منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام

آخر المشاركات تعليق حول تناول بعض الإخوة لموضوع الإنكار العلني بسطحية بالغة للقضية والفتنة الحاصلة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          الصعفوق الأحمق مجدي ميلود حفالة (الحثالة) يصف نفسه بعدم الرجولة والخيانة والخسة والدناءة التي يترفع... (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جواب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لمن سأله: (ما سبحان الله؟) (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          الرد على الكلام المنسوب للشيخ لزهر حول فضيلة الشيخ طلعت زهران، وحول كتابات العتيبي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          حكم الكلام أثناء قراءة القرآن (الكاتـب : أبو هريرة الكوني السلفي - )           »          خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-05-2011, 07:58 AM
أبو الحسين الحسيني أبو الحسين الحسيني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 154
شكراً: 1
تم شكره 5 مرة في 4 مشاركة
افتراضي صلاة المأموم مع الإمام بين الارتباط والاستقلال ( الحلقة السادسة )

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما أما بعد: فقد تكلمنا في الحلقة الماضية ( الخامسة ) عن ارتباط المأموم بإمامه في حال الطهارة وعدمها؛ وفي هذه الحلقة ( السادسة ) نتكلم عن ارتباط المأموم مع الإمام في حال السفر فكان عنوان هذه الحلقة: ارتباط المأموم مع الإمام في صلاة السفر جاء في صحيح البخاري ج1/ص369:"عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت الصَّلَاةُ أَوَّلُ ما فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ قال الزُّهْرِيُّ فقلت لِعُرْوَةَ ما بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ قال تَأَوَّلَتْ ما تَأَوَّلَ عُثْمَانُ". وفي صحيح مسلم ج1/ص478:" عن عَائِشَةَ زَوْجِ النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ في الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ في صَلَاةِ الْحَضَرِ". وحدثني أبو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بن يحيى قالا حدثنا بن وَهْبٍ عن يُونُسَ عن بن شِهَابٍ قال حدثني عُرْوَةُ بن الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النبي صلى الله عليه وسلم قالت فَرَضَ الله الصَّلَاةَ حين فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَتَمَّهَا في الْحَضَرِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ على الْفَرِيضَةِ الْأُولَى". وأخرج الشيخ الألباني في الصحيحة (ح2814):" عن عائشة قالت أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فلما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة صلى إلى كل صلاة مثلها غير المغرب، فإنها وتر النهار، وصلاة الصبح لطول قراءتها، وكان إذا سافر عاد إلى صلاته الأولى". وقال الصنعاني في سبل السلام ج2/ص37:" في هذا الحديث دليل على وجوب القصر في السفر لأن " فرضت " بمعنى وجبت ووجوبه مذهب الهادوية والحنفية وغيرهم. وقال الشافعي وجماعة إنه رخصة والتمام أفضل وقالوا فرضت بمعنى قدرت أو فرضت لمن أراد القصر؛ واستدلوا بقوله تعالى"فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة" وبأنه سافر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه فمنهم من يقصر ومنهم من يتم ولا يعيب بعضهم على بعض وبأن عثمان كان يتم وكذلك عائشة أخرج ذلك مسلم. ورد بأن هذه أفعال صحابة لا حجة فيها وبأنه أخرج الطبراني في الصغير من حديث بن عمر موقوفا صلاة السفر ركعتان نزلتا من السماء فإن شئتم فردوهما قال الهيثمي رجاله موثوقون وهو توقيف إذ لا مسرح فيه للاجتهاد وأخرج أيضا عنه في الكبير برجال الصحيح صلاة السفر ركعتان من خالف السنة كفر؛ وفي قوله السنة دليل على رفعه كما هو معروف قال بن القيم في الهدى النبوي كان يقصر صلى الله عليه وسلم الرباعية فيصليها ركعتين من حين يخرج مسافرا إلى أن يرجع إلى المدينة ولم يثبت عنه أنه أتم الرباعية في السفر البتة؛ وفي قولها إلا المغرب دلالة على أن شرعيتها في الأصل ثلاثا لم تتغير؛ وقولها إنها وتر النهار أي صلاة النهار كانت شفعا والمغرب آخرها لوقوعها في آخر جزء من النهار فهي وتر لصلاة النهار كما أنه شرع الوتر لصلاة الليل والوتر محبوب إلى الله تعالى كما تقدم في الحديث إن الله وتر يحب الوتر وقولها إلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة تريد أنه لا يقصر في صلاتها فإنها ركعتان حضرا وسفرا لأنه شرع فيها تطويل القراءة ولذلك عبر عنها في الآية بقرآن الفجر لما كانت القراءة معظم أركانها لطولها فيها فعبر عنها بها من إطلاق الجزء الأعظم على الكل". وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع4/358:" وهذا قول صحابي يعلم الحكم، ويعلم مدلول الألفاظ وقد صرحت بأن الركعتين فريضة المسافر". ومع أن الأحاديث مصرحة بركعتي السفر فرضا إلا أن بعض الصحابة أتم الصلاة ف جاء في صحيح البخاري ج1/ص368:" عن عَبْدَ الرحمن بن يَزِيدَ يقول صلى بِنَا عُثْمَانُ ابن عَفَّانَ رضي الله عنه بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَقِيلَ ذلك لِعَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قال صَلَّيْتُ مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْتُ مع أبي بَكْرٍ رضي الله عنه بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْتُ مع عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ فَلَيْتَ حَظِّي من أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ". وقد استدل بعض أهل العلم على جواز إتمام الصلاة. قال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين ج1/ص276:" في هذا الحديث دليل على أنه يجوز للمسافر إتمام الصلاة ولولا ذلك ما أقروا عثمان عليه وقال الزهري إنما أتم عثمان لأنه اتخذ الأموال بالطائف وأراد أن يقيم بها". قلت ( أبو الحسين ): أنكر عليه ابن مسعود ولم يقره وكذلك ذكر العيني في عمدة القاري ج7/ص122 لكن وجه إتمام ابن مسعود وراء عثمان رضى الله عنهما فقال:" هذا الحديث يدل على أن ابن مسعود كان يرى الإتمام جائزا