عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-19-2012, 08:59 PM
بلال الجيجلي بلال الجيجلي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: الجزائر- ولاية جيجل - حرسها الله من كل سوء-
المشاركات: 941
شكراً: 13
تم شكره 42 مرة في 39 مشاركة
افتراضي

باب: الكلام على ما ورد أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- دعا عليه:
18- قال البزار(البحر1928): حدثنا يوسف بن موسى، قال: نا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن ثوير بن أبي فاختة، عن أبيه، عن ابن مسعود قال: أول من نقص التكبير الوليد بن عقبة، فقال عبد الله: نقصوها نقصهم الله،لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكبر كلما ركع، وكلما سجد، وكلما رفع.
أقول:منكر فيه ثوير بن أبي فاخته متروك رمي بالرفض، وقد جاء بأسانيد أصح دون" أول من نقص التكبير الوليد بن عقبة، فقال عبد الله: نقصوها نقصهم الله".
فقال الترمذي: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة، والأسود، عن عبد الله بن مسعود، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكبر في كل خفض ورفع، وقيام وقعود، وأبو بكر، وعمر.
قال الترمذي بعده: حديث عبد الله بن مسعود حديث حسن صحيح.والعمل عليه عند أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم، ومن بعدهم من التابعين، وعليه عامة الفقهاء والعلماء.

باب: الكلام على أخبار متفرقة:
-الكلام على خبر ظاهره الطعن فيه:
19- قال الحاكم في المستدك(4547):حدثنا أبو زكريا القاسم بن يحيى بن محمد، ثنا أبو بكر محمد بن محمد بن محمد بن رجاء السدي، ثنا داود بن رشيد، ثنا الهيثم بن عدي، حدثني إسماعيل بن أبي خالد، حدثني طارق بن شهاب الأحمسي قال: استعمل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وكان أخاه لأمه على الكوفة وأرضها وبها سعد بن أبي وقاص، فقدم على سعد فأجلسه معه، ولا يعلم بعلمه، ثم قال أبا وهب: ما أقدمك؟ قال: «قدمت عاملا» ، قال: على أي شيء؟ قال: «على عملك» ، فقال: والله ما أدري أكست بعدي، أم حمقت بعدك؟ فقال: «والله ما كست بعدك، ولا حمقت بعدي، ولكن القوم استأثروا عليك بسلطانهم» ، فقال: صدقت ثم قال سعد: حدثني بحديثي ضباع، واشترى بلحم امرئ لو شهد اليوم ناصره أيا عمراه ضباع الشر، قال الهيثم: ولما عزل عثمان الوليد بن عقبة عن الكوفة وولاها سعيد بن العاص، قال الهيثم: فحدثني إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال: لما قدم سعيد بن العاص قال: «اغسلوا المنبر لأصعد عليه أو يطهر» فغسل المنبر حتى صعد سعيد بن العاص .
أقول: باطل فيه الهيثم بن عدي الطائي ؛كذاب.

الكلام على تقريبه السحرة وأهل الخمر!:
20- أخرج ابن عساكر في تاريخه(11/314) من طريق أبو مخنف لوط بن يحيى حدثني بن زهير بن عبد الله بن عبد الله بن زهير بن سليمان الأزدي عن محمد بن مخنف قال: كان أول عمال عثمان أحدث منكرا الوليد بن عقبة كان يدني السحرة ويشرب الخمر وكان يجالسه على شرابه أبو زبيد الطائي وكان نصرانيا وكان صفيا له فأنزله دار القبطي وكانت لعثمان بن عفان اشتراها من عقيل بن أبي طالب فكانت لأضيافه وكان يجالسه أيضا على شرابه عبد الرحمن بن خنيس الأسدي فكان الناس يتذاكرون شربهم وإسرافهم على أنفسهم ...فساق خبراً طويلاً.
أقول:
باطل! آفته التالف الشيعي لوط بن يحيى قال ابن عدي(7/241):
"حدث بأخبار من تقدم من السلف الصالحين، ولا يبعد منه أن يتناولهم، وَهو شيعي محترق صاحب أخبارهم..".
أقول: بمثل هذه الأخبار سود أصحاب التراجم ترجمة الوليد -رضي الله عنه- وإن كان في ذلك الوقت يبرأ الواحد من أصحاب التواريخ والسير ذمته بإخراج سند الخبر فلا عذر اليوم لمن يذكر مثل هذه الأخبار دون تحقيق ولا بيان والواحد من هؤلاء لو ذكر في نسب قبيلته اليوم خبرٌ يحتمل طعناً فيه بأسانيد أجود لأقام الدنيا وما أقعدها. فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وكذا على أهل السير تبعة الذين ما أظهروا السند ولم ينقدوا الأخبار بسبب ذكرهم هذه الأخبار دون نقد ولا تفحص. والله المستعان.

