ثمار الجنة أحلى من العسل، وألين من الزبد، وليس لها نوى
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
قال تعالى: { فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ } [الرحمن: 52].
وقال عز وجل: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68].
وقال تعالى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: 27 - 33].
عن سليم بن عامر رحمه الله قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: إن الله لينفعنا بالأعراب ومسائلهم.
قال: أقبل أعرابي يوما فقال: يا رسول الله ذكر الله عز وجل في الجنة شجرة مؤذية وما كنت أرى أن في الجنة شجرة تؤذي صاحبها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما هي؟
قال: السدر، فإن له شوكا مؤذيا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أليس الله يقول: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} خضد الله شوكه فجعل مكان كل شوكة ثمرة، فإنها لتنبت ثمرا تفتق الثمرة منها عن اثنين وسبعين لونا من طعام، ما فيها لون يشبه الآخر" رواه ابن المبارك في الزهد وابن أبي أبي الدنيا في صفة الجنة.
ورواه الحاكم والبيهقي في البعث والنشور عن سليم بن عامر عن أبي أمامة رضي الله عنه. [صحيح الترغيب:3742].
وعن عُتْبَة بن عبد السلمي رضي الله عنه قال: كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: يا رسول الله! أسمعك تذكر شجرة في الجنة لا أعلم في الدنيا أكثر شوكا منها، يعني الطلح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن الله يجعل مكان كل شوكة (يعني من شجرة الطلح في الجنة) مثل خصية التيس الملبود - يعني المخصي - فيها سبعون لونا من الطعام لا يشبه لونه لون الآخر". رواه ابن أبي داود في البعث، والطبراني، وأبو نعيم في الحلية بسند صحيح. [الصحيحة:2734].
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «نخل الجنة خشبها ذهب أحمر، وكَرَبُها زمرد أخضر، وسعفها كسوة لأهل الجنة منها مُقَطَّعَاتهم , وحليهم وثمرها أمثال القلال والدلاء أشد بياضا من اللبن، وأحلى من الشهد، وألين من الزُّبْد، لا عَجَم لها».
رواه ابن المبارك في الزهد، وعبد الرزاق في تفسيره(3/ 274)، وهناد في الزهد، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم في تفسيره، وأبو الشيخ في العظمة، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في البعض والنشور وغيرهم وسنده صحيح. [ راجع: صحيح الترغيب:3735]
واللفظ من مجموع الروايات.
وفي معظمها "جذوعها زمرد أخضر وكرانيفها ذهب أحمر" لكن أثبت لفظ أبي الشيخ في العظمة لوافقته للحديث الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب" رواه الترمذي وغيره [صحيح الترغيب والترهيب:3732].
ومعنى كربها-وكذلك معنى الكرانيف-: الأصول التي يكون عليها السَّعَف الذي هو ورق النخل وجريده.
ومعنى "لا عَجَم لها: أي لا نوى فيها.
وهناك أثر صحيح عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أن أصول الشجر من ذهب ولؤلؤ.
عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: نزلنا الصفاح فإذا رجل نائم تحت شجرة قد كادت الشمس تبلغه قال: فقلت للغلام: انطلق بهذا النطع فأظله.
قال: فانطلق فأظله، فلما استيقظ فإذا هو سلمان رضي الله عنه، فأتيته أسلم عليه.
فقال: يا جرير، تواضع لله، فإنه من تواضع لله في الدنيا رفعه الله يوم القيامة.
يا جرير، هل تدري ما الظلمات يوم القيامة؟
قلت: لا أدري.
قال: ظلم الناس بينهم.
ثم أخذ عويدا لا أكاد أراه بين أصبعيه فقال: "يا جرير، لو طلبت في الجنة مثل هذا لم تجده"
قلت: يا أبا عبد الله فأين النخل والشجر والثمر؟
قال: "أصولها وسوقها اللؤلؤ والذهب وأعلاها الثمار". رواه ابن أبي شيبة وهناد في الزهد وأبو نعيم في الحلية وسنده صحيح. [راجع: صحيح الترغيب:3733].
نسأل الله بفضله وكرمه ورحمته أن يدخلنا الجنة، وأن يجعلنا من أهل الفردوس.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه:
أسامة بن عطايا العتيبي
26/ 11/ 1437 هـ