً من الدين بالضرورة أو اعتقد ما يخالف معلوماً من الدين بالضرورة وكان ضابطاً ورعاً تقياً!

فظن بهذا أنه أبطل كلام الحافظ ابن حجر الصريح، الذي زعم أنه فهمي لكلام الحافظ ابن حجر والواقع أنه منطوق الحافظ ابن حجر!

وهذه نكسة عند المأربي والطيباوي ومن على شاكلتهما من المبتدعة يأتون إلى الكلام الصريح الواضح فيجعلونه مجملاً ليحكموا آراءهم ويتلاعبوا بالنصوص والأقوال الواضحة المفسرة الصريحة!!

ففي كلام الحافظ ابن حجر أن من أنكر معلوماً من الدين بالضرورة أو اعتقد خلافه مما ترد به روايته وقد يكون ذلك كافراً وقد يكون مبتدعاً، فمن المبتدعة من ترد روايته عند الحافظ ابن حجر، وهذا مما يدل على اختلال عدالته بالبدعة خلافاً للطيباوي الجهول!

وكذلك فكلام الحافظ ابن حجر فيمن رمي ببدعة دل عليه قوله: «لان كل طائفة تدعي إن مخالفيها مبتدعة» ثم بين صفة المبتدع الذي ترد روايته كما سبق ذكر ذلك عنه .

فظهر أن الحافظ ابن حجر يرد رواية المبتدع الذي أنكر معلوماً من الدين بالضرورة أو اعتقد خلافه وأن هذا ينافي التقوى والورع!

* من هذرمة الطيباوي فيما يتعلق بموضوع العدالة أنه جاء إلى كلامٍ لابن حزم قي الإحكام حول خروج قضية الغفلة والغلط عن مبحث العدالة!! ونحن نتكلم عن البدعة!

ويظهر أن الطيباوي لغبائه لا يفرق بين العدالة والضبط!! فمبحث الغفلة والغلط من متعلقات الضبط لا العدالة فاستيقظ يا طيباوي وفُقْ من مَسِّك!

* من ضلال الطيباوي خلطه بين موضوع الفسق والبدعة، فهو يتصور في عقله المريض أن من قيل فيه مبتدع فهو فاسق!! وعليه فيحصر المبتدع إذا ارتكب بدعة مكفرة!!

وهذا من ضلال هذا الرجل، مع أن من رجع إلى تعريف العدالة عرف أن العدل أعم من الخلو من الفسق، لذلك أدخل العلماء في شروط العدل في الرواية أن لا يكون مخروم المروءة، ومعلوم أن مخروم المروءة ليس فاسقاً على سبيل العموم ، فكذا المبتدع ..

على أننا لو جعلنا العدل مقابلاً للفاسق لقسمنا الفاسق إلى قسمين:

فساق تصريح وهم مرتكبو الكبائر والمصرون على الصغائر..

وفساق تأويل: وهم المبتدعة الذين هم مظنة الفسق .

فلا مانع من تصور أن يكون المبتدع فاسقَ تأويلٍ، مع العلم أن من المبتدعة من يجمع بين فسق التأويل وفسق التصريح بل ربما غلوا في البدعة فصاروا كفار تأويل بل قد يصلوا إلى كفار التصريح والله المستعان.

* ومن بلايا ورزايا الطيباوي المخرف أنه يصف البيهقي والحافظ ابن حجر أنهما من الأشاعرة!! ويجعلهما من المبتدعة!!!

وهما وإن كانا وافقا الأشاعرة في بعض عقيدتهم إلا أنهم في أكثر مباحث العقيدة على أصول أهل السنة وعقيدتهم..

* من بولاي الطيباوي أنه يصف الشخص وصف المبتدع مع أنه قد فعل الطاعات واجتنب المحرمات في خيال الطيباوي، وتالله إن هذا لهو الضلال المبين، أن يكون المُحْدِثُ في الدين، المبتدعُ ممن اجتنب المحرمات وهو لم يطبق قوله صلى الله عليه وسلم: «وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة»..

فهذا الطيباوي يتخيل في ذهنه السقيم، وقلبه المريض أن المبتدع يكون من الصادقين الأتقياء الذين فعلوا ما أمر الله، واجتنبوا ما عنه نهى !!

