منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام

آخر المشاركات حكم الكلام أثناء قراءة القرآن (الكاتـب : أبو هريرة الكوني السلفي - )           »          خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #1  
قديم 09-21-2014, 07:19 AM
أبو الحسن الليبي أبو الحسن الليبي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: ليبيا بنغازي
المشاركات: 127
شكراً: 0
تم شكره 9 مرة في 8 مشاركة
افتراضي الرد على من أنكر وصف طالب العلم بالفاضل أو الفضيلة

الرد على من أنكر وصف طالب العلم بالفاضل أوالفضيلة

الحمد لله رب العالمين، وبه نستعين على أمور الدنيا والدين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمـداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد في الله حق جهاده؛ حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه، تركنا على مثل البيضاء؛ ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ولا يتبعها إلا كل منيب سالك ..

أما بعد:

لقد شغبَ بعضُ ممن لم يتأهل في العلوم الشرعية ولم يفهم معاني اللغة العربية على من وصف طالب العلم بالفاضل أو الفضيلة؛ بحجة أن هذا اللقب لا يُقال إلا لكبار العلماء ... وقد علمنا أن هذا إنكارٌ باطلٌ خالفَ الحق وجانبَ الصواب، وافتياتٌ على اللغة العربية – التي وسعت كتاب الله – ولكن صحة الفهم حرمه الكثير وإلا فهو نورٌ يقذفه الله في قلب العبد، وفي هذا قال ابن القيم – رحمه الله -:
"صحة الفهم وحسن القصد من أعظم نعم الله التي أنعم بها على عبده، بل ما أعطي عبدٌ عطاء بعد الاسلام أفضل ولا أجل منهم، بل هما ساقا الاسلام، وقيامه عليهما، وبهما يأمن العبد طريق المغضوب عليهم الذين فسد قصدهم، وطريق الضالين الذين فسدت فهومهم، ويصير من المنعم عليهم الذين حسنت أفهامهم وقصودهم، وهم أهل الصراط المستقيم الذين أمرنا أن نسأل الله أن يهدينا صراطهم في كل صلاة، وصحة الفهم نور يقذفه الله في قلب العبد، يميز به بين الصحيح والفاسد، والحق والباطل، والهدى والضلال، والغي والرشاد، ويمده حسن القصد، وتحرى الحق، وتقوى الرب في السر والعلانية، ويقطع مادته اتباع الهوى وإيثار الدنيا، وطلب محمدة الخلق، وترك التقوى" ا.هـ.

فكيف يؤتمن طالب العلم على فهم معاني الكتاب والسنة وهو لا يفهم النحو .... فحُرم الفهم؟!

قال ابن الوردي:
جمّل المنطق بالنحو فمن = يُحرم الإعراب بالنطق اختبل

وقال ابن عبد البر – رحمه الله -:
"ومما يستعان به على فهم الحديث ما ذكرناه من العون على كتاب الله وهو العلم بلسان العرب ومواقع كلامها وسعة لغتها واستعارتها ومجازها وعموم لفظ مخاطبتها وخصوصه وسائر مذاهبها لمن قدر فهو شيء لا يستغنى عنه".
قال: "وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى الآفاق أن يتعلموا السنة والفرائض واللحن يعني النحو كما يتعلم القرآن".
وعن أبي عثمان قال: "كان في كتاب عمر: تعلموا العربية".
وعن عمر بن زيد قال: "كتب عمر إلى أبي موسى أما بعد: فتفقهوا في السنة وتفقهوا في العربية". وعن نافع عن ابن عمر "أنه كان يضرب ولده على اللحن".
وقال الشعبي: "النحو في العلم كالملح في الطعام"، وقال: "مثل الذي يتعلم في الحديث ولا يتعلم النحو مثل برنس لا رأس له".
وقال الخليل بن أحمد: "أي شيء من اللباس على ذي السر أنهى من اللسان البهي ينظم الحجة الشتيتة في السلك من القول مثل عقد الحلي، وترى اللحن بالحسيب أخي الهيئة مثل الصدأ على المسرفي، فاطلب النحو للحجاج وللشعر مقيما والمسند المروي والخطاب البليغ عند جواب القول يزهوا بمثله في الندى".
وفال الشافعي محمد بن ادريس: "من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم".

أقول: والرد على كلام المنكرين لوصف الفاضل والفضيلة سيكون من وجهين: لغوي وشرعي ...
- الوجه اللغوي ويكون ببيان معنى كلمة الفضل واشتقاقاتها كــ: الفاضل والفضيلة والمفضال، والتفاضل، والفواضل ... إلخ.
- وأما الوجه الشرعي ويكون ببيان فضل العلم والعلماء، بيان أن العلماء وطلبة العلم هم الرجال الأفاضل.

