عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-21-2023, 02:02 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي

ثانيا: قال الشيخ أسامة وفقه الله أن الدكتور لم يبتر أثر ابن عباس رضي الله عنهما، وأن الأثر مكون من معنيين في جُملتين مُستقِلَّتين، وقال إن الدليل على ذلك ورود الأثر من بعض الطرق بلا تتمة!
بمعنى أنه ما دام قد ورد من غير تتمة فهذا دليل على أنه جزء مستقل! والتتمة التي جاءت في الروايات الأخرى جزء مستقل!
#والجواب على هذا أن يقال: قد بينت في المقال السابق، بأن هناك فرق بين الرواية والدراية، ففي باب الرواية الراوي يحدث بما سمع بلا زيادة ولا نقصان، وأما في باب الدراية فلا يجوز الاقتصار على رواية واحدة والحكم عليها أو الفتيا بها، وقد نقلت كلام الأئمة في ذلك، من ذلك:
قول أبي حاتم الرازي: ((لو لم نكتب الحديث من ستين وجها ما عقلناه)) وقال أحمد بن حنبل: ((الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضا)) وقال رحمه الله: ((من لم يجمع طرق الحديث لا يحل له الحكم على الحديث ولا الفتيا به)) وأضيف هنا ما قاله ابن خزيمة رحمه الله في كتاب التوحيد (2/ 602): «فَأَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُبَّمَا اخْتَصَرُوا أَخْبَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَدَّثُوا بِهَا، وَرُبَّمَا اقْتَصُّوا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ، وَرُبَّمَا كَانَ اخْتِصَارُ بَعْضِ الْأَخْبَارِ، أَوْ بَعْضِ السَّامِعِينَ يَحْفَظُ بَعْضَ الْخَبَرِ وَلَا يَحْفَظُ جَمِيعَ الْخَبَرِ، وَرُبَّمَا نَسِيَ بَعْدَ الْحِفْظِ بَعْضَ الْمَتْنِ، فَإِذَا جُمِعَتِ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا عُلِمَ حِينَئِذٍ جَمِيعُ الْمَتْنِ وَالسَّنَدِ، دَلَّ بَعْضُ الْمَتْنِ عَلَى بَعْضٍ، كَذِكْرِنَا أَخْبَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُتُبِنَا، نَذْكُرُ الْمُخْتَصَرَ مِنْهَا، وَالْمُتَقَصَّى مِنْهَا، وَالْمُجْمَلُ وَالْمُفَسَّرُ، فَمَنْ لَمْ يَفْهَمْ هَذَا الْبَابَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ تَعَاطِي عِلْمِ الْأَخْبَارِ وَلَا ادِّعَائِهَا»
فبين الإمام ابن خزيمة رحمه الله أن الصحابي قد يختصر بعض الأخبار إذا حدثوا بها، وأن هذا الاختصار لأسباب:
-فقد يروي الخبر مختصرا لأنه لم يحفظ جميع الخبر، فروى ما حفظه.و
-ربما نسي بعضه، فروى ما تذكره، وربما رَوَوْهُ كاملا...
وهناك أسباب أخرى فلم يرد الحصر رحمه الله.
ولكن الشيخ أسامة لم يعلق على هذه القضية في تعليقه الصوتي، وتمسك بقوله إنه قد جاءت رواية بلا تتمة، مع أنه يعلم الفرق بين باب الرواية وباب الدراية.
يتبع....


التعليق

قد علقت وبينت لكنك لم تنتبه..

وهذا الجواب باختصار:


الوجه الثاني: قوله: (فقد جعل الدكتور والشيخ أسامة تبعا له أن الأثر مكون من جزأين، وعلل ذلك بأنه قد ورد في أحد الطرق بلا تتمة بقوله: «إن خشيت أن يقتلك فلا»)

التعليق

في الحقيقة أنا لم أفعل ذلك من عندي، بل هذا الواقع في الأثر، وفي سياق الكلام كما يفهمه الشخص العارف بلغة العرب.

وبيان ذلك من ثلاث جهات ذكرتها في الصوتية ولعل الأخ طارق لم ينتبه لذلك:

الجهة الأولى: ظاهر الأثر، ومنطوقه ومفهومه.

فقد سأل سعيد بن جبير شيخه ابن عباس رضي الله عنهما عن أمر الأمير ونهيه فأجابه بجواب صريح وواضح: (إن خشيت أن يقتلك فلا) يعني يجوز لك ذلك بشرط، ثم زاد توضيحا لقضية القتل إن لم يلتفت إليها وأراد النصيحة ولو قتل لأنه حينها يكون شهيدا بدلالة نصوص أخرى معلومة، فقال له: (فإن كنت لابد فاعلا) فذكر شرطا لما يأتي من النصائح وهو إصراره على النصيحة مع عدم التفاته للقتل أي لابد من الأمر والنهي حتى مع خشية القتل المذكورة في أول الكلام، (فلا تؤنب الإمام، وليكن بينك وبينه، ولا تعب الإمام)، فهذه كلها استكمال للضوابط في الأمر والنهي للأمير، أن يكون بدون تأنيب، وبدون عيب، ويحرص أن يكون بينه وبينه، وهذه العبارات كلها تصلح أن تكون مع خشية القتل وعدمه، ولكنه أكد عليها إذا كان لا يلتفت إلى قضية القتل، وإنما همه الأمر والنهي ونصرة الحق ولو حصل له ما حصل.

هذا هو خلاصة الأثر حسب السياق الواضح.


الجهة الثانية: أن هذا الأثر قد صح بدون الشرط الموجود في تتمة النصيحة أو الجزء الثاني من الأثر، وهي رواية شعبة أمير المؤمنين في الحديث، وحدث بها ورواها للناس بدون جزء ثان، مما يؤكد أن هذا الشطر مستقل في المعنى عن الثاني وإن كان متعلقا بباب الضوابط في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وآداب النصيحة.

الجهة الثالثة: أن طاوس بن كيسان اليماني سأل شيخه ابن عباس بنحو سؤال صاحبه ابن جبير فأجابه ابن عباس بعبارة تدل على محذور عند النصيحة لابد من مراعاته (لا تكون فتنة).

فيظهر من الجهات الثلاث أن الشطر الأول من كلام ابن عباس صريح وواضح في أنه يجيز نصيحة السلطان إن أمن الفتنة، وإن أمن من القتل، وأنه إن كان لا ينظر لقضية القتل فيعمل بتوجيهات تخفف من وطأة النصيحة على الأمير بحيث تكون مبعدة لمفسدة القتل أو قوع الفتنة..

وهذا يتوافق مع الوارد في السنة الصحيحة من أن النصيحة تكون سرا فهذا أدعى للقبول، وأبعد عن الفتنة، كما بينت ذلك مرارا.

والله أعلم

رد مع اقتباس