فتباً وسحقاً للبدعة كيف تردي صاحبها ، وتجعله مخالفاً للشرع، ومع ذلك تجد جملة من الجهلة والأوباش يؤيدون هذا التخليط وهذا التحريف لشريعة رب العالمين ..

وأما قول الطيباوي صاحب البلاوي: «ومعلوم أن الله أمر بالتقوى بمقدار الاستطاعة، وبعض المبتدعة قد فعل ما وسعه من التقوى، خاصة في المسائل العلمية أقصد الاعتقاد العلمي كالبيهقي، و الخطابي وغيرهما، فكيف ننفي عنهم اسم التقوى، ولم يخلوا بواجب شرعي؟!» ..

من سلفك في أن البيهقي والخطابي من المبتدعة أصلاً؟!!

وهل كل من أخطأ مع اجتهاده في طلب الحق، وإتيانه بما يستطيع يكون مبتدعاً أيها الطيباوي؟!!

فالذي يرتكب البدع، ويتنكب طريقة السلف، ويتبع هواه لا يكون مأموناً على الدين، ولا يكون ممن أتى بما أوجبه الله عليه من التقوى ..

فافهم هذا ولا تهرف بما لا تعرف!

* ومن تلبيسات الطيباوي في هذه القضية ما جاء به من كلام الشاطبي في ذكر الاعتداد بالمجتهدين من أهل البدع في الخلاف ونقله في الكتب حيث إنه لبس على القراء وأوهم أن هذا أعظم من القول بأنهم ليسوا عدولا!!

وهذا من غباء الطيباوي المُحَقَّقِ ..

فالشاطبي لم يتعرض لقضية عدالتهم، بل في الاعتداد بخلافهم في المسائل، وليس الكلام هنا حول كونهم مخرومي العدالة أم لا؟

بل لما قال: «ولهذا تقرير في كتاب الإجماع» علق عليه الشيخ عبدالله دراز: «فقد اختلفوا هل تشترط عدالة المجمعين أم لا؟ والحنفية تشترط، وعليه يبتني شرط عدم البدعة إذا لم يكفر بها الخوارج، والحنفية قالوا يشترط عدم بدعته إذا دعا إليها، فإذا لم يدع إليها كان قوله في غير بدعته معتبراً في انعقاد الإجماع»..

فانظروا إلى كلام العلماء، وكلام الجهلاء كالطيباوي!

* كذب الطيباوي حين قال: «دخول البدعة في المبحث العدالة، ولا يوجد في كلامي ما يخرجها منه»

مع أنه قال في الحلقة الأولى من ردوده : « ومن جهة أخرى فرق بين جرح الرواة بسبب التهمة في عدالتهم أو ضبطهم،و بين جرح العلماء في غير عدالة ولا ضبط، ولكن بالبدعة» فجعل الجرح بالبدعة غير الجرح بالعدالة، فغاير بين مبحث البدعة، ومبحث العدالة، مع أن الجرح بالبدعة داخل في القدح في العدالة عند أهل الحديث..

بل قال في نفس مقاله الذي دافع فيه عن الحلبي مؤخراً: « أما تفريقهم بين الداعية و غير الداعية ـ كما سأبينه بالدليل إن شاء الله تعالى ـ فلا علاقة له بالعدالة، ومن اعتقد ذلك فقد أخطا على الأئمة، بل هو من جنس العقوبة فقط.»

وهذا من غبائه أيضاً، فلا تعارض بين كون البدعة قادحة في العدالة، وبين معاقبة الداعية برد روايته كما سيأتي تقريره إن شاء الله..

ألا يدل هذا أيضاً على أن الطيباوي مريض لا يعي ما يقول؟!!

ومع ذلك يصفه علي الحلبي بأن ردوده علمية نقية!!

بل هي فضيحة لك يا علي الحلبي وبلية!!

* والأعجب من هذا أن الطيباوي يدعي أن « كون السلامة من البدعة من شروط العدالة هذا مذهب شاذ و منقرض» وهذا من شذوذ وأباطيله ومخالفته لإجماع أهل السنة..

* تخبط الطيباوي كعادته عند ذكره لكلام السرخسي، مع أن كلامه ظاهر في أن البدعة مؤثرة في العدالة بحيث وصف صاحب الهوى ممن عنده عقل كالصبي العاقل أو المعتوه الذي يعقل أحياناً فهل هذه صفة العدل التقي الورع يا طيباوي؟!!

