فتوى في حكم ما يفيده حديث: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا...»
السؤال:
ما معنى قولِه صلَّى الله عليه وآلِه وسلَّم: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا»(1)، وهل يفيد الوجوبَ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فمعنى الحديث أنَّ مرتبة الرجالِ متقدِّمةٌ على مرتبة النساء، فمَنْ كان أقربَهم مِنَ الإمامِ وأبعدَهم مِنَ النساءِ فهو خيرٌ ممَّن كان أقربَهم إلى النساءِ وأبعدَهم مِنَ الإمام، إذِ الصفُّ الأوَّلُ أعلمُ بحالِ الإمام وأقوى في المتابَعة وأدعى للانقياد والخشوع وأوفرُ ثوابًا، ومَنْ كان أكثرَ تقدُّمًا كان أكثرَ تعظيمًا لأمرِ الشرعِ.
وبالعكسِ صنفُ النساء، فبعدُهنَّ مِنَ الرجالِ خيرٌ من قربِهنَّ منهم، لأنَّ مرتبةَ النساءِ متأخِّرةٌ عن مرتبة الذكور، فيكون آخرُ الصفوفِ أليقَ بمرتبتهنَّ لأنهنَّ مأموراتٌ بالاحتجاب والتستُّر مِنْ جهةٍ، وأليقُ مطابَقةً لقولِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه -موقوفًا-: «أَخِّرُوهُنَّ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللهُ»(2) مِنْ جهةٍ أخرى، والخيريةُ تفيد الاستحبابَ والترغيبَ في تحصيلِ الفضيلة، وتُنافي النهيَ والتحريمَ.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 26 ذي القعدة 1426ه
المـوافق ل: 28 ديسمـبر 2005م
(1) أخرجه مسلم في «الصلاة» (440) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2) أخرجه ابن خزيمة (1700)، وعبد الرزَّاق في «المصنَّف» (5115)، والطبراني في «المعجم الكبير» (9484)، من حديث عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه موقوفًا، ورُوِيَ مرفوعًا ولا يصحُّ. [انظر: «نصب الراية» للزيلعي (2/ 36)، و«الدراية في تخريج أحاديث الهداية» لابن حجر العسقلاني (1/ 171)، و«السلسلة الضعيفة» للألباني (2/ 319)].
المصدر:
http://ferkous.com/site/rep/Bd51.php