منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-19-2010, 01:47 PM
أبو عبد الرحمان فراس التونسي أبو عبد الرحمان فراس التونسي غير متواجد حالياً
طالب في معهد البيضـاء العلميـة -وفقه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 82
شكراً: 15
تم شكره 9 مرة في 8 مشاركة
افتراضي إجابات شيخنا عبيد الجابري على أسئلة الشباب من المغرب العربي اللقاء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم

ضوابط التعامل مع أهل السنة وأهل الباطل
(
عبيد الجابري)

(اللقاء الأول)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين: يسرنا أيها الاخوة أن نلتقي مع فضيلة الشيخ عبيد بن عبد الله بن سليمان الجابري حفظه الله تعالى ورعاه، المدرس بالجامعة الإسلامية سابقا بالمدينة النبوية.لقاؤنا في هذا اليوم أيها الاخوة ينعقد بمشيئة الله وعونه في هذا اليوم الأحد الثلاثين من شهر شعبان لعام أربعة وعشرين وأربعمائة وألف وفيه يلتقي فضيلته مع بعض طلبة العلم من المغرب العربي، نسأل الله تعالى أن يوفق الشيخ ويسدده وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعلم الصالح.
هذه بعض الأسئلة التي وردت من الاخوة من المغرب العربي يرجون من فضيلتكم التكرم بالإجابة عليها مأجورين.
يقول السائل الأول: فضيلة الشيخ، هل إذا أخطأ عالم من العلماء الكبار يجوز أو يسَع لأحد من الشباب أن يردّ عليه خطأه أم يردّ عليه عالم مثله، حيث إن بعض الشباب يتجرأ على رد فتوى بعض العلماء التي تكون الفتوى أحيانا محظورّ شرعا أفتى بها العالم نظرًا لضرورة أو حكمة يراها هو، بارك الله فيكم. أفتونا مأجورين؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين وربّ الطيبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد ولد آدم أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد: فإن ما سألتم عنه يُنظر إليه من وجهين كما يُنظر إلى من صدرت عنه تلك المقولة الخاطئة من جهتين أيضًا، وهكذا أهل السنة فإنهم ينظرون إلى المخالفة وإلى المخالف:
فالمخالفة لا تخلو من حالين:
* إما أن تكون مخالفة في أمر لا يسوغ فيه الاجتهاد سواء كان في أصول الدين أو في فروعه، لأنّه تضافرت عليها النصوص من القرآن والسنة وأجمع عليها الأئمة أو كانت في حكم الإجماع، وكان المخالف ليس عنده من النصوص ما يقّوي مذهبه.
*وإما أن تكون المخالفة حدثت في أمر يسوغ فيه الاجتهاد أو أمر: النصوص تحتمل وتحتمل.

.إما أن يكون صاحب سنة عرف الناس منه الاستقامة عليها والذب عنها وعن أهلها، كما عرفوا النصح للأمة، فهذا لا يُتابع على زلته وتحفظ كرامته، وإن كنّا رددنا مخالفته فإنّا نتأدّب معه ونحفظ كرامته، ولا نشنع عليه كما نشنع على المبتدعة الضُلاّل وذلك رعاية لما منّ الله به عليه من السابقة في الفضل والجلالة في القدر والإمامة في الدين فنحن نرعى هذا كله.
وإذا نظرتَ في كثير من الأئمة الذين هم على السنة، يشهد لهم الناس في محياهم وكذلك نرجو أن يكونون بعد مماتهم إن شاء الله تعالى ،حدثت منهم أخطاء، زلّت بهم القدم فردّ عليهم المعاصرون لهم واللاحقون لهم مع حفظ كرامتهم وصيانة أعراضهم وعدم التطاول عليهم بنابيات العبارات.
.وإما أن يكون هذا المخالف الذي خالف في أمر لا يسوغ فيه الاجتهاد ولكنه خالف، قد يكون هذا خالف عنادا واستكبارا وترفُّعا عن الحق وانسياقا وراء الهوى، فهذا لا كرامة له عند أهل السنة، ويردّون عليه قوله ويشنعون عليه ويصفونه بالبدعة والضلال ويحذّرون منه، ويغلظون فيه القول إلاّ إذا ترتبت مفسدة أكبر من المصلحة المرجوّة، فإنهم يكتفون بردّ خطئه ويحذَرونه في أنفسهم، وهذا إذا كان ذلكم المبتدع الضال له في البلد وأهله، الصولة والجولة والكفة الراجحة والشوكة القوية، كأن يكون مفتي البلد أو وزيرا من الوزراء مثل وزير الأوقاف أو وزير العدل أو من المقربين من الدولة أو من العلماء الموثوقين بهم عند الدولة، ونحن مستضعفون فإنا لا نصفه بشيء من هذا، نقول هذا خطأ، أخطأ الشيخ فلان في كذا ولا نقبله منه، العبرة بالدليل، الدليل عندنا على خلافه.
ويجب أن يكون الردّ علميّا يستند على الكتاب والسنة وفق فهم السلف الصالح بعيدا عن المغادرات والعبارات النابيات التي تجعل السامعين يتقززون منها وينفرون منها ويزهدون في الحق الذي عندنا أو الحق الذي عندكم لِما يسمعونه من عبارات في غير محلِّها لا تليق بطلاب العلم، فإمّا الرد الذي يستند على الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح، ويجلّى فيه الحق ويُفنَّد فيه الباطل، فإن المنصفين يقبلونه ولا ينازعون فيه وإن كانوا يُحبُّون ذلك المخالف وهذا مجرّب بارك الله فيكم. فتفطنوا إليه.

