عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-26-2018, 11:45 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي التعليق الرزين على تحقيق الدكتور عبد الله البخاري لكتاب أصول السنة لابن أبي زمنين

التعليق الرزين على تحقيق الدكتور عبد الله البخاري لكتاب أصول السنة لابن أبي زمنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فقد كنت اقتنيت تحقيق الدكتور عبدالله بن عبدالرحيم البخاري لكتاب أصول السنة لابن أبي زمنين قديما قبل أكثر من عشرين سنة، لأنه الطبعة الوحيدة للكتاب، ثم أهداني طبعته الجديدة عام1431 تقريباً، ولم أكن دققت في تحقيقه، ولا احتجت لتخريجه، ولكن أثناء تدريسي لكتاب الرسالة الوافية للحافظ أبي عمر الداني ظهرت لي عدة أخطاء في عمل الدكتور عبدالله البخاري، واستغربت من تلك الأخطاء، فدعاني ذلك لمراجعة تخريج الدكتور فوجدت ملاحظات عديدة على عمله، أذكر منها إجمالاً:
أولاً: أنه حشاه بالنقول في أحوال الرجال بما لا ينبغي أن يكون مكانه هذا الكتاب، لكونه تحقيقا لكتاب عقدي، وليس دراسة حديثية في أحوال الرجال، حيث إنه يذكر كلام مجموعة من العلماء في الرواي من مصادر مختلفة، مع أنه لو اقتصر على العزو لتهذيب الكمال أو تهذيب التهذيب لكان كافيا فيما ذكره من أقوال العلماء، وبعض الأقوال يذكرها دون فائدة تذكر؛ لكونها غير مؤثرة في حكمه على الراوي، وليس المجال مجال دراسة حديثية لرواة بل مجال اختصار، وذكر الخلاصة.
ففعله هذا أدى لنفخ الكتاب.

وزاد نفخه بـ
ثانياً: التطويل في تخريج الأحاديث والآثار بما لا حاجة له، وإنما كان يكفي أن يختصر التخريج بما يكفي، ويعطي قوة لعمله بحيث يخرج الكتاب بنصف حجمه! أو أقل!

وهذا الأمر ظاهر، ومن الأمثلة على هذا النفخ انظر مقالي هذا:
http://m-noor.com/showthread.php?t=17544
فقد خرج الدكتور أثر ابن عباس رضي الله عنهما من طرق عديدة وذكر مخرجيها بما لا يعود بفائدة كبيرة على التحقيق، بل كان يكفيه ذكر مخرجي الأثر إجمالا، والإشارة إلى أسماء التابعين الذين رووه عن ابن عباس رضي الله عنه، ومع كل ما عمل لم يتنبه للمتن فصححه وفيه لفظة ضعيفة!

ثالثاً: أحيانا يكرر كلامه في الراوي بدل أن يعزو للموضع السابق الذي تكلم فيه عن الراوي فيزيد الكتاب نفخاً إلى نفخه!

ففي رقم (32) ترجم لعبد المنعم بن إدريس وأبيه في 12 سطراً، وكرره ترجمتهما في 12 سطر أيضاً عند تخريجه لرقم (39)!!

رابعاً: ليس عنده منهج واحد في الحكم على الحديث أو الأثر في تخريجه، فمرة يحكم عليه بأنه منكر، دون زيادة، وفي التخريج يبين أن النكارة في السند وأن المتن في الصحيحين! كما في رقم(21)!
وفي رقم(2) ذكر أنه مرسل، ولم يقل صحيح! أو متنه صحيح!، وفي التخريج ذكر من شواهده حديث أنس في الصحيحين بلفظه!!
وأحيانا يذكر الحكم على المتن دون السند كما في رقم (1)!
وأحيانا يذكر ضعف السند وصحة المتن في بداية حكمه على الحديث أو الأثر!
في تضارب في الطريقة، مما يجعلنا أن نقول إنه ليس له منهج في العمل!

خامساً: يذكر الشواهد والمتابعات وقد يحكم عليها، وقد لا يحكم بحيث لا يدري القارئ هل هذه متابعة صحيحة أم لا؟ وهل الشاهد صحيح أم لا؟ وهذا كثير في تحقيقه. سيأتي ذكر أمثلة له في الحلقات القادمة إن شاء الله.

سادساً: استخدامه عبارات عجيبة لا يقع فيها صغار طلبة الحديث! مثل عبارة: «أخرجه ابن حبان في صحيحه(1/رقم13 الإحسان) وصححه!»، وكرر هذا!!
فعبارة «أخرجه ابن حبان في صحيحه» كافية في الدلالة على تصحيحه عند ابن حبان! فلا يقال –مثلاً-: رواه البخاري في صحيحه وصححه!!