وإلاّ لما كان له حظ من الأربع ولا من غيرها فإنها تكون فاسدة كلها وإنما استرجع لما وقع عنه من مخالفته الأولى ويؤيده ما روى أبو داود أن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه صلى أربعا فقيل له عبت على عثمان ثم صليت أربعا فقال الخلاف شر ورواية البيهقي إني لأكره الخلاف ولأحمد من حديث أبي ذر مثل الأول وهذا يدل على أنه لم يكن يعتقد أن القصر واجب كما قال الحنفية ووافقهم القاضي إسماعيل من المالكية وأحمد وقال ابن قدامة المشهور عن أحمد أنه على الاختيار والقصر عنده أفضل وهو قول جمهور الصحابة والتابعين قلت هذا القائل تكلم بما يوافق غرضه أما قوله هذا يدل على أن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه كان يرى الإتمام جائزا فيرده ما قاله الداودي إن ابن مسعود كان يرى القصر فرضا ذكره صاحب التوضيح وغيره ويؤيده ما قاله عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه الصلاة في السفر ركعتان لا يصح غيرهما وقال الأوزاعي إن قام إلى الثالثة فإنه يلغيها ويسجد سجدتي السهو وقال الحسن بن حي إذا صلى أربعا متعمدا أعادها وكذا قال ابن أبي سليمان وأما قوله ويؤيده ما روى أبو داود أن ابن مسعود صلى أربعا فإنه أجاب عن هذا بقوله الخلاف شر فلو لم يكن القصر عنده واجبا لما استرجع ولما أنكر بقوله صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين إلى آخر الحديث وأما قوله المشهور عن أحمد إنه على الاختيار فيعارضه ما قاله الأثرم قلت لأحمد للرجل أن يصلي أربعا في السفر قال لا ما يعجبني وحكى ابن المنذر في الأشراف أن أحمد قال أنا أحب العافية عن هذه المسألة وقال البغوي هذا قول أكثر العلماء وقال الخطابي الأولى القصر ليخرج عن الخلاف وقال الترمذي رحمه الله تعالى العمل على ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وهو القصر وهو قول محمد ابن سحنون ورواية عن مالك وأحمد وهو قول الثوري وحماد وهو المنقول عن عمر وعلي وجابر وابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم وبهذا يرد على هذا القائل في قوله وهو قول جمهور الصحابة والتابعين وقال هذا القائل واحتج الشافعي على عدم الوجوب بأن المسافر إذا دخل في صلاة المقيم صلى أربعا باتفاقهم ولو كان فرضه القصر لم يأتم مسافر بمقيم والجواب عن هذا أن صلاة المسافر كانت أربعا عند اقتدائه بالمقيم لالتزامه المتابعة فيتغير فرضه للتبعية ولا يتغير في الركعتين الأخريين لأنه ما كان فرضا لا بد من إتيانه كله وليس له خيار في تركه وإيراد ابن بطال بأنا وجدنا واجبا يتخير بين الإتيان بجميعه أو ببعضه وهو لإقامة بمنى غير وارد لأن الإقامة بمنىً اختياره وليس هو مما نحن فيه لا يقال إن اقتداء المسافر بالمقيم باختياره لأنا نقول نعم باختياره ولكن عند الاقتداء يزول اختياره لضرورة التزام التبعية فافهم فإذا احتج الخصم بقوله تعالى فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة بأن لفظة لا جناح يدل على الإباحة لا على الوجوب فدل على أن القصر مباح أجبنا عنه بأن المراد من القصر المذكور هو القصر في الأوصاف من ترك القيام إلى القعود أو ترك الركوع والسجود إلى الإيماء لخوف العدو بدليل أنه علق ذلك بالخوف إذ قصر الأصل غير متعلق بالخوف بالإجماع بل متعلق بالسفر وعندنا قصر الأوصاف عند الخوف مباح لا واجب مع أن رفع الجناح في النص لدفع توهم النقصان في صلاتهم بسبب دوامهم على الإتمام في الحضر وذلك مظنة توهم النقصان فرفع ذلك عنهم وإن احتج بما رواه مسلم والأربعة عن يعلى بن أمية قال قلت لعمر رضي الله تعالى عنه الحديث وقد مضى عن قريب ووجه التعلق به أنه علق القصر بالقبول وسماه صدقة والمتصدق عليه مخير في قبول الصدقة فلا يلزمه القبول حتما". واعتذروا لعثمان رضي الله عنه بمعاذير منها ما قاله أبو نعيم الأصبهاني في الإمامة (ص312) :" إن الذي حمل عثمان رضي الله عنه على الإتمام ، أنه بلغه أن قوماً، من الأعراب ممن شهدوا معه الصلاة بمنى، رجعوا إلى قومهم فقالوا: الصلاة ركعتان كذلك صليناها مع أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه بمنى، فلأجل ذلك صلى أربعاً ليعلمهم ما يستنوا به، للخلاف والاشتباه" . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود(6/207ح1713) مبينا السبب الذي دعا عثمان إلى الإتمام:" عن الزهري: أن عثمان بن عَفَّان أتمَّ الصلاة بمنىً؛ من أجل الأعراب؛ لأنهم كَثُرُوا عامَئِذ، فصلى بالناس أربعاً؛ ليُعلِمَهُم أن الصلاة أربعٌ. (قلت: إسناده حسن لغيره، وقد قواه الحافظ) وبعد أن بيّن الألباني طرق الحديث قال " وعن ابن جريج. أن أعرابياً ناداه في منى. يا أمير المؤمنين! ما زلتُ أصليها منذ رأيتك عامَ أولَ ركعتين. وهذه طرق يُقَوِّي بعضها بعضاً ". وبسبب إتمام عثمان ومتابعة ابن مسعود له مع أن الأحاديث قد بينت أن صلاة السفر ركعتان اختلف العلماء في ذلك؛ فقال النووي في شرح صحيح مسلم5/195 :" اختلف العلماء في القصر في السفر فقال الشافعي ومالك بن أنس وأكثر العلماء يجوز القصر والإتمام والقصر أفضل ولنا قول أن الإتمام أفضل ووجه أنهما سواء والصحيح المشهور أن القصر أفضل وقال أبو حنيفة وكثيرون القصر واجب ولا يجوز الإتمام ويحتجون بهذا الحديث وبأن أكثر فعل النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه كان القصر واحتج الشافعي وموافقوه بالأحاديث المشهورة في صحيح مسلم وغيره أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسافرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم القاصر ومنهم المتم ومنهم الصائم ومنهم المفطر لا يعيب بعضهم على بعض وبأن عثمان كان يتم وكذلك عائشة وغيرها وهو ظاهر قول الله عز و جل فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة وهذا يقتضي رفع الجناح والإباحة وأما حديث فرضت الصلاة ركعتين فمعناه فرضت ركعتين لمن أراد الاقتصار عليهما فزيد في صلاة الحضر ركعتان على سبيل التحتيم وأقرت صلاة السفر على جواز الاقتصار وثبتت دلائل جواز الإتمام فوجب المصير إليها والجمع بين دلائل الشرع قوله فقلت لعروة ما بال عائشة تتم في السفر فقال أنها تأولت كما تأول عثمان؛ واختلف العلماء في تأويلهما فالصحيح الذي عليه المحققون أنهما رأيا القصر جائزا والإتمام جائزا فأخذا بأحد الجائزين وهو الإتمام وقيل لأن