عرض مشاركة واحدة
  #124  
قديم 08-26-2015, 03:33 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي

تخصيص إبراهيم عليه السلام بذلك لأن الأمم التي تعترف بربوبية الله، وتزعم اتباع الأنبياء والتي بعد زمان إبراهيم عليه السلام ترجع إلى إبراهيم عليه السلام، فهو أبو الأنبياء والرسل من بعده.
فأهل الكتاب يرجعون في نسب أنبيائهم إلى إبراهيم عليه السلام.
وقبيلة قريش وعامة العرب يعودون في ملتهم إلى إبراهيم-سوى من دخل في دين أهل الكتاب أو كان دهريا-، وقريش تعود في نسبها إلى إسماعيل بن إبراهيم، وكانت في العرب بقايا من ملة إبراهيم قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكانوا يحجون ويعتمرون، ويعظمون الكعبة، حتى أنهم جعلوا تمثالاً لإبراهيم في الكعبة وهو يستقسم بالأزلام!! وهذا من إفك المشكين.
فشخصية إبراهيم كانت معظمة لدى العرب، ولدى الأعاجم من أهل الكتاب.
فكان لذكره بالحنيفية، وعدم الشرك، وبالأخلاق الحميدة حجة على الناس أجمعين لكونه معظما عندهم، ولأنهم ينسبون شركهم إلى إبراهيم عليه السلام كما قال تعالى: { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } [آل عمران: 65 - 68].

وقال تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141) [البقرة: 135].

فالخلاصة: أن تخصيص إبراهيم عليه السلام بالحنيفية لعدة أسباب:
الأول: لما كان عليه من التميز والتشريف الذي أعطاه الله إياه، والمواقف العظيمة التي وقفها لا سيما ضد علمين من أعلام الشرك في زمانهما وهو النمروذ وما حصل إبراهيم عليه السلام من الكرامة بتكسير أصنامهم، ونجاته من النار المحرقة العظيمة وجعل الله لها عليه بردا وسلاماً، وما حصل له مع ملك مصر في زمانه وإهدائه هاجر لسارة، وما كان في عهده من الأعمال العظيمة كبناء الكعبة، وكونها صارت قبلة لحج الأنبياء والرسل بعده، وإعمار مكة أم القرى بالعبادة والطاعة، وما قام به من بناء بيت المقدس على الأظهر، وإعماره بالتوحيد والطاعة.
فقد كان أُمَّةً كما وصفه الله بذلك في محكم التنزيل.
الثاني: لأن أهل الكتاب ينتسبون إليه ويزعمون أنه كان على ملتهم وأنهم على ملته.
الثالث: لأن قبيلة قريش وجميع العرب المستعربة تعود إلى إسماعيل بن إبراهيم نسباً فإبراهيم أبوهم.
الرابع: أن معظم العرب أو عامتهم كانوا يتدينون ببقايا من ملة إبراهيم عليه السلام مع تحريفهم وتبديلهم ونسبة شركهم إليه.

والله تعالى أعلم.
رد مع اقتباس