منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام > منبر الردود السلفية والمساجلات العلمية

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-19-2012, 12:25 AM
أبو عمر عبد الباسط المشهداني أبو عمر عبد الباسط المشهداني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 21
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي الإنتصار لأهل العلم والإيمان في الرد على أهل الكذب والبهتان رد على من اتهم الشيخ ربيعاً بالكذب

الإنتصار لأهل العلم والإيمان في الرد على أهل الكذب والبهتان

رد على من اتهم الشيخ ربيعاً بالكذب
قال تعالى:(( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ )) ( سورة الصافات آية 24 ).
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين:
وبعد:
فلا يزال أهل الباطل يحاربون المنهج السلفي عن طريق المحاربة وإعلان العداوة لعلماء هذا المنهج العظيم, لأن العلماء هم القائمون على نصرة هذا المنهج والدفاع عنه والرد على من خالفه, ببيان شبهاتهم والرد عليها وبيان عوارها وهذا هو الواجب على أهل الحق في الدفاع عن دين الله تعالى.
قال ابن أبي العز الحنفي -رحمه الله- في مقدمته لشرح العقيدة الطحاوية: (( فاحتاج المؤمنون بعد ذلك إلى إيضاح الأدلة ودفع الشبه الواردة عليها، وكثر الكلام والشغب، وسبب ذلك إصغاؤهم إلى شبه المبطلين، وخوضهم في الكلام المذموم الذي عابه السلف، ونهوا عن النظر فيه والاشتغال به والإصغاء إليه؛ امتثالاً لأمر ربهم حيث قال: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام:68] فإن معنى الآية يشملهم )).
وهذا ما قام به علمائنا في هذه الفتن التي أثارها أهل الباطل حيث أنهم بينوا وأوضحوا الأدلة الصحيحة الدالة على المنهج الحق الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأئمة السلف ، وجاهدوا في الرد على شبهات أهل الباطل والتحذير منها ومن أهلها, نصحا لعباد الله, وهذا عين ما قام به شيخنا الشيخ ربيع في الدفاع عن السنة النبوية المطهرة حيث أنه نصر السنة نصرا كبيرا ، ورد باطل أهل البدع من القطبيين والمليباريين والمأربيين ومن سار على منهجهم ممن انحرف عن منهج أهل السنة والجماعة متأثرا برؤوس البدع ولا حولا ولا قوة إلا بالله العظيم.
وإن مما يؤسف أشد الأسف أن يتطاول بعض الناس بجهلهم وعنادهم على الشيخ ربيع ويصفه كذبا وزورا بأسوء الأوصاف, ومن هؤلاء ما كتبه عماد أبو العباس في مقاله الأخير والذي بعنوان (هل وصل الحالُ بالشيخ المدخلي، -إلى الكذب على عباد الله- في أفضل أيام الله! - ؟! أم ماذا؟! ), مدافعا عن شيخه الحلبي مجانبا الأنصاف والعدل وبعيدا عن الصدق والحياء.
فأحببت أن أدافع عن شيخنا ووالدنا الشيخ ربيع حفظه الله لكن بالعدل والإنصاف, وأبين ما وقع فيه الكاتب من الغلط والخطأ والإنحراف عن المنهج الحق, وسأذكر بعض الأمور قبل البدأ بالرد فأقول وبالله أستعين:
الأمر الأول:الشيخ ربيع يذكر الإنسان بأئمة علماء السلف.
إن من رأى الشيخ ربيعا حفظه الله تعالى وكان قد قرأ سيرة أئمة السلف وعرف سلوكهم وأحوالهم جزم يقينا أنه واحد منهم ، وذلك لشدة الشبه بينه وبينهم في عبادته وتقواه ونصحه لعباد الله وتواضعه لأبنائه من طلاب العلم وكرمه وحسن سمته وشدة ملازمته للتعبد من قراءة القرآن والأذكار التي لا تفارق لسانه مما سأذكره على وجه التفصيل, وما ذكرت ذلك إلا من باب الدفاع عن الشيخ ربيع مما شاهدته بعيني وسمعته بأذني خلال الأيام السابقة التي تشرفت فيها بلقاء شيخنا ووالدنا الشيخ ربيع حفظه الله تعالى وبارك في علمه وعمره، ومن ذلك ما يأتي:
أ- تأثره بالقرآن العظيم.
كان من عادة الشيخ ربيع حفظه الله تعالى في شهر رمضان المبارك لهذا العام أن يجلس في مكتبته وبين أبنائه من طلبة العلم يوميا بعد العصر وإلى المغرب يُقرأ عليه القران ثم يُقرأ عليه شيء من تفسير الحافظ ابن كثير ثم يعلق تعليقات نفيسة لا يستغي عنها أي طالب علم، وفي هذه الجلسات المباركة رأيت من الشيخ شدة تأثره بالقرآن العظيم فكنا نسمع ونرى هذا التأثر واضحا جليا على وجه الشيخ ربيع حفظه الله تعالى، وكان كثيرا ما ينصح الطلاب بملازمة القرآن العظيم قراءة وتدبرا وفهما وعملا،ليتحقق للعبد الإيمان الصادق والعمل الصالح.
ب- ملازمته للأذكار والتعبد.
وهذا ما شاهدته بعيني وسمعته بأذني فكنت كثيرا ما أصحبه للمسجد وأسمع استغفاره وتسبيحه, وكان كثيرا ما يقول: ( سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ) في سيارته وعند نزوله للمسجد وعند خروجه من المسجد للبيت وهكذا, وكان لا يرضى أن يمسكه أحد من يده اليمنى لأنه يسبح بها وهذا رأيته بعيني, وكان يكثر قول ( اللهم أسألك الثبات على السنة ), فجزاه الله خيرا وبارك فيه, فوالله رأيت عجبا خلال هذه الأيام القليلة مع كثرة بركتها وانتفاعي من الشيخ فيها.
ج- نصحه لعباد الله:
ورأيت من الشيخ موقفين دالين على نصحه لجميع الناس وذلك لمحبته الخير لجميع الناس وهذان الموقفان هما:
أولهما: كنت بجنبه يوما ونحن خارجون من المسجد إلى السيارة وأنا كنت أمسك بيده فرأى رجلا يصلي ولم يتخذ سترة فقال : لو اتخذت سترة يا عبد الله.
ثانيهما: صلى أحد الأخوة بجنبه في صلاة المغرب فلما خرجنا جميعا وكان هذا الأخ معنا في سيارة الشيخ ربيع فقال له الشيخ: لماذا اقتربت من السترة كثيرا ولم تترك مجالا بينك وبين السترة, فقال له الأخ: كم المسافة التي ينبغي أن تكون بيني وبين السترة فقال الشيخ: ممر شاة هذا ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
فقلت في نفسي حينها سبحان الله كم الشيخ ناصحا محبا الخير للجميع في زمن ندر أن تجد من يحب النصح والخير لجميع المسلمين.
وكذلك فإن الشيخ نصحني نصيحة بديعة وذلك في آخر لقاء لي معه قبل سفري بيوم واحد, اشتملت نصيحته حفظه الله تعالى على الأمر بتقوى الله العظيم ، ولزوم السنة النبوية والدفاع عنها، والإلتزام في ذلك ظاهرا وباطنا، وكذلك نصحني حفظه الله تعالى أن احرص على النصح لجميع الناس وخاصة أهل السنة والجماعة وأن أحرص كذلك على جمع كلمة السلفيين وذلك بالاجتماع على منهج السلف الصالح.
د- تواضعه حفظه الله تعالى:
ورأيت من تواضع الشيخ عجبا فكان شديد التواضع لا يرضى أن يعظمه أحد بل كان يعلم الناس أن لا يعظموا غير الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح.
وكان حفظه الله لا يرضى أن يقوم له أحد وإذا قام له أحد نهاه عن ذلك وبان أثر عدم الرضى في وجهه حفظه الله تعالى, وكان ينهى الطلاب أن يقوموا له عند حضوره للدرس أو عند خروجه.
وكان إذا أراد أن ينام على سريره لأنه لا يقوى على الجلوس طويلا استأذن من الحاضرين وبين أنه لا يقوى على الجلوس أسأل الله أن يعافيه وأن يمد بعمره.
وذكر له أحد المشايخ الفضلاء أن في أحد ى مقالاته خطأ, فقال له الشيخ ارجع إلى النسخة الخطية فإن كانت مثل ما تقول: فقل اخطأ الشيخ ربيع.
وهذا من شدة تواضعه حفظه الله تعالى وهو عزيز في هذا الزمان.
هـ- كرمه حفظه الله تعالى:
أما كرمه فحدث ولا حرج فهو كريم يحب أن يكرم ضيوفه بيده مع مرضه وكبر سنه, وكان يقدم الافطار للطلاب في بيته وكان يكثر وقتها من قوله: حيى الله الجميع, أو حياكم الله جميعا, وكان يؤتى للشيخ بعض الطعام له لأنه لا يستطيع أن يأكل أي طعام لمرضه عافاه الله تعالى, فكان لا يأكل حتى يقسم الأكل على من عنده ويبقي لنفسه شيئا قليلا, إلى غير ذلك فجزاه الله عنا خير الجزاء.
و- زهده حفظه الله تعالى:
ووالله رأيت الشيخ زاهدا في مطعمه وملبسه وفي سائر أموره, كان يفطر على لقيمات بسيطة جدا من التمر والماء وشيء من العصير وهكذا, وكان يأكل شيئا قليلا, ثم يهتم بالحاضرين عنده ويرحب بهم.
وكان حفظه الله تعالى زاهدا في ملبسه, فكل من رأى الشيخ رأى الزهد عليه واضحا جليا.
إلى غير ذلك مما رأيته من الشيخ فكان حفظه الله مدرسة تربوية علمية منهجية سلفية لا ينكرها إلا مكابر أو جاهل والله المستعان.
أما علمه وعقيدته فليس مثلي من يتكلم في هذا الموضوع, فقد زكاه وأثنى عليه أجلة علماء زمانه كالشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين والشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمهم الله جميعا.

