منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-26-2015, 05:51 AM
أحمد بن صالح الحوالي أحمد بن صالح الحوالي غير متواجد حالياً
مشرف - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 983
شكراً: 6
تم شكره 42 مرة في 38 مشاركة
افتراضي هــام:عماد فراج الغالي في تكفير أهل السنة إنما هو ثمرة من ثمار فتنة الحدادية وتأصيلاتهم الباطلة

"الحلقة الثانية"




عماد فراج الغالي في تكفير أهل السنة إنما هو ثمرة من ثمار فتنة الحدادية وتأصيلاتهم الباطلة




بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد: فقد عرف القراء الكرام من الحلقة الأولى أن عماد فراج من أجهل الناس ومن أشدهم كذباً على شيخ الإسلام وعلى أهل السنة، ومن أشدهم تطاولاً عليهم، وهو القزم التافه، وأنه شديد الفجور في الخصومة.
والكذب والفجور في الخصومة من أبرز صفات المنافقين.
وسوف يزداد القارئ -إن شاء الله- قناعة ويقيناً برسوخ هذا الرجل في هذه الصفات الرديئة بقراءته للحلقة الثانية التي أقدمها له في هذه الشبكة وغيرها.
قال عماد فراج:
"8- موقف ابن تيمة من تكفير المعين".
أقول: عدم تكفير المعين مضى الكلام فيه في الرد على الفقرة السابعة من الحلقة الأولى.
وممن لا يكفر المعين إذا كان جاهلاً الإمام أحمد، فهو لم يكفر المعين إذا كان جاهلاً.
انظر الرد على الفقرة السابعة مع أدلتها ومع أقوال أئمة الإسلام التي أوردناها في الرد على هذه الفقرة، فلماذا يرجف هذا الجهول على شيخ الإسلام؟.
وقال عماد: " 10- ابن تيمية لا يكفر الرافضة ".
أقول:
1-لقد ألف شيخ الإسلام كتاباً كبيراً في الروافض، سماه "منهاج السنة النبوية".
يقع في ثمان مجلدات، يرد فيه افتراءات الروافض التي أوردها ابن المطهر الحلي الرافضي في كتابه.
2-ومن طعن شيخ الإسلام في الروافض ما قاله في طليعة كتابه "منهاج السنة النبوية" (1/21-28) حيث شبّه الروافض باليهود والنصارى في عدد من أوجه الشبه الخبيثة.
ثم في النهاية فضّل عليهم اليهود والنصارى.
قال -رحمه الله-:
" فصل وهذا المصنف سمى كتابه "منهاج الكرامة في معرفة الإمامة"، وهو خليق بأن يسمى منهاج الندامة. كما أن من ادعى الطهارة وهو من الذين لم يُرد الله أن يطهر قلوبهم بل من أهل الجبت والطاغوت والنفاق كان وصفه بالنجاسة والتكدير أولى من وصفه بالتطهير ومن أعظم خبث القلوب أن يكون في قلب العبد غل لخيار المؤمنين وسادات أولياء الله بعد النبيين([1]) ولهذا لم يجعل الله تعالى في الفيء نصيبا لمن بعدهم إلا الذين([2]) يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم (سورة الحشر)..
ولهذا كان بينهم وبين اليهود من المشابهة في الخبث واتباع الهوى وغير ذلك من أخلاق اليهود وبينهم وبين النصارى من المشابهة في الغلو والجهل وغير ذلك من أخلاق النصارى ما أشبهوا به هؤلاء من وجه وهؤلاء من وجه وما زال الناس يصفونهم بذلك ومن أخبر الناس بهم الشعبي وأمثاله من علماء الكوفة وقد ثبت عن الشعبي أنه قال ما رأيت أحمق من الخشبية لو كانوا من الطير لكانوا رخما ولو كانوا من البهائم لكانوا حمرا والله لو طلبت منهم أن يملئوا لي هذا البيت ذهبا على أن أكذب على علي لأعطوني ووالله ما أكذب عليه أبدا وقد روى هذا الكلام مبسوطا عنه أكثر من هذا لكن الأظهر أن المبسوط من كلام غيره كما روى أبو حفص بن شاهين في كتاب اللطيف في السنة حدثنا محمد بن أبي القاسم بن هارون حدثنا أحمد ابن الوليد الواسطي حدثني جعفر بن نصير الطوسي الواسطي عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول عن أبيه قال قال لي الشعبي: أحذركم هذه الأهواء المضلة وشرها الرافضة لم يدخلوا في الإسلام رغبة ولا رهبة ولكن مقتا لأهل الإسلام وبغيا عليهم قد حرقهم علي رضي الله عنه بالنار ونفاهم إلى البلدان منهم عبد الله بن سبأ يهودي من يهود صنعاء نفاه الى ساباط وعبد الله بن يسار نفاه إلى خازر.
وآية ذلك أن محنة الرافضة محنة اليهود قالت اليهود لا يصلح الملك إلا في آل داود وقالت الرافضة: لا تصلح الإمامة إلا في ولد علي وقالت اليهود لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح الدجال وينزل سيف من السماء.
وقالت الرافضة: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي وينادي مناد من السماء واليهود يؤخرون الصلاة إلى اشتباك النجوم وكذلك الرافضة يؤخرون المغرب إلى اشتباك النجوم والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تزال أمتي على الفطرة مالم يؤخروا المغرب إلى اشتباك النجوم".
واليهود تزول عن القبلة شيئا وكذلك الرافضة.
واليهود تنود في الصلاة وكذلك الرافضة واليهود تسدل أثوابها في الصلاة وكذلك الرافضة واليهود لا يرون على النساء عدة وكذلك الرافضة واليهود حرفوا التوراة وكذلك الرافضة حرفوا القرآن([3]) واليهود قالوا افترض الله علينا خمسين صلاة وكذلك الرافضة واليهود لا يخلصون السلام على المؤمنين إنما يقولون السام عليكم والسام الموت وكذلك الرافضة واليهود لا يأكلون الجري والمرماهى والذناب وكذلك الرافضة واليهود لا يرون المسح على الخفين وكذلك الرافضة واليهود يستحلون أموال الناس كلهم وكذلك الرافضة وقد أخبرنا الله عنهم بذلك في القرآن أنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل (سورة آل عمران). وكذلك الرافضة واليهود تسجد على قرونها في الصلاة وكذلك الرافضة واليهود لا تسجد حتى تخفق برؤوسها مرارا شبه الركوع وكذلك الرافضة واليهود تبغض جبريل ويقولون هو عدونا من الملائكة وكذلك الرافضة يقولون غلط جبريل بالوحي على محمد صلى الله عليه وسلم وكذلك الرافضة وافقوا النصارى في خصلة النصارى ليس لنسائهم صداق إنما يتمتعون بهن تمتعا وكذلك الرافضة يتزوجون بالمتعة ويستحلون المتعة وفضلت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلتين سئلت اليهود من خير أهل ملتكم قالوا أصحاب موسى وسئلت النصاري من خير أهل ملتكم قالوا حواري عيسى وسئلت الرافضة من شر أهل ملتكم قالوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم([4]) فالسيف عليهم مسلول إلى يوم القيامة لا تقوم لهم راية ولا يثبت لهم قدم ولا تجتمع لهم كلمة ولا تجاب لهم دعوة دعوتهم مدحوضة وكلمتهم مختلفة وجمعهم متفرق كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله".
