عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 03-31-2019, 09:08 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي

الحلقة السادسة والعشرون من التعليق الرزين على تحقيق الدكتور عبد الله البخاري لكتاب أصول السنة لابن أبي زمنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فمن الملاحظات التفصيلية على تحقيق الدكتور عبد الله البخاري لكتاب أصول السنة لابن أبي زمنين:

تخريجه لما رواه ابن أبي زمنين رقم (37) قال: «وحدثني [أبي عن] علي بن [الحسن] عن أبي داود، عن يحيى بن [سلام] قال: حدثني المعلى بن هلال عن عمار الدهني عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: إن الكرسي الذي وسع السماوات والأرض [بموضع] القدمين، ولا يعلم قدر العرش إلا الذي خلقه».

الملاحظات على عمل الدكتور البخاري:

1- في المتن ذكر أنه سقط من بداية سنده «أبي» والواقع أنه سقط «أبي عن».

2- ذكر الدكتور لفظة «بموضع» بدون باء، وفي المخطوط بالباء هكذا «بموضع»، ولم ينبه على هذا الاختلاف.

3- قال الدكتور: «ولم أقف على من أخرجه من طريق المصنف».

قد ذكره عن يحيى بن سلام الإمام ابن أبي زمنين في تفسيره(1/251) ووقع عنده «لموضع القدمين».

4- حكم عليه في الطبعة الجديدة بالوضع، وفي القديمة قال: «إسناده موضوع ومتنه صحيح موقوفاً»، وصنيعه في الطبعة القديمة أصح وأولى، وذلك بالنظر إلى لفظه الذي أورده وهو «موضع القدمين». فهو أثر صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما، وإن كان في سنده من هو كذاب، لكونه ثبت من طريق أو طرق أخرى، ولما قاله وكيع: «أتينا معلى بن هلال و إن كتبه لمن أصح الكتب ، ثم ظهرت منه أشياء ما نقدر أن نحدث عنه بشى»، وقال ابن المبارك: «لا بأس به ما لم يجئ بالحديث، فإنه يكذب في الحديث، فقال رجل من الصوفية: يا أبا عبد الرحمن، تغتاب الصالحين! فغضب، وقال: اسكت؛ إذا لم نبين الحق فمن يبين؟!»، ومع كون الأثر صحيحا إلا أن المعلى سقط من روايته ذِكر «مسلم البطين» وهذا يؤكد وهاءه.

5- الأثر مداره على عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما به.
ورواه عن عمار الدهني : سفيان الثوري، ويونس بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي، (وسليمان وقيس) مع تنبيه حولهما سيأتي، واختلف على سفيان مرفوعا وموقوفا. فرواه وكيع وابن مهدي وأبو أحمد الزبيري وأبو عاصم النبيل-في رواية عنه- موقوفاً، ورواه شجاع بن مخلد عن أبي عاصم النبيل عن سفيان مرفوعا، وهو وهم كما بينه الحفاظ.
هذا هو خلاصة تخريجه، ولكن الدكتور طول تخريجه في ثلاث صفحات ونصف، ووقع في أوهام سأبينها.

6- ذكر الدكتور أن ممن رواه عن سفيان : أحمد بن عبدالله بن يونس الكوفي، وعزا ذلك إلى ابن خزيمة في التوحيد، وهذا غلط منه، بناه على خطأ مطبعي وقع في كتاب التوحيد.

فقد وقع في مطبوع كتاب التوحيد هكذا: حدثنا بندار، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا سفيان، عن عمار..

وقلد فيه الدكتور محققه «عبدالعزيز الشهوان» حيث زعم أن أحمد هذا هو ابن عبدالله بن يونس! مع أني لم أقف على رواية يرويها عنه بندار، ولم يذكره أحد من شيوخ بندار.

وعلى كل فقد رجعت لمخطوط كتاب التوحيد وإذا فيه «ثنا أبو أحمد» وهو أبو أحمد الزبيري، وهو موافق لما ذكره الحافظ ابن حجر في إتحاف المهرة.

وقد رواه ابن أبي حاتم في تفسيره فقال: حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان، ثنا أبو أحمد الزبيري عن سفيان به..

ثم رجعت لطبعة الرياشي وإذا به قد تنبه لهذا الخطأ، ونبه على خطأ مطبوع كتاب التوحيد، غير أنه ذكر أن ابن جرير رواه من هذا الطريق، والواقع أن ابن جرير رواه عن أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، عن سفيان، عن عمار الدهني، عن مسلم البطين، قال: «الكرسي: موضع القدمين»، فروايته مختلفة.

7- فات الدكتور من الرواة عن سفيان: الإمام عبدالرزاق الصنعاني حيث رواه عنه في تفسيره.

8- ذكر أن سليمان بن كثير العبدي رواه عن عمار الدهني، وعزاها إلى كتاب العظمة لأبي الشيخ، وهو في ذلك تَبِع محقق كتاب العظمة.

والذي وقع في كتاب العظمة : «.. ابن مهدي، عن سليمان، عن عمار الدهني..»

ووقع في نفسي أنه محرف من «سفيان» فابن مهدي رواه عن سفيان، وروايته عنه مشهورة، فرجعت للمخطوط المتوفر عندي لكتاب العظمة فإذا فيه كما في المطبوع، ولم يتسنّ لي مراجعة بقية مخطوطات كتاب العظمة، ومع ذلك فالذي في الكتاب «سليمان» مهمل لم يُنْسب، فقد يكون سليمان بن كثير وأنا أستبعد ذلك، وقد يكون سليمان بن معاذ الضبي فهو من تلاميذ عمار الدهني، وقد يكون سليمان بن المغيرة، فالله أعلم، ولا يوجد ما يرجح واحدا من الثلاثة ترجيحا قوياً، وإن كان الذي يظهر لي أنه محرف من سفيان. والله أعلم.

9- ذكر ممن رواه عن عمار الدهني: قيس، ولم ينسبه، ولم يبين حاله، وهو قيس بن الربيع صدوق تغير وصار يتلقن، قال الحافظ ابن حجر: « صدوق تغير لما كبر ، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به».

10- قال الدكتور: «فتبين لنا مما تقدم ترجيح الطريق المثبتة لمسلم بن البطين الموقوفة على الأخرى، وأنها هي الصواب، والأخرى غلط».

أما ترجيح الموقوفة فصحيح، وأما ما يتعلق بمسلم البطين فلم يذكر في تخريجه رواية تستحق المعارضة سقط منها مسلم البطين، ولم يسقطه فيما ذكره إلا المعلى بن هلال الكذاب! فهي رواية ساقطة لا تنهض للاعتراض!

ولكنه غفل عن رواية سقط منها ذكر مسلم البطين تستحق الذكر وهي رواية الطبراني في معجمه الكبير عن أبي مسلم الكجي عن أبي عاصم عن سفيان عن عمار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفا.
وقد يكون الوهم من الطبراني أو سقط منه أثناء النسخ، لأنه رواه في كتاب السنة بنفس الإسناد بذكر مسلم البطين كما بيّنه الضياء في المختارة.

وقد ذكر الدكتور رواية الكجي وعزاها للخطيب والبيهقي في الأسماء والصفات ولم يذكر رواية الطبراني ولم يشر إليها من قريب ولا من بعيد!



وبهذا القدر أكتفي.


والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي

24 / 7 / 1440 هـ
رد مع اقتباس