الكلام على خبر ضعيف:
21- قال الإمام أبو داود في سننه(2686): حدثنا علي بن الحسين الرقي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي، قال: أخبرني عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة، عن إبراهيم، قال: أراد الضحاك بن قيس أن يستعمل مسروقا فقال له عمارة بن عقبة: أتستعمل رجلا من بقايا قتلة عثمان؟ فقال له مسروق: حدثنا عبد الله بن مسعود وكان في أنفسنا موثوق الحديث، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أراد قتل أبيك قال:من للصبية؟ قال: النار، فقد رضيت لك ما رضي لك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وقال الحافظ في الإصابة(6/481):
"قتل أبوه بعد الفراغ من غزوة بدر صبرا، وكان شديدا على المسلمين، كثير الأذى لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وآله وسلم-، فكان ممن أسر ببدر،فأمر النبيّ -صلى اللَّه عليه وآله وسلم- بقتله، فقال: يا محمد، من للصبية! قال:النار"اهـ.
أقول:فظاهر الخبر أن الوليد بن عقبة من أهل النار لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما سأله عقبة أبو الوليد من للصبية فقال له النار!.
ولكن الخبر لا يثبت كما حققه العلامة الألمعي مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله- في أحاديث معلة ظاهرها الصحة حيث قال -رحمه الله-:
" 309- قال الإمام أبو داود رحمه الله (ج12ص153) حدثنا علي بن الحسين الرقي حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي قال أخبرني عبيدالله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم، قال: أراد الضحاك بن قيس أن يستعمل مسروقا، فقال له عمارة بن عقبة: أتستعمل رجلا من بقايا قتلة عثمان؟ فقال له مسروق حدثنا عبد الله بن مسعود، وكان في أنفسنا موثوق الحديث: " أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لما أراد قتل أبيك قال: من للصبية قال النار فقد رضيت لك ما رضي لك رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-".
وأخرجه الطحاوي رحمه الله في "مشكل الآثار" (ج11ص402) وعنده عمارة بن عقبة بن أبي معيط. وأخرجه الحاكم (ج2ص124) وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
الحديث ظاهره الصحة إلا أن إبراهيم هو ابن يزيد النخعي كما في ترجمة عمرو بن مرة من "تهذيب الكمال" لم يسمع من أحد من الصحابة كما في "المراسيل"لابن أبي حاتم، وعمارة بن عقبة بن أبي معيط صحابي كما في ترجمته من "الإصابة".
والضحاك بن قيس أثبت البخاري صحبته كما في " الإصابة" واختلفوا في صحة سماعه من رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، قال الحافظ في "الإصابة" - أي في سماعه من النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فإن أقل ما قيل في سنه عند موت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه كان ابن ثمان سنين. اهـ".
أقول:اعضض على هذا التحقيق من هذا الإمام اليماني ولا تجاوزه.