ثم واصل شيخ الإسلام طعنه في الروافض وبيان ضلالاتهم إلى (ص57)، بل هو يبين ضلالهم ويطعن فيهم كثيراً في هذا الكتاب.
وانظر كم مرة يشبه فيها الروافض، تارة باليهود، وتارة بالنصارى، وفي الأخير فضّل اليهود والنصارى على الروافض بخصلتين ذكرهما في هذا السياق.
وتكلم عليهم في "الصارم المسلول على شاتم الرسول" من (ص567-587).
وأعلن تكفيرهم في (ص586-587)، فقال:
"فصل في تفصيل القول فيهم
" أما من اقترن بسبه دعوى أن عليا إله أو أنه كان هو النبي و إنما غلط جبرئيل في الرسالة فهذا لا شك في كفره بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره.
وكذلك من زعم منهم أن القرآن نقص منه آيات و كتمت أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة ونحو ذلك و هؤلاء يسمون القرامطة والباطنية ومنهم التناسخية وهؤلاء لا خلاف في كفرهم.
وأما من سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم ـ مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك ـ فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم.
وأما من لعن وقبح مطلقا فهذا محل الخلاف فيهم لتردد الأمر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد.
وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله عليه الصلاة و السلام إلا نفرا قليلا يبلغون بضعة عشر نفسا أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب أيضا في كفره لأنه كذب لما نصه القرآن في غير موضع : من الرضى عنهم والثناء عليهم بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق وأن هذه الآية التي هي (كنتم خير أمة أخرجت للناس) [ آل عمران : 110] وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفارا أو فساقا ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم وأن سابقي هذه الأمة هم شرارهم وكفر هذا مما يعلم باضطرار من دين الإسلام .
ولهذا تجد عامة من ظهر عليه شيء من هذه الأقوال فإنه يتبين أنه زنديق وعامة الزنادقة إنما يستترون بمذهبهم وقد ظهرت لله فيهم مثلات وتواتر النقل بأن وجوههم تمسخ خنازير في المحيا والممات وجمع العلماء ما بلغهم في ذلك ممن صنف فيه الحافظ الصالح أبو عبدالله محمد بن عبد الواحد المقدسي كتابه في النهي عن سب الأصحاب وما جاء فيه من الإثم والعقاب.
وبالجملة فمن أصناف السابة من لا ريب في كفره و منهم من لا يحكم بكفره ومنهم من تردد فيه وليس هذا موضع الاستقصاء في ذلك وإنما ذكرنا هذه المسائل لأنها من تمام الكلام في المسألة التي قصدنا لها.
فهذا ما تيسر من الكلام في هذا الباب ذكرنا ما يسره الله واقتضاه الوقت والله سبحانه يجعله لوجهه خالصا وينفع به و يستعملنا فيما يرضاه من القول و العمل...".
وقال عماد:
"11- ابن تيمية مرة أخرى.
وهي منشورة على الموقع.
وأحياناً أقول: ما قولك في رجل لا يكفر الرافضة ولا الجهمية ولا الحلولية؟".
أقول: كذبتَ وافتريتَ على هذا الإمام وشيخ الإسلام–رحمه الله-.
أما الرافضة والجهمية فقد تقدم الكلام فيهم.
وأما الحلولية فما أحد حاربهم وكفَّرهم مثل شيخ الإسلام–رحمه الله-.
يقول ذلك بعلم واسع.
فمن أقواله الكثيرة التي يُكفِّرهم فيها ما يأتي:
قال -رحمه الله- خلال كلامه على رؤية الله ورده على المكذبين بها أوالغلاة فيها في كتابه"مجموع الفتاوى" (3/391-394):
"وَدِينُ اللَّهِ وَسَطٌ بَيْنَ تَكْذِيبِ هَؤُلَاءِ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآخِرَةِ ؛ وَبَيْنَ تَصْدِيقِ الْغَالِيَةِ ؛ بِأَنَّهُ يُرَى بِالْعُيُونِ فِي الدُّنْيَا وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ. وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَرَاهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ فِي الدُّنْيَا هُمْ ضُلَّالٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ ضَمُّوا إلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ فِي بَعْضِ الْأَشْخَاصِ: إمَّا بَعْضُ الصَّالِحِينَ أَوْ بَعْضُ المردان أَوْ بَعْضُ الْمُلُوكِ أَوْ غَيْرِهِمْ عَظُمَ ضَلَالُهُمْ وَكُفْرُهُمْ وَكَانُوا حِينَئِذٍ أَضَلَّ مِنْ النَّصَارَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ فِي صُورَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. بَلْ هُمْ أَضَلُّ مِنْ أَتْبَاعِ الدَّجَّالِ الَّذِي يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَيَقُولُ لِلنَّاسِ أَنَا رَبُّكُمْ وَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ وَيَقُولُ لِلْخَرِبَةِ: أَخْرِجِي كُنُوزَك فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا وَهَذَا هُوَ الَّذِي حَذَّرَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ. وَقَالَ: { مَا مِنْ خَلْقِ آدَمَ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ فِتْنَةٌ أَعْظَمَ مِنْ الدَّجَّالِ } وَقَالَ: { إذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَأَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَأَعُوذُ بِك مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ }. فَهَذَا ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ وَأَتَى بِشُبُهَاتِ فَتَنَ بِهَا الْخَلْقَ حَتَّى قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَرَى رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ } فَذَكَرَ لَهُ عَلَامَتَيْنِ ظَاهِرَتَيْنِ يَعْرِفُهُمَا جَمِيعُ النَّاسِ ؛ لِعِلْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَضِلُّ فَيُجَوِّزُ أَنْ يَرَى رَبَّهُ فِي الدُّنْيَا فِي صُورَةِ الْبَشَرِ كَهَؤُلَاءِ الضُّلَّالِ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ وَهَؤُلَاءِ قَدْ يُسَمَّوْنَ " الْحُلُولِيَّةَ " وَ " الِاتِّحَادِيَّةَ ". وَهُمْ صِنْفَانِ: - " قَوْمٌ " يَخُصُّونَهُ بِالْحُلُولِ أَوْ الِاتِّحَادِ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ. كَمَا يَقُولُهُ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْغَالِيَةُ فِي عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَنَحْوِهِ ؛ وَقَوْمٌ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَقَوْمٌ فِي بَعْضِ الْمُلُوكِ وَقَوْمٌ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ الْجَمِيلَةِ ؛ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي هِيَ شَرٌّ مِنْ مَقَالَةِ النَّصَارَى. وَ"صِنْفٌ" يَعُمُّونَ فَيَقُولُونَ بِحُلُولِهِ أَوْ اتِّحَادِهِ فِي جَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ - حَتَّى الْكِلَابِ وَالْخَنَازِيرِ وَالنَّجَاسَاتِ وَغَيْرِهَا - كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْ الْجَهْمِيَّة وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ الِاتِّحَادِيَّةِ: كَأَصْحَابِ ابْنِ عَرَبِيٍّ وَابْنِ سَبْعِينَ وَابْنِ الْفَارِضِ وَالتِّلْمِسَانِيّ والبلياني وَغَيْرِهِمْ ". وَمَذْهَبُ جَمِيعِ الْمُرْسَلِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْلِ الْكُتُبِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَالِقُ الْعَالَمِينَ وَرَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ؛ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَالْخَلْقُ جَمِيعُهُمْ عِبَادُهُ وَهُمْ فُقَرَاءُ إلَيْهِ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ ؛ وَمَعَ هَذَا فَهُوَ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }. فَهَؤُلَاءِ "الضُّلَّالُ الْكُفَّارُ " الَّذِينَ يَزْعُمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَرَى رَبَّهُ بِعَيْنَيْهِ وَرُبَّمَا زَعَمَ أَنَّهُ جَالَسَهُ وَحَادَثَهُ أَوْ ضَاجَعَهُ وَرُبَّمَا يُعَيِّنُ أَحَدُهُمْ آدَمِيًّا إمَّا شَخْصًا؛ أَوْ صَبِيًّا ؛ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ؛ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ كَلَّمَهُمْ يُسْتَتَابُونَ. فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ وَكَانُوا كُفَّارًا ؛ إذْ هُمْ أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى { الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } فَإِنَّ الْمَسِيحَ رَسُولٌ كَرِيمٌ وَجِيهٌ عِنْدَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ فَإِذَا كَانَ الَّذِينَ قَالُوا: إنَّهُ هُوَ اللَّهُ وَإِنَّهُ اتَّحَدَ بِهِ أَوْ حَلَّ فِيهِ قَدْ كَفَّرَهُمْ وَعَظُمَ كُفْرُهُمْ ؛ بَلْ الَّذِينَ قَالُوا إنَّهُ اتَّخَذَ وَلَدًا حَتَّى قَالَ: { وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا } { لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إدًّا } { تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا } { أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا } { وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا } { إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا } فَكَيْفَ بِمَنْ يَزْعُمُ فِي شَخْصٍ مِنْ الْأَشْخَاصِ أَنَّهُ هُوَ ؟ هَذَا أَكْفَرُ مِنْ الْغَالِيَةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ هُوَ اللَّهُ، وَهَؤُلَاءِ هُمْ " الزَّنَادِقَةُ " الَّذِينَ حَرَّقَهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالنَّارِ وَأَمَرَ بِأَخَادِيدَ خُدَّتْ لَهُمْ عِنْدَ بَابِ كِنْدَةَ وَقَذَفَهُمْ فِيهَا بَعْدَ أَنْ أَجَّلَهُمْ ثَلَاثًا لِيَتُوبُوا فَلَمَّا لَمْ يَتُوبُوا أَحْرَقَهُمْ بِالنَّارِ وَاتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى قَتْلِهِمْ لَكِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَ مَذْهَبُهُ أَنْ يُقَتَّلُوا بِالسَّيْفِ بِلَا تَحْرِيقٍ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَقِصَّتُهُمْ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ".
انظر إلى قوله بعد حكاية كفرهم وضلالهم:
"وكانوا حينئذ أضل من النصارى الذين يزعمون أنهم رأوه في صورة عيسى ابن مريم، بل هم أضل من أتباع الدجال الذي يكون في آخر الزمان".
ومرة أخرى جعل أقوال أهل الحلول شر من مقالة النصارى.
وتارة يقول: "إذ هم أكفر من اليهود والنصارى".
وتارة يقول: " هَذَا أَكْفَرُ مِنْ الْغَالِيَةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ هُوَ اللَّهُ".
ألا تدل هذه الأحكام من شيخ الإسلام على الحلولية والاتحادية على فجور وكذب عماد الحدادي على شيخ الإسلام؟
فهو يفتري على شيخ الإسلام، ثم يبني على هذا الافتراء تكفيره.
هذا وتكفير شيخ الإسلام للحلولية والاتحادية كثير ومشهور، يعرفه من له أدنى عناية بمؤلفات ومقالات شيخ الإسلام –رحمه الله-.
وانظر كلامه فيهم في "مجموع الفتاوى" (2/183-195) و (2/308-319، 332-334).
قال الظلوم الجهول في (ص2):
" وأحياناً أقول: ابن تيمية أسطورة صنعها المتأخرون بجهلهم وضلالهم، وإلا فأقل أحواله أن يكون مبتدعاً ضالاً، فطعوناته في نفر من الصحابة، وتمجيده لرؤوس البدعة والضلال، ومخالفته لإجماع السلف في غير ما مسألة، لا يمكن حجبها أو طمسها، وهي مبثوثة في كتبه لا تخفى على ما طالعها".
أقول: لقد افتريتَ على هذا الإمام المجاهد، الذاب عن الصحابة الكرام، حيث ألّفَ كتابه "منهاج السنة" في ثمان مجلدات، يذب في هذا الكتاب العظيم عن الإسلام وعن الصحابة الكرام، ويبين فيه ضلالات وكفريات أعدائهم من الروافض اللئام.
ومن أقواله في تعظيم الصحابة، قوله –رحمه الله- في "منهاج السنة" (1/22):
"ومن أعظم خُبث القلوب أن يكون في قلب العبد غلٌ لخيار المؤمنين".
وقد سقتُ بعض أقواله فيما سلف في تكفير الروافض لطعنهم في الصحب الكرام.
ومن أكاذيب هذا المفتري قوله: " وتمجيده لرؤوس البدعة والضلال".
وأقول: لا أعرف أحداً حارب رؤوس البدع والضلالات على اختلاف مذاهبهم يفوق شيخ الإسلام.
ولا أعرف أحداً يقاربه في دمغ ضلالاتهم وأباطيلهم.
وما هي الإجماعات الصحيحة الثابتة عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان التي تدّعي أيها الجهول أن شيخ الإسلام خالفها؟، ولا أستبعد أنك تستقي هذه الدعاوى من أعداء السنة والتوحيد.
شيخ الإسلام يخالف ما يفتريه بشر المريسي والأصم وأمثالهما من الجهمية والمعتزلة، فهذه الإجماعات المفتراة يكذبها الإمام أحمد.
قال عبد الله بن أحمد: "سمعت أبي يقول: ما يدعي الرجل فيه الإجماع هذا الكذب، من ادعى الإجماع فهو كذب، لعل الناس قد اختلفوا، هذه دعوى بشر المريسي والأصم، ولكن يقول: لا يعلم، الناس يختلفون، أو لم يبلغه ذلك، ولم ينته إليه فيقول: لا يعلم الناس اختلفوا". "مسائل الإمام أحمد، رواية ابنه عبد الله" (ص438-439).
والإمام أحمد وابن تيمية وأهل السنة يعترفون بالإجماعات الثابتة، ويعتبرون الإجماع ثالث الكتاب والسنة في الاحتجاج به في القضايا المهمة.
وينكرون دعاوى أهل الباطل لإجماعات لا تثبت؛ فلا يستبعد من عماد أن يطعن في الإمام أحمد كما طعن في شيخ الإسلام.
ولا يستبعد أنه يركض وراء بشر المريسي والأصم في دعاوى الإجماعات التي لا تثبت.
قول هذا الجهول الحقود على شيخ الإسلام وأهل التوحيد والسنة:
" ابن تيمية أسطورة صنعها المتأخرون بجهلهم وضلالهم، وإلا فأقل أحواله أن يكون مبتدعاً ضالاً".
أقول: بئس ما قلتَ أيها الضال الجهول، الغارق في الجهل والكذب.
كيف تتطاول على القمم، وأنت الصغير الذليل؟
ابن تيمية إمام عظيم، وسيف مسلول على أهل الضلال، تريد على جهلك وضلالك أن تطمس جهوده العظيمة ومكانته الرفيعة التي يعترف بها، ويشهد له بها موافقوه ومخالفوه، من عهده إلى عصرنا هذا.