الأمر الثاني: إن الذي يرد على الشيخ ربيع إنما يرد عليه بالكذب والجهل والإفتراء لا يردون عليه بعلم, وإنما العلم معه كما قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى, وهذا هو الواقع المشاهد من أحوال الذين يردون على الشيخ ربيع بدأ من المأربي ومن سار على نهجه.
قال الشيخ الألباني - رحمه الله -( في شريط بدعة الموازنات) :
((وباختصار أقول: إن حامل راية الجرح والتعديل اليوم في العصر الحاضر وبحق هو أخونا الدكتور ربيع، والذين يردون عليه لا يردون عليه بعلم أبداً، والعلم معه، وإن كنت أقول دائماً وقلت هذا الكلام له هاتفياً أكثر من مرة أنه لو يتلطف في أسلوبه يكون أنفع للجمهور من الناس سواء كانوا معه أو عليه، أما من حيث العلم فليس هناك مجال لنقد الرجل إطلاقاً، إلا ما أشرت إليه آنفاً من شئ من الشدة في الأسلوب، أما أنه لا يوازن فهذا كلام هزيل جداً لا يقوله إلا أحد رجلين: إما رجل جاهل فينبغي أن يتعلم، وإلا رجل مغرض، وهذا لا سبيل لنا عليه إلا أن ندعو الله له أن يهديه سواء الصراط)).
وقال - رحمه الله-:
((نحن بلا شك نحمد الله -عز وجل- أن سخر لهذه الدعوة الصالحة القائمة على الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح، دعاة عديدين في مختلف البلاد الإسلامية يقومون بالفرض الكفائي الذي قل من يقوم به في العالم الإسلامي اليوم، فالحط على هذين الشيخين الشيخ ربيع والشيخ مقبل الداعيين إلى الكتاب والسنة، وما كان عليه السلف الصالح ومحاربة الذين يخالفون هذا المنهج الصحيح هو كما لا يخفى على الجميع إنما يصدر من أحد رجلين : إما من جاهل أو صاحب هوى.
الجاهل يمكن هدايته ؛ لأنه يظن أنه على شيء من العلم، فإذا تبين العلم الصحيح اهتدى.. أما صاحب الهوى فليس لنا إليه سبيل، إلا أن يهديه الله ـ تبارك وتعالى ـ فهؤلاء الذين ينتقدون الشيخين ـ كما ذكرنا ـإما جاهل فيُعلّم، وإما صاحب هوى فيُستعاذ بالله من شره، ونطلب من الله -عز وجل- إما أن يهديه وإما أن يقصم ظهره )) .

الأمر الثالث: ثيت في علم مصطلح الحديث وقواعد الأئمة أن من استفاضت عدالته واشتهرت ثقته فلا يقبل فيه جرح إلا بالأدلة الصحيحة الواضحة البينة, ولا يكفي في ذلك مجرد الإدعاء ولا الجرح المجمل ولا غير ذلك.
قال الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف -رحمه الله -: ((لا يقبل الجرح في حق من استفاضت عدالته واشتهرت إمامته، ولذلك لا يلتفت إلى كلام ابن أبي ذئب في الإمام مالك، ولا إلى كلام النسائي في أحمد ابن صالح المصري، لأن هؤلاء أئمة مشهورون صار الجارح لهم كالآتي بخبر غريب لو صح لتوفرت الدواعي على نقله.
وقد صح عن ابن معين أنه يتكلم في الإمام الشافعي، ولذلك قال الحافظ الذهبي: ((قد آذى ابن معين نفسه بذلك ولم يلتفت الناس إلى كلامه في الشافعي ولا إلى كلامه في جماعة من الأثبات، كما لم يلتفتوا إلى توثيقه لبعض الناس، فإنا نقبل قوله دائما في الجرح والتعديل ونقدمه على كثير من الحفاظ ما لم يخالف الجمهور في اجتهاده، فإذا انفرد بتوثيق من لينه الجمهور، أو بتضعيف من وثقه الجمهور وقبلوه فالحكم لعموم أقوال الأئمة لا لمن شذ...)).
وفي مقابل ذلك لا يؤخذ بتوثيق إمام لراو اتفق الأئمة على تركه ولذلك أعرضوا عن توثيق الإمام الشافعي لإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي مولاهم )) ( ضوابط الجرح والتعديل صفحة 37 – 38 ).
والشيخ ربيع إمام استفاضت عدالته واشتهرت ثقته وعرف علمه الأعداء قبل الأصدقاء, فمن تكلم فيه فقد آذى نفسه ولم يؤذ الشيخ مطلقا ولله الحمد.
أما شهرة ثقته وعدالته فلا تخفى على كل من عرف شيئا عن المنهج السلفي أو عن أهله القائمين به.

والأن سأقف مع الكاتب بعض الوقفات التي تبين تعديه على الشيخ ربيع وتطاوله عليه بالباطل ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
الوقفة الأولى: لم يفتتح الكاتب مقاله بشيء من ذكر الله تعالى لا بالبسملة ولا بشيء من الحمد لله والثناء عليه ولا بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم, وإنما بدأ كلامه بالتهجم على الشيخ ربيع, وهذا إنما يدل على بعده عن ذكر الله تعالى وإنشغاله بما لاينفع، فليراجع نفسه وليستغفر ربه.
والبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم في المكاتبات والرسائل سنة تتابع عليها أهل العلم قديما وحديثا, اقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث أنه افتتح رسائله إلى الملوك ببسم الله الرحمن الرحيم, فقد أخرج البخاري ( 6260), ومسلم ( 1773)( 74) في صحيحهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة هرقل وفيه:
((قال ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقرأه فإذا فيه ( بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين { ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلى الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون } [ 3 / آل عمران / الآية 64 ] فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط وأمر بنا فأخرجنا قال فقلت لأصحابي حين خرجنا لقد أمر أمر ابن أبي كبشة إنه ليخافه ملك بني الأصفر قال فما زلت موقنا بأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه سيظهر حتى أدخل الله على الإسلام )).
وأخرج مسلم ( 1784)( 93) من حديث أنس رضي الله عنه قال:
((أن قريشا صالحوا النبي صلى الله عليه و سلم فيهم سهل بن عمرو فقال النبي صلى الله عليه و سلم لعلي ( اكتب بسم الله الرحمن الرحيم ) قال سهيل أما باسم الله فما ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم ولكن اكتب ما نعرف باسمك اللهم فقال ( اكتب من محمد رسول الله ) قالوا لو علمنا أنك رسول لاتبعناك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( اكتب من محمد بن عبدالله ) فاشترطوا على النبي صلى الله عليه و سلم أن من جاء منكم لم نرده عليكم ومن جاءكم منا رددتموه علينا فقالوا يا رسول الله أنكتب هذا ؟ قال ( نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا )).
والأحاديث في ذلك كثيرة جدا.
ولذلك لا تجد كتابا في العلم يخلو من البسملة أو الحمد لله والثناء عليه أو غير ذلك من ذكر الله تعالى, لكن خلا منها هذا المقال والله المستعان.

الوقفة الثانية: وصف الكاتب الشيخ ربيعا بأنه يكذب على عباد الله في أفضل أيام الله كما جاء في عنوان مقاله, فصرح في عنوان المقال باتهامه للشيخ ربيع بأنه يكذب, ولما جاء إلى التفصيل في مقاله فقال: (( خرج علينا الشيخ المدخلي بمقال عنوانه: ( الحلبي يوهم الناس أنه على منهج الجبال من أئمة الحديث ونقاد الرجال ) ملأه وللأسف – بما يشبه الأكاذيب والمفتريات التي ما فتئ – غفر الله لنا وله – يروج لها بين اتباعه ومقلديه تجاه شيخنا الحلبي )).
وهذا من التناقض الشديد فهو وصف عنوان المقال بالكذب وذلك ليلفت القراء إلى خطورة الموضوع, ثم لما فصل قال: بما يشبه الكذب, وهذا الفعل من الكذب الصريح على عباد الله في أفضل أيام الله تعالى.
ثم ما معنى يشبه الكذب وما يسمى وما هو حده وكيف يُتعامل معه, فمن عرف شيئا من علم الحديث عرف أن الكذب قسمان:
الأول: الكذب في حديث النبي صلى الله عليه وسلم, وهذا ترد روايته مطلقا حتى ولو تاب عند جمهور العلماء.
الثاني: الكذب في حديث الناس وهذا ترد روايته إلا أذا تاب ورجع إلى الصواب وترك الكذب.
والكاتب أضاف لنا قسما ثالثا وهو: ما يشبه الكذب, وهذا والله من أعظم التعدي على منهج السلف الصالح وقواعد الأئمة من أهل الحديث.
لكن الذي يظهر لي أن الكاتب قد تغيرت عنده الأصول وهذه مصيبة والله, فصار الصدق عنده كذبا أو ما يشبه الكذب على حد قوله, وصار الكذب صدقا ويلزم من قوله أن يكون هناك ما يشبه الصدق أيضا.