الكلام على خبر نهيه لابن مسعود عن قول"إن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد":
22- قال نعيم بن حماد في الفتن: حدثنا ابن المبارك عن جرير بن حازم قال حدثني عيسى بن عاصم أن الوليد بن عقبة أرسل إلى ابن مسعود أن اسكت عن هؤلاء الكلمات: إن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها. فقال ابن مسعود: أما دون أن يفرقوا بين هذه وهذه فلا. فقام عتريس بن عرقوب فاشتمل على السيف ثم أتى عبد الله فقام عند رأسه فقال هلك من لم يأمر بالمعروف وينه عن المنكر. فقال عبد الله: لا ولكن هلك من لم يعرف بقلبه معروفا ولم ينكر بقلبه منكرا فقال عتريس لو قلت غير هذا لمشيت إلى هذا الرجل حتى أضربه بالسيف حتى لا يعملوا لله بالمعصية في أجواف البيوت فقال له عبد الله اذهب فألق بسيفك وتعال فاقعد في ناحية هذه الحلقة([25]).
أقول:عيسى بن عاصم الكوفي من الطبقة السادسة بحسب طبقات ابن حجر وهم من عاصر صغار التابعين،فالخبر في أعلى أحواله أنه معضل!.

- الكلام على خبر تحريضه معاوية على علي -رضي الله عنهم أجمعين-:
23- قال ابن عساكر(39/540): أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني وابن السمرقندي وأبو تراب حيدرة بن أحمد إجازة قالوا أنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد لفظا أنا عبد الرحمن بن عثمان ابنا أحمد بن محمد بن سعيد قال نا أبو عبد الوهاب القرشي نا محمد بن عائذ نا يعقوب بن فضالة أن الوليد بن عقبة كتب بشعره هذا إلى معاوية -رضي الله عنه-:
معاوي إن الملك قد جب غاربه * وأنت بما في كفك اليوم صاحبه
أتاك كتاب من علي بخطة * هي الفصل فاختر سلمه أو تحاربه...إلى آخر الأبيات.
أقول:هذا الخبر الذي أشار إليه ابن عبد البر وأن الوليد حرض معاوية على علي -رضي الله عنهم أجمعين-وهذا إن ثبت فإنه لا يجوز الخوض فيه كما هو متقرر أن من عقيدة أهل السنة والجماعة الإمساك عما شجر بين أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكيف والخبر لا يثبت؟.
فيعقوب بن فضالة نص أبو حاتم في الجرح والتعديل لابنه أنه مجهول!.
والراوي عنه من الطبقة العاشرة يعني من الآخذين عن تبع الأتباع!! فبين يعقوب والوليد مفاوز!.

