رائد آل طاهر
11-10-2010, 08:04 AM
جواب نصيحة الأخ عبد الحميد الجهني وفقه الله تعالى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَنْ سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فقد اطلعتُ على مقال بعنوان: [نصيحة وتوجيه من الشيخ عبدالحميد الجهني حفظه الله لـــ "رائد آل طاهر وبحثه (نصب الراية)"]:
قال صاحبه:
((قال الشيخ عبدالحميد الجهني حفظه الله في "منتديات الحق السلفية" في توجيه ونصيحة لرائد آل طاهر وبحثه (نصب الراية ) قال حفظه الله:
الله المستعان!
والله! ما أحب هذه المناكفات بين طلبة العلم, ولكن بعض الغلط لا يجوز السكوت عنه أو المجاملة فيه, ولدي نصيحة وتوجيه للأخ طاهر صاحب الموضوع المردود عليه:
يا أخي الكريم؛ أنت ومعك ثلة من طلبة العلم وسبقكم إلى ذلك بعض العلماء المعاصرين تحتجون على أنَّ تارك أعمال الجوارح ليس كافراً بالنصوص التي فيها (لم يعملوا خيراً قط) و (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة..) و (من قال لا إله إلا الله حرمه الله على النار...) إلى غير ذلك من النصوص التي من هذا الجنس.
وأريد أن أسألك سؤالاً ينبغي أن تفكر فيها جيداً وتتأمل فيه كثيراً, وهو: هل هذا الاستدلال جارٍ على أصول السلف؟
وبعبارة أخرى: هل كان السلف يستدلون بهذه النصوص على أنَّ تارك العمل بالكلية ليس كافراً؟
وأقول لك وأكرر: (السلف).
لأننا دائما نقول: (منهج السلف، منهج السلف) ثم في هذه المسألة العقدية الخطيرة نترك (السلف) وننزل (نزولاً جوياً!) إلى استدلالات بعض العلماء المعاصرين ( مع احترامنا لهم).
فالمقصود يا أخ طاهر - بارك الله فيك وفي إخوانك الذين يشاركونك في هذه المسألة - أن تتأملوا: هل أنت على خُطا أحد من أئمة السلف،
فمن منهم استدل بحديث (الشفاعة) على نجاة تارك أعمال الجوارح بالكلية؟
آمل منك أن تفكر جيداً، فالمسألة دين لا مجال فيها للحمية والعصبية, لأنَّ الحق قد يضيع مع هذه المعمعة الحاصلة بين الشباب, وكثير من الناس يضل عن الهدى بسبب هذه الخصومات, لكن الناصح لنفسه لا يبالي بشيء في سبيل الوصول للحق, ولا يتأثر بحرب فلان لفلان، وخصومة فلان مع فلان, فالحق قديم.
ثم إني لا أنتظر منك يا أخ طاهر أو من غيرك الرمي بألقاب السوء, ولكن والله الذي رفع السماء بغير عمد ترونها إني ناصح لك ولغيرك من الشباب, وأتمنى وأدعو الله لك أن ينير الله بصيرتك ويشرح صدرك لمعرفة عقيدة السلف الصحيحة، وليس كما يُخيل إليك.
يا أخي! تأمل فيما قلته لك جيداً، واقبل نصيحة أخيك, فليس لنا رغبة أن نتخاصم مع الناس لا في العقائد ولا في غيرها, ونحن إذ نحرص على هداية الكافر والمبتدع, فأنتم أولى بحرصنا ونصحنا لكم ورفقنا بكم.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل!)).
قلتُ: ولي وقفات مع نصيحة الأخ الجهني وفقه الله تعالى لما يحب ويرضى:
الوقفة الأول: اعترف الأخ الجهني أنَّ بعض العلماء المعاصرين لا يكفر تارك أعمال الجوارح، ويستدلون بأحاديث الشفاعة ونجاة الموحدين من الخلود في النار.
وهذا الاعتراف وحده يكفي في نقض دعوى الإجماع التي يدندن حولها كثير من الشباب ومنهم الأخ الجهني!!.
