فلابد من معرفة حق العلماء والرجوع إليهم لا سيما الأكابـر من أهل العلم، وعبارة الأكابر من أهل العلم عبارة شرعية موجودة في كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفي كلام السلف، والرسول صلى الله عليه وسلم قال : ((كبِّر كبِّر )) والرجوع إلى كبار العلماء هذا أمر مطلوب ((البركة مع أكابركم)) والتكبير تقديم الكبير من العلماء هذا أمر منصوص عليه في الشرع وعمله السلف مع عدم هضم حق الصغير في السن مع كونه من أهل السنة من طلاب العلم الأذكياء النابغين .
فالناس ثلاتة : عالم وطالب علم متبع ومقلد جاهل، فالجاهل يتعلم من العلماء ولابأس أن يأخذ عن طلاب العلم الأتقياء، ومازال العلماء على مر السنين يوصون بطلاب العلم الذين تمكنوا في العلم ولهم قدمُ صدق فيه ولكن على قدر منزلتهم ولا يُرفعون عن منزلتهم، فنحن بين طائفة غلت في طلاب العلم وقدمت كلامهم على العلماء وضعُف قدر العلماء في نفوسهم، وبين طائفة أهدرت طلاب العلم واتخذوا قضية الأكابر وسيلة للطعن في طلاب العلم، فأرادوا فصل الناس عن العلماء، لأن من الوسيلة التي يسلكها بعض أهل البدع في التنفير من العلماء الطعن في طلابهم الطعن في التلاميذ الطعن في البطانة، يسلكون للتنفير من العالِم.
فلذلك ينبغي أن يُحذر من هذا المسلك المشين الذي يسلكه أهل البدع، وعلماؤنا ينصحون بمجموعة من طلاب العلم؛ فالذي لا يستمع إلى نصيحة العلماء ويترك طلاب العلم، ويحذر منهم؛ هذا مخالف للعلماء، مخالف للكتاب والسنّة، فطالب العلم له حظه وله نصيبه؛ ولكن لا يُرفع فوق منزلته، ولا يُحتقر ويُهان، كما عليه أهل البدع؛ لا إفراط ولا تفريط .
فلذلك ينبغي الرجوع إلى أهل العلم الكبار، وحفظ حق أيضا طلبة العلم الذين هم دون العلماء والذين زكاهم أهل العلم .
فلذلك -بارك الله فيكم- إنما يؤخذ العلم عن العلماء وعن طلاب العلم، والنوازل والأمور العظام إنما يُوكَلُ بها إلى العلماء الكبار الذين شابت لِحاهم في العلم، والواجب على الشباب من طلاب العلم الأذكياء النابهين أن يربطوا الشباب بعلمائهم، وأن يعرفوا لعلمائهم منزلتهم وأن يكون في قلوب الناس حب العلماء ونُصرة العلماء الراسخين في العلم؛ الذين لهم قدم صدق، فنحن دائما نربط الشباب بالعلماء الكبار في زماننا، وكما كان علماءنا السابقون وسلفنا الصالح في كل زمان ليسمون علماءهم لأجل ربط الناس بهم، فنحن في علمائنا الأحياء الذين حفظهم الله والذين بيّن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنهم يحملون العلم في كل قرن وزمان، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم منخذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة)) أو ((حتى يأتي أمر الله )) فهؤلاء في كل زمان موجودون؛ الفرقة الناجية، الفرقة المنصورة، أعلام الطائفة المنصورة، هؤلاء العلماء في زماننا؛ مثل شيخنا الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله- الذي هو من كبار علماء هذا الزمن الراسخين في العلم، كذلك الشيخ العلامة الفقيه عبيد بن عبد الله الجابري -حفظه الله- وهو من الراسخين في العلم وكبار أهل العلم، وكذلك الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله- من كبار العلماء الراسخين في العلم، الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- من كبار العلماء الراسخين في العلم، كذلك الشيخ زيد بن هادي المدخلي -حفظه الله- من كبار العلماء الراسخين في العلم، كذلك الشيخ عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله- وعلماء كثيرون في المدينة، في مكة، في الرياض، في الجنوب، العلماء في اليمن، في الجزائر، يوجد علماء راسخون في العلم، في المدينة الشيخ بن هادي المدخلي الشيخ البخاري مشايخ كثُر سلفيون راسخون في العلم، الشيخ على ناصر الفقيهي الشيخ صالح السحيمي، فهناك علماء كُثُر من مشايخنا وأساتذتنا وهم من الراسخين في العلم والمرجوع إليهم في ربط الناس بهم العلماء الكبار؛ وأنا ماذكرت أسماء علماء للحصر ماحصرت العلماء وإنما ذكرت أمثلة؛ وعلى رأسهم وأقرب الناس إليّ وإلى قلبي الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، والشيخ عبيد الجابري، والشيخ صالح الفوزان، هؤلاء العلماء الثلاثة أقرب الناس إلى قلبي، ولكن هناك علماء مثلهم علماء بعضهم قريب منهم وكل هؤلاء العلماء يحبون ويحترمون ويجلون، -فَبارك الله فيكم- احفظوا للعلماء حقوقهم، وارجعوا للعلماء، وكذلك كونوا معهم يدًا واحدة؛ نتواصى جميعًا بالحق، ونتواصى بالصبر، ونرجع إلى العلماء ونستفد منهم، وإذا أخطأنا بحقهم نعتذر، فأي واحد أخطأ في حق عالم من العلماء يتوب ولا يجوز لأحد أن يقع في العلماء.