ومثال آخر (تارك الصلاة متهاونا) فالجمهور على أنه فاسق يستتاب فإن تاب وإلا قُتِل حدًّا، حكمه حكم غيره من الفُسّاق يُغسّل ويُكفَّن ويصلّى عليه ويدعى له ويدفن في مقابر المسلمين، ويرثه المسلمون من أهله، وهذا هو قول الزهري ومالك، وهو رواية عن الإمام أحمد، وكذلك قال به غير هؤلاء :الجمهور كما قدمت لكم، والرواية الثانية عن الإمام أحمد وعليه محققون، محققون أئمة، ومنهم الشيخ عبد العزيز الإمام الأثري المجاهد –رحمه الله- على أنه كافر، يستتاب فإن تاب وإلا قتل رِدّةً، وعليه فإنه لا يصلّى عليه ولا يغسّل ولا يكفّن ولا يدعى له ولا يرثه المسلمون من أهله، ماله فَيْء يصرفه الحاكم في المصارف العامة للمسلمين.
فإذا نظرت في حال هاتين الطائفتين من الأئمة –رحمة الله عليهم- لم تجد أن المفسِّـقين يصفون المكفِّرين بأنهم خوارج، كذلك لم تجد أن المكفّرين يصفون المفسّـقين بأنهم مرجئة لماذا؟ لأن الكل عنده أدلة قوية يَرجع إليها في هذا الأصل الذي ذهب إليه، نعم
بقي أن أقول هذا العالم الجليل الذي أخطأ في أمر ترونه راجحا، هذا أرى أن يناصح وأن يُبيّن له خطؤه، فإنْ لم يقبل منكم فارفعوا الأمر إلى علماء أكبر منكم ومنه فإنهم يناصحونه ويبينونه وسوف تَردُّه السنة إن شاء الله تعالى.
وهذا الألباني –رحمه الله- وسائر أئمة المسلمين على السنة والهدى رحمهم الله يرى أن كشف المرأة وجهها أو يرى أن وجه المرأة ليس بعورة، يجوز لها كشفه، والشيخ عبد العزيز –رحمه الله- والشيخ محمد بن العثيمين –رحمه الله- والشيخ محمد بن إبراهيم –رحمه الله- يرون خلاف ذلك، لكن لم يشنعوا عليه، وأهل العلم يردّون على الشيخ ناصر –رحمه الله-من غير تشنيع عليه ولا تثريب ولا شطط.
كذلك يرى –رحمه الله- تحريم الذهب المحلّق ويستدل له، ومَنْ ذكرتُ من علمائنا وغيرهم لا يثرِّبون عليه، يقولون أخطأ الشيخ ناصر الألباني في هذا والصواب كذا.
هكذا بارك الله فيك أهل العلم يُوقِّر بعضهم بعضا. وقد بينتُ لكم من قبل الميزان الذي عرفتُه من كلام أئمتنا وعلمائنا في المخالفة والمخالف فتقطنوا إلى ذلك فليس الأمر على حدّ سواء. نعم.