لقد ألّفَ الحافظ محمد بن أبي بكر ابن ناصر الدين الدمشقي كتاباً سماه: "الرد الوافر على من زعم بأن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر".
ردَّ فيه على متعصب أهوج مشهور بعلاء الدين البخاري، حنفي شديد التعصب، يرمي شيخ الإسلام ومن يصفه بشيخ الإسلام بالكفر.
أورد ابن ناصر عدداً كبيراً من علماء المذاهب الأربعة، ومن أهل الحديث، بل ومن الظاهرية.
بلغ عددهم سبعة وثمانين عالماً.
يثنون على شيخ الإسلام ابن تيمية ثناء عاطراً، ويصفه أكثرهم بشيخ الإسلام، ويعترفون بعلمه الواسع الغزير، وليس هؤلاء العلماء هم فقط الذين أثنوا على شيخ الإسلام، بل هناك جمٌّ غفير قد أثنوا على هذا الإمام.
قال ابن ناصر الدين في خاتمة كتابه "الرد الوافر": (ص239):
"وَهَذَا آخر من ذكرنَا من الْأَعْلَام مِمَّن سمى الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية بشيخ الإسلام .
وَلَقَد تركنَا جما غفيرا وأناسي كثيرا مِمَّن نَص على إِمَامَته وَمَا كَانَ عَلَيْهِ من زهده وورعه وديانته.
وَكَذَلِكَ تركنَا ذكر خلق مِمَّن مدحه نظما فِي حَيَاته أَو رثاه بِشعر بعد مماته".
أقول: وسأكتفي بِذِكْرِ دفاع وثناء أربعة من هؤلاء العلماء من المخالفين لشيخ الإسلام في عقيدته.
1- قاضي القضاة كمال الدين أبو المعالي محمد بن أبي الحسن بن الزملكاني الشافعي، المعاصر لشيخ الإسلام ابن تيمية وممن كان يناظره، ومع ذلك يعترف بإمامته ولا ينكر فضله ولا بره.
ومن ثنائه عليه ما كتبه بخطه على كتاب "رفع الملام عن أئمة الإسلام"، قائلاً ما نصه:
"تأليف الشَّيْخ الإمام الْعَالم الْعَلامَة الأوحد الْحَافِظ الْمُجْتَهد الزَّاهِد العابد الْقدْوَة إِمَام الأئمة، قدوة الْأمة عَلامَة الْعلمَاء، وَارِث الأنبياء، آخر الْمُجْتَهدين أوحد عُلَمَاء الدّين بركَة الإسلام حجَّة الأعلام برهَان الْمُتَكَلِّمين قامع المبتدعين مُحي السّنة وَمن عظمت بِهِ لله علينا الْمِنَّة وَقَامَت بِهِ على أعدائه الْحجَّة واستبانت ببركته وهديه المحجة تَقِيّ الدّين أَبُو الْعَبَّاس أحْمَد بن عبد الْحَلِيم بن عبد السَّلَام بن تَيْمِية الْحَرَّانِي، أَعلَى الله مناره، وشيد بِهِ من الدّين أَرْكَانه، ثمَّ ذكر أبياتا مِنْهَا:
هُوَ حجَّة لله باهرة ... هُوَ بَيْننَا أعجوبة الدَّهْر
هُوَ آيَة فِي الْخلق ظَاهِرَة ... أنوارها أربت على الْفجْر
وَقَالَ الشَّيْخ كَمَال الدّين ابن الزملكاني أَيْضا عَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية: اجْتمعت فِيهِ شُرُوط الِاجْتِهَاد على وَجههَا وَله الْيَد الطُّولى فِي حسن التصنيف وجودة الْعبارَة وَالتَّرْتِيب والتقسيم والتبيين حَكَاهُ عَن ابْن الزملكاني الْحَافِظ علم الدّين أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن البرزالي وَحَكَاهُ أَيْضا الْحَافِظ أبو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْهَادِي فَقَالَ فِي كِتَابه "طَبَقَات الْحفاظ" فِي تَرْجَمَة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَهِي خَاتِمَة تراجم الطَّبَقَات.
وَقَالَ الْعَلامَة كَمَال الدّين ابْن الزملكاني كَانَ إِذا سُئِلَ([5]) عَن فن من الْعلم ظن الرَّائِي وَالسَّامِع انه لَا يعرف غير ذَلِك الْفَنّ وَحكم أن أحدا لَا يعرف مثله وكَانَ الْفُقَهَاء من سَائِر الطوائف إِذا جَلَسُوا مَعَه استفادوا فِي مذاهبهم مِنْهُ مَا لم يَكُونُوا عرفوه قبل ذَلِك وَلَا يعرف أَنه نَاظر أحدا فَانْقَطع مَعَه وَلَا تكلم فِي علم من الْعُلُوم سَوَاء كَانَ من عُلُوم الشَّرْع أَو غَيرهَا إِلَّا فاق فِيهِ أَهله والمنسوبين إليه.
وَكَانَت لَهُ الْيَد الطُّولى فِي حسن التصنيف وجودة الْعبارَة وَالتَّرْتِيب والتقسيم والتبيين". "الرد الوافر" (ص108-109).
وله ثناء آخر تركناه اختصاراً.
2- شهادة الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي المتوفي سنة (852) لشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-.
قال –رحمه الله- مقرظاً لكتاب "الرد الوافر" لابن ناصر الدين الدمشقي في الذب عن شيخ الإسلام:
"الْحَمد لله وَسَلام على عباده الَّذين اصْطفى.
وقفتُ على هَذَا التَّأْلِيف النافع وَالْمَجْمُوع الَّذِي هُوَ للمقاصد الَّتِي جمع لَهَا جَامع فتحققت سَعَة اطلَاع الإِمَام الَّذِي صنفه وتضلعه من الْعُلُوم النافعة بِمَا عظمه بَين الْعلمَاء وشرفه، وشهرة إِمَامة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية أشهر من الشَّمْس وتلقيبه بشيخ الْإِسْلَام بَاقٍ إِلَى الْآن على الْأَلْسِنَة الزكية وَيسْتَمر غَدا لما كَانَ بالْأَمْس وَلَا يُنكر ذَلِك إِلَّا من جهل مِقْدَاره وتجنب الْإِنْصَاف فَمَا أَكثر غلط من تعاطى ذَلِك وَأكْثر غباره فَالله تَعَالَى هُوَ الْمَسْئُول أَن يَقِينا شرور أَنْفُسنَا وحصائد ألسنتنا بمنه وفضله.
