من هدي أئمة الهدى وخلفاء الرسل رحمهم الله... فبهداهم اقتده
كان أئِمةُ الهدى ينهون عن حمدهم على أعمالهم وما يصدرُ منهم من الإحسان إلى لخلق,
ينهون عن حمدهم على أعمالهم وما يصدرُ منهم من الإحسان إلى الخلق، ويأمرون بإضافة الحمدِ على ذلك إلى الله وحده لا شريك له، فإن النعم كلها منه.
وحاصلُ الأمرِ أراد أن يعرف أن ذا الولايةِ إنما هو مُنتصبٌ لتنفيذِ أمر الله تعالى، وآمرٌ العبادَ بطاعته تعالى، وناهٍ لهم عن محارم الله، ناصحٌ لعبادِ الله بدعائهم إلى الله فهو يقصد أن يكون الدين كله لله، وأن تكون العزة لله، وهو مع ذلك خائف من التقصير في حقوق الله ايضا.
فالمحبون لله غاية مقاصدهم من الخلقِ أن يحبوا الله ويطيعوه ويفردوه بالعبودبةِ والإِلِهية، فكيف من يزاحمهُ في شيءٍ من ذلك، فهو لا يريدُ من الخلقِ جزاءً ولا شكورا، وإنما يرجو ثواب عمله من الله تعالى، كما قال الله تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّـهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّـهِ وَلَـٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾[آل عمران :79- 80]
وكان صلى الله عليه وسلم يُنكر على من لا يتأدب معه في الخطابِ بهذا الأدب، كما قال((لا تَقُولُوا : مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ ،بل قُولُوا : مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ ؛ ثُمَّ شَاءَ مُحَمَّدٌ ))
وقال لمن قال مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ(( أجعلتني لِلَّهِ نِدًّا ؟! بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ))
فمن هنا كان خلفاءُ الرُسلِ وأتباعُهم من أُمراءِ العَدلِ وقُضاتهم لايدعون إلى تعظيم نفوسهم البتَّه؛ بل إلى تعظيم الله وحده وإفرادهِ بالعُبوديةِ والإِلهية، ومنهم من كان لا يريد الولاية إلا للاستعانة بها على الدعوة إلى الله وحده، وكان بعض الصالحين يتولى القضاء ويقول " أنا أتولاه لِأستعين به على الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر "
ولهذا كانت الرسل وأتباعهم يصبرون على الأذى في الدعوةِ إلى الله، ويتحملون في تنفيذِ أوامر الله تعالى من الخلق غاية المشقة وهم صابرون, بل راضون بذلك، فإن المحب ربما يتلذذ بما يصيبه من الأذى في رضى محبوبه، كما كان عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز رحمه الله.