بل قال السرخسي رحمه الله (2/123): «وما يحصل به التحرز عن البدع واجبا أحكام الشرع فلا شك أن قوام الدين ونجاة المؤمنين يكون فيه» .

فمن كان من أهل البدع والأهواء يكون تاركاً لما وجب فكيف يوصف بالتقوى والورع؟!

فلا ممسك للطيباوي في كلام السرخسي..

* ثم جاء لمسألة فقهية خلافية وهي تحريم النبيذ إذا لم يظهر فيه الإسكار، فجعلها سلماً لإخراج البدعة عن العدالة!! وهذا من سخافات الاستدلال!

وهذا عين ما يدَّعي إنكاره علي في مقاله الذي يدافع فيه عن نفسه!!

* ثم هذرم الطيباوي كعادته إلى أن قال: « والمبتدع الذي يفعل الواجبات و يترك المحرمات، وربما يفعل المستحبات ويترك المكروهات لا يكون من المتقين؟!»

ونقل كلام ابن حزم : « وأيضا فإن العدالة إنما هي التزام العدل، والعدل هو القيام بالفرائض واجتناب المحارم والضبط لما روى وأخبر به فقط»،
وهذا من الكذب والضلال، فكيف يكون المبتدع فاعلاً للواجبات مع أنه يجب أن يكف عن البدع، ويجب عليه مجانبة الهوى؟

فأين التقوى عند أهل الهوى؟!!

ولكن من تلبيس هذا الطيباوي أنه يأتي بأناس صلحاء زلوا في مسائل علمية أو عملية كالبيهقي وابن حجر ونحوهما فبدعهم هذا الموسوس ليصل إلى نتيجة وهي أن التقي قد يكون مبتدعاً!

فيكون أهل البدع الذين توعدهم النبي صلى الله عليه وسلم بالنار في قوله: «كلها في النار» من أهل التقوى الممدوحين الذين لا يستحقون دخول النار عند هذا الطيباوي المخبول!

وهذا الحال الذي وصل إليه الطيباوي هو مآل البدع واتباع الهوى والمتشابه، وتنكب طريق أهل العلم ..

ولكنه كثير الشقشقة والتلبيس فينخدع به الجهلاء مثل الجنيدي وكاملة وعماد طارق وعماد عبدالقادر وأبو هنية وأضرابهم من الجهلاء الذين تعصبوا لشيخهم شيخ الفتنة والضرار علي الحلبي، وتركوا متابعة العلماء الذين يحذرونهم من هذه الأهواء المضلة التي يدعو إليها أمثال الطيباوي..

* ثم نقل كلام الصنعاني في سبل السلام حيث قال: « وَقَدْ وَسَمُوا الْعَدَالَةَ بِأَنَّهَا مُحَافَظَةٌ دِينِيَّةٌ تَحْمِلُ عَلَى مُلَازَمَةِ التَّقْوَى وَالْمُرُوءَةِ لَيْسَ مَعَهَا بِدْعَةٌ .
وَقَدْ نَازَعْنَاهُمْ فِي هَذَا الرَّسْمِ فِي عِدَّةٍ مِنْ الْمَبَاحِثِ كَرِسَالَةِ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّةِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى حُكَّامَ الْأُمَّةِ وَحَقَقْنَا الْحَقَّ فِي الْعَدَالَةِ فِي رِسَالَةِ ثَمَرَاتِ النَّظَرِ ، فِي عِلْمِ الْأَثَرِ .
وَفِي مِنْحَةِ الْغَفَّارِ ، حَاشِيَةِ ضَوْءِ النَّهَارِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
وَاخْتَرْنَا أَنَّ الْعَدْلَ هُوَ مَنْ غَلَبَ خَيْرُهُ شَرَّهُ وَلَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ اعْتِيَادُ كَذِبٍ وَأَقَمْنَا عَلَيْهِ الْأَدِلَّةَ هُنَالِكَ..»

فهو هنا يحكي عمن تقدم من العلماء أن الخلو من البدعة من شروط العدالة، وأنه مخالف لهم، فكيف نترك كلام العلماء المقرر في كتب المتقدمين، وتأتي لكلام الصنعاني المتأخر، ثم تصم كلام المتقدمين بأنه شاذ! بل الحقيق بأن يوصف قوله بالشذوذ هو من يخرج البدعة من مبحث العدالة، ويصف المبتدع صاحب الهوى بالتقوى والورع وفعل الطاعات وترك المحرمات!!!!

