عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-09-2022, 12:58 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي الرد على كلام شيخنا الشيخ محمد ابن شيخنا ربيع المدخلي في موضوع حسين الكرابيسي وأمور أخرى

الرد على كلام شيخنا الشيخ محمد ابن شيخنا ربيع المدخلي في موضوع حسين الكرابيسي وأمور أخرى
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد اطلعت على رد عليّ من شيخنا الشيخ محمد ابن شيخنا ربيع المدخلي حفظهما الله عبر الواتساب، حول قضية الشيخ فركوس حفظه الله، وتشبيه شيخنا له بالكرابيسي، فأنكرت ذلك عليه، مع إنكاري عليه وصفه نصيحة الشيخ سالم موريدا بالدروشة، فكان من شيخنا الشيخ محمد رده هذا وسأقف معه بشيء من التفصيل العلمي السلفي.
الوقفة الأولى:
قال شيخنا الشيخ محمد ابن الشيخ ربيع: «لماذا تهربت عن الجواب عن قضية الإمام أحمد مع الكرابيسي؟!
فهل كان الإمام المبجل إمام أهل السنة أحمد بن حنبل مخطئا أو مصيبا هو ومن وافقه من الأئمة في الحكم على الكرابيسي؟ أجب لا تحد».
والجواب من وجوه:
الوجه الأول:استنكاري لهذا الاستفسار لأنه لا وجه له.
فلم أنكر قضية الكرابيسي، ولم أخَطّئ أحدا فيها، وإنما كان كلامي في تخطئة شيخنا الشيخ محمد تشبيهه للشيخ فركوس بالكرابيسي، وذكرت له استثناء وهو «إلا إن كان يرى والده الشيخ ربيع والشيخ عبيد مثل الكرابيسي فحينها لكل حدث حديث».
فلو أن شخصا جاء وشبه الشيخ ربيعا بالكرابيسي فدافعت عن شيخنا الشيخ ربيع ونفيت عنه هذا الشبه فهل أكون مشككا في قضية الكرابيسي؟!
لذلك بحث الشيخ محمد بن ربيع معي قضية الكرابيسي في غير محلها لأنها ليست موضع (جدال)، وإنما موضع (الجدال) هو التنزيل فقط!
وسيأتي مزيد بيان لقضية هذا التشبيه في الجزء الثاني من الرد بإذن الله.
الوجه الثاني:أن الإمام أحمد أصاب في قضية الكرابيسي، وكذلك أصاب أهل الحديث فيما قالوه فيه كما سيأتي بيانه، وأخطأ شيخنا الشيخ محمد ابن شيخنا ربيع في تنزيل القصة على الشيخ فركوس العالم السلفي المعروف، وخطؤه ناتج عن خلل في تصوير قصة الكرابيسي كما هي في الواقع.
هذا جواب صريح، والحيدة لا أعرفها، بل شيخنا محمد يعرف عني الصراحة والوضوح والشجاعة، وأني لا أخاف في الله لومة لائم -إن شاء الله-.
الوجه الثالث:رأيت في بعض تعاليق الشيخ اختزال مشكلة الكرابيسي بقضية اللفظ، ومع كونها عظيمة لكنها ليست وحدها، بل لها أخواتها، مما يجعلني أبين لشيخنا وللقراء قضية الكرابيسي باختصار:
1-ألف الكرابيسي كتاب المدلسين وتطاول فيه على علماء الحديث، ووصف فيه ابن الزبير رضي الله عنهما بأنه خارجي فوقع في لمز بعض الصحابة، وقوى بعض أمور الرافضة، فغضب منه أهل الحديث، ونصحوه، وذموه، ولكنه عاند وكابر.
قال الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 892) : «وقد تسلط كثير ممن يطعن في أهل الحديث عليهم بذكر شيء من هذه العلل، وكان مقصوده بذلك الطعن في أهل الحديث جملة، والتشكيك فيه أو الطعن في غير حديث أهل الحجاز، كما فعله حسين الكرابيسي في كتابه الذي سماه "بكتاب المدلسين". وقد ذكر كتابه هذا للإمام أحمد فذمه ذماً شديداً.
وكذلك أنكره عليه أبو ثور وغيره من العلماء.
قال المروذي: مضيت إلى الكرابيسي، وهو إذ ذاك مستور يذب عن السنة، ويظهر نصرة أبي عبد الله، فقلت له: إن كتاب المدلسين يريدون أن يعرضوه على أبي عبد الله، فأظهر أنك قد ندمت حتى أخبر أبا عبد الله.