الطالب: أحسن الله إليكم وبارك فيكم، هذا سائل يسأل ويقول: كيفية التعامل مع أهل البدع والأهواء من الجانب الديني والدنيوي؟
الشيخ: أولا: أهل السنة عندهم ميزان مستقيم ومنهج سليم فهم يُبغضون البدع ويستنكرونها وكذلك يبغضون المبتدعة الذين يدعون إلى بدعهم وينافحون عنها وينـشرونها بما أُوتوا من قوة وما استطاعوا من وسيلة ويحذّرون منهم ومن مجالستهم ومن مجادلتهم، ومن ذلك ما رواه ابن بطة في الإبانة الكبرى عن أيوب السختياني قال: قال لي أبو قلابة: "يا أيوب اِحفظ عني أربعة: لا تقل في القرآن برأيك، وإياك والقدَر، وإذا ذُكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأمسك، ولا تمكن أهل الأهواء من سمعك فينبذوا فيه ما شاؤوا (أو قال: فيقرّوا فيه ما شاؤوا).
وروى عن مصعب بن سعيد –رحمه الله-، رحم الله الجميع، قال: «لا تجالس مفتونا فإنه لن يخطئك منه إحدى اثنتين: إما أن يفتنك فتتابعه (أو قال: فتتَّبعه)، أو يُؤذ يَك قبل أن تفارقه».
والنقل عن هؤلاء الأئمة بدءً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من أئمة التابعين يحذّرون هذا التحذير ويشدّدون هذا، ويُنكرون هذا النَّكير الشديد، لأن المقصود تصفية السنة من البدع والمحدثات في الدين، ووقاية أهل السنة من خطر المبتدعة، ولهذا هم يفرِّ قون بين المبتدع الداعية وبين الساكت، لأن الساكت لا يضر أحدا، يضر نفسه، وكان أهل السنة على هذه الشدة وهذه القوة على أهل البدع والضلالات حينما تكون لهم الشوكة والكفة الراجحة فإنهم يتصدَّوْن للبدع وأهلها بكل قوة كما أنهم إذا كانوا ضعفاء لا حول لهم ولا قوة، والشوكة للمبتدعة والصولة لهم والكفة الراجحة لهم فإنهم ينتهِجون الحكمة ويكتـَفون بالتحذير من البدع والمحدثات في دين الله، فاللهَ اللَه يا أبناءنا في المغرب العربي، في جميع أنحاء المسلمين، إيّاكم ثم إيّاكم أن تخالفوا هذا النهج، عليكم بالحكمة فإن سلفكم يستعملون الشدة حين لا تنفع إلا الشدة وتكون لهم قوة، ويستعملون الرفق حيث لا ينفع إلا الرفق وعلى هذا يُخرَّج قول ابن سيرين وغيره من الأئمة –رحمة الله عليهم-: «يا أهل السنة ترفقوا فإنكم أقل الناس». هذا أوّل ما أوصيكم به.
ثانيا: أوصيكم يا أبناءنا في المغرب العربي، ويا أبناءنا من المسلمين الذين تصل إليهم هذه الرسالة المسجلة، أوصيكم بالإقبال على العلم الشرعي، والعلم الشرعي ما هو؟ هو فقه الكتاب والسنة وفق سيرة السلف الصالح، وممّا أوصيكم به كتب العقائد التي ألـَّفها أئمة السلف مثل: السنة لعبد الله بن أحمد، والسنة لابن أبي عاصم، والسنة للخلال، والتوحيد لابن منده، والإيمان له، والتوحيد لابن خزيمة والإبانة الكبرى لابن بطة العكبري، وشرح أصول السنة للألكائي ومكتبة شيخ الإسلام ابن تيمية، ومكتبة شيخ الإسلام تلميذه ابن القيم، ومكتبة شيخ الإسلام المجدد الثالث لهذه الجزيرة حسبما علمناه: شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- وما شاكلها من الكتب التي نقلت لنا أصول الدين وفروعه نقلا مأمونا موثوقا.
ومن كتب الحديث: الكتب الستة معروفة، ومسند الإمام أحمد وسنن الدارمي وموطأ الإمام مالك وسنن الدارقطني ومستدرك الحاكم وصحيح ابن حبّان وما شابه من كتب الحديث التي تلقاها الأئمة بالقبول.
ومن كتب التفسير: تفسير ابن جرير وتفسير ابن كثير، وتفسير ابن أبي حاتم الموجود منه، وتفسير البغوي وتفسير القرطبي (هو جيد في اللغة والفقه أما في العقيدة فالذي ظهر لي انه عنده تأويلات ينبغي أن يتفطن لها). وكذلك تفسير ابن سعدي وهو علامة معاصر رحمه الله، ومن كتب الفقه: المختصرات عندنا: عمدة الفقه، منهاج السالكين لابن سعدي، عمدة الفقه لابن قدامة، ومنار السبيل لابن طيان والمطولات منها: المغني لابن قدامة والمجموع للنووي، والمدونة للسحنون في المذهب المالكي، رحم الله الجميع، وغيرها كتب كثيرة.
وكذلك أحذركم من الكتب الفكرية وعلى رأس ما نحذّر منه: كتب الغزالي المصري السقا وكتب القرضاوي (يوسف بن عبد الله القرضاوي) المقيم في قطر وكتب سيد قطب لا سيما "معالم في الطريق" فإنه ينضح بالتكفير، وتفسيره فإنه مليئٌ بالضلالات، وكتبه كلها ضلال، وكتب الندوي وكتب المودودي وكتب جميع الإخوان، فإنّها حَرْفٌ أو انحراف بالمسلم من السنة إلى البدع والمحدثات إذا تتلمذ وجعل ما فيها دينا يدين لله به.
وثالثا: عليكم ملازمة أهل العلم الذين عرفتم وعرف الناس غيرُكم منهم الاستقامة على السنة ومناصرتها ومناصرة أهلها والذب عنها والذب عن أهلها. من كان حيّا فلازموه بالجلوس عليه وبالأخذ من كتبه إن لم تستطيعوا أو أشرطته، ومن كان ميّتا فممّا خلَّفه من الكتب المفيدة التي تركها وهو على السنة إن شاء الله تعالى. نعم.

الطالب: جزاكم الله خيرا وأحسن الله إليكم، الشق الثاني من السؤال شيخنا، سائل آخر يزيد تأكيدا على السؤال الأول ويقول: هل يجوز التعامل مع الحزبيين في أمور الدنيا كالتجارة، حيث إن بعض الشباب يفعل ذلك ويقول: أنا لا أتعامل معهم إلا في الأمور الدنيوية؟
الشيخ: هذا في الحقيقة مضى في السؤال الأول، مضى طرحًا، أما جواباً فإني قد نسيته، أقول إن استطعتم أن تباعدوا المبتدعة فلا تشاركوهم في أي نشاط ديني أو دنيوي فافعلوا أما النشاط الديني ويسمونه النشاط الدعوي، الدعوة، فلا تُمكّنوهم، فلا تعينوهم على بناء مساجد تنشر من خلالها البدعة ولا على مدارس تنشر من خلالها البدعة ولا على طبعِ كتب تنشر فيها البدعة، أبدا، لأن مَن أعانهم وهو يعلم حالهم فإنه مثلهم، شاء أم أبى.
أما الأمور الدنيوية فهذه عندما تحتاجون إلى ذلك، ويكون الرجل منكم محصنا تحصينا قويّا في العقيدة الصحيحة وتحصينا قويا في السنة و تحصينا قويا في الحذر من البدع، واحتاج إلى التعامل مع هؤلاء، فلا مانع على أن يكون ذلك بقدر الحاجة، وليحذر من المخالطة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»، فهذا أمر خطير فكم من رجل جرفته الأمور الدنيوية حتى انسلخ وأصبح إما عدوا للسنة وأهلها أو ميّت الغيرة ليس فيه ولاء ولا براء، فإذا أردت أن تتعامل معه بأن تُشغّله عندك وتكون أنت المشرف وأنت الناضر عليه فهذا لا شك أنه أسلم. وإن احتجت إلى أن تعمل معه، هناك أمور بُلِيتَ بها في التجارة فاحتجت إلى العمل معه فلتحذر، ليكن، لتكن معك، يعني، لتكن معاملتك معه معاملة دنيوية فقط، خذ دراهم واعطني دراهم، بلاش، أظن عندكم في المغرب يقول دنانير، خذ دينار واعطني دينار فقط، خذ ،هذا كذا، هذا حسابه كذا وهذا حسابه كذا، ولا تتوسع وتدخل معه حتى يجّرك إلى التعامل في الدين أو النشاط الدعوي وإن استغنَيتم ببعضكم يا معشر السلفيين فهذا أسلم لدينكم وعرضكم وهذا الذي نحرضُّكم عليه وندعوكم إليه، أَحبّ ما إلينا أن تستغنوا عن الحزبين والحركيين وجميع أهل البدع. نعم.