الكلام على دعوى أنه أول من صلب رجلاً في الإسلام :
24- قال العسكري في الأوائل: أخبرنا أبو القاسم عن العقدي عن أبى جعفر عن المدائني قال: قال أبويعقوب الشروي: أن الوليد بن عقبة دخل مسجد الكوفة، ودعا بساحر يقال له نطروبى، فأراهم فيلا فوق فرس يشتد بهم فى المسجد وأراهم ناقة تشتد على حبل، وحمارا عدا حتى دخل فم نطروبى، ثم خرج من دبره، ومر رجل فضرب عنقه، ووقع رأسه جانبا، ثم قال للسيف: أقمه فأقامه.
وأتى جندب بن كعب الصياقلة، وأخذ من مولى له سيفا، وأتى المسجد فضرب عنق نطروبى، وقال: أحي نفسك. فأراد الوليد قتل جندب، فقام قومه دونه، فحبسه، فلما رأى صاحب السجن صلاته، قال اذهب حيث شئت فقال: أخاف الطاغية عليك، فقال: ما أسعدنى يقتلنى! فانطلق جندب، وبعث الوليد إلى صاحب السجن فضرب عنقه وصلبه فى السبخة، فكان أول مصلوب فى الإسلام([26]).
أقول:
وهذه رواية منكرة مخالفة لما ثبت-كما سترى-وفيها زيادات منكرة وفي إسنادها من لا يُعرف.
وقد جاء خبر الصلب بإسناد أصح من هذا لكنه مرسل؛
25-قال ابن عبد البر في الاستيعاب:حدثنا عبد الله ابن محمد بن عبد المؤمن قال: حدثنا محمد بن عثمان بن ثابت الصيدلاني ببغداد، قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال: قال لنا علي بن المديني:...فذكر خبراً
قال(أي ابن المديني):وحدثنا جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن إبراهيم قال: كان ساحر يلعب بين يدي الوليد يريهم أنه يدخل في فم الحمار ويخرج من ذنبه أو من دبره، ويدخل في است الحمار ويخرج من فيه، ويريهم أنه يضرب رأس نفسه فيرمي به، ثم يشتد فيأخذه ثم يعيده مكانه، فانطلق جندب إلى الصيقل، وسيفه عنده، فقال: وجب أجرك، فهاته. قال: فأخذه فاشتمل عليه. ثم جاء إلى الساحر مع أصحابه وهو في بعض ما كان يصنع، فضرب عنقه، فتفرق أصحاب الوليد، ودخل هو البيت، وأخذ جندب وأصحابه فسجنوا،فقال لصاحب السجن: قد عرفت السبب الذي سجنا فيه: فخل سبيل أحدنا حتى يأتي عثمان، فخلى سبيل أحدهم، فبلغ ذلك الوليد، فأخذ صاحب السجن فصلبه، قال: وجاء كتاب عثمان أن خل سبيلهم ولا تعرض لهم، ووافى كتاب عثمان قبل قتل المصلوب فخلى سبيله.
أقول:وهذا مرسل فإبراهيم هو بن يزيد النخعي لم يدرك أحداً من الصحابة وذكر أبو حاتم أنه رأى عائشة لكن لم يسمع منها وكذا ذكروا أنه رأى أنساً ولم يسمع منه.

26-قال أبو الفرج الأصبهاني:أخبرني أحمد قال: حدثنا عمر قال: حدثنا حجاج بن نصير:حدثنا قرة، عن محمد بن سيرين قال:انطلق بجندب بن كعب إلى سجن خارج الكوفة وعلى السجن رجل نصراني، فلما رأى جندبَ بن كعب يصوم النهار ويقوم الليل، قال النصراني: والله إن قوماً هذا شرهم لقوم صدق، فوكل بالسجن رجلاً ودخل الكوفة، فسأل عن أفضل أهل الكوفة، فقالوا: الأشعث بن قيس ، فاستضافه فجعل يرى أبا محمد ينام الليل ويصبح فيدعو بغدائه، فخرج من عنده وسأل: أي أهل الكوفة أفضل؟! فقالوا: جرير بن عبد الله ، فوجده ينام الليل ثم يصبح فيدعو بغدائه، فاستقبل القبلة فقال: ربي رب جندب وديني على دين جندب، وأسلم".

أقول:منكر،أبو الفرج الأصبهاني شعوبي مطعون في عدالته؛قال ابن تيمية -رحمه الله- في معرض كلامه على رواية مفتراة على الشافعي:
"فهذه الحكاية يعلم أنها مفتراة من له أدنى معرفة بالناس ولو صحت عمن صحت عنه لم يكن فيها إلا ما هو مدرك بالإحساس من أن الصوت الطيب لذيذ مطرب وهذا يشترك فيه جميع الناس ليس هذا من أمور الدين حتى يستدل فيه بالشافعي بل ذكر الشافعي في مثل هذا غض من منصبه مثل ما ذكر ابن طاهر عن مالك -رحمه الله- حكاية مكذوبة وأهل المواخر أعلم بهذه المسألة من أئمة الدين ولو حكى مثل هذا عن إسحاق بن إبراهيم النديم وأبي الفرج الأصبهاني صاحب الأغاني لكان أنسب من أن يحكيها عن الشافعي"([27]).
أقول:
تأمل قوله" وأهل المواخر أعلم بهذه المسألة من أئمة الدين ولو حكى مثل هذا عن إسحاق بن إبراهيم النديم وأبي الفرج الأصبهاني صاحب الأغاني لكان أنسب".
وحجاج ابن نصير ضعيف كان يلقن فيتلقن.