والحمد لله رب العالمين أنني دائما أربط الشباب بالعلماء؛ وأنهاهم عن الخوض في أي خطأ يحصل من عالم أو ممن يرد على العالم، العلماء يحترمون، الحق يستتبع بالدليل؛ وليس هناك أحد معصوم بعد الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، كل يُؤحذ من قوله ويُرد إلا الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ لكن ليس معنى هذا أن نحتقر العلماء، أو أن نتصيد أخطائهم، أو أن نجمع أخطائهم؛ هذا لا يجوز؛ العالم يحترم وتحفظ له منزلته.
ثانيا العالِم لا يُقدس؛ بمعنى أننا نعتقد فيه العصمة هذا لا يجوز أبدًا؛ فليس معنى اتباع العلماء والرجوع إليهم أننا نعتقد فيهم العصمة، والحمد لله لا يوجد أحد من السلفيين يعتقد العصمة في العلماء، هذه من التهم التي يلقيها أهل البدع، ويتهم بها أهل السنّة، أهل السنّة يحترمون علماءهم ويرجعون إلى الدليل، لكن لا يتخذون خطأ العالم ذريعة للطعن فيه، أو التشهير به، أو التنقص منه؛ أبداً؛ أهل السنّة لا يفعلون ذلك مهما أخطأ العالم مدام أنه عالم سلفي وخطؤه مما هو معروف ومما زلَّ فيه؛ هذا يُحفظ له حقه وتصان له كرامته وتعرف له سابقته إذا كان هذا العالم من علماء السنّة .
فلذلك نحن نتعامل مع أخطاء العلماء بالتعامل الشرعي؛ لا إفراط ولا تفريط؛ لا نتخذ ذريعة، ولا ندافع عن الخطأ، ولا يتخذ خطأ العالم ذريعة لأجل عمل خطأ؛ يعني مثلا يقولون الشيخ العباد أثنى على فلان المبتدع، هو يظنه على السنّة؛ نحن نحفظ كرامة الشيخ ومنزلته في الدين، ومع ذلك نقول هذا خطأ، ولا نقبل تزكيته لهذا المبتدع الذي تبينت بدعته، ونصَّ الشيخ ربيع والشيخ عبيد على أنه مبتدع، فلا نقبل هذه التزكية التي وُجد ما يردها بالدليل والبرهان، مع حفظنا لمنزلة العالِم؛ هذا واجبنا نحو العلماء؛ نحترمهم وأن نجلهم وأن لا نتخذ خطأهم ذريعة للطعن فيهم أو التنقيص من حقهم.
إذن -بارك الله فيكم- العلم يؤخذ عن العلماء، العلماء الأتقياء العاملون بالكتاب والسنّة المعلمون للناس الخير والهدى، ومنه يتبين لنا من هم الذين لا يؤخذ عنهم العلم؛ كما قال ابن سيرين -رحمه الله-: "إن هذا الأمر دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم" .
والله -جل وعلا- يقول: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾[النحل:43]، من هم أهل الذكر؟؛ الذين هم أهل القرآن، الذين هم أهل الكتاب والسنّة، الذين هم أهل الحق والهدى، من هم هؤلاء العلماء؟ هم العاملون بالكتاب والسنّة؛ العاملون بهم على منهج السلف الصالح، هم الجماعة الذين قال فيهم النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((منكان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)).