عثمان إمام المؤمنين وعائشة أمهم فكأنهما في منازلهما وأبطله المحققون بأن النبي صلى الله عليه و سلم كان أولى بذلك منهما وكذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وقيل لان عثمان تأهل بمكة وأبطلوه بأن النبي صلى الله عليه و سلم سافر بأزواجه وقصر وقيل فعل ذلك من أجل الأعراب الذين حضروا معه لئلا يظنوا أن فرض الصلاة ركعتان أبدا حضرا وسفرا وأبطلوه بأن هذا المعنى كان موجودا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بل اشتهر أمر الصلاة في زمن عثمان أكثر مما كان وقيل لان عثمان نوى الإقامة بمكة بعد الحج وأبطلوه بأن الإقامة بمكة حرام على المهاجر فوق ثلاث وقيل كان لعثمان أرض بمنى وأبطلوه بان ذلك لا يقتضي الإتمام والإقامة والصواب الأول". ولما ولي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه الخلافة قصر الصلاة في الحج حتى أنكر عليه مروان وغيره. وأما تأويل عائشة رضي الله عنها فقد قال الشوكاني في السيل الجرار1/306:" أقول لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم في جميع أسفاره إلا القصر وذلك في الصحيحين وغيرهما وأظهر الأدلة على الوجوب الحديث الثابت عن عائشة في الصحيحين وغيرهما بلفظ فرضت الصلاة ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر فهذا أخبار بأن صلاة السفر أقرت على ما فرضت عليه فمن زاد فيها فهو كمن زاد على أربع في صلاة الحضر ولا يصح التعلق بما روي عنها أنها كانت تتم فإن ذلك لا تقوم به الحجة بل الحجة في روايتها لا في رأيها". ويناقش شيخ الإسلام اعتذار عائشة فيقول في مجموع الفتاوى ج24/ص153:" عروة يروى عنها أنها اعتذرت عن إتمامها بأنها قالت لا يشق على وقال إنها تأولت كما تأول عثمان فدل ذلك على أن إتمامها كان بتأويل من اجتهادها ولو كان النبي قد حسن لها الإتمام أو كان هو قد أتم لكانت قد فعلت ذلك اتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك عثمان ولم يكن ذلك مما يتأول بالاجتهاد ثم إن هذا الحديث أقوى ما اعتمد عليه من الحديث من قال بالإتمام في السفر وقد عرف أنه باطل فكيف بما هو أبطل منه وهو كون النبي كان يتم في السفر ويقصر وهذا خلاف المعلوم بالتواتر من سنته التي اتفق عليها أصحابه نقلا عنه وتبليغا إلى أمته لم ينقل عنه قط أحد من أصحابه أنه صلى في السفر أربعا بل تواترت الأحاديث عنهم انه كان يصلى في السفر ركعتين هو وأصحابه................ ولو كان عند عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك سنة لكانت تحتج بها ولو كان ذلك معروفا من فعله لم تكن عائشة أعلم بذلك من أصحابه الرجال الذين كانوا يصلون خلفه دائما في السفر فإن هذا ليس مما تكون عائشة أعلم به من غيرها من الرجال كقيامه بالليل واغتساله من الإكسال فضلا عن أن تكون مختصة بعلمه بل أمور السفر أصحابه أعلم بحاله فيها من عائشة لأنها لم تكن تخرج معه في كل أسفاره فإنه قد ثبت في الصحيح عنها أنها قالت كان رسول الله إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيهن خرج سهمها خرج بها معه فإنما كان يسافر بها أحيانا وكانت تكون مخدرة في خدرها وقد ثبت عنها في الصحيح أنها لما سألها شريح بن هانئ عن المسح على الخفين قالت سل عليا فإنه كان يسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم هذا والمسح على الخفين أمر قد يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في منزله في الحضر فتراه دون الرجال بخلاف الصلاة المكتوبة فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصليها في الحضر ولا في السفر إلا إماما بأصحابه إلا أن يكون له عذر من مرض أو غيبة لحاجة كما غاب يوم ذهب ليصلح بين أهل قباء وكما غاب في السفر للطهارة فقدموا عبد الرحمن بن عوف فصلى بهم الصبح ولما حضر النبي حسن ذلك وصوبه . وإذا كان الإتمام إنما كان والرجال يصلون خلفه فهذا مما يعلمه الرجال قطعا وهو مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله فإن ذلك مخالف لعادته في عامة أسفاره فلو فعله أحيانا لتوفرت هممهم ودواعيهم على نقله كما نقلوا عنه المسح على الخفين لما فعله وإن كان الغالب عليه الوضوء وكما نقلوا عنه الجمع بين الصلاتين أحيانا وان كان الغالب عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها الخاص مع أن مخالفة سنته اظهر من مخالفة بعض الوقت لبعض فإن الناس لا يشعرون بمرور الأوقات كما يشعرون بما يشاهدونه من اختلاف العذر فإن هذا أمر يرى بالعين لا يحتاج إلى تأمل واستدلال بخلاف خروج وقت الظهر وخروج وقت المغرب فإنه يحتاج إلى تأمل". والصحيح ما فعله معاوية رضي الله عنه فقد قال ابن حجر في فتح الباري2/571:" عَنْ عَبَّاد بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَة حَاجًّا صَلَّى بِنَا الظُّهْر رَكْعَتَيْنِ بِمَكَّة، ثُمَّ اِنْصَرَفَ إِلَى دَار النَّدْوَة، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَرْوَان وَعَمْرو بْن عُثْمَان فَقَالَا: لَقَدْ عِبْت أَمْر اِبْن عَمّك لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَتَمَّ الصَّلَاة.قَالَ : وَكَانَ عُثْمَان حَيْثُ أَتَمَّ الصَّلَاة إِذَا قَدِمَ مَكَّة صَلَّى بِهَا الظُّهْر وَالْعَصْر وَالْعِشَاء أَرْبَعًا أَرْبَعًا، ثُمَّ إِذَا خَرَجَ إِلَى مِنًى وَعَرَفَة قَصَرَ الصَّلَاة، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجّ وَأَقَامَ بِمِنًى أَتَمَّ الصَّلَاة. وَقَالَ اِبْن بَطَّال: الْوَجْه الصَّحِيح فِي ذَلِكَ أَنَّ عُثْمَان وَعَائِشَة كَانَا يَرَيَانِ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَصَرَ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِالْأَيْسَرِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أُمَّته، فَأَخَذَا لِأَنْفُسِهِمَا بِالشِّدَّةِ. وَهَذَا رَجَّحَهُ جَمَاعَة مِنْ آخِرهمْ الْقُرْطُبِيّ، لَكِنْ الْوَجْه الَّذِي قَبْله أَوْلَى لِتَصْرِيحِ الرَّاوِي بِالسَّبَبِ". ومما يدلل على أن صلاة السفر ركعتان ما ذكره الأشبيلي في الأحكام الشرعية الكبرى ج2/ص340:" عن حفص بن عمر قال صحبت ابن عمر في طريق مكة قال في فصلى لنا الظهر ركعتين ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلس وجلسنا معه فحانت منه التفاته نحو حيث صلى