27- قال البيهقي في الكبرى:أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، ثنا أبو العباس الأصم، ثنا بحر بن نصر، ثنا ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن أبي الأسود، أن الوليد بن عقبة، كان بالعراق يلعب بين يديه ساحر , وكان يضرب رأس الرجل ثم يصيح به فيقوم خارجا فيرتد إليه رأسه، فقال الناس: سبحان الله يحيي الموتى. ورآه رجل من صالح المهاجرين فنظر إليه , فلما كان من الغد اشتمل على سيفه , فذهب يلعب لعبه ذلك , فاخترط الرجل سيفه فضرب عنقه فقال: إن كان صادقا فليحي نفسه , وأمر به الوليد دينارا صاحب السجن , وكان رجلا صالحا فسجنه , فأعجبه نحو الرجل، فقال: أفتستطيع أن تهرب؟ قال: نعم، قال: فاخرج لا يسألني الله عنك أبداً([28]).
أقول:هذا إسناد ضعيف مرسل.
أبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل من الطبقة السادسة وهم الذين عاصروا صغار التابعين.
وفيه ابن لهيعة وقال ابن معين ابن لهيعة ضعيف حتى قبل أن تحترق كتبه،لذا قال الذهبي العمل على تضعيفه.
28-قال البخاري في تاريخه الكبير في ترجمة جندب:
حدثنا إسحاق، حدثنا خالد الواسطي، عن خالد الحذاء، عن أبي عثمان؛ كان عند الوليد رجل يلعب، فذبح إنساناً، وأبان رأسه، فعجبنا، فأعاد رأسه، فجاء جندب الأزدي، فقتله.
أقول:وهذا إسناد صحيح رجاله رجال البخاري. وهذه الرواية هي الرواية الصحيحة في خبر الساحر الذي كان يلعب عند الوليد ولا توجد فيها تلك الزيادات المنكرة من الصلب ومن حبس جندب أو الطعن في الوليد أو في عثمان -رضي الله عنه-.
وقد جاءت متابعة لخالد الواسطي من طريق هشيم عند الدارقطني في سننه؛ قال الدارقطني: نا القاضي المحاملي , نا زياد بن أيوب , نا هشيم , أنا خالد , عن أبي عثمان النهدي , عن جندب البجلي , أنه قتل ساحرا كان عند الوليد بن عقبة , ثم قال: " {أفتأتون السحر وأنتم تبصرون}([29]).

وبهذا يتم الكلام على الأخبار الضعيفة التي فيها مثالب للوليد بن عقبة -رضي الله عنه- والتي يكثر أهل السير والقصاصون من سردها.
والحمد لله رب العالمين.

