عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 10-29-2018, 08:23 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي

الحلقة السابعة عشرة من التعليق الرزين على تحقيق الدكتور عبد الله البخاري لكتاب أصول السنة لابن أبي زمنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فمن الملاحظات التفصيلية على تحقيق الدكتور عبد الله البخاري لكتاب أصول السنة لابن أبي زمنين:

أولاً: تخريجه لما رواه ابن أبي زمنين رقم( 16 ) قال: وحدثني إسحاق عن أسلم عن يونس، عن ابن وهب قال: أخبرنا يزيد بن عياض، عن موسى بن عقبة، عن علي بن حسين، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول وهو ساجد: ... ثم ذكر الحديث وفي آخره: «أنت كما أثنيت على نفسك» انتهى.

الملاحظات على عمل الدكتور البخاري:

1- صدر حكمه على الحديث بقوله: «باطل»، ولم يشر إلى أن متنه صحيح، مع أنه ذكر بعد عدة أسطر أنه مخرج في صحيح مسلم من طريق آخر.
لذلك كان صنيعه في الطبعة القديمة أفضل حيث قال: «إسناده ضعيف جدا والحديث صحيح».

2- طوّل -كعادته في النفخ- في ترجمة يزيد بن عياض في نحو 7 أسطر بدون طائل، مع أن هذا الرجل متفق على تضعيفه، وكذبه غير واحد من الأئمة.

3- لم يعزُ الرواية التي خرجها ابن أبي زمنين، وقد خرجها ابن عدي في الكامل، وقال: « ولا أعلم يروي هذا الحديث عن موسى بن عقبة بهذا الإسناد غير يزيد بن عياض».

--------

ثانياً: تخريجه في رقم(17) لحديث أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعا: «خلق الله الخلق، وقضى القضية...وكلتا [يدي] الرحمن يمين..» .

الملاحظات على عمل الدكتور البخاري كالعادة في قضية النفخ حيث تكلم عن بشير بن نمير المتروك الكذاب في نحو 14 سطرا! وزاد عليها ما يتعلق برواية القاسم بن عبدالرحمن عنه بنحو 7 أسطر، وكذلك ترجمة جعفر بن الزبير وهو متروك بنحو 7 أسطر.
وكذلك توجد أخطاء مطبعية يسيرة كتصحيف «سلم» إلى «مسلم» في بعض المواضع، و«سليمان التيمي» إلى «سلمان التيمي».
مع تنبيه في المتن حيث يوجد في المخطوط: «يد الرحمن» بإفراد كلمة «يد»، الدكتور البخاري جعلها «يدي الرحمن» ولم ينبه على هذا التغيير الذي فعله في الطبعتين القديمة والجديدة.

--------


ثالثاً: تخريجه لما رواه ابن أبي زمنين رقم (18) قال: وحدثني إسحاق عن أسلم، عن يونس، عن ابن وهب قال: حدثني أبو صخر، عن صفوان بن سليم قال: حدثني رجال من الأنصار ما منهم رجل إلا حدثني عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج عن بعض نسائه، فإذا حلقة في المسجد ... ثم ذكر حديثا وفيه: إني سألت ربي أن يدخل معي من أمتي من يقر به عيني الجنة، فأعطاني سبعين ألفا، ثم استزدته فزادني مع كل ألف سبعين ألفا، ثم استزدته فأشار إلي بكفيه هكذا وهكذا".
فقال أبو بكر: حسبنا يا رسول الله، فقال عمر: يا أبا بكر دعنا ندخل الجنة، قال أبو بكر: يا عمر وما تبقي حفنتان من حفنات الله، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه. انتهى.

الملاحظات على عمل الدكتور البخاري:

1- اقتصر عمل الدكتور في الهامش على تفسير كلمة «حفنة»، وقال في التخريج: «في الإسناد من لم يسم. ولم أقف على من أخرجه».
وهذا أمر قد أذهلني، حيث إن الدكتور بلغ به الكسل-مع أن عادته النفخ- إلى درجة أنه لم يحكم على السند حكما صريحا، ولا ذكر له شواهد في الباب، مع أنه يتعلق بمسألة عقدية معلومة، ومما يفرح بها أهل الإيمان، وهي دخول أعداد مهولة من المؤمنين من هذه الأمة إلى الجنة من غير حساب ولا عذاب، سبعون ألفا، مع كل ألف سبعون ألفا، وثلاث حثيات من حثيات الله!
فتباً لهذا الكسل!