وهو رحمه الله قد قرر في ثمرات النظر أن الابتداع مخل بالعدالة حيث نقل قول ابن الصلاح: «كتب الأئمة طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة»، فعلق عليه الصنعاني: « قلت ما ذاك إلا لكون الابتداع غير مخل بالعدالة قطعا بل هو مخل بها لكنه دار القبول على ظن الصدق» ..

فإما أن يكون رحمه الله نقض قوله فاستثنى، وإما أن تكون «إلا» مقحمة في النص! فيكون صواب الكلام: « قلت ما ذاك لكون الابتداع غير مخل بالعدالة قطعا بل هو مخل بها لكنه دار القبول على ظن الصدق» ..


فالذي عليه أهل السنة أن البدعة تقدح في العدالة..

* ثم جاء العبقري الطيباوي بكلام للشوكاني يتعلق ببحث العدالة وعلاقته بالرواية وليس بمبحث البدعة وعلاقتها في العدالة فخلط وخبط هذا الطيباوي وظهر مصداق قولي فيه إنه لا يعرف كوعه من بوعه!

* ثم جاء بقول لشيخنا الألباني رحمه الله ينقض غزل هذا الملبس حيث قال شيخنا رحمه الله : « المهم في الموضوع سواء في المجتهد أو في المتبع هو مجانبة الهوى، لأن اتباع الهوى هو المعصية وهو الفسق، أما إذا إنسان ضل وهو قاصد الهدى فهذا كما قلنا: آنفا هو مأجور».

فالمبتدع المتبع للهوى لا يكون عدلاً بخلاف ما زعمه الطيباوي وأكثر فيه من الهذرمة والثرثرة ..

أما من كان من أهل السنة وقصد اتباع الحق فأخطأ وزل كالبيهقي وابن حجر فهذا الذي لا نقدح في عدالته ..

* ثم ذكر كلاماً كثيراً –منه كلام للمعلمي- يتعلق برواية المبتدع قبولاً ورداً ملبساً على الناس أن هذا يلزم منه أن المبتدع يكون عدلاً!! وأن البدعة لا علاقة لها بمبحث العدالة وهذا كله من هرائه وباطله وتلبيسه..

وكشف هذا التلبيس الأخير يكون بطرح إشكال وجوابه..

وقبله أذكر كلاماً للمعلمي رحمه يدحر هذا الملبس وأشباهه والعالة على العلم وأهله!

قال المعلمي رحمه الله في التنكيل(1/43) : «واختلف المتأخرون في تعليل رد الداعية والتحقيق إن شاء الله تعالى أن ما اتفق أئمة السنة على أنها بدعة فالداعية إليها الذي حقه أن يسمى داعية لا يكون إلا من الأنواع الأولى إن لم يتجه تكفيره اتجه تفسيقه، فعلى الأقل لا تثبت عدالته».

ثم نقل كلاماً للإمام مسلم في مقدمة الصحيح ثم قال: «فالمبتدع الذي يتضح عناده إما كافر وإما فاسق، والذي لم يتضح عناده ولكنه حقيق بأن يتهم بذلك، وهو في معنى الفاسق لأنه مع سوء حاله لا تثبت عدالته..»

وقال في نهاية كلامه عن القاعدة الثالثة«رواية المبتدع»: «ويتبين أنهم إنما نصوا على رد المبتدع الداعية تنبيهاً على أنه لا يثبت له الشرط الشرعي للقبول وهو ثبوت العدالة» .

فهذا كلام صريح من المعلمي يوضح العلاقة الظاهرة بين البدعة والعدالة خلافاً لتخريفات الطيباوي وتلبيساته ..

وأما كلام المعلمي في رواية غير الداعية فلها مأخذ عنده ذكره في التنكيل (1/44-45) فارجع إليه ولا يلتبس عليك الأمر..

