عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 09-05-2012, 12:22 AM
سفيان الجزائري سفيان الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف - هداه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,340
شكراً: 0
تم شكره 33 مرة في 31 مشاركة
افتراضي تتمة الحوار : حوار مع الشَّيخ عُبــَـــيْد بن عبَد الله الجَابـــِري حفِظهُ الله تعَالى - أجرى الحوار : الشَّيخ عز الدِّين رمضاني

13- الانحراف عن منهج السَّلف، لاشكَّ أنَّه آفة خطيرة وله معالم وسمات، هل للشَّيخ أن يذكر لنا أبرزها وأخطرها ؟
أقول، يعني أُتِــيَ النَّاس من بابين – حسب نظري – ودخل عليهم الانحراف منهما:
أحدهما : سوء الفهم ، وهذا سببه الجهل بشرع الله ، قد يكون الرَّجل مثقَّفًا ثقافة عاليَّة في علوم أخرى غير علم الشَّرع ، لكنَّه في علم الشَّرع جاهل ينصِّب نفسه للدَّعوة على غير بصيرة ، فيقع في تحريف نصوص ، ويقع في أمور لا تمتُّ للدِّين بصلة ، يظنُّها ميدانًا للدَّعوة ، فينجرف وراءه من ينجرف من النَّاس .
والثَّاني: سوء القصد، وهذا مسلك أهل الأهواء أهل البدع، هذا خلاصة الأسباب، ثمَّ يتفرَّع عن هذا، إذا قلنا ما أسباب الجهل مثلاً ؟
أسباب الجهل عدم اهتمام المربِّين بالعلم الشَّرعي ، من آباء وأمَّهات ووزارات تعليم إلاَّ ما رحم الله ، لا يهتَّمون بالعلم الشَّرعي عامَّة ولا بعلم التَّوحيد خاصَّة ، فتنشأ أجيال جاهلة تكون مصيدة لأهل الأهواء ، تذبح ثمينة لهم وغالية ، ومنها سكوت كثير ممَّن أوتوا نصيبًا من العلم الشَّرعي وترك الميدان خاليًا يكتفون بواحد أو اثنين ، قِلَّة ، وهم ينظرون كالمتفرِّج ، فهذا الجهل من اثنين أو ثلاثة أو عشرة بين ملايين النَّاس هذا يثمر لكن الثَّمرة قليلة ، وكان الواجب عليهم أن يتكاتفوا مع إخوانهم ، ولو بالمال في طبع كتب ، في بناء المساجد في حضِّ النَّاس على أخذ العلم من هؤلاء العلماء ونقلهم بسيَّارات .
ربَّما حَمَل على من يَتصدى للرُّدود بالحجَّة والبرهان سرًّا وعلنًا ، وهذا يفُّتُّ في العَضُد ، فيعني حتَّى من أوتوا علمًا - إلاَّ من رحم الله – يقلِّدون هذا المخدِّر المزهِّد في الرُّدود على أهل الأهواء ، هذا خلاف ما عليه السَّلف الصَّالح ، فإنَّ السَّلف يردُّ بعضهم على بعض ، يردُّ صاحب السُّنَّة الخطأ على أخيه ، على صاحب سنَّة آخر ، يردُّ عليه ، لا هذا خطأ ، هذا مخالف للدَّليل ويُبيِّن ، فالأسباب كثيرة أذكر هذه على سبيل المثال لا على سبيل الحصر .
