عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 12-08-2018, 12:28 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,364
شكراً: 2
تم شكره 271 مرة في 211 مشاركة
افتراضي

الحلقة الموفية عشرين من التعليق الرزين على تحقيق الدكتور عبد الله البخاري لكتاب أصول السنة لابن أبي زمنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فمن الملاحظات التفصيلية على تحقيق الدكتور عبد الله البخاري لكتاب أصول السنة لابن أبي زمنين:

تخريجه لما رواه ابن أبي زمنين رقم (24) قال: «وحدثني إسحاق، عن أسلم، عن يونس، عن ابن وهب قال: حدثني موسى بن حسين، عن عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن موسى بن عقبة أن جبريل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك دعاء ... ثم ذكر الدعاء وفي أوله: يا نور السموات والأرض».

الملاحظات على عمل الدكتور البخاري:

1- لم يخرج الحديث، ولم يقف على ما يشهد له، ولم يجد ترجمة راو من رواته وهو موسى، وهذا قصور منه في البحث، ولذلك سيكون البيان هنا للفائدة، والتكميل.
مع التنبيه أنه ذكر الحديث في الصحيحين: «اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض»، وهذا جيد في إثبات نحو ما ورد في مرسل موسى بن عقبة من لفظة «يا نور السموات والأرض»، لكنه أخطأ في رقم الحديث عند البخاري فجعله (6316) وهو لحديث كريب عن ابن عباس وفيه وكان يقول في دعائه: «اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي بصري نورا..»، والصواب برقم(6317).

2- الحديث رواه الإمام أبو حاتم الرازي في الدعاء –كما في كتاب المستغيثين بالله تعالى لابن بشكوال(ص/10رقم7-تحقيق أحمد بسج، ص/10تحقيق مانويلا)- قال: قرئ على يوسف بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن وهب، قال: ثنا موسى بن الحسن، عن عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن موسى بن عقبة، أن جبريل عليه السلام قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بعثت إلى أحد أحب إلي منك، أفلا أعلمك دعاء اختبأته لك لم أعلمه أحدا قبلك، تدعو به في الرغبة والرهبة» : «يا نور السموات والأرض، ويا قيوم السموات والأرض ويا عماد السموات والأرض، ويا زين السموات والأرض، ويا جمال السموات والأرض، ويا بديع السموات والأرض، ويا ذا الجلال والإكرام، يا غوث المستغيثين، ومنتهى رغبة العابدين، ومنفس المكروبين، ومفرج المغمومين، وصريخ المستصرخين، مجيب دعوة المضطرين، كاشف كل سؤالة العالمين. ثم تسأل كل حاجة من حوائج الدنيا والآخرة» انتهى.

فعرفنا لفظ الحديث بتمامه.

3- في كتاب ابن بشكوال (نقلا عن كتاب الدعاء لأبي حاتم) وقع اسم شيخ ابن وهب «موسى بن الحسن»، بخلاف ما في كتاب أصول السنة مطبوعا ومخطوطا «موسى بن حسين»، ويظهر لي أنه موسى بن الحسن، وهو من أهل مصر، ترجمه ابن يونس، وهو «موسى بن الحسن بن موسى بن جعفر الصادق» وهو متكلم فيه، كما نقله الحافظ في لسان الميزان، وذكر أن له رواية في الدعاء للمحاملي-(وهي برقم88)- عن عبيدالله بن عمر، وعنه ابن أبي أويس، وهو يتوافق مع طبقة شيوخ ابن وهب.

فالحديث سنده ضعيف بسبب الإرسال، وضعف موسى بن الحسن.

4- للحديث شاهدان :
الأول: من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
رواه الدوري في تاريخه عن ابن معين(4/362)، والدولابي في الكنى(2/685رقم1205)، والطبراني في الدعاء(ص/430رقم1459) من طريق أبي شجاع، عن أبي طيبة الجرجاني عن عبد الله بن عمر: أن جبرائيل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فعلمه هذا الدعاء: «يا نور السموات والأرض، ويا زين السموات والأرض، ويا جمال السموات والأرض ويا عماد السموات والأرض , ويا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، يا صريخ المستصرخين , ويا غوث المستغيثين، ويا منتهى رغبة العالمين , والمفرج عن المكروبين , ومروح المغمومين , ومجيب المضطرين، وكاشف السوء يا أرحم الراحمين , منزول بك كل حاجة»

