المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرد على الشيخ علي الحلبي في دعواه أن الخوف من الله قد يمنع من قول الحق أو يدفع للسكوت على الباطل -يجيبك الشيخ أسامة العتيبي


أبو عبد الرحمن الجزائري
01-16-2011, 10:26 PM
الرد على الشيخ علي الحلبي في دعواه أن الخوف من الله قد يمنع من قول الحق أو يدفع للسكوت على الباطل

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

1- قد اطلعت على مقالٍ للشيخ علي الحلبي حول الخوف من الله في فعل كذا أو في عدم فعله والسكوت عنه ، ومقالاً لأخي أسامة الطيبي يرد فيه على أخي عدونة في مقاله هذا ..

وقد استغربت - والله - من صنيع الشيخ علي الحلبي ، وكذا من صنيع أخينا أسامة الطيبي كيف يجادلان في الأمر البدهي الواضح؟!!

يا إخوة الكلام ليس حول قول الشخص : أنا أخاف الله في تبديع فلان ، وقول الآخر: أنا أخاف الله في سكوتي عن تبديع فلان

فهذا واضح ولا لبس فيه ..

الكلام حول قول الشيخ علي الحلبي: [من لا يخاف الله في تبديعهم؛ فلْيبدعهم، أما أنا فأخاف الله، وأتقيه في ذلك]

وليتأمل الإخوة (لا) النافية ..

لو كان كلام الشيخ علي الحلبي : [من يخاف الله (في تبديعهم)؛ فلْيبدعهم، أما أنا فأخاف الله، وأتقيه في ذلك] بدون (لا) النافية لكان الاعتذار عن الشيخ علي ممكناً ..

لكن النفي خطأ ظاهر يجب على الشيخ علي الحلبي أن يتراجع عنه، أو يبين أنها زلة لسان غير مقصودة بدلالة أو كلامه، حيث جعل تبديع محمد حسان وأشباهه من مسائل الخلاف، وأن أهل العلم الذين يبدعون محمد حسان خوفاً من الله لهم ذلك ومن حقهم ..

فإما أن يكون النفي مقصوداً فيكون الشيخ علي الحلبي مخطئاً خطأ ظاهراً بلا شك ، وحينئذ يجب أن يتراجع ويتقي الله في ذلك..

وإما أن يعلن أنها زلة لسان، وأن عدونة ومن سمع كلامه لم يجادل في بدهي ، ولم يختلق شيئاً بل قال حقاً وصدقاً وإن كان الشيخ علي قد ينازعه ويلومه في عدم الاعتذار له ..

أما أن يزعم أن كلام الإخوة والمشايخ الذين انتقدوا كلام الشيخ علي الحلبي مجادلة في البدهيات أو أتوا من سوء فهم فهذه تهمة زائفة يجب أن يتوب ويتراجع عنها من يقولها ويزعمها ..

فلا يجوز للشيخ علي الحلبي ولا غيره أن يقول : [من لا يخاف الله في تبديع فلان (الضال المبتدع)؛ فلْيبدعه] ففيه اتهام المبَدِّع لهذا الشخص بأنه لا يخاف الله في تبديعه، بل الواجب على المؤمن أن يخاف الله في تبديعه للمبتدع، ويخاف الله في عدم تبديعه للسلفي فلا يبدعه حتى يثبت ما يخرجه من السلفية..

فلو قام شخص بقلب الكلام على الشيخ علي الحلبي فقال: [من لا يخاف الله في عدم تبديعهم؛ فلا يبدعهم، أما أنا فأخاف الله، وأتقيه في ذلك] فهل سيقبل الشيخ علي الحلبي هذا الكلام؟ وماذا سيفهم منه بعد نفي خوفه من الله في هذا الأمر؟!!

الجواب السلفي: أنه لا يقبل، وسيفهم منه أنه متهم بفعل منكر وهو عدم الخوف من الله..

أما جواب الشيخ علي الحلبي -بناءً على مقاله-: فالخوف عنده قد يدفعه لترك الحق أو فعل الباطل!!

وهذا جواب شنيع سيأتي الرد عليه..

