عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 11-15-2010, 07:29 AM
أبو الحسين الحسيني أبو الحسين الحسيني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 154
شكراً: 1
تم شكره 5 مرة في 4 مشاركة
افتراضي

أما الحافظ البرديجي فقد قال في الحديث المنكر كما في النكت على مقدمة ابن الصلاح لابن حجر ج2/ص155: " الحديث الذي يتفرد به الرجل ولا يعرف متنه من غير روايته لا من الوجه الذي رواه منه ولا من وجه آخر".
وقال ابن الصلاح في المقدمة (ص46) : " بلغنا عن ( أبي بكر أحمد بن هارون البرديجي الحافظ ) : أنه الحديث الذي ينفرد به الرجل ولا يعرف متنه من غير روايته لا من الوجه الذي رواه منه ولا من وجه آخر . فأطلق ( البرديجي ) ذلك ولم يفصل. قال ابن حجر في النكت على ابن الصلاح ج2/ص674: " وهذا مما ينبغي التيقظ له فقد أطلق الإمام أحمد والنسائي وغير واحد من النقاد لفظ المنكر على مجرد التفرد لكن حيث لا يكون المتفرد في وزن من يحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده" وهنا وقفة مع الحافظ فقد مرَّ بنا أنهم يطلقون النكارة على كل حديث خطأ ثقة كان أو دونه والله أعلم. وقال ابن حجر :"وأما قول المصنف والصواب التفصيل الذي بيناه آنفا في شرح الشاذ فليس في عبارته ما يفصل أحد النوعين عن الآخر". وخرج ابن صلاح كلام البرديجي فقال في المقدمة ابن الصلاح (ص80):"وإطلاق الحكم على التفرد بالرد أو النكارة أو الشذوذ موجود في كلام كثير من أهل الحديث والصواب فيه التفصيل".
وقال السخاوي في فتح المغيث 1/202: " والمنكر الحديث الفرد وهو الذي لا يعرف متنه من غير جهة راويه فلا متابع له فيه ولا شاهد كذا الحافظ أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي أطلق".
وقال السيوطي في الحاوي2/107 :" ووصف في الميزان عدة أحاديث في مسند أحمد ، وسنن أبي داود ، وغيرهما من الكتب المعتمدة بأنها منكرة بل وفي الصحيحين أيضاً ، وما ذاك إلا لمعنى يعرفه الحفاظ وهو أن النكارة ترجع إلى الفردية ولا يلزم من الفردية ضعف متن الحديث فضلاً عن بطلانه"0 هنا السيوطي يتأول للبرديجي وأيضا نكارة الإسناد لا تدل على ضعف الحديث أو بطلانه لأنه قد يأتي من طريق أخرى صحيحة و لا يلزم أن يكون صحيحا من هذا الطريق 0
وابن رجب في شرح علل الترمذي 2/100 يقول : " وقال أيضاً(يعني البرديجي) : (( إذا روى الثقة من طريق صحيح عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حديثاً لا يصاب إلا عند الرجل الواحد - لم يضره أن لا يرويه غيره إذا كان متن الحديث معروفاً ، ولا يكون منكراً ولا معلولاً )) .وقال في حديث رواه عمرو بن عاصم عن همام عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:((إني أصبت حداً فأقمه على .. الحديث )) : (( هذا عندي حديث منكر ، وهو عندي وهم من عمرو بن عاصم )) .ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال: (( هذا حديث باطل بهذا الإسناد )).وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من هذا الوجه، وخرج مسلم معناه أيضاً من حديث أمامة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهذا شاهد لحديث أنس0
ولعل أبا حاتم والبرديجي إنما أنكر الحديث لأن عمرو بن عاصم ليس هو عندهما في محل من يحتمل تفرده بمثل هذا الإسناد ، والله أعلم"0 انتهى كلام ابن رجب
فيظهر بذلك أن البرديجي لا يذهب إلى أن مطلق التفرد منكر بل تفرد من لا يحتمل تفرده والخطأ أو الوهم الذي يرد في الحديث من ثقة كان أو من غير؛ والله أعلم.