فلا أدري؛ هل نطق الأخ الجهني هذه الكلمة بكامل وعيه أم هي خطأ لفظي؟!
وإذا لم يكن خطأ لفظياً؛ فهل هؤلاء العلماء المعاصرين - الذين سبقونا في عدم تكفير تارك عمل الجوارح – سلفيون أم مرجئة؟!!
إنْ كانوا سلفيين؛ فلا عبرة بالإجماع حينئذ!!
وإنْ كانوا مرجئة أو وافقوا مذهب الإرجاء؛ فلماذا لا تصرحون الآن بأنهم مرجئة وعلى وافقوا المرجئة، وأنت القائل يا أخي: ((ولكن بعض الغلط لا يجوز السكوت عنه أو المجاملة فيه))؟!
لماذا سكتم عنهم وجاملتموهم ولم تسكتوا عنا ولا جاملتمونا؛ وهم سلفنا ونحن على خطاهم؟!!
ثم مَنْ هم العلماء الذين سبقونا إلى هذا القول؟!
هل هو الشيخ الألباني؟
فلماذا تدَّعون عليه أنه يكفِّر تارك العمل؟!
أم هو الشيخ ربيع؟!
فلماذا أنكرتم مَنْ نقل عنه ذلك؟!
أم مَنْ هم؟
تكلَّم أخي بصراحة ولا تجامل.
الوقفة الثانية: في الاستدلال بحديث الشفاعة وأحاديث نجاة الموحدين من الخلود في النار.
يزعم الأخ الجهني أنَّ الاستدلال بذلك غير جار على مذهب السلف، ويقصد: أنه جار على مذهب المرجئة؛ لكنه لم يصرِّح بهذا الآن!!.
فأقول له: يا أخي دعواك هذه فيها مكابرة واضحة!، تدل على أنك لم تطلع إلى الآن على ما ذكره سلفنا من أهل العلم، ولا ما ذكره طلبة العلم في رسائلهم من نقول صريحة عن جمع من أهل العلم – وهم جمهور العلماء!! – يذهبون إلى القول بعدم تكفير تارك عمل الجوارح.
وأنا على يقين أنكم اكتفيتم ببعض عبارات لبعض أهل العلم المعاصرين، وأعرضتم عن الآخرين!، فضلاً عن العلماء المتقدمين!!، الذين هم سلفنا جميعاً، وهم حجة على مَنْ بعدهم.
ولو أنك يا أخي قرأتَ – مجرد قراءة! - رسالتي [نصب الراية؛ التي اطلع عليها الشيخ ربيع حفظه الله تعالى، ونصحني بنشرها!] وما فيها من نقول مستفيضة عن أهل العلم في عدم تكفير تارك عمل الجوارح لما قلتَ: ((هل أنت على خُطا أحد من أئمة السلف))؟!!
ولكن - سبحان الله - الإنصاف عزيز!
ويكفيني الآن أن أذِّكرك يا أخي بما استدل به أهل العلم على عدم تكفير تارك الصلاة، كما نقل ذلك عنهم العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه [الصلاة وحكم تاركها] فقال: ((قالوا: وقد ثبت عنه أنه قال: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"، ولفظ آخر: "من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة"، وفي الصحيح قصة عتبان بن مالك وفيها: "إنَّ الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله"، وفي حديث الشفاعة: "يقول الله عز و جل وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال لا إله إلا الله" وفيه: "فيخرج من النار من لم يعمل خيرا قط"، وفي قصة صاحب البطاقة: "الذي ينشر له تسعة وتسعون سجلاً كل سجل منها مد البصر ثم تخرج له بطاقة فيها شهادة أن لا إله إلا الله فترجح سيئاته"، ولم يذكر في البطاقة غير الشهادة، ولو كان فيها غيرها لقال: ثم تخرج له صحائف حسناته فترجح سيئاته، ويكفينا في هذا قوله "فيخرج من النار من لم يعمل خيرا قط"، ولو كان كافرا لكان مخلداً في النار غير خارج منها، فهذه الأحاديث وغيرها تمنع من التكفير والتخليد، وتوجب من الرجاء له ما يرجى لسائر أهل الكبائر))
قلتُ: فهل هؤلاء على مذهب المرجئة في الاستدلال بهذه النصوص؟!!