فيجب على الشيخ علي الحلبي وأخينا إسامة الطيبي أن يفرقوا بين إثبات الخوف ونفيه، فبينهما كما بين المشرق والمغرب

سَارَتْ مُشَرِّقَةً وَسِرْتُ مُغَرِّبًا ********* شَتَّانَ بَيْنَ مُشَرِّقٍ وَمُغَرِّبِ

2- قد ذكر الشيخ علي الحلبي في مقاله (إني أخاف الله) بعض الأمور المنكرة التي لم يخطر ببالي أن يقولها طالب علم درس العقيدة السلفية ..

قال وفقه الله: [ولمْ يدْفَعْهُ خوفُهُ مِن ربِّه لأنْ يسكُتَ عن حقِّ ذاك، ولا باطِلِ هذا...]

فهل الخوف من الله يدفع المؤمن للسكوت عن الحق؟

هذا ليس خوفاً من الله هذا خوف من الشيطان كما قال تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}..

فالخوف من الله عبادة لا تكون إلا خيراً وحقاً، ولا تكون إلا دافعه لفعل خير أو ترك شر ..

أما الخوف إذا دفع الإنسان لفعل شر فهو خوف شيطاني يجب دفعه ولا يمنعه خوفه من الشيطان وأوليائه أن يقول الحق ..

وقال وفقه الله: [إنَّ العالِـم السنيَّ (الفُلانِيَّ) -في طعنِه في ذلك المبتدع- أو الفاسق- لمْ يَخَفِ اللهَ (في كلامِهِ فيهِ) -باعتِبار أنُّه حقٌّ؛ فلو خافَ اللـهَ (في كلامِه فيه) لمْ يتكلَّمْهُ-:]، وكذلك قال: [ولو قيل: لا يخافُ اللهَ = (في) تبديعِه -أو سكوتِه-: فلا مُؤاخذَةَ عليه -ألبَتَّة-؛ فهو -في كلامِه- باليقين- على الحقِّ المُبين...]، وقال: [وأمَّا مَن فعل فعلاً، أو قال قولاً -واثقاً مِن نفسِه فيه أنَّهُ على هُدى -لا يخافُ اللهَ (فيه) -بسببِه-؛ فهذا (لا يُنْكَرُ عليه)- بحال؛ بل هو مأجورٌ على جميع الأحوال.]


وهذا كلام منكر، وباطل مبين لا يتردد مسلم في رده وإبطاله، في جميع الأحوال ..

بل خوفه من الله هو الذي يدفعه في الكلام في المبتدع والفاسق وليس عدم خوفه من الله !

ويبدو أن الشيخ علي الحلبي لا يفرق بين الخوف من الله والخوف من المخلوق في نحو ما ذكره من السياق ..

فقول القائل: لا يمنعني خوفي من فلان أن أتكلم فيه فلو خفته لما تكلمت فيه حق وصواب، أما الخوف من الله فهو المسبب للفعل أو الترك ..

فلا يجوز بحال أن يقال: لا أخاف الله في جهادي للكفار، أو لا أخاف الله في تحذيري من المبتدعة..

وقول المسلم : لا أخاف الله في فعلي كذا عبارة محتملة للردة عن الإسلام إلا إذا عدت من الخطأ اللفظي ..

ومن العجب أن الشيخ علياً الحلبي أورد كلاماً لبعض العلماء فيه إثبات الخوف ومع ذلك أورده بعد تجويز نفي الخوف من الله في كذا..

فنقل قول أبي داود رحمه الله: «إنِّي لأخافُ اللهَ (في) الرواية عنه».، وقول شُعبةَ بن الحجَّاج -في روايةِ حديثٍ-: «إنِّي أخافُ اللهَ (أنْ) أُحَدِّثَهُ»!،

وكلا القولين في إثبات الخوف لا نفيه فليتأمل ولا يتعجل..

3- أما قول القائل : [لا أخاف في الله لومة لائم] فالخوف المنفي هنا إنما هو الخوف من لومة اللائم، وليس النفي فيه نفي الخوف من الله ..

فلا يجوز الخلط بين الخوف من الله والخوف في الله ..

فلا يجوز عدم الخوف من الله بحال من الأحوال، ويجب على المسلم أن لا يخاف في الله وفي فعل الواجبات إنكارَ منكر أو عدوانَ معتدٍ ما استطاع إلى ذلك سبيلاً..

4- أما بيان أن محمد حسان وأضرابه مبتدعة ضلال فقد ذكره جملة من مشايخنا، وكنت بينت شيئاً من ذلك..

وأن الشيخ علياً الحلبي نفسه كان يصف محمد حسان بأنه قطبي..