وهؤلاء العلماء الذين يصلحون ما أفسد الناس من أمر الأمة فهؤلاء العلماء الذين هم أناس قليل في أناس كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم، كما وصف الرسول -عليه الصلاة والسلام- الغرباء، فهؤلاء هم العلماء أهل الخشية، وأهل التقوى، أهل العمل بعلمهم، وأهل الصدق في دعوتهم، وهم الجماعة، وهم أهل التقوى، وهم أهل الصلاح والصدق، وأهل الحكمة، وأهل التواضع والسكينة، وهم أهل الاتباع للرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما يأتي ويذر، هؤلاء هم العلماء؛ ومنهم يتبين أن من تزيا بزي العلماء وليس منهم هم أنواع، فمنهم أهل البدع؛ هؤلاء لا يؤخذ عنهم العلم؛ المبتدعة لا يؤخذ عنهم العلم، كذلك لا يؤخذ عن السفيه المعلن لسفهِهِ، ولا عن الفاسق المعلن لفسقِهِ، ولا عن من كان له فضل عبادة أو طاعة إلا أنه لا يدري ماعنده من العلم ولا يفقه العلم، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)) فإذا كان عنده معلومات لكن ماعنده فقه في الدين ولا يفهم ماعنده من العلم، هذا ليس بعالم؛ الحافظ الذي يحفظ أو يقرأ ليس هو كل حافظ عالم، لا؛ حتى يكون عنده فهم وعنده علم بالكتاب والسنّة وقواعد يستنبط منها ويعرف الحلال والحرام، ويبين للناس دينهم؛ هذا العالم، هذا الفقيه في الدين، سواء كان في الحديث، أو في الأصول، أو كان في الفقه، أو كان في أي باب من أبواب العلم الشرعي، هو فقيه فيه ومتخصص فيه.
فالفقه ليس مقصورًا فقط على معرفة الحلال والحرام في مسائل الفقه، لا؛ حتى في الاعتقاد يكون عالمًا بعقيدة السلف، سائرًا عليها، فانتبهوا لهذا -رعاكم الله-، وتفقهوا في دينكم واعرفوا علمائكم، والزموا غرزهم، وعليكم بالأكابر، والبعد عن الأصاغر؛ أهل البدع، وأهل الهوى، وعدم ارتباط الشباب بالشباب الذين هم صغار في السن وترك العلماء، وإذا رأيتم الشاب أو طالب العلم يُزهِّد في العلماء فاعلموا أنه صاحب سوء، وصاحب مكر، وإذا رأيتم الشاب يُزَهِّد في طلاب العلم، ويطعن فيهم، ويزعم أنه يرجع للأكابر بهذا الطعن؛ فاعرفوا أنه مبتدع ضال، حدادي ماكر خبيث.
إنما أهل السنّة يحترمون السلفيين؛ طلبة العلم والعلماء، والعلماء لهم منزلتهم، وطلاب العلم لهم منزلة دونهم؛ ولكن كلهم مادام أنهم أهل حمل للعلم أهل حمل للميراث النبوي فهؤلاء يُحترمون ويُجَلُّون لكن كلٌ على قدر منزلته.
وعليكم بالأكابر -رعاكم الله- عليكم بالأكابر، أسأل الله -سبحانه وتعالى-.
طبعا كذلك ممن لا يؤخذ منهم العلم هم أهل الغلط الكثير، يعني هناك طالب علم قد يكون سلفيًا ليس سفيهًا ولا كذابًا ولا فاسقًا ولا غبيًا يعني عنده ذكاء؛ لكن مشكلته كثير الغلط كثير الخطأ، فهذا كثير الغلط في العلم والتعليم لا يؤتمن على الدين، كثير الغلط كثير الخطأ حتى وإن تراجع تراجعه لنفسه يشكر عليه، لكن كثير الغلط وكثير الوهم في تعليم الناس هذا لا يوثق بعلمه.
كذلك الذي يغلط ويصر على غلطه مع بيان الحق والدليل؛ فهذا أيضا لا يؤتمن على الدين، لأن إصراره دليل على جهله وهواه، وأنه في سبيله وطريقه إلى الابتداع، وإن لم يكن في ذلك مبتدعًا .