الوقفة الثالثة: اتهم الكاتب الشيخ ربيعا بأنه يتظاهر بالدفاع عن منهج الأئمة النقاد وفي مقدمتهم الإمام الذهبي -رحمه الله-.
واستدل على ذلك بأن الشيخ ربيعا قد ذكر بأن الإمام الذهبي متساهل, وخرج بنتيجة داله على بعده عن العلم وعن كلام العلماء, والنتيجة هي:
بما أن الشيخ ربيعا قد ذكر أن الإمام الذهبي متساهل, فإذا يكون الشيخ ربيع قد تظاهر في الدفاع عن الذهبي.
ولا أدري ما وجه الملازمة بين الأمرين, لكن التقليد يعمي ويصم.
ولم ينفرد الشيخ ربيع في الحكم بتساهل الذهبي فقد سبقه لذلك الإمام الألباني رحمه الله تعالى وسأذكر بعض المواضع من قول الشيخ الألباني - رحمه الله- وهي:
أ- قال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة عقب حديث (من ذكر الله ، ففاضت عيناه من خشية الله حتى يصيب الأرض من دموعه ؛ لم يعذبه الله تعالى يوم القيامة ).ضعيف
أخرجه الحاكم (4/ 260) عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك مرفوعاً . وقال :"صحيح الإسناد" ! ووافقه الذهبي !
قلت : وهذا تساهل واضح ؛ خصوصاً من الذهبي ؛ فقد أورد الذهبي أبا جعفر هذا في "الضعفاء" ؛ وقال :"قال أبو زرعة : يهم كثيراً . وقال أحمد : ليس بقوي . وقال مرة : صالح الحديث . وقال الفلاس : سيىء الحفظ . وقال آخر : ثقة" . وقال الحافظ :"صدوق سيىء الحفظ" .
قلت : فمثله لا يحسن حديثه ؛ فكيف يصحح ؟!. ( 10/ 108).
ب- وقال أيضا: ((وأما حديث أسامة ؛ فيرويه عبدالمنعم بن نعيم : حدثنا الجريري عن أبي عثمان النهدي عنه به .
أخرجه الطبراني في "الكبير" (425) .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته ابن نعيم هذا ؛ قال الحافظ :"متروك" . وهذا أصح وأدق من قول الهيثمي فيه :
"ضعيف" ؛ فإنه ضعيف جداً ؛ كما يدلك على ذلك قول الحافظ هذا ، وهو تابع في ذلك للإمام الدارقطني . ونحوه قول النسائي :
"ليس بثقة" . وأشد من ذلك قول الإمام البخاري :"منكر الحديث" .وكذا قال أبو حاتم .
ومما ذكرنا ؛ تعلم تساهل الذهبي في قوله في "المغني في الضعفاء والمتروكين" :"ضعفه الدارقطني وغيره" ! )) ( 11/ 548).
ج- وقال أيضا: ((والحقيقة أن هذا الموضوع هام جداً وينبغي تصفية الروايات الضعيفة وإبعادها عن العقيدة الصحيحة، وهذا ما حاولت القيام به حينما اختصرت "العلو للعلي الغفار" أو للعلي العظيم للإمام الذهبي، فمع كون الإمام الذهبي كما تعلمون إماماً في هذا الصدد ومع ذلك تساهل في ذكر بعض الروايات، ومنها مثلاً رواية مجاهد أن الله عز وجل يُقْعِدُ معه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على عرشه، وهذه الرواية تلقاها كثير من العلماء ممن نثق بعقيدتهم كأنه حديث مرفوع إلى الرسول عليه السلام، مع أنه لو قال مجاهد: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في حديث فقهي لكان هذا الحديث مرسلاً، ولا يثبت حكماً فقهياً، فكيف وهو أولاً لم يرفعه إلى الرسول عليه السلام؟! وثانياً: هو في العقيدة وليس في الفقه ومع ذلك تلقوه على طريقة المسلمات.فالحقيقة ينبغي الاحتياط في مثل هذه القضايا ))."سلسلة الهدى والنور" (87/:00:14:36).
والأدلة على ذلك كثيرة جدا فهل يصف الكاتب الشيخ الألباني بما وصف به الشيخ ربيعا, لأنه حكم على الذهبي بأنه تساهل أم ماذا.
ثم إن موضوع التساهل في نقد الحديث لا علاقة له بالصدق والكذب وإنما علاقته في أحكام الناقد على الرواة والروايات, فمن عرف من حاله أن يتساهل في النقد لابد أن يحتاط في أحكامه التي يخشى منها التساهل وتساهل الذهبي من هذا الصنف وإليك البيان.
قد علم من منهج الذهبي في أحكامه على الرواة أنه قد يغفل بعض الجرح في الراوي ولا يلتفت إليه فيغلب جانب العدالة على الجرح وهذا غالبا ما يكون في الجرح النسبي الذي تتجاذبه جوانب الجرح والتعديل وإليك بعض الأمثلة:
1- ذكر الذهبي في الكاشف في ترجمة أبي الزبير المكي فقال:
(( محمد بن مسلم بن تدرس أبو الزبير مولى حكيم بن حزام المكي عن عائشة وابن عباس وابن عمر حديثه عنهم في مسلم وعنه مالك والسفيانان حافظ ثقة قال أبو حاتم لا يحتج به توفي 128 وكان مدلسا واسع العلم ع خ قرنه )) ( الكاشف 2/ 216).
فالذهبي حكم بالثقة والحفظ لأبي الزبير المكي ولم يلتفت إلى حكم أبي حاتم له بالتدليس.
مع أن الحافظ ابن حجر في التقريب قال:
((محمد ابن مسلم ابن تدرس بفتح المثناة وسكون الدال المهملة وضم الراء الأسدي مولاهم أبو الزبير المكي صدوق إلا أنه يدلس من الرابعة مات سنة ست وعشرين ع )) ( التقريب 2/ 506).
ولذلك قال الذهبي في تذكرة الحفاظ ((وقال غير واحد هو مدلس فإذا صرح بالسماع فهو حجة )) ( 1/ 95).
2- وذكر في ترجمة خلف بن خليفة فقال:
((خلف بن خليفة أبو أحمد الاشجعي الكوفي حدث بواسط وبغداد قيل رأى عمرو بن حريث وله عن حفص بن أخي أنس ومحارب بن دثار وعنه سعيد بن منصور وقتيبة وابن عرفة صدوق عاش تسعين سنة مات 181 م 4 )) ( الكاشف 1/ 374).
مع أن كثيرا من الأئمة ذكروا أنه قد اختلط ولذلك قال ابن العجمي:
((قال ابن سعد تغير قبل موته واختلط وفي حفظي فيما أخال أني رأيت في مسند أحمد أنه قال دخلت عليه فرأيته قد اختلط فلم أسمع منه انتهى.
وقال أحمد رأيت خلفا وهو مفلوج وكان لا يفهم, وقال أيضا أتيته فلم أفهم عنه.
وقال عبد الله عن أبيه رأيت خلفا هو كبير فوضعه إنسان فصاح ـ يعني من الكبر ـ فقال له إنسان يا أبا أحمد حدثكم محارب بن دثار وقص الحديث فتكلم بكلام خفي فجعلت لا أفهمه فتركته )) ( الاغتباط 114).
ولذلك قال ابن حجر في التقريب :
((خلف ابن خليفة ابن صاعد الأشجعي مولاهم أبو أحمد الكوفي نزل واسط ثم بغداد صدوق اختلط في الآخر وادعى أنه رأى عمرو ابن حريث الصحابي فأنكر عليه ذلك ابن عيينة وأحمد من الثامنة مات سنة إحدى وثمانين على الصحيح بخ م 4)) ( 1/ 194).
3- وذكر في ترجمة بريد بن عبد الله بن أبي بردة الأشعري فقال:
((بريد بن عبدالله بن أبي بردة أبو بردة عن جده وعنه بن المبارك وأبو أسامة وعدة صدوق ع )) ( الكاشف 1/ 265).
وقال في سير أعلام النبلاء:
((وهو صدوق، احتجا به في (الصحيحين).
وقال أبو حاتم: لا يحتج به, وقال النسائي: ليس بالقوي, وقال أبو حاتم أيضا: ليس بالمتين، يكتب حديثه.
وقال الفلاس: لم أسمع يحيى وعبد الرحمن يحدثان عنه بشيء قط.
وقال ابن معين، والعجلي، وغيرهما: ثقة.
وقال أحمد بن حنبل: يروي مناكير، طلحة بن يحيى أحب إلي منه.
وقال ابن عدي: لم أجد في حديثه ما أنكره، سوى حديث: (إذا أراد الله بأمة خيرا، قبض نبيها).
ولم يرو عنه أحد أكثر من أبي أسامة، وأحاديثه عنه مستقيمة، وأرجو أن لا يكون به بأس.
قلت: توفي سنة نيف وأربعين ومائة.
وله عدة أحاديث في الصحاح )) ( 6/ 253).
مع أن ابن حجر قال في التقريب:
((بريد ابن عبدالله ابن أبي بردة ابن أبي موسى الأشعري [أبو بردة] الكوفي ثقة يخطىء قليلا من السادسة ع )) ( 1/ 121).
فأشار ابن حجر إلى خطأه مع أن الذهبي لم يشر إلى ذلك بل وثقه كما في السير, وقال صدوق كما في الكاشف, وأغفل كلام الأئمة الذين أشاروا إلى خطئه ومنهم الإمام أحمد وأبي حاتم والنسائي وغيرهم.
والأمثلة على ذلك كثيرة.
ولا بد من التنبيه أن وصف الناقد بالتساهل يعتمد على الأدلة الصحيحة التي تثبت تساهل العالم في أحكامه أو روايته وهذا ليس من باب الطعن في أئمة الجرح والتعديل وإنما بيان منهج الأئمة في احكامهم على الرواة.
ولهذا وصِف كثير من الأئمة بالتساهل كالبزار والترمذي وابن حبان والعجلي وغيرهم كثير, فهل يمكن أن نحكم على من وصفهم بالتساهل بأنه يكذب على عباد الله, ما لكم كيف تحكمون ؟
قال الشيخ الألباني - رحمه الله -: ((و هذا مطابق لرواية أبي يعلى و أوسط الطبراني ، فالاختلاف في إسناده قديم ، و لعله من حفص هذا، فإنه و إن وثقه ابن حبان، فهو متساهل في التوثيق كما هو معروف )) ( السلسلة الصحيحة 5/ 495).
وقال أيضا: (( أن ابن حبان متساهل في التوثيق فإنه كثيرا ما يوثق المجهولين حتى الذين يصرح هو نفسه أنه لا يدري من هو ولا من أبوه ؟ كما نقل ذلك ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " ومثله في التساهل الحاكم كما لا يخفى على المتضلع بعلم التراجم والرجال فقولهما عند التعارض لا يقام له وزن حتى ولوكان الجرح مبهما لم يذكر له سبب )) ( السلسلة الضعيفة 1/ 80).
وقال أيضا (( وأما تحسين الترمذي له فلا حجة فيه بعد قيام المانع من تحسين الحديث ، والترمذي متساهل في التصحيح والتحسين ، وهذا شيء لا يخفى على الشيخ - عفا الله عنا وعنه - فقد نقل هو نفسه في كلامه على حديث الأو عال الذي سبقت الإشارة إليه عن ابن دحية إنه قال : كم حسن الترمذي من أحاديث موضوعة وأسانيد واهية ؟ ! وعن الذهبي أنه قال : لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي ( انظر ص 311 من " مقالات الكوثرى " ) ( السلسلة الضعيفة 1/ 85).
وقال أيضا: ((وتوثيق ابن حبان ( 7 / 501 ) إياه مما لا يعتد به كما نبهت عليه مرارا ، وكذا تصحيح ابن خزيمة لحديثه لا يعتد به لأنه متساهل فيه ، ولذلك لم يعتمد الحافظ على توثيقهما إياه فقال في ترجمة الهجري هذا مقبول يعني عند المتابعة ، وإلا فهو لين الحديث ، وبما أنه تفرد بهذا الحديث فهو عنده لين )) ( السلسلة الضعيفة 1/ 581).
والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى في هذا المقال, فليتق الله الكاتب فيما قاله وليرجع إلى ربه تائبا منيبا وإلا فإن العاقبة وخيمة نسأل الله العافية.
أما إن كان وصف العالم أو الناقد أو الراوي بالتساهل أو بالتشدد تعصبا أو تقليداً من غير أن تكون هناك أدلة صحيحة على هذه الدعوى فهذا الأمر خطير للغاية, لأنه من باب الطعن في العلماء وهذا هو المحذور, وهذا هو سبيل أهل الأهواء والبدع تجاه علماء أهل السنة والجماعة, فإن من منهجهم أن يصفوا العلماء بأوصاف قبيحة أو سيئة لينفروا الناس منهم وهذا أمر مشاهد محسوس, فما من عالم قام بالدعوة إلى التوحيد والسنة على منهج سلف الأئمة إلا حذر منه أهل البدع ووصفوه بأوصاف سيئة, وهذا من عداء أهل البدع للسنة وأهلها, ومن ذلك ما يفعله المنحرفون تجاه من ثبت على المنهج الحق فيصفونهم بالغلاة زوروا وبهتانا, نسأل الله تعالى أن يحفظ علماءنا من كيد أهل البدع وأن يجعل كيدهم في نحرهم إنه نعم المولى ونعم النصير.