وَلَو لم يكن من فضل هَذَا الرجل إِلَّا مَا نبه عَلَيْهِ الْحَافِظ الشهير علم الدّين البرزالي فِي تَارِيخه أَنه لم يُوجد فِي الْإِسْلَام من اجْتمع فِي جنَازَته لما مَاتَ مَا اجْتمع فِي جَنَازَة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين لكفى وَأَشَارَ إِلَى أَن جَنَازَة الإِمَام أَحْمد كَانَت حافلة جدا شَهِدَهَا مؤون أُلُوف لَكِن لَو كَانَ بِدِمَشْق من الْخَلَائق نَظِير مَا كَانَ بِبَغْدَاد بل أَضْعَاف ذَلِك لما تأخر أحد مِنْهُم من شُهُود جنَازَته وَأَيْضًا فَجَمِيع من كَانَ فِي بَغْدَاد إِلَّا الْأَقَل كَانُوا يَعْتَقِدُونَ إِمَامَة الإِمَام أَحْمد وَكَانَ أَمِير بَغْدَاد وَخَلِيفَة الْوَقْت إِذْ ذَاك فِي غَايَة الْمحبَّة لَهُ والتعظيم بِخِلَاف ابْن تَيْمِية وَكَانَ أَمِير الْبَلَد حِين مَاتَ غَائِبا وَكَانَ أَكثر من فِي الْبَلَد من الْفُقَهَاء قد تعصبوا عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ مَحْبُوسًا بالقلعة وَمَعَ هَذَا فَلم يتَخَلَّف مِنْهُم عَن حُضُور جنَازَته والترحم والتأسف عَلَيْهِ إِلَّا ثَلَاثَة أنفس تَأَخَّرُوا خشيَة على أنفسهم من الْعَامَّة وَمَعَ حُضُور هَذَا الْجمع الْعَظِيم فَلم يكن لذَلِك باعث إِلَّا اعْتِقَاد إِمَامَته وبركته لَا بِجمع سُلْطَان وَلَا غَيره وَقد صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض وَقد قَامَ على الشَّيْخ تَقِيّ الدّين جمَاعَة من الْعلمَاء مرَارًا بِسَبَب أَشْيَاء أنكروها عَلَيْهِ من الْأُصُول وَالْفُرُوع وعقدت لَهُ بِسَبَب ذَلِك عدَّة مجَالِس بِالْقَاهِرَةِ ودمشق وَلَا يعلم عَن أحد مِنْهُم أَنه أفتى بزندقته وَلَا حكم بسفك دَمه مَعَ شدَّة المتعصب عَلَيْهِ حِينَئِذٍ من أهل الدولة حَتَّى حبس بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ الْإسْكَنْدَريَّة وَمَعَ ذَلِك فكلهم يعْتَرف بسعة علمه وزهده وَوَصفه بالسخاء والشجاعة وَغير ذَلِك من قِيَامه فِي نصْرَة الْإِسْلَام وَالدُّعَاء إِلَى الله تَعَالَى فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة فَكيف لَا يُنكر على من أطلق عَلَيْهِ أَنه كَافِر بل من أطلق على من سَمَّاهُ شيخ الْإِسْلَام الْكفْر وَلَيْسَ فِي تَسْمِيَته بذلك مَا يَقْتَضِي ذَلِك فَإِنَّهُ شيخ مَشَايِخ الْإِسْلَام فِي عصره بِلَا ريب والمسائل الَّتِي أنْكرت عَلَيْهِ مَا كَانَ يَقُولهَا بالتشهي وَلَا يصر على القَوْل بهَا بعد قيام الدَّلِيل عَلَيْهِ عنادا وَهَذِه تصانيفه طافحة بِالرَّدِّ على من يَقُول بالتجسيم والتبري([6]) مِنْهُ وَمَعَ ذَلِك فَهُوَ بشر يُخطئ ويصيب فَالَّذِي أصاب فِيهِ وَهُوَ الْأَكْثَر يُسْتَفَاد مِنْهُ ويترحم عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ وَالَّذِي أَخطَأ فِيهِ لَا يُقَلّد فِيهِ بل هُوَ مَعْذُور لِأَن عُلَمَاء الشَّرِيعَة شهدُوا لَهُ بِأَن أدوات الِاجْتِهَاد اجْتمعت فِيهِ حَتَّى كَانَ أَشد المتعصبين عَلَيْهِ العاملين فِي إِيصَال الشَّرّ إِلَيْهِ وَهُوَ الشَّيْخ كَمَال الدّين الزملكاني شهد لَهُ بذلك وَكَذَلِكَ الشَّيْخ صدر الدّين بن الْوَكِيل الَّذِي لم يثبت لمناظرته غَيره وَمن أعجب الْعجب ان هَذَا الرجل كَانَ من أعظم النَّاس قيَاما على أهل الْبدع من الروافض والحلولية والاتحادية وتصانيفه فِي ذَلِك كَثِيرَة شهيرة وفتاويه فيهم لَا تدخل تَحت الْحصْر فيا قُرَّة أَعينهم إِذا سمعُوا تكفيره وَيَاسرورهم إِذا رَأَوْا من يكفره من أهل الْعلم فَالْوَاجِب على من يتلبس بِالْعلمِ وَكَانَ لَهُ عقل أَن يتَأَمَّل كَلَام الرجل من تصانيفه الْمَشْهُورَة أَو من ألْسِنَةِ من يوثق بِهِ من أهل النَّقْل فيفرد من ذَلِك مَا يُنكر فليحذر مِنْهُ قصد النصح([7]) ويثني عَلَيْهِ بفضائله فِيمَا أصَاب من ذَلِك كدأب غَيره من الْعلمَاء الأنجاب.
وَلَو لم يكن للشَّيْخ تَقِيّ الدّين من المناقب إِلَّا تِلْمِيذه الشهير الشَّيْخ شمس الدّين ابن قيم الجوزية صَاحب التصانيف النافعة السارة الَّتِي انْتفع بهَا الْمُوَافق والمخالف لَكَانَ غَايَة فِي الدّلَالَة على عَظِيم مَنْزِلَته فَكيف وَقد شهد لَهُ بالتقدم فِي الْعُلُوم والتمييز فِي الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم أئمة عصره من الشَّافِعِيَّة وَغَيرهم فضلا عَن الْحَنَابِلَة فَالَّذِي يُطلق عَلَيْهِ مَعَ هَذِه الْأَشْيَاء الْكفْر أَو على من سَمَّاهُ شيخ الْإِسْلَام لَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَلَا يعول فِي هَذَا الْمقَام عَلَيْهِ بل يجب ردعه عَن ذَلِك إِلَى أَن يُرَاجع الْحق ويذعن للصَّوَاب وَالله يَقُول الْحق وَهُوَ يهدي السَّبِيل وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل.
قَالَ وَكتبه أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن حجر الشَّافِعِي عَفا الله عَنهُ وَذَلِكَ فِي الْيَوْم التَّاسِع من شهر ربيع الأول عَام خَمْسَة وَثَلَاثِينَ وثمان مئة حامدا ومصليا على مُحَمَّد وَمُسلمًا هَذَا آخر كَلَامه". انظر "الأعلام العلية" تأليف الحافظ سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن موسى البزار الحنبلي (ص526-528).
3- شهادة الحافظ بدر الدين العيني الحنفي -رحمه الله- لشيخ الإسلام ابن تيمية وذبه عنه في تقريظه لـِ "الرد الوافر".
قال -رحمه الله- بعد مقدمة لهذه الشهادة والتقريظ:
"وبعد فإن مؤلف كتاب "الرد الوافر" قد جدَّ في هذا التصنيف البديع الزاهر وجلا بمنطقه السحار الرد على من تفوه بالإكفار لعلماء الإسلام والأئمة الأساطين والأعلام الذين تبوأوا الدار في رياض النعيم واستنشقوا رياح الرحمة من رب كريم فمن طعن في واحد منهم أو نقل غير صحيح عنهم فكأنما نفخ في الرمال واجتنى من خرط القتاد وكيف يحل لمن يتسم بالإسلام أو يتسمى بسمة أو علم أو فهم وإفهام أن يكفر من قبله عن ذلك سليم بهيج واعتقاده لا يكاد إلى ذلك يهيج ولكن لم يور زند طبعه في القريض لم يزل يجد العذب مرا كالمريض والعائب بجهله شيئا يبدي صفحة معاداته ويتخبط خبط العشواء في محاوراته وليس هو إلا كالجعل باشتمام الورد يموت حتف أنفه، وكالخفاش يتأذى بظهور سنا الضوء لسوء بصره وضعفه وليس له سجية نقادة ولا روية وقادة([8]) وما هم إلا صلقع بلقع سلقع صلمعة بن قلمعة وهيان بن بيان وهي بن بي وصل بن ضل وضلال بن التلال.
