عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-21-2023, 12:54 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي التعليق على تعقيب الأخ طارق سرايش

التعليق على تعقيب الأخ طارق سرايش
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فقد كتب الأخ طارق سرايش ردا على الشيخ العلامة محمد علي فركوس حفظه الله متهما إياه ببتر أثر ابن عباس رضي الله عنهما في جوابه لسعيد بن جبير في أمره للأمير ونهيه، وقد رددت عليه صوتيا، ثم قام بالتعليق على ما ورد في الصوتية.

وهذا تعليق على تعقباته حسب ذكره لها.

والله الموفق


قال الأخ طارق سرايش: [#أولا: الملفت للانتباه أن الشيخ أسامة العتيبي في تعليقه كله لم يعلق قط على مسائل ذكرتها في مقالي (ويل للأتباع من عثرات الرجال) مع أنها مسائل مهمة ومتعلقة تعلقا وثيقا بصلب الموضوع، من ذلك مسألة مفهوم المخالفة!
فقد جعل الدكتور والشيخ أسامة تبعا له أن الأثر مكون من جزأين، وعلل ذلك بأنه قد ورد في أحد الطرق بلا تتمة بقوله: «إن خشيت أن يقتلك فلا» فقال الشيخ أسامة العتيبي: ومفهوم المخالفة هنا (إن لم تخش أن يقتلك فأنكر عليه فأمره بالمعروف وانهه عن المنكر، ما فيه كلام في غيبته، في حضوره، هذه مسألة أخرى)
#فالجواب على ذلك أن هذا مفهوم، وإذا تعارض مفهوم ومنطوق فالمقدم هو المنطوق وقد قال ابن عباس في نفس الأثر «فإن كان ولابد ففيما بينك وبينه» يعني فإن كان ولابد آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر ففيما بينك وبينه! فكيف يقال ليس فيه تقييد الأمر والنهي بالحضور أو الغيبة؟! وفي رواية: «ولا تغتب إمامك» فمنطوق ابن عباس أنه لا يجوز أمر السلطان والأمير بالمعروف ونهيه عن المنكر وكذا تعنيفه أو تأنيبه، إلا فيما بين المنكِر والمنكَر عليه، وبَيَّنَ أن كلامه في غياب الأمير من الغيبة!
وهذا كله قد بينته سابقا في المقال المشار إليه ولم يعلق عليه الشيخ أسامة قط!
يتبع...

الجواب من وجوه :


الوجه الأول: قوله: [الملفت للانتباه أن الشيخ أسامة العتيبي في تعليقه كله لم يعلق قط على مسائل ذكرتها في مقالي (ويل للأتباع من عثرات الرجال) مع أنها مسائل مهمة ومتعلقة تعلقا وثيقا بصلب الموضوع، من ذلك مسألة مفهوم المخالفة! ]

التعليق

وهذا غير صحيح. بل علقت عليه، وبينت حقيقته بكل وضوح.

فقد ذكرت أن هذا الجزء من الأثر صريح وواضح في جواز الإنكار على الأمير إن لم يخشَ القتل، وصريح وواضح أنه إذا خشي القتل أن لا يأمر ولا ينهى.

فالكلام معلق بشرط إن زال الشرط زال المشروط، فعلق الإباحة بشرط عدم خشية القتل..

فالقضية ليست قضية مفهوم مخالفة من منطوق بل فهم النص على وجهه..

فمعناه: مر بالمعروف وانه عن المنكر إلا إن خشيت القتل.

مثال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل ركعتين ركعتين فإن خشيت الصبح فأوتر بركعة) منطوقه صل ركعتين واستمر ما لم تخش طلوع الفجر فحينها أوتر.

وهذا نفسه معنى أثر ابن عباس رضي الله عنهما: (إن خشيت أن يقتل فلا) معناه صريح: مر وانه أميرك إن لم تخش أن يقتلك. دون تعرض لقضية الإنكار العلني في غيبته بالنسبة لهذا الجزء من الأثر.

فالكلام عن الغَيبة-بفتح الغين ولا أعني الغيبة بكسر الغين- أو بالعيب أو بالتأنيب فمحله الجزء الثاني وليس الأول.

وسيأتي مزيد بيان إن شاء الله.

الوجه الثاني: قوله: (فقد جعل الدكتور والشيخ أسامة تبعا له أن الأثر مكون من جزأين، وعلل ذلك بأنه قد ورد في أحد الطرق بلا تتمة بقوله: «إن خشيت أن يقتلك فلا»)

التعليق

في الحقيقة أنا لم أفعل ذلك من عندي، بل هذا الواقع في الأثر، وفي سياق الكلام كما يفهمه الشخص العارف بلغة العرب.

