التعليق على أثر أبي الدرداء رضي الله عنه في بيان شيء من حقوق الأُخُوَّة "معاتبة المؤمن خير من فقده".
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فيقول الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" متفق عليه.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:
"معاتبة الأخ أهون من فقده.
ومن لك بأخيك كلِّه.
أعط أخاك وهب له.
ولا تطع فيه كاشحاً فيكون مثله.
غدا يأتيه الموت فيكفيك قَبْلَه.
كيف تبكيه في الممات وفي الحياة تركت وصله؟!"
رواه أبو عبد الله ابن مروان في الخامس والعشرين من فوائده(رقم94)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (47/ 170) من طريقين ثابتين عن إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن أبي الدرداء رضي الله عنه به.
وإسناده حسن.
وهذا من جيد حديث ابن عياش، لأن روايته عن الشاميين قوية.
التعليق
يرشد هذا الأثر من هذا الصحابي الجليل أبي الدرداء عويمر بن مالك الأنصاري رضي الله عنه إلى بعض حقوق الأخوة في الله.
فمعاتبة الأخ إذا وقع في خطأ أن ينصح، ويعاتب على فعله، وهذا أهون من معاداته إن كان مرجواً، وخير من تركه بدون نصيحة.
ومن أين ستجد شخصاً كاملاً.
فخذ ما تراه حسناً وتجاوز عنه فيما يصلح فيه التجاوز، مع نصحه فيما يحتاج إلى نصيحة.
ولا تطع فيه كاشحا أي عدواً مبغضاً مفرِّقا فيكون أخوك بسببه عدوا مبغضاً مفارقاً، وفي بعض الروايات: "فتكون" أي فتكون أنت بإطاعتك للعدو المبغض بمنزلته في العداوة والبغض والمفارقة.
واعلم أن الموت سيأتي لأخيك فيكفيك قبل أن تكون مطيعاً للعدو فتكتسب عداوته وفراقه وبغضه. فالموت مفرق الجماعات، وهاذم اللذات الدنيوية وهادمها.
فإذا مات فإنك ستبكي على أخيك وتحزن، فكيف ستبكي وتحزن وأنت في الحياة تركت وصاله ومناصحته وما وجب عليك من حق الأُخُوة في الله.
فاللهم احفظ علينا ديننا، واحفظ علينا أُخُوتنا في الله، وأصلح أحوال المسلمين، واغفر للمؤمنين والمؤمنات.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه:
أسامة بن عطايا العتيبي
9/ 1/ 1438 هـ