فقال لي: إن أبا عبد الله رجل صالح مثله يوفق لإصابة الحق، وقد رضيت أن يعرض كتابي عليه.
وقال: قد سألني أبو ثور وابن عقيل، وحبيش أن أضرب على هذا الكتاب فأبيت عليهم. وقلت: بل أزيد فيه.
ولج في ذلك وأبي أن يرجع عنه، فجيء بالكتاب إلى أبي عبد الله، وهو لا يدري من وضع الكتاب، وكان في الكتاب الطعن على الأعمش والنصرة للحسن بن صالح، وكان في الكتاب: إن قلتم: إن الحسن بن صالح كان يرى رأي الخوارج فهذا ابن الزبير قد خرج.
فلما قرىء على أبي عبد الله، قال: هذا جمع للمخالفين ما لم يحسنوا أن يحتجوا به، حذروا عن هذا، ونهى عنه.
وقد تسلط بهذا الكتاب طوائف من أهل البدع من المعتزلة وغيرهم في الطعن على أهل الحديث، كابن عباد الصاحب، ونحوه.
وكذلك بعض أهل الحديث ينقل منه دسائس، إما أنه يخفي عليه أمرها، أو لا يخفى عليه، في الطعن في الأعمش، ونحوه كيعقوب الفسوي، وغيره».
فالكرابيسي انتصر للخروج على الحكام، ولمز بعض الصحابة، وفتح باب الطعن على أهل الحديث، وقوى من أمور الروافض ما قوّى.
2- أن الكرابيسي كان يبطن مذهب الجهمية لكنه كان يتستر بالسنة، وقد أفصح عن مذهبه، وفضحه الإمام أحمد، لذلك بارزه الكرابيسي بالعداوة، وصار يطعن في الإمام أحمد، ويتقصد الإساءة إليه، والوصول إلى تكفيره.
قال الذهبي في تاريخ الإسلام (5/ 1025)-وكذلك في سير أعلام النبلاء(11/289-290) -: : «وأول من أظهر اللفظ الحسين بن علي الكرابيسي، وذلك في سنة أربع وثلاثين ومائتين، وكان الكرابيسي من كبار الفقهاء.
فقال المروذي في كتاب القصص: عزم حسن بن البزاز، وأبو نصر بن عبد المجيد، وغيرهما على أن يجيئوا بكتاب المدلسين الذي وضعه الكرابيسي يطعن فيه على الأعمش، وسليمان التيمي. فمضيت إليه في سنة أربع وثلاثين، فقلت: إن كتابك يريد قوم أن يعرضوه على أبي عبد الله، فأظهر أنك قد ندمت عليه، فقال: إن أبا عبد الله رجل صالح، مثله يوفق لإصابة الحق. قد رضيت أن يعرض عليه. لقد سألني أبو ثور أن أمحوه، فأبيت، فجيء بالكتاب إلى أبي عبد الله، وهو لا يعلم لمن هو، فعلموا على مستبشعات من الكتاب، وموضع فيه وضع على الأعمش، وفيه: إن زعمتم أن الحسن بن صالح كان يرى السيف فهذا ابن الزبير قد خرج، فقال أبو عبد الله: هذا أراد نصرة الحسن بن صالح، فوضع على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد جمع للروافض أحاديث في هذا الكتاب، فقال أبو نصر: إن فتياننا يختلفون إلى صاحب هذا الكتاب، فقال: حذروا عنه، ثم انكشف أمره، فبلغ الكرابيسي، فبلغني أنه قال: سمعت حسينا الصائغ يقول: قال الكرابيسي: لأقولن مقالة حتى يقول أحمد بن حنبل بخلافها فيكفر، فقال: لفظي بالقرآن مخلوق، فقلت لأبي عبد الله: إن الكرابيسي قال: لفظي بالقرآن مخلوق. وقال أيضا: أقول: إن القرآن كلام الله غير مخلوق من كل الجهات، إلا أن لفظي بالقرآن مخلوق. ومن لم يقل إن لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر، فقال أبو عبد الله: بل هو الكافر، قاتله الله، وأي شيء قالت الجهمية إلا هذا؟ قالوا كلام الله، ثم قالوا: مخلوق. وما ينفعه وقد نقض كلامه الأخير كلامه الأول حين قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ثم قال أحمد: ما كان الله ليدعه وهو يقصد إلى التابعين مثل سليمان الأعمش، وغيره، يتكلم فيهم. مات بشر المريسي، وخلفه حسين الكرابيسي، ثم قال: أيش خبر أبي ثور؟ وافقه على هذا؟ قلت: قد هجره، قال: قد أحسن، قلت: إني سألت أبا ثور عمن قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فقال: مبتدع، فغضب أبو عبد الله وقال: أيش مبتدع؟! هذا كلام جهم بعينه. ليس يفلح أصحاب الكلام».
