عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 07-31-2010, 03:26 PM
إبراهيم زياني إبراهيم زياني غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 401
شكراً: 0
تم شكره 53 مرة في 38 مشاركة
افتراضي


و لما كانت الأشهر الحرم أفضل الأشهر بعد رمضان أو مطلقاً ، و كان صيامها كلها مندوباً إليه[1] كما أمر به النبي صلى الله عليه و سلم[2] ، ، و كان بعضها ختام السنة الهلالية ، و بعضها مفتاحاً لها فمن صام شهر ذي الحجة [3]سوى الأيام المحرم صيامها منه و صام المحرم فقد ختم السنة بالطاعة و افتتحها بالطاعة ، فيرجى أن تكتب له سنته كلها طاعة ، فإن من كان أول عمله طاعة و آخره طاعة[4] فهو في حكم من استغرق بالطاعة ما بين العملين[5] .
وفي حديث مرفوع : ما من حافظين يرفعان إلى الله صحيفة فيرى في أولها و في آخرها خيراً إلا قال الله لملائكته أشهدكم أني غفرت لعبدي ما بين طرفيها ، خرجه الطبراني و غيره ، وهو موجود في بعض نسخ كتاب الترمذي ، و في حديث آخر مرفوع : ابن آدم اذكرني من أول النهار ساعة ، و من آخر النهار ساعة أغفر لك مابين ذلك إلا الكبائر أو تتوب منها[6] .
و قال ابن مبارك : من ختم نهاره بذكر كتب نهاره كله ذكراً . يشير إلى أن الأعمال بالخواتيم[7] ، فإذا كان البداءة و الختام ذكراً فهو أولى أن يكون حكم الذكر شاملاً للجميع ، و يتعين افتتاح العام بتوبة نصوح تمحو ما سلف من الذنوب السالفة في الأيام الخالية .
قطعت شهور العام لهواً و غفلة و لم تحترم فيما أتيت المحــرما
فلا رجـــبا وافيت فيـــه بحــــقه و لا صمت شهر الصوم صوماً متمما
ولا في ليالي عشر ذي الحجة الذي مضى كنت قواماً ولا كنت محرما
فهل لك أن تمحــــو الذنوب بعـبرة و تبكي عليها حسرة و تنـــــــــدما
و تستقبل العـــــــــــام الجديد بتوبة لعلك أن تمحو بها ما تقـــــــــــدما
و قد سمى النبي صلى الله عليه و سلم المحرم شهر الله ، و اضافته إلى الله تدل على شرفه و فضله[8] ، فإن الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته كما نسب محمداً و إبرهيم و إسحاق و يعقوب و غيرهم من الأنبياء إلى عبوديته ، و نسب إليه بيته و ناقته .
و لما كان هذا الشهر مختصاً بإضافته إلى الله تعالى كان الصيام من بين الأعمال مضافاً إلى الله تعالى فإنه له من بين الأعمال ناسب أن يختص هذا الشهر المضاف إلى الله بالعمل المضاف إليه المختص به و هو الصيام .
و قد قيل في معنى إضافة هذا الشهر إلى الله عز و جل : إنه إشارة إلى أن تحريمه إلى الله عز و جل ليس لأحد تبديله كما كانت الجاهلية يحلونه و يحرمون مكانه صفراً فأشار إلى شهر الله الذي حرمه ، فليس لأحد من خلقه تبديل ذلك و تغييره :
شهر الحرام مبارك ميمون و الصوم فيه مضاعف مسنون
و ثواب صائمه لوجه إلهه في الخلد عند مليـــــكه مخزون
الصيام سر بين العبد و بين ربه و لهذا يقول الله تبارك و تعالى : كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي و أنا أجزي به[9] ، إنه ترك شهواته و طعامه و شرابه من أجلي . و في الجنة باب يقال له : الريان لا يدخل منه إلا الصائمون ، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه غيرهم[10] .
و هو جنة للعبد من النار كجنة أحدكم من القتال ، و في المسند عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من صام يوماً ابتغاء وجه الله تعالى بعده الله من نار جهنم كبعد غراب طار و هو فرخ حتى مات هرما[11]ً .
و فيه أن أبا أمامة قال للنبي صلى الله عليه و سلم : أوصني ؟ قال : عليك بالصوم فإنه عدل له [12]، فكان أبو أمامة و أهله يصومون فإذا رؤي في بيتهم دخان بالنهار علم أنه قد نزل بهم ضيف ،
و ممن سرد الصوم عمر و أبو طلحة و عائشة و غيرهم من الصحابة و خلق كثير من السلف ،

[1]وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه و سلم- استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، و كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا).
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهرًا أكثر من شعبان، وكان يصوم شعبان كله)، رواه البخاري.