وبيان ذلك من ثلاث جهات ذكرتها في الصوتية ولعل الأخ طارق لم ينتبه لذلك:

الجهة الأولى: ظاهر الأثر، ومنطوقه ومفهومه.

فقد سأل سعيد بن جبير شيخه ابن عباس رضي الله عنهما عن أمر الأمير ونهيه فأجابه بجواب صريح وواضح: (إن خشيت أن يقتلك فلا) يعني يجوز لك ذلك بشرط، ثم زاد توضيحا لقضية القتل إن لم يلتفت إليها وأراد النصيحة ولو قتل لأنه حينها يكون شهيدا بدلالة نصوص أخرى معلومة، فقال له: (فإن كنت لابد فاعلا) فذكر شرطا لما يأتي من النصائح وهو إصراره على النصيحة مع عدم التفاته للقتل أي لابد من الأمر والنهي حتى مع خشية القتل المذكورة في أول الكلام، (فلا تؤنب الإمام، وليكن بينك وبينه، ولا تعب الإمام)، فهذه كلها استكمال للضوابط في الأمر والنهي للأمير، أن يكون بدون تأنيب، وبدون عيب، ويحرص أن يكون بينه وبينه، وهذه العبارات كلها تصلح أن تكون مع خشية القتل وعدمه، ولكنه أكد عليها إذا كان لا يلتفت إلى قضية القتل، وإنما همه الأمر والنهي ونصرة الحق ولو حصل له ما حصل.

هذا هو خلاصة الأثر حسب السياق الواضح.


الجهة الثانية: أن هذا الأثر قد صح بدون الشرط الموجود في تتمة النصيحة أو الجزء الثاني من الأثر، وهي رواية شعبة أمير المؤمنين في الحديث، وحدث بها ورواها للناس بدون جزء ثان، مما يؤكد أن هذا الشطر مستقل في المعنى عن الثاني وإن كان متعلقا بباب الضوابط في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وآداب النصيحة.

الجهة الثالثة: أن طاوس بن كيسان اليماني سأل شيخه ابن عباس بنحو سؤال صاحبه ابن جبير فأجابه ابن عباس بعبارة تدل على محذور عند النصيحة لابد من مراعاته (لا تكون فتنة).

فيظهر من الجهات الثلاث أن الشطر الأول من كلام ابن عباس صريح وواضح في أنه يجيز نصيحة السلطان إن أمن الفتنة، وإن أمن من القتل، وأنه إن كان لا ينظر لقضية القتل فيعمل بتوجيهات تخفف من وطأة النصيحة على الأمير بحيث تكون مبعدة لمفسدة القتل أو قوع الفتنة..

وهذا يتوافق مع الوارد في السنة الصحيحة من أن النصيحة تكون سرا فهذا أدعى للقبول، وأبعد عن الفتنة، كما بينت ذلك مرارا.



الوجه الثالث: قوله: (فالجواب على ذلك أن هذا مفهوم، وإذا تعارض مفهوم ومنطوق فالمقدم هو المنطوق)

التعليق:

لا يوجد تعارض بين كلامه الأول والثاني حتى يصار إلى إبطال بعض كلام ابن عباس رضي الله عنهما .

فتأمل أنت كلام ابن عباس في قوله: (إن خشيت أن يقتل فلا) ما معناها؟ وماذا أراد ابن عباس بها؟ وهل تكلم بها عبثا أصلا؟!!

سعيد بن جبير سأله عن نصيحة الأمير بأمره ونهيه فبماذا أجاب الصحابي البليغ الفصيح ابن عباس؟ قال له: (إن خشيت أن يقتل فلا) ما معناه؟

منطوقه: مره وانهه بشرط الأمن من القتل -وفي جوابه لطاوس: إن أمنت الفتنة-، فإن كنت تخشى أن الأمير سيقتلك إن نصحته وأمرته ونهيته فلا تنصحه ولا تأمره ولا تنهه.

ماذا يفقه العربي الفصيح من جواب ابن عباس؟!!

لا يوجد إلا فهم واحد للكلام وهو : إن كنت تخشى أن يقتلك فلا، وإن كنت لا تخشى أن يقتلك فأمننت من ذلك فنعم.

كمن يستفتيك: أريد الاغتسال من الجنابة في الشتاء في البادية والعراء وليس عندي وسيلة تسخين للماء؟ فقلت له: إن خشيت أن تموت فتيمم، فإن كنت لابد فاعلا فاغتسل بجوار صخرة أو شجرة تقي عنك البرد

فما معنى جوابك؟

ووجه الكلام: أن السائل حريص على الاغتسال ولو أدى لوفاته، فأنت أجبته بشرط عدم الخشية من الموت، ثم بينت له ضوابط للاغتسال في العراء مع خشية الموت أو عدم ذلك مما يخفف شدة البرد.