لكن يبدو أن المتأخرين استقروا والله أعلم على التمييز بين المنكر والشاذ؛ فالمنكر هو رواية الضعيف المخالف للثقة عندهم حيث قال الحافظ ابن كثير في الباعث (ص8) : " إن خالف راويه الثقات فمنكر مردود، وكذا إن لم يكن عدلاً ضابطاً، وإن لم يخالف فمنكر مردود".
وابن حجر ينكر على من سوى بين الشاذ والمنكر فقال في النزهة (ص87): " وعُرِفَ بهذا أن بين الشاذ والمنكر عموماً وخصوصاً مِن وجهٍ؛ لأن بينهما اجتماعاً في اشتراط المخالفة، وافتراقاً في أن الشاذَّ روايةُ ثقةٍ، أَوْ صَدُوْقٍ ، والمنكَر روايةُ ضعيفٍ. وقد غَفَلَ مَنْ سَوّى بينهما، والله تعالى أعلم".

وتكون النكارة في السند والمتن .
مثال المنكر في السند: ما جاء في علل الحديث لابن أبي حاتم ج2/ص182: "سئل أبي عن حديث رواه حبيب بن حبيب أخو حمزة بن حبيب عن أبي اسحق عن العيزار بن حريث عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقام الصلاة وآتى الزكاة وحج البيت وصام رمضان وقرى الضيف دخل الجنة قال أبو زرعة هذا حديث منكر إنما هو ابن عباس موقوف".
وحبيب هذا قال فيه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل3/309: " سمعت أبي يقول ذلك حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول حبيب بن حبيب أخو حمزة الزيات واهي الحديث".فلما كان حُبيبٌ ضعيفاً ، خالف الثقات استحق ما رواه أن يكون منكراً؛ والحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ج12/ص136: " حدثنا عُبَيْدُ بن غَنَّامٍ وَمُحَمَّدُ بن عبد اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالا ثنا أبو بَكْرِ بن أبي شَيْبَةَ ح وَحَدَّثَنَا محمد بن عُثْمَانَ بن أبي شَيْبَةَ قال ثنا أبي قَالا ثنا حُبَيِّبِ بن حَبِيبٍ أَخُو حَمْزَةَ الزَّيَّاتُ عن أبي إِسْحَاقَ عَنِ الْعَيْزَارِ بن حُرَيْثٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من أَقَامَ الصَّلاةَ وأتى الزَّكَاةَ وَحَجَّ الْبَيْتَ وَصَامَ رَمَضَانَ وَقَرَى الضَّيْفَ دخل الْجَنَّةَ".
ومثال المنكر في المتن : ما أخرجه الطبراني7/267: " عن سمرة بن جندب : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول: من رهن أرضا بدين عليه فإنه يقضي من ثمرتها ما فضل بعد نفقتها ويقضي ذلك له من حينه ذلك الذي عليه بعد أن يحبب لصاحبها الذي عنده عمله ونفقته بالعدل".قالمحمد بن طاهر المقدسي في ذخيرة الحفاظ ج4/ص2288: " رواه يوسف بن خالد السمتي عن جعفر بن سعد عن حبيب بن سليمان عن أبيه عن جده سمرة بن جندب وهذا لا يرويه إلاّ يوسف ومتنه منكر ويوسف كذاب متروك الحديث". وقال الذهبي في ميزان الاعتدال4/464: " هذا متن منكر تفرد به يوسف".

ونكتفي بهذا القدر عن الحديث عن المنكر وأنه بلا شك يعني عند العلماء الحديث المردود ولا يغيب عن البال ما قاله الإمام أحمد المنكر أبدا منكر والله تعالى أعلم.
وسيأتي المبحث الثاني والحديث فيه عن الشاذ إن شاء الله تعالى

رد مع اقتباس