إذن تلخص لدينا أن هناك أنواع من الناس لا يؤخذ عنهم العلم، النوع الأول: الكفرة والزنادقة والمنافقون هؤلاء لا يؤخذ عنهم العلم، أولئك ليس بعدول أصلًا.
ثانيا: لا يؤخذ العلم عن المبتدع؛ لأنه ليس بعدل، وهو خطر على الدين، ويبنغي هجره والواجب هجره، فكيف مع هجره يؤخذ عنه العلم؟ هذا لا يمكن.
الأمر الثالث: الفاسق المعلن لفسقه، أما إنسان أخطأ بينه وبين ربه، بينه وبين نفسه فهذا يتوب بينه وبين الله، أما الذي ظهر للناس فسقه، ظهر للناس أنه لص، أنه سراق، أنه نصّاب، أنه رجل عنده فجور وفواحش، مثل هذا لا يجوز أن يؤخذ عنه العلم بالإجماع؛ كما نقل ذلك الخطيب البغدادي -رحمه الله- هذا النوع الثالث؛ الذي هو الفاسق المعلن لفسقه، كالذي يشرب الخمر، أو يفعل الفواحش، أو يجاهر بسماع الغناء، أو أنه يجاهر بلبس اللباس الذي يشبه الكفار عمدًا مما اتفق العلماء على أنه من التشبه، أو ظهر الدليل على ذلك؛ يعني الذي يَظهر فسقه.
أما النوع الرابع الذي لا يؤخذ عنه العلم: الكذاب؛ الذي ثبت كذبه إما على الله، أو على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أو على الشريعة، أو الكذب على العلماء، أو حتى لو كذب في حديث الناس، إذا ثبت أنه كذاب ويكذب فهذا لا يؤخذ عنه العلم، لكن ليس كل من رُميّ بالكذب يكون كذاباً؛ يعني أحيانا يرمى بالكذب من هو بريء، ويُتهم بذلك مما ليس بكذاب، بل يكون الذي اتهمه هو الكذاب فانتبهوا، لكن من ثبت عليه أنه يكذب فهذا لا يؤخذ عنه العلم هذا النوع الرابع .
النوع الخامس: هو السفيه المعلن للسفه، الجاهل الأحمق الذي يُستفز بسرعة، ويكثر سفهه وغلطه على الناس، وتقبيحه لهم، وطعنه فيهم الطعنات القبيحة .
كذلك الصنف السادس: كثير الغلط والوهم في تبليغ العلم .
الصنف السابع: هو الذي لا يعرف معنى العلم وليس بفقيه فيه؛ وإن كان عنده محفوظات .
فهذه هي معظم الأنواع التي ينبغي الحذر منها، طبعا ممن لا يؤخذ عنه العلم: الجاهل من باب أولى وهذا من أهم الأصناف؛ لكن لأنه شيء معروف يعني الجاهل المبتدع الذي لم ترسخ قدمه في العلم؛ هذا لا يؤخذ عنه العلم؛ يعني شخص مثلا درس في المسجد النبوي عند أحد طلاب العلم الأصول الثلاتة، أو قرأ شرح كتاب التوحيد، ثم يأتي ويدرس للناس الفقه، ويدرس للناس كتاب الطحاوية، وكتاب الواسطية، أصبح فيلسوفًا متعلمًا متشيخًا وهو ماعنده إلا شيء يسير وما تمكن من العلم، يتصدر بسرعة حتى ولو عنده إجازة في الأصول الثلاتة أو تدريس كتاب التوحيد، هو يقتصر على ما أخذ عليه الإجازات نقول لا بأس بذلك إن كان الذي أعطاه الإجازة ممن يوثَقُ بعلمه ويُوثقُ بأمانته .
أما أن يأتي ويتصدر أي واحد لأنه درس كتابًا أو كتابين ثم صار يناطح العلماء ويناطح طلاب العلم الكبار ويعاديهم ويطعن فيهم، خاصة إذا كان تاريخه القديم تكفيرياً أو كان حدادياً أو ثبت عليه أشياء من الكذب والفسق فينبغي الحذر من هؤلاء المدسوسين الجهلة الذين لا يعرفون مامنزلتهم وما مقدارهم.