الطالب: أحسن الله إليكم وبارك فيكم، سائل يسأل ويقول: فضيلة الشيخ كثُر في الآونة الأخيرة الاشتغال بأشرطة وكتب الردود مع إهمالٍ لطلب العلم وإذا قام أحد بتوجيه الشباب وحثِّهم على طلب العلم يُمكِن أن يصنَّف من أتباع فلان أو علان فما هو الضابط في ذلك وما توجيهكم في التعامل مع هؤلاء الشباب في هذه المسألة مع نصيحة عامة للشباب في طلب العلم؟
الشيخ: قدمت لكم بارك الله فيكم ما يغني عن بعض ماجاء في هذا السؤال وعرفتم ما نصحتكم به من الكتب وما حذرتكم منه، وعرّفتُ لكم فيما قدمته لكم حدّ العلم الشرعي، والذي أزيده هنا أقول: الردود باب من أبواب الدعوة، فيها نشر للسنة ودفع للبدعة وصيانة لأهل السنة من خطر المبتدعة ولا أعرف عالما من أهل السنة فضلا عن الأئمة ينهى عن الردود أبدا، لا ينهَوْن عنها نهيا مطلقا، بل ينهون نهيا مقيدا، فإذا رأى العالم تلامذته أو أهل بلده تركوا الفقه في العقيدة والعبادة والمعاملة وانصرفوا إلى الردود فإنّه يحذّرهم ويقول لا تنـشغلوا بالردود، يعني لا تجعلوها شغلكم الشاغل، فهو يريد أمرين –أعني هذا العالم السني وكذلك الإمام من باب أولى- يريد من تلامذته ومُحبّيه من أهل بلده وغيرهم والذين جمعت بينه وبينهم السنة والمحبّة في ذات الله، تحابوا في ذات الله -يريد منهم أمرين:
الأمر الأول: التحصيل العلمي، فأنت إذا نظرت في الأئمة الذين حذروا من البدع وأهلها وفندوا شبه المبتلين وصانوا هذا الدين عن تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وجدتهم يتكلمون بعلم لا بعاطفة، وكذلك من ورثهم من أبنائهم وأحفادهم وإخوانهم على نفس النهج، وذلكم حرصا على تحقيق ما أخبر –حرصا على تحقيق ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم: «بل أخبربه "من يرد إليه به خيرا يفقهه في الدين"، قال أهل العلم: ومن لا يرد الله به خيرا لا يفقهه في الدين، هذا مفهوم الحديث، وهذا صحيح.
والأمر الثاني: أن يأخذوا من الردود بقدْر، بقدر فقط بحيث لا تشغلهم عن ماذا؟ عن العلم، فأنتم تعلمون أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ما ورّثوا دينارا ولا درهما بل ورّثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر .هذا، هذه وصية نبينا صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فإن من يتناول الردود ويطالعونها أصناف:
*صنف عنده القدرة على الجمع بينه وبين مسائل العلم، فهذا لا يُردّ هذا يؤّيد ويُبارك له صنيعه ويشدّ أزره، ما دام عنده قدرة على تحصيل المسائل العلمية دقيقها وجليلها، وصغيرها وكبيرها، فهذا لا يُفنى ولا يجوز أن يفنى، ما دام أنه لم يهمل الجانب العلمي والتحصيل العلمي.
*الصنف الثاني: من لا هَمّ له في تحصيل المسائل العلمية بل مطالعة ما يجري في الساحة وفلان قال وفلان قال، فهذا الذي يشدّد عليه لا من باب أنه ركب بدعة ولكن من باب مصلحته هو فيقال: أنت أهملت أمرا أكبر من هذا، فإذا ذهب العلماء الذين دفع الله بهم البدعة وأهلها وكانوا جبالا، مَن يرثُهم إذا لم يكن لدينا علم؟ هل يرثهم الجُهّال يا أبنائي، هل يصلح الجهّال بعدهم لرئاسة الناس؟ لقيادة الناس وهداية الناس؟ أبدا، هؤلاء يُضِلّون، يَضِلّون ويُضِلّون، فمن هذه الناحية نشدد على أخينا هذا ويقال له أتّق الله أنت جعلت وقتك كله أو جله في هذه الردود وكان يكفيك أن تعلم بأن الإمام فلان أو العالم فلان ردّ على فلان من الناس وكشف عن حاله وهتك شره لما هو راكب إيّاه من البدعة والضلال، يكفيك هذا، يكفي.
وأنا أقول لكم أنا شخصيا والله ما قرأت كل ما كتبه الشيخ ربيع حفظه الله وحفظ جميع علماء الإسلام والسنة بالإسلام والسنة في الحياة وبعد الممات، ما كتبه الشيخ ربيع حفظه الله عن سيد قطب، والله ما قرأته كله، أبدا، ولكن فهمته، قرأت بعضه ففهمت البقية لأن الشيخ ربيع عندي صاحب راية يرفع بها لواء السنة ويذبّ عنها وعن أهلها، فما رفعها ولله الحمد في وجه محارب معاد للسنة إلاّ عادت هذه الراية منصورة مؤزّرة قوية ما لانت ولا عانت، وقد فضح بها ولله الحمد أهل البدع والضلال وأساطين أهل البدع والضلال، فكفاني أن الشيخ ربيع ردّ على فلان، أو أن الشيخ محمد بن العيثمين رد على فلان، كفاني.
*الصنف الثالث: من لا يدري عمّا يجري، فهذا نكون معه ونطلعه على ما واجه به علماء السنة أساطين الضلال وأئمة البدع حتى يكون على بصيرة ولا يؤتى من غِرّة.
هذا هو المنهج الصحيح، بارك الله فيكم، وأعطيكم مثالا، الشيخ محمد ابن العثيمين -رحمه الله- وهو من تعلمونه، لمّا سئل عن كتب سيد قطب قال: أنا لا أدري عنها، ما قرأت له كثيرا، قرأت أول الأمر حين كنت في الشباب، ومرة قال: كفانا فيها أخونا الشيخ ربيع. أحال به فهمتهم أحال به ،وآخر أمره قال –رحمه الله-:" لولا الورع لقلنا بكفر سيد قطب" حدثي بهذا- وأنتم قولوا حدثنا عبيد الجابري- عرفتم اسمي ولاّ لا، عبيد ابن عبد الله بن سليمان الجابري المدرس بالجامعة الإسلامية سابقا حفظ الله الجامعة الإسلامية، وجامعات أهل الإسلام وصانها من كل مكروه، سمعتهم هذا !أنا أقول حدثني الدكتور عبد الله بن مسَلّم، عبد الله بن يزيد المسلم من أهل عنيزة ،بهذا الخبر، فأنتم قولوا :حدثنا عبيد الجابري قال حدثني عبد الله بن يزيد المسلم، وقد فهمتم الخبر، فالمقصود أنا أنهاكم يا أبنائي عن الشطط، أنهاكم عن الشطط وآمركم بالرفق فمن نهاني عن الاشتغال بالردود وترك المسائل العلمية أنا لا أشتطّ عليه إذا عرفت أنه من أهل السنة، أعرف أنه يريد نصحي ويريد أن أحصّل أبوابا من العلم، نعم، نعم أهل البدع هم الذين ينهون عن الردود نهيّا مطلقا: (اتركوا الردود، دعوا الردود، فيها مضيعة للوقت وفيها مشغلة عن العلم) نهيّا مطلقا، لكن أهل السنة لا ينهون نهيا مطلقا، وإنْ قال هذه العبارة مطلقا في وقت لكن جلّ وقته أو كثير من وقته يريد هذا، نعرف هذا من حاله ومقاله، نعم، فمثلا الشيخ بن العثيمين –رحمه الله- حينما يقول لتلامذته وأهل بلده والمسلمين، لا تنشغلوا بالردود، هذا ماهو؟ حاله على السنة، يقرّرها ويدعو إليها ويدفع عن أهلها بقدر ما أوتي، فلكل مقال، فلكلّ… وقرينة الحال تدل في الحقيقة على المقال، تدل على المراد من المقال، فإذا قال لك إخواني بنّائي أو إخواني سروري قطبي أو تبليغي، لا تشغلوا أنفسكم بالردود، إن هذه الردود مضيعة للوقت ومشغلة عن طلب العلم، فضع عليه علامة كبيرة ما يريد هذا منك؟ يريد أن يروّج للبدعة ويمّهد لنشرها، وتضليل أهل السنة، فبان بهذا أن الناهين عن الردود صنفان من الناس:
*صنف هم أهل سنة وهؤلاء لا ينهون عنها نهيا مطلقا.
*وصنف آخر هم أهل البدع وهم الذين يطلقون، وأهل البدع نعرفهم، نعرف الإخوان المسلمين، نعرف التبليغيين، نعرف السرورية القطبية، وهكذا، نعرفهم، ونعرف المتحزبة، نعرفهم، فإذا كان الذي نهى عن الردود من هؤلاء، نعم، هذا ليس له عندي كرامة ولا مكانة، أنا مُنتهٍ منه، لكن من كان من أهل السنة على ما أنا عليه فإن مراده واضح بارك الله فيكم، مراده واضح، نعم.
الطالب: أحسن إليكم وبارك فيكم، هذا سائل يسأل ويقول: هنالك قصاصون على الساحة الدعوية من أمثال سعيد بن مسفر والدويش والعريفي والجبيلان وغيرهم، كيف يُتعامل مع أشرطتهم التي هي مجرد قصص وتشويق وفكاهات، هل ينصح سماعها بارك الله فيكم؟
الشيخ: أقول: هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي خلفائه وسائر أصحابه وأئمة العلم والدين والإيمان من بعده من أهل القرون المفضلة ومن هو على النهج، هديهم هو تقرير قواعد الدين وأصوله الكلية، يأمرون بالتوحيد ويقررونه للناس بابًا بابًا، وينهون عن الشرك ويحذرون منه ويفصّلون فيه تفصيلا حتى تكون الأمة على حذر منه، كما أنهم أيضا لا يدَعون الأمر بجميع فرائض الدين العملية، ويبيّنون للناس الحلال والحرام، وكذلك هم ينهون عن جميع المعاصي والبدع والمحدثات في الدين، وقد يكون في مقالاتهم وخطبهم شيء من الوعظ للترغيب والترهيب ومن هنا نقول إن الوُعّاظ قسمان:
*قسم على ما سبق ،من تقرير أصول الدين وقواعده الكلية بالدليل ويكون في مواعظهم وخطبهم شيء من الوعظ للترغيب والترهيب، تذكير بالموت، الاستعداد للجنة، الحذر من النار، ولكن هذا إلى جانب تقعيد القواعد وتأصيل الأصول قليل.
*القسم الثاني من لا يعتنون بتقرير قواعد الدين وأصوله ولا يهتمون بتوحيد ولا بشرك، ودَيْدَنُهم كله أو جلّه هو كما ذكرتَ في سؤالك قصص وفكاهات ومجرّد تشويق أو ترهيب خال أو ترغيب خال، فهؤلاء قصّاصون، قصاصّون، وفي أشرطتهم مضيعة للوقت ومشغلة عن طلب العلم الشرعي الذي أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أنه سبيل الخيرية التامة، الخيرية التي تتضمن سعادة الدنيا والآخرة: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين»، فهؤلاء يجب على المسلمين أن يحذروا أشرطتهم وكتبهم وان يحذّروا منها لأن التلمذة عليهم لا تورث إلا الجهل، ترقيق قلوب بدون علم، والله سبحانه وتعالى ما أثنى على الوعظ ثناء مجردا، بل أثنى على العلم وأهله: ]شهد الله أنّه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم[. وقال: ]يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات[. وقال: ]إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء[. وقال صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهّل الله له طريقا إلى الجنة، وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما صَنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في جوف الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن الأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر».
التحذير من الوعاظ والقصاص وأصحاب الفكاهات والقصص، والأساليب المشوقة دون استناد إلى علم شرعي يُقرّر منه أصول الدنيا وقواعده الكلية، هؤلاء يُحذّر منهم ويَحْذر منهم، وليس لأنهم لم يكونوا على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي خلفائه وأصحابه وأئمة التابعين ومن بعدهم. نعم.