فالكرابيسي هو من اخترع بدعة اللفظية، وأراد إيقاع الإمام أحمد في فخ فتنبه له الإمام أحمد وبين تجهمه.
3- تكفير الكرابيسي لأهل الحديث المخالفين لقول جهم.
روى الخلال في السنة(7/ 71) عن أبي طالب ، قال : قلت لأبي عبد الله : قال أحمد بن إبراهيم الدورقي: إن الكرابيسي كان إلى جنبه فسمعه يقول : أخرَجوا أحمد البائس - يعني الشرّاك - من عبادان واستعدوا عليه السلطان حتى أخرجوه، هؤلاء الكفار بالله هم أعظم من اليهود والنصارى!
فقال أبو عبد الله : رجع أمره إلى أصل الجهمية لما كفّر وأظهر الجهمية قلت : كان هذا عقده فأظهره ؟ قال : نعم ».
فالكرابيسي قال عن أهل الحديث السلفيين: «هؤلاء الكفار بالله هم أعظم من اليهود والنصارى!».
فبالإضافة إلى كونه كان جهميا يقول بخلق القرآن واخترع بدعة «لفظي بالقرآن مخلوق» لتمرير مذهب الجهمية، مع تكفيره لأصحاب العقيدة السلفية وليس مجرد تخطئة أو تبديع! مع أن مخالفة أهل الحديث في هذا صريح الضلال وقول الجهمية كفر صريح.
4-من أسباب تحذير العلماء من الكرابيسي طعنه في الإمام أحمد.
قال الذهبي في ميزان الاعتدال(1/544) : «مقت الناس حسينًا لكونه تكلم في أحمد).
قال جَعْفَر الطيالسي : سمعت يَحْيَى بْن معين، وقيل له : إن حسينا الكرابيسي، يتكلم فِي أَحْمَد بن حنبل؟ قَالَ : ومن حسين الكرابيسي ؟ لعنه اللَّه، إنما يتكلم فِي الناس أشكالهم، يبطل حسين، ويرتفع أَحْمَد، قَالَ جَعْفَر : يبطل، يعني : ينزل، وهو الدردي الذي فِي أسفل الدن. انظر: تاريخ بغداد(8/ 611)، وطبقات الحنابلة(1/124).
وقال جعفر الطيالسي: قال يحيى بن معين، وقيل له: إن حسينا الكرابيسي يتكلم في أحمد بن حنبل، قال: ما أحوجه أن يضرب. تاريخ بغداد(8/ 611).
فهذه هي قضية الكرابيسي باختصار، وليست القضية خاصة بكونه أخطأ في مسألة اللفظ، لأن مسألة اللفظ لو قالها من يصرح بأن الكلام كلام الله غير مخلوق، وأن الله يتكلم بحرف وصوت، وأن المراد به حركات اللسان والهواء ونحو ذلك، ويكفر الجهمية ويحذر من عقيدتهم في اللفظ والقول بخلق القرآن فهذا لا يقال له إنه جهمي، ولكن ينبه على خطورة مشابهة الجهمية في العبارة، وننكرها عليه.
وقد كتب ابن قتيبة كتابا خاصا في هذه القضية «الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة».
فيتلخص ضلال الكرابيسي فيما يلي:
يقول بقول الجهمية بأن القرآن مخلوق، واخترع بدعة اللفظ للتوصل إلى هذا.
يكفر أهل السنة المخالفين للجهمية.
يطعن في بعض الصحابة رضي الله عنهم.
يزين الخروج على الحكام بالسيف.
كتب كتاب المدلسين فشنع على أهل الحديث وقدح في أئمتهم.
طعن في الإمام أحمد واحتال ليوقعه في الكفر بزعمه!
وهو ليس بثقة ومردود الرواية.
فمما سبق يتبين خطأ شيخنا محمد ابن شيخنا ربيع في قوله: «وليس خطأ كخطأ في الوزن والحكم» في ظنه أن خطأ الشيخ فركوس أعظم من خطأ الكرابيسي، بل الواقع هو العكس، وأنه لا تجوز مقارنة الشيخ العالم السلفي محمد علي فركوس بالجهمي الضال حسين الكرابيسي.

