المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنواع الإجازة عند المحدثين


أبو موسى أحمد الأردني
02-14-2011, 02:21 PM
السلام عليكم ورحمة الله
فهذه مشاركة لي كنت قد كتبتها في منتديات البيضاء حول موضوع الإجازة وقول ابن الصلاح رحمه الله في أقسامها فأحببت إفادتكم بها وإليكموها:



قال ابن الصلاح - رحمه الله-:


" القسم الثالث من أقسام طرق نقل الحديث وتحمله : الإجازة وهي متنوعة أنواعًا :

أولها : أن يجيز لمعين في معين مثل أن يقول ( أجزت لك الكتاب الفلاني أو : ما اشتملت عليه فهرستي هذه ) فهذا على أنواع الإجازة المجردة عن المناولة .

النوع الثاني : من أنواع الإجازة : أن يجيز لمعين في غير معين مثل أن يقول : ( أجزت لك - أو : لكم - جميع مسموعاتي أو : جميع مروياتي ) وما أشبه ذلك ..... والجمهور من العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم على تجويز الرواية بها أيضا وعلى إيجاب العمل بما روي بها بشرطه والله أعلم.

النوع الثالث: من أنواع الإجازة : أن يجيز لغير معين بوصف العموم مثل أن يقول ( أجزت للمسلمين أو : أجزت لكل أحد أو : أجزت لمن أدرك زماني ) وما أشبه ذلك فهذا نوع تكلم فيه المتأخرون ممن جوز أصل الإجازة واختلفوا في جوازه :
فإن كان ذلك مقيدا بوصف حاصر أو نحوه فهو إلى الجواز أقرب .

النوع الرابع: من أنواع الإجازة : الإجازة للمجهول أو بالمجهول . ويتشبث بذيلها الإجازة المعلقة بالشرط . وذلك مثل أن يقول ( أجزت لمحمد بن خالد الدمشقي ) . وفي وقته ذلك جماعة مشتركون في هذا الاسم والنسب ثم لا يعين المجاز له منهم . أو يقول ( أجزت لفلان أن يروي عني كتاب السنن ) وهو يروي جماعة من كتب السنن المعروفة بذلك ثم لا يعين فهذه إجازة فاسدة لا فائدة لها (وليس من هذا القبيل ما إذا أجاز لجماعة مسمين معينين بأنسابهم والمجيز جاهل بأعيانهم غير عارف بهم فهذا غير قادح) كما لا يقدح عدم معرفته به إذا حضر شخصه في السماع منه والله أعلم .
وإن أجاز للمسلمين المنتسبين في الاستجازة ولم يعرفهم بأعيانهم ولا بأنسابهم ولم يعرف عددهم ولم يتصفح أسماءهم واحدا فواحدا فينبغي أن يصح ذلك أيضا كما يصح سماع من حضر مجلسه للسماع منه وإن لم يعرفهم أصلا ولم يعرف عددهم ولا تصفح أشخاصهم واحدا واحدا .
وإذا قال ( أجزت لمن يشاء فلان ) أو نحو ذلك فهذا فيه جهالة وتعليق بشرط فالظاهر أنه لا يصح وبذلك أفتى القاضي ( أبو الطيب الطبري الشافعي ) إذ سأله ( الخطيب الحافظ ) عن ذلك وعلل بأنه إجازة لمجهول فهو كقوله ( أجزت لبعض الناس ) من غير تعيين . وقد يعلل ذلك أيضا بما فيها من التعليق بالشرط فإن ما يفسد بالجهالة يفسد بالتعليق على ما عرف عند قوم وحكى ( الخطيب ) عن ( أبي يعلي بن الفراء الحنبلي ) و ( أبي الفضل بن عمروس المالكي ) أنهما أجازا ذلك وهؤلاء الثلاثة كانوا مشايخ مذاهبهم ببغداد إذ ذاك وهذه الجهالة ترتفع في ثاني الحال عند وجود المشيئة بخلاف الجهالة الواقعة فيما إذا أجاز لبعض الناس . وإذا قال : ( أجزت لمن شاء ) فهو كما لو قال ( أجزت لمن شاء فلان ) بل هذه أكثر جهالة وانتشارا من حيث إنها معلقة بمشيئة من لا يحصر عددهم بخلاف تلك . ثم هذا فيما إذا أجاز لمن شاء الإجازة منه له.
فإن أجاز لمن شاء الرواية عنه فهذا أولى بالجواز من حيث إن مقتضى كل إجازة تفويض الرواية بها إلى مشيئة المجاز له فكان هذا - مع كونه بصيغة التعليق - تصريحا بما يقتضيه الإطلاق وحكاية للحال لا تعليقا في الحقيقة . ولهذا أجاز بعض أئمة الشافعيين في البيع أن يقول : بعتك هذا بكذا إن شئت فيقول : قبلت .
ووجد بخط ( أبي الفتح محمد بن الحسين الأزدي الموصلي الحافظ ) ( أجزت رواية ذلك لجميع من أحب أن يروي ذلك عني ). أما إذا قال ( أجزت لفلان كذا و كذا إن شاء روايته عني أو : لك إن شئت أو أحببت أو أردت ) فالأظهر الأقوى أن ذلك جائز إذ قد انتفت فيه الجهالة وحقيقة التعليق ولم يبق سوى صيغته والعلم عند الله تعالى .