ومن الشائع المستفيض أن الشيخ الإمام العالم العلامة تقي الدين ابن تيمية من شم عرانين الأفاضل ومن جم براهين الأماثل الذي كان له من الأدب مآدب تغذي الأرواح ومن نخب الكلام له سلافة تهز الأعطاف المراح ومن ثمار أفكار ذوي البراعة طبعه المفلق في الصناعة الخالية عن وصمة الشناعة وهو الكاشف عن وجوه مخدرات المعاني نقابها والمنتزع عن عرائس أبكار المباني بكشف جلبابها وهو الذاب عن الدين طعن الزنادقة والملحدين والناقد للمرويات عن سيد المرسلين وللمأثورات عن الصحابة والتابعين
فمن قال إنه كافر فهو كافر حقيق ومن نسبه إلى الزندقة فهو زنديق وكيف ذاك وقد سارت تصانيفه في الآفاق وليس فيها شيء مما يدل على الزيغ والشقاق ولم يكن بحثه فيما صدر عنه في مسألة الزيارة والطلاق إلا عن اجتهاد سائغ بالاتفاق والمجتهد في الحالتين مأجور ومثاب وليس فيه شيء مما يلام ويعاب لكن حملهم على ذلك حسدهم الظاهر وكيدهم الباهر وكفى للحاسد ذما آخر سورة الفلق في احتراقه بالقلق
ألا وهو الإمام الفاضل البارع التقي النقي الورع الفارس في علمي الحديث والتفسير والفقه والأصول بالتقرير والتحرير والسيف الصارم على المبتدعين والحبر القائم بأمور الدين والأمار بالمعروف والناهي عن المنكر ذو همة وشجاعة وإقدام فيما يروع ويزجر كثير الذكر والصوم والصلاة والعبادة خشن العيش والقناعة من دون طلب الزيادة
وكانت له المواعيد الحسنة السنية والأوقات الطيبة البهية مع كفه عن حطام الدنيا الدنية.
وله المصنفات المشهورة المقبولة والفتاوى القاطعة غير المعلولة.
وقد كتب على بعض مصنفاته قاضي القضاة ابن الزملكاني رحمه الله:
ماذا يقول الواصفون له ***** وصفاته جلت عن الحصر
هو حجة لله قاهرة **********هو بيننا أعجوبة الدهر ".
4- و قال الحافظ جلال الدين بن عبد الرحمن السيوطي الشافعي (ت 911) في "طبقات الحفاظ" (ص516-517):
" ابْن تَيْمِية الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة الْحَافِظ النَّاقِد الْفَقِيه الْمُجْتَهد الْمُفَسّر البارع شيخ الْإِسْلَام علم الزهاد نادرة الْعَصْر تَقِيّ الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الْمُفْتِي شهَاب الدّين عبد الْحَلِيم ابْن الإِمَام الْمُجْتَهد شيخ الْإِسْلَام مجد الدّين عبد السَّلَام بن عبد الله بن أبي الْقَاسِم الْحَرَّانِي أحد الْأَعْلَام ولد فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وسِتمِائَة.
وَسمع ابْن أبي الْيُسْر وَابْن عبد الدَّائِم وعدة.
وعني بِالْحَدِيثِ وَخرج وانتقى وبرع فِي الرِّجَال وَعلل الحَدِيث وفقهه وَفِي عُلُوم الْإِسْلَام وَعلم الْكَلَام وَغير ذَلِك وَكَانَ من بحور الْعلم وَمن الأذكياء الْمَعْدُودين والزهاد والأفراد ألف ثَلَاثمِائَة مجلدة وامتحن وأوذي مرَارًا. مَاتَ فِي الْعشْرين من ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة".
وقال الجهول في (ص2) :
" وأحياناً أقول لمن اغتر بكلامه في التكفير، وفهمه على غير وجهه: أقوال ابن تيمية في التكفير يعني بها تكفير النوع لا العين، وفق القاعدة التي اخترعها وسار عليها إلى أن مات، وشهد على ذلك أخص أصحابه وطلابه، من كونه مات وهو لا يكفر أحداً من أهل القبلة. ومن نطق بتكفيره على التعيين - مع ندرته - فلأن الحجة قد قامت عليه عنده. فلا تحاول الترقيع له لأنك لن تستطيع، وغيرك كان أقدر على ذلك، لكنه لم يملك إلا التسليم([9]) بما ذكرته عنه، وإن كان يرفض الكلام فيه بحجة انتشار البدع في العصر الذي عاش فيه، وغيرها من الأعذار التي اختلقتها المرجئة للدفاع عن رموزهم، ومن يعظمونهم. فعظم السنة أكثر من تعظيمك للرجال، واحتكم للكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة، لا إلى عاطفتك وعقلك، واقرأ ما ذكرت لك من المقالات وغيرها، وتذكر موقف الأئمة من أمثال: ابن المديني، وابن معين، وابن كدام، وأبي ثور، وهشام بن عمار، والبخاري، وغيرهم، وجميعهم أعظم خطراً وأجل قدراً بكثير من ابن تيمية.
ثم أحيله على مقالة (موقف ابن تيمية من تكفير المعين)، ومقالة (بخصوص كلام ابن تيمية في تكفير الشافعي لحفص الفرد)".
أقول: إن شيخ الإسلام في التكفير على هدي الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح.
وكذلك أهل السنة الذين يقدرون شيخ الإسلام وجهاده العظيم في نصرة الكتاب ومنهج السلف الصالح إنما أحبوه و احترموه من أجل جهاده العظيم، ومع ذلك هؤلاء الذين تذمهم وتجهلهم ظلماً وبغياً لا يقتصرون على أقوال شيخ الإسلام، بل هم يتمسكون بنصوص الكتاب والسنة وبمنهج السلف الصالح، الذي يعرفونه حق المعرفة من مؤلفاتهم كـ"السنة" لعبد الله بن أحمد، و"السنة" للخلال، و"الشريعة" للآجري، و"شرح أصول اعتقاد أهل السنة" للالكائي، وغيرها، ويحاربون التقليد، فإذا وجدوا خطأ لعالم من السلف فمن بعدهم بيّنوا ذلك نصيحة لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم.
وكاتب هذا الرد دَرَّسَ عدداً من كتب العقائد، ويسير على منهج السلف سواء من صاحب الكتاب أو مما ينقله عن العلماء .
فلا تفترِ أيها الجهول على أهل التوحيد والسنة، ولا تصورهم بهذه الصورة المظلمة.
ولو كنتَ ممن يخشى الله ويتقيه للزمتَ غرز أهل السنة ولوقفتَ في صفهم بدل أن تشوههم بما يفرح اليهود والنصارى والروافض والخوارج وسائر أهل الضلال.
2- إن تكفير النوع وعلى وجه العموم هو منهج أئمة السلف، ومن يقع في الكفر وهو يعلم أنه كفر، ويصر عليه فإن أهل السنة السابقين واللاحقين يكفرونه، ومنهم شيخ الإسلام.
