عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-16-2017, 05:53 AM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي من الأداب النبوية: لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء فإن الشياطين تبعث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء

من الأداب النبوية: لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء فإن الشياطين تبعث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فمن الآداب النبوية: النهي عن إرسال الفواشي وهي كل شيء ينتشر من المال، كالغنم، والإبل السائمة، ونحوها، حتى تذهب فحمة العشاء وهي شدة سواد الليل وظلمته، وإنما يكون ذلك في أول الليل.[انظر: النهاية في غريب الحديث(3/ 449، 3/ 417)].

وكذلك الأمر بكف الصبيان عن الخروج من البيوت حتى تذهب فحمة العشاء.


عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم.

وأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا

وأوكوا قربكم واذكروا اسم الله

وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله ولو أن تعرضوا عليه شيئا

وأطفئوا مصابيحكم». متفق عليه.

وفي لفظ للبخاري: «خمروا الآنية، وأوكوا الأسقية، وأجيفوا الأبواب واكفتوا صبيانكم عند العشاء، فإن للشياطين انتشارا وخطفة، وأطفئوا المصابيح عند الرقاد، فإن الفويسقة ربما اجترت الفتيلة فأحرقت أهل البيت».

وفي لفظ عند مسلم: "«غطوا الإناء، وأوكوا السقاء، وأغلقوا الباب، وأطفئوا السراج، فإن الشيطان لا يحل سقاء، ولا يفتح بابا، ولا يكشف إناء، فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودا، ويذكر اسم الله، فليفعل، فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم».

وفي لفظ لمسلم: «غطوا الإناء، وأوكوا السقاء، فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء، لا يمر بإناء ليس عليه غطاء، أو سقاء ليس عليه وكاء، إلا نزل فيه من ذلك الوباء».

وفي لفظ لمسلم: «لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء، فإن الشياطين تنبعث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء».

وجميع الروايات السابقة صحيحة مخرجة في الصحيحين أو في أحدها.

وفي لفظ الحميدي في مسنده-من طريق زهير عن أبي الزبير أنه سمع جابرا رضي الله عنه به-:

«كفوا صبيانكم عند فحمة العشاء،

وإياكم والسمر بعد هدأة الرجل،

فإنكم لا تدرون ما يبث الله من خلقه،

فأغلقوا الأبواب، وأطفئوا المصباح، وأكفئوا الإناء، وأوكوا السقاء». وسنده صحيح.


وفي لفظ: " إذا سمعتم نباح الكلاب، ونهاق الحمير من الليل، فتعوذوا بالله، فإنها ترى ما لا ترون،

وأقلوا الخروج إذا هدأت الرجل، فإن الله يبث في ليله من خلقه ما شاء،

وأجيفوا الأبواب، واذكروا اسم الله عليها، فإن الشيطان لا يفتح بابا أجيف، وذكر اسم الله عليه، وأوكوا الأسقية، وغطوا الجرار، وأكفئوا الآنية ".

رواه الإمام أحمد، والبخاري في الأدب المفرد، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وغيرهم من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن عطاء بن يسار عن جابر رضي الله عنه به وسنده حسن، وصرح محمد بن إسحاق بالتحديث عند أبي يعلى وابن حبان. [الصحيحة: 1518]

وما يتعلق بنهيق الحمير ونباح الكلاب وصياح الديكة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنه رأى شيطانا» متفق عليه.

وهذا مقيد بالليل كما في رواية جابر السابقة، وكما في رواية لحديث أبي هريرة رضي الله عنه خرجها الإمام أحمد في المسند، والبخاري في الأدب المفرد وغيرهما بسند صحيح، ولفظه: "إذا سمعتم صياح الديكة من الليل فإنها رأت ملكا فسلوا الله من فضله وإذا سمعتم نهاق الحمير من الليل فإنها رأت شيطانا فتعوذوا بالله من الشيطان".

وسبق ما يتعلق بنباح الكلب بالليل في حديث جابر رضي الله عنه.

معنى "أوكوا" : اربطوا ، والمراد تغطية القربة أو السقاء وأي إناء يوضع فيه ماء أو شراب.

"خمروا" : غطوا.

"أجيفوا" : أغلقوا.

الرقاد: النوم.

الفويسقة: الفأرة.