14- سؤال تابع لما سبق من خلال ما ذكرتم بارك الله فيكم ، كيف يمكن أن نحصِّن الشَّباب السَّلفي من خطر أهل الأهواء وتلبيساتهم ؟
أقول : إذ التفَّ الشَّباب السَّلفي حول إخوانهم من أهل الدَّعوة إلى الله على بصيرة ، تحصينهم بالعلم ، والرَّبط بأهل العلم السَّابقين والأئمَّة ، لكن هي المشكلة إذا كانوا متفرِّقين ، أو كلُّ شباب يتَّبع شخصًا يظنُّونه هو الدَّاعي إلى الله ، وهذا من أقوي أسباب التَّثبيط ، وتنفير العزائم ، وفتح الباب أمام الأهواء ، ونصحيتــي وهي مكرَّرة أن يلتفَّ الشَّباب السَّلفي حول الدُّعاة إلى الله على بصيرة ، ويتحصَّنوا بالعلم ، بصغار المسائل قبل كبارها ، وعلى هؤلاء المربِّين المعلِّمين أن يبدؤوا أبناءهم ، طلاَّبهم ، تلاميذتهم ، بالتَّربية على صغار المسائل من أصول الدِّين ، ثمَّ يتدرَّجون ، يصبح النَّاشيء قد تأسَّس على أساس متين من الفقه في دين الله .
15- هناك شبهة يرِّوجها البعض في التَّفريق بين العقيدة والمنهج، وأنَّ كلمة "منهج"، لم ترد على ألسنة العلماء، ويكفي أن نعرف عن الشَّخص عقيدته دون النَّظر إلى منهجه، ما هو تعليقكم ؟
الدَّعوة إلى الله على بصيرة سبيلها الفقه في دين الله ، علمًا وتعليمًا ، قال صلَّى الله عليه وسلَّم : " مَنْ يُرِد الله بِه خَيْرًا يُفَقْهُ في الدِّينِ " فالسَّبيل الَّذي تنال به السَّعادة التَّامَّة العامَّة في الدُّنيا والآخرة هو الفقه في دين الله ، ومفهومه أنَّ من لا يريد الله به خيرًا لا يفقِّهه في الدِّين ، والفقه في الدِّين يقوم على ترسيخ العقيدة وترسيخ المنهج ، منهج محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم الَّذي جاء به من عند الله ، فالحاصل أنَّ هذين متلازمان ، لا تنفكُّ العقيدة عن المنهج ، ولا ينفكُّ المنهج عن العقيدة ، فالخوارج لــمَّا اختلَّ منهجهم اختلَّت عقيدتهم ، فاستحلُّوا دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم في الدُّنيا ، لأنَّهم يكفِّرون بالكبيرة ، وأمضوا الوعيد ، قالوا بإمضاء الوعيد على من مات مرتكبًا الكبيرة ، وألغوا الوعد ، أهل السُّنَّة – ولله الحمد – جمعوا بين هذا وهذا ، حذَّروا من الفسق ، من الكبائر والصَّغائر ، ويذكرون الوعد ترغيبًا والوعيد ترهيبًا ، وهكذا ، كلُّ من اختلَّ منهجه اختلَّت عقيدته ، فالإسلام عقيدة ومنهج ، الإسلام هو تربية على أحكام الله ، على مراضي الله ، والبعد عن مساخطه ومغاضبه ، هذا الَّذي يجب أن يعتقده المرء ، ويسلم له قولاً وعملاً واعتقادًا ، كما عرف أهل السُّنَّة الإيمان أنَّه : قول باللِّسان واعتقاد بالقلب وعمل الجوارح ، يزيد بالطَّاعة وينقص بالمعصية ، والمنهج الطَّريق الَّذي تقرَّر به أحكام الله ، العلميَّة وهي العقائد وأصول الدِّين ، والعمليَّة .
فمن قال: إنَّ المنهج مُحدث يردُّ عليه من النَّاحية اللُّغوية ومن النَّاحية الشَّرعيَّة، فالمنهج في اللُّغة هو الطَّريق، فإن كان واضحًا مستقيمًا، قيل: هذا منهج حسن جميل سديد سليم، وإن كان ذا عوج والتواء، قيل: إنَّه مُعوجٌّ وليس سديد.