الطالب: أحسن الله إليكم وبارك فيكم، هذا سائل يسأل ويقول: فضيلة الشيخ متى يكون الهجر هجرا صحيحا شرعيا لأهل البدع وأهل المعاصي، متى يكون ذلك حتى يتحقق الغرض الشرعي من هذا الأصل العظيم؟
الشيخ: أوّلا: الهجر هو الأصل ممّن قدر عليه وكان مطاعا يأتمِر الناس بأمره وينتهي بنهيه، هجر أهل البدع أهل المعاصي، هذا هو الأصل حتى يعود إلى رشده ويراجع الحق، لكن إذا كان هذا الشخص غير مطاع والكفة الراجحة لذلك المبتدع فهنا لا تدعوا إلى الهجر، ولا تأمروا به، لكن لك أنت أن تحْذره فلا تزوره ولا تستزيره، ولا تحضر مجالسه، فإذا سئلت: قل لا آمنُه على ديني، لا آمنه على نفسي. وقد قدّمت لكم أوّل الكلمة، أظن في أول سؤال أو في ثاني سؤال ولعلّه تكرّر، أن أهل السنة يراعون المصلحة، يراعون المصلحة، ينظرون في المصلحة والمفسدة، فإذا كانت المصلحة راجحة في هجر المبتدع وزجره والتحذير منه، هجروه وزجروه وحذّروا منه، وهجروه، وإذا كانت المفسدة أرجح والناس يتألبون على أهل السنة فإنهم لا يهجرونه، يكتفون بالرد العلمي.
ولهذا أقول لكم يا أيها المستضعفون من أهل السنة اعتصموا أنتم بالسنة ولا تجادلوا هؤلاء ولا تخاصموهم واضربوا عنهم صفحًا، إذا كان أئمّتكم هؤلاء فصلّوا معهم ثم اخرجوا، ولا تهيّجوا عوامّ الناس ورعاع الناس والذين ليس لهم فقه في الدين عليكم، نعم.