إشكال حول موقف بعض الأئمة من رواية المبتدع

الإشكال: إذا كانت البدعة تقدح في العدالة، والمبتدع خارج عن حد العدالة فكيف احتج به من احتج من هذه الأمة لا سيما ما في كتب السنة من أحاديث بعض الخوارج والمرجئة والشيعة ونحوهم ؟

جواب الإشكال

هو ما قاله الإمام الذهبي في ميزان الاعتدال في ترجمة أبان بن تغلب حيث قال : «فلقائل أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع وحد الثقة العدالة والإتقان فكيف يكون عدلاً من هو صاحب بدعة؟

وجوابه أن البدعة على ضربين: فبدعة صغرى كغلو التشيع أو كالتشييع بلا غلو ولا تحرق فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية وهذه مفسدة بينة.

ثم بدعة كبرى كالرفض الكامل والغلو فيه، والحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، والدعاء إلى ذلك، فهؤلاء لا يحتج بحديثهم ولا كرامة.

وأيضاً فما أستحضر الآن في هذا الضرب رجلاً صادقاً ولا مأموناً، بل الكذب شعارهم، والتقية والنفاق دثارهم، فكيف يقبل من هذا حاله؟! حاشا وكلا

فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هو من تكلم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب علياً رضي الله عنه وتعرض لسبهم.

والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي كفر هؤلاء السادة، ويتبرأ من الشيخين أيضاً فهذا ضال مُعَثَّر».

وقال في ترجمة إبراهيم بن الحكم بن ظهير: «اختلف الناس في رواية الرافضة على ثلاثة أقوال: أحدها: المنع مطلقاً. والثاني: الترخيص مطلقاً، إلا في من يكذب ويضع.
والثالث: التفصيل فتقبل رواية الرافضي الصدوق العارف بما يحدث وترد رواية الرافضي الداعية ولو كان صدوقاً.

قال أشهب سئل مالك رحمه الله عن الرافضة فقال: لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون.

وقال حرملة: سمعت الشافعي يقول: لم أر أشهد بالزور من الرافضة.

وقال مؤمل بن أهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: يُكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرافضة فإنهم يكذبون.

وقال محمد بن سعيد ابن الأصبهاني: سمعت شريكاً يقول: احمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه ديناً».


قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان بعد نقله كلام الذهبي السابق: « قلت: فالمنع من قبول رواية المبتدعة الذين لم يُكَفروا ببدعتهم كالرافضة والخوارج ونحوهم ذهب إليه مالك وأصحابه والقاضي أبو بكر الباقلاني وأتباعه.

والقبول مطلقاً إلا فيمن يكفر ببدعة، وإلا فيمن يستحل الكذب ذهب إليه: أبو حنيفة وأبو يوسف وطائفة وروي عن الشافعي أيضاً.

وأما التفصيل: فهو الذي عليه أكثر أهل الحديث، بل نقل فيه ابن حبان أجماعهم.

ووجه ذلك أن المبتدع إذا كان داعية كان عنده باعث على رواية ما يشيد به بدعته.

وقد حكى القاضي عبد الله بن عيسى بن لهيعة عن شيخ من الخوراج أنه سمعه يقول بعد ما تاب: إن هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، فإنا كنا إذا هوينا أمراً صيرناه حديثاً حدث بها عبد الرحمن بن مهدي الإمام عن ابن لهيعة فهي من قديم حديثه الصحيح.

أنبأ بذلك إبراهيم بن داود شفاهاً أخبرنا إبراهيم بن علي أخبرنا أبو الفرج بن الصيقل أخبرنا محمد بن محمد كتابة أخبرنا الحسن بن أحمد أخبرنا أبو نعيم حدثنا أحمد بن إسحاق حدثنا عبد الرحمن ابن عمر حدثنا بن مهدي بها.

قلت: وهذه والله قاصمة الظهر للمحتجين بالمراسيل إذ بدعة الخوارج كانت في صدر الإسلام والصحابة متوافرون ثم في عصر التابعين فمن بعدهم وهؤلاء كانوا إذا استحسنوا أمراً جعلوه حديثاً وأشاعوه فربما سمعه الرجل السني فحدث به ولم يذكر من حدثه به تحسينا للظن به فيحمله عنه غيره، ويجيء الذي يحتج بالمقاطيع فيحتج به ويكون أصله ما ذكرت، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

وينبغي أن يقيد قولنا بقبول رواية المبتدع إذا كان صدوقاً ولم يكن داعية بشرط ألا يكون الحديث الذي يحدث به مما يعضد بدعته ويشيدها فإنا لا نأمن حينئذ عليه غلبة الهوى والله الموفق.