واشتراط إقامة الحجة على الجاهل المعين هو أمر دل عليه الكتاب والسنة، وسار عليه أئمة السنة، ومنهم الإمام أحمد، وقد وضحنا ذلك في الحلقة السابقة.
وأنت أيها الجهول لا ترفع رأساً بنصوص الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، ولا تتورع عن الكذب وتلفيق التهم الخطيرة على شيخ الإسلام وأهل السنة.
ومن أشد الكذب والفجور قولك: "وفق القاعدة التي اخترعها".
برأ الله شيخ الإسلام من اختراع القواعد الباطلة، الذي هو من منهجك الباطل.
وقولك : "وهو لا يكفر أحداً من أهل القبلة".
نعم، هو لا يكفر أحداً من أهل القبلة المسلمين؛ لنهي رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في عدد من النصوص عن تكفير المسلم، فشيخ الإسلام –رحمه الله- يسير على هذا المنهج، لا على منهج الخوارج والروافض الذي تسير عليه في تكفير أهل السنة وغيرهم من المسلمين الذين يحرم تكفيرهم.
وقولك: " فلا تحاول الترقيع له لأنك لن تستطيع، وغيرك كان أقدر على ذلك، لكنه لم يملك إلا التسليم بما ذكرته عنه، وإن كان يرفض الكلام فيه بحجة انتشار البدع في العصر الذي عاش فيه، وغيرها من الأعذار التي اختلقتها المرجئة للدفاع عن رموزهم، ومن يعظمونهم".
أقول: إن شيخ الإسلام لا يحتاج إلى الترقيع، لا سيما وأنت تحاربه بالجهل والكذب.
ثم من هو الذي يسلم من أهل السنة بافتراءاتك المهلهلة والهزيلة الواضحة في الكذب والجهل.
ورميك أهل السنة بالإرجاء من أكاذيبك وأكاذيب أسلافك الخوارج الذين فُقْتَهم بالكذب.
فأهل السنة يحاربون المرجئة وغيرهم بالحجج والبراهين، فدعك الافتراء عليهم ورميهم بما هم برءاء منه، بل ويحاربونه بالصدق والحجج والبراهين، لا بالأكاذيب.
وقولك : " فعظم السنة أكثر من تعظيمك للرجال، واحتكم للكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة، لا إلى عاطفتك وعقلك".
أقول: إنه ليصدق عليك قول الله تعالى (كبر مقتاً عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون)، لأنك لا تحتكم إلى الكتاب والسنة ومنهج السلف، ولو كنتَ تحكِّم هذه الأصول لكنتَ من أهل السنة قلباً وقالباً .
ولكن يصدق عليك وعلى أمثالك: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) الآية.
وقولك : " واقرأ ما ذكرت لك من المقالات وغيرها".
أقول : إن مقالك هذا المليء بالكذب والجهالات لدليل واضح على أن مقالاتك التي تحيل عليها قد ملأتها بالأكاذيب والضلالات والجهالات، فأنت تحيل على غير مليء.
وقال عماد الجهول في (ص2):
"وتذكر موقف الأئمة من أمثال: ابن المديني، وابن معين، وابن كدام، وأبي ثور، وهشام بن عمار، والبخاري، وغيرهم، وجميعهم أعظم خطراً وأجل قدراً بكثير من ابن تيمية".
أقول: إن ابن المديني ضعف في محنة القول بخلق القرآن، ولقد هجره الإمام أحمد، ولم يبدعه ولم يكفره، وعلى مذهبك هو كافر، وأما بقية أهل الحديث والسنة فعذروه وحفظوا له مكانته.
وأما ابن معين فقد وقع في شيء من الضعف في هذه المحنة، وقد غضب عليه الإمام أحمد، لكنه لم يبدعه، فعذره أهل الحديث وحفظوا له مكانته، وهذا وذاك بخلاف منهجك ومنهج الحدادية الخوارج.
قال سعيد بن عمرو البرذعي: سمعت الحافظ أبا زرعة الرازي يقول: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار ولا عن يحيى بن معين ولا عن أحد ممن امتحن فأجاب "سير أعلام النبلاء" (11/87).
أقول: وأما مسعر بن كدام فإنه وقع في شيء من الإرجاء، ولم يشتد عليه إلا سفيان الثوري، ولم يشهد جنازته من أجل هذا الإرجاء، وأما بقية أهل الحديث فحفظوا له مكانته، فهم ضلّال على مذهبك الحدادي الخارجي.
وأما هشام بن عمار، فقد قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/303-304) بعد أن ذكر من أثنى على هشام من علماء السنة كأبي زرعة الرازي:
"وقال المروزي: ذكر أحمد هشاما فقال: طياش خفيف.
قال المروزي: ورد كتاب من دمشق: سل لنا أبا عبد الله؛ فإن هشام بن عمار قال: لفظ جبريل ومحمد عليهما السلام بالقرآن مخلوق، فسألتُ أبا عبد الله فقال: أعرفه طياشا، قاتله الله لم يجترئ الكرابيسي أن يذكر جبريل ولا محمداً -صلى الله عليه وسلم-. هذا قد تجهم وفي الكتاب أنه قال في خطبته الحمد الله الذي تجلى لخلقه بخلقه فسألت أبا عبد الله فقال هذا جهمي الله تجلى للجبال([10]) يقول هو تجلى لخلقه بخلقه إن صلوا خلفه فليعيدوا الصلاة".
ثم ذهب الذهبي يعتذر له.
أقول: ومثل هذا أنت تكفره، فكيف تفضله على شيخ الإسلام المحارب للتجهم وغيره من الضلالات الكبرى والصغرى؟
وأما أبو ثور، فقد قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (12/72-73):
"أبو ثور ( د ، ق ) إبراهيم بن خالد ، الإمام الحافظ الحجة المجتهد ، مفتي العراق أبو ثور، الكلبي البغدادي الفقيه ، ويكنى أيضا أبا عبد الله . ولد في حدود سنة سبعين ومائة .
وسمع من : سفيان بن عيينة ، وعبيدة بن حميد([11]) ، وأبي معاوية الضرير ، ووكيع بن الجراح وابن علية، ويزيد بن هارون، ومعاذ بن معاذ ، وروح بن عبادة، وأبي قطن ، وأبي عبد الله الشافعي، وطبقتهم .
حدث عنه: أبو داود، وابن ماجه. وقيل : إن مسلما روى عنه في مقدمة " صحيحه "، وإنما روى عن إبراهيم بن خالد اليشكري، وهو آخر إن شاء الله. وروى عنه أيضا: قاسم بن زكريا المطرز ، وأحمد بن الحسن الصوفي ، وأبو القاسم البغوي ، ومحمد بن إسحاق السراج ، ومحمد بن صالح بن ذريح العكبري ، وخلق سواهم . وجمع وصنف .
قال أبو بكر الأعين : سألت أحمد بن حنبل عنه ، فقال : أعرفه بالسنة منذ خمسين سنة ، وهو عندي في مسلاخ ، سفيان الثوري .
وقال النسائي : ثقة مأمون ، أحد الفقهاء .
وقال أبو حاتم بن حبان : كان أحد أئمة الدنيا فقها وعلما وورعا وفضلا . صنف الكتب، وفرع على السنن ، وذب عنها ، رحمه الله تعالى . ذكره الخطيب ، وأثنى عليه".
وأما البخاري فمن الظلم أن تورده في هذا السياق، فهو بريء مما رمي به من القول: "إن لفظي بالقرآن مخلوق"، وقد كذَّب كل من رماه بهذا القول الباطل، وألّف كتابه "خلق أفعال العباد" في هذه المسألة وغيرها.
وقولك: " وجميعهم أعظم خطراً وأجل قدراً بكثير من ابن تيمية" من الكذب.
فهؤلاء على فضل أكثرهم -مع ضعف فيهم- لا يلحقون شيخ الإسلام في نشر التوحيد والسنة وجهاد أهل الضلال من الملاحدة والروافض والجهمية وعباد القبور، ولا يلحقونه في الصبر على المحن ، بل المسافة بعيدة بينه وبينهم في هذا الميدان، فإن كابرت فهات مؤلفاتهم في الروافض والجهمية وغيرهم.
فموازينك أيها الظلوم تقوم على الطيش والظلم.
وقال الجهول في (ص2):
"ثم أحيله على مقالة (موقف ابن تيمية من تكفير المعين)، ومقالة (بخصوص كلام ابن تيمية في تكفير الشافعي لحفص الفرد)".
أقول: بخصوص تكفير المعين فقد أسلفنا الكلام في العذر بالجهل، والأدلة عليه من الكتاب والسنة وكلام أعلام السنة، وهو يتناول المعين الجاهل.
وبخصوص كلام ابن تيمية في تكفير الشافعي لحفص الفرد، فهاك كلام شيخ الإسلام.
قال –رحمه الله- في "مجموع الفتاوى" (12/506-508):
"ولذلك قال الشافعي لحفص الفرد وكان من أصحاب ضرار بن عمرو ممن يقول القرآن مخلوق، فلما ناظر الشافعي وقال له: القرآن مخلوق، قال له الشافعي: كفرت بالله العظيم، ذكره ابن أبي حاتم في "الرد على الجهمية"، قال: كان في كتاب عن الربيع بن سليمان، قال: حضرت الشافعي، أو حدثني أبو شعيب، إلا أني أعلم حضر عبد الله بن عبد الحكم ويوسف بن عمرو بن يزيد فسأل حفصٌ عبدَ الله قال: ما تقول في القرآن؟ فأبى أن يجيبه، فسأل يوسف بن عمرو فلم يجبه، وكلاهما أشار إلى الشافعي، فسأل الشافعي، فاحتج عليه وطالت فيه المناظرة، فقام الشافعي بالحجة بأن القرآن كلام الله غير مخلوق وكفّر حفصاً الفرد، قال الربيع: فلقيت حفصاً في المسجد بعد هذا، فقال: أراد الشافعي قتلي.
وأما مالك بن أنس فنقل عنه من غير وجه الرد على من يقول القرآن مخلوق واستتابته وهذا المشهور عنه متفق عليه بين أصحابه.
وأما أبو حنيفة وأصحابه فقد ذكر أبو جعفر الطحاوي في الاعتقاد الذي قال في أوله: "ذكر بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة" على مذهب فقهاء الملة أبي حنيفة بن ثابت الكوفي وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني قال فيه: وأن القرآن كلام الله منه بدأ بلا كيفية قولا وأنزله على نبيه وحيا وصدقه المؤمنون على ذلك حقا، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة، ليس بمخلوق ككلام البرية، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر، وقد ذمه الله وعابه وأوعده عذابه وتوعده حيث قال: (سأصليه سقر)، فلما أوعد الله سقر لمن قال: (إن هذا إلا قول البشر) علمنا أنه قول خالق البشر، ولا يُشبه قول البشر.
وأما أحمد بن حنبل فكلامه في مثل هذا مشهور متواتر، وهو الذي اشتهر بمحنة هؤلاء الجهمية، فإنهم أظهروا القول بإنكار صفات الله تعالى وحقائق أسمائه، وأن القرآن مخلوق حتى صار حقيقة قولهم تعطيل الخالق سبحانه وتعالى، ودعوا الناس إلى ذلك، وعاقبوا لمن لم يجبهم إما بالقتل، وإما بقطع الرزق، وإما بالعزل عن الولاية، وإما بالحبس أو الضرب، وكفروا من خالفهم فثبّت الله تعالى الإمام أحمد، حتى أظهر الله به باطلهم، ونصر أهل الإيمان والسنة عليهم، وأذلهم بعد العز، وأخملهم بعد الشهرة، واشتهر عند خواص الأمة وعوامها أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وإطلاق القول بأن من قال إنه مخلوق فقد كفر".
أقول: لقد نقل شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (12/502-522) عن أئمة السنة أنهم يكفرون من يقول: "القرآن مخلوق"، وأطال النفس في ذلك.
وممن نقل عنه شيخ الإسلام الإمام الشافعي.
فقال في (ص506): ولذلك قال الشافعي لحفص الفرد: كفرت بالله العظيم.
لقد نقل شيخ الإسلام كلام الإمام الشافعي بالحرف، مقراً له، فماذا يريد هذا الجهول من شيخ الإسلام؟
ومما ينبغي التنبيه عليه أن الإمام الشافعي يشترط إقامة الحجة على من يقع في الكفر، وهنا لم يكفر حفصاً إلا بعد أن ناظره، وأقام عليه الحجة كما يرى القراء الكرام.
ولقد أسلفتُ في الحلقة السابقة الأدلة من الكتاب والسنة وتصريحات عدد من فحول الأئمة بالعذر بالجهل واشتراط إقامة الحجة على الجاهل، فلا يُكفَّر قبل إقامة الحجة عليه، فإن أقيمت عليه الحجة وعاند، فعند ذلك يُكفَّر ولا كرامة.
كتبه: ربيع بن هادي عمير المدخلي
21/9/1436ه

--------------------------------------------------------------------------------
[1] - انظر غيرته على أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وثناءه العاطر عليهم، وتفضيله لهم على سائر الأمم بعد الأنبياء.
[2] - كذا، ولعله: "للذين".
[3] - وتحريف الروافض للقرآن أكثر وأشد وأخبث من تحريف اليهود.
[4] - بل كفّروهم إلا القليل جداً منهم.
[5] - أي شيخ الإسلام.
[6] - يشير إلى أن خصوم شيخ الإسلام كانوا يرمونه بالتجسيم، وهذا افتراء عليه، فهو من أشد الناس محاربة للتجسيم والمجسمة والمعطلة، ويسير على منهج السلف الصالح في إثبات صفات الله على الوجه اللائق بالله، من غير تشبيه ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل.
[7] - ليس عند شيخ الإسلام أخطاء في العقائد، بل خصومه هم الواقعون في الضلالات، ومسألة شد الرحال إلى قبر النبي –صلى الله عليه وسلم- هو المصيب في منعها، وخصومه هم الواقعون في الباطل.
[8] - وعماد فراج الكذوب الجهول أولى بهذه الأوصاف من ابن البخاري الذي كفّر شيخ الإسلام ومن يصفه بشيخ الإسلام.
[9] - من هو الذي سلم لك أيها الجهول الكذوب بافتراءاتك وتكفيرك لشيخ الإسلام ومن سار على نهجه؟، اللهم إلا الروافض والخوارج والصوفية القبوريون الذين هدم شيخ الإسلام ضلالاتهم وما عندهم من كفريات.
[10] - كذا، ولعله: "للجبل" كما قال تعالى في قصة موسى: (فلما تجلّى ربه للجبل)، ولا يبعد أن يكون قوله: "للجبال" من تحريف بعض النساخ.
[11] - يعني: الحذَّاء.

http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=153411


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
طريقة عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:45 PM.


powered by vbulletin