فرأى ناسا قياما فقال ما يصنع هؤلاء قلت يسبحون قال لو كنت مسبحا لأتممت صلاتي يا ابن أخي إني صحبت رسول الله". قال المباركفوري في تحفة الأحوذي ج3/ص86:" قلت من شأن متبعي السنن النبوية ومقتفي الاثار المصطفوية أن يلازموا القصر في السفر كما لازمه صلى الله عليه وسلم ولو كان القصر غير واجب فاتباع السنة في القصر في السفر هو المتعين ولا حاجة لهم أن يتموا في السفر ويتأولوا كما تأولت عائشة وتأول عثمان رضي الله عنهما هذا ما عندي والله تعالى أعلم". قلت ( أبو الحسين ): والدليل على أن عائشة رضي الله عنها كانت ترى جواز الإتمام ما رواه البيهقي في السنن الكبرى(ح5215) :" عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها : كانت تصلي في السفر أربعا فقلت لها لو صليت ركعتين فقالت يا بن أختي إنه لا يشق علي". ولهذا قال البيهقي في معرفة السنن والآثار4/473:" وهذا يدل أنها تأولت ما قاله الشافعي وإلى مثل ذلك ذهب عثمان بن عفان في الإتمام قال الشافعي في رواية أبي سعيد: ولو كان فرض الصلاة في السفر ركعتين، لم يتمها إن شاء الله منهم أحد ولم يتمها ابن مسعود في منزله، ولم يجز أن يتمها مسافر مع مقيم". ولا يعارضه قولها " أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فزيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر". فقد قال البيهقي في معرفة السنن والآثار :" قال الشافعي في رواية أبي عبد الله : معناه أن صلاة المسافر أقرت على ركعتين إن شاء وذلك ؛ لأنها أتمت في السفر". قلت ( أبو الحسين ):" هذا تأويل بعيد لدوام النبي صلى الله عليه وسلم على القصر ولم يرد عنه ولو مرة أنه صلى أربعا؛ والله أعلم والخطابي يرد ذلك ويبيّن أن وجوب القصر مذهب الجمهور. قال الخطابي في معالم السنن1/227:" وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة فكان أكثر مذاهب علماء السلف وفقهاء الأمصار على أن القصر هو الواجب في السفر وهو قول عمر وعلي وابن عمر وجابر وابن عباس وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز والحسن وقتادة، وقال حماد بن أبي سليمان يعيد من صلى في السفر أربعا، وقال مالك بن أنس يعيد ما دام في الوقت وقال أحمد بن حنبل السنة ركعتان، وقال مرة أنا أحب العافية من هذه المسألة. وقال أصحاب الرأي إن لم يقعد المسافر في التشهد في الركعتين فصلاته فاسدة لأن فرضه ركعتان فما زاد عليهما كان تطوعا فإن لم يفصل بينهما بالقعود بطلت صلاته" . وربما يستدل بعض العلماء على جواز القصر والإتمام بالآية (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) لكن القصر قصر الصفة لا العدد. قال الشنقيطي في أضواء البيان ج1/ص248: قال بعض العلماء المراد بالقصر في قوله أن تقصروا في هذه الآية قصر كيفيتها لا كميتها ومعنى قصر كيفيتها أن يجوز فيها من الأمور ما لا يجوز في صلاة الأمن كأن يصلي بعضهم مع الإمام ركعة واحدة ويقف الإمام حتى يأتي البعض الآخر فيصلي معهم الركعة الأخرى وكصلاتهم إيماء رجالا وركبانا وغير متوجهين إلى القبلة فكل هذا من قصر كيفيتها ويدل على أن المراد هو هذا القصر من كيفيتها. وقوله تعالى بعده يليه مبينا له وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم وقوله تعالى فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ويزيده إيضاحا أنه قال هنا فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة وقال في آية البقرة فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون لأن معناه فإذا أمنتم فأتموا كيفيتها بركوعها وسجودها وجميع ما يلزم فيها مما يتعذر وقت الخوف وعلى هذا التفسير الذي دل له القرءان فشرط الخوف في قوله إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا معتبر أي وإن لم تخافوا منهم أن يفتنوكم فلا تقصروا من كيفيتها بل صلوها على أكمل الهيئات كما صرح به في قوله فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة وصرح باشتراط الخوف أيضا لقصر كيفيتها بأن يصليها الماشي والراكب بقوله فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ثم قال فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم يعني فإنه أمنتم فأقيموا صلاتكم كما أمرتكم بركوعها وسجودها وقيامها وقعودها على أكمل هيئة وأتمها وخير ما يبين القرآن القرآن ويدل على أن المراد بالقصر في هذه الآية القصر من كيفيتها كما ذكرنا أن البخاري صدر باب صلاة الخوف بقوله باب صلاة الخوف وقوله الله تعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا وما ذكره ابن حجر وغيره من أن البخاري ساق الآيتين في الترجمة ليشير إلى خروج صلاة الخوف عن هيئة بقية الصلوات بالكتاب قولا وبالسنة فعلا لا ينافي ما أشرنا إليه من أنه ساق الآيتين في الترجمة لينبه على أن قصر الكيفية الوارد في أحاديث الباب هو المراد بقصر الصلاة في قوله فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ويؤيده أيضا أن قصر عددها لا يشترط فيه الخوف وقد كان صلى الله عليه وسلم يقصر هو وأصحابه في السفر وهم في غاية الأمن كما وقع في حجة الوداع وغيرها وكما قال صلى الله عليه وسلم لأهل مكة أتموا فإنا قوم سفر وممن قال بأن المراد بالقصر في هذه الآية قصر الكيفية لا الكمية مجاهد والضحاك والسدي نقله عنهم ابن كثير وهو قول أبي بكر الرازي الحنفي ونقل ابن جرير نحوه عن ابن عمر ولما نقل ابن كثير هذا القول عمن ذكرنا قال واعتضدوا بما رواه الإمام مالك عن صالح بن كيسان عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في السفر والحضر فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر وقد روى هذا الحديث البخاري عن عبد الله بن يوسف التنيسي ومسلم عن يحيى بن يحيى وأبو داود عن القعنبي والنسائي عن قتيبة أربعتهم عن مالك به قالوا فإذا كان أصل الصلاة في السفر اثنتين فكيف يكون المراد بالقصر هنا قصر الكمية لأن ما هو الأصل لا يقال فيه فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلوات وأصرح من ذلك دلالة على هذا ما رواه الإمام أحمد حدثنا وكيع وسفيان وعبد الرحمن عن زبيد اليامي عن عبد الرحمان بن أبي ليلى عن عمر رضي الله عنه قال صلاة السفر ركعتان وصلاة الأضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وهكذا رواه النسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه من طرق عن زبيد اليامي به وهذا إسناد على شرط مسلم وقد حكم مسلم في مقدمة كتابه بسماع ابن أبي ليلى عن عمر وقد جاء مصرحا به في هذا الحديث وغيره وهو الصواب أن شاء الله تعالى وإن كان يحيى بن معين وأبو حاتم والنسائي قد قالوا إنه لم يسمع منه وعلى هذا أيضا فقال فقد وقع في بعض طرق أبي يعلى الموصلي من طريق الثوري عن زبيد عن عبد الرحمان بن أبي ليلى عن الثقة عن عمر فذكره وعند ابن ماجه من طريق يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن زبيد عن عبد الرحمان عن كعب بن عجرة عن عمر فالله أعلم وقد روى مسلم في صحيحه وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري زاد مسلم والنسائي وأيوب بن عائذ كلاهما عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن عبد الله بن عباس قال فرض الله الصلاة على لسان نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة فكما يصلى في الحضر قبلها وبعدها فكذلك يصلى في السفر ". ويزيد شيخ الإسلام أمر القصر ويوضحه فيقول في القواعد النورانية ج1/ص34:" فأباح الله القصر من عددها والقصر من صفتها ولهذا علقه بشرطين السفر و الخوف فالسفر يبيح قصر العدد فقط كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ولهذا كانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المتواترة التي اتفقت الأمة على نقلها عنه أنه كان يصلي الرباعية في السفر ركعتين ولم يصلها في السفر أربعا قط ولا أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما لا في الحج و لا في العمرة و لا في الجهاد والخوف يبيح قصر صفتها". ومن العلماء من يستدل بجواز الأمرين القصر والإتمام بما جاء في صحيح مسلم ج1/ص478:" عن يعلي بن أُمَيَّةَ قال قلت لِعُمَرَ بن الْخَطَّابِ فليس عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا من الصَّلَاةِ إن خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَقَدْ أَمِنَ الناس فقال عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ منه فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ الله بها عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ". لكن هذه الصدقة من الله فلا ينبغي ردها والواجب قبولها قال الشوكاني في فتح القدير 1/507:" وظاهر قوله فاقبلوا صدقته أن القصر واجب". وقال الشوكاني أيضا في نيل الأوطار ج3/ص247:" صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بها عَلَيْكُمْ فإن الظَّاهِرَ من قَوْلِهِ صَدَقَةٌ أَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ فَقَطْ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِقَبُولِهَا يَدُلُّ على أَنَّهُ لا مَحِيصَ عنها وهو الْمَطْلُوبُ .... وَهَذَا النِّزَاعُ في وُجُوبِ الْقَصْرِ وَعَدَمِهِ وقد لاحَ من مَجْمُوعِ ما ذَكَرْنَا رُجْحَانُ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ . وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّ التَّمَام أَفْضَلُ فَمَدْفُوعَةٌ بِمُلازَمَتِهِ لِلْقَصْرِ في جَمِيعِ أَسْفَارِهِ وَعَدَمِ صُدُورِ التَّمَامِ عنه كما تَقَدَّمَ وَيَبْعُدُ أَنْ يُلازِمَ طُولَ عُمْرِهِ الْمَفْضُولَ وَيَدَعَ الْأَفْضَلَ ". وقال الجصاص في أحكام القرآن 3/231:" صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته يعني إن الله قد أسقط عنكم في السفر فرض الركعتين في حال الخوف والأمن جميعا وقد روى عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة السفر أنها تمام غير قصر فجائز أن يكون ظن أن قصر الخوف هو في عدد الركعات فلما سمعه يقول صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر علم أن قصر الآية إنما هو في صفة الصلاة لا في عدد الركعات وإذا صح بما وصفنا أن المراد بالقصر ما ذكرنا لم تكن في الآية دلالة على فرض المسافر ولا على أنه مخير بين الإتمام والقصر إذ لا ذكر له في الآية....... قد بينا أنه ليس في الآية حكم القصر في أعداد الركعات ولم يختلف الناس في قصر النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره كلها في حال الأمن والخوف فثبت أن فرض المسافر ركعتان بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وبيانه لمراد الله تعالى قال عمر بن الخطاب سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن القصر في حال الأمن فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته وصدقة الله علينا هي إسقاطه عنا فدل ذلك على أن الفرض ركعتان وقوله فاقبلوا صدقته يوجب ذلك لأن الأمر للوجوب فإذا كنا مأمورين بالقصر فالإتمام منهي عنه وقال عمر بن الخطاب صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم فأخبر أن الفرض ركعتان وأنه ليس بقصر بل هو تمام كما ذكر صلاة الفجر والجمعة والأضحى والفطر وعزا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فصار ذلك بمنزلة قول النبي صلى الله عليه وسلم صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر وذلك ينفي التخيير بين القصر والإتمام وروي عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسافرا صلى ركعتين حتى يرجع وروى علي بن زيد عن أبي نضرة عن عمران بن حصين قال حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يصلي ركعتين حتى يرجع إلى المدينة وأقام بمكة ثماني عشرة لا يصلي إلا ركعتين وقال لأهل مكة صلوا أربعا فإنا قوم سفر وقال ابن عمر صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين وصحبت أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم في السفر فلم يزيدوا على ركعتين حتى قبضهم الله تعالى وقد قال الله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة...... وقال مورق العجلي سئل ابن عمر عن الصلاة في السفر فقال ركعتين ركعتين من خالف السنة كفر فهذه أخبار متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في فعل الركعتين في السفر لا زيادة عليهما وفي ذلك الدلالة من وجهين على أنهما فرض المسافر أحدهما أن فرض الصلاة مجمل في الكتاب مفتقر إلى البيان وفعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا ورد على وجه البيان فهو كبيانه بالقول يقتضي الإيجاب وفي فعله صلاة السفر ركعتين بيان منه أن ذلك