سابعاً: عنده في بعض كلامه على الرواة نفس يشبه نفس المليبارية كتضعيفه لرواية عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل وعن زر بن حبيش، ويتلفظ بما يفهم أنه يضعف روايته مطلقاً!
ففي (ص/39الطبعة الجديدة) قال: وفي الإسناد كذلك عاصم بن بهدلة وهو ابن أبي النجود الكوفي، ثقة إلا أنه سيء الحفظ، مضطرب في حديثه عن زر وأبي وائل وهو حجة في القراءة، ثم نقل نقولا إلى أن قال: قلت: لكن مع هذا فهو يعتبر بحديثه، ولا يحتج به إذا انفرد» فأطلق في آخر كلامه تضعيفه.
وهذا كلام باطل، فعاصم بن أبي النجود حسن الحديث في أقل أحواله، وهو مكثر عن زر بن حبيش ومختص به، وقال ابن معين: «ثقة لا بأس به ، من نظراء الأعمش»، وقد روى له عن زر: البخاري ومسلم مقرونا، وعلق له البخاري عن أبي وائل، وصحح له كل من جاء بعد الشيخين ممن كتب في الصحيح، ولا نعلم أحدا أعل حديثا لكونه من رواية عاصم عن زر أو عن أبي وائل، ودونكم كتب التخريج وكتب الحديث عامة.
ولا أعلم أحدا سبق الدكتور عبدالله البخاري بتضعيف حديث أو أثر لأنه من رواية عاصم عن زر أو عن أبي وائل!
وأما كلام العلماء فبعد الجمع بين أقوال العلماء يتبين أنه صدوق حسن الحديث عن كل من روى عنه، بل لروايته عن زر مزية لكونه مكثرا عنه، ومن خاصة طلابه، وكذلك كان من خاصة طلاب أبي وائل.

ثامناً: من عجائب الدكتور عبدالله في تحقيقه للكتاب أن تختلف كلماته وطريقته في التعامل مع إسناد واحد مكرر!

فقد روى ابن أبي زمنين من طريق ابن وضاح عن زهير بن عبَّاد عدة آثار من الطريق نفسه.
الأول: رقم 30، وقد وقع خطأ في النسخة الخطية فزيد فيها بعد زهير بن عباد «عن عباد»، فتكلم الدكتور عن الإسناد مشيرا لضعف الإمام ابن وضاح، ثم طول ترجمة زهير بن عباد بنحو خمسة أسطر بدون فائدة تذكر، فالرجل ثقة، ثم قال: «وفيه عباد لم أهتد إليه»! نعم لم تهتد إليه لأنه غير موجود أصلاً.
الثاني: بعد رقم46 ووضعه بعد نجمة في المتن هكذا:[*] وأخبرني وهب [عن] ابن وضاح عن زهير بن عباد قال...
وفي الهامش لم يحكم على الأثر، وإنما وضع حاشية لكلمة [عن] أنها ساقطة من المخطوطة واستدركها من الفتوى الحموية! مع أنها موجودة في أصول السنة بنفس السند في ستة مواضع!
الثالث: بعد رقم 93 ولم يضع نجمة ولم يخرج الأثر! بل أورده في المتن هكذا:
وأخبرني ابن وهب عن ابن وضاح عن زهير بن عباد أنه قال:..
الرابع: بعد رقم146 ولم يضع نجمة ولم يخرج الأثر بل أورده هكذا في المتن: ابن وضاح قال: أخبرني زهير بن عباد قال:
الخامس: بعد رقم147 ولم يضع نجمة ولم يخرج الأثر بل أورده هكذا في المتن:
وأخبرني وهب عن ابن وضاح عن زهير بن عباد قال:
السادس: رقم222 وفيه: وحدثني وهب عن ابن وضاح عن زهير بن عباد قال: كان من أدركت من المشايخ مالك وسفيان والفضيل بن عياض وابن المبارك ووكيع وغيرهم كانوا يحجون مع كل خليفة.
وفي الهامش لم يخرجه وإنما ذكر كلام ابن أبي حاتم عن أبيه وعن أبي زرعة في عقيدتهما فيما يتعلق بالجهاد والحج مع أولي الأمر من أئمة المسلمين.

تاسعاً: تضعيفه لكتاب ثابت لصاحبه بسبب ضعف أو جهالة في رواية ابن أبي زمنين، كما في تضعيفه لتفسير يحيى بن سلام، مع أنه كتاب معتمد، ومروي من طرق، وهو كتاب مشهور، وقد كرر الدكتور تضعيفه لمرويات يحيى بن سلام دون النظر في وجود الرواية في تفسيره أو عزو العلماء لها في كتبهم نقلا عن تفسير يحيى بن سلام، ولا أتكلم هنا عن يحيى بن سلام نفسه، بل عن الطريق إليه.


عاشراً: كثرة أخطائه العلمية والمنهجية في كلامه على الرواة، وفي تخريجه، وهذا يحتاج تفصيلاً سيأتي إن شاء الله.

وأكتفي في هذه الحلقة بهذه الأمور، وفي الحلقات القادمة أذكر جملة من الأخطاء المفصلة.
أسأل الله التوفيق والإعانة.
وهذه فرصة للدكتور عبدالله البخاري ليراجع تحقيقه، ويصحح أخطاءه، وليستفيد القراء ويصححوا الأخطاء التي عندهم في نسخهم حتى تصدر طبعة جديدة!!

تنبيه: الطبعة الأولى كثيرة الأخطاء، وقد استدرك الدكتور أخطاء كثيرة، وبقيت أخطاء لم يستدركها، ووقفت على أخطاء مطبعية عديدة لكن هذا لا أهتم به كثيراً، فالأخطاء المطبعية لا يكاد يسلم منها كتاب، ولكن لو وجدت مناسبة فربما أنبه على بعضها للفائدة.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي

10/ رمضان / 1439 هـ
رد مع اقتباس