إذن قل لي يا أخي: بأي شيء استدل مَنْ لا يكفِّر تارك المباني الأربعة من العلماء؛ وهم الجمهور؟!!
الوقفة الثالثة: الخصومات والرمي بألقاب السوء
يا أخي لعلك لم تطلع على منتدياتكم!، وكيف تمتاز بهذين الوصفين: كثرة الخصومات مع فلان وفلان، والرمي بألقاب السوء، والتشكيك بأهل العلم وعدم احترام أقوالهم!!.
والله من المضحكات المبكيات أن تطالبنا يا أخ عبدالحميد بترك الخصومات، ومنتدياتكم مع الأسف تضج بها!!!
وتطالبنا بترك الرمي بألقاب السوء؛ ومنتدياتكم صارت علماً على هذا الوصف!، بل هذه المنتديات ومنتديات (دعوة الحق السلفية) على خطا موقع الأثري الحدادي، وما خبر سلطان الرحيلي عنكم ببعيد!!.
ولعل التوأمين – في الطعن والرمي بألقاب السوء – سيلحقانه عاجلاً أو آجلاً؛ أقصد بها: (أحمد بن إبراهيم)!!، و(الزاكوري)!.
وقبل الختام:
أحب أن أبين لك يا أخ عبد الحميد محل النزاع في المسألة:
محل الخلاف بيننا وبينكم هو فيمن "ترك المباني الأربعة وما دونها من الأعمال الصالحة".
فنحن نرى أنَّ تارك المباني الأربعة = تارك المباني الأربعة وما دونها من الأعمال الصالحة، كلاهما مسألة واحدة، وهي من مسائل الخلاف بين السلف، كما أنَّ فاعل كل الكبائر – دون الكفر والشرك حتماً - لا يكفر، وحكمه مثل فاعل الكبيرة، سواء، لكنهم يختلفون في الإثم والعقاب.
وأما أنتم فتفرقون بين الأمرين؛ فعندكم ترك المباني الأربعة من مسائل الخلاف، وأما ترك المباني الأربعة وما دونها من الأعمال الصالحة فمن مسائل الإجماع، أي يكفر تاركها بالإجماع، ومَنْ لم يكفِّر تاركها فهو مرجئ أو وافقهم أو على مذهبهم.
ولم تأتوا لحد الآن بقول عالم معاصر أو متقدم يقول بهذا التفريق!!
بينما عندنا عالم معاصر قوله معتبر عندنا وعندكم؛ ألا وهو الشيخ ربيع حفظه الله تعالى.
نقل الأخ أحمد الزهراني وفقه الله تعالى كلام الشيخ ربيع حفظه الله تعالى في مبحث [هل يعتبر مرجئاً مَنْ لا يكفِّر تارك العمل] في رده حفظه الله تعالى على فوزي البحريني، ثم نقل كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: ((أركان الإسلام الخمسة، أولها الشهادتان، ثم الأركان الأربعة؛ فالأربعة إذا أقر بها وتركها تهاوناً، فنحن وإنْ قاتلناه على فعلها، فلا نكفره بتركها؛ والعلماء اختلفوا في كفر التارك لها كسلاً من غير جحود؛ ولا نكفِّر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم، وهو الشهادتان)).
ثم قال الشيخ ربيع معلِّقاً: ((فعلماء الأمة اختلفوا في تكفير تارك الأركان كسلاً، وأجمعوا على تكفير تاركها جحوداً، وأجمعوا على كفر تارك الشهادتين، والإمام محمد لا يكفِّر إلا بما أجمعوا عليه وهو الشهادتان، وقوله هذا نصٌ واضحٌ في عدم تكفير تارك العمل؛ إذ ليس وراء الأركان الخمسة من الأعمال ما يكفر به)) انتهى كلامه.
فهل يا أخي الشيخ ربيع حفظه الله تعالى لا يدرك الفرق بين الأمرين؟!!
