عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 09-04-2018, 10:40 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي

الحلقة السادسة عشرة من التعليق الرزين على تحقيق الدكتور عبد الله البخاري لكتاب أصول السنة لابن أبي زمنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فمن الملاحظات التفصيلية على تحقيق الدكتور عبد الله البخاري لكتاب أصول السنة لابن أبي زمنين:

تخريجه لما رواه ابن أبي زمنين رقم( 15 ) قال: وحدثني وهب عن ابن وضاح قال: حدثنا يوسف بن عدي قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أو عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: احتج آدم وموسى فقال موسى يا آدم أنت أسكنك الله الجنة، ونفخ فيك من روحه ... ثم ذكر الحديث.» انتهى.

الملاحظات على عمل الدكتور البخاري:

1- في المتن ورد في المخطوط: «احتج آدم مع موسى» وصححها الدكتور دون بيان وتنبيه في الطبعتين!

والصحيح أنها «احتج آدم وموسى».

2- ذكر أن عنعنة الأعمش لا تضر لأنها من روايته عن أبي صالح، وهو صحيح، لكن فاته أنه صح عن الأعمش تصريحه بالتحديث من أبي صالح عند ابن خزيمة في كتاب التوحيد، والنجاد في الرد على من يقول القرآن مخلوق، والبيهقي في القضاء والقدر، وغيرهم!

3- من العجائب التي زادها الدكتور البخاري في طبعته الجديدة-وسلمت منها القديمة- أنه حمل أمر الشك في السند لابن وضاح مع أنه أورد بعده مباشرة رواية البزار وفيها الشك، وهي من غير طريق ابن وضاح!!!!!

والظاهر أن الشك من الأعمش، لأنه رواه عنه غير واحد بالشك منهم: أبو معاوية وهو من أثبت الناس فيه، وحفص بن غياث، وغيرهما، ورواه عبيدالله بن موسى العبسي بالجمع لا بالشك.

4- أورد الدكتور البخاري رواية البزار ثم قال: «وقال عقبه: "قلت: حديث أبي هريرة في الصحيح، وأما حديث أبي سعيد فقد تقدم إسناده قبل هذا الحديث من غير شك». انتهى.

وهذا من جهل الدكتور البخاري وعجائبه، فالكلام للهيثمي صاحب كشف الأستار عن زوائد البزار، وليس للبزار، والسياق ظاهر في ذلك، وقد أخرجه البزار في مسنده(16/ 112رقم9190) وليس فيه هذا الكلام! لأنه ظاهر أنه من صنيع الهيثمي، والبزار لا يعقب على رواياته بعبارة «قلت»، وإنما يفعل ذلك الهيثمي في كشف الأستار، ليميز كلامه عن كلام البزار، وعادة الهيثمي أنه يورد كلام البزار تعقيبا على الرواية بقوله: «قال البزار» فتعلم يا دكتور!

تنبيه: كان الدكتور في الطبعة القديمة قال: «وقال عقبه: قلت (أي البزار): حديث..»إلخ. وحذف في الطبعة الجديدة ما بين القوسين لكفاية قوله: «وقال عقبه» عن ذكر البزار!! ظلمات بعضها فوق بعض.


5- ذكر أن حديث أبي سعيد مرفوعا ورد من طريق الفضل بن موسى ثنا الأعمش به، وذكر أن وكيعا خالفه، ولأن روايته أثبت عن الأعمش فهي أرجح.
وذكر أنه مما لا مجال للرأي فيه.

وهذه النقطة تكميلية:

توبع وكيعٌ، تابعه أبو داود الطيالسي عند النجاد في الرد على من يقول القرآن مخلوق، وهذا يزيد الترجيح رجحاناً.

وروى النجاد عن أبي بكر بن أبي شيبة أنه قال: قال لي ابن داود-يعني الطيالسي-: «مُتعتُ بك، لا ينبغي أن يكون هذا من كلام أبي سعيد».
يعني أنه في حكم المرفوع.

6- ذكر من الأحاديث في الباب حديث عمر رضي الله عنه وعزاه لأبي داود، وابن أبي عاصم، وأبي يعلى.

وهو من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه به.

وعلى منهج الدكتور البخاري هذا إسناد ضعيف، لأنه ضعّف هشام بن سعد عند تخريجه لرقم(123) حيث قال –أثناء ترجمته التي استغرقت (18) سطرا من النفخ-: «والذي يظهر: أن الرجل في نفسه صدوق، لكنه ضعيف الحفظ يهم ويعتبر به، ولا يحتمل تفرده، وكلام الحافظ ابن حبان يظهر أن الرجل معروف بالقلب للأسانيد ورفع الموقوفات، والله أعلم».

وسيأتي بيان أغلاط الدكتور عند الوصول لرقم(123) ، ولكن أنبه إلى أن هشام بن سعد روايته عن زيد بن أسلم لها حكم خاص، فقد قال أبو داود: «هشام بن سعد أثبت الناس فى زيد بن أسلم»، فروايته لحديث عمر رضي الله عنه من روايته عن زيد بن أسلم، فهي من صحيح حديثه.

7- ذكر من الأحاديث في الباب حديث جندب بن جنادة رضي الله عنه، وعزاه لابن أبي عاصم وأبي يعلى، والواقع أنه من حديث جندب بن عبدالله البجلي، وليس جندب بن جنادة وهو اسم أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، فخلط الدكتور بين الجندبين.

ثم هو من رواية الحسن البصري عن جندب، والحسن البصري لم يدرك جندب بن جنادة رضي الله عنه، فلو كان على حسب زعمه فسنده منقطع، وأما حسب الواقع فهو جندب بن عبدالله البجلي، وقد سمع منه الحسن البصري، لكن الدكتور البخاري يعل بعنعنته لتدليسه كما في تخريجه للأثر رقم(35)، فهو عنده ضعيف لعدم تصريح الحسن بالسماع، فيكون عدم حكمه على الحديث تقصير.

والذي يظهر لي أن سنده حسن، والحسن البصري قليل التدليس، لكنه كثير الإرسال، فتحمل عنعنته عمن ثبت سماعه منه على السماع إلا فيما نص الأئمة على أنه لم يسمع من شيخه إلا أحاديث محددة، وهذا ما ترجع عندي، مع أن المسألة خلافية فمن العلماء من يعل بعنعنة الحسن البصري مطلقاً.

وبهذا القدر أكتفي.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي

24 / 12 / 1439 هـ
رد مع اقتباس