أيها المسلم: ساهم في رفع درجات أبيك وأمك في الجنة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإن العبد المسلم إذا مات انقطع عمله إلا من أمور فإنها تبقى دارة بالأجر والثواب عليه حتى بعد موته منها:
العلم النافع الذي علمه الناس وبقي انتفاع الناس به بعد موته.
الصدقة الجارية بأي نوع من أنواع الصدقات الجارية.
الولد الصالح الذي يدعو له ويستغفر له ويتصدق عنه ويفعل عنه الخيرات التي ورد في الشرع قبولها عن الميت كالحج والعمرة.
وإن المسلم مأمور ببر والديه والإحسان إليهما، وهذا الواجب الشرعي لا ينقطع بموت الوالدين، بل حتى بعد مماتهما فإن برهما مستمر.
ومن برنا بآبائنا وأمهاتنا -معاشر المسلمين- أن نجتهد في الدعاء لهما حال حياتهما وبعد مماتهما، وهذا من الأمور العظيمة الدالة على عظمة الإسلام وشرائعه، ومدى تعميق الإسلام للصلة بين الآباء والأمهات وأبنائهم، وبيان عظم وأهمية الترابط الأسري، وحفظ الجميل، ورد الجميل والمكافأة عليه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
وإن الولد ذكرا كان أو أنثى من كسب والديه، فإن ربياه وكانا سبب هدايته عاد أجر عمله إليهما.
وإن مما يساهم في رفع درجات الوالدين في الجنة الدعاء والاستغفار للوالدين.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا رب أنى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك "، وفي لفظ: "بدعاء ولدك له"
والحديث رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة وأحمد بن منيع والبزار والطبراني في الأوسط والدعاء وغيرهم وإسناده حسن. [الصحيحة:1598].
وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: "كان يقال: إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده. وقال بيديه نحو السماء. فرفعهما" رواه مالك في الموطأ والشافعي في الأم وابن أبي شيبة بسند صحيح.
وعن عمرو بن دينار رحمه الله: أن ابن عمر رضي الله عنهما أراد أن لا ينكح، فقالت له حفصة رضي الله عنها: " تزوج فإن ولد لك ولد فعاشوا من بعدك دعوا لك" رواه الشافعي في الأم، وابن سعد في الطبقات، والبيهقي بسند صحبح.
فاللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، وارحمهم، وارفع درجاتهم في عليين، وأسكنهم الفردوس، ومن كان حيا منهم فأحيه على الإيمان والهدى واليقين، وثبته على ذلك حتى يلقاك.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
كتبه:
أسامة بن عطايا العتيبي
23/ 6/ 1437 هـ