فصل:
ولا يفوتني أن أعلق على بعض ما ورد في كلام بعض أهل السير في شأن الوليد -رضي الله عنه-:
قال ابن عبد البر في ترجمة الوليد بن أبي عقبة في استيعابه:
"وله أخبار فيها نكارة وشناعة تقطع على سوء حاله وقبح أفعاله، غفر الله لنا وله، فلقد كان من رجال قريش ظرفا وحلما وشجاعة وأدبا، وكان من الشعراء المطبوعين، وكان الأصمعي وأبو عبيدة وابن الكلبي وغيرهم يقولون: كان الوليد بن عقبة فاسقا شريب خمر، وكان شاعرا كريما -تجاوز الله عنا وعنه-.
ثم قال: أخباره في شرب الخمر ومنادمته أبا زبيد الطائي مشهورة كثيرة، يسمج بنا ذكرها هنا...".
أقول:لو أن ابن عبد البر دقق في هذه الأخبار ومحصها وتفحصها لم يستسهل أن ينطق في حق صحابي من أصحاب رسول الله بمثل هذا الكلام السيء!.
أعلى أخبار الأصمعي وأبي عبيدة والكلبي نعتمد في الكلام في عدالة رجل مسلم لم يدركوه فكيف إن كان هذا المسلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-؟!.
وإن تعجب فاعجب من ابن عبد البر حيث اعتمد على أخبار واهيات في ترجمة الوليد -رضي الله عنه- وقال كلاماً يضيق الصدر منه ولم يسع حتى في الكشف عن أسانيد هذه الأخبار وليته لم يثقل كتابه بها فهي وإن ثبتت لا حاجة لنا بها، وفي الوقت نفسه يدفع في صدر ما ورد في حق أبي حنيفة كما في "الانتقاء" ويلمح إلى أنه محسود ويذكر ما ثبت عن السلف في الطعن فيه بصيغة التمريض !فتأمل.
وقد أحسن الحافظ ابن حجر حين قال في ترجمة الوليد في تهذيبه:
"وقد طول الشيخ(أي ابن الجوزي)ترجمته ولا طائل فيها من كتاب ابن عبد البر ، وفيها خطأ وشناعة، والرجل قد ثبتت صحبته، وله ذنوب أمرها إلى الله تعالى، والصواب السكوت، والله تعالى أعلم".
وقد انتقد ابن الصلاح كتاب ابن عبد البر "الاستيعاب" بسبب مثل هذه الأمور فقال -رحمه الله- كما في مقدمته(1/395):
"معرفة الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين-:
هذا علم كبير قد ألف الناس فيه كتبا كثيرة ، ومن أجلها وأكثرها فوائد كتاب "الاستيعاب" لابن عبد البر لولا ما شانه به من إيراده كثيرا مما شجر بين الصحابة وحكاياته عن الأخباريين لا المحدثين. وغالب على الأخباريين الإكثار والتخليط فيما يروونه."اهـ كلامه -رحمه الله-.
أقول:
أجاد -رحمه الله- وكلامه ينطبق على كل كتاب صنع صنيع ابن عبد البر.
فائدة:
نص ابن تيمية على تشيع ابن عبد البر في منهاج السنة النبوية حيث قال(7/373):
" لكن تشيعه، وتشيع أمثاله من أهل العلم بالحديث كالنسائي، وابن عبد البر، وأمثالهما لا يبلغ إلى تفضيله على أبي بكر وعمر"اهـ أفادني بها أخي عبد الله الخليفي.
وحسبك أن تعلم أن الرافضة-كالخبيث عدنان إبراهيم-استطالوا بكلام ابن عبد البر والإجماع المزعوم الذي حكاه فأخذوا يطعنون في عدالة الوليد بن عقبة بن أبي معيط -رضي الله عنه- ثم قاموا بعد الطعن فيه نقض إجماع أهل السنة بأن الصحابة كلهم عدول ! فتأمل.