أولاً: الوجه اللغوي:
قال أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري في (النهاية في غريب الأثر):
(فضل) فيه (لا يُمْنَع فَضْلُ الماء) هو أن يسقي الرجلُ أرضه ثم تَبْقى من الماء بَقِيَّة لا يَحْتاج إليها فلا يجوز له أن يَبيعها ولا يمنعَ منها أحَداً يَنْتَفع بها هذا إذا لم يكن الماءُ مِلكَه أو على قَول مَن يرى أنَّ الماء لا يُمْلَك.
- وفي حديث آخر (لا يُمْنَع فَضْلُ الماء ليُمْنَع به الكَلَأُ) هو نَقْع البِئر المُباحة: أي ليس لأحَدٍ أن يَغْلِب عليه ويَمْنَعَ الناس منه حتى يَحوزَه في إناءٍ ويَمْلِكه.
- وفيه (فَضْلُ الإزَار في النار) هو ما يجرُّه الإنسان من إزارِه على الأرض على معنى الخُيَلاء والكِبْر
- وفيه (إن للّه ملائكةً سَيَّارةً فُضْلا) أي زيادة عن الملائكة المُرَتَّبين مع الخلائق. ويُروى بسكون الصاد وضمها.
قال بعضهم: والسكون أكثر وأصْوَب وهما مصدر بمعنى الفَضْلة والزِّيادة.
وفي حديث امرأة أبي حُذَيفة "قالت: يا رسول اللّه إنّ سالماً مَوْلَى أبي حُذْيفة يراني فُضُلاً" أي مُتَبَذِّلة في ثِياب مِهْنَتِي.
يقال: تَفَضلت المرأة إذا لَبِسَت ثياب مِهْنَتها أو كانت في ثوب واحِد فهي فُضُل والرجل فُضُلٌ أيضا.
وفي حديث المغيرة في صِفَة امْرأة "فُضُلٌ ضَباثٌ (رواية اللسان: (صَبَأَتْ) غير أنه ذكرها مُصْلَحة في مادة (ضبث)) كأنها بُغاث)، وقيل: أراد أنَّها مُخْتَالَة تُفْضِل من ذَيْلها.
وفيه "شَهِدْت في دار عبد اللّه بن جُدعان حِلْفاً لو دُعيت إلى مِثْله في الإسلام لأجبْتُ" يعني حِلْف الفُضُول وسُمِّي به؛ تَشْبيها بِحِلْفٍ كان قديماً بمكة أيَّام جُرْهُم على التَّنَاصُف والأخْذ للضعيف من القوي وللغَرِيب من القاطِن، قام به رجال من جُرْهُم كُلُّهم يُسَمَّى الفَضْل منهم:
الفَضْل بن الحارث، والفَضْل بن وَداعَة، والفَضل بن فَضالة.
- وفيه "أنَّ اسْم دِرْعه عليه الصلاة والسلام كانت ذَاتَ الفُضُول" وقيل: ذُو الفُضول لِفَضْلةٍ كان فيها وسَعَة.
- وفي حديث ابن أبي الزِّناد "إذا عَزَب المالُ قَلَّت فَواضِلُه" أي بَعُدَت الضَّيْعةُ قَلَّ المَرْفِقُ منها
(الذي في اللسان: (قلّ الرِّفقُ منها لصاحبها وكذلك الإبل إذا عَزَبَتْ قلَّ انتفاع ربِّها بدَرِّها)) ا.هــ