ولست هنا بصدد ذكر خطأ الشيخ علي الحلبي في تسجيله الصوتي، ولكن لبيان أنه أخطأ في دفاعه عن نفسه..

أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد والهدى والرشاد


والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

توثيق المقال من موقعي:

http://otiby.net/makalat/articles.php?id=257 (http://otiby.net/makalat/articles.php?id=257)


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فقد اطلعت على كلام لبعض الإخوة ويسمى "عبدالله المقدسي" قال كلاماً يظن أنه يرد على كلامي وهو في الحقيقة مؤيد لكلامي، راد على كلام الشيخ علي الحلبي لو تأمل وفهم ما قال الشيخ علي الحلبي ..

فسأنقل لذلك الأخ كلامه هو، ثم كلام الشيخ علي الحلبي ليعلم هذا الأخ من أين أتي ..

قال ذلك الأخ: [استشكل بعض الأخوة قول الشيخ: [ولمْ يدْفَعْهُ خوفُهُ مِن ربِّه لأنْ يسكُتَ عن حقِّ ذاك، ولا باطِلِ هذا...]
و لا أدري من أين أتى الإشكال!!!
فالخوف من الله الذي يدفع للسكوت عن حق فلان وباطل علان هو خوف كاذب،
نظيره قول الإله: " قل بئس ما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين".
فخوفه المزعوم أنشأ عنده ورعاً كاذبا يدفعه للسكوت عن الحق و القول بالباطل.]

فهذا الأخ يصف بأن الخوف من الله الذي يدفع للسكوت عن الحق والقول الباطال خوف كاذب، في حين أن الشيخ علي الحلبي يجيز إطلاقه ولا يقول إنه خوف كاذب، بل يجيز أن يقول الشخص: لا يخاف الله في كذا ..

وهذا كلام الشيخ علي الحلبي المنتقد: [من لا يخاف الله في تبديعهم؛ فلْيبدعهم..] فأين في كلام الشيخ علي الحلبي : الخوف الكاذب؟

بل الشيخ علي الحلبي يصرح بجواز نفي الخوف من الله في بعض الأمور ويجعله حقاً..

حيث قال: [ ولو قيل: لا يخافُ اللهَ = (في) تبديعِه -أو سكوتِه-: فلا مُؤاخذَةَ عليه -ألبَتَّة-؛ فهو -في كلامِه- باليقين- على الحقِّ المُبين...]

فجعل عدم خوفه من الله فيما ذكره مشروعاً ومن الحق المبين ..

وهذا كلامه في مقال مفصل نوعاً ما، خصه لبيان مسألة واحدة، لتبرير عبارة واحدة له، فلم يوفق في ذلك، بل أتى بالخطأ المبين ..

وهل تأويلك سائغ في قول الشيخ: [من لا يخاف الله في تبديعهم؛ فلْيبدعهم، أما أنا فأخاف الله، وأتقيه في ذلك] فأنت تقيد الأول بالكاذب والثاني بالصادق!!

وهل زيادة الكاذب فيه تعريض بمن يبدع محمد حسان بأن خوفه كاذب؟!!

وهل فيه تزكية الشيخ علي الحلبي لنفسه؟

إن السؤالين الأخيرين جر إليهما التكلف في الدفاع عن الشيخ علي في عبارة باطلة ولفظة خاطئة ..

فأعينوه على اتباع الحق، ولا تكونوا سبباً في استمراره في الغلط ..

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد



التعقيب على النسخة المعدلة لمقال الشيخ علي الحلبي (إني أخاف الله)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

طليعة

فقد اطلعت على النسخة المعدلة من مقال الشيخ علي الحلبي (إني أخاف الله) أكد فيه خطأه، وما زال مصراً على ذَلِكَ وفقني الله وإياه للحق والصواب.

وفي البداية أقول: إن الشيخ علياً الحلبي قَالَ عبارة خاطئة لو سمعتها لقلت إن لسانه زل، لأن كلامه في آخر جوابه مناقض لأوله، ومبطل له .

حيث إنه قرر عذره لمن يبدعون محمد حسان وأضرابه إذا اتقوا الله في ذَلِكَ، ودفعهم إليه اجتهادهم بالحق ، ثم في آخر كلامه قَالَ: [من لا يخاف الله (في تبديعهم)؛ فلْيبدعهم، أما أنا فأخاف الله، وأتقيه في ذَلِكَ].