النوع الخامس: من أنواع الإجازة : الإجازة للمعدوم . ولنذكر معه الإجازة للطفل الصغير . هذا نوع خاض فيه قوم من المتأخرين واختلفوا في جوازه ومثاله : أن يقول : أجزت لمن يولد لفلان؛ فإن عطف المعدوم في ذلك على الموجود بأن قال : أجزت لفلان ولمن يولد له أو : أجزت لك ولولدك ولعقبك ما تناسلوا كان ذلك أقرب إلى الجواز من الأول . ولمثل ذلك أجاز أصحاب ( الشافعي ) رضي الله عنه في الوقف القسم الثاني دون الأول.
وقد أجاز ( أصحاب مالك ) و ( أبي حنيفة ) رضي الله عنهما - أو من قال ذلك منهم في الوقف - القسمين كليهما.
وفعل هذا الثاني في الإجازة من المحدثين المتقدمين ( أبو بكر بن أبي داود السجستاني ) فإنا روينا عنه أنه سئل الإجازة فقال : قد أجزت لك ولأولادك ولحبل الحبلة . يعني الذين لم يولدوا بعد.

النوع السادس: من أنواع الإجازة : إجازة ما لم يسمعه المجيز ولم يتحمله أصلا بعد ليرويه المجاز له إذا تحمله المجيز بعد ذلك. أخبرني من أخبر عن ( القاضي عياض بن موسى ) من فضلاء وقته بالمغرب قال : هذا لم أر من تكلم عليه من المشايخ ورأيت بعض المتأخرين والعصريين يصنعونه ثم حكى عن ( أبي الوليد يونس بن مغيث قاضي قرطبة ) : أنه سئل الإجازة بجميع ما رواه إلى تاريخها وما يرويه بعد فامتنع من ذلك فغضب السائل . فقال له بعض أصحابه : يا هذا يعطيك ما لم يأخذه ؟ هذا محال قال ( عياض ) : وهذا هو الصحيح.

النوع السابع: من أنواع الإجازة : إجازة المجاز . مثل أن يقول الشيخ ( أجزت لك مجازاتي . أو : أجزت لك رواية ما أجيز لي روايته ) فمنع من ذلك بعض من لا يعتد به من المتأخرين.
والصحيح - والذي عليه العمل - أن ذلك جائز.


انظر كتاب ابن الصلاح ط: دار الفكر ، (ص: 151) وما بعدها، بتصرف.


أبو موسى أحمد الأردني

أبو الحسين الحسيني
02-14-2011, 02:30 PM
بوركت أبا موسى؛ ولو عرّفت لنا بالإجازة لغة لكان أتم وهذا شأن الباحثين دائما فالاصطلاحات العلمية تتكأ ولا بد على الألفاظ اللغوية بل وحتى الألفاظ الشرعية لا بد لها من صلة مع معناها اللغوي "كالصلاة" و " الصيام" بارك الله فيك ونفع بك ؛ وحقيقة كنت أود لو نبهت لذلك على الخاص لكان أولى لأني لا أحب النصح على العام ولكن إعذرني لن أعود لمثلها واقبلها من عمك هذه المرة.

