عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 03-08-2019, 07:16 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي

الحلقة الخامسة والعشرون من التعليق الرزين على تحقيق الدكتور عبد الله البخاري لكتاب أصول السنة لابن أبي زمنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فمن الملاحظات التفصيلية على تحقيق الدكتور عبد الله البخاري لكتاب أصول السنة لابن أبي زمنين:

تخريجه لما رواه ابن أبي زمنين رقم (36) قال: «وحدثني إسحاق عن أحمد بن خالد عن ابن وضاح، عن أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد [المحاربي]، عن ليث، عن عثمان، عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه: «أتاني جبريل بالجمعة وهي كالمرآة البيضاء ...»، وذكر الحديث، وفيه: «أن الرب تبارك وتعالى اتخذ في الجنة واديا من مسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة هبط من عليين على كرسيه، ثم حف الكرسي بمنابر من ذهب مكللة بالجوهر، ثم يجيء النبيون فيجلسون عليها».

الملاحظات على عمل الدكتور البخاري:
1- طوّل -كعادته في النفخ- فذكر ترجمة عثمان بن عمير في صفحة وثلاثة أسطر! مع أن الراوي ضعيف مشهور بالضعف.
وأعل السند بعنعنة المحاربي، وضعفِ ليثٍ مع أنهما توبعا، فليس لهما أثر في الحكم على الحديث كما نبه عليه نفسه ضمناً.
2- حكم على الحديث بالنكارة مع أنه ليس بمنكر متناً، ولا سنداً، وله طرق عديدة تؤكد ثبوت الحديث لذلك صححه جماعة من الأئمة كما سيأتي.

3- ذكر في نحو صفحتين ونصف –نافخا بغير طائل- خلافا على أبي ظبية في روايته للحديث عن عثمان بن عمير، وذكر وجهين: عنه عن عاصم عن عثمان بن عمير به، وعنه عن عثمان بن عمير به بدون ذكرِ عاصم، وأغفل وجها ثالثا عند ابن جرير في تفسيره من طريق أبي ظبية عن معاوية العبسي عن عثمان بن عمير به.
وعلى كل هو ثابت من عدة طرق عن عثمان بن عمير عن أنس رضي الله عنه به، فلا حاجة لذكر الخلاف على أبي ظبية لكونه لا أثر له في الحديث لكونه توبع عن عثمان بن عمير، وآفة هذا الطريق عثمان بن عمير، والانقطاع.

4- ذكر أن الحديث له طرق عن أنس، ثم ذكر منها رواية عمر مولى غفرة عن أنس رضي الله عنه، فجاء هذا البخاري بأمر عجيب!
حيث زعم أن رواية عمر مولى غفرة عن أنس معضلة، وأخذ يتكلم عن مرسلات صغار التابعين عن النبي صلى الله عليه وسلم وأن غالبها معضل، فقاس على تلك المراسيل رواية عمر مولى غفرة عن أنس وهي ليست من المراسيل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما منقطعة عن أنس رضي الله عنه.
فخلط هذا البخاري المحدَث خلطا فاحشاً، وأتى بشيء عجيب غريب.
فعمر مولى غفرة أدرك زمان ابن عباس رضي الله عنهما أي قبل عام 68هـ، فيكون أدرك وسمع من جماعة من كبار التابعين، وقد ثبت سماعه من سعيد بن المسيب، فإذا كان سمع من كبار التابعين فتكون روايته عن الصحابة منقطة وليست معضلة، وهو من الطبقة الخامسة التي منها الأعمش، فهل يقول أحد إن رواية الأعمش عن الصحابة رضي الله عنهم معضلة؟!! هذا ضرب من الهذيان.

5- ذكر من طرق هذا الحديث رواية سالم بن عبد الله –وهو المحاربي شيخ شامي ثقة- أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه به، وأعل هذه الرواية بعلل واهية! وكلامه مردود من وجوه:

الوجه الأول: زعم أن سالم بن عبدالله تفرد به، وهو ليس أهلا للتفرد، وبناء عليه تكون روايته منكرة!!!

وهذا غريب عجيب من هذا البخاري المحدَث، فسالم هذا لم يتفرد به، بل هو متابع من عدة طرق، وهو ضمن عدة طرق للحديث، ومع ذلك يزعم هذا الدكتور أنه تفرد به!!!

وقد نقل هذا البخاري كلام الذهبي: «هذا حديث مشهور، وافر الطرق» ثم يأتي ويزعم أن سالما هذا تفرد به عن أنس رضي الله عنه!!!

وسالم المحاربي ثقة وتفرده مقبول لو أنه تفرد، فكيف وقد توبع؟!

الوجه الثاني: أنه أعله أيضاً بتفرد عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان عن سالم!! وهذا من العجائب، فسالم ليس مكثرا حتى يقال إن ابن ثوبان تفرد عنه!

فهذا الدكتور لا يفهم معنى التفرد عند أهل الحديث، وهذه لوثة مليبارية عجيبة غريبة.

وعبدالرحمن بن ثابت صدوق حسن الحديث.

الوجه الثالث: أن الدكتور أعل السند بعنعنة الوليد بن مسلم لكونه لم يصرح بالتحديث في رواية الطبراني، وغفل هذا الدكتور عن تصريحه بالتحديث عند غير الطبراني في الأوسط.
رواه في محمد بن طاهر في نسخته، والخولاني في تاريخ داريا. من طريق الوليد بن مسلم مصرحا بالتحديث.
وأما اتهامه بتدليس التسوية ففيه نظر.

وقد رواه الأصبهاني في الترغيب والترهيب(رقم892) من طريق أخرى عن ابن ثوبان فيها متابعة للوليد بن مسلم.

6- ذكر رواية أبي عمران الجوني عن أنس رضي الله عنه، وأعلها بخالد بن مخلد القطواني وهو من رجال الجماعة-عدا أبي داود روى له في مسند مالك-، وأقل أحواله أنه حسن الحديث، وزعم أنه تفرد به!!! وهذا من عجائب هذا الدكتور! فروايته ضمن عدة روايات عن أنس رضي الله عنه، ولم يتفرد به، نعم تفرد به عن عبدالسلام بن حفص تفردا نسبيا غير منتقد، وليس من المكثرين حتى ينكر تفرده عنه، أو تفرد عبدالسلام عن أبي عمران الجوني.
فهذا سند حسن، يتقوى بالطرق السابقة، لذلك قواه جماعة من العلماء.

والحديث صححه محمد عمرو البختري في فوائده، والضياء المقدسي في المختارة، والبوصيري في الإتحاف، وقواه شيخ الإسلام ابن تيمية، والذهبي، وابن القيم، وحسنه شيخنا الألباني رحمه الله، وتلقاه أهل السنة بالقبول، وضعفه عبدالله بن عبدالرحيم البخاري!!!!

ولفظ الذهبي في كتاب العرش: «هذا حديث محفوظ عن أنس رضي الله عنه من غير وجه».

وبهذا القدر أكتفي.


والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي

1 / 7 / 1440 هـ

رد مع اقتباس