فظاهر العبارة أن من يبدع محمد حسان وأضرابه لا يخاف الله في فعله وهو تبديعهم، وفي المقابل؛ أثبت الشيخ علي الحلبي خوفه من الله من تبديعهم، وأن تقواه من الله تمنعه من ذلك..

والشيخ علي الحلبي بحسب سياق كلامه، وما كتبه في مقاله التبريري يظهر أنه لم يقصد ما يظهر من العبارة عند من يعرف لغة العرب والعقيدة السلفية.

وكنت أحمله على محمل حسنٍ وقلت لعل (لا) النافية زلة لسان، فسكتُّ عن الموضوع.

ثم لما قرأت مقاله التبريري فإذا هو يصحح العبارة الخاطئة، وجاء بخطإ عقدي كنت أظنه سالماً منه، فنبهته بمقال علني لأنه أخطأ علناً، ولأني جربت مناصحته سراً فكان يجادل، فلما أكتب في العلن يتأمل ردي، وربما عدَّل بعض ما نصحته سراً بتعديله..

لذا كان لزاماً علي أن أرد عليه علناً أرجو من الله أن يوفقه لاتباع الحق، والتراجع عن الخطأ ..

(1)

أريد أن يعلم الشيخ علي الحلبي وجميع الإخوة الَّذِينَ وافقوه على قوله أني لا أتهم نية الشيخ علي الحلبي، ولا أطعن في مقصده، خاصة بعد أن أفصح عنه وأبانه، فنحن لنا الظاهر والله يتولى السرائر.


وما مقالي السابق، ثم هَذَا التعقيب إلا لبيان الحق والصواب، فليس من العدل تحريم الرد على الشيخ علي الحلبي، أو اتهام من يرد عليه خطأه بأنه مترصد له، أو يريد إسقاطه، أو أنه يحفر له، أو له نية مبيتة، أو غير ذَلِكَ من الظنون الفاسدة، بل الواجب حسن الظن، وقبول الحق، وتقبل الرد بصدر رحب بعيداً عن التشنج، واتهام النيات، والهمز واللمز من بعض من لا يخاف الله ويتقيه.

فأرجو أن يفهم الشيخ علي الحلبي هَذَا الأمر.

(2)

أخطاء الشيخ علي الحلبي التي أعتقد أنه أخطأ فيها عديدة، قد نبهته سابقاً مشافهة على بعضها، وكذلك كتبت تعليقات عديدة اشتملت على رد بعض أخطائه، وكذلك سجلت كلمة مع أحد الإخوة الأفاضل من القدس اشتملت على نصيحة للشيخ علي الحلبي ضمنتها أهم الأخطاء التي أراها في الشيخ علي الحلبي، وطلبت من الأخ إيصالها للشيخ علي الحلبي.

وهي أخطاء يجب على الشيخ أن يتراجع عنها، حالها حال أي خطأ قد يقع فيه أبو عمر العتيبي أو غيره، فنحن نعبدالله بما شرعه الله لا بالأخطاء والمخالفات الشرعية.


(3)


الخوف من الله عبادة من العبادات، ويجب على المسلم مصاحبة هذه العبادة التي هي من أركان العبادة.

قَالَ العلامة ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في مدارج السالكين(1/517) : "القلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر؛ فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطير جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر، ولكن السلف استحبوا أن يقوى في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء، وعند الخروج من الدنيا يقوى جناح الرجاء على جناح الخوف، هذه طريقة أبي سليمان وغيره قَالَ: "ينبغي للقلب أن تكون الغالب عليه الخوف، فإن غلب عليه الرجاء فسد"، وقال غيره: "أكمل الأحوال: اعتدال الرجاء والخوف، وغلبة الحب" فالمحبة هي المركب والرجاء حاد والخوف سائق والله الموصل بمنه وكرمه".

والخوف عبادة لا يمكن أن تدفع لفعل المنكر أو ترك الحق.

قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ}،

وَلِهَذَا قَالَ علي بن أبي طلحة عن ابنِ عَبَّاسٍ فِي قوله: { وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ }: لَمْ يَعْبُدْ إلاَّ اللهَ.