والدَّليل على أنَّ المنهج لا تنفكُّ عنه الدَّعوة إلى الله على بصيرة قوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً}[المائدة:48]
قال ابن عباس رضي الله عنهما كما هو في صحيح البخاري: " سبيلاً وسنَّةً "
إذًا المنهج مع هذه الدَّعوة مع هذا الدِّين حين أنزله الله عزَّوجلَّ أوَّل ما أنزله على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، وجاء به إليهم وحيه ، وابن تيمية رحمه الله له كتاب سمَّاه " منهاج السُّنَّة " ، لكن أحيانًا يكون لمن يتوخَّى فيه الصَّلاح ، لمن يتوخَّى فيه الدَّعوة ، يخالط من أهل الأهواء ، ومن لا فقه عندهم في دين الله ، فتنطلق على لسانه عبارات فيَضِلَّ ويُضلَّ .
16- ما تعليقكم على من وصف الدُّعاة أهل السُّنَّة والأثر بأنَّهم غلاة ومتشدِّدون وغير ذلك من الألقاب ؟
أنا أسلفت فيما أسلفت وصيَّة الفضيل بن عياض رحمه الله فتَّذكروها وذكِّروا بها ، هذا أوَّلاً
ثانيًا: الصَّبر، فما انفكَّ أهل الأهواء عن حرب أهل السُّنَّة، بالسَّيف إن استطاعوا، وإلاَّ
بكلمات الفحش والبذاءة، ووصفهم ممَّا يعلم الله أنَّهم منه أبرياء، براءة الذِّئب من دم يوسف صلَّى الله عليه وسلَّم، والصَّابوني رحمه الله يذكر في كتابه " عقيدة السَّلف أصحاب أهل الحديث " : " أنَّ من علامات أهل البدع وقيعتهم في أهل الأثر "
ونقول لمسنا هذا ، فما يفرح أهل الأهواء بشيء فرحهم بالألقاب البذيئة الوقحة الفاحشة المفحشة ، ذلك لأنَّهم يجدون فيها التَّنفير ، ومن ثمَّ اصطياد من قلَّ فقهه في دين الله ، هذا ليس بخفي ، نحن نربِّــي أبناءنا وأهلينا وننشر بين إخواننا سنَّة محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم ، كما جاءت في الكتاب الكريم وجاءت بها السُّنَّة الصَّحيحة ودعا إليها الأئمَّة ، فَنِعْمَ الغلوُّ هذا ، يسمُّونه غلوًّا ، وأنتم تعلمون – بارك الله فيكم – أنَّه ليس بأيدنا سلطان ، بأيدينا البيان ، فمن رزقه الله البيان من معدنه الصَّافي ، وهو الكتاب والسُّنَّة وعلى فهم السَّلف الصَّالح ، نفعت دعوته ولو بعد حين ، أحيانًا لا تظهر إلاَّ بعد موته بسنين .
