عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-12-2010, 06:40 AM
رضا عثمان المرساوي رضا عثمان المرساوي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 72
شكراً: 0
تم شكره 7 مرة في 7 مشاركة
افتراضي صلاة العيد في المدرسة "العلامة أبي عبد المعز علي فركوس حفظه الباري"

صلاة العيد في المدرسة
السؤال: هل تشرع صلاة العيد بمدرسة بجوار المسجد يصلي فيها الرجال، وأخرى تصلي فيها النساء يفصل بينهما طريق عمومي، مع بقاء المسجد خاليا اعتقادا للأفضل في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيد في المصلى؟ وهل تصح الصلاة مع أن الصفوف يقطعها طريق عمومي؟

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، أمّا بعد:
فالأصل جواز اقتداء المأموم بالإمام ولو كان بينهما حائل إذا علم المقتدي انتقالات إمامه برؤية أو سماع، ويعضد هذا الأصل فعل أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه صلى على ظهر المسجد بصلاة الإمام، وفعل أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه كان يجمع في دار أبي نافع عن يمين المسجد بصلاة الإمام، ويأتم بالإمام مع سكوت الصحابة على فعله(١) وهذا إنما يحمل على الحاجة والعذر توفيقا بينه وبين الأمر الوارد بوصل الصفوف وسد الفرج في جملة من الأحاديث الثابتة في هذا الموضوع، ومن تلك الأعذار الموجبة لفعل الصحابة امتلاء المسجد واشتداد الزحام، فلا يُصَفُّ ويُصلَّى مع خلو المسجد، لذلك صلى هشام وأبوه عروة في دار عند مسجد قد امتلأ بصلاة الإمام بينهما طريق(٢)، وفي هذا المعنى يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (إذا امتلأ المسجد بالصفوف صفوا خارج المسجد فإن اتصلت الصفوف حينئذ في الطرقات والأسواق صحت صلاتهم، وأما إذا صفوا وبينهم وبين الصف الآخر طريق يمشي الناس فيه لم تصح صلاتهم في أظهر قولي العلماء، وكذلك إذا كان بينهم وبين الصفوف حائط بحيث لا يرون الصفوف، ولكن يسمعون التكبير من غير حاجة، فإنه لا تصح صلاتهم في أظهر قولي العلماء، وكذلك من صلّى في حانوته والطريق خال لم تصح صلاته وليس له أن يقعد في الحانوت وينتظر اتصال الصفوف به، بل عليه أن يذهب إلى المسجد، فيسد الأول فالأول)(٣).
قلت: لو لم يكن التزام الصف وسد الفُرج واجبا إلا من عذر لصحت الصلاة وراء الإذاعة المسموعة والمرئية، وهذا خلاف ما عليه الفتوى الشرعية.
أما عن صلاته صلى الله عليه وسلم للعيد إنما كانت في المصلى(٤) وهو الصحراء أو الفضاء خارج البلد القريب منه عرفا، ولم يثبت عنه أنه أداها في المسجد، وبناء عليه فالسنة عند الجمهور أن موضع أدائها المصلى لا المسجد إلا من ضرورة أو عذر، ما عدا مكة فالأفضل أداؤها في الحرم المكي لشرف المكان وهذا خلافا للشافعية الذين يرون أنّه إذا كان المسجد ضيقا فالسنة أن تصلى في المصلى وإن كان واسعا فالأفضل الصلاة في المسجد.
ولا يخفاك أن العلماء إنما اختلفوا في الأفضلية في هذين الموضعين دون سواهما، وإيقاع صلاة العيد داخل المدرسة خارج عن الموضعين السابقين إذ لا يطلق -فيما أعلم- اسم المصلى بالمعنى العرفي على ساحة المدرسة ولا على فنائها، وعليه فإن الصلاة بهذا الاعتبار تكره لعدم وقوعها على الوجه المطلوب شرعا، بل قد لا تصح للعدول عن المسجد وإخلائه عن المصلين والانتقال بهم إلى المدرستين بجواره فضلا عن انقطاع الصف بالطريق العمومي ولذلك ينبغي أن تؤدى الصلاة في المصلى لفعله صلى الله عليه وسلم إن أمكن، فإن تعذر أدوها في المسجد وإن ضاق وخرجت الصفوف عنه فيسد الأول فالأول ولو وصلوا إلى المدرستين أو تجاوزوهما فإنّ الصلاة بهذا الاعتبار صحيحة لا غبار عليها.
والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين وسلم تسليما.

١- انظر " نيل الأوطار للشوكاني" ( 4/104 ) .

٢- " مصنف عبد الرزاق" ( 3/82 ) .

٣- " مجموع الفتاوى " ( 23/410 ) .

٤- للشيخ الألباني رسالة في سنية العيد في المصلى، فراجعها.
__________________
www.rabee.net
رد مع اقتباس