فلذلك -بارك الله فيكم- انتبهوا -خاصة الآن في ليبيا- في وقت يعني الأمور لم تنضبط وعندكم نوع من الفوضى، بعد أن كان هناك في عصر نوع من التشديد، ومحاربة طلاب العلم، ومحاربة الدعاة السلفيين، أصبحنا اليوم في باب الإنفلات يفلت كثير من الشباب كل يريد أن يصير شيخ، كل يريد أن يصير مدرسة؛ بل بعضهم يسعى أن يصير عنده حزب، أو يصير عنده رئيس جماعة، دخلت الشياطين بينهم وكل يريد أن يترأس وهذا من الشيطان؛ بل الإنسان لا يعمل إلا الأمور المشروعة يبتعد عن التحزب يبتعد عن حب الرياسة وحب التسلط، ويبتعد عن شهوة الشهرة فحب الظهور يقصم الظهور .
فلذلك ينبغي الحذر من هؤلاء الناس الذي يتصدرون للتدريس وهم جهّال أو فجرة أو كذبة أو أهل فتنة، انتبهوا -بارك الله فيكم- من أهل الفتن واحرصوا على الجماعة، احرصوا على الائتلاف، احرصوا على المحبة، احرصوا على التعاون على البر والتقوى، احرصوا على العفو عمّا سلف وكان، وابدؤوا صفحة جديدة، وتقاربوا فيما بينكم بالحق والمعروف.
فأنا كما تعرفون عني أحب أن يكون الشباب السلفيون على قلب واحد، على جماعة واحدة، على يدٍ واحدة، وأنا سعيت كذا مرة في الصلح بين الإخوة المتعصبين لا أريد منهم دينارًا ولا درهمًا ولا أريد منهم شيئًا، أريد منهم أن يكونوا إخوة متحابين، لكن بعض الناس للأسف إلا يريد الفرقة؛ وبعض الشباب عندكم في بنغازي أوصلتهم للشيخ ربيع، والشيخ ربيع أمرهم بالرجوع إلى الشيخ أبا الفضل، فأحدُهما رجع ووافق -جزاه الله خيرًا- والآخر لم يقبل ذلك ورفض نصيحة الشيخ ربيع، ثم أخذ يثرثر هنا وهناك، ويريد الفتن، ويرسل رسائل يقول الشيخ عبيد يتكلم كلامًا شديدًا وكذا، والشيخ عبيد قال هذا كذب وافتراء، اليوم حدثني بذلك الأخ محمد بن غالب العمري، فاحذروا من أهل الفتن؛ هؤلاء أصحاب الرسائل المغرضة، أصحابالفتن، والتشويش، والصد عن سبيل الله، وإن كان دَرَس الأصول الثلاتة أودَرَس كذا وكذا، ويزعم أنه يدعو إلى التوحيد، ما الفائدة من أنك تدعو إلى التوحيد وأنت تفرق بين الناس؟ وتجعل بينهم الخُلْف والطعن والتبغيض، فأنا مسامح كل شخص تكلم فيّ وعفا الله عنكم جميعا، عن أي شخص تكلم فيّ أنا لا أريد شيئًا؛ لكن أريد منكم أن تأتلفوا أن تتحابوا، أن تثبتوا على السنّة، أن تتصلوا بعلمائكم، وأن تكونوا مرتبطين، بهم وأن ترجعوا إليهم؛ الشيخ ربيع، الشيخ عبيد، ارجعوا إليهم، واستفيدوا من علومهم، واستشيروهم في أموركم.
أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقني وإياكم للعلم النافع، والعمل الصالح، وأن يبصرنا بالحق والصواب، وأن يجعلنا جميعًا هداة مهتدين، وأن يثبتني وإياكم على الإسلام والسنّة، والله –تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمّد، والحمد لله ربّ العالمين.