تنبيه على تأكيد صحة لفظ "فواشيكم" الواردة في صحيح مسلم:

قد خرج شيخنا الألباني رحمه الله الحديث في عدة مواضع من كتبه منها في الصحيحة(رقم3454) ولكن قال: "(تنبيه) : لقد تفردت رواية أبي الزبير المعنعنة بذكر: ".. فواشيكم " في الحديث دون رواية سفيان عنه المصرحة بالتحديث، ودون من تابعه من الثقات كعطاء بن أبي رباح كما تقدم من رواية الشيخين، وهي من رواية ابن جريج عنه.
وقد تابعه عمرو بن دينار، فقد قال ابن جريج عقبها: "وأخبرني عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله نحو ما أخبرني عطاء". أخرجاه أيضا؛ البخاري (3304) ، ومسلم (6/109) ، وكذلك أخرجه أبو عوانة (5/333) .
وعليه؛ فإني أخشى أن تكون غير محفوظة؛ إلا إن وجد لها طريق آخر، أو شاهد؛ وإلا فهي منكرة أو شاذة، وهذا ما أرجحه بعد البحث الشديد. والله تعالى أعلم".

وقال في الضعيفة(41/ 798) أثناء تخريجه لحديث آخر: "على أنني في شك من ثبوت (فواشيكم) في الحديث، وذلك؛ لأمرين: أحدهما: عنعنة أبي الزبير - كما رأيت -، وهو مدلس.
والآخر: أنه رواه عطاء بن يسار عن جابر به؛ دونها.
أخرجه الشيخان وغيرهما. وهو مخرج في " الإرواء " (1/ 80/ 39) ، و " صحيح أبي داود " (2343)".

وقال في تعليقه على الحديث عند ابن حبان (رقم1272) : "التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (2/ 475)
صحيح لغيره دون قوله: (( ... مواشيكم)) ـ ((الصحيحة)) (3454)، ((الإرواء)) [ص:476] (1/ 80 ـ 81): م".

فشيخنا رحمه الله مع تصحيحه للحديث بكماله في مواضع من كتبه، إلا أنه ضعف لفظة "فواشيكم" في بعض كتبه كما سبق.

وكلام شيخنا غير صحيح، بل هي صحيحة من وجوه:

الأول: أن الإمام مسلما قد خرجها في صحيحه، وتبعه على تصحيحها: ابن خزيمة، وابن حبان، وأبو عوانة، والبغوي في شرح السنة، واتفقت الأمة على صحة أحاديث مسلم، ولم ينتقد أحد الإمام مسلما في روايته لهذه اللفظة.

الثاني: أن هذه الرواية محفوظة في حديث جابر من رواية أبي الزبير، وعطاء بن يسار.

أما رواية أبي الزبير في مسلم وغيره، وكونه عنعن يخشى أن يكون أخذ الحديث بواسطة، لكن مع إيراد الشيخ الألباني للحديث عند الحميدي مصرحا بالتحديث انتفت شبهة الانقطاع، وثبت أن أبا الزبير سمعه من جابر، وهذا يؤكد أن هذا الحديث من مسموعاته، أما أن نثبت سماع أبي الزبير للحديث من جابر ونستثني هذه اللفظة فهذا لا وجه له من ناحية العنعنة.

على أن أبا الزبير قليل التدليس، وأكثر أهل الحديث على قبول عنعنته عن أبي الزبير سواء من رواية الليث بن سعد عنه أو من رواية غيره، ما لم يرو حديثا منكرا، أو يتبين أنه رواه بواسطة، وهنا تبين أنه أخذه منه بالسماع.

بقيت قضية: هل هذه اللفظة شاذة من حديث جابر؟

الجواب:

ليست شاذة، بل محفوظة، ولها ثلاث طرق:

الأول: من طريق أبي الزبير عن جابر.

وقد رواه عن أبي الزبير:

أ- أبو خيثمة زهير بن معاوية الجعفي. وروايته في صحيح مسلم. ورواه عن خيثمة جماعة من الحفاظ.

ب- فطر بن خليفة . وروايته عند ابن خزيمة وابن حبان.

ج- روح بن القاسم. وروايته عند الطبراني في الأوسط بسند حسن إلى روح.

د- حماد بن سلمة. ورواية عند الإمام أحمد والحربي في غريب الحديث من طريق حماد بن سلمة أخبرنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه بنحوه وفيه: "أن نكف فواشينا"، ورواية الحربي مختصرة وفيها اللفظ المذكور.

الثاني: من طريق حماد بن سلمة عن حبيب المعلم عن عطاء بن أبي رباح عن جابر به. رواه أبو يعلى وابن حبان.

فتبين بما سبق أن لفظة "فواشيكم" صحيحة جداً، وليست شاذة ولا منكرة، ولا وجه لتضعيفها مطلقاً، وأن شيخنا الألباني رحمه الله اجتهد فأخطأ فيما نقده من هذه اللفظة، رحمه الله وغفر له وأسكنه الفردوس.

والله أعلم

كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
28/ 3/ 1439 هـ


التعديل الأخير تم بواسطة أسامة بن عطايا العتيبي ; 12-16-2017 الساعة 06:27 AM
رد مع اقتباس