أبو موسى أحمد الأردني
02-14-2011, 02:36 PM
بوركت أبا موسى؛ ولو عرّفت لنا بالإجازة لغة لكان أتم وهذا شأن الباحثين دائما فالاصطلاحات العلمية تتكأ ولا بد على الألفاظ اللغوية بل وحتى الألفاظ الشرعية لا بد لها من صلة مع معناها اللغوي "كالصلاة" و " الصيام" بارك الله فيك ونفع بك ؛ وحقيقة كنت أود لو نبهت لذلك على الخاص لكان أولى لأني لا أحب النصح على العام ولكن إعذرني لن أعود لمثلها واقبلها من عمك هذه المرة.
بوركت يا شيخ على المرور
وملاحظتك في مكانها وإليك ما طلبت:
قال أخونا الشيخ أبو الحسين الهاشمي في مشاركة له في منتديات البيضاء:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلآ وأنتم مسلمون
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما.
أما بعد فهذا بحث متواضع في مفهوم الإجازة وأنواعها وتحصيلها وصيغها أعددته لعل الفائدة تعم الجميع .
فأما مفهوم الإجازة لغة: فمأخوذة من جواز الماء الذي تسقاه الماشية والحرث، يقال: استجزته فأجازني إذا سقاك الماء لماشيتك وأرضك (القاموس المحيط _ص651_ومجمع الأمثال_أبو الفضل أحمد بن محمد الميداني النيسابوري 2/210.) والإجازة اصطلاحا: إذن في الرواية لفظا أو كتابا يفيد الإخبار الإجمالي عرفا (توضيح الأفكار2/310). كذلك طالب العلم يستجيز العالم علمه فيجيزه فيقال للطالب مستجيز وللعالم مجيز(الكفاية في علم الرواية1/312 و تدريب الراوي2/42. ) وتأتي الإجازة في الترتيب الثالث من صيغ التحمل عند المحدثين وذكر أبو القاسم عبدالرحمن ابن منده المتوفى470هـ أن الإجازة أقوى من القراءة على الشيخ وهو العرض، (توضيح الأفكار،2/310) وقيل هي في الترتيب الخامس من صيغ التحمل ( الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع _القاضي عياض ص68.). وهي أنواع (تدريب الراوي2/29 ومابعدها. ).
1- أن يجيز معين لمعين كأجزتك صحيح البخاري أو ما اشتملت عليه فهرستي أي جملة عدد مروياتي وهذه أعلى أضربها المجردة عن المناولة والصحيح الذي قاله الجمهور من الطوائف واستقر عليه العمل جواز الرواية والعمل بها وأبطلها جماعات من الطوائف وهو إحدى الروايتين عن الشافعي، وقال بعض الظاهرية ومتابعيهم لا يعمل بها وهو باطل. (المنهل الروي لابن جماعة ص84).
2- أن يجيز لمعين في غير معين مثل أن يقول: أجزت لك أو لكم جميع مسموعاتي أو جميع مروياتي وما أشبه ذلك. والجمهور من الطوائف على جواز الرواية وأوجبوا العمل بها.
3- أن يجيز غير معين بوصف العموم كأجزت للمسلمين أو كل أحد أو أهل زماني وفيه خلاف للمتأخرين. قال السيوطي: الظاهر من كلام مصححها جواز الرواية بها وهذا يقتضي صحتها وأي فائدة لها غير الرواية بها ( تدريب الراوي 2/33). و (التقريب والتيسير للنووي_ ص10).
4- إجازة بمجهول أو لمجهول كأجزتك كتاب السنن وهو يروي كتباً في السنن أو أجزت لمحمدٍ بن خالد الدمشقي وهناك جماعة مشتركون في هذا الاسم وهي باطلة ويدخل في هذا الباب أيضاً الإجازة المطلقة ولا يدخل في هذا الإستدعاء .(تدريب الراوي 2/34.).
5- إجازة للمعدوم كأجزت لمن يولد لفلان، واختلف المتأخرون في صحتها وقد أبطلها أغلب العلماء مع أن الخطيب البغدادي قد أجازها (تدريب الراوي 2/34.)،على أنهم اتفقوا تقريباً علىعدم إبطالها إذا عطف المعدوم على الموجود مثل أجزت لفلان ولمن يولد له . ( تدريب الراوي 2/34. توجيه النظر1 /438) .
6- إجازة ما لم يسمعه المجيز ولم يتحمله أصلاً بعد ليرويه المجاز له إذا تحمله المجيز بعد ذلك ورد هذا النوع معظم العلماء، قالوا: يتعين على من يريد أن يروي بالإجازة عن شيخ أجاز له جميع مسموعاته أن يبحث حتى يعلم أن ذلك الذي يريد روايته عنه مما سمعه قبل تاريخ هذه الأجازة . (تدريب الراوي 2/38).
7- إجازة المجاز، نحو قول الشيخ أجزت مجازاتي أو أجزت لك رواية ما أجيز لي روايته .( الكفاية في علم الرواية ص311، 352، وتدريب الراوي2/39، وتوضيح الأفكار للصنعاني 2/209، والمقنع في علوم الحديث ص322). وقالوا: إنما تستحق الإجازة إذا علم المُجيز ما يجيز وكان المجاز من أهل العلم واشترطه بعضهم وحُكِيَ عن مالك. وقال ابن عبدالبر: الصحيح أنها لا تجوز إلا لماهر بالصناعة وفي معين لا يشكل إسناده وينبغي للمجيز كتابةً أن يتلفظ بها فإن اقتصر على الكتابة مع قصد الإجازة صحت، والكتابة كناية فتكون حينئذ دون الملفوظ بها في الرتبة وان لم يقصد الإجازة قال العراقي فالظاهر عدم الصحة قال ابن الصلاح وغير مستبعد تصحيح ذلك بمجرد هذه الكتابة في باب الرواية التي جعلت فيه القراءة على الشيخ مع أنه لم يتلفظ بما قرئ عليه إخبارا منه بذلك تنبيه لا يشترط القبول في الإجازة كما صرح به البلقيني (تدريب الراوي 2/41 والمنهل الروي ص88 ).