2- لم يترجم الدكتور لأبي صخر، وهو حميد بن زياد المدنى، أبو صخر الخراط، صاحب العباء ، سكن مصر. وتوفي سنة 189هـ، وهو من رجال مسلم والبخاري في الأدب المفرد، وأبي داود والترمذي والنسائي في خصائص علي، وابن ماجه، وهو دائر بين «ثقة»و«صدوق».

3- إسناد هذا الحديث حسن على أقل أحواله، ومتنه صحيح لغيره.
رجاله ثقات، وشيوخ صفوان بن سليم مجموعة تنجبر الجهالة بهم، لا سيما وهم من أبناء الصحابة من الأنصار، فصفوان بن سليم يروي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، وعن بعض أبناء الصحابة. وكذلك شيوخ شيوخ صفوان قد يكون منهم صحابي، ولو كانوا تابعين فتنجبر حالهم بمجموعهم، ومجموع مراسيلهم لو كانت مراسيل تكون مقبولة، لا سيما وللحديث شواهد.

وفي نحو ما نحن فيه قال شيخنا الألباني رحمه الله في الصحيحة (7/ 367) في حديث آخر: «فأشياخه في الحديث- على فرض أنه ليس فيهم صحابي- هم من التابعين المخضرمين، وأعلى طبقة من ابن عكيم، فإن لم يكونوا ثقات مثله- وهذا مما أستبعده أيضا-؛ فهم مستورون، ولكنهم جمع تنجبر جهالتهم بكثرتهم، كما قال السخاوي وغيره في غير هذا الحديث؛ فقال- رحمه الله- في حديث رواه عدة من أبناء الصحابة: "وسنده لا بأس به، ولا يضره جهالة من لم يسم من أبناء الصحابة؛ فإنهم عدد تنجبر به جهالتهم"». انتهى كلام شيخنا الألباني.

ويستأنس هنا بكلام ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (3/ 69) حيث قال: «وأبو صخر هذا حميد بن زياد له أحاديث صالحة روى عنه بن لهيعة نسخة.
حدثناه الحسن بن محمد المدني، عن يحيى بن بكير عنه.
وروى عنه ابن وهب بنسخة أطول من نسخة بن لهيعة. حدثنا إبراهيم بن عمرو بن ثور الزوقي عن أحمد بن صالح عنه.
وروى عنه حيوة أحاديث.
وهو عندي صالح الحديث، وإنما أنكرت عليه هذين الحديثين: «المؤمن مؤالف» و«في القدرية» اللذين ذكرتهما، وسائر حديثه أرجو أن يكون مستقيماً».
فيظهر من كلامه أن هذا الحديث الذي هو من نسخة ابن وهب عند ابن عدي مستقيم.
4- للحديث شواهد منها: حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين، وفيه: «هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب».
ومنها: حديث أبي أمامة رضي الله عنه رفعه: «وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا، مع كل ألف سبعون ألفا، لا حساب عليهم، ولا عذاب، وثلاث حثيات من حثيات ربي». رواه الإمام أحمد في المسند (5/ 250،268)، وابن أبي شيبة في المصنف (6/ 315)، والترمذي في سننه (2437) وابن ماجه في سننه (رقم4286)، وابن أبي عاصم في السنة (رقم588،589)، وفي الآحاد والمثاني (رقم1247)، والطبراني في الكبير (8/ 155)، وابن حبان في صحيحه (رقم7246) وغيرهم وسنده حسن.
وله شواهد أخرى فيها ذكر كلام أبي بكر وعمر منها حديث أنس رضي الله عنه في مسند الإمام أحمد وغيره.


وبهذا القدر أكتفي.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي

20 / 2 / 1440 هـ
رد مع اقتباس