فقد نص على هذا القيد في هذه المسألة الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني شيخ النسائي فقال في مقدمة كتابه في الجرح والتعديل:
«ومنهم زائغ عن الحق صدوق اللهجة قد جرى في الناس حديثه لكنه مخذول في بدعته مأمون في روايته فهؤلاء ليس فيهم حيلة إلا أن يؤخذ من حديثهم ما يعرف إلا ما يقوي به بدعتهم فيتهم بذلك.

وقال حماد بن سلمة حدثني شيخ لهم يعني الرافضة قال كنا إذا اجتمعنا فاستحسنا شيئاً جعلناه حديثاً.

وقال مسبّح بن الجهم الأسلمي التابعي: كان رجل منا في الأهواء مدة ثم صار إلى الجماعة وقال لنا: أنشدكم الله أن تسمعوا من أحد من أصحاب الأهواء فإنا والله كنا نروي لكم الباطل ونحتسب الخير في إضلالكم.

وقال زهير بن معاوية: حدثنا محرز أبو رجاء وكان يرى القدر فتاب منه فقال: لا ترووا عن أحد من أهل القدر شيئا فوالله لقد كنا نضع الأحاديث ندخل بها الناس في القدر نحتسب بها فالحكم لله».

ومع كل ما سبق يأتي الطيباوي ليخرج مبحث البدعة عن العدالة، ويصف المبتدع صاحب الهوى بالتقوى والورع! ويبدع بعض أهل السنة الذين زلوا وأخطؤوا كالبيهقي والحافظ ابن حجر!!!

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
24/6/1430هـ

بلال الجيجلي
07-29-2010, 09:19 AM
ثم قال حفظه الله في بعض تعليقاته على هذا الموضوع في شبكة سحاب:
(الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فقد أرسل إلي بعض مناصري الحلبي يسألني أين بدع الطيباوي الخطابي والبيهقي؟!!
وهذا من غرائب أولئك الشباب، حيث يمدحون ردود الطيباوي، وبعضهم يرسل لي رسالة يسألني
هل استفدت من ردود الطيباوي؟! وعلي الحلبي كبيرهم يمدح ردود الطيباوي وفيها من البواقع والظلمات الشيء العظيم وأكتشف في الحقيقة أن القوم إما أنهم لا يقرؤون ، أو يقرؤون ولا يفهمون، أو يقرؤون ويفهمون ولكنهم للمنكر لا ينكرون وللمعروف لا يعرفون !!

الطيباوي يحكم على البيهقي وابن حجر بأن كليهما مبتدع!!

الطيباوي صرح بأن الخطابي والبيهقي وابن حجر من المبتدعة، ويظهر أن هذا الأمر ليس وليد الساعة، بل هذا الأمر قد عرفه الطيباوي منذ عشرات السنين!! أي قبل ظهور محمود الحداد!! مما يجعلنا نتساءل: هل الحداد تعلم مذهبه من الطيباوي؟ أو أن القلوب تشابهت؟! أو أن الطيباوي كذب وبالغ؟! أو أنه لا يعني هذه المسألة وهو استثناها في عقله! -إن كان له عقل!- دون أن يكتبها ببنانه؟!!

قال المحتار الطيباوي: [هذا الأمر الذي فعلته ـ مسألة هجر المبتدع و ما يتعلق بها ـ منذ عشرات السنين،فليست هذه المسائل مما بحثته هذا اليوم أو هذه السنة، ولذلك فجل مادة هذه المباحث موجودة عندي ـ و الحمد لله ـ]

وهذا من تمام عبقريته! ونقاء علميته! كما يظنه الألمعي الحلبي!!

قال المحتار الطيباوي في مقاله الأبتر"رفقاً بالعتيبي-الجزء الثاني" السطر التاسع والخمسين! : [فإذا فعل المبتدع مثلا: من المرجئة أو الأشاعرة ـ كالحافظ ابن حجر و البيهقي ـ الواجبات و ترك المحرمات، وربما فعل مع الواجبات المستحبات، وترك مع المحرمات المكروهات فهل يعد فاسقا؟
لأن من لم يكن متقيا فهو فاسق!]