الأًسْئِلَة
السؤال: سائل يقول ما نصيحتكم لمن يبتدع في طلب العلم وهل يمكننا التدارس بيننا ؟
الجواب: نصيحتي في طلب العلم أن يخلص نيته لله -عز وجل- وأن يراقب الله -عز وجل- في عمله؛ فإن العلم عبادة فيخلص لله في عبادته ويتبع سنّة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في طلب العلم وأن يبدأ بصغار العلم قبل كباره، وأن يبدأ بأهم العلم، وهو علم التوحيد العقيدة الصحيحة، يتعلم التوحيد، يتعلم كتاب الله، يتعلم سنّة الرسول -عليه الصلاة والسلام- يبتدأ بالأهم فالأهم، ويأخذ العلم شيئًا فشيئًا، ولا يستعجل ويدرس على العلماء المؤتمنين في دينهم، أو على طلاب العلم الموثوق بدينهم، عندكم الحمد لله مجموعة من طلاب العلم الأخيار في بلدكم ليبيا فتستفيدون علمهم وتستقدمونهم لإلقاء الدورات؛ عندكم الشيخ أبو مصعب عندكم الشيخ أبو الفضل، وعندكم غيرهم أبو أحمد الليبي، وعندكم مجموعة -ماشاء الله- في بنغازي طلاب علم، فأنتم -بارك الله فيكم- طلاب العلم الذين زكاهم العلماء فهؤلاء تستفيدون من علمهم، الذين مازكاهم العلماء وعندهم فتن ابتعدوا عنهم، ولا تجالسوهم ولا تخالطوهم، الشباب الذين استفادوا يسيرًا تتجالسون لأجل تذاكر العلم، ومدارسة العلم، لا بأس؛ المدارسة المذاكرة المراجعة لما أخذتم؛ مثلا تتابعون درسًا عبر البث المباشر، أو عبر البرامج هذه الموجودة اليوم على الأنترنت لدروس العلماء؛ درس الشيخ ربيع الذي يكون بعد العصر، أو دروس الشيخ العباد التي في الحرم، أو دروس الشيخ عبيد الجابري -حفظه الله- التي تبث عبر موقع ميراث الأنبياء، أو دروس إخواننا من طلاب العلم يعني المنتشرة دروس العلماء هذه، إذا تابعتموها وتذاكرتموها فيما بينكم؛ فهذا أمر عظيم، لكن ليس لكم أن تتكلموا فيما ليس لكم به علم، هذا الذي أنا أنبه عليه ونبّه عليه العلماء؛ عدم الكلام فيما لا علم لكم به؛ ولا يتدخل الإنسان فيما هو فوق طاقته، ولا يجلس يُفتي ويُرجح بغير مُرَّجح، لا، يدع الترجيح للعلماء والآن في فترة بداية طلب العلم اكتفي بالمدارسة في كلام الشيخ، وإذا أشكل عليكم شيء اتصلوا بالمشايخ واسألوهم -وفقني الله وإياكم-.
السؤال: سائل يقول كيف نفرق بين اختلاف العلماء هل من اختلاف التنوع والتضاد أو هو من خلاف الأفهام ؟
الجواب: طبعا هذا الترتيب أو هذا التقسيم فيه نظر؛ لأن الخلاف بين العلماء هو ينقسم أو يعتبر باعتبارات، الخلاف الحاصل بين العلماء في المسائل أو في قضايا ينقسم باعتبارات، هناك خلاف بين العلماء في مسألة معينة هل هو من اختلاف التضاد –التعارض- أم من آختلاف التنوع أي الذي ليس بينه تضاد هذا بآعتبار نوع الخلاف هل تضاد أو هو آختلاف تنوع هذا آعتبار، وآعتبار آخر إختلاف العلماء بالنظر إلى الحجة والدليل هناك خلاف مبني على فهم الدليل وهناك اختلاف مبني على غياب الدليل أو عدم وجود الدليل عند أحد الطرفين؛ فاختلاف التنوع والتضاد مثلا في تفسير قوله -تعالى-: ﴿ إهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ﴾[الفاتحة:6] بعض العلماء فسر الصراط بانه الإسلام وبعضهم فسره بأنه القرآن وبعضهم فسره بأنه طريقة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر إلى غير ذلك من الأقوال، هذا الخلاف بين العلماء إسمه خلاف تنوع؛ لأن الإسلام والقرآن وطريقة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر، تجتمع تأتلف هذا من اختلاف التنوع في العبارة، مثلا أن يقال في المسألة لشخص هذا جائز، عالم يقول هذا جائز، وآخر يقول هذا مشروع فكلمة مشروع وجائز تؤدي إلى نفس المعنى فينتهي أن يكون خلاف بين العلماء في هذه المسألة، عالم يُفصل وعالم يُجمل .
