عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 12-29-2010, 05:50 PM
أبو حمزة مأمون أبو حمزة مأمون غير متواجد حالياً
المشرف المساعد - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 102
شكراً: 3
تم شكره 21 مرة في 15 مشاركة
افتراضي

التأول هو وضع الدليل الشرعي في غير موضعه باجتهاد أو شبهة تنشأ عن عدم فهم دلالة النصّ, فيقع في قول الكفر أو فعل الكفر وهو لا يراه كفرًا محتجًا بدليل أخطأ في فهم معناه, ويكون الخطأ في التأوّل مانعًا من تكفيره، ومثل هذا يقع كثيرا عند أتباع المذاهب الفكرية من المتكلمين وخاصة في أبحاثهم واجتهادهم في مسائل صفات الله وأفعاله, وما يؤكد هذا حادثة قدامه بن مظعون حين استحل شرب الخمر واستحلال شربها كفر مستدلا بقوله تعالى {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا}، واحتج بهذه الآية على عمر لما أراد أن يقيـم عليه الحد، فبيّن له عمر خطأه وأقام عليه الحد, وقد دلت هذه الحادثة على أن الخطأ في التأول مانع من التكفير بإجماع الصحابة، كما أنه داخل في عموم قوله تعالى **رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}. ومع ذلك فإنه ليس كل خطأ في التأول يعتبر عذرًا ومانعًا من التكفير , فالخطأ في التأول الذي يكون ناشئا عن محض الرأي والهوى دون استناد إلى دليل شرعي لا يعتبر مانعا من التكفير, وهذا كاحتجاج إبليس حين امتنع عن السجود لآدم محتجاً برأيه {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} فهذا محض الرأي، وكتأويلات الباطنية التي أسقطوا بها الواجبات الشرعية فإنها محض الهوى.
والتأويل السائغ هو ما كان له وجه في اللغة أو الشرع والله أعلم.
قال شيخ الإسلام :
وإنما كان (يعني الإمام أحمد) يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته؛ لأن مناقضة أقوالهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرة بينة . ولأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق، وكان قد ابتلي بهم حتى عرف حقيقة أمرهم، وأنه يدور على التعطيل، وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة .
لكن ما كان يكفر أعيانهم، فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به، والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط، والذي يكفر مخالفه أعظم من الذي يعاقبه . ومع هذا، فالذين كانوا من ولاة الأمور يقولون بقول الجهمية : أن القرآن مخلوق، وأن الله لا يري في الآخرة، وغير ذلك . ويدعون الناس إلى ذلك، ويمتحنونهم، ويعاقبونهم، إذا لم يجيبوهم، ويكفرون من لم يجبهم . حتى أنهم كانوا إذا أمسكوا الأسير، لم يطلقوه حتى يقر بقول الجهمية : إن القرآن مخلوق، وغير ذلك . ولا يولون متولياً ولا يعطون رزقاً من بيت المال إلا لمن يقول ذلك . ومع هذا، فالإمام أحمد ـ رحمه الله تعالي ـ ترحم عليهم، واستغفر لهم، لعلمه بأنهم لم يبن لهم أنهم مكذبون للرسول، ولا جاحدون لما جاء به، ولكن تأولوا فأخطأوا، وقلدوا من قال لهم ذلك .

التعديل الأخير تم بواسطة أبو حمزة مأمون ; 12-29-2010 الساعة 06:28 PM
رد مع اقتباس