الوقفة الرابعة: يدافع الكاتب عن شيخه الحلبي في مراده من مقاله والذي بعنوان ( منهج الأئمة الجبال, والرد على المتطاولين الجهال, في باب نقد الرجال, كما في ميزان الإعتدال ) ويريد أن يقول أن الحلبي وقف مع منهج الأئمة في باب الجرح المفسر, حيث أن الحلبي يؤصل لقاعدة خطيرة جدا ألا وهي : أن الجرح المفسر عند الأئمة الجبال لا يلزم منه إسقاط الراوي عن حد القبول, ودليله في ذلك أن كتب الضعفاء ومنها كتاب ميزان الإعتدال للحافظ الذهبي, ذكرت عددا من الرواة الثقات الذين ذكرهم بعض الأئمة بنوع جرح, فدل ذلك عند الحلبي على أن الجرح المفسر لا يلزم منه إسقاط الراوي عن حد القبول وهذه مصيبة وطامة كبرى عند من يفهم في علم الحديث.
وهذا الكلام فيه من أنواع الضلال الشيئ الكثير ولبيانه أقول:
أولا: كتب الضعفاء قامت لإفراد من ضعفهم الأئمة وتمييزهم عن الثقات, والعلماء تسلسلوا في التصنيف في هذا الباب فصنف البخاري كتاب الضعفاء وكذلك النسائي والدارقطني وصنف العقيلي كتابه الضعفاء الكبير, وتبعه ابن عدي فصنف كتابه : الكامل في الضعفاء, وهكذا سار الأئمة على التصنيف في هذا الباب ومن ضمن أولئك الأئمة الحافظ الذهبي صنف كتابه ميزان الإعتدال في ضعفاء الرجال, والذي يقرأ عناوين الكتب فقط من غير أن يعني نفسه بقراءة هذه الكتب يجزم بأن موضوع هذه الكتب إنما هو ذكر الرجال الذين ضعفهم الأئمة وجرحوهم بنوع جرح.
وفي مقابل هذه الكتب هناك كتب الثقات التي اختصت بإيراد الرجال الذين وثقهم الأئمة واعتبروا رواياتهم مثل كتاب الثقات لابن حبان, ومعرفة الثقات للعجلي وهكذا فهل يشك احد بأن موضوع هذه الكتب إنما هو إفراد الثقات الذين وثقهم الأئمة, فهل يمكن لنا أن نقول أن توثيق الأئمة لا يلزم منه قبول رواية الراوي وذلك لوجود بعض الضعفاء في كتب الثقات, فنضرب بذلك قواعد الأئمة وجهودهم عرض الحائط فليتنبه فإن الأمر جد خطير.
ثانيا: أن أحكام الأئمة في الرواة جرحا وتعديلا قامت على معرفة واسعة بالرواة مع شدة الورع وملازمة التقوى وتمام الحرص على الذب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك صار هؤلاء الأئمة هم الأمناء على دين الله في الأرض.
وأحكامهم على الرواة إنما قامت على الأدلة الصحيحة الثابتة على الرواة فلا يتكلمون بهواهم ولا برأيهم المجرد, وإنما يتكلمون على حسب ما خبروه من هؤلاء الرواة ولذلك كانت غالب أحكامهم موافقة لواقع الرواة, وأما النادر الذي لا يكاد يذكر هو أن يخبر الإمام بخلاف الواقع وهذا مع قلته وندرته, يكون على حسب اطلاع الإمام على الرواي ولا يتعمد هذا الخطأ مطلقا, لا كما يصوره الحلبي ومن تبعه على منهجه.
وعلى كل فالأدلة هي التي تقضي على صواب الإمام أو على خطئه, وبعد ظهور الأدلة يجب على من عرف الحق أن يتبعه ولا يخالفه فإن خالفه يكون متبعا لهواه مخالفا للحق الذي أمر باتباعه.
وعلى هذا الأساس قعد أئمة الحديث من أهل الإصطلاح قواعد بنيت على استعمالات الأئمة وتعاملهم مع الرواة جرحا وتعديلا, ومن تلك القواعد العظيمة قاعدة ( تقديم الجرح المفسر على التعديل ) والتي اتفق الأئمة على العمل بمضمونها, ولم يخالف في ذلك أحد من العلماء المعتبرين إلى زماننا هذا حتى ظهر هؤلاء فبدأوا يشككون ويشغبون على هذه القواعد فاشترطوا الإجماع على قبول الجرح, ثم اشترطوا الاقتناع, ثم جاءوا ببدعة خطيرة ألا وهي فهم كلام العلماء ومقاصدهم من خلال الاستثناءات التي توجد في كلام الأئمة إلى غير ذلك من المهازل في علم الحديث.
ثالثا: أن اختلاف الأئمة في الرواة جرحا وتعديلا لا يؤثر في قبول الحق إن ظهر مع أحد الجانبين, لكن في الغالب يكون الحق مع الجارح لأن معه زيادة علم, ويكون المعدل لم يطلع على هذا الجرح, ولذلك أطلق الأئمة قاعدة تقديم الجرح المفسر على التعديل, كما هو بين لكل من عرف شيئا من علم الحديث.
فعلى هذا فكلام الشيخ ربيع في تصويره لكلام الحلبي دقيق جدا.
وأما كلام الكاتب عن شيخه فقد جانب الصواب وترك الأدلة الواضحة البينة التي تدين الحلبي, ولو تأمل الكاتب كلام الحلبي بدقة ونظر إلى النتائج التي يربوا إليها الحلبي لظهر له مراده جليا دون أي خفاء أو لبس إذا أراد أن يصل إلى الحق ويتبعه ولو على حساب تخطئة شيخه الحلبي.