واختلف العلماء في أبي شجاع وشيخه أبي طيبة، فقيل إن أبا شجاع مجهول كما قال الذهبي، وقيل: هو سعيد بن يزيد الحميري وهو ثقة كما رجحه الحافظ ابن حجر، وأما أبو طيبة فيراه ابن معين والدولابي ثم الحافظ ابن حجر بأنه الجرجاني واسمه عيسى بن سليمان وهو ضعيف لم يدرك ابن عمر رضي الله عنهما، فيكون سنده منقطعا أيضاً، ويرى شيخنا الألباني أنه عبدالله بن مسلم السلمي وهو مختلف فيه ولم يدر ابن عمر رضي الله عنهما، ومنهم من رأى أن أبا طيبة هو الكلاعي الشامي-والأشهر أنه أبو ظبية بالظاء- كما رجحه ابن عساكر، وأبو ظبية هذا ثقة، ومنهم من يراه مجهول العين قد قيل في اسمه في حديث آخر «أبو فاطمة»، وعلى كل فالسند ضعيف لا يثبت بسبب هذا الاختلاف في الرجلين، وعدم وجود مرجح واضح.

قال الشيخ الألباني في الضعيفة(13/474رقم6218) عن الحديث: «منكر»، ولما أورد سنده قال: «وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير أبي طيبة هذا - واسمه: عبد الله بن مسلم المروزي -: قال أبو حاتم: "يكتب حديثه، ولا يحتج به ". ولم يوثقه أحد غير ابن حبان، ومع ذلك فقد أشار إلى ضعف حفظه بقوله(7/49): "يخطئ ويخالف ". ثم إنه لم يدرك ابن عمر؛ بينهما واسطتان أو أكثر، وقد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله فيه في "التقريب ":"صدوق يهم، من الثامنة "» انتهى كلام شيخنا الألباني رحمه الله.
وفي كلام شيخنا الألباني رحمه الله نظر، فقد روي عن الدارقطني قوله في أبي طيبة عبدالله بن مسلم: لا بأس به، وذكره ابن خلفون في الثقات، وقال الإسماعيلي: «صدوق»، وقال الذهبي: «صالح الحديث». وقد سمع من ابن سيرين وطبقته، فيكون بينه وبين ابن عمر رضي الله عنهما راو واحد فقط، فالذين من الثامنة لم يدركوا الصحابة، لكن قد يكون بينه وبينهم واسطة واحدة فقط.
مع ما سبق ذكره من الخلاف في أبي شجاع، وكذلك في أبي طيبة.
والله أعلم.

الثاني: من حديث حذيفة رضي الله عنه.
رواه الطبراني في المعجم الأوسط(1/ 52رقم145) حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان قال: نا يحيى بن سليمان الجعفي قال: نا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، أنه سمع سلام بن سليم، يذكر عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن حذيفة بن اليمان قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا محمد ما بعثت إلى نبي قط أحب إلي منك، ألا أعلمك أسماء من أسماء الله، هن من أحب أسمائه إليه، أن يدعى بهن؟ قل يا نور السموات والأرض، يا زين السموات والأرض، يا جبار السموات والأرض، يا عماد السموات والأرض، يا بديع السموات والأرض، يا قيوم السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا صريخ المستصرخين، ويا غياث المستغيثين، ومنتهى العابدين، المفرج عن المكروبين، المروح عن المغمومين، ومجيب دعاء المضطرين، وكاشف الكرب، ويا إله العالمين، ويا أرحم الراحمين. تزول بك كل حاجة». قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن منصور إلا سلام بن سليم، تفرد به: المحاربي».
ورجاله ثقات غير سلام بن سليم الطويل وهو متروك، وسالم بن أبي الجعد لم يدرك حذيفة رضي الله عنه. فالسند ضعيف جداً.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (10/ 179) : «رواه الطبراني في الأوسط، وفيه سلام الطويل، وهو متروك».
فالحديث الذي رواه ابن أبي زمنين في أصول السنة ضعيف، لا يرتقي إلى درجة الحسن. والله أعلم.


وبهذا القدر أكتفي.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي

1 / 4 / 1440 هـ
رد مع اقتباس