وأين سلفكم؟!
والله الموفِّق.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَنْ سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فقد اطلعتُ على مقال بعنوان: [نصيحة وتوجيه من الشيخ عبدالحميد الجهني حفظه الله لـــ "رائد آل طاهر وبحثه (نصب الراية)"]:
قال صاحبه:
((قال الشيخ عبدالحميد الجهني حفظه الله في "منتديات الحق السلفية" في توجيه ونصيحة لرائد آل طاهر وبحثه (نصب الراية ) قال حفظه الله:
الله المستعان!
والله! ما أحب هذه المناكفات بين طلبة العلم, ولكن بعض الغلط لا يجوز السكوت عنه أو المجاملة فيه, ولدي نصيحة وتوجيه للأخ طاهر صاحب الموضوع المردود عليه:
يا أخي الكريم؛ أنت ومعك ثلة من طلبة العلم وسبقكم إلى ذلك بعض العلماء المعاصرين تحتجون على أنَّ تارك أعمال الجوارح ليس كافراً بالنصوص التي فيها (لم يعملوا خيراً قط) و (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة..) و (من قال لا إله إلا الله حرمه الله على النار...) إلى غير ذلك من النصوص التي من هذا الجنس.
وأريد أن أسألك سؤالاً ينبغي أن تفكر فيها جيداً وتتأمل فيه كثيراً, وهو: هل هذا الاستدلال جارٍ على أصول السلف؟
وبعبارة أخرى: هل كان السلف يستدلون بهذه النصوص على أنَّ تارك العمل بالكلية ليس كافراً؟
وأقول لك وأكرر: (السلف).
لأننا دائما نقول: (منهج السلف، منهج السلف) ثم في هذه المسألة العقدية الخطيرة نترك (السلف) وننزل (نزولاً جوياً!) إلى استدلالات بعض العلماء المعاصرين ( مع احترامنا لهم).
فالمقصود يا أخ طاهر - بارك الله فيك وفي إخوانك الذين يشاركونك في هذه المسألة - أن تتأملوا: هل أنت على خُطا أحد من أئمة السلف،
فمن منهم استدل بحديث (الشفاعة) على نجاة تارك أعمال الجوارح بالكلية؟
آمل منك أن تفكر جيداً، فالمسألة دين لا مجال فيها للحمية والعصبية, لأنَّ الحق قد يضيع مع هذه المعمعة الحاصلة بين الشباب, وكثير من الناس يضل عن الهدى بسبب هذه الخصومات, لكن الناصح لنفسه لا يبالي بشيء في سبيل الوصول للحق, ولا يتأثر بحرب فلان لفلان، وخصومة فلان مع فلان, فالحق قديم.
ثم إني لا أنتظر منك يا أخ طاهر أو من غيرك الرمي بألقاب السوء, ولكن والله الذي رفع السماء بغير عمد ترونها إني ناصح لك ولغيرك من الشباب, وأتمنى وأدعو الله لك أن ينير الله بصيرتك ويشرح صدرك لمعرفة عقيدة السلف الصحيحة، وليس كما يُخيل إليك.
يا أخي! تأمل فيما قلته لك جيداً، واقبل نصيحة أخيك, فليس لنا رغبة أن نتخاصم مع الناس لا في العقائد ولا في غيرها, ونحن إذ نحرص على هداية الكافر والمبتدع, فأنتم أولى بحرصنا ونصحنا لكم ورفقنا بكم.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل!)).
قلتُ: ولي وقفات مع نصيحة الأخ الجهني وفقه الله تعالى لما يحب ويرضى:
الوقفة الأول: اعترف الأخ الجهني أنَّ بعض العلماء المعاصرين لا يكفر تارك أعمال الجوارح، ويستدلون بأحاديث الشفاعة ونجاة الموحدين من الخلود في النار.
وهذا الاعتراف وحده يكفي في نقض دعوى الإجماع التي يدندن حولها كثير من الشباب ومنهم الأخ الجهني!!.
فلا أدري؛ هل نطق الأخ الجهني هذه الكلمة بكامل وعيه أم هي خطأ لفظي؟!