فهنا يصرح المحتار الطيباوي بأن الحافظ ابن حجر والبيهقي من المبتدعة، أحدهما مرجئ -ويعني به ابن حجر-، والآخر أشعري -ويعني به البيهقي-!!!!

الخطابي والبيهقي عند الطيباوي من المبتدعة!!

قال المحتار الطيباوي في مقاله المذكور سطر 158!!: [ومعلوم أن الله أمر بالتقوى بمقدار الاستطاعة، وبعض المبتدعة قد فعل ما وسعه من التقوى، خاصة في المسائل العلمية أقصد الاعتقاد العلمي كالبيهقي، و الخطابي وغيرهما، فكيف ننفي عنهم اسم التقوى، ولم يخلوا بواجب شرعي؟!]

فهنا يذكر الطيباوي البيهقي والخطابي من المبتدعة الذي فعلوا وسعهم من التقوى!!

فتوى معالي الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان فيها الرد على تخبطات الطيباوي

سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله :

لقد ظهر بين طلاب العلم اختلاف في تعريف المبتدع ، فقال بعضهم : هو من قال أو فعل البدعة ، ولو لم تقع عليه الحجة ، ومنهم من قال لابد من إقامة الحجة عليه ، ومنهم من فرَّق بين العالم المجتهد وغيره من الذين أصلوا أصولهم المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة ، وظهر من بعض هذه الأقوال تبديع ابن حجر والنووي ، وعدم الترحم عليهم ؟ نطلب من فضيلتكم تجلية هذه المسألة التي كثر الخوض فيها جزاكم الله خيراً؟

فأجاب :

" أولاً: لا ينبغي للطلبة المبتدئين وغيرهم من العامة أن يشتغلوا بالتبديع والتفسيق ؛ لأن ذلك أمر خطير وهم ليس عندهم علم ودراية في هذا الموضوع ، وأيضاً هذا يُحدث العداوة والبغضاء بينهم ، فالواجب عليهم الاشتغال بطلب العلم ، وكف ألسنتهم عما لا فائدة فيه ، بل فيه مضرة عليهم ، وعلى غيرهم .

ثانياً: البدعة : ما أحدث في الدين مما ليس منه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ، وإذا فعل الشيء المخالف جاهلاً : فإنه يعذر بجهله ، ولا يحكم عليه بأنه مبتدع ، لكن ما عمله يعتبر بدعة .
ثالثاً: من كان عنده أخطاء اجتهادية تأوَّل فيها غيره ، كابن حجر ، والنووي ، وما قد يقع منهما من تأويل بعض الصفات : لا يُحكم عليه بأنه مبتدع ، ولكن يُقال : هذا الذي حصل منهما خطأ ، ويرجى لهما المغفرة بما قدماه من خدمة عظيمة لسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهما إمامان جليلان ، موثوقان عند أهل العلم " انتهى . "المنتقى من فتاوى الفوزان" (2/211 ، 212) .

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد)

بلال الجيجلي
07-29-2010, 09:25 AM
وأضاف أيضا في آخر تعليق له:
(الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

(2)

أصل الشبهة التي عند الطيباوي فيما ابتدعه من عدم تأثير البدعة في العدالة

كنت نبهت سابقاً أن الشبهة دخلت على الطيباوي فيما ذهب إليه من بدعةِ (عدم تأثير البدعة في العدالة) هو رواية أهل الحديث عمن وقع في بدعة أو ثبت عندهم أنه مبتدع ، وكشفت هذه الشبهة بكلام أئمة أهل الحديث وحفاظهم ..

لكن الطيباوي يأبى إلا مناكفة أهل الحديث وإحلال شبهته محل تأصيل علماء الحديث مبرهناً لكل عاقل أنه على خلاف أهل الحديث، وأنه متنكب الصراط المستقيم، ومخالف سبيل المؤمنين ..

وقد أكد شبهته في مقاله الجديد المليء بالهذرمة على عادة هذا الطيباوي وشيخه المهذار المأربي عامله الله بعدله..