مراد الله كفعله لصلاة الفجر ". ولكن ابن العربي يذهب إلى أن القصر رخصة لا عزيمة فيقول في أحكام القرآن ج1/ص617:" وفي الصحيح عن حارثة بن وهب قال صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم بمنى آمن ما كان الناس وأكثره ركعتين فهؤلاء لما جهلوا القرآن والسنة تكلموا برأيهم في كتاب الله وهذا نوع عظيم من تكلف القول في كتاب الله تعالى بغير علم وقول مذموم وليس بعد قول عمر وابن عمر مطلب لأحد إلا لجاهل متعسف أو فارغ متكلف أو مبتدع متخلف وهذا كله يبين لك أن القصر فضل من الله سبحانه ورخصة لا عزيمة". وهو قول الشافعي أيضا نقله البيهقي في سنن الصغرى ج1/ص345:" صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته؛ قال الشافعي رحمه الله فدل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن القصر في السفر بلا خوف صدقة من الله والصدقة رخصة لا حتم من الله أن يقصروا وأن عائشة قالت كل ذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم في السفر وقصر ". وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار ج1/ص415:" احْتَجُّوا بِالآيَةِ الْمَذْكُورَةِ فيه وهى قَوْلُ اللَّهِ عز وجل وإذا ضَرَبْتُمْ في الأَرْضِ الآيَةَ قالوا فَذَلِكَ على الرُّخْصَةِ من اللَّهِ عز وجل لهم في التَّقْصِيرِ لاَ على الْحَتْمِ عليهم بِذَلِكَ وهو كَقَوْلِهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا فَذَلِكَ على التَّوْسِعَةِ منه لهم في الْمُرَاجَعَةِ لاَ على إيجَابِهِ ذلك عليهم فَكَانَ من حُجَّتِنَا عليهم لِأَهْلِ الْمَقَالَةِ الأخرى أَنَّ هذا اللَّفْظَ قد يَكُونُ على ما ذَكَرُوا وَيَكُونُ على غَيْرِ ذلك قال اللَّهُ تَعَالَى فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أو اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عليه أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَذَلِكَ على الْحَتْمِ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُ ليس لِأَحَدٍ حَجَّ أو أعتمر أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا فلما كان نفى الْجُنَاحِ قد يَكُونُ على التَّخْيِيرِ وقد يَكُونُ على الإِيجَابِ لم يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ على ذلك على أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ دُونَ الْمَعْنَى الآخَرِ إلَّا بِدَلِيلٍ يَدُلُّهُ على ذلك من كِتَابٍ أو سُنَّةٍ أو إجْمَاعٍ وقد جَاءَتْ الآثَارُ مُتَوَاتِرَةً عن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَقْصِيرِهِ في أَسْفَارِهِ كُلِّهَا". ومن العلماء من يرى الرخصة في القصر بما رواه ابن أبي شيبة2/349 :" عن أبي نجيح المكي قال اصطحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في السير فكان بعضهم يتم وبعضهم يقصر وبعضهم يصوم وبعضهم يفطر فلا يعيب هؤلاء على هؤلاء ولا هؤلاء على هؤلاء". وهذا الحديث عزاه النووي لمسلم حيث قال في شرحه على صحيح مسلم5/194 :" احتج الشافعي وموافقوه بالأحاديث المشهورة في صحيح مسلم وغيره أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسافرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم القاصر ومنهم المتم ومنهم الصائم ومنهم المفطر لا يعيب بعضهم على بعض". لكن استدرك عليه المباركفوري بل الشوكاني كما في تحفة الأحوذي ج3/ص86:" قال الشوكاني في النيل لم نجد في صحيح مسلم قوله فمنهم القاصر ومنهم المتم وليس فيه إلا أحاديث الصوم والإفطار انتهى قلت لم نجد أيضا هذا اللفظ في صحيح مسلم". والذي في صحيح مسلم ج2/ص787:" عن عَاصِمٍ قال سمعت أَبَا نَضْرَةَ يحدث عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَجَابِرِ بن عبد اللَّهِ رضي الله عَنْهُمْ قالا سَافَرْنَا مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَصُومُ الصَّائِمُ وَيُفْطِرُ الْمُفْطِرُ فلا يَعِيبُ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ". فليس فيه إلا الصوم والإفطار كما ترى.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-05-2011, 08:00 AM
أبو الحسين الحسيني أبو الحسين الحسيني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 154
شكراً: 1
تم شكره 5 مرة في 4 مشاركة
افتراضي

قال الشيخ الألباني في إرواء الغليل 3/8:" روى الدارقطني ومن طريقه البيهقي (3/141) عن عطاء بن أبي رباح عن عائشةأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في السفر ويتم ويفطر ويصوم". وقال: هذا إسناد صحيح. قلت: ورجاله كلهم ثقات غير ابن ثواب فإني لم أجد له ترجمة في " غير تاريخ بغداد " ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال كما سبق بيانه في حديث " لا يمس القرآن إلا طاهر " رقم ( 122 ) فلا تطمئن النفس لصحة هذا الحديث وهذا إذا كانت بلفظ : ( يتم ) و ( يصوم ) أي النبي صلى الله عليه وسلم كما وقع ذلك في السنن المطبوعة أما إذا كانت بلفظ " وتتم " و " تصوم " كما أورده الحافظ في ( التلخيص ) ( ص 128 ) مصرحا ومقيدا له بأنه بالمثناة من فوق فلا إشكال حينئذ لأن المعنى أن عائشة هي التي كانت تتم وهذا عنها صحيح كما سبق . ولكن فيما أورده الحافظ نظر عندي لأن الرواية في السنن كما ذكرنا بالمثناة التحتية وكذلك في " تحقيق ابن الجوزي" " ونصب الراية " للزيلعي (2/192) من طريق الدارقطني . ومن الغريب أن الحافظ مع إيراده ما سبق قال عقب ذلك : " وقد استنكره أحمد وصحته بعيدة فإن عائشة كانت تتم وذكر عروة أنها تأولت ما تأول عثمان كما في الصحيح فلو كان عندها عن النبي صلى الله عليه وسلم رواية لم يقل عروة عنها أنها تأولت وقد ثبت في الصحيحين خلاف ذلك "

لكن شيخ الإسلام يفند جواز الأمرين فيقول في مجموع الفتاوى ج24/ص97:" ومن قال يجوز الأمران فعمدتهم قوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا قالوا وهذه العبارة إنما تستعمل في المباح لا في الواجب كقوله ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وقوله لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ونحو ذلك واحتجوا من السنة بما تقدم من أن النبي حسن لعائشة إتمامها وبما روى من أنه فعل ذلك واحتجوا بأن عثمان أتم الصلاة بمنى بمحضر الصحابة فأتموا خلفه وهذه كلها حجج ضعيفة".