وإذا لم يكن خطأ لفظياً؛ فهل هؤلاء العلماء المعاصرين - الذين سبقونا في عدم تكفير تارك عمل الجوارح – سلفيون أم مرجئة؟!!
إنْ كانوا سلفيين؛ فلا عبرة بالإجماع حينئذ!!
وإنْ كانوا مرجئة أو وافقوا مذهب الإرجاء؛ فلماذا لا تصرحون الآن بأنهم مرجئة وعلى وافقوا المرجئة، وأنت القائل يا أخي: ((ولكن بعض الغلط لا يجوز السكوت عنه أو المجاملة فيه))؟!
لماذا سكتم عنهم وجاملتموهم ولم تسكتوا عنا ولا جاملتمونا؛ وهم سلفنا ونحن على خطاهم؟!!
ثم مَنْ هم العلماء الذين سبقونا إلى هذا القول؟!
هل هو الشيخ الألباني؟
فلماذا تدَّعون عليه أنه يكفِّر تارك العمل؟!
أم هو الشيخ ربيع؟!
فلماذا أنكرتم مَنْ نقل عنه ذلك؟!
أم مَنْ هم؟
تكلَّم أخي بصراحة ولا تجامل.
الوقفة الثانية: في الاستدلال بحديث الشفاعة وأحاديث نجاة الموحدين من الخلود في النار.
يزعم الأخ الجهني أنَّ الاستدلال بذلك غير جار على مذهب السلف، ويقصد: أنه جار على مذهب المرجئة؛ لكنه لم يصرِّح بهذا الآن!!.
فأقول له: يا أخي دعواك هذه فيها مكابرة واضحة!، تدل على أنك لم تطلع إلى الآن على ما ذكره سلفنا من أهل العلم، ولا ما ذكره طلبة العلم في رسائلهم من نقول صريحة عن جمع من أهل العلم – وهم جمهور العلماء!! – يذهبون إلى القول بعدم تكفير تارك عمل الجوارح.
وأنا على يقين أنكم اكتفيتم ببعض عبارات لبعض أهل العلم المعاصرين، وأعرضتم عن الآخرين!، فضلاً عن العلماء المتقدمين!!، الذين هم سلفنا جميعاً، وهم حجة على مَنْ بعدهم.
ولو أنك يا أخي قرأتَ – مجرد قراءة! - رسالتي [نصب الراية؛ التي اطلع عليها الشيخ ربيع حفظه الله تعالى، ونصحني بنشرها!] وما فيها من نقول مستفيضة عن أهل العلم في عدم تكفير تارك عمل الجوارح لما قلتَ: ((هل أنت على خُطا أحد من أئمة السلف))؟!!
ولكن - سبحان الله - الإنصاف عزيز!
ويكفيني الآن أن أذِّكرك يا أخي بما استدل به أهل العلم على عدم تكفير تارك الصلاة، كما نقل ذلك عنهم العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه [الصلاة وحكم تاركها] فقال: ((قالوا: وقد ثبت عنه أنه قال: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"، ولفظ آخر: "من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة"، وفي الصحيح قصة عتبان بن مالك وفيها: "إنَّ الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله"، وفي حديث الشفاعة: "يقول الله عز و جل وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال لا إله إلا الله" وفيه: "فيخرج من النار من لم يعمل خيرا قط"، وفي قصة صاحب البطاقة: "الذي ينشر له تسعة وتسعون سجلاً كل سجل منها مد البصر ثم تخرج له بطاقة فيها شهادة أن لا إله إلا الله فترجح سيئاته"، ولم يذكر في البطاقة غير الشهادة، ولو كان فيها غيرها لقال: ثم تخرج له صحائف حسناته فترجح سيئاته، ويكفينا في هذا قوله "فيخرج من النار من لم يعمل خيرا قط"، ولو كان كافرا لكان مخلداً في النار غير خارج منها، فهذه الأحاديث وغيرها تمنع من التكفير والتخليد، وتوجب من الرجاء له ما يرجى لسائر أهل الكبائر))
قلتُ: فهل هؤلاء على مذهب المرجئة في الاستدلال بهذه النصوص؟!!