فهو لو اغتسل ولم يخش الموت لشدة حرارة جسمه وقوة تحمله ولم يغتسل بجانب شجرة ولا صخرة فهل يكون مخالفا للجواب الذي أفتيته به؟

الصواب أن يكون فعله صحيحا حيث إنه لم يخش الموت أصلا ففعله صحيح.

الوجه الرابع: قولك: (وإذا تعارض مفهوم ومنطوق فالمقدم هو المنطوق وقد قال ابن عباس في نفس الأثر «فإن كان ولابد ففيما بينك وبينه» يعني فإن كان ولابد آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر ففيما بينك وبينه! فكيف يقال ليس فيه تقييد الأمر والنهي بالحضور أو الغيبة؟! وفي رواية: «ولا تغتب إمامك» فمنطوق ابن عباس أنه لا يجوز أمر السلطان والأمير بالمعروف ونهيه عن المنكر وكذا تعنيفه أو تأنيبه، إلا فيما بين المنكِر والمنكَر عليه، وبَيَّنَ أن كلامه في غياب الأمير من الغيبة!)

التعليق

الخلل هو في توجيه الكلام، لذلك سأعيد صياغته بما يوضحه، ويوضح موضع الخلل فيه

أ-وإذا تعارض مفهوم ومنطوق فالمقدم هو المنطوق

التعليق: لا تعارض بين المنطوق والمفهوم، بل هناك حالتان مختلفتان في الكلام.

ب- وقد قال ابن عباس في نفس الأثر «فإن كان ولابد ففيما بينك وبينه» يعني فإن كان ولابد آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر ففيما بينك وبينه!

التعليق: الصحيح: يعني فإن كان ولابد آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر (مع خشية القتل) فانصحه فيما بينك وبينه!

فهذا الشرط إما أن يكون بسبب خشية القتل وإما أن يكون دفعا لهذا الاحتمال وهذا أيضا وجيه لكنه لا ينقض الجزء الأول من الجواب.

جـ - فكيف يقال ليس فيه تقييد الأمر والنهي بالحضور أو الغيبة؟!

التعليق: الكلام عن التقييد في جوابه الأول والذي بين أنه مستقل بالفهم الصحيح له، مع رواية شعبة، ورواية طاوس .

فكلامه الأول ليس مقيدا بالحضور أو الغَيبة .

د- وفي رواية: «ولا تغتب إمامك»

التعليق:

سبق أن بينت أن هذه الرواية فيها اختلاف في المخطوطات والمطبوعات، ومدارها على سعيد بن منصور فمع كونه من الحفاظ غير أن له أوهاما، وخالف رواية غيره من الثقات، فقد تكون : "ولا تعب"، وقد تكون: "ولا تغتب"، وإن كنت أرجح من ناحية حديثية : "ولا تعب" ولا علاقة للغيبة في الأثر.


الوجه الخامس: قولك: (فمنطوق ابن عباس أنه لا يجوز أمر السلطان والأمير بالمعروف ونهيه عن المنكر وكذا تعنيفه أو تأنيبه، إلا فيما بين المنكِر والمنكَر عليه، وبَيَّنَ أن كلامه في غياب الأمير من الغيبةهـ- !)

التعليق

هذا فهم خاطئ للأثر.


أ - أما قضية جواز أمره ونهيه عند عدم وجود خشية القتل، وعند عدم وجود فتنة كما في جواب طاوس فقد سبق بيانها وإيضاحها.

ب- وأما التعنيف والتأنيب فلا أدري كيف أجازها الأخ طارق مع أن ابن عباس نهاه عن ذلك!!

فكلام ابن عباس رضي الله عنهما صريح في نهيه عن تعنيف الإمام، وعن عيبه، سواء كان أمامه أو خلفه.

بل الواجب هو توقير السلطان وإكرامه كما ثبت ذلك في السنة (من أكرم سلطان الله أكرمه الله ومن أهان سلطان الله أهانه الله).

جـ - على فهمك لجواز التعنيف والتأنيب في حضوره كان ينبغي عليك أن تجيز الغيبة في حضوره!! وهذا يؤكد أمرين:

خطأ رواية ولا تغتب، وخطأ فهمك لجواز التأنيب والتنعيف للأمير فيما بينك وبينه.

وبهذا القدر أكتفي

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
28/ 6/ 1444هـ

التعديل الأخير تم بواسطة أسامة بن عطايا العتيبي ; 01-21-2023 الساعة 01:46 PM
رد مع اقتباس