والمقصود الصَّبر والمصابرة ، وردُّ الشُّبه والمحدثات بالدَّليل الشَّرعي الَّذي يقبله المنصف ومن علم الله فيه خيرًا وسبق في علمه أنَّه من أهل الهدى ، وتقوم به الحجَّة على المخالف ، هذه هي مهمَّتنا ، يقول تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ سورة آل عمران ] ونتذكَّر قوله تعالى : { وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِعَنْ ضَلَالَتِهِمْ } [ النمل :81] ، وقوله تعالى : { لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [ البقرة :272 ] ، وقوله تعالى : { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } [ القصص :56 ]، هذه هداية التَّوفيق والقبول حجبها الله عزَّوجلَّ عنَّا ، هي إليه ، لا يملكها أحد من خلقه ، لا مَلَك مقرَّب ولا نبيٌّ مرسل ولا من دونهما من صالحي عباد الله والدُّعاة إلى الله ، هذه هداية القبول ، وأمَّا هداية الإرشاد فيؤتيها الله سبحانه وتعالى من كان عنده علم وفقه في دين الله وحسن دعوة إلى الله على بصيرة ، وهذه ذكرها في قوله تعالى : { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [ سورة الشورى ] ، تهدي يعني تبيِّن وتَدلَّ ، فإذا تذكَّرنا أنَّ من قبلنا ابتلى ، ابتلى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وابتلى الدُّعاة إلى الله على بصيرة بعده ، قال صلَّى الله عليه وسلَّم : " يُبْتَلَى المــرْءُ عَلَى قَدْرِ دِينِهِ ، فأشَدُّ النَّاسِ بلاءً الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْــثَلُ فَالأَمْـــثَلُ " ، وهذه – ولله الحمد – ما سمعنا بها ، وصف دعاة السُّنَّة والأثر بأنَّهم غلاة إلاَّ من المنحرفين وأذنابهم ، يسمُّون الرُّدود غلوًّا ، ويسمُّونهم جرح المجروحين غلوًّا ، والجرح والتَّعديل من دين الله ، من الدَّعوة إلى الله عزَّوجلَّ ، هو من طرق الدَّعوة إلى الله ، ، ومن نظر في كتب التَّراجم نظرة مسترسل عرف ذلك ، ومقصدهم ما ذكرتم أنَّهم ينفِّرون من أهل السُّنَّة ، وكذلك فتح الباب للمبتدعة حتَّى لا يُــرَد عليهم ولا يقبل أهل السُّنَّة قول أهل العلم في أهل الأهواء ، لكن يأبــى الله سبحانه وتعالى إلاَّ أن يتمَّ نوره ، ويقيم حجَّته ، وعلينا أن لا نعجل ، وأن نستمرَّ في دعوتنا ، عليك بطرق الهدى ولا يضرَّك قلَّة السَّالكين ، وإيَّاك وطرق الضَّلالة ولا تغترَّ بكثرة الهالكين
17- هل من نصيحة موجزة توجِّهها – فضيلة الشَّيخ – إلى بقايا التَّكفير والإرهاب الَّتى لا تزال تمارس شيئًا من نشاطها ، إمَّا عن طريق الفكر ، وإمَّا عن طريق العمل المسلَّح ، هل من نصيحة تسدونها إليهم ؟
هؤلاء خوارج ، سلفهم أوَّلاً ذو الخويصرة التَّميمي ، ثمَّ السَّبئيَّة ثمَّ أهل النَّهروان ، وليس لهم من إمام هو سلف لهم ، ما يروي عن الحسن البصري وغيره هم رجعوا عنه ، تبيَّن الحقُّ ، فإن كانوا يعقلون فليرجعوا ، هذا أمر .
والأمر الآخر : هم يستحلُّون دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم ، والشَّيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله يكفِّرهم في غير ما موطن ، كفَّر هؤلاء الخوارج ، وأنا أميل إلى هذا ، لكن لم أجْرُؤ عليه حتَّى السَّاعة .
المقصود : المتَّفق عليه أنَّهم على ضلال ، وأنَّ نهجهم فاسد ومسلكهم باطل ، فإذا أرادوا السَّلامة لأنفسهم في دينهم ودنياهم وآخرتهم فليعودوا إلى مذهب السَّلف الصَّالح ، لأنَّ السَّلف الصَّالح هم كلُّ من مضي بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على أثره ، وأساسهم الصَّحابة ، ثمَّ أيضًا أئمَّة التَّابعين مثل سعيد ابن المسيِّب وعروة بن الزُّبير وأبي العالية الرِّياحي وعامر الشَّعبي ، ومن بعدهم مثل الإمام مالك والشَّافعي وأحمد ومن بعدهم من الأئمَّة ، ليسوا هم على ما عليه هؤلاء ، ولكن إذا غلبت الشِّقوة واستسلم المرء للبدع فلا حيلة ، نحن ليست عندنا حيلة نردُّ بها هؤلاء ، إلاَّ النَّصائح .