إذن قل لي يا أخي: بأي شيء استدل مَنْ لا يكفِّر تارك المباني الأربعة من العلماء؛ وهم الجمهور؟!!
الوقفة الثالثة: الخصومات والرمي بألقاب السوء
يا أخي لعلك لم تطلع على منتدياتكم!، وكيف تمتاز بهذين الوصفين: كثرة الخصومات مع فلان وفلان، والرمي بألقاب السوء، والتشكيك بأهل العلم وعدم احترام أقوالهم!!.
والله من المضحكات المبكيات أن تطالبنا يا أخ عبدالحميد بترك الخصومات، ومنتدياتكم مع الأسف تضج بها!!!
وتطالبنا بترك الرمي بألقاب السوء؛ ومنتدياتكم صارت علماً على هذا الوصف!، بل هذه المنتديات ومنتديات (دعوة الحق السلفية) على خطا موقع الأثري الحدادي، وما خبر سلطان الرحيلي عنكم ببعيد!!.
ولعل التوأمين – في الطعن والرمي بألقاب السوء – سيلحقانه عاجلاً أو آجلاً؛ أقصد بها: (أحمد بن إبراهيم)!!، و(الزاكوري)!.
وقبل الختام:
أحب أن أبين لك يا أخ عبد الحميد محل النزاع في المسألة:
محل الخلاف بيننا وبينكم هو فيمن "ترك المباني الأربعة وما دونها من الأعمال الصالحة".
فنحن نرى أنَّ تارك المباني الأربعة = تارك المباني الأربعة وما دونها من الأعمال الصالحة، كلاهما مسألة واحدة، وهي من مسائل الخلاف بين السلف، كما أنَّ فاعل كل الكبائر – دون الكفر والشرك حتماً - لا يكفر، وحكمه مثل فاعل الكبيرة، سواء، لكنهم يختلفون في الإثم والعقاب.
وأما أنتم فتفرقون بين الأمرين؛ فعندكم ترك المباني الأربعة من مسائل الخلاف، وأما ترك المباني الأربعة وما دونها من الأعمال الصالحة فمن مسائل الإجماع، أي يكفر تاركها بالإجماع، ومَنْ لم يكفِّر تاركها فهو مرجئ أو وافقهم أو على مذهبهم.
ولم تأتوا لحد الآن بقول عالم معاصر أو متقدم يقول بهذا التفريق!!
بينما عندنا عالم معاصر قوله معتبر عندنا وعندكم؛ ألا وهو الشيخ ربيع حفظه الله تعالى.
نقل الأخ أحمد الزهراني وفقه الله تعالى كلام الشيخ ربيع حفظه الله تعالى في مبحث [هل يعتبر مرجئاً مَنْ لا يكفِّر تارك العمل] في رده حفظه الله تعالى على فوزي البحريني، ثم نقل كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: ((أركان الإسلام الخمسة، أولها الشهادتان، ثم الأركان الأربعة؛ فالأربعة إذا أقر بها وتركها تهاوناً، فنحن وإنْ قاتلناه على فعلها، فلا نكفره بتركها؛ والعلماء اختلفوا في كفر التارك لها كسلاً من غير جحود؛ ولا نكفِّر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم، وهو الشهادتان)).
ثم قال الشيخ ربيع معلِّقاً: ((فعلماء الأمة اختلفوا في تكفير تارك الأركان كسلاً، وأجمعوا على تكفير تاركها جحوداً، وأجمعوا على كفر تارك الشهادتين، والإمام محمد لا يكفِّر إلا بما أجمعوا عليه وهو الشهادتان، وقوله هذا نصٌ واضحٌ في عدم تكفير تارك العمل؛ إذ ليس وراء الأركان الخمسة من الأعمال ما يكفر به)) انتهى كلامه.
فهل يا أخي الشيخ ربيع حفظه الله تعالى لا يدرك الفرق بين الأمرين؟!!
وأين سلفكم؟!
والله الموفِّق.