وأما تحصيل الإجازة
فتحصل بطلب من طالب الحديث إلى شيخ الحديث أن يجيزه ويسمى هذا(الاستدعاء) (الكفاية 1/ 334).
قال ابن الصابوني في ترجمة أبي عمران موسى بن يوسف المتوفى سنة 636هـ، سمع من أبي إبراهيم القاسم ابن إبراهيم المقدسي ت588هـ وقال: وأجاز لي جميع ما تجوز له روايته باستدعاء الحافظ أبي عبدالعظيم المنذري رحمه الله وجزاه خيراً ( المنذري وكتابه التكملة للدكتور بشار عواد_ ص99)، وكانت الإجازات تحمل من بلد إلى آخر. قال المنذري في ترجمة أبي الحسن علي بن النفيس بن أبي منصور بن أبي المعالي البغدادي المعروف بابن المقدسي ت640هـ: وسعى في حمل الإجازات للناس من بغداد إلى الإسكندرية سنين ( التكملة لوفيات النقلة للمنذري الترجمة،3073). وقال أيضا في ترجمة الشيخ أبي طاهر إسماعيل بن أبي محمد عبدالله بن عبدالمحسن ت619هـ الأنصاري الشافعي: وأفادني إجازات كثيرة من البغداديين والشاميين وغيرهم (الترجمة1881). وكانت الإجازات تبعث من بلد إلى آخر كما ذكرنا ولم يكن العامل في هذا المجال يتقاضى أجرا أو جعالة على هذا العمل. والسعي في تحصيل الإجازات ونقلها من بلد إلى آخر لم أرَ من تعرض لها من أهل العلم المتقدمين فيما أعلم ولعله استحدث عند المتأخرين فلم أجد ذكر حمل الإجازات إلا عند الحافظ المنذري في كتابه التكملة والله أعلم.
وهنال نوع آخر من الإجازات هي . الإجازة المطلقة:وهي أن يقول الراوي "أجزت لجميع المسلمين أو لكل أحد" بخلاف المخصوصة والمعلقة بقوله (أجزت لمن لقينى أو لكل من قرأ علي العلم أو لمن كان من طلبة العلم أو لأهل بلد كذا أو لبنى هاشم أو قريش) (الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع، ص98).




وأما صيغة الإجازة التي يكتبها المجيز في الاستدعاء فهي تعتمد على ما اعتاد عليه المجيز الذي يتخذه عادةً عبارة معينة ثابتة يتميز بها إلا أن مضامينها واحدة على العموم، وكان بعضهم يستعمل شعراً في كتابة صيغة الإجازة من ذلك أن الحافظ أبا طاهر السِّلفي كتب إلى أبي شجاع ابن أبي الحسن البسطامي يطلب منه الإجازة فكتب إليه أبو شجاع:
إني أجزت لكم عني روايتكم بما سمعت من أشياخي وأقراني
من بعد أن تحفظوا شرط الجواز لها مستجمعين لها أسباب إتقان
أرجو بذلك أن الله يذكـرني يوم النشور وإياكم بغفران




(توضيح الأفكار2/324 والوجيزفي ذكرالمجاز والمجيز_أبوطاهرأحمد بن محمد السلفي الأصبهاني )

أبو الحسين الحسيني
03-18-2011, 12:43 PM
حفظكم الله أبا موسى