قَالَ ابنُ القَيِّمِ في طَرِيْقِ الْهِجْرَتَيْنِ(ص/362): «فَالخَوفُ عُبُودِيَّةُ القَلْبِ، فَلاَ يَصْلُحُ إلاَّ للهِ، كَالذُّلِّ وَالإنَابَةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالتَّوكُّلِ وَالرَّجَاءِ وَغَيْرِهَا مِنْ عُبُودِيَّةِ القَلْبِ»


(4)

قرر الشيخ علي الحلبي -كما هو مقرر في الكتاب والسنة- أن الخوف من الله يدفع لقول الحق، والبعد عن الباطل، فالخوف من الله موجب للحق، مزهق للباطل، فكيف ينفى هَذَا الموجِب ويكون القصد إثبات موجَبَهُ ومقتضاه.

فإذا كان الخوف من الله هو الدافع للحق وموجبه، وهو المانع من الباطل، فكيف يسوغ للمؤمن أن يقول: (أنا لا أخاف الله في ترك الباطل وفعل الحق)، أو كيف يجوز أن يقول مؤمن: (من لم يخف الله في فعل الحق فليفعله)؟!!!

ومن يقول تلك العبارات –ولو كان قصده حسناً- فكأنه يقول: (أنا لا أتقي الله في ترك الباطل وفعل الحق)، ويقول: (من لم يتق الله في فعل الحق فليفعله)؟!!!

فهل يستجيز الشيخ علي أن يقول ذَلِكَ؟!!

وهو كذلك مثل من يقول: (أنا لا أعبد الله في ترك الباطل وفعل الحق) ويقول: (من لم يعبد الله في فعل الحق فليفعله)؟!!!

إن نفي الخوف من الله هو نفيٌ لتقواه، وهو نفي لعبادة الله وَهَذَا باطل محض.

فالذي يعي ما يقول، ويعلم أن قول القائل: فلانٌ يخاف الله في تبديع المبتدع، ظاهر في أن الخوف من الله هو موجب تبديع المبتدع، فكيف يجوز نفي هَذَا الموجِب والمُقْتَضِي لموجَبِهَ ومقتضاه ويكون المعنى واحداً؟!!

فيكون قول القائل: لا أخاف الله في تبديع فلان، أي: أنه يبدع فلاناً بلا خوفٍ من اللهٍ ولا تقوى، يوضحه :

(5)

أن الشيخ علياً الحلبي ضم إلى خوفه من الله تقواه منه جل وعلا، فدل على اقتران الخوف بالتقوى، ونفي الخوف نفي للتقوى، فهل يجيز مؤمن أن يقول: أنا لا أتقي الله في تبديع فلان؟ ثم مع ذَلِكَ يكون ظاهر عبارته أنه يخاف الله ويتقيه كما ادعى الشيخ علي الحلبي؟!!!


(6)


لابد للشيخ علي الحلبي وكل من زل في هذه المسألة أن يفرقوا بين الخوف من الله، ومطلق الخوف، أو الخوف من الشيطان وأوليائه.

فالخوف من الله عبادة، وهو من صفات الثناء والمدح، ولهذه العبادة ضوابطها الشرعية، ولا يمكن أن تكون هذه العبادة دافعةً إلى فعل الباطل وترك الحق.

وأما مطلق الخوف فقد يراد به الخوف من الله، وقد يراد به الخوف من عقاب الله، وقد يراد به الخوف من الشيطان وأوليائه.

فيجوز للموحد أن يقول: أنا لا أخاف في قول الحق، أي: لا أخاف أحداً غير الله يمنعني من قول الحق ..

وكذلك يجوز أن يقول الموحد: أنا لا أخاف الشيطان وأولياءه في قول الحق.

أما أن يقول: أنا لا أخاف الله في قول الحق فهذا تناقض، وباطل .

أما التناقض: فلأن الخوف من الله موجِبٌ لقول الحق، فلا يجوز نفيه في حال قصد إثباته!!

وأما الباطل: فلأن هَذَا يوهم أن الخوف من الله قد يمنع من الحق فلذلك نفاه –وهو ما حصل مع كثير من السلفيين منهم مشايخ فضلاء كلموني بذلك بعد مقالي-.

ومن دلائل بطلانه : أنه مساوٍ لقول الشخص: أنا لا أتقي الله في قول الحق، وَهَذَا باطل ظاهر البطلان مع تناقضه .


(7)


تعليقات على كلمات للشيخ علي الحلبي في مقاله المعدَّل:

(أ)

قَالَ وفقه الله: [ولمْ يدْفَعْهُ خوفُهُ مِن ربِّه لأنْ يسكُتَ عن حقِّ ذاك، ولا باطِلِ هذا...]