والحمد لله ، لــمَّا حصل ما حصل في قطركم نفع الله بأشرطة العلماء وطلاَّب العلم ، نزل أناس كثر من هؤلاء ، تركوا مواقعهم في الجبال والغابات والشِّعاب وانضمُّوا إلى جماعة المسلمين في البلد ، وهذا أيضًا لو كانت البقيَّة عاقلة لأفادت من هذا ، ولله الحمد .
فنسأل الله أن يعجِّل هداية من كان فيه خير منهم ، ويردَّه إلى الصَّواب ردًّا جميلاً ، ومن ليس فيه خير نسأل الله أن يعجِّل بهلاكه ويكفينا شرَّه بما شاء .
18- بارك الله فيك شيخنا، شيخنا هل من نصيحة لأهل بلدنا وولاة الأمور عندنا.
نحن أوَّلاً وأعني أهل السُّنَّة ونحن منهم ولا فخر، أنَّنا لا نقرُّ أحدًا على معصيته، سواء كان حاكمًا أو محكومًا.
وثانيًا : نأمر بالمعروف وننهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة
وثالثًا: إن كانت المعصية من وليِّ الأمر في نفسه أو من غيره مقرًّا لها ، فأهل السُّنَّة لهم أربعة أوصاف :
الموقف الأوَّل : التَّرغيب في الطَّاعات والتَّحذير من المعاصي وبيان خطرها وفشوها في البلد ، وفق الدَّليل الشَّرعي دون مَسَاس بكرامة الآخرين ، فلو أنَّ الدَّاعي قال في شارع كذا بجوار بيت كذا ، فهذه فضيحة وليس نصيحة ، بل بعض الدُّعاة يصدر من أفواههم ما هو إشاعة للفاحشة ، يذكرون أماكن الدَّعارة ، أماكن الخمَّارات فمن كان غافلاً عنها عرفها ، والعقلاء لا يرضون هذا .
الثَّاني : بعض ما يصدر من وليِّ الأمر من معصية ، سواء منه فعلاً أو إقرارًا ، يبغضونها عليه عَلَنًا ، ولا يظهرون الشَّناعة عليه ، ولا يشيعون خطأه ولا يشهرون به في المحافل ، سواء كانت إعلاميَّة كالتَّلفزة والصَّحافة والإذاعة ، أو علمية كالخطب والمحاضرات والنَّدوات .
الموقف الثَّالث : أنَّهم يدعون النَّاس إلى جمع الكلمة على من ولاَّه الله أمرهم من المسلمين ، ويشدِّدون في عدم الخروج عليه ، فهم يصلَّون خلف من ولاَّهم الله أمرهم أو نوَّابهم أبرارًا كانوا فجَّارًا ، فيعتقدون أنَّ من خصائصه الجهاد ، ومن خصائصه الحجّ ، ومن خصائصه إقامة الجمعة ، مهما يكن حاله
الموقف الرَّابع: النَّصيحة له سرًّا، مشافهة وفي سرِّية، حتَّى عن أقرب النَّاس إليه إن أمكن، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: " مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بيَدِهِ فَإِنْ قَبِلَ منْهُ فَذَاكَ وَإلاَّ كانَ قَدْ أدَّى الَّذي عَلَيْهِ لَهُ "
أوَّلاً : أنَّ ما يسلكه بعض من ينتسبون إلى الدَّعوة من التَّشهير بأخطاء الحاكم والتَّشنيع عليه علنًا ، هذا خطأ ، وليس من السُّنَّة في شيء ، بل هو مسلك أهل الأهواء ، ويسميِّهم العلماء القدامى ، الخوارج القعديَّة أو القاعديَّة .
