عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 07-14-2014, 03:08 AM
سالكة سبيل السلف سالكة سبيل السلف غير متواجد حالياً
زائر
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 1,225
شكراً: 20
تم شكره 157 مرة في 107 مشاركة
افتراضي

ومن هنا نعلم مبلغ ضلال الجهمية ومن تأثر بهم من الخلف الذين أنكروا جميعا أن يكون الله تعالى على عرشه فوق خلقه ثم انقسم هؤلاء إلى مذهبين :
الأول : مذهب الجهمية الذين ذهبوا إلى أن الله تعالى في كل مكان مخلوق ( 1 ) . وقد جادلهم الإمام أحمد رحمه الله تعالى . فأحسن جدالهم وكشف به عوارهم فقال في رسالة ( الرد على الجهمية ) :
( وإذا أردت أن تعلم أن الجهمي كاذب على الله سبحانه وتعالى حين زعم أنه في كل مكان ولا يكون في مكان دون مكان فقل له : أليس كان الله ولا شيء ؟ فيقول : نعم . فقل له : فحين خلق الشيء خلقه في نفسه أو خارجا عن نفسه ؟ فإنه يصير إلى أحد ثلاثة أقاويل :
أ - إن زعم أن الله تعالى خلق الخلق في نفسه كفر حين زعم أن الجن
والإنس والشياطين وإبليس في نفسه
ب - وإن قال : خلقهم خارجا من نفسه ثم دخل فيهم كفر أيضا حين زعم أنه دخل في كل مكان وحش وقذر
ج - وإن قال خلقهم خارجا من نفسه ثم لم يدخل فيهم . رجع عن قوله أجمع وهو قول أهل السنة )
والمذهب الآخر قول بعض غلاة النفاة للعلو :
( الله لا فوق لا تحت ولا يمين ولا يسار ولا أمام ولا خلف لا داخل العالم ولا خارجه ) ويزيد بعض فلاسفتهم :
( لا متصلا بالعالم ولا منفصلا عنه )
قلت : وهذا النفي معناه - كما هو ظاهر - أن الله غير موجود وهذا هو التعطيل المطلق والجحد الأكبر تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا . وما أحسن ما قال محمود بن سبكتكين لمن وصف الله بذلك : ميز لنا بين هذا الرب الذي تثبته وبين المعدوم ) ذكره في ( التدمرية ) ( ص 41 )
وهذان المذهبان الباطلان أحدهما - ولا بد - لازم لكل من أنكر صفة العلو لله على عرشه كما سبق بيانه
وإن مما يؤسف له شديد الأسف أن المذهب الأول منهما هو السائد اليوم على ألسنة الناس في هذه البلاد عامتهم وخاصتهم فما تكاد تجلس في مجلس يذكر الله فيه إلا بادرك بعض الجالسين فيه بقوله : ( الله موجود في كل مكان ) وقد يقول آخر : ( الله موجود في كل الوجود ) فإذا سارعت إلى بيان بطلان هذا الكلام لما فيه من نسبة ما لا يجوز إلى الله من كونه مظروفا لخلقه وما فيه من المخالفة لصفة علوه على عرشه سارع بعض المتعالمين إلى تأويل ذلك القول بضم جملة ( بعلمه ) إليه . كأنما هو آية من كتاب الله أو حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بد من تأويله ولم يدر هؤلاء المساكين أنها كلمة الجهمية والمعتزلة وعقيدتهم على ما يدل عليه ظاهر هذا القول دون أي تأويل فإذا سمعت تأويلهم إياه بقولهم ( بعلمه ) ظننت خيرا ولكن سرعان ما يخيب ظنك حينما توجه السؤال الموروث عن النبي المعصوم الكاشف عن إيمان المرء أو مبلغ معرفته بالله تعالى أو العكس ألا وهو قوله صلى الله عليه وسلم للجارية : ( أين الله ) قالت : في السماء . قال : ( أعتقها فإنها مؤمنة ) - فأنت إذا وجهت مثل هذا السؤال إلى العامة والخاصة وجدتهم يحملقون بأعينهم مستنكرين إياه جاهلين أو متجاهلين أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي سنه لنا ثم تراهم مع ذلك حيارى لا يدرون بماذا يجيبون كأن الشريعة الإسلامية لم تتعرض لبيانه مطلقا لا في الكتاب ولا في السنة مع أن الأدلة فيهما متواترة على أن الله تعالى في السماء .
رد مع اقتباس