ثم أراد الشيخ أن ينفي الإيهام في كلامه هَذَا، بقوله: [ومِن أعجبِ ما يُتَعَجَّبُ منه-اليومَ-: ما نَسَبَهُ إليَّ بعضُ مَن نظُنُّ فيه الخيرَ -ولا نزالُ- مِن طلبةِ العلم- أنِّي قُلتُ -عياذاً بالله-: (الخوف مِن الله قد يمنع مِن قول الحقّ أو يدفع للسكوت عن باطل)!!!
مع أنَّ كلامِي -كُلاًّ وبعضاً- بنقيض ذلك -تماماً- إذ قلتُ -وكَرَّرْتُه بأساليبَ عِدَّة - في حال (المؤمن)-: (لم يدفعْهُ خوفُه مِن ربِّه لأنْ يسكتَ عن حقِّ ذاك، ولا باطل هذا)...
ولعلَّ المعترضَ -عفا اللهُ عنهُ- لم (يُدرك) أنَّ مناطَ كلامِي -كُلَّه-أصلاً- مبنيٌّ على أنَّ (خوفَ) العبدِ (مِن الله) حاجزٌ له عن تَقَحُّمه القولَ في عبادِ الله -بغيرِ حقٍّ-.
فإنِ اطْمَأنَّ أحدٌ إلى ما يقولُ -بالحقِّ- (لم يخفِ اللهَ) -تعالى- في قولِه ونقدِه!!
والمرادُ مِن هذا القولِ -بيقين-: أنّه (لم يخفِ اللهَ) = بسبب ما معه مِن الحقِّ- آمِناً مِن وعيده الصدق-.
لا أنَّه: (لم يخفِ اللهَ)= بسببِ باطلٍ تلبَّس بهِ -غيرَ مكترثٍ بوعيدِ ربِّه، ولا آبهٍ بلقائهِ-!!]

الجواب

أن الشيخ علياً الحلبي –وفقه الله- غفل –ولا أقول: تغافل- عن سياق كلامه الأساسي، الَّذِي كتب له مقاله التبريري فهو قد قَالَ: [من لا يخاف الله (في تبديعهم)؛ فلْيبدعهم، أما أنا فأخاف الله، وأتقيه في ذَلِكَ].

فبناء على مقاله التبريري يكون معنى كلامه وفقه الله: أن الخوف من الله قد يمنع من تبديع المبتدعة لذلك لا يكون ذَلِكَ الخوف من الله مانعاً له من تبديع المبتدع، فهو لا يخاف الله في تبديعه للمبتدع!!!!

فهو آمن من الخوف من الله فليس عنده خوف من الله يردعه عن فعل الحق، لذلك هو يفعل الحق غير مبالٍ بذلك الخوف من الله المانع له من الحق!!!

هل رأيت كيف يكون التناقض يا شيخ علي؟!

وَهَذَا يظهر لك سبب اتهامك لي بأني ناقضت كلامك، بل كلامك هو المتناقض الَّذِي لم يقم على ساق التوحيد، وإنما قام على التبرير والتخريج لورطة لفظية لا أقل ولا أكثر، ولكنك أبيت إلا التضخيم والتكبير، ظاناً أنك توضح حقاً، وَهَذَا من تزيين الشيطان وكيده، أو لعله –بقدر من الله- حصل منك بصفة عفوية وبقصد حسن، حتى تنتبه لخطئك، وتراجع نفسك، وَهَذَا من رحمة الله بك، فانتهز الفرصة للتراجع والأوبة إلى الحق والصواب.


بل صرحت يا شيخ علي بما نفيته عن نفسك حيث قلت هداك الله: [فلو خافَ اللـهَ (في كلامِه فيه) لمْ يتكلَّمْ فيه -أصلاً-، ولَحَجَبَهُ خوفُهُ (من) ربِّه عن الوُلوغ في عِرض أخيه المسلم] وسيأتي إبطاله لاحقاً إن شاء الله .

فالخوف من الله لا يجوز نفيه والحذر منه، بل هو حق كله، وهو عبادة، وهو نفسه تقوى الله وخشيته.