وابن حزم يرى أن المسافر يقصر وراء المقيم وجوبا ذكر ذلك الشيخ الألباني في الصحيحة(ح2676):" هذا ولقد شذ في هذه المسألة ابن حزم كعادته في كثير غيرها ، فقد ذهب إلى وجوب قصر المسافر وراء المقيم ، واحتج بالأدلة العامة القاضية بأن صلاة المسافر ركعتان ، كما جاء في أحاديث كثيرة صحيحة. وليس بخاف على أهل العلم أن ذلك لا يفيد فيما نحن فيه".
وينقل الشوكاني حجج الفريقين في نيل الأوطار3/246:" ( احتج القائلون ) بوجوب القصر بحجج :
الأولى : ملازمته صلى الله عليه و سلم للقصر في جميع أسفاره كما في حديث ابن عمر المذكور في الباب ولم يثبت عنه صلى الله عليه و سلم أنه أتم الرباعية في السفر البتة كما قال ابن القيم وأما حديث عائشة الآتي المشتمل على أنه صلى الله عليه و سلم أتم الصلاة في السفر فسيأتي أنه لم يصح ويجاب عن هذه الحجة بأن مجرد الملازمة لا يدل على الوجوب كما ذهب إلى ذلك جمهور أئمة الأصول وغيرهم
الحجة الثانية: حديث عائشة المتفق عليه بألفاظ منها فرضت الصلاة ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر وهو دليل ناهض على الوجوب لأن صلاة السفر إذا كانت مفروضة ركعتين لم تجز الزيادة عليها كما أنها لا تجوز الزيادة على أربع في الحضر وقد أجيب عن هذه الحجة بأجوبة :
منها: أن الحديث من قول عائشة غير مرفوع وأنها لم تشهد زمان فرض الصلاة وأنه لو كان ثابتا لنقل تواترا وقد قدمنا الجواب عن هذه الأجوبة في أول كتاب الصلاة في الموضع الذي ذكر فيه المصنف حديث عائشة
ومنها: أن المراد بقولها فرضت أي قدرت وهو خلاف الظاهر
ومنها: ما قال النووي أن المراد بقولها فرضت يعني لمن أراد الاقتصار عليهما فزيد في صلاة الحضر ركعتان على سبيل التحتم وأقرت صلاة السفر على جواز الاقتصار وهو تأويل متعسف لا يعول على مثله
ومنها: المعارضة لحديث عائشة بأدلتهم التي تمسكوا بها في عدم وجوب القصر وسيأتي ويأتي الجواب عنها
الحجة الثالثة: ما في صحيح مسلم عن ابن عباس أنه قال : ( إن الله عز و جل فرض الصلاة على لسان نبيكم على المسافر ركعتين وعلى المقيم أربعا والخوف ركعة ) فهذا الصحابي الجليل قد حكى عن الله عز و جل أنه فرض صلاة السفر ركعتين وهو أتقى لله وأخشى من أن يحكي أن الله فرض ذلك بلا برهان
والحجة الرابعة: حديث عمر عند النسائي وغيره : ( صلاة الأضحى ركعتان وصلاة الفجر ركعتان وصلاة الفطر ركعتان وصلاة المسافر ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ) وهو يدل على أن صلاة السفر مفروضة كذلك من أول الأمر وأنها لم تكن أربعا ثم قصرت . وقوله : ( على لسان محمد ) تصريح بثبوت ذلك من قوله صلى الله عليه و سلم
الحجة الخامسة: حديث ابن عمر: ( أمرنا أن نصلي ركعتين في السفر )
( واحتج القائلون ) بأن القصر رخصة والتمام أفضل بحجج :
الأولى منها: قول الله تعالى { ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة } ونفي الجناح لا يدل على العزيمة بل على الرخصة وعلى أن الأصل التمام والقصر إنما يكون من شيء أطول منه . وأجيب بأن الآية وردت في قصر الصفة في صلاة الخوف لا في قصر العدد لما علم من تقدم شرعية قصر العدد . قال في الهدى وما أحسن ما قال : وقد يقال إن الآية اقتضت قصرا يتناول قصر الأركان بالتخفيف وقصر العدد بنقصان ركعتين وقيد ذلك بأمرين : الضرب في الأرض والخوف . فإذا وجد الأمران أبيح القصران فيصلون صلاة خوف مقصورا عددها وأركانها وإن انتفى الأمران وكانوا آمنين مقيمان انتفى القصران فيصلون صلاة تامة كاملة وإن وجد أحد السببين ترتب عليه قصره وحده فإن وجد الخوف والإقامة قصرت الأركان واستوفى العدد وهذا نوع قصر وليس بالقصر المطلق في الآية وإن وجد السفر والأمن قصر العدد واستوفيت الأركان وصليت صلاة أمن وهذا أيضا نوع قصر وليس بالقصر المطلق وقد تسمى هذه الصلاة مقصورة باعتبار نقصان العدد وقد تسمى تامة باعتبار تمام أركانها وإن لم تدخل في الآية .
