عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 07-28-2010, 05:57 PM
أم حفصة الأثرية أم حفصة الأثرية غير متواجد حالياً
طالبة في معهد البيضـاء العلميـة -وفقها الله-
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 43
شكراً: 12
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي

قال الإمام ابن رجب رحمه الله في كتابه "لطائف المعارف" :


في فضل قيام الليل

و قد دل حديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا على أنه أفضل الصلاة بعد المكتوبة .

وهل هو أفضل من السنن الراتبة فيه خلاف سبق ذكره .

و قال ابن مسعود رضي الله عنه : فضل صلاة الليل على صلاة النهار كفضل صدقة السر على صدقة العلانية . و خرجه الطبراني عنه مرفوعاً ، و المحفوظ وقفه .
{{ و ذكره أيضا ابن رجب في جامع العلوم و الحكم (2/142) و قال عنه: مرفوع و الموقوف أصح، و المنذري في الترغيب و الترهيب (1/293) و خلاصة حكمه: إسناده حسن. و رواه أيضا أبو نعيم في حلية الأولياء (183) و قال عنه: تفرّد برفعه مخلد بن يزيد الثوري.و ورد هذا الحديث أيضا في شعب الإيمان للبيهقي و خلاصة حكمه: لم يرفعه غير مخلد بن يزيد و أخطأ فيه و الصحيح أنّه موقوف.
و قد ضعّفة شيخنا الألباني في ضعيف الترغيب (360) و في ضعيف الجامع (3976) و في السلسلة الضعيفة (4010).
}}

و قال عمرو بن العاص : ركعة بالليل خير من عشر بالنهار ، خرجه ابن أبي الدنيا .
{ وجدته خرّجه ابن أبي الدنيا في التهجّد و قيام الليل (13) هكذا: "قال أبو نصر التمّار: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن عمّته سلمى قالت: قال لي عَمرو بن العاص: يا سلمى ركعة بالليل خير من عشر بالنّهار"}

و إنما فضلت صلاة الليل على صلاة النهار لأنها أبلغ في الإسرار ، و أقرب إلى الإخلاص .

كان السلف يجتهدون على إخفاء تهجدهم . قال الحسن : كان الرجل يكون عنده زواره فيقوم من الليل يصلي لا يعلم به زواره .

و كانوا يجتهدون في الدعاء و لا يسمع لهم صوت .

و كان الرجل ينام مع امرأته على وسادة فيبكي طول ليلته و هي لا تشعر .

و كان محمد بن واسع يصلي في طريق الحج طول ليله و يأمر حاديه أن يرفع صوته ليشغل الناس عنه .

و كان بعضهم يقوم من وسط الليل و لا يدري به ، فإذا كان قرب طلوع الفجر رفع صوته بالقرآن يوهم أنه قام تلك الساعة .

و لأن صلاة الليل أشق على النفوس فإن الليل محل النوم و الراحة من التعب بالنهار ، فترك النوم مع ميل النفس إليه مجاهدة عظيمة .

قال بعضهم : أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس . {{ ذكره ابن أبي الدنيا في محاسبة النّفس (114) نسبة لعمر بن عبد العزيز، و أيضا أورده العراقي في تخريج الأحياء: (4/76) و خلاصة حكمه: لا أصل له مرفوعا و إنّما هو من قول عمر بن عبد العزيز.
و ورد أيضا بلفظ أخر: " أفضل الإيمان ما أكرهت عليه النفوس" السبكي (الإبن) في طبقات الشافعية الكبرى (6/385) و خلاصة حكمه: لم أره إلا من قول عمر بن عبد العزيز
}}

و لأن القراءة في صلاة الليل أقرب إلى التدبر فإنه تنقطع الشواغل بالليل و يحضر القلب و يتواطأ هو و اللسان على الفهم كما قال تعالى : {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (المزّمل:6)}

و لهذا المعنى أمر بترتيل القرآن في قيام الليل ترتيلاً و لهذا كانت صلاة الليل تنهاه عن الإثم كما يأتي في حديث خرجه الترمذي .

و في المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قيل له : إن فلاناً يصلي بالليل فإذا أصبح سرق ؟ فقال : سينهاه ما تقول .
{ الحديث وجدته بلفظ: "جاء رجل إلى النّبي صلّى الله عليه و سلّم فقال: إنّ فلانا يصلّي بالليل فإذا أصبح سرق، فقال: سينهاه ما تقول" و قد خرّجه من حديث أبي هريرة: الهيثمي في مجمع الزوائد (7/92) و خلاصة حكمه: رجاله رجال الصحيح إلا أنّ الأعمش قال أرى أبا صالح عن أبي هريرة، و رواه أحمد و البيهقي في شعب الإيمان و حكمه: صحيح، و أورده أيضا شيخنا الألباني في تخريج مشكاة المصابيح (1193) و قال عنه: إسناده صحيح// و أيضا أورد الحديث بلفظ آخر: عوض "ما تقول" ورد: " ما يقول" شيخنا الألباني في السلسلة الصحيحة (7/1405) إلا أنّ إسناده متصل ظاهر الصحّة و لكن له علّة (في السند)، و أورده أيضا الوادعي في صحيح المسند (1393) و قال عنه: رجاله رجال الصحيح// و قد خرّج أيضا هذا الحديث (يعني بلفظ: "ما تقول") الهيثمي في مجمع الزوائد (2/261) عن جابر بن عبد الله الأنصاري}

و لأن وقت التهجد من الليل أفضل أوقات التطول بالصلاة و أقرب ما يكون العبد من ربه ، و هو وقت فتح أبواب السماء و استجابة الدعاء و استعراض حوائج السائلين .

و قد مدح الله تعالى المستيقظين بالليل لذكره و دعائه و استغفاره و مناجاته ، فقال الله تعالى : {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴿16﴾ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴿17﴾(السجدة) }، و قال الله تعالى : {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (آل عمران:17)} ، و قال الله تعالى : {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴿17﴾ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴿18﴾ (الذاريات) }، و قال الله تعالى : {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا(الفرقان:64) } ، و قال الله تعالى : {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ(الزمر:9) } ، و قال تعالى : {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّـهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ(آل عمران:113) } ، و قال لنبيه صلى الله عليه و سلم : {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا(الإسراء97)} ، و قال تعالى : {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا(الإنسان:26)} ، و قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴿1﴾ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿2﴾ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ﴿3﴾ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ﴿4﴾(المزّمل) } .

قالت عائشة رضي الله عنها لرجل : لا تدع قيام الليل فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان لا يدعه ، و كان إذا مرض أو قالت : كسل صلى قاعداً .
{ رواه البيهقي في السنن الكبرى بهذا اللفظ: عن عبد الله بن أبي موسى النّصري قال: قالت لي عائشة رضي الله عنها: لا تدع قيام الليل فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان لا يدعه ، و كان إذا مرض أو قالت : كسل صلى قاعداً .
و وجدته بلفظ آخر: قالت عائشة : "لا تدع قيام الليل فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدا"،و الحديث موجود في مسند الإمام أحمد بن حنبل، و رواه أبو داود في سننه (1307) و خلاصة حكمه: سكت عنه و قد قال في رسالته لأهل المدينة كل ما سكت عنه فهو صالح، و أيضا المنذري في الترغيب و الترهيب (1/298) و خلاصة حكمه: إسناده صحيح أو حسن أو ما يقاربهما، و أيضا فقد صحّحه شيخنا الألباني بهذا اللفظ في صحيح أبي داود (1307) و صحيح الترغيب (632).
كما وجدت الحديث بلفظ ثالث: "لا تدع قيام الليل فإنّ النّبي الله صلى الله عليه وسلم كان لا يذره وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدا" و الحديث موجود في الأدب المفرد للبخاري، و أورده الألباني في صحيح ابن خزيمة (1137) و خلاصة حكمه: إسناده صحيح على شرط مسلم
.}

و في رواية أخرى عنها قالت : بلغني عن قوم يقولون : إن أدينا الفرائض لم نبال أن لا نزداد ، و لعمري لا يسألهم الله إلا عما افترض عليهم ، و لكنهم قوم يخطئون بالليل و النهار و ما أنتم إلا من نبيكم ، و ما نبيكم إلا منكم ، و الله ما ترك رسول الله صلى الله عليه و سلم قيام الليل و نزعت كل آية فيها قيام الليل .

فأشارت عائشة رضي الله عنها إلى قيام الليل فيه فائدتان عظيمتان :

الإقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و التأسي به ، و قد قال الله عز و جل : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ(الأحزاب:21)}.

و تكفير الذنوب و الخطايا فإن بني آدم يخطئون بالليل و النهار فيحتاجون إلى الإستكثار من مكفرات الخطايا و قيام الليل من أعظم المكفرات ،

كما قال النبي صلى الله عليه و سلم لمعاذ بن جبل : قيام العبد في جوف الليل يكفر الخطيئة ثم تلا : تتجافى جنوبهم عن المضاجع الآية خرجه الإمام أحمد و غيره .
{لم أجده بهذا اللفظ، و إنّما وجدته بلفظ آخر: "عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا } قال قيام العبد من الليل" و قد رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (21622)، و أيضا الهيثمي في مجمع الزوائد (7/93) و خلاصة حكمه: فيه شهر بن حوشب لم يدرك معاذ بن جبل و فيه ضعف و بقية رجاله ثقات.
و قد وجدته بلفظ آخر في تفسير مجاهد: " عن معاذ بن جبل قال: تلا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم هذه الآية: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} فقال: هو قيام العبد بالليل"
}



ــــــــ بارك الله فيكم ـــــــــــــ
__________________
قال الله جلّ و علا: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَ إِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (العنكبوت:6)

التعديل الأخير تم بواسطة أم حفصة الأثرية ; 07-31-2010 الساعة 11:38 AM
رد مع اقتباس