(ب)


قَالَ الشيخ علي الحلبي في مقاله المعدَّل: [ومِن هذا الباب -تماماً-:
ما رواهُ الإمامُ اللالَكائِيُّ في «شرح أصول اعتقاد أهل السُّنة والجماعة» (رقم314) -بسندِه عن شُعيب بن حرب، قال:
«قلت لأبي عبد الله سُفيان بن سعيد الثّوري: حَدِّثْنِي بحديثٍ مِن السُّنَّةِ ينفعُني الله -عزّ وجلّ- به، فإذا وقفتُ بين يدَي الله -تبارك وتعالى-، وسألني عنه، فقال لي: مِن أينَ أخذتَ هذا؟ قلتُ: يا ربّ! حَدَّثَنِي بهذا الحديث سفيان الثوري، وأخذتُهُ عنه، فأنجو أنا، وتُؤْخَذُ أنت!
فقال لي: يا شُعيب! هذا توكيدٌ وأيُّ توكيدٍ، اكتب...».
فذكر -رحمهُ اللهُ- اعتقادَه-، وفي آخِرِه قولُهُ -له-:
«يا شُعيبُ بنَ حربٍ! إذا وقفتَ بين يدَي اللـهِ -عزَّ وجَلَّ- فسألكَ عن هذا الحديثِ؛ فقُل: يا ربّ! حدَّثَنِي بهذا الحديث سُفيانُ بن سعيدٍ الثوريُّ، ثمّ خَلِّ بيني وبين ربِّي -عزّ وجَلَّ-» -وقد أوردهُ الحافظُ الذهبيُّ في «تذكرة الحُفَّاظ» (1/207)، وقال: «هذا ثابتٌ عن سُفيان»-.
قلتُ:
فلولا ثِقَتُهُ باعتقادِهِ، واطمِئْنانُهُ بمنهجِهِ: لَـمَا قال: (خَلِّ بيني وبين ربِّي) -يقيناً- بغير (خوف)، ولا (وَجَل) -وقد سمع (التوكيد) -أيَّ توكيد-..] انتهى كلام الشيخ علي الحلبي

الجواب:

أين في كلام سفيان رَحِمَهُ اللهُ أنه لا يخاف الله في اعتقاده؟

الكلام كله حول نفي الخوف من الله عند فعل الطاعة، وهو مساوٍ لنفي تقوى الله، فهل يُقَال: إن سفيان الثوري لم يخف الله في اعتقاده ولم يتقه؟ أو أنه اعتقد عقيدته بلا خوف من الله ولا تقوى منه عز وجل؟!!

انتبه لكلامك يا شيخ علي الحلبي، وتذكر أن الكلام ليس حول (خوف) دون إضافته لله عز وجل..


(ت)

وَقَالَ الشيخ علي الحلبي وفقه الله: [وذلك على معنى ما قيل: «لا يَسْكُنُ خوفُ الخائفِ -أبداً- حتى يأمنَ ما يخاف» -كما في «شُعَب الإيمان» (909) -للبيهقي-]


الجواب من أوجه:

الوجه الأول: أن الكلام السابق على التسليم به ليس فيه نفي الخوف من الله وَالَّذِي هو موضع البحث، فلم يقل: لا يخاف الله في كذا ، أو لا يخاف من الله في كذا ..

الوجه الثاني: أن المعنى الصحيح لذلك: أن الخوف له حرارة في القلب، لا تسكن هذه الحرارة حتى يعمل بما يسكن هذه الحرارة ألا وهو العمل بطاعة الله، وفعل الطاعة لا يُذهب الخوف من الله، بل يضبطه ويمنعه من الوقوع في اليأس والقنوط.

فليس في الكلام نفي الخوف من الله، أو أن الأمن من الخوف يكون بانتفاء الخوف من الله أو نفيه في اللفظ..


وهذه فائدة: قَالَ ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في بدائع الفوائد(3/755) : "حر الخوف صيف الذوبان، وبرودة الرجاء شتاء العطلة، ومن لطف به فزمانه كله فصل الربيع

( * )

عين تسر إذا رأتك وأختها **** تبكى لطول تباعد وفراق

فاحفظ لواحدة دوام سرورها **** وعِدِ التي أبكيتها بتلاق"

الوجه الثالث: أن الكلام السابق لا يصح سنداً إلى قائله؛ لأنه من طريق أبي عبدالرحمن السلمي تلميذ الدارقطني، وهو من المتهمين بوضع الحديث للصوفية، فلا يؤتمن مثله على نقل.