الوقفة الخامسة:واعترض الكاتب على الشيخ ربيع في اشتراط الحلبي في التبديع بالاجماع فقال:
(( ومن دعاوى الشيخ المدخلي على شيخنا الحلبي –والتي هي الأكاذيب- قوله : (ومن حربه لمنهج السلف أنه يرى أنه لا يصح تبديع أحد إلا إذا تم الإجماع على تبديعه ) )).
الجواب : يقول الإمام أحمد - رحمه الله- :"من كذب أهل الصدق فهو الكاذب ".
فالشيخ ربيع صادق فيما نسبه إلى الحلبي من اشتراط الاجماع بقبول التبديع وذلك أنه نقل كلامه بالحرف من شريط الحلبي قاله باختياره وبصوته فدفع هذا عن الحلبي من الكذب .
وأيضا ما قاله الحلبي في كتابه منهج السلف الصالح بعد أن ساق كلاما لشيخ الإسلام ابن تيميه مفاد الأقوال أن أهل السنة والجماعة لا يُلزمون الناس إلا بما ألزمهم الله ورسوله, ولا يُوجبون على الناس إلا ما أوجبه الله ورسوله عليهم, ولا يحظرون على الناس إلا ما حرمه الله ورسوله عليه, وأن هذا من منهج أهل السنة والجماعة, بخلاف أهل البدع حيث أنه من شعارهم أنهم يلزمون الناس بما أحدثوه من أصناف البدع والمحدثات ويكرهون الناس عليها كما فعلت الخوارج وكما فعلت المعتزلة مع إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
ثم قال :
(( وهذه النصوص _ جميعا _ تدل _ بما لا ريب فيه _ على أن ( الإلزام ) لا يجوز _ البتة _ سواء أكان ذلك في:
أ- الأقوال المحدثة.
أو:
ب- المسائل الاجتهادية.
وخلاف ذلك جهل, أو غلو, أو تشغيب !)) ( منهج السلف الصالح ط2, صفحة 216).
ومن تلك المسائل الاجتهادية مسائل الجرح والتعديل ومنها مسائل التبديع فعلى هذا لا إلزام بقول الأئمة في الجرح والتعديل على قول الحلبي, ويكفي لرد قول الحلبي ما ذكره ابن كثير -رحمه الله- في الباعث فقال:
((أما كلام هؤلاء الأئمة المنتصبين لهذا الشأن فينبغي أن يؤخذ مسلَّماً من غير ذكر أسباب، وذلك للعلم بمعرفتهم، واطلاعهم واضطلاعهم في هذا الشأن، واتصافهم بالإِنصاف والديانة والخبرة والنصح؛ لا سيّما إذا أطبقوا على تضعيف الرجل أو كونه متروكاً، أو كذاباً... أو نحو ذلك. فالمحدث الماهر لا يتخالجه في مثل هذا وقفة في موافقتهم لصدقهم وأمانتهم ونصحهم.
ولهذا يقول الشافعي في كثير من كلامه على الأحاديث: "لا يثبته أهل العلم بالحديث". ويردّه ولا يحتج به بمجرد ذلك)). الباعث الحثيث صفحة 79.

الوقفة السادسة: ذكر الكاتب أن سبب تأليف الذهبي لكتابه ميزان الإعتدال هو جمعه لأسماء من تكلم فيه سواء كان من الثقات الأثبات أو من هو دونهم ولم يستثن منه إلا الصحابة والأئمة المتبوعين.
وهذا كلام من لم يخبر كتب الضعفاء ولم يطلع عليها اطلاعا كافيا, أما من عنده أدنى خبرة بكتب الرجال فلا يكاد يشك أن كتب الضعفاء إنما قامت على ذكر الرواة الضعفاء وتمييزهم عن الرواة الثقات, وهذا هو صلب موضوع هذه الكتب, سواء أكان هذا الضعف مطلقا أم نسبيا, ولذلك قال الذهبي -رحمه الله-: ((وقد احتوى كتابي هذا على ذكر الكذابين الوضاعين المتعمدين قاتلهم الله، وعلى الكاذبين في أنهم سمعوا ولم يكونوا سمعوا، ثم على المتهمين بالوضع أو بالتزوير، ثم على الكذابين في لهجتهم لا في الحديث النبوى، ثم على المتروكين الهلكى الذين كثر خطؤهم وترك حديثهم ولم يعتمد على روايتهم، ثم على الحفاظ الذين في دينهم رقة، وفي عدالتهم وهن، ثم على المحدثين الضعفاء من قبل حفظم، فلهم غلط وأوهام، ولم يترك حديثهم، بل يقبل ما رووه في الشواهد والاعتبار بهم لا في الاصول والحلال والحرام، ثم على المحدثين الصادقين أو الشيوخ المستورين الذين فيهم لين ولم يبلغوا رتبة الاثبات المتقنين، ثم على خلق كثير من المجهولين ممن ينص أبو حاتم الرازي على أنه مجهول، أو يقول غيره: لا يعرف أو فيه جهالة أو يجهل، أو نحو ذلك من العبارات التى تدل على عدم شهرة الشيخ بالصدق، إذ المجهول غير محتج به، ثم على الثقات الاثبات الذين فيهم بدعة، أو الثقات الذين تكلم فيهم من لا يلتفت إلى كلامه في ذلك الثقة، لكونه تعنت فيه، وخالف الجمهور من أولى النقد والتحرير، فإنا لا ندعى العصمة من السهو والخطأ في الاجتهاد في غير الانبياء... )) ( ميزان الإعتدال 1/ 3).
وقال - رحمه الله- في كتابه المغني في الضعفاء:
((فهذا كتاب صغير الحجم كبير القدر كثير النفع اسأل الله تعالى فيه حسن النية والقصد والعفو عن السهو والتجاوز عن تجاوز الحد هذبته وقربته وبالغت في اختصاره تيسيرا على طلبة العلم المعتنين بالحديث في معرفة الضعفاء قد احتوى على ذكر الكذابين الوضاعين ثم على ذكر المتروكين الهالكين ثم على الضعفاء من المحدثين والناقلين ثم على الكثيري الوهم من الصادقين ثم على الثقات الذين فيهم شيء من اللين أو تعنت بذكر بعضهم أحد من الحافظين ثم على خلق كثير من المجهولين ..... )) ( صفحة 4).
وقال ابن شاهين - رحمه الله-:
(("كتاب أسماء الكذابين في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, والذين يضعفون في الحديث,والذين يكذبون في الرواية, والذين يركبون الأسانيد على المتون الضعيفة وهو أشد الكذب, والذين يتعدون في السماع فيحدثون عن من لم يروه قط,أو يحدثون عن من لم يروه بأكثر مما سمعوا, والذين يتهاونون بالتصريح في حضور المجالس, فيشتغل أحدهم بالحديث, ولو سؤل على وجه الامتحان لما درى ما يسمع. وذكر من ضعف في الحديث.
وذكرت هؤلاء في كتابي هذا على مثل ما ذكرت الثقات, ليقرب على المستفيد إدراك ما أراد من هؤلاء.ونسأل الله المعونة على ما قصدناه من ذلك )) ( تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين 1/ 39).
وقال ابن حبان -رحمه الله-:
((فإن أحسن ما يدخر المرء من الخير في العقبى، وأفضل ما يكتسب به الذخر في الدنيا حفظ ما يعرف به الصحيح من الآثار، ويميز بينه وبين الموضوع من الاخبار، إذ لا يتهيأ معرفة السقيم من الصحيح.
ولا استخراج الدليل من الصريح، إلا بمعرفة ضعفاء المحدثين والثقات، وكيفية ما كانوا عليه من الخلاف، وأما الائمة المرضيون، والثقات المحدثون فقد ذكرناهم بأنسابهم، وما يعرف من أنبائهم.
وإنى ذاكر ضعفاء المحدثين وأضداد العدول " من الماضين " ممن أطلق أئمتنا عليهم القدح، وصح عندنا فيهم الجرح، وأذكر السبب الذى من أجله جرح، والعلة التى بها قدح، ليرفض سلوك الاعوجاج بالقول بأخبارهم عند الاحتجاج، واقصد في ذلك ترك الامعان والتطويل، وألزم الاشارة إلى نفس التحصيل، وبالله أستعين على السراء في المقالة، وبه نتعوذ من الحيرة والضلال، إنه منتهى رجاء المؤمنين، واولى جزاء المحسنين )) ( المجروحين 1/ 4).
فهذه نصوص الأئمة الذين سبقوا الإمام الذهبي في التصنيف في الضعفاء اجتمعت كلمتهم على أنهم أرادوا بيان الضعفاء من الرجال وتمييزهم عن الرواة الثقات, ولا يشك في ذلك أحد.
أما ذكر الرواة الثقات في هذه الكتب فهو من باب تمام التصنيف حتى لا يترك من ذكر فيه نوع جرح وإن لم يكن في الحقيقة مجروحا, لكن هذا لا يمثل إلا جزءا يسيرا من موضوع الكتاب, وهذا في جميع الكتب التي صنفت الرجال, فكما تجد في كتب الثقات رواة ليسوا بثقات, وكما تجد في كتب المدلسيين رواة ليسوا بمدلسين, بل حتى تجد في كتب الرجال المصنفة في رجال الكتب الستة رواة ليسوا من أهلها إنما ذكروا للتمييز عن غيرهم للمشابهة في الأسم أو في الطبقة وهكذا.
فعلى هذا فكلام الشيخ ربيع دقيق للغاية مبين لحقيقة منهج الذهبي في تصنيف كتابه ميزان الاعتدال, وما شغب به الكاتب على كلام الشيخ ربيع ليس له وجه لا من قريب ولا من بعيد.
ولا بد أن يتنبه إلى أن الأئمة لا يلتفتون إلى موضوع الاجماع والاختلاف في الجرح, وإنما قامت أحكامهم على أسباب الجرح التي ذكرها الأئمة, فهذا هو ميزانهم وعليه بنيت أحكامهم, ومن تأمل كلام ابن حبان المتقدم جزم يقينا بهذا الأمر, أما الحلبي ومن تبعه فيدندنون على اختلاف الأئمة في الجرح والتعديل ليتوصلوا إلى أن من أختلف الأئمة فيه فلا يلزم فيه الجرح فيبقى الأمر في سعة, وهذا هدم ونسف لقواعد المحدثين واستعمالات الأئمة وهذا ما يروم إليه أهل البدع في كل زمان ليسلموا من جرح العلماء لهم, والتحذير منهم وهكذا.

الوقفة السابعة: اعترض الكاتب على استقراء الشيخ رببيع حفظه الله تعالى للرواة الذين استقرأهم من كتاب ميزان الاعتدال, وأنا سأقف معه على كل فقرة اعترض عليها لأبين غلطه ومغالطاته الكبيرة فأقول:
أولا: ذكر الكاتب أن الشيخ ربيعا قد أخطأ في عدد الرواة الذين استقرأهم, فزاد راويا على العدد الذي ذكره الشيخ حفظه الله تعالى, مع أن الأمر ليس بهذه الأهمية فإذا زاد راويا أو نقص راويا الأمر لا يؤثر على حقيقة الاستقراء, وهذا يذكرني بفعل الخوارج حيث كانوا يسألون عن دم البعوض وهم يقتلون المسلمين بغير حق.
مع أن الشيخ ربيعا قد درس العدد كاملا وخرج بنتائج صحيحة دالة على سعة علمة ودقة فهمه.