الطالب: أحسن الله إليكم وبارك فيكم، هذا سائل يسأل ويقول: ما قولكم حفظكم الله فيمن يقول: نجالس صوفيا أخلاقه حسنة أفضل من أن نجالس سلفيا أخلاقه سيّئة؟
الشيخ: أولا: لا أظن أن سلفيا تشربت عروقه بالسنة وخالطت بشاشتها قلبه أبدًا، لا يقول هذا، فالسلفي يبتعد من المبتدعة: الصوفية وغيرهم، وينحاز إلى أهل السنة ولكن ننظر في القول، ننظر في موجب القول والقائل، فإن كان القائل من أهل التحزّب والحركيين فليس هذا بغريب عليهم لأنهم ينطلقون –شاؤوا أم أبوا- من قاعدة «نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه». وإن كان صاحب سنة لكنه حزّ في نفسه شيء لما يرى من جفاء إخوانه عليه وغلظتهم عليه غلظة يرى أنها زادت عن حدّها فهذا ما أظنّه قالها إلاّ للزجر، للزجر، ولشدة العتاب، فهذا يجب على إخوانه أن يتعاملوا معه برفق وأن يُحْسنوا صحبته لا سيما إن كان ذا جاه كبير ومكانة مرموقة في الناس، فحسن الصحبة واجبة بين أهل السنة من سعة الصدر والصبر والملاطفة، وقد أردّ على سني ويردّ عليّ وأشتد عليه فيما بينه ويشتدّ عليّ، لكن لا على سبيل التشهير، لا أشهّر به، ولا أجعله عرضة للحديث في المجالس الخاصة والعامة، فلو سئلت عن قول فلان في كذا أقول: (أخطأ، الصواب خلاف ذلك، وفلان أعرف عنه أنه صاحب سنة لكنّه ما وفّق في هذا).
فتفطنوا بارك الله فيكم إلى الحال والمقال وما يوجب المقال فإن لكل- كما يقولون- لكل مقام مقال. نعم.

الطالب: جزاكم الله خيرا وأحسن الله إليكم، وهذا سائل يسأل عن الفرق بين العقيدة والمنهج، يقول: وهل بينهما خصوص وعموم أم لا؟
الشيخ: العقيدة هي ما تعتقده تدَيّنًا في الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشرّه، وما يسْتتبع ذلك من تصديق خبر الله وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في الماضي والمستقبل ومن ذلك نعيم القبر وعذابه، والحوض، حوض النبي صلى الله عليه وسلم، والميزان وغير ذلك، هذه العقيدة وكذلك يتبع هذا تنزيل الأولياء والصالحين الذين هم أولياء لله متقين لله أهل سنة، وأئمتهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وآل البيت منهم خاصة، وأئمة التابعين ومن بعدهم فتنزّلهم منازلهم من غير غلوّ، من غير إفراط ولا تفريط، وتتولاّهم محبّة في ذات الله سبحانه وتعالى.
والمنهج هو الطريق الذي يسلكه المرء في دعوة الناس إلى الله تعالى وقاعدته الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح، واعلموا أن العقيدة والمنهج متلازمان، العقيدة والمنهج متلازمان، وما أحسن ما قال البربهاري –رحمه الله- «اعلم أن الإسلام هو السنة وأن السنة هي الإسلام».
فالعقيدة والمنهج لا يختلّ أحدهما إلاّ من خلل في الآخر، فالخوارج لما اختلّ منهجهم وكفرّوا بالكبيرة وحكموا على مرتكبها في الدنيا بأنه كافر حلالَ الدم والمال، وتوصّلوا من هذا إلى سبْيِ نسائهم وذراريهم، منْ خلل في عقيدتهم، كذّبوا النصوص الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، في أن المعاصي لا تسلب الإيمان بالكلية وإنما تسلب كماله. ولهذا هم ارتكبوا مع هذا تكذيبا آخر، فحكموا على مرتكب الكبيرة إذا مات بأنّه خالد مُخلّد في النار، والمعتزلة قالوا إنّه في منزلة بين منزلتين لا مؤمن ولا كافر خلاف ما شهدت به النصوص من آي التنزيل وصحيح السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووافقوا الخوارج فيمن مات على كبيرة من الكبائر، وهكذا، والمرجئة الغلاة الذين يقولون: الإيمان هو مجرّد التصديق أو التصديق مع القول، حاصلُ عقيدتهم، وهم يقررّونه، لا يضرّ مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة، فانظروا التناقض، لا ينفع مع الكفر طاعة هذا صحيح، لكن المقيس فاسد: لا يضر مع الإيمان ذنب، إذن يستوي عندهم السّكّير العِرْبيد الفاجر مع البرّ النقي الصائم المصلّي، هذا خلل في العقيدة وخلل في المنهج، فهم يوالون ويعادون في هذه العقائد الفاسدة، وأهل السنة لا يوالون ولا يعادون إلا في الله سبحانه وتعالى فلا تغرّنكم شواذ العبارات ولابُنيّات الطريق، فالعقيدة والمنهج الذي هو طريق الدعوة إلى الإسلام الخالي من شوب الكفر ومن شوب البدع ومن المعاصي، المنهج الصحيح، لا يخالف العقيدة الصحيحة أبدا، فالإسلام أو الدعوة الإسلامية على منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم تقوم على عقيدة صحيحة ومنهج سديد صحيح. نعم.

الطالب: جزاكم الله خيرا وأحسن الله إليكم، هذا سائل يسأل ويقول متى يكون الإنسان مؤهّلا لأن ينكر المنكر؟
الشيخ: أولا يا بني أعلم أن المنكر على ثلاث مراتب جاءت في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده (هذه المرتبة الأولى)، فإن لم يستطع فبلسانه (وهذه المرتبة الثانية)، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (وهذه المرتبة الثالثة).
ولا أدري ما تريد بقولك متى يكون مؤهلا، لكن أقول لك شيئين:
أولا: الإنكار بالقلب: هذه جميع عباد الله مؤهلون لها، لا يَعجز عنها أحد، وأما المرتبتان الأوليان، التغيير باليد والتغيير باللسان: -فالأولى لمن قدر وأمن المفسدة التي هي أكبر من تغيير المنكر.
-والثانية لأهل العلم الذين يحسنون البيان ويبيّنون للناس الحق ويحذّرونهم من الباطل، يأمرونهم بالحلال بالدليل، وينهونهم عن الحرام بالدليل، يدعونهم إلى السنة بالدليل، وينهونهم عن البدع بالدليل، بالحكمة والموعظة الحسنة، وإن دعا الأمر: جادلوا بالتي هي أحسن.
والأمر الثاني أو الشيء الثاني: اعلم أنّه إذا ترتبتْ على تغيير المنكر مفسدة أكبر منه كان منكرا، كان تغييره منكرا، ولهذا والله أعلم قال صلى الله عليه وسلم: «من كانت عنده نصيحة لذي سلطان فلا يُبْدِها علانية ولْيخلُ به وليأخذ بيده فإن قَبِلها قَبِلها، وإن ردّها كان قد أدّى ما عليه». رواه ابن أبي عاصم وغيره عن عياض بن … صلى الله عليه وسلم، وهو صحيح بمجموع طرقه وقد صححه العلامة الإمام المحدث في هذا العصر بلا منازع الشيخ ناصر –رحمه الله- فتفطنوا بارك الله فيكم.
في بعض الأحيان لا تستطيع أن تنكر منكرا، فيبقى عليك الإنكار بالقلب.

الطالب : أحسن الله إليكم وبارك فيكم: هذا سائل يسأل ويقول: هل يشترط في الردّ على المخالف والتحذير منه أن يجتمع على التحذير منه والكلام فيه أهل العلم أم يكفي عالم واحد فقط؟
الشيخ: هذه قاعدة الجرح والتعديل وملخصها أن «من عَلِمَ حجّة على من لم يعلم»، فإذا حذّر عالم من رجل وأقام عليه الدليل بأنه من أهل الأهواء، أو من الجُهّال الذين لا يستحقون الصّدارة في العلم والتعليم، وكان هذا العالم معروفا بين الناس بالسنة والاستقامة عليها وتقوى الله سبحانه وتعالى، فإنّا نقبل كلامه ونحْذر من حذّرنا منه، وإن خالفه مئات، ما دام أنه أقام الدليل وأقام البيّنة على ما قاله في ذلكم المحذّر منه، فهذا وُسعُنا، بل هو فرضنا والواجب علينا، وإلا ضاعت السنة، فإن كثيرا من أهل الأهواء يخفى أمرهم على جمهرة أهل العلم، ولا يتمكنون من كشف عَوَارِهم وهتك أستارهم لأسباب منها:
* البِطانة السيئة التي تحول بين هذا العالم الجليل السني القوي وبين وصول ما يهتِك به ستر ذلك اللَّعّاب الماكر الغشاش الدسّاس، البطانة السيئة، حال ما… لا يمكن أن يصل إليه شيء حتى أنها تحول بينه وبين إخوانه الذين يحبهم في الله فلا يستطيع أن يقرأ كل شيء.
*ومنها أن يكون ذلك العالم ليس عنده وقت، بل وقته كله في العلم والتعليم.
*ومنها أن يكون بعيدا عن هذه الساحة، يكون هذا الشخص مثلا في مصر أو الشام أو المغرب عندكم ما تزعلون علينا، أو مثلا اليمن، وهذا العالم الذي في السعودية ما وصل –يعني- لا يدري عمّا يجري في تلك الساحة، ما بلّغَه ثقة بما يجري في تلك الساحة أو الساحات، فهو جاهل بهذا.
*ومنها أن يكون هذا العالم قد نما إلى علمه وتعلّق في فكره أن ذلك الرجل ثقة عنده، ثقة عنده، فما استطاع أن يصل إلى ما كشفه غيره من أهل العلم للأسباب المتقدمة وغيرها، لكن نما إلى علم سابق أنه صاحب سنة وأنه يدعو إلى الله وكان أمامه يُظهر السنة، وحب أهل السنة والدعوة إلى السنة، ويذكر قصص من حياته ومصارعته للأفكار الفاسدة والمناهج الكاسدة ويأتي له بكتب سليمة وما درى عن دسائسه.
فإذن ماذا نصنع؟ نعمل على كلام ذلك العالم الذي أقام الدليل وأقام البينة التي توجب الحذر من ذلك الرجل، من كتبه ومن أشرطته ومن شخصه، وأما ذلك العالم الجليل فهو على مكانته عندنا لا نجرحه ولا نحط من قدره ولا نقلل من شأنه بل نعتذر له، نقول ما علِم، ما علِم هذا، لو علِم ما علمنا لكان عليه مثلنا أو أشد منا، والله أعلم.
نكتفي بهذا وأستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1-فالصنف الأول وهو الذي لا يسوغ فيه الاجتهاد فإن الخلاف فيه غير سائغ، غير سائغ أبدا، ويُردّ الخطأ على قائله كائنا من كان، ثم هذا المخالف لا يخلو عن واحد من رجلين: 2-النوع الثاني من المخالفات: في أمر يسوغ فيه الاجتهاد، فأنت تبيِّن قولك حسبما ما تَرجَّح عندك، ولا تشنِّع على الطرف الآخر ولا تحذّر منه ولا تصفه بالمبتدع الضال ولا الزائغ، ولكن تقول:الصواب عندنا كذا، وعلى سبيل المثال (الترتيب في الوضوء)، فالجمهور على وجوبه ومن ذلكم الإمام أحمد وأصحابه رحم الله الجميع، والأحناف ومن وافقهم على أنه لا يجب، فنحن نرد على الأحناف من غير تفريق، من غير إغلاظ في القول، نقول الراجح عندنا أو أرجح القولين الوجوب.


تابعوا معي اللقاء الثاني و الثالث قريبا إن شاء الله

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمان فراس التونسي ; 10-26-2010 الساعة 11:02 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:39 PM.


powered by vbulletin