من أدلة كفر الروافض تفضيلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه على الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فمن عقائد الرافضة الكفرية تفضيلهم أئمتهم على الأنبياء والرسل ويستثنون من هذا التفضيل محمداً صلى الله عليه وسلم، وبعضهم لا يستثني محمدا صلى الله عليه وسلم من هذا التفضيل.
وهذا التفضيل منهم لا يوجد دليل عليه من المنصوص، وإنما يركبون أوهاما على بعض النصوص منها ما هو صحيح ومنها ما هو ضعيف أو مكذوب.
وبيان كفرهم من وجوه أذكر بعضها:
أولاً: تكاثرت نصوص الكتاب والسنة المبينة وجوب الإيمان بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وبيان عظيم منزلتهم، وأنهم واسطة بين الله وبين خلقه في البيان وإقامة الحجة، وأن الوحي ينزل عليهم، وأن منهم من كلمه الله بغير واسطة، ومنهم من رفعه الله عنده وهو عيسى عليه السلام، وغير ذلك من خصائص الرسل والأنبياء.
فلا يصح إيمان عبد حتى يؤمن بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو الركن الرابع من أركان الإيمان.
ومن يكذب برسول واحد فهو كافر زنديق ولا يقبل إيمانه ببقية الأنبياء.
والنبي مأخوذ من النبوة وهو ارتفاع المنزلة، والرسول مأخوذ من الرسالة، فالله أرسلهم لما لهم من الخصائص {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [الحج: 75].
وهذه الخصائص ليست لأحد من البشر غيرهم، ولا تشترط في علي رضي الله عنه ولا في غيره من الصحابة، فضلا عن اشتراطها في بقية أئمة الاثني عشرية لا سيما المعدوم محمد بن الحسن العسكري.
فالتسوية بين الأنبياء والمرسلين وبين من دونهم من البشر كفر ظاهر وواضح ومناقض لما سبق بيانه.
ثانياً: أجمع العلماء على أن الأنبياء والرسل أفضل من بقية البشر جميعاً بغير استثناء، وذكروا أن هذا المعتقد لا يخطر ببال مسلم، وأنه من مقالات أهل الزندقة والإلحاد.
قال النووي في بستان العارفين ( 1 / 22 ) "قال القشيري: هل يجوز تفضيل الولي على النبي؟
قلنا: رتبة الأولياء لا تبلغ رتبة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام للإجماع المنعقد على ذلك".
وقد نص غير واحد من العلماء على أن تفضيل الولي على النبي كفر جلي، وهذا إجماع عند أهل السنة.
ثالثاً: الذي يفضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه على الأنبياء والرسل كافر بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومخالف له، لكونه رضي الله عنه كان مؤمنا تقياً، وكان رابع الصحابة بالفضيلة، وكان يقر بفضل أبي بكر وعمر وعثمان عليه.
صح عن علي رضي الله عنه أنه قال: "ولا يبلغني عن أحد يفضلني عليهما إلا جلدته حد المفتري".
فكيف بمن يفضله رضي الله عنه على الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام؟
رابعاً: الذي يفضل أحدا من البشر على الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام فهو مكذب بالكتاب والسنة والإجماع.
قال تعالى: { وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87) ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} [الأنعام: 83 - 90].
فقوله تعالى: {وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86)} [الأنعام: 86] صريح في تفضيل الأنبياء والرسل على جميع العالمين إنسهم وجنهم والملائكة وجميع المخلوقات.
قال أبو حيان في البحر المحيط في التفسير (4/ 576) : "و{وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} فيه دلالة على أن الأنبياء أفضل من الأولياء خلافا لبعض من ينتمي إلى الصوف في زعمهم أن الولي أفضل من النبي كمحمد بن العربي الحاتمي صاحب كتاب الفتوح المكية وعنقاء مغرب وغيرهما من كتب الضلال.
وفيه دلالة على أن الأنبياء أفضل من الملائكة لعموم العالمين وهم الموجودون سوى الله تعالى فيندرج في العموم الملائكة. قال ابن عطية: معناه عالمي زمانهم".
وقول ابن عطية إنما يراد به عند الكلام على تفضيل كل نبي على حدة، فهو أفضل أهل زمانه، فلا يلزم منه تفضيل واحد منهم على جميع الأنبياء، ولم يثبت هذا الفضل العام على جميع الأنبياء والرسل إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم.
وعن علي رضي الله عنه قال: " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال: " يا علي هذان سيدا كهول أهل الجنة وشبابها بعد النبيين والمرسلين ". رواه عبدالله بن الإمام أحمد في زوائده على المسند وعلى فضائل الصحابة رضي الله عنهم. وسنده حسن. انظر: [الصحيحة:824]
خامساً: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية (ص: 508) : "وكل من جعل غير الرسول بمنزلة الرسول في خصائص الرسالة فهو مضاه لمن جعل معه رسولا آخر كمسيلمة ونحوه وإن افترقا في بعض الوجوه ثم يكون هؤلاء شرا إذا فضلوا متبوعهم على الرسول وقد يكون اتباع مسيلمة شرا إذا كان متبوع هؤلاء مؤمنا بالله ورسوله ولم يفضلوه على الرسول".
سادساً: آية التطهير لا دليل فيها على تفضيل علي رضي الله عنه على أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فليس فيها دليل على تفضيله على الأنبياء من باب أولى.
وكونه كنفس رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يراد به من كل الوجوه كما يزعمه الزنادقة، بل إن أكثر الرافضة على أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل من علي رضي الله عنه بسبب الأدلة القاطعة بذلك، وكذلك تفضيل الأنبياء والمرسلين على علي رضي الله عنه بسبب الأدلة القطعية، بل الأدلة القطعية موضحة بأن أبا بكر وعمر وعثمان أفضل من علي رضي الله عنه.
ومن يفضل عليا على الأنبياء كمن يفضل الخضر عليه السلام على الأنبياء جميعا عليهم السلام، وهذا مخالف للإجماع.
سابعاً: قال عبد الله بن عمر: «كنا نخير بين الناس في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان» وهذا الحديث خرجه البخاري في صحيحه .
فمن يفضل عليا رضي الله عنه على هؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم فهو مخالف للسنة والإجماع.
فكيف بمن يزعم فضل علي رضي الله عنه على الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.
ثامناً: الرافضة زنادقة من وجوه عديدة، وليست هذه هي القضية الخاصة بتكفيرهم، بل ثبت كفرهم وزندقتهم من وجوه منها:
اعتقادهم في بعض البشر أنهم يعلمون الغيب المطلق، وأنهم يحيون الموتى، وأنهم بيدهم النار يدخلونها من شاؤوا، وأنهم يستغاث بهم في الملمات والشدائد فيما لا يقدر عليه إلا الله، ومنهم من يسجد للقبور، ويستنجد بالمقبور، ويعطون لأئمتهم بعض خصائص الربوبية والألوهية.
ومنها قولهم بتحريف القرآن الكريم.
ومنها تكفيرهم وسبهم لأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم واتهامهم أمنا عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه، وطعنهم في أمهات المؤمنين، وتكفيرهم معظم الصحابة رضي الله عنهم.
فجميع ما سبق كفر محض، بل كل خصلة مما سبق ذكر تكفر صاحبها فكيف بها مجتمعة؟!!
أما الكلام عن كذبهم وبدعهم والمتعة عندهم والخبال وفساد المعقول والمنقول عندهم فأكثر من أن يحصر.
{أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179]
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه:
أسامة بن عطايا العتيبي
15/ 1/ 1438 هـ