[2] وعن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم"، رواه النسائي.

[3]فعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"" ما من أيام العمل الصالح فيهن أحبّ إلى الله منه في هذه الأيام العشر ، قالوا : ولا الجهاد في سبيل ‍ قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء "" رواه البخاري وأحمد وابو داود وغيرهم . وفي رواية عند الدارمي "" ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجراً من خيرٍ يعمله في عشر الأضحى ) وإسناده حسن كما في إرواء الغليل (3/398)

[4]قوله :""صلى الله عليه وسلم ما من أيام أعظم عند الله ولا أحبّ إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد "" رواه أحمد وقوّاه بشواهد الألباني في الإرواء (890) (3/398)

[5] قال ابن حجر ، رحمه الله ، ( والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمّهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يتأتى ذلك في غيره ) فتح الباري (2/460)

[6]حديث فيما يذكر من رحمة ربه أنه قال يا ابن آدم اذكرني من بعد صلاة الفجر ساعة وبعد صلاة العصر ساعة أكفك ما بينهماالراوي: الحسن المحدث: السبكي (الابن) - المصدر: طبقات الشافعية الكبرى - الصفحة أو الرقم: 6/305خلاصة حكم المحدث: [لم أجد له إسنادا]

[7]أن رجلا من أعظم المسلمين غناء عن المسلمين ، في غزوة غزاها مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا ) . فاتبعه رجل من القوم ، وهو على تلك الحال من أشد الناس على المشركين ، حتى جرح ، فاستعجل الموت ، فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه حتى خرج من بين كتفيه ، فأقبل الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسرعا ، فقال : أشهد أنك رسول الله ، فقال : ( وما ذاك ) . قال : قلت لفلان : ( من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه ) . وكان من أعظمنا غناء عن المسلمين ، فعرفت أنه لا يموت على ذلك ، فلما جرح استعجل الموت فقتل نفسه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : ( إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة ، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار ، الأعمال بالخواتيم ) .
الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6607
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

[8]أفضل الصيام ، بعد رمضان ، شهر الله المحرم . وأفضل الصلاة ، بعد الفريضة ، صلاة الليل الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1163 خلاصة حكم المحدث: صحيح

[9]قال الله عز وجل : كل عمل ابن آدم له ، إلا الصوم ، فإنه لي ، وأنا أجزي به ، والصيام جنة ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني صائم ، إني صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، للصائم فرحتان يفرحهما ، إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي ربه فرح بصومه .الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 978
خلاصة حكم المحدث: صحيح

[10] للصائمين باب في الجنة ؟ يقال له الريان ، لا يدخل فيه أحد غيرهم ، فإذا دخل آخرهم أغلق ، من دخل فيه شرب ، و من شرب لم يظمأ أبدا
الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5184
خلاصة حكم المحدث: صحيح

[11] من صام يوما ابتغاء وجه الله تعالى ، بعده الله عز و جل من جهنم كبعد غراب طار و هو فرخ حتى مات هرما الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الضعيفة - الصفحة أو الرقم: 1330 خلاصة حكم المحدث: ضعيف

[12] أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل قال عليك بالصوم ، فإنه لا عدل له
الراوي: أبو أمامة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 2221
خلاصة حكم المحدث: صحيح
__________________
قال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى
ولا يتنقص أهل الحديث وينتقص علومهم إلا جاهل ضال مفتر .
والجرح والتعديل هم أئمته وهم مرجع علماء الأمة فيه من مفسرين وفقهاء وهم الذين تصدوا لأهل البدع فكشفوا عوارهم وبينوا ضلالهم من خوارج وروافض ومعتزلة ومرجئة وقدرية وجبرية وصوفية , ولا يزالون قائمين بهذا الواجب العظيم , ولا يزال باب الجرح والتعديل قائماً ومفتوحاً ما دام هناك أهل حق وأهل باطل وأهل ضلال وأهل هدى , ولا يزال الصراع قائماً بين الطائفة المنصورة ومن خالفها من أهل الضلال ومن خذلها
http://www.m-noor.com/

رد مع اقتباس