ثانيا: أن الكاتب لما استقرأ لم يتقيد بما استقرأه الشيخ, بل زاد عليه عددا من الرواة, والمفروض أن يتقيد بالعدد المستقرأ ليظهر صحة الاستقراء من عدمه, فالشيخ إنما استقرا ( 101) راويا, وعلى حساب الكاتب المغلوط ( 102 ) راويا, والكاتب استقرأ ( 124 ) راويا, فزاد ( 23 ) راويا على استقراء الشيخ وهذا خروج عن حد المحاكمة الصحيحة فليتنبه.
ثالثا: ثم أتى الكاتب بالعجائب التي لم يسمع بها من قبل, فأدخل نفسه في مجموعة من المغالطات التي ينكرها من له أدنى معرفة بعلم الحديث وقواعد الاصطلاح, ومن جملة تلك المغالطات:
أ- أنه أخرج الراوي المجهول من جملة الجرح زاعما أن الجهالة توجب التوقف لا الجرح, وأن المجهول ليس مجروحا بنفسه.
والظاهر أن الكاتب لا يعرف أدنى قواعد هذا العلم, بل لا يعرف معنى الجرح أصلا وفائدته وأسبابه, ولبيان ذلك أقول:
إن معنى الجرح في اصطلاح المحدثين هو:
((وصف الراوي في عدالته أوضبطه بما يقتضي تليين روايته أو تضعيفها أو ردها ))( ضوابط الجرح والتعديل 1/ 7).
وأول قادح في العدالة هو الجهالة بحال الراوي من جهة عدالته وضبطه, ولذلك أخرج العلماء بعض الأوصاف التي تخالف وصف العدالة ومن أهمها:
1 ـ المبهم: من لم يسم اسمه.
2 ـ مجهول العين: من لم يرو عنه غير واحد ولم يوثق.
3 ـ مجهول الحال: من روى عنه راويان فأكثر ولم يوثق.
وذلك لعدم معرفة أحوالهم في العدالة والضبط.
فهل يمكن أن يقال أن الحكم بالجهالة لا يسمى جرحا, بل هو من أشد أنواع الجرح وذلك لتعلقه بالعدالة والضبط معا, ولذلك كان الأئمة يحكمون على الراوي بأنه مجهول أو أنه لا يعرف بالعلم ونحو ذلك, يريدون جرحه ورد روايته.
ولذلك ذكر الحافظ ابن حجر أن من أسباب الطعن في الرواة هو الجهالة فقال:
(( ثم الجهالة بالراوي، وهي السبب الثامن في الطعن ، وسببها أمران :
أحدهما : أن الراوي قد تكثر نعوته من اسم أو كنية أو لقب أو صفة أو حرفة أو نسب ، فيشتهر بشيء منها ، فيذكر بغير ما اشتهر به لغرض من الأغراض ، فيظن أنه آخر ، فيحصل الجهل بحاله .
وصنفوا فيه ؛ أي : في هذا النوع الموضح لأوهام الجمع والتفريق ؛ أجاد فيه الخطيب ، وسبقه [ إليه ] عبد الغني [ بن سعيد المصري وهو الأزدي (( أيضا )) ثم الصوري .
ومن أمثلته محمد بن السائب بن بشر الكلبي ؛ نسبه بعضهم إلى جده ، فقال : محمد بن بشر ، وسماه بعضهم حماد بن السائب ، وكناه بعضهم أبا النصر، وبعضهم أبا سعيد ، وبعضهم أبا هشام ، فصار يظن أنه جماعة ، وهو واحد ، ومن لا يعرف حقيقة الأمر فيه لا يعرف شيئا من ذلك .
والأمر الثاني : أن الراوي قد يكون مقلا من الحديث ، فلا يكثر الأخذ عنه :وقد صنفوا فيه الوحدان - وهو [ من ] لم يرو عنه إلا واحد ، ولو سمي - فممن جمعه مسلم ، والحسن بن سفيان ، وغيرهما .
أو لا يسمى الراوي اختصارا من الراوي عنه ؛ كقوله : أخبرني فلان ، أو شيخ ، أو رجل ، أو بعضهم ، أو ابن فلان .
ويستدل على معرفة اسم المبهم بوروده من طريق أخرى [ مسمى [ فيها ]
وصنفوا فيه المبهمات .
ولا يقبل حديث المبهم ما لم يسم ؛ لأن شرط قبول الخبر عدالة راويه ، ومن أبهم اسمه لا تعرف عينه ، فكيف [ تعرف ] عدالته ؟!.
وكذا لا يقبل خبره ، [ و ] لو أبهم بلفظ التعديل ؛ كأن يقول الراوي عنه : أخبرني الثقة ؛ لأنه قد يكون ثقة عنده مجروحا عند غيره ، وهذا على الأصح في المسألة .
ولهذه النكتة لم [ يقبل ] المرسل ، ولو أرسله العدل جازما.
وقيل : يقبل تمسكا بالظاهر ، إذ الجرح على خلاف الأصل .
وقيل : إن كان القائل عالما أجزأ ذلك في حق من يوافقه في مذهبه .
وهذا ليس من مباحث (( علوم )) الحديث ، والله الموفق .
فإن سمي الراوي وانفرد راو واحد بالرواية عنه ؛ فهو مجهول العين ؛ كالمبهم ، [ فلا يقبل حديثه ] إلا أن يوثقه غير من ينفرد عنه على الأصح ، وكذا من ينفرد عنه (( على الأصح )) إذا كان متأهلا لذلك .
أو إن روى [ عنه ] اثنان فصاعدا ولم يوثق؛ فـ [ هو ] مجهول الحال، وهو المستور، وقد قبل روايته جماعة بغير قيد، وردها الجمهور
والتحقيق أن رواية المستور ونحوه مما فيه الاحتمال لا يطلق [ القول بردها ولا بقبولها ، بل (( يقال )) هي موقوفة إلى استبانة حاله كما جزم به إمام الحرمين .
ونحوه قول ابن الصلاح فيمن جرح بجرح غير مفسر)) ( نزهة النظر 58 – 61) .
فعلى قول الكاتب أنه لا يعتبر من قال فيه أبو حاتم ( مجهول ) بأنه مجروح, مع أن الذهبي أدخله في كتابه ميزان الاعتدال, بل ذكر أنه متى ما قال على راو بأنه مجهول ولم ينسبه فهو قول أبي حاتم, كما صرح بذلك في الميزان ( 1/ 6).
ومن تدبر صنيع الذهبي رأى أنه كثيرا ما يحكي عن أبي حاتم وغيره الحكم بجهالة الراوي فيقره على ذلك, ولا يعارضه مطلقا, ولو ترجح له خلاف ذلك لبينه, لأنه اشترط ذلك كما في مقدمة الميزان فليرجع إليها.
2-وأن الكاتب أخرج عددا من الرواة وهم ( 7) بحجة أن الذهبي لم يحكي قول واحد من العلماء على تضعيفهم, وإنما حكم هو بنفسه عليهم, وهذا يظهر بُعد الكاتب عن العلم وتجنيه على قواعد المحدثين, وذلك لأن الذهبي وإن لم يصرح بقول أحد في الحكم على هؤلاء الرواة لكنه نقل قولهم واعتمد حكمهم وإليك البيان:
أ- ذكر الذهبي في ترجمة إبراهيم بن إسماعيل بن علية أنه جهمي فقال:
((إبراهيم بن إسماعيل / بن علية.
عن أبيه, جهمى هالك,كان يناظر ويقول بخلق القرآن,مات سنة ثمان عشرة ومائتين )).
وذكر ابن حجر في لسان الميزان أقوال الأئمة فيه فقال:
((وذكره أبو العرب في الضعفاء ونقل عن أبي الحسن العجلي قال قال إبراهيم بن علية جهمي خبيث ملعون قال وقال بن معين ليس بشيء وقال بن يونس في تاريخ الغرباء له مصنفات في الفقه شبه الجدل حدث عنه بحر بن نصر الخولاني وياسين بن أبي زرارة وقال الدوري عن بن معين ليس بشيء وقال الخطيب كان أحد المتكلمين وممن يقول بخلق القرآن قال الشافعي هو ضال جلس بباب السوال يضل الناس قلت باب السوال موضع كان بجامع مصر وقد ذكر الساجي في مناقب الشافعي هذه القصة مطولة وقال بن عبد البر له شذوذ كثيرة ومذاهبه عند أهل السنة مهجورة وليس في قوله عندهم مما يعد خلاف وذكر البيهقي في مناقب الشافعي عن الشافعي انه قال انا أخالف بن علية في كل شيء حتى في قول لا اله الا الله فاني أقول لا اله الا الله )) ( 1/ 243).
ب- وذكر الذهبي في ترجمة إبراهيم بن الأسود أنه في نظر فقال:
((إبراهيم بن الاسود، هو إبراهيم بن [ أبى ] عبدالله.
فيه نظر,سمع ابن أبى نجيح )).
وهذا هو قول البخاري وإن لم ينسبه له, وانظر إلى ما قاله ابن حجر في لسان الميزان:
(( إبراهيم بن عبد الله بن أبي الأسود الكتاني ويقال إبراهيم بن الأسود قال البخاري فيه نظر وقال الأزدي ضعيف لا يحتج به انتهى وقال بن عدي ليس بمعروف وهو عزيز الحديث جدا وانما يذكر له عن أبي نجيح مقطعات وأرجو انه لا بأس به وقال بن الجارود فيه نظر ))( 1/ 70).
فالذهبي رجح أنه إبراهيم بن الأسود ونقل قول البخاري فيه وإن لم ينسبه إليه وهذا هو الصواب والله تعالى أعلم.
ج- وذكر في ترجمة إبراهيم بن باب القصار أنه واه فقال:
((إبراهيم بن باب البصري القصار.
عن ثابت البنانى, واه، لا يكاد يعرف [ إلا بحديث الطير ] )).
وهذا ذكره العقيلي في الضعفاء وضعفه فقال:
(( حدثنا موسى بن إسحاق الأنصاري قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان قال : حدثنا إبراهيم بن باب القصار قال : حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك قال : جاءت أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائر فوضعته ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما هذا ؟ » قالت : طائر صنعته لك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي » فجاء علي قال : ليس لهذا الحديث من حديث ثابت أصل ، وقد تابع هذا الشيخ معلى بن عبد الرحمن ، ورواه عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس . . . حدثنا الصائغ عن الحسن الحلواني عنه ومعلى عندهم يكذب ، ولم يأت به ثقة عن حماد بن سلمة ، ولا عن ثقة ، عن ثابت ، وهذا الباب الرواية فيها لين ، وضعف ، لا نعلم فيه شيئا ثابتا . وهكذا قال محمد بن إسماعيل البخاري )) ( 1/ 119).
د- وذكر في ترجمة إبراهيم بن حميد الدينوري أنه أتى بخبر باطل فقال:
((إبراهيم بن حميد الدينورى.
عن ذى النون المصرى، عن مالك، بخبر باطل متنه: لم يجز الصراط أحد إلا من كانت معه براءة بولاية على بن أبى طالب, وعنه عثمان بن جعفر )).
وهذا هو قول الحاكم في التاريخ كما صرح بذلك ابن حجر في لسان الميزان فقال:
(( إبراهيم بن حميد الدينوري عن ذي النون المصري عن مالك بخبر باطل متنه لم يجز الصراط أحد الا من كانت معه براءة بولاية علي بن أبي طالب وعنه عثمان بن جعفر وهذا من تاريخ الحاكم )) ( 1/ 269).
هـ- وذكر في ترجمة إبراهيم بن الخضر الدمشقي فقال أنه ضعيف.
وذكر ابن حجر في لسان الميزان قول عبد العزيز الكتاني فقال:
(( إبراهيم بن الخضر الدمشقي عن الحسن بن عبيد الله الكندي ضعيف انتهى قال بن عساكر روى عن عبد الوهاب الكلابي والعباس بن محمد بن حبان وعبد الله بن جعفر الطبري وعدة وعنه أبو سعيد السمان وعبد العزيز الكتاني وقال توفي في المحرم سنة خمس وسبعين وأربع مائة كتب الكثير وحدث باليسير وكان فيه تساهل قال أبو الحداد ثقة )) ( 1/ 274).
ووجدت أن عبد العزيز الكتاني ذكره في كتابه ( ذيل تاريخ مولد العلماء ووفياتهم ) وقال:
((توفي شيخنا أبو محمد إبراهيم بن الخضر المعروف بابن الصايغ يوم عاشورا في المحرم سنة خمس وعشرين وأربعمئة.
كتب الكثير عن عبد الوهاب بن الحسن الكلابي والعباس بن محمد بن حبان وغيرهما, حدث بشيء يسير كان فيه تساهل في الحديث )) ( 169).
ولهذا ضعفه الذهبي لتساهله في الحديث كما قال الكتاني وهو تلميذه ومن أعرف الناس به.
و- ذكر في ترجمة إبراهيم بن سليمان أنه وضع حديثا موضوعا فقال:
(( إبراهيم بن سليمان، أراه وضع هذا القول: حدثنا خلاد بن يحيى، عن قيس بن الربيع، عن أبى حصين، عن يحيى بن وثاب، عن ابن عمر، قال: كان على الحسن والحسين تعويذتان فيهما من زغب جناح جبرائيل عليه السلام, رواه ابن الاعرابي في معجمه عن هذا )).
والذهبي رجح أن إبراهيم هذا هو الذي وضع هذا الحديث, ولذلك قال في تلخيص الموضوعات لابن الجوزي:
(( حديث لابن عمر قال كان على الحسن والحسين تعويذات حشوهما من زغب جناح جبريل.
فيه الكديمي -كذاب- ثنا أحمد بن يحيى الأحول ثنا خلاد المنقري حدثني قيس عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عنه.
قلت لا ذنب للكديمي قد رواه عدة عن مطين ثنا الأحول, ورواه ابن الأعرابي عن إبراهيم بن سليمان عن خلاد بن عيسى )) ( 216).
فالذهبي تبع ابن الجوزي في الحكم بوضع الحديث وخالفه في واضعه, فرجح الذهبي أنه إبراهيم بن سليمان.
وذكر العيني في مغاني الأخبار عن الغضائري أنه ضعيف فقال:
((وعن الغضائرى أنه يروى عن الضعفاء، وفى مذهبه ضعف )) ( ترجمة رقم 24).
وبعد هذا البيان المدلل بالأدلة يتضح فساد قول الكاتب في استقرائه واعتراضه على الشيخ ربيع حفظه الله تعالى.
3- وأخرج الكاتب (42) راويا بحجة أن الذهبي حكى قول واحد من أهل العلم فيهم ولا يلزم من حكاية قوله أن يوافقه على حد زعمه, وهذه جناية كبيرة على الذهبي أولا وعلى علم الحديث ثانيا نسأل الله العافية.
وهو بقوله هذا يتهم الذهبي بأنه يحكي قول العالم في الراوي ولا يعارضه, ثم لا يرى موافقته, فما معنى إتيانه بقول العالم في الحكم على الراوي, ومع هذه فقوله هذا وقاعدته هذه في غاية الفساد والتخليط, ولبيان ذلك سأضرب مثالا واحداً:
ذكر الذهبي في ترجمة إبراهيم بن أحمد المميذي فقال:
إبراهيم بن أحمد الميمذى القاضى.
روى عن أبى خليفة وأبى يعلى,وعنه يحيى بن عمار الواعظ, قال الخطيب : كان غير ثقة )).
فيدعي الكاتب أن الذهبي حكى قول الخطيب فيه ولم يوافقه, مع أن الصحيح أن الذهبي أتى بقول عالم واحد في الحكم على الراوي لأنه يكتفي به للحكم عليه, ولا يحتاج لذكر غيره, مع وجود من ضعفه غيره, فهنا لم ينفرد الخطيب بالحكم على هذا الراوي كما يصور الكاتب, بل ضعفه كذلك الساجي كما نقله عنه ابن حجر في اللسان فقال:
(( إبراهيم بن احمد الميمذي القاضي روى عن أبي خليفة وأبي يعلى وعنه يحيى بن عمار الواعظ قال الخطيب كان غير ثقة انتهى واسم جده محمد بن عبد الله ومن شيوخه أبو بكر بن المنذر وزكرياء الساجي وهاه بن السمعاني أيضا وروى عنه أيضا هبة الله بن سليمان بن الدبال وغيره )) ( 1/ 29).
ومما يدل على ان الذهبي اعتمد قول الخطيب فيه أنه حكاه في المغني ( 1/ 8) وسير أعلام النبلاء ( 16/ 262).
والكاتب تقول على الذهبي في حكاية هذا المذهب عنه حيث قال:
(( ولا يلزم من حكاية الذهبي –رحمه الله- لتضعيف واحد من أهل العلم لراو أن يوافقه على هذا التضعيف-ولا بد –كما نسبه الشيخ المدخلي- , بل نسبة الموافقة إليه مجازفة فاضحة.
فالعدد المتبقى من (58) هو (20) وذلك بطرح (38 راويا) باسم إبراهيم نقل الذهبي تضعيف واحد –فقط- من أهل العلم له , ولم يتبن فيه جرحا أو تعديلا , وهؤلاء لا يصح أن ينسب إلى الذهبي أنه وافق على جرحهم بناء على قوله –أعلاه- : (ولم أر من الرأي أن أحذف اسم أحد ممن له ذكر بتليين ما في كتب الائمة المذكورين، خوفا من أن يتعقب عليّ، لا أني ذكرته لضعف فيه عندي )).