قال المتحير الطيباوي: [العلماء وهم من يعلمنا لا نعلمهم نحن،وكلهم بدون استثناء يعرف أن أئمة السنة والحديث رووا عن المبتدعة من مختلف الأصناف،اختلفوا في بعض الأنواع،كالبدعة المكفرة، و المبتدع الداعية، والمبتدع الذي يروي ما يوافق بدعته،ولكنهم يعرفون أن الصحاح و السنن كلها فيها الرواية عن المبتدعة، ولو كانت البدعة خارمة للعدالة لما رووا عنهم] .

فتأملوا رحمكم الله قول هذا المحتار : [ولو كانت البدعة خارمة للعدالة لما رووا عنهم] وارجعوا إلى كلام الحافظ الذهبي والذي نقله -مقراً له- الحافظ ابن حجر!!

فمما قاله رحمه الله: [فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية وهذه مفسدة بينة]

وقال الجوزجاني: [فهؤلاء ليس فيهم حيلة إلا أن يؤخذ من حديثهم ما يعرف إلا ما يقوي به بدعتهم فيتهم بذلك]

فالأئمة يرون ويعتقدون أن البدعة تخرم العدالة وتؤثر فيها لكن لعموم البلوى بالبدعة، وما يتسببه رد حديثهم من ضياع للسنة رووا الأئمة حديث أهل الصدق منهم والضبط، فليس فيه تزكية لبدعتهم كما قد يستغله أهل البدع للرفع من شأن ما يعتقدونه من البدع، وليس فيه أن البدعة لا تؤثر في العدالة كما يدعو إليه المحتار الطيباوي خارقاً بذلك إجماع أهل السنة والحديث ..

ومعروف عند أهل العلم أن العدالة ملكة تحمل صاحبها على فعل الحسن وترك القبيح، ولا شك أن البدعة من أقبح القبيح لذلك تواردت الأدلة في التحذير من البدع والمحدثات ..

فكيف لا يكون للبدعة أثر في العدالة لا سيما مع ثبوت وصف المبتدع على من قام بالبدعة وتوفرت ضوابط التبديع في حقه؟!


والعجيب في حال الطيباوي أنه لا يفهم -ويظهر أنه يصر على أنه لا يفهم مع سوء الخلق والأدب- أن قول أهل السنة بتأثير البدعة في العدالة لا يتعارض مع الرواية عن المبتدع والاحتجاج بخبره مع الصدق والضبط..


وسأضرب مثلاً ليفهم الطيباوي ومن على شاكلته من مخالفي سبيل المؤمنين:

معلوم أن قتل النفس المعصومة بغير حق من كبائر الذنوب ، وأن قتل النفس المعصومة بغير حق من موجبات الفسق، ومن المؤثرات في العدالة ..

فيأتي الطيباوي صاحب العبقرية والبلاوي لينادي -بلسان حاله-: قتل النفس المعصومة بغير حق لا يؤثر في العدالة لأن أهل الحديث رووا عمن تقاتلوا من الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من خيار التابعين، وهذا يدل على أن قتل المسلم بغير حق لا يخرم العدالة!!!!!!!!!!!!!!!!

فلا يفرق أمثاله بين أصل المسألة وهي تأثير المعصية -وكذا البدعة- في العدالة، وبين من وقع في المعصية عن تأويل -يعذر أو لا يعذر فيه- فمن يعذر لا يؤثر فعله لتلك المعصية في عدالته بسبب التأويل، أو تؤثر لكن للحاجة لشهادته مثلاً أو روايته قبلنا شهادته أو روايته لوجود المصلحة الشرعية المقتضية لذلك..

فكما أنه لا يزعم بأن المعصية لا تؤثر في العدالة، فكذلك يلزمه أن لا يزعم بأن البدعة لا تؤثر في العدالة ..

ولكنه ينظر بمنظار أعور متبعاً هواه، مخالفاً للأدلة الشرعية، وطريقة أهل السنة المرضية ..

فرواية أهل الحديث عن أهل البدعة أصبحت حجاباً عند الطيباوي تحجبه عن رؤية الحق والهدى ..

وكل هذا لرأيه الكاسد، وظنه الفاسد بأن القول بتأثير البدعة في العدالة يلزم منه أن المبتدع ساقط العدالة متروك الرواية وهذا في غاية الفساد والجهل الذي يصر عليه الطيباوي ويهدر أوقاتنا في بيان بطلانه وفساد مذهبه المخالف لما عليه أهل السنة..)

بلال الجيجلي
12-08-2010, 06:22 PM
يرفع بإذن الله.