-------------------

الوقفة الثانية

قال شيخنا الشيخ محمد ابن الشيخ ربيع: «أعرف أنك تقصد الفتنة بين الولد ووالده ألا تتقي الله! ألا تستحي؟ ألا تعلم أن العقوق من الكبائر والعاق لا يدخل لجنة».
والجواب من وجوه:
الوجه الأول: ما تعرفه شيخنا محمد من أني أقصد الفتنة بينك وبين والدك لا أعرفه، ولا أقصده والله الذي لا إله غيره.
الوجه الثاني:تقوى الله توجب عليّ وعليكم تقديم مرضاة الله على مرضاة الوالدين، وتقديم طاعة الله على طاعة الوالدين.
فهل كان علي بن المديني عاقا بوالده لما سئل عنه وقال إنه ضعيف؟
وهل كان السائل له عن والده مذموما متهما بقصد الفتنة بين الابن وأبيه؟
وقبل ذلك كله رسولنا صلى الله عليه وسلم سئل عن والد رجل-وكان والده مشركا- فقال: «إن أبي وأباك في النار» رواه مسلم، وليس هذا من العقوق كما هو معلوم.
فكونك شيخنا تتحسس من هذه القضية فهذا حقك، لكن لا يحق لك اتهام غيرك بغير موجب شرعي.
الوجه الثالث:الحياء هو خلق يبعث على فعل الجميل، وترك القبيح، وبيان خطأ والدكم وشيخنا الشيخ ربيع حفظه الله سواء كان المبين ولده أو غيره ليس عقوقا، ولا يخالف الحياء الشرعي.
فالنصيحة الشرعية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالضوابط الشرعية لا يخالف الحياء ولا يخدش فيه أبدا.

--------------
الوقفة الثالثة

قال شيخنا الشيخ محمد ابن الشيخ ربيع: «وهذا أول وآخر رد... لن أتمادى مع من خلق للجدل».
الجواب من وجوه:
الوجه الأول:الرد العلمي عبادة وطاعة، ولا حاجة لتقييده بآخر مرة، وحتى لا تحرج نفسك عند الرد مرة أخرى، بل خذ راحتك شيخنا في أي وقت، فما كان من صواب فسأقبله، وما كان من خطأ فسأرده بالطريقة الشرعية السلفية إن شاء الله.
الوجه الثاني:أن الله عز وجل قال: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً} وهذه عامة كما قال البغوي (5/ 181) : «وقيل: هي على العموم، وهذا أصح» ثم ذكر حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت النبي عليه السلام ليلة، فقال: «ألا تصليان؟» فقلت: يا رسول الله، أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلنا ذلك ولم يرجع إلي شيئا، ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه، وهو يقول: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} [الكهف: 54] متفق عليه.
ووصف الله ذوات الحجال بقوله: {أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين}.قال السمعاني في تفسيره(5/ 95) : «أي: في الجدال ضعيف القول».
وبهذا القدر أكتفي..
وتمام الرد في الجزء الثاني بإذن الله.
والله أعلم
كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
13/ 2/ 1444هـ

التعديل الأخير تم بواسطة أسامة بن عطايا العتيبي ; 09-12-2022 الساعة 01:11 PM
رد مع اقتباس