عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 05-29-2018, 03:27 AM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي

الحلقة الثانية من التعليق الرزين على تحقيق الدكتور عبد الله البخاري لكتاب أصول السنة لابن أبي زمنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فقد كنت ذكرت ملاحظات عامة على تحقيق الدكتور عبدالله البخاري لكتاب أصول السنة لابن أبي زمنين، ومنها: « عاشراً: كثرة أخطائه العلمية والمنهجية في كلامه على الرواة، وفي تخريجه، وهذا يحتاج تفصيلاً سيأتي إن شاء الله».

وهذا أوان ذكر الملاحظات على سبيل التفصيل، سائلا الله التوفيق والتسديد.

رقم(1) تخريجه لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا، ثم قال: "هذا سبيل الله"، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال: "هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه"، وقرأ {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه..} الآية.

الملاحظات على تخريج الدكتور البخاري:

1- قال في الطبعة الجديدة «حديث صحيح»، ولم يقل في تصدير الحكم بأن سنده ضعيف رغم أنه ضعف اثنين من رجال إسناده! وكان في الطبعة الأولى قد قال: «إسناد المصنف ضعيف، والحديث صحيح»!!
وما ذكره غير صحيح كما سيأتي.

2- ضعَّف الإمام محمد بن وضاح القرطبي صاحب كتاب «البدع والنهي عنها»، وكتب فيما يتعلق به 15 سطراً، وذكر خلاصة حكمه عليه: «فالذي بدا لي من ترجمته أنه: صدوق كثير الخطأ، فلا يحتج به إذا انفرد، ويقبل في الاعتبار».
وهذا غلط، فابن وضاح إمام محدث مشهور، ولم ينتقده أحد في مصنفاته بأن مروياته فيها تصحيف وأغلاط، بل نجد الثناء من العلماء على هذا الإمام المحدث، فغاية ما يقال فيه إنه صدوق.

3- ضعف عاصم بن أبي النجود كما سبق التنبيه عليه، وذكر كلاما حوله في 21 سطراً، وإعلال حديث أو أثر بعاصم بن أبي النجود لم أجده عند أهل الحديث قاطبة! إلا إذا خالف الثقات فيذكر أنه وهم كحال غيره من الثقات أو الصدوقين.

4- في تخريجه للحديث قال: «وابن حبان في صحيحه(1/رقم6-7 الإحسان) وصححه!!». وهذا غلط، فإما أن يقول: صححه ابن حبان ويذكر موضعه في صحيحه، أو يقول: رواه ابن حبان في صحيحه ولا يذكر كلمة «وصححه».

5- ألم يلاحظ الدكتور أنه لما خرجه ذكر تصحيح أحمد شاكر له، وتحسين الشيخ الألباني لسنده، وتصحيح ابن حبان له، والحاكم لسنده، فكلهم يصححون سنده أو يحسنونه إلا الدكتور البخاري فجاء بما لم يأت به الأوائل والأواخر فضعف سنده!!

فلماذا تخالف العلماء؟!

6- ذكر أن الأعمش تابع عاصم بن أبي النجود، وهذا فيه نظر، لأن الأعمش مدلس، وقد رواه عن أبي وائل بالعنعنة، والأصل في عنعنة الأعمش عن أبي وائل أنها محتملة لكثرة روايته عنه، لكن وجود رواية عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل، وهو قد روى عنه غيرما رواية يضعف جانب حمل عنعته عن أبي وائل على السماع. والله أعلم.

7- ذكر أن للحديث طريقا أخرى عند البزار من طريق عمرو بن علي عن يحيى بن سعيد [عن] سفيان عن أبيه عن منذر الثوري عن الربيع بن خثيم عن ابن مسعود رضي الله عنه.
ثم قال: «وهذا إسناد صحيح جداً».

وهنا ملاحظات:
أولاً: وقع بدل ما بين المعقوفين في الطبعتين «بن» وهو خطأ مطبعي.
ثانياً: هذا الإسناد الذي رواه البزار قد خرجه البخاري في صحيحه. كتاب الرقاق.باب في الأمل وطوله(رقم6417) لكن عن شيخه صدقة بن الفضل عن يحي بن سعيد به بلفظ: «خط النبي صلى الله عليه وسلم خطا مربعا، وخط خطا في الوسط خارجا منه، وخط خططا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، وقال: " هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به - أو: قد أحاط به - وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا».
فكان ينبغي التنبيه على أن هذا سند حديث البخاري في الصحيح.
ثالثاً: أن البزار رحمه الله قد وهم في متنه، فقد رواه النسائي في الكبرى عن شيخه عمرو الفلاس عن يحيى القطان بسند البخاري ولفظه، وهكذا رواه عدد كبير من المحدثين بلفظ البخاري، وإنما تفرد البزار بذكر لفظه على ما يوافق رواية عاصم بن أبي النجود، وهذا من أوهام البزار رحمه الله، وهو مع ذلك ثقة لكن عنده أوهام.

هذه الملاحظات كلها على تخريجه لأول حديث، وسيأتي-إن شاء الله- ذكر ما في تعليقه على الثاني والثالث مما هو أعجب وأغرب!

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي

13/ رمضان / 1439 هـ
رد مع اقتباس