ثانيًا : النَّصيحة سرًّا
ثالثًا: براءة الذِّمَّة بالنَّصيحة على هذا الوجه الَّذي جاء به الحديث، وأنَّه لا وجه آخر ولا سبيل آخر يسلكه النَّاصح، إذ لو كان سبيل آخر لبيَّنه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
19- جزاكم الله خيرًا شيخنا نفع بكم، هل من نصيحة توجِّهونها إلى بعض الأخوات في الجزائر لتشجيعهنَّ على طلب العلم ، وما هي السُّبل للإسهام والمشاركة في الدَّعوة إلى الله عزَّوجلَّ لأنَّهنَّ " شَقَائِقَ الرِّجَالِ " كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم ؟
المرأة عليها أوَّلاً أن تتعلَّم، تجتهد في تحصيل ما يتيسَّر لها من العلم، وإن كان المتيسَّر لها أقل ممَّا يتيسَّر للرِّجال، لكنَّها تستعين بالله وتسلك ما يتيسَّر لها من السُّبل النَّافعة في تحصيل العلم الشَّرعي، والفقه في دين الله.
الثَّاني : أن تقتصر دعوتها على بنات جنسها ، ولا تعرض نفسها لمخاصمة الرِّجال ، ومناطحتهم بالكلام في الصَّحافة أو الأنترنت أو في غير ذلك ، تقصر مهمَّتها على بنات جنسها ، وقد عرفنَّا أنَّ بعض الرِّجال إذا عرضت امرأة نفسها للخصومة ، أقذع فيها بالكلام الفاحش ، ولربَّما تعرَّض لعرضها ، خدش بكرامتها ، وهذا كثير من أهل الأهواء ومن المتفحِّشين .
نصيحتي لبناتنا أن لا يُنْشِئْنَ نوادي في النَّت ، أو نوادي نسائيَّة ، أنا أقول : ثبت عندي أنَّها غير مأمونة ، فلرَّبما دخلت امرأة مريضة داعية إلى فجور أو بدعة ولربَّما دخل رجل مريض القلب بكنية امرأة ، تقصر دعوتها على بنات جنسها فيما يقدِّرها الله سبحانه وتعالى عليه ، ولا تحاول أن تسلك مسالك الرِّجال ، ومن هنا ما علم أنَّ امرأة من الصَّحابيَّات الفاضلات ومن أمَّهات المؤمنين ولا مَن بعدهن من التَّابعيات الخيِّرات أنَّهن يسافرن ويرحلن من أجل الدَّعوة ، أنا ما علمت هذا ، هل تعلمون به شائخ ؟ أنا حتَّى السَّاعة لا أعلم ، ولهذا أنا لا أنصح بناتنا في الجزائر وفي غيرها أن يتجوَّلن للدَّعوة .
نعم ، إذ زارت أقارب لها في مكان في منطقة وجلست في بيت واحدة أو في المسجد يأتيها بنات جنسها ويتعلَّمن منها هذا لابأس ، أمَّا أنَّها تشدُّ الرِّحال كما يشدُّ الرَّجل فلا ، نعم لو سافرت برفقة زوجها إلى مكان الدَّعوة ، فهو يكون مع الرِّجال وهي مع النِّساء ، هذا لا مانع منه ، أمَّا تذهب هي بنفسها راحلة إلى الدَّعوة مستقلَّة ، هذا لا أعلم له نظيرًا في عهد الأئمَّة والسَّلفيَّات من النِّساء .

أحسن الله إليك شيخنا وبارك الله فيكم، وبارك الله في عمركم وجهودكم.
جزاكم الله خيرًا ، شكَّارون ، وجمعنا الله في دار كرامته كما جمعنا على طاعته ، وهيَّأ الله لنا من يكمل الرُّشد من أمرنا وأعاننا على ما ننشر به الدَّعوة على الله إلى بصيرة ..

المصدر: العدد الثَّلاثون من مجلَّة الإصلاح السَّلفية – الجزائر

التعديل الأخير تم بواسطة سفيان الجزائري ; 09-05-2012 الساعة 02:31 PM
رد مع اقتباس