مثلا يقول عبد الله بن عباس: " إن محمّدا رأى ربه صلى الله عليه وسلم بقلبه " وعائشة _رضي الله عنها_ تقول: " من زعم أن محمّدا رأى ربه فقد آفترى على الله فرية " فهذا من اختلاف التنوع، عائشة -رضي الله عنها- تقول أنه من زعم أنه رأى الله بعينه فقد افترى على الله فرية، وأبن عباس يقول بقلبه فلا تعارض ولا تضاد بين القولين، هناك اختلاف في التنوع يعني أنه لا يكون بين القولين تضاد وتعارض بحيث نلجأ إلى تخطئت أحدهما أو تقديم أحدهما على الآخر أو أن يكون أحدهما كلاهما له وجه من النظر ويكون مسائل إجتهادية يعني أحيانا اختلاف التضاد -خلاف التعارض- يكون أيضا في مسائل الإجتهاد لكن تضاد مثل من صلى العصر في بني قريظة ((لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة)) هذا ليس باختلاف تنوع هذا اختلاف تضاد؛ لأن بعضهم صلى العصر في وقته وبعضهم صلى في غير وقته لكن هذا الإختلاف وإن كان إختلاف تضاد؛ لكن لا يترتب عليه تأثيم لا يترتب عليه أنه خالف الدليل؛ لأن كلاهما يعمل بالدليل، إذن خلاف التنوع والتضاد فهمناه، عندنا الخلاف الآخر في الدليل النظر إلى الدليل وفهم الدليل؛ فالعلماء إذا اختلفوا في فهم الدليل وكلٌ له وجه من النظر؛ فهذا يسمى خلاف وإن كان خلاف تضاد لكن هو أيضا مما لا ينكر فيه على المخالف مسائل إجتهادية .
أما المسائل الخلافية التي فيها نص فيها إجماع فيها راجح ومرجوح فيُعمل بالراجح، إذن المسائل ثلات أنواع: مسائل إجماعية وهذه لابد من الأخذ بالإجماع .
النوع الثاني: مسائل خلافية فيها نص أو فيها راجح ومرجوح فلابد بالأخذ بالراجح ولا يجوز أن تميع القضية ويقال خلافية ويعمل بما شاء ويهوى لابد اتباع الدليل .
النوع الثالت: خلاف المسائل الإجتهادية التي لها حظ من النظر مثل: ((لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة)) هذه مسائل يُعذر فيها المرء يخالف ولا ينكر فيها عليه، ومن هنا قال بعض العلماء: " لا إنكار في مسائل الإجتهاد " هذه العبارة صحيحة أما عبارة "لا إنكار في مسائل الخلاف" فهي عبارة باطلة؛ بيّن بطلاناها شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشاطبي في كتاب الاعتصام وغيرهم من العلماء، هذه قاعدة باطلة نحذرها " لا إنكار في مسائل الخلاف " أما " لا إنكار في مسائل الإجتهاد " فهذه قاعدة صحيحة على وَفْقِ ما بينت لكم من معنى الإجتهاد ومعنى الخلاف، نعم والله أعلم .
السؤال: هذا الأخ يسأل ويقول أنه بطيء الحفظ سريع النسيان فماهي النصيحة له ؟
الجواب: النصيحة أنه يسأل الله -جل وعلا- أن يعينه على الحفظ وأن يعينه على طلب العلم، الإلتجاء إلى الله -عز وجل- ثانيا أن يبذل الأسباب الشرعية المعينة على الحفظ والمثبتة له مثل: البعد عن المعاصي والذنوب فإنها تظلم القلب وتجعله عُرضةً للنسيان وعدم الفهم والتركيز، كذلك البعد عن الملهيات من أمور الدنيا والمشغلة عنه، ومن ذلك الاهتمام بكثرة المآكل والمشارب، وتنوع الملابس، تنوع الزينة، وينشغل بها عن الدين والعلم والحفظ، كذلك يبتعد عن المشاكسات والمشاكل التي بين الشباب ويبتعد عن رفقاء السوء؛ فهؤلاء من أسباب ضياع المحفوظات وكثرة النسيان وقلة الحفظ، كذلك أن يراعي نفسه وقلبه ويكثر من الإستغفار ويكثر من التوبة ويكثر من اللجوء إلى الله -عز وجل- والإنطراح بين يدي الله فهذه من أسباب قوة الحفظ وقلة النسيان .