( ث)

وَقَالَ الشيخ علي الحلبي وفقه الله: [وما أعظمَ قولَ ربِّ العالمين -سبحانه-:
{فمَنْ يؤمنْ بربِّه فلا يخافُ بخساً ولا رَهَقاً}...
{ومَنْ يعملْ مِن الصَّالحاتِ وهو مُؤمنٌ فلا يخافُ ظُلماً ولا هضماً}..
... فافْهَمْ -رعاكَ اللـهُ-.]

الجواب

أرجو من الشيخ علي أن يفهم محور النقاش، ولا يشرق ويغرب في كلامه بعيداً عن محل البحث.

فليس كلامنا حول نفي الخوف من البخس والرهق والظلم والهضم وعدم النصر والعذاب والمقت

إنما الكلام حول الخوف من الله جل جلاله، وَالَّذِي لا يجوز بحال أن يُنفى ..

ووالله إنا نعلم علم اليقين، ونؤمن إيماناً لا يتزحزح بإذن الله أن الله ليس بظلام للعبيد، وأنه سبحانه صادق الوعد، وأنه ينصر أولياءه ..

فلا نخاف أن يخلف الله وعده (فالمخوف هو خلف الوعد)، ولا نخاف أن لا ينصر الله أولياءه(والمخوف هو عدم نصرة الله لأوليائه-وهو عدم-) ..

فليس فيها أننا لا نخاف من الله أو أننا لا نخاف الله في اعتقادنا بصدق وعد الله ونصرته أوليائه.


(ج )


وَقَالَ الشيخ وفقه الله: [إنَّ العالِـم السنيَّ (الفُلانِيَّ) -في طعنِه في ذلك المبتدع- أو الفاسق- لمْ يَخَفِ اللهَ (في كلامِهِ فيهِ) -باعتِبار أنُّه كلامٌ حقٌّ؛ فلو خافَ اللـهَ (في كلامِه فيه) لمْ يتكلَّمْ فيه -أصلاً-، ولَحَجَبَهُ خوفُهُ (من) ربِّه عن الوُلوغ في عِرض أخيه المسلم]

الجواب


هَذَا تأكيد على الباطل الَّذِي قاله الشيخ علي الحلبي سابقاً وما زال مصراً عليه ..

ففي كلامك السابق يا شيخ علي: [فلو خافَ اللـهَ (في كلامِه فيه) لمْ يتكلَّمْ فيه -أصلاً-، ولَحَجَبَهُ خوفُهُ (من) ربِّه عن الوُلوغ في عِرض أخيه المسلم]

فهل الخوف من الله يمنعني من الكلام في المبتدع أصلاً؟ وهل يحجب الخوف من الله عن الوقوع في عرض المبتدع؟!!

سبحان الله!!

كلامك متناقض، ومكرر فيه هَذَا التناقض بصورة سيئة ..

( ح )

قَالَ الشيخ علي الحلبي: [ولعلَّ المعترضَ -عفا اللهُ عنهُ- لم (يُدرك) أنَّ مناطَ كلامِي -كُلَّه-أصلاً- مبنيٌّ على أنَّ (خوفَ) العبدِ (مِن الله) حاجزٌ له عن تَقَحُّمه القولَ في عبادِ الله -بغيرِ حقٍّ-.
فإنِ اطْمَأنَّ أحدٌ إلى ما يقولُ -بالحقِّ- (لم يخفِ اللهَ) -تعالى- في قولِه ونقدِه!!] .

الجواب

إذا لم يخف الله في قوله ونقده بالحق فقد خرج عن عبودية الله، وانهدَّ ركن من أركان العبادة، وبطل عمله وسعيه .

فمن اطمأن إلى ما يقول بالحق، دفعه خوفه من الله إلى نقد المبطل وبيان حاله.

فالخوف سائق ودافع إلى الحق، مانع وحاجز عن انتهاك المحارم .

فاتق الله يا شيخ علي الحلبي، ولا تتعب نفسك بتقريرات باطلة مخالفة للكتاب والسنة، ولا تقوم إلا على التناقض والسفسطة .

وفقني الله وإياك للحق والصواب.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

كتبه طويلب العلم: أسامة بن عطايا العتيبي




( * ) هذه طرفة! فليتنبه لهذا!!

مأخوذ من مشاركة الشيخ -حفظه الله-في سحاب السلفية