عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-27-2013, 07:49 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,369
شكراً: 2
تم شكره 272 مرة في 212 مشاركة
افتراضي الرد على بعض المليبارية تضعيفه حديثاً في صحيح البخاري: «ليس الواصل بالمكافئ»

الرد على بعض المليبارية تضعيفه حديثاً في صحيح البخاري: «ليس الواصل بالمكافئ»

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد قال الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الأدب. باب(5) ليس الواصل بالمكافئ. (5991) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ وَالْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو وَفِطْرٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ سُفْيَانُ: لَمْ يَرْفَعْهُ الْأَعْمَشُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَفَعَهُ حَسَنٌ، وَفِطْرٌ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا».

وقد أجمعت الأمة على صحة هذا الحديث، وتلقته بالقبول، ولم يضعفه أحد من أهل الحديث لا قبل الإمام البخاري رحمه الله، ولا بعده.

لأن هذا الإسناد صحيح رجاله ثقات، ووقعت مخالفة من الأعمش، حيث أوقفه، ولكن روايته معلولة، والصحيح عند أهل الحديث أنه مرفوع ليس موقوفاً.

وذلك لأن رواية الرفع موصولة، ورجالها ثقات، والرواية الموقوفة في اتصالها نظر.

فقد رواه ثلاثة رواةٍ عن مجاهد مرفوعاً، ورواه الأعمش بالعنعنة عن مجاهد موقوفاً.

وهؤلاء الثلاثة هم:

الحسن بن عمرو الفقيمي وهو ثقة من رجال البخاري، بل قال ابن معين: ثقة حجة.

وبشير بن سلمان الكندي، وهو ثقة من رجال مسلم. وروايته عند الحميدي وغيره.

وفطر بن خليفة: وهو صدوق، وقد وثقه أئمة، وتكلم فيه آخرون، بل قال الإمام أحمد: كان فطر عند يحيى بن سعيد –يعني القطان-: ثقة. بل الأعجب قال النسائي فيه-مع قوله مرَّة فيه: لا بأس به-: ثقة، حافظ، كيّس. وقد روى له البخاري مقروناً بغيره وهو هذا الحديث فقط.

فيتبين من تراجمهم أنهم مما تقوم الحجة بروايتهم على الاجتماع، كما تقوم الحجة برواية الحسن بن عمرو وحده، ورواية بشير وحده، وأما رواية فطر فمحل اجتهاد.

لذلك ما انتقد هذا الحديث أحد من الأئمة على مر الدهور والعصور .

ولقد اطلعت على كتابة لبعض المليبارية الجدد يضعف هذا الحديث، وينسب شذوذه هذا إلى الإمام أبي حاتم الرازي، والإمام الدارقطني، والإمام النسائي.

ونسبته هذا الباطل لهؤلاء الأئمة لجهله وسوء فهمه، وسأبين ذلك باختصار.
أما نسبته إعلال هذا الحديث للإمامين النسائي والدارقطني فهو لم يقف على كتاب لأحد هذين الإمامين أعل فيه أحدهما هذا الحديث، وإنما ظن ذلك بسبب فهمه الباطل لكلام الإمام ابن عبد الهادي حيث قال في كتاب «الاختلاف بين رواة البخاري»: « وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عِلَّةٌ ذَكَرَهَا النَّسَوِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الاسْتِدْرَاكَاتِ ».
وابن عبدالهادي إنما يعني بذلك الحديث الذي خرجه في أصل كتابه وهو حديث: الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» فهذا الذي تكلم فيه النسائي وتكلم فيه الدارقطني في كتاب التتبع (29).
فإن قيل: إن ذلك المتحذلق استند إلى كتاب الإغراب للنسائي حيث خرجه فيه!
فيقال: ذاك الكتاب ليس لبيان الأحاديث الغريبة مطلقاً، أو للأحاديث الضعيفة، وإنما لما أغرب فيه شعبة عن سفيان الثوري، أو العكس، ليس إلا .

وأما نسبته إعلال الحديث لأبي حاتم الرازي فهو لجهله بكتب العلل، ولسوء فهمه لكلام الأئمة.

وذلك أن أبا حاتم سئل عن هذا الحديث فلم يصفه بنكارة أو ضعف أو علة، بل ذكر فيه اختلافاً بين الأعمش من جهة، وفطر والحسن الفقيمي من جهة أخرى، وحتى لا يتوهم متوهم أنه يضعف الحديث مرفوعاً، نبه إلى أمرين مهمين تمنع نسبة تضعيف الحديث لأبي حاتم حيث قال: « والحديثُ يَحتملُ أن يكونَ مرفوعً»، فلم يقل: رفعه خطأ، أو منكر، بل ذكر هذا الاحتمال. وهذا هو الأمر الأول.

الأمر الثاني: أن من خالفهما وهو الأعمش مع كونه أحفظ إلا أنه مدلس، فقد يكون سمعه من ضعيف كأبان بن أبي عياش عن مجاهد فأوقفه، فلا تكون المخالفة في الحقيقة بين الأعمش والحسن وفطر، بل بين أبان وفطر والحسن، لذلك شكك في رواية الأعمش.
فإذا كانت رواية الأعمش مشكوك فيها، فكيف يقال إنه خالف فطراً والحسن الفقيمي؟!!

فالصورة هكذا :

الأعمش عن (احتمال وجود ضعيف رواه عن ) مجاهد عن ابن عمرو موقوفاً.

الحسن الفقيمي، وبشير وفطر كلهم عن مجاهد عن ابن عمرو مرفوعاً.

فمن الذي يقابل هؤلاء الثلاثة في الرواية عن مجاهد؟

يحتمل أن يكون الأعمش، ويحتمل أن يكون شيخاً للأعمش دلسه.

فكيف يقدم هذا الجاهل الروايةَ المشكوك فيها، والتي ضعفها بالتدليس، على الرواية الصحيحة التي اجتمع عليها ثلاثة رواة اثنان منهما من الثقات المعروفين؟!!

فإعلال هذا الجاهل لهذا الحديث بهذه الطريقة السقيمة، وفهمه السقيم لكلام العلماء، مما نتج عنه خرقٌ متوهم للإجماع على صحة حديث رواه البخاري في صحيحه هو الذي دعاني للشدة عليه، والتحذير منه، ووصفه بأنه مليباري جديد، بل هو هدام السنة المتابع لهدام السنة حسان عبدالمنان.

فأدعو ذلك الكاتب الذي كان صديقاً لي يجمعني به المنهج السلفي الرصين، أن يترك هذا المسلك المزري في الإعلال، والذي فاق في سوئه وقبحه منهج كثير من المليبارية.

وبعض الناس يعاتبني على شدتي عليه، فأقول: إن شدتي عليه بسبب شدته في انتهاك حرمة أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وهدمه لجملة منها بجهل وسوء فهم، ووقاحة يندر لها نظير.
فكما جمعني به المنهج السلفي، فخروجه عن منهج السلف في التعامل مع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي جعلني أفارقه، وأحذر منه، ليس بيني وبينه منافسة دنيوية، ولا أنافسه على زعامة، ولا أحسده على شيء، بل إصراره على بدعة المليبارية، وجرأته على الطعن في بعض الأحاديث الصحيحة، ومخالفته الإجماع، وتلاعبه بكتب شيخنا الألباني رحمه الله حيث إنه بعد كثير من تخاريجه البتراء يقول: يحول من الصحيحة إلى الضعيفة، ومن صحيح الترغيب إلى ضعيف الترغيب، ونحو هذا العبث والسماجة.
فهذا هو الذي دفعني للتحذير منه، بعد نصحي ونصح غيري له، ولكنه كابر وعاند هداه الله للرجوع لمنهج أهل السنة في التعامل مع الأحاديث والآثار.
وهذا المقال مثال لكشف جهله، وسوء فهمه، ولا أريد أن أقول: لتلبيسه وتدليسه، وسوء قصده. فالله أعلم بالنيات.
وإن كانت تصدر منه أمور تجعل القارئ يظن به السوء، كما فعله في ترجمة بشير بن سلمان ، فبدل الرجوع إلى كلام الأئمة المتقدمين في ترجمته، [وقد اتفقوا على توثيقه، مع التنبيه إلى أن بعض الأئمة قال فيه: صالح الحديث، وبعضهم قال: لا بأس به، ولكن معظمهم قال: ثقة، كالإمام أحمد، وابن نمير، وابن معين في رواية، والعجلي، وغيرهم]؛ لجأ إلى بعض كتب العلل ككتاب العلل لابن أبي حاتم، والعلل للدارقطني، وكتاب الشيخ مقبل أحاديث معلة ظاهرها الصحة لينزل من درجة الراوي، ويستند إلى تلك الأوهام لجعله موصوفاً بـ «كان يهم» ثم لإسقاط متابعته، ثم جعله مخالفاً أيضاً للأعمش!!

فهذه ثلاث مصائب ارتكبها فيما يخص بشير بن سلمان الكندي رحمه الله.
وهل يجهل هذا الكاتب أن كتب العلل تشتمل على أوهام الثقات، وأوهام الثقات الحفاظ، وفيها أوهام لشعبة والسفيانين ومالك والقطان وابن مهدي فضلاً عمن دونهم؟!
فهل سنجد من يستند إلى ذكر أوهام هؤلاء العلماء إلى وصفهم بأنهم يهمون، وجعل ذلك سلماً لإسقاط مخالفتهم لحافظ من الحفاظ؟!
ومن الخطأ الذي يسلكه هذا الكاتب هو تركه لكلام الأئمة الموثقين واختياره لعبارة تنزل من رتبة الراوي لأجل نصرة هواه، مع أنه ليس أهلاً للترجيح بين كلام الأئمة، ويذكرني صنيعه بصنيع حسان عبدالمنان فقد كان يفعل ذلك ليضعف الأحاديث.
لذلك لن أستغرب أن يأتي يوم يقوم به هذا الكاتب بتضعيف حديثٍ للأعمش لكون الإمام أحمد قال: في حديث الأعمش اضطراب كثير! ويتغافل عن كلام الأئمة في توثيقه، وكونه حجة، ثبتاً، يسمى المصحف لحفظه وإتقانه.
أسأل الله له الهداية والصلاح، وتوبته ورجوعه أحب إلي من الدنيا وما فيها.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

التعديل الأخير تم بواسطة أسامة بن عطايا العتيبي ; 08-28-2013 الساعة 03:30 AM
رد مع اقتباس