الأمر الثالت: وهو من أهم الأشياء أيضا تكرار المحفوظات تكرار ماتريد حفظه فالتكرار هو الذي يثبت الحفظ الأئمة النوابغ العلماء الأكابر الذين حفظ الله بهم الدين مع كونهم كانوا حفَُّاظًا بالسليقة وكانوا أذكياء أتقياء إلا أنهم كانوا يتعهدون محفوظاتهم ويراجعون ويُسَمِّعون ويخصصون أوقاتا لمراجعة المَروِيات وتكرار المرويات، أحياناً يكرر الحديث الواحد سبعين مرة مئة مرة الحديث الواحد حتى يحفظه كما قال أبو شعبة وغير شعبة يكرر وهو حافظ هو أصلا ذكي وتقي لكن هناك أسباب دنيوية، الجسد هذا آلة أعطاك الله إياها فلابد أن تراعيها هذه الآلة تحتاج لى تكرار لتحفظ فالتكرار مفيد للحفظ في القرآن وسنّة لذلك النبي -صلى الله عليه وسلم يقول-: ((تعاهدوا القرآن)) بماذا يكون التعاهد بالمراجعة وهذه وسيلة شرعية؛ لكن جعلتها في أمر ثالث؛ حسية، فتعاهدوا القرآن تعاهدو السنّة تعاهدوا العلم فالقرآن أشد تفصيا أشد تفلتا من الإبل في عُقُلِها؛ فلذلك السنّة تحتاج إلى مراجعة الحفظ دائما يحتاج إلى مراجعة؛ حتى أن بعض العلماء مثل أبو حاتم الرازي كان من استفادته بوقته، ومن مراجعته لمحفوظاته أنه إذا دخل الخلاء- أكرمكم الله – أمر ولده عبد الرحمن أن يقرأ عليه من الأحاديث ليسمع، يعني هو داخل الخلاء، وولده خارج الخلاء، ولده يقرأ وهو يسمع في داخل الخلاء؛ حتى يراجع ويستغل وقته في المراجعة، نحن لا نقول لكم افعلوا هذا؛ لكن نقول المراجعة مهمة، كذلك المراجعة مع الزملاء الحفاظ؛ يعني أنت إذا كنت بطئ الحفظ وجلست مع شخص آخر من الشباب الذين ينسون الحفظ؛ كلاكم يزدد بطئًا على بطئِهِ؛ لكن (....) فتستفيد من همتهم، تستفيد من همتهم، تستفيد من استفادتهم بوقتهم؛ لذلك انت جالِس الشباب الذين تستفيد منهم من السلفيين، الذين تستفيد منهم وتراجع معهم، وتذاكر معهم العلم، فحياة العلم؛ مذاكرته، مذاكرتك للعلم، حديثك به، تكرار الحديث على الناس، تحفظ القرآن، تجتمع بالبيت، تقرأ بصلاة الليل، وانت ماشي في الطريق، حفظت متن من المتون جئت تسمعه لأولادك لزوجتك لإخوانك من باب المداعبة، فانت تداعبهم وفي نفس الوقت تراجع محفوظة، هكذا، وأنت مستلقٍ على الأرض تحت شجرة؛ راجع محفوظاتك؛ فهكذا الإنسان يستغل وقته بالمراجعة، هذا المر الثالث.
كذلك مما يساعد على الحفظ وهو الأمر الرابع؛ وهو قضية المواد الحسية الطبيعية التي جربت؛ مثل النعناع تشربنعناع مثل الشاي أو تضعه على الشاي، كذلك توجد نبتة اسمه (...) تضعه على الشاي مفيدة، مادة عطرية مثل النعناع تضعه على الشاي أو تغليه بالماء وتشربه ويفيد في الحفظ؛ ذلك يسمى لبان الدكر، كذلك حصى البان موجود عند العطار، هناك إذًا أشياء عديدة تساعد على المحفوظات، وهناك بعض الأكل والشرب يضعف الحفظ مثل المخللات، والتفاح الحامض ونحو ذلك، فهذه الأشياء التي تضعف الحفظ قلل منها، والأشياء التي تزيد في الذاكرة من المأكولات والمشروبات استفد منها،هذه أربعة أمور أنصحك أن تستفد منها لأجل زيادة الحفظ، لأجل تقليل النسيان، وبعد ذلك إذا حاول واجته؛ فالله يأجرك على اجتهادك، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها؛ ولكن لا تيأس، استمر في المحاولة وفي الحفظ وتعاهد علمك حتى تلقى الله وأنت في اجتهاد وفي استفادةن وفي طلب العلم، والرسول – يقول: ( الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقر القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق، له أجران ) ، والله أعلم.
و المحاضرة على شكل ملف وورد في المرفقات أسفله جزى الله خيرا كل من أسهم في هذا العمل