الحجة الثانية : قوله صلى الله عليه و سلم في حديث الباب : ( صدقة تصدق الله بها عليكم ) فإن الظاهر من قوله صدقة أن القصر رخصة فقط . وأجيب بأن الأمر بقبولها يدل على أنه لا محيص عنها وهو المطلوب
الحجة الثالثة: ما في صحيح مسلم وغيره أن الصحابة كانوا يسافرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم القاصر ومنهم المتم ومنهم الصائم ومنهم المفطر لا يعيب بعضهم على بعض كذا قال النووي في شرح مسلم ولم نجد في صحيح مسلم قوله (فمنهم القاصر ومنهم المتم ) وليس فيه إلا أحاديث الصوم والإفطار وإذا ثبت ذلك فليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وقررهم عليه وقد نادت أقواله وأفعاله بخلاف ذلك وقد تقرر أن إجماع الصحابة في عصره صلى الله عليه وآله وسلم ليس بحجة والخلاف بينهم في ذلك مشهور بعد موته وقد أنكر جماعة منهم علي وعثمان لما أتم بمنى وتأولوا له تأويلات
قال ابن القيم: أحسنها أنه كان قد تأهل بمنى والمسافر إذا أقام في موضع وتزوج فيه أو كان له به زوجة أتم وقد روى أحمد عن عثمان أنه قال: ( أيها الناس لما قدمت تأهلت بها وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: إذا تأهل رجل ببلد فليصل به صلاة مقيم ) ورواه أيضا عبد الله بن الزبير الحميدي في مسنده أيضا. وقد أعله البيهقي بانقطاعه وتضعيفه عكرمة بن إبراهيم وسيأتي الكلام عليه
الحجة الرابعة : حديث عائشة الآتي وسيأتي الجواب عنه وهذا النزاع في وجوب القصر وعدمه وقد لاح من مجموع ما ذكرنا رجحان القول بالوجوب . وأما دعوى أن التمام أفضل فمدفوعة بملازمته صلى الله عليه و سلم للقصر في جميع أسفاره وعدم صدور التمام عنه كما تقدم ويبعد أن يلازم صلى الله عليه و سلم طول عمره المفضول ويدع الأفضل".
وأما حديث عائشة قالت : ( خرجت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عمرة في رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت فقلت: بأبي وأمي أفطرت وصمت وقصرت وأتممت فقال: أحسنت يا عائشة ) رواه الدارقطني وقال : هذا إسناد حسن
وعن عائشة: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقصر في السفر ويتم ويفطر ويصوم ) رواه الدارقطني وقال : إسناد صحيح .
قال الشوكاني في نيل الأوطار:" الحديث الأول أخرجه أيضا النسائي والبيهقي بزيادة : (أن عائشة اعتمرت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم من المدينة إلى مكة حتى إذا قدمت مكة قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله أتممت وقصرت ) الحديث . وفي إسناده العلاء بن زهير عن عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي عنها والعلاء بن زهير قال ابن حبان: كان يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات فبطل الاحتجاج به فيما لم يوافق الأثبات وقال ابن معين: ثقة. وقد اختلف في سماع عبد الرحمن منها فقال الدارقطني: أدرك عائشة ودخل عليها وهو مراهق. قال الحافظ : وهو كما قال ففي تاريخ البخاري وغيره ما يشهد لذلك. وقال أبو حاتم: أدخل عليها وهو صغير ولم يسمع منها. وادعى ابن أبي شيبة والطحاوي ثبوت سماعه منها وفي رواية الدارقطني عن عبد الرحمن عن أبيه عن عائشة. قال أبو بكر النيسابوري: من قال فيه عن عائشة فقد أخطأ واختلف قول الدارقطني فيه فقال في السنن: إسناده حسن وقال في العلل: المرسل أشبه. قال في البدر المنير: إن في متن هذا الحديث نكارة وهو كون عائشة خرجت معه في عمرة رمضان والمشهور أنه صلى الله عليه و سلم لم يعتمر إلا أربع عمر ليس منهن شيء في رمضان بل كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته فكان إحرامها في ذي القعدة وفعلها في ذي الحجة.
قال: هذا المعروف في الصحيحين وغيرهما قال: وتمحل بعض شيوخنا الحفاظ في الجواب عن هذا الإشكال فقال: لعل عائشة ممن خرج مع النبي صلى الله عليه و سلم في سفره عام الفتح وكان سفره ذلك في رمضان ولم يرجع من سفره ذلك حتى اعتمر عمرة الجعرانة فأشارت بالقصر والإتمام والفطر والصيام والعمرة إلى ما كان في تلك السفرة . قال : قال شيخنا وقد روي من حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه و سلم اعتمر في رمضان ثم رأيت بعد ذلك القاضي عياضا أجاب بهذا الجواب فقال : لعل هذه عملها في شوال وكان ابتداء خروجها في رمضان.
وظاهر كلام أبي حاتم ابن حبان أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر في رمضان فإنه قال في صحيحه : اعتمر صلى الله عليه و سلم أربع عمر الأولى عمرة القضاء سنة القابل من عام الحديبية وكان ذلك في رمضان ثم الثانية حيث فتح مكة وكان فتحها في رمضان ثم خرج منها قبل هوازن وكان من أمره ما كان فلما رجع وبلغ الجعرانة قسم الغنائم بها واعتمر منها إلى مكة وذلك في شوال واعتمر الرابعة في حجته وذلك في ذي الحجة سنة عشر من الهجرة . واعترض عليه الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي في كلام له على هذا الحديث وقال : وهم في هذا في غير موضع وذكر أحاديث في الرد عليه.
وقال ابن حزم : هذا حديث لا خير فيه وطعن فيه ورد عليه ابن النحوي . قال في الهدى بعد ذكره لهذا الحديث : وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول هذا حديث كذب على عائشة ولم تكن عائشة لتصلي بخلاف صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسائر الصحابة وهي تشاهدهم يقصرون ثم تتم هي وحدها بلا موجب كيف وهي القائلة فرضت الصلاة ركعتين فزيدت في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر فكيف يظن بها أنها تزيد على فرض الله وتخالف رسول الله وأصحابه.
وقال الزهري لهشام لما حدثه عن أبيه عنها بذلك : فما شأنها كانت تتم الصلاة قال : تأولت كما تأول عثمان فإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد حسن فعلها فأقرها عليه فما للتأويل حينئذ وجه ولا يصح أن يضاف إتمامها إلى التأويل على هذا التقