عرض مشاركة واحدة
  #97  
قديم 05-07-2015, 01:40 PM
أبومنير عزالدين محمد أبومنير عزالدين محمد غير متواجد حالياً
موقوف - هداه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 74
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي

هل الإيمان شرط للتوبة ومعنى حلاوة الإيمان

يقول السائل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛
عندي بعض الاسئلة اود ممن انعم الله عليه بالعلم بها ان يتحفنا بها وله مني الشكر والتقدير :
1-ما الحكمة من تخصيص الله للمؤمنين بالتوبة والرجوع اليه في قوله تعالى (وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون ) وتعليقه سبحانه لفلاح بذالك ؟
2-ذكر النبيء صلى الله عليه وسلم ان ثلاث من كانت فيهن وجد بهن حلوة الايمان كما في حديث انس رضي الله عنه وارضاه فالسؤال :هل الحلوة المذكورة حقيقة؟ بمعني هل تكتسب
بالايمان وهل يذوقها المؤمن واين يجدها ؟ وهل تتفاوت في قلوب المؤمنون ؟ومن لا يجدها فهل هذا على ضعف ايمانه؟

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد

١- التوبة عبادة ولا يقوم بها إلا المؤمن الذي يؤمن بإله يعاقب على الذنب ويؤاخذه به، لذلك خوطب المؤمنون بها.
ولذلك علق الفلاح على هَذِهِ التوبة لكونها ماحية للذنوب مطهرة للنفس.
وليس معنى ذلك أن الكافر لا يمكنه التوبة من كفره، ولكن توبته من بعض ذنوبه لا فائدة منها حتى يؤمن، فلا تقبل التوبة إلا باقتران الإيمان بالله بها وأول شروط التوبة الإخلاص.
والذي يدخل في الإسلام أو يتوب من الردة لا يقبل ذلك منه حتى يكون الإيمان قد استقر في قلبه فحينها يظهر التوبة.
والله أعلم

٢- حلاوة الإيمان حلاوة حقيقية يجد المؤمن طعمها ولذتها بما يناسبها، فهي حلاوة متعلقة بالقلب الذي هو محل العقل وفيه أصل المحبة وعبادات القلوب، فالمؤمن يجد هذه اللذة، وهي عنده أحلى من العسل، ويشعر بسعادة غامرة وكأنه في جنة غناء وجو لطيف وسَكينة وطمأنينة وهدوء بال.
وتنتشر هذه الحلاوة في الجسد حتى يستشعرها المؤمن بجميع حواسه فربما بكت عينه من السعادة، واقشعر جلده من خشية ربه، واستجمع همته وفكره بحيث يكون طريقه واضحا لا لَبْس فيه، وتصغر الدنيا في عينه، وتكون الآخرة همه ومبتغاه.
وتجده حريصا ومحافظا على بقاء هذه اللذة بالاستمرار على الطاعة والبعد عن المعصية.
وهذه الحلاوة متفاوتة في قلوب المؤمنين، على قدر إيمانه وقيامه بالعبودية لله عز وجل، وعلى قدر عقله لتلك الثلاث التي يجد المؤمن بهن حلاوة الإيمان وهي:
١-أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواه، فلا يقدم محبوبا على ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
٢-أن يحب المرء لا يحبه إلا لله.
٣-أن يكره أن يعود إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه، فيبغض الكفر وأهله ويتبرأ منهم ويجافيهم، ويحرص على ثباته على الإيمان والتوحيد.
وتكتسب تلك الحلاوة بتحقيق أسبابها.

وهذه تتمة مفيدة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية حول الذوق والوجد الشرعي الديني
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (2/ 453-454) : «ولهذا كانت المحبة الإيمانية هي الموجبة للذوق الإيماني والوجد الديني كما في الصحيحين عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان في قلبه من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار» فجعل صلى الله تعالى عليه وسلم وجود حلاوة الإيمان معلقا بمحبة الله ورسوله الفاضلة وبالمحبة فيه في الله وبكراهة ضد الإيمان. وفي صحيح مسلم عن العباس قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا».
فجعل ذوق طعم الإيمان معلقا بالرضى بهذه الأصول كما جعل الوجد معلقا بالمحبة؛ ليفرق صلى الله تعالى عليه وسلم بين الذوق والوجد الذي هو أصل الأعمال الظاهرة وثمرة الأعمال الباطنة وبين ما أمر الله به ورسوله وبين غيره كما قال سهل بن عبد الله التستري: كل وجد لا يشهد له الكتاب والسنة فهو باطل إذ كان كل من أحب شيئا فله ذوق بحسب محبته. ولهذا طالب الله تعالى مدعي محبته بقوله: {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} قال الحسن البصري: ادعى قوم على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنهم يحبون الله؛ فطالبهم بهذه الآية؛ فجعل محبة العبد لله موجبة لمتابعة رسوله وجعل متابعة رسوله موجبة لمحبة الرب عبده. وقد ذكر نعت المحبين في قوله: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم} فنعت المحبين المحبوبين بوصف الكمال الذي نعت الله به رسوله الجامع بين معنى الجلال والجمال المفرق في الملتين قبلنا: وهو الشدة والعزة على أعداء الله والذلة والرحمة لأولياء الله ورسوله».
وقال رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (10/ 48) : «وأما الرضا به وبدينه وبرسوله فذلك من حظ المحبة؛ ولهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذوق طعم الإيمان كما ذكر في المحبة وجود حلاوة الإيمان. وهذان الحديثان الصحيحان هما أصل فيما يذكر من الوجد والذوق الإيماني الشرعي؛ دون الضلالي البدعي. ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا» وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار»».
وانظر: (10/334-336).

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه:
أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي
١٨/ ٧/ ١٤٣٦هـ
رد مع اقتباس