وهذا دليل واضح على أن الكاتب لم يقرأ كتاب ميزان الاعتدال ولا يعرف ما فيه أبدا, ولو قرأ شيئا بسيطا منه لما ادعى هذا الادعاء الباطل, ومع ذلك فقد بتر كلام الذهبي بترا واضحا لينصر قاعدته الفاسدة وإليك كلام الذهبي ليظهر لكل منصف فساد صنيع الكاتب, قال الذهبي - رحمه الله - في مقدمة الميزان:
((وفيه من تكلم فيه مع ثقته وجلالته بأدنى لين، وبأقل تجريح، فلولا أن ابن عدى أو غيره من مؤلفي كتب الجرح ذكروا ذلك الشخص لما ذكرته لثقته، ولم أر من الرأى أن أحذف اسم أحد ممن له ذكر بتليين ما في كتب الائمة المذكورين، خوفا من أن يتعقب على، لا أنى ذكرته لضعف فيه عندي، إلا ما كان في كتاب البخاري وابن عدى وغيرهما - من الصحابة فإنى أسقطهم لجلالة الصحابة، ولا أذكرهم في هذا المصنف، فإن الضعف إنما جاء من جهة الرواة إليهم.
وكذا لا أذكر في كتابي من الآئمة المتبوعين في الفروع أحدا لجلالتهم في الاسلام وعظمتهم في النفوس، مثل أبى حنيفة، والشافعي، والبخاري، فإن ذكرت أحدا منهم فأذكره على الانصاف، وما يضره ذلك عند الله ولا عند الناس، إذ إنما يضر الانسان الكذب، والاصرار على كثرة الخطأ، والتجرى على تدليس الباطل، فإنه خيانة وجناية، والمرء المسلم / يطبع على كل شئ إلا الخيانة والكذب )) ( 1/ 2- 3).
فحذف الكاتب قول الذهبي ( وفيه من تكلم فيه مع ثقته وجلالته بأدنى لين، وبأقل تجريح، فلولا أن ابن عدى أو غيره من مؤلفي كتب الجرح ذكروا ذلك الشخص لما ذكرته لثقته ).
لأنه يظهر منهج الذهبي في ذكر الرواة الذين لا يوافق الذهبي بعض العلماء على تضعيفهم وتليينهم لكونهم ثقات, لا لكون أن واحدا من أهل العلم ضعفه.
وهذا هو منهج الحلبيين في التشغيب على القواعد السلفية ومناهج الأئمة عن طريق بتر النصوص وتحريف الكلام, كما ظهر ذلك جليا واضحا من صنيع الحلبي ومن تبعه من تلاميذه الذين يسعون لمحاربة المنهج السلفي وعلمائه الأكابر.
4- وادعى الكاتب أن خمسة من الراوة لم يرجح الذهبي فيهم جرحا أو تعديلا فقال:
((الصنف الأول : من لم يرجح الذهبي فيهم جرحا أو تعديلا , وعدتهم خمسة رواة , وهم : (إبراهيم بن البراء عن الشاذكوني . إبراهيم بن الزبرقان . أبو إسماعيل المؤدب . إبراهيم بن راشد . إبراهيم بن سويد الصيرفى)).
فادعى الكاتب أن الذهبي حكى فيهم أقوال أهل العلم جرحا وتعديلا, وأنه لم يرجح جرحا أو تعديلا, ويكفي لبيان بطلان هذا الكلام أن ننظر في أول راو ذكره وهو : ( إبراهيم بن البراء عن الشاذكوني ) واليك البيان:
أ- أن الذهبي ذكر هذا الراوي باسم (إبراهيم بن البراء بن النضر بن أنس بن مالك الانصاري )).
وذكر فيه أقوال الأئمة فيه وأحكامهم عليه, ولم يذكر فيه غير الجرح فأين ادعاء الكاتب أنه ذكر فيه اختلاف الأئمة جرحا وتعديلا, وإليك قول الذهبي بكماله:
(( إبراهيم بن البراء بن النضر بن أنس بن مالك الانصاري.
عن شعبة والحمادين.
قال ابن عدى: ضعيف جدا حدث بالبواطيل.
وقال العقيلى: حدثنا بكر بن سهل، حدثنا إبراهيم بن البراء بن النضر، حدثنا شعبة عن الحكم، فذكر حديثا منكرا.
ثم قال العقيلى: يحدث عن الثقات بالبواطيل.
وممن روى عنه سلم بن عبد الصمد، وساق له ابن عدى ثلاثة أحاديث باطلة.
وقال ابن حبان: إبراهيم بن البراء من ولد النضر بن أنس شيخ كان يدور
بالشام ويحدث عن الثقات بالموضوعات، لا يجوز ذكره إلا على سبيل القدح فيه.
روى عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن جابر - مرفوعا انكحوا من فتياتكم أصاغر النساء فإنهن أعذب أفواها، وأنتق أرحاما.
أنبأنا ابن ناجية، حدثنا عبد السلام بن عبد الصمد الحرانى، حدثنا إبراهيم [ به ].
ثم قال ابن حبان: هو الذى روى عن الشاذكونى، عن الدراوردى، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة - مرفوعا: من ربى صبيا حتى يتشهد وجبت له الجنة, وهذا باطل.
قلت: أحسب أن إبراهيم بن البراء هذا الراوى عن الشاذكونى آخر صغير.
وقال أبو بكر الخطيب: إبراهيم بن حبان بن البراء بن النضر بن أنس بن مالك روى عنه محمد بن سنان الشيزرى، فنسبه هكذا الخطيب.
وقد روى عنه الحسن بن سعيد الموصلي، فقال: حدثنا إبراهيم بن حبان بن النجار، حدثنا أبى عن أبيه النجار، عن جده أنس، فذكر حديثا، فأظنه دلسه.
وقال أبو الفتح الازدي: إبراهيم بن حيان بن البخترى، كذا سماه أبو الفتح ثم قال: روى عن شعبة وشريك، ساقط.
قلت: وروى إبراهيم بن البراء أيضا عن مالك وطائفة، وكان يكون بالموصل.
قد أرخ بعضهم وفاته في سنة أربع أو سنة خمس وعشرين ومائتين )) ( الميزان 1/ 21- 22).
ب- ثم إن الذهبي ذكر أن إبراهيم بن البراء الذي يروي عن سليمان الشاذكوني فهذا أخر صغير, أراد أن يميز بينه وبين الأول, ولم يذكره بجرح ولا تعديل, وإنما حكى فيه أنه أتى بخبر باطل فيمن ربى صبيا حتى يقول لا إله إلا الله, ثم قال:
((الظاهر أنه آخر غير الاول، والشاذكونى فهالك )).
فأين ما ادعاه الكاتب بأن الذهبي ذكر اختلاف العلماء فيه جرحا وتعديلا.
ج- والذهبي ذكر إبراهيم بن البراء الذي يروي عن الشاذكوني في كتابه المغني فقال:
((ابراهيم بن البراء عن سليمان الشاذ كوني عن الدراوردي عن هشام عن أبيه عن عائشة مرفوعا من ربى صبيا حتى يتشهد وجبت له الجنة اتهم به ))( 1/ 11).
وأين ادعاء الكاتب وتجنيه على الذهبي بأنه لم يرجح القول في هذا الراوي, والمصيبة أن الكاتب يجزم بأن هؤلاء الرواة لا يصح أن ينسب للذهبي أنه يوافق على جرحهم.
4-ثم ذكر الكاتب (12) راويا رجح الذهبي فيهم التعديل على الجرح, منهم ( 5 ) ليسوا داخلين في استقراء الشيخ ربيع, ,اضافهم الكاتب ليشغب على الشيخ, ويبقى ( 7) وهم الذين ذكرهم الشيخ في استقرائه الدقيق وتحقيقه البديع, بأن الذهبي لم يوافق على جرحهم بناء على قاعدته التي ذكرها في أول كتابه.
ولو تأملنا حال هؤلاء الرواة السبعة الذين لم يوافق الذهبي من جرحهم, لوجدنا أنهم أئمة كبار معرفون بثقتهم وعدالتهم, لا يضر فيهم قول من لينهم أو ضعفهم, وهذا هو عين ما ذكره الإمام الذهبي في مقدمة ميزانه والتي اشرت إليها فيما سبق والتي فيها:
(( وفيه من تكلم فيه مع ثقته وجلالته بأدنى لين، وبأقل تجريح، فلولا أن ابن عدى أو غيره من مؤلفي كتب الجرح ذكروا ذلك الشخص لما ذكرته لثقته )).
وبعد هذا البيان يظهر لكل ذي عينين المجازفات والتهويلات الفاضحة التي أتى بها الكاتب في استقرائه, يضاف إلى بتر النصوص وتحريف الكلام والتشغيب على القواعد الحديثية وعلى مناهج المحدثين, وهو مجانب في ذلك لطريق أهل الإنصاف والعدل, موافق لطريق أهل الأهواء والبدع والى الله المشتكى.
هذا ما أحببت بيانه الأن, وأما باقي الوقفات فلي فيها مقال يسر الله إتمامه بينت فيه منهج الذهبي في كتابه الميزان, وبينت فيه كذلك جناية الحلبي على الإمام الذهبي والله الموفق.
وفي الختام أحب أن أذكر ما وقع للإمام الزهري لما اتهمه هشام بن عبد الملك بالكذب لما فيها من العبرة والعظة.
قال الذهبي -رحمه الله-:
(( بعض من لا يعتد به لم يأخذ عن الزهري؛ لكونه كان مداخلا للخلفاء، ولئن فعل ذلك، فهو الثبت الحجة، وأين مثل الزهري -رحمه الله-؟
سلام بن أبي مطيع: عن أيوب السختياني، قال: لو كنت كاتبا عن أحد، لكتبت عن ابن شهاب.
قلت: قد أخذ عنه أيوب قليلا.
يعقوب السدوسي: حدثني الحلواني، حدثنا الشافعي، حدثنا عمي، قال:
دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك، فقال: يا سليمان، من الذي تولى كبره منهم؟
قال: عبد الله بن أبي ابن سلول.
قال: كذبت، هو علي.
فدخل ابن شهاب، فسأله هشام، فقال: هو عبد الله بن أبي.
قال: كذبت، هو علي.
فقال: أنا أكذب لا أبا لك! فوالله لو نادى مناد من السماء: إن الله أحل الكذب، ما كذبت، حدثني سعيد، وعروة، وعبيد، وعلقمة بن وقاص، عن عائشة:
أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي، قال: فلم يزل القوم يغرون به.
فقال له هشام: ارحل، فوالله ما كان ينبغي لنا أن نحمل على مثلك )) ( السير 5/ 340).
وأنا سمعت شيخنا ووالدنا الشيخ ربيع يقول:
(( وأنا أقول بقول الزهري: أنا أكذب لا أبا لك! فوالله لو نادى مناد من السماء: إن الله أحل الكذب، ما كذبت )).
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
كتبه
أبو عمر عبد الباسط المشهداني
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-19-2012, 08:10 AM
أبو أنس محمد السلفي أبو أنس محمد السلفي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 227
شكراً: 1
تم شكره 7 مرة في 7 مشاركة
افتراضي

جزاكم الله خيرا وذب عنكم النار كما ذببتم عن هذا العلامة المحنة
ويُقال لهؤلاء الفرغ السفهاء الذين لا يعرفون حرمةً للعلماء وهذا لقلة العلم والأذب
كما قيل :

رمتني بدائهـا وانسلـتِ

__________________
قال رسول الله عليه الصلاه والسلام
(الأرواح جنود مجنده ما تعرف منها إئتلف وما تناكر منها أختلف)
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:37 PM.


powered by vbulletin