ووقع الذهبي فيما وقع فيه ابن عبد البر حيث قال في ترجمة الوليد في سيره(3/514):
" كان مع فسقه والله يسامحه شجاعا، قائما بأمر الجهاد".
أقول:
أعوذ بالله من هذا الكلام الشنيع! والله لم يكن فاسقاً وأما خبر شربه للخمر فقد ثبت أنه حُد فيه فلا يجوز ذكره من باب التنقص منه أو الحط من قدره لأن الحدود كفارات لأهلها وقد سبق الكلام على هذه المسألة في فصل ما ثبت من أخبار عنه -رضي الله عنه-.
والذهبي ليست هذه الوحيدة له في كتابه السير بل له من هذه الأمور وغيرها ما يحتاج أن يتم التنبيه عليه فعلى سبيل المثال:عندما جاء في ترجمة أمير المؤمنين وخالهم معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما قال(3/133):
"وله هنات وأمور، والله الموعد".
أقول:
رضي الله عن معاوية وله من الفضائل ما لو أن فضيلة منها وزعت على كثير كثير ممن في كتاب الذهبي لكفتهم وزيادة،وأفضل ما يعتذر للذهبي فيه ما قال الإمام ابن باز -رحمه الله- كما في شريط الدمعة البازية: " ليس هو من أهل البصيرة هو من الوسط له عناية بالمصطلح ونحوه".
أو كما قال الإمام الألباني -رحمه الله- عندما سئل عن نقل الذهبي في سيره لبعض الأخبار التي فيها مخالفة للعقيدة (سلسلة الهدى والنور شريط 189):
" لعل هذا كان قبل أن ينضج في علم العقيدة والتوحيد، ممكن أن يكون الأمر كذلك، وممكن أن يكون من سرعة الكتابة والتأليف ألا يتنبه للمحذور الذي يترتب من حكاية الواقع، والجواب أيضاً كما قلنا مما قيل عن أحمد، أيضاً نقول عن الإمام الذهبي".
أقول: وما ورد منه من كلام في الصحابة أو إشارة لمثالب لا تثبت يُحمل على كلام الإمامين ابن باز والألباني -رحمهما الله-، ولا أنسى أن ألفت انتباه الإخوة إلى التدقيق في الأخبار الموجودة في سير أعلام النبلاء أو غيره من كتب التراجم والتواريخ خاصة تلك الأخبار التي لها تعلق بالصحابة -رضي الله عنهم- .
خاتمة:

أشير إلى أهم الفوائد في نهاية هذا البحث:
1-تبين بحمد الله أن كثيراً من الروايات التي يكثر ذكرها في ترجمة الوليد لا تثبت.
2-لاحظت أن غالب من روى هذه الأخبار إما رافضي أو متهم بالرفض وفي أقل الأحوال شيعي!.
3-أن ما ثبت من أخبار في حقه إذا ذكرت يجب أن يبين أن الحد أقيم عليه وأن الحدود كفارات، ولا يجوز ذكر مثل هذه الأخبار للطعن فيه -رضي الله عنه-.
4-أن على طالب العلم أن لا يغتر بكثرة الروايات التي يوردها أهل السير بل عليه أن يدقق فيها خاصة إن تعلقت بجناب الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-، وغيرهم من أهل الفضل والمكانة عند أهل السنة والجماعة.

هذا ما يسره المولى عز وجل، فإن أصبت فيه فمن توفيق الله وحده وإن جانبت الصواب في شيء مما ذكرت فمن نفسي المقصرة والشيطان.
﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾
وصل اللهم على محمد وآله وصحبه وسلم تسلمياً كثيراً.
--------------------
([1]) انظر أسد الغابة(4/675) والإصابة(6/481).
([2]) المحلى(1/65).
([3]) متفق عليه.
([4]) منهاج السنة (6/236-237).
([5]) جامع المسانيد(8/432).
([6]) ص397.
([7]) منهاج السنة النبوية(5/81-82-83).
([8]) الكفاية ص 134.
([9]) هو أشهر بأبي مخنف وإن كانت تسميته ابن مخنف صواباً لأن جده اسمه :سعيد بن مخنف.
([10]) أصول السنة ص
([11]) 2501
([12]) (1707)
([13]) (6/283)
([14]) (8/474)
([15]) (4298)
([16]) منهاج السنة(7/97).
([17]) أحاديث الشاموخي رقم(26).
([18]) (687)
([19]) (1/405)
([20]) (10/259).
([21]) الضعفاء (4/446).
([22]) (3797)
([23]) أسد الغابة(4/675).
([24]) الإصابة(6/482).
([25]) (1/164).
([26])(ص295-296)
([27]) الاستقامة (1/338).
([28]) رقم 16502.
([29]) رقم (3205).

التعديل الأخير تم بواسطة بلال الجيجلي ; 07-20-2012 الساعة 03:22 PM
رد مع اقتباس