وفي (تاج العروس):
الفضل معروف وهو ضد النقص، والجمع: فضول.
وفي التوقيف للمناوي: الفضل: ابتداء إحسان بلا علة.
وفي المفردات للراغب: الفضل: الزيادة على الاقتصاد وذلك ضربان:
محمود: كفضل العلم والحلم.
ومذموم: كفضل الغضب على ما يجب أن يكون عليه.
والفضل في المحمود أكثر استعمالا والفضول في المذموم والفضل إذا استعمل بزيادة أحد الشيئين على الآخر فعلى ثلاثة أضراب:
(الأول): فضل من حيث الجنس.
(الثاني): وفضل من حيث النوع كفضل الإنسان على غيره من الحيوان.
(الثالث): وفضل من حيث الذات كفضل رجلٍ على آخر.
فالأولان جوهريان لا سبيل للناقص منهما أن يزيل نقصه، وأن يستفيد الفضل كالفرس والحمار لا يمكنهما اكتساب فضيلة الإنسان.
والثالث قد يكون عرضيا فيوجد السبيل إلى اكتسابه، ومن هذا النحو التفضيل المذكور في قوله تعالى: (والله فضل بعضكم على بعض)، أي: في المكنة والمال والجاه والقوة وكل عطية لا يلزم إعطاؤها لمن تعطى له يقال لها فضل نحو:
(واسألوا الله من فضله)، وقوله تعالى: (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)، متناول للأنواع الثلاثة من الفضائل. انتهى.
وقد (فضل) كنصر وعلم الأخيرة حكاها ابن السكيت، وأما فضل كعلم يفضل كينصر فمركبة منهما أي من البابين شاذة لا نظير لها قال سيبويه: هذا عند أصحابنا إنما يجيء على لغتين قال:
"وكذلك: نعم ينعم، ومت تموت، ودمت تدوم، وكدت تكود"، كما في الصحاح قال شيخنا: والذي في كتاب الفرق لابن السيد: أن هذه اللغات الثلاث إنما هي في الفضل الذي يراد به الزيادة فأما الفضل الذي هو بمعنى الشرف فليس فيه إلا لغة واحدة وهي فضل يفضل كقعد يقعد ومن روى قول الشاعر:
"وجدنا نهشلا فضلت فقيما"
بكسر الضاد - فقد غلط ولم يفرق بين المعنيين
وقال الصيمري في كتاب التبصرة له: فضل يفضل كنصر ينصر من الفضل الذي هو السؤدد وفضل يفضل بكسرهما في الماضي وضمها في المضارع من الفضلة وهي بقية الشيء انتهى.
وقال ابن السكيت عن أبي عبيدة: فضل منه شيء قليل فإذا قالوا يفضل ضموا الضاد فأعادوها إلى الأصل، وليس في الكلام حرف من السالم يشبه هذا...
ورجل فاضل: ذو فضل، وفضال كشداد ومنبر ومحراب ومعظم: كثير الفضل والمعروف والخير والسماح.
وهي مفضالة ومفضلة: ذات فضل سمحة.
والفضيلة: خلاف النقيصة وهي الدرجة الرفيعة في الفضل والاسم من ذلك الفاضلة والجمع الفواضل. وفضله على غيره تفضيلا: مزاه أي أثبت له مزية أي خصلة تميزه عن غيره أو فضله: حكم له بالتفضيل أو صيره كذلك وقوله تعالى: (وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) قيل في التفسير: إن فضيلة ابن آدم أنه يمشي قائما وأن الدواب والإبل والحمير وما أشبهها تمشي منكبة وابن آدم يتناول الطعام بيديه وسائر الحيوان يتناوله بفيه.
والفضال ككتاب والتفاضل: التمازي في الفضل وهو التفاعل من المزية والتفاضل بين القوم: أن يكون بعضهم أفضل من بعض.
وفاضلني ففضلته أفضله فضلا: غالبني في الفضل فغلبته به وكنت أفضل منه.
وتفضل عليه: تمزى ومنه قوله تعالى: "يريد أن يتفضل عليكم" أي يكون له الفضل عليكم في القدر والمنزل، أو تفضل عليه: إذا تطول وأحسن وأناله من فضله قال الشاعر:
متى زدت تقصيرا تزدني تفضلا ... كأني بالتقصير أستوجب الفضلا
كأفضل عليه إفضالا.
قال حسان رضي الله تعالى عنه:
أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل
أو تفضل الرجل: ادعى الفضل على أقرانه وبه فسر قوله تعالى: (يريد أن يتفضل عليكم) كما في الصحاح.
وأفضل عليه في الحسب: حاز الشرف قال ذو الإصبع:
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب ... عني ولا أنت دياني فتخزوني الديان هنا
الذي يلي أمرك ويسوسك، وأراد فتخزوني فأسكن للقافية؛ لأن القصيدة كلها مردوفة.
أفضل عنه: إذا زاد قال أوس يصف قوسا:
كتوم طلاع الكف لا دون ملئها ... ولا عجسها هم موضع الكف أفضلا
والفواضل الأيادي الجسيمة أو الجميلة وهذه عن ابن دريد يقال: فلان كثير الفواضل.
وفواضل المال: ما يأتيك من غلته ومرافقه من ريع ضياعه وأرباح تجاراته وألبان ماشيته وأصوافها ولهذا قالوا:
إذا عزب المال قلت مرافق صاحبها منها وكذلك الإبل إذا عزبت قل انتفاع ربها بدرها، قال الشاعر:
سأبغيك مالا بالمدينة إنني ... أرى عازب الأموال قلت فواضله

والفضلة: البقية من الشيء كالطعام وغيره إذا ترك منه شيء ومنه قولهم لبقية الماء في الماء في المزادة ولبقية الشراب في الإناء: فضلة ومنه قول العامة: الفضلة للفضيل كالفضل بالفتح والفضالة بالضم وفي الحديث: "فضل الإزار في النار" هو ما يجره على الأرض تكبرا وفي آخر: "لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ" أي ليس لأحد أن يغلب على البئر المباحة ويمنع الناس منه حتى يحوزه في إناء ويملكه.
وقد فضل منه شيء كنصر وسمع، قال اللحياني في نوادره: فضل مثل حسب نادر.
الفضلة: الثياب التي تبتذل للنوم لأنها فضلت عن ثياب التصرف.
الفضلة: الخمر ذكره أبو عبيد في باب أسماء الخمر، وقال أبو حنيفة: ما يلحق من الخمر بعد القدم. قال ابن سيده: وإنما سميت فضلة؛ لأن صميمها هو الذي بقي وفضل، قال أبو ذؤيب:
فما فضلة من أذرعات هوت بها ... مذكرة عنس كهادية الضحل
كالفضال ككتاب، وأنشد الأزهري:
والشاربون إذا الذوارع أغليت ... صفو الفضال بطارف وتلاد
والجمع: فضلات محركة وفضِال بالكسر، قال الشاعر:
في فتية بسط الأكف مسامح ... عند الفضِال قديمهم لم يدثر

المفضل كمنبر ومكنسة وعنق وهذه عن الفراء: الثوب تتفضل فيه المرأة ببيتها.
والتفضل: التوشح وأن يخالف اللابس بين أطراف ثوبيه على عاتقيه هكذا في النسخ والصواب: على عاتقه، ورجل فضل وامرأة فضل بضمتين كجنب كذلك متفضل؛ أي في ثوب واحد، أنشد ابن الأعرابي:
يتبعها ترعية جاف فضل = إن رتعت صلى وإلا لم يصل
وشاهد الأنثى قول الأعشى:
ومستجيب تخال الصنج يسمعه = إذا تردد فيه القينة الفضل،
وقال الجوهري: تفضلت المرأة في بيتها: إذا كانت في ثوب واحد كالخيعل ونحوه، وقال غيره: تفضلت المرأة: لبست ثياب مهنتها
وقال امرؤ القيس:
فجئت وقد نضت لنوم ثيابها ... لدى الستر إلا لبسة المتفضل
وقال أيضا:
وتضحي فتيت المسك فوق فراشها ... نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل
أي: ليست بخادم تنتطق وهي فضل تجيء وتذهب، وإنه لحسن الفضِلة بالكسر من التفضل في الثوب الواحد عن أبي زيد مثل الجلسة والركبة.
وفضال كشداد ابن جبير التابعي، وفضلان: اسم رجل، والفاضلة هي الفاصلة الكبرى هكذا يسميه بعضهم لفضل حرف فيها وقد ذكرت في فصل.
والفضولي بالضم: المشتغل بما لا يعنيه، وقال الراغب: الفضول: جمع الفضل وقد استعمل الجمع استعمال المفرد فيما لا خير فيه؛ ولهذا نسب إليه على لفظه فقيل: فضولي لمن يشتغل بما لا يعنيه؛ لأنه جعل علما على نوع من الكلام فنزل منزلة المفرد.
والفضولي في عرف الفقهاء: من ليس بمالك ولا وكيل ولا ولي، زاد الصاغاني: وفتح الفاء منه خطأ.
قال ابن الأعرابي: الفضولي: الخياط وكذا القراري.
والفضالى كسمانى: المتفضلون أي المتطولون، ورجل مفضال على قومه وهي بهاء ذو فضل ومعروف سمح وهي كذلك ذات فضل سمحة وقد تقدم آنفا: المفضال بمعنى كثير الفضل في صيغ المبالغة. وأفضلت منه الشيء واستفضلت بمعنى واحد أي تركت منه وأبقيته والاسم منهما الفضلة قال الشاعر:
كلا قادميها تفضل الكف نصفه ... كجيد الحبارى ريشه قد تزلعا
في الحديث: "شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت" يعني حلف الفضول وهو أن هاشما وزهرة وتيما دخلوا على عبد الله بن جدعان فتحالفوا بينهم على دفع الظلم وأخذ الحق من الظالم سمي بذلك؛ لأنهم تحالفوا أن لا يتركوا عند أحد فضلا يظلمه أحدا إلا أخذوه له منه.
وقيل: سمي به تشبيها بحلف كان قديما بمكة أيام جرهم على التناصف والأخذ للضعيف من القوي والغريب من القاطن، وسمي حلف الفضول؛ لأنه قام به رجال من جرهم كلهم يسمى الفضل: الفضل بن الحارث، والفضل بن وداعة، والفضل بن فضالة فقيل: حلف الفضول جمعا لأسماء هؤلاء كما يقال: سعد وسعود وهذا الحلف كان عقده المطيبون وهم خمس قبائل وقد ذكر في حلف وقد أوسع الكلام فيه السهيلي في الروض، والثعالبي في المضاف والمنسوب، وابن قتيبة في المعارف وغيرهم. ومما يستدرك عليه: رجل مفضول: مغلوب قد فضله غيره ومنه قولهم: قد يوجد في المفضول ما لا يوجد في الفاضل وقال الشاعر:
شمالك تفضل الأيمان إلا ... يمين أبيك نائلها الغزير

أي تغلب، والفضل بالضم وبضمتين: مصدران بمعنى الزيادة وبهما يروى الحديث: "إن لله ملائكة سيارة فضلا" أي زيادة على الملائكة المرتبين مع الخلائق.
وذات الفضول بالضم ويفتح: اسم درعه - صلى الله تعالى عليه وسلم؛ سميت لفضلة كانت فيها وسعة. وفضول الغنائم: ما فضل منها حين تقسم، قال ابن عنمة:
لك المرباع منها والصفايا ... وحكمك والنشيطة والفضول
وقال الليث: الفضال بالكسر الثوب الواحد يتفضل به الرجل يلبسه في بيته وأنشد:
فألق فضال الوهن منه بوثبة ... حوارية قد طال هذا التفضل
وامرأة فضل بضمتين: مختالة تفضل من ذيلها.
وقد سموا مفضلا كمعظم وفضلون ومنية فضالة: قرية بمصر.
وفي شرح المفتاح للقطب الشيرازي: اعلم أن فضلا يستعمل في موضع يستبعد فيه الأدنى ويراد به استحالة ما فوقه ولهذا يقع بين كلامين متغايري المعنى وأكثر استعماله ومجيئه بعد نفي انتهى.

وفاضل بين الشيئين. والأشياء تتفاضل. ومال فلان فاضل: أي كثير: يفضل عن القوت. وفي يده فضل الزمام: أي طرفه. واستفضل ألفا: أخذه فاضلا عن حقه. والفضلى كبشرى: تأنيث الأفضل.
والقاضي الفاضل عرف به أبو علي عبد الرحيم بن علي بن الحسين بن أحمد بن الفرج بن أحمد اللخمي العسقلاني البيساني صاحب دواوين الإنشاء ووزير السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ولد سنة 529، سمع من السلفي وابن عساكر وتوفي سنة 596، ودفن هو والشاطبي في قبر واحد بالقرافة. والملك المفضل قطب الدين بن العادل أبي بكر محمد بن أيوب له ذرية بمصر يقال لهم: القطبية

وفي (لسان العرب):
(فضل) الفَضْل والفَضِيلة معروف ضدُّ النَّقْص والنَّقِيصة والجمع فُضُول وروي بيت أَبي ذؤيب: "وَشِيكُ الفُضُول بعيد الغُفُول"، روي "وَشِيك الفُضُول مكان الفُصُول"...
قوله "وقد فضل يفضل" عبارة القاموس وقد فضل كـ (نصر) وعلم وأما فضل كـ (علم) يفضل كـ (ينصر) فمركبة منهما.
وهو فاضِل ورجل فَضَّال ومُفَضَّل كثير الفَضْل والفَضِيلة الدَّرَجة الرفيعة في الفَضْل...
والفِضَال والتَّفاضُل التَّمازِي في الفَضْل وفَضَّله مَزَّاه والتَّفاضُل بين القوم أَن يكون بعضهم أَفضَل من بعض.
ورجل فاضِل ذو فَضْل، ورجل مَفْضول قد فَضَله غيره، أي: غيرُه أفضل منه.
ويقال فَضَل فلان على غيره إِذا غلب بالفَضْل عليهم، وقوله تعالى (وفَضَّلناهم على كثير ممن خلقنا تَفْضِيلاً) قيل تأْويله أَن الله فضَّلهم بالتمييز، وقال على كثير ممن خلقنا ولم يقل على كل؛ لأَن الله تعالى فَضَّل الملائكة فقال (ولا الملائكة المقرَّبون)، ولكن ابن آدم مُفَضَّل على سائر الحيوان الذي لا يعقل وقيل في التفسير إِن فَضِيلة ابن آدم أَنه يمشي قائماً وأَن الدَّواب والإِبل والحمير وما أَشبهها تمشي منكَبَّة وابن آدم يتناول الطعام بيديه وسائر الحيوان يتناوله بِفِيه.
وفاضَلَني ففَضَلْته أَفْضُلُه فَضْلاً غلبته بالفَضْل وكنت أَفضَل منه وتَفَضَّل عليه تَمَزَّى وفي التنزيل العزيز (يريد أَن يتفضَّل عليكم)،: معناه يريد أَن يكون له الفَضْل عليكم في القَدْر والمنزلة وليس من التفضُّل الذي هو بمعنى الإِفْضال والتطوُّل الجوهري المتفضِّل الذي يدَّعي الفَضْل على أَقرانه ومنه قوله تعالى (يريد أَن يتفضَّل عليكم).
وفَضَّلته على غيره تَفْضِيلاً إِذا حكَمْتَ له بذلك أَو صيَّرته كذلك وأَفْضَل عليه زاد قال ذو الإِصبع:
لاه ابنُ عَمِّك لا أَفْضَلْتَ في حَسَب عَنِّي ولا انتَ دَيّاني فتَخْزُوني الدَّيَّان هنا الذي يَلي أَمْرَك ويَسُوسُك وأَراد فتخزُوَني فأَسكن للقافية؛ لأَن القصيدة كلها مُرْدَفة.
وقال أَوس بن حَجَر يصف قوساً:
كَتومٌ طِلاعُ الكَفِّ لا دون مِلْئِها = ولا عَجْسُها عن مَوضِع الكَفِّ أَفْضَلا
والفَواضِل الأَيادي الجميلة.
وأَفْضَل الرجل على فلان وتفَضَّل بمعنى: إِذا أَناله من فضله وأَحسن إِليه.
والإِفْضال الإِحسان وفي حديث ابن أَبي الزناد: "إِذا عَزَب المالُ قلَّت فَواضِلُه"، أَي إِذا بعُدت الضَّيْعة قلَّ الرِّفْق منها لصاحبها، وكذلك الإِبلُ إِذا عَزبت قلَّ انتفاع ربها بدَرِّها قال الشاعر:
سأَبْغِيكَ مالاً بالمدينة إِنَّني = أَرَى عازِب الأَموال قلَّتْ فواضِله
والتَّفَضُّل: التَّطوُّل على غيرك.
وتفضَّلْت عليه وأَفْضَلْتُ: تطوَّلت.
ورجل مِفْضال: كثير الفَضْل والخير والمعروف، وامرأَة مِفْضالة على قومها إِذا كانت ذات فَضْل سَمْحة ويقال فَضَلَ فلان على فلان إِذا غلب عليه، وفَضَلْت الرجل غلبته، وأَنشد:
شِمَالُك تَفْضُل الأَيْمان = إِلاَّ يمينَ أَبيك نائلُها الغَزِيرُ
وقوله تعالى: (ويُؤْتِ كلَّ ذي فَضْل فَضْلَه) قال الزجاج معناه: من كان ذا فَضْل في دينه فضَّله الله في الثواب وفضَّله في المنزلة في الدُّنيا بالدِّين كما فضَّل أَصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والفَضْل والفَضْلة البقيَّة من الشيء، وأَفْضَل فلان من الطعام وغيره إِذا ترك منه شيئاً (ابن السكيت) فَضِل الشيءُ يَفْضَل وفَضَل يَفْضُل قال وقال أَبو عبيدة: فَضِل منه شيء قليل، فإِذا قالوا يَفْضُل ضموا الضاد فأَعادوها إِلى الأَصل وليس في الكلام حرف من السالم يُشْبه هذا.
قال: وزعم بعض النحويين أَنه يقال حَضِرَ القاضيَ امرأَة ثم يقولون تَحْضُر الجوهري أَفْضَلْت منه الشيء واسْتَفْضَلْته بمعنى وقوله أَنشده ثعلب للحرث بن وعلة:
فلمَّا أَبَى أَرْسَلْت فَضْلة ثوبِه إِليه = فلم يَرْجِع بحِلْم ولا عَزْم
معناه أَقلعت عن لَومه وتركتُه كأَنه كان يمسك حينئذ بفَضْلة ثوبه، فلما أَبى أَن يقبل منه أَرسل فضلة ثوبه إِليه فخلاَّه وشأْنه.
وقد أَفْضَل فَضْلَة قال:
كِلا قادِمَيْها تُفْضِل الكَفُّ نِصْفَه = كَجِيدِ الحُبارَى رِيشُهُ قد تَزَلَّعا
وفَضَل الشيءُ يَفْضُل مثال: (دخَل يدخُل - وفَضِل يَفْضَل كـ (حذِر يحذَر).
وفيه لغة ثالثة مركبة منهما فَضِل بالكسر يَفْضُل بالضم وهو شاذ لا نظير له، وقال ابن سيده هو نادر جعلها سيبويه كَـ (مِتَّ تموت).
قال الجوهري: قال سيبويه هذا عند أَصحابنا إِنما يجيء على لغتين قال وكذلك نَعِمَ يَنْعُم ومِتَّ تَموت وكِدْت تَكُود.
وقال اللحياني: فَضِل يَفْضَل كـ (حَسِب يَحْسَب) نادر كل ذلك بمعنى.
وقال ابن بري عند قول الجوهري كِدْت تَكُود قال المعروف كِدْت تَكاد والفَضِيلة والفُضَالة ما فَضَل من الشيء وفي الحديث "فَضْلُ الإِزار في النار" هو ما يجرُّه الإِنسان من إِزاره على الأَرض على معنى الخُيَلاء والكِبْر وفي الحديث: "إِن لله ملائكةً سَيَّارة فُضْلاً" أَي زيادة على الملائكة المرتبين مع الخلائق، ويروى بسكون الضاد وضمها قال بعضهم والسكون أَكثر وأَصوب وهما مصدر بمعنى الفَضْلة والزيادة ....)) ا.هــ مختصراً بتصرف يسير.

وقال زين الدين الرازي في (مختار الصحاح):
(ف ض ل( - الفَضْل والفَضيلة ضدّ النَّقْص والنَّقِيصة.
والإِفْضَال الإِحْسَان، ورجُل مِفْضَال وامرأة مِفْضالَةٌ على قَوْمها إذا كانت ذَاتَ فَضْل سَمْحَة.
وأفْضَلَ عليه وتَفَضَّل بمعنًى.
والمُتَفَضِل: الذي يَدَّعِي الفَضْلَ على أقْرانِه ومنه، قوله تعالى (يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضّل عَلَيْكُم).
وأفْضَلَ منه شَيْئاً واسْتَفْضَل بمعنًى.
وفَضَّله على غيره تفضيلاً أي حَكَم له بذلك أو صَيَّره كذلك.
وفَاضَلَهُ فَفَضَلَهُ من باب نصر أي غَلَبَه بالفَضْل.
والفَضْلة والفُضَالة ما فَضَل من الشيء. وفَضَل منه شيء من باب نصر. وفيه لغة ثانية من باب فهم. وفيه لغة ثالثة مركبة منهما فَضِل بالكسر يَفْضُل بالضم وهو شاذٌ لا نِظيرَ له. ا.هــ.

أقـول:
ومما ذُكر انفاً يتبين لنا أن كلمة الفضل لها معانٍ عديدة، ومنها:
أن الفَضْل والفَضِيلة هو ضدُّ النَّقْص والنَّقِيصة.
والمِفْضال هو كثير الفَضْل والمعروف بالخير والإحسان، ويقال فَضَلَ فلان على فلان إِذا غلب عليه، أو فُضل عليه في العلم والدين، أو الغنى والمال، أو الجاهُ والسلطان ...
والسؤال هنا: من هو الفاضل، ومن هو صاحب الفضيلة، وهل هو خاصٌ بالعلماء أم عامٌ يُطلقُ على من جازَ في حقهِ هذا اللقب؟
أقول وبالله التوفيق:
(الفاضِل): اسم فاعل من فَضُلَ وفَضَلَ.
والجمع: فاضلون وفُضَلاءُ، المؤنث: فاضلة، والجمع للمؤنث: فاضلات وفواضل.
والفَاضِلُ: الباقي زائدًا على الحاجة .
والفَاضِلُ من الرجال: المتّصفُ بالفضيلة.
والفاضِل: تُستخدم في الخطاب المباشر خاصَّة في التَّحيّات، الشيخُ الفاضل.
والفضيلة: الدرجة الرفيعة في الفضل.
وبغيتنا هنا إطلاق هذا اللقب على طلبة العلم، فنقول:
فالرجل الفاضل: هو المتصفُ بالفضيلة وذو الدرجة الرفيعة في الفضل.
وأبواب الفضيلة كثيرة يشترك فيها العالم وطالب العلم، والغني والفقير، الرجل والمرأة، كـ: الفضل في الجود والكرم والإحسان، والفضل في العلم النافع والعمل الصالح والإيمان والتقوى، وفي الحديث: "لا فضل لعربي على عجمي ...".
فمنْ اتصف بهذه الصفات فهو الفاضل والمفضال والفضيلة .... إلخ.

ثانياً: الوجه الشرعي:
قال تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.
آل عمران (18)
وقال تعالى: ﴿نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم﴾ يوسف: (76)
وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾.
وقال تعالى: ﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك﴾. محمـد: (19)
وقال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾. المجادلة: (11)

وقال النبي – صلى الله عليه وسلـم -: "من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة" رواه مسلم.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"؛ لأن الفقه هو: الفهم، والفهم ثمرة الحفظ، كما جاء في الحديث: "رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه".
قال النووي – رحمه الله -: "فيه فضيلة العلم والتفقه في الدين والحث عليه وسببه أنه قائد إلى تقوى الله".
والله - تعالى - يرفع الذي يطلب العلم وذلك قوله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾.
قال القرطبي: "... قوله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ أي في الثواب في الآخرة وفي الكرامة في الدنيا، فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن والعالم على من ليس بعالم.
وقال ابن مسعود: مدح الله العلماء في هذه الآية.
والمعنى أنه يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم (دَرَجَاتٍ) أي درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به...
وقال: أن الرفعة عند الله تعالى بالعلم والإيمان لا بالسبق إلى صدور المجالس.
وقيل: أراد بالذين أوتوا العلم الذين قرؤوا القرآن.
وقال يحيى بن يحيى عن مالك: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾ الصحابة ﴿وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ يرفع الله بها العالم والطالب للحق ..." ا.هـ

وقال الإمام عبد العزيز بن باز – رحمه الله – في فضل العلم وشرف اهله:
"لقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على فضل العلم والتفقه في الدين، وما يترتب على ذلك من الخير العظيم والأجر الجزيل، والذكر الجميل، والعاقبة الحميدة لمن أصلح الله نيته، ومن عليه بالتوفيق.
والنصوص في هذا كثيرة معلومة، ويكفي في شرف العلم وأهله أن الله عز وجل استشهدهم على وحدانيته، وأخبر أنهم هم الذين يخشونه على الحقيقة والكمال، قال تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، فاستشهد الملائكة وأولي العلم على وحدانيته سبحانه، وهم العلماء بالله، العلماء بدينه، الذين يخشونه سبحانه ويراقبونه ، ويقفون عند حدوده، كما قال الله عز وجل: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).
ومعلوم أن كل مسلم يخشى الله، وكل مؤمن يخشى الله ، ولكن الخشية الكاملة إنما هي لأهل العلم، وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام، ثم من يليهم من العلماء على طبقاتهم.
فالعلماء هم ورثة الأنبياء، فالخشية لله حق، والخشية الكاملة إنما هي من أهل العلم بالله والبصيرة به، وبأسمائه، وصفاته، وعظيم حقه سبحانه وتعالى، وأرفع الناس في ذلك هم الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم يليهم أهل العلم على اختلاف طبقاتهم في علمهم بالله ودينه.
والجدير بالعالم أينما كان، وبطالب العلم، أن يعنى بهذا الأمر، وأن يخشى الله، وأن يراقبه في كل أموره، في طلبه للعلم، وفي عمله بالعلم، وفي نشره للعلم ، وفي كل ما يلزمه من حق الله ، وحق عباده.
وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في الصحيحين في حديث معاوية رضي الله عنه، أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"، وهذا الحديث العظيم له شواهد أخرى، عن عدة من الصحابة رضي الله عنهم، وهو يدل على أن من علامات الخير ودلائل السعادة، أن يفقه العبد في دين الله، وكل طالب مخلص في أي جامعة أو معهد علمي أو غيرهما، إنما يريد هذا الفقه ويطلبه، وينشده، فنسأل الله لهم في ذلك التوفيق والهداية وبلوغ الغاية.
ومن أعرض عن الفقه في الدين فذلك من العلامات على أن الله ما أراد به الخير، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه: "إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه بما بعثني الله به فعلِم وعلّم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به".
فالعلماء الذين وفقوا لحمل هذا العلم طبقتان:
إحداهما حصّلت العلم ووفقت للعمل به، والتفقه فيه، واستنبطت منه الأحكام، فصاروا حفاظا وفقهاء، نقلوا العلم وعلموه الناس وفقهوهم فيه، وبصروهم ونفعوهم، فهم ما بين معلم ومقرئ، وما بين داعٍ إلى الله عز وجل، ومدرس للعلم ... إلى غير ذلك من وجوه التعليم والتفقيه.
أما الطبقة الثانية فهم الذين حفظوه ونقلوه لمن فجّر ينابيعه، واستنبط منه الأحكام، فصار للطائفتين الأجر العظيم، والثواب الجزيل، والنفع العميم للأمة.
وأما أكثر الخلق فهم كالقيعان التي لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ لإعراضهم وغفلتهم وعدم عنايتهم بالعلم.
فالعلماء وطلبة العلم في دور العلم الشرعي على خير عظيم، وعلى طريق بحمد الله مستقيم ، لمن وفقه الله لإخلاص النية، والصدق في الطلب.
وهنيئا لطلبة العلم الشرعي أن يتفقهوا في دين الله، وأن يتبصروا فيما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم، وأن ينافسوا في ذلك، وأن يصبروا على ما في ذلك من التعب والمشقة، فإن العلم لا ينال براحة الجسم، بل لا بد من الجد والصبر والتعب، وهذا الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه في أبواب المواقيت من كتاب الصلاة لما ساق عدة أسانيد ذكر فها عن يحيى بن أبي كثير رحمه الله أنه قال: "لا ينال العلم براحة الجسم"، ومقصوده رحمه الله من هذا التنبيه على أن تحصيل العلم والتفقه في الدين يحتاج إلى صبر ومثابرة، وعناية وحفظ للوقت، مع الإخلاص لله، وإرادة وجهه سبحانه وتعالى ...." ا.هـ
المصدر: الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ – رحمه الله -

وقال المحدث محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - في السلسلة الصحيحة حديث رقم 1173)), معلقا على حديث عثمان بن عفان مرفوعا: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه":
وفي هذا الحديث: إشارة إلى تعلم القرآن, وأن خير المعلمين هو معلم القرآن, وأن خير ما تعلم المرء هو تعلم القرآن, فياليت طلاب العلم يعلمون ذلك فإن فيه النفع العظيم ...".

قلتُ: أي فضيلة كفضيلة العلم والعلماء، وأي شرف كهذا الشرف والسؤدد، وطالب العلم يدخل ضمناً في هذا الفضل والشرف فهو مجاهد في سبيل الله بالحجة والبيان.
وأي فضيلة وبشارة هذه التي جاءت في الحديث النبوي: "أن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض"، "وأن الله تعالى وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير".

أخيراً:
قال صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل اللهُ له طريقًا إلى الجنةِ، وإنَّ الملائكةَ لَتضعُ أجنحتَها لطالبِ العلمِ رضًا بما يصنعُ، وإنَّ العالمَ لَيستغفرُ له مَن في السماواتِ ومن في الأرضِ، حتى الحيتانُ في الماءِ، وفضلُ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، إنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورَّثوا العلمَ، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافرٍ".
والحديث (حسن لغيره) كما في صحيح الترغيب والترهيب، وصححه الشيخ الألباني – رحمه الله – في صحيح أبي داود وصحيح الجامع، وهو مروي بألفاظ متقاربة.

أبعدَ هذا البيان تبقى حجةُ لمنْ يقول:
لا ينبغي إطلاق أو وصف طالب العلم بالفاضل أو الفضيلة؟
أليس لطالب العلم نصيبٌ كبيرٌ من هذا الفضل العظيم والخير الجزيل؟
أليس لطالب العلم حظٌ وافرٌ من الفضل والإحسان كما في جاء الآيات والأحاديث؟

وقال ابن عبد البر – رحمه الله – في "جامع بيان العلم وفضله":
أنشدني بعض شيوخي لأبي بكر بن دريد:
أهـلا وسهلا بــالذيـن أحبــهم = وأودهم في اللـه ذي الآلاء
أهـلا بقوم صالحين ذوي تقـى = غر الوجوه وزين كل ملاء
يسعون في طلب الحديث بعفة = وتوقـــر وسكينــة وحيــاء
لهم المهابة والجلالـة والنهى = وفضائل جلت عن الاحصاء
ومداد ما تجري بـه أقلامهم = أزكى وأفضل من دم الشهداء

وقال حافظ حكمي - رحمه الله -:
وقدس العلم واعرف قدرَ حرمتِهِ = لو يعلم المرء قدرَ العلم لم ينم

وأخيراً ...

ولا أدعي لنفسي الكمال، فقد جُبل ابن آدم على النقص، وكل ابن آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون.
ولكن حسبك أخي:
إن تَجِدْ عَيباً فَسدَ الخَللا ... جَلَّ مَنْ لا عَيبَ فيهِ وَعَلاَ

وهذه هديتي إليك فاقبلها، ورحم الله – تعالى - أبا الحسن بن طَبَاطَبَا فقد قال:
لا تُنْكِرَنْ إهداءنــا لك منطِقـاً = منك استَفَدْنا حُسنَهُ ونِظامَهُ
فالله عزَّ وجلَّ يَشكُرُ فِعلَ مَنْ = يَتْلو عليــه وحيَـهُ وكلامَـهُ

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله صحبه وسلم تسليماً كثيراً
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

وكتب
أبو الحسن عمران محمد علي السليماني الليبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)- قلتُ: والسفال ضد العلو.
وقال الشيخ الألباني - رحمه الله – في الضعيفة في تخريجه لهذا الحديث برقم (1415):
(ضعيف جدا)
رواه الطبراني في "الأوسط" (1/29/2) - زوائد المعجمين، وابن عدي (100/1)
وابن السماك في "الأمالي" (2/103/1) عن الحسين بن علي بن يزيد الصدائي:
حدثنا أبي عن حفص بن سليمان عن الهيثم بن عقاب عن محارب بن دثار عن ابن عمر
مرفوعا. وقال الطبراني: "لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به الحسين".
قلت: وهو صدوق، لكن أباه فيه لين، وحفص بن سليمان هو الغاضري وهو متروك
الحديث مع إمامته في القراءة كما تقدم، والهيثم بن عقاب قال عبد الحق في "أحكامه" (41/1):
"كوفي مجهول بالنقل حديثه غير محفوظ"، وبه فقط أعل الحديث! وهو تابع في ذلك للعقيلي كما يأتي ثم تبعهما المناوي!.
وقول الطبراني: "تفرد به الحسين" ليس بصواب، فقد أخرجه العقيلي في"الضعفاء" (451) من طريق سليمان بن توبة النهرواني قال: حدثنا علي بن يزيد الصدائي به. وقال:
"الهيثم بن عقاب مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ ولا يعرف إلا به". ا.هــ
__________________
قال العلامة ربيع بن هادي المدخلي - حفظه الله -
" يجب على المسلم أن يكون عزيزاً عفيفاً ورعاً صداقاً يتحرى الصدق ويكون من الصادقين الشرفاء وليحذر من أهل الكذب التافهين الرويبضات ؛ فإنه في زمان فشى فيه الكذب وإشاعة الأكاذيب ، حيث ينطبق على كثير من أهله قول النبي - صلى الله عليه وسلم - الصادق المصدوق: سيأتي على الناس سنوات خداعات ، يصدق فيها الكاذب ، ويكذب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخون فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة ، قيل وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه ؛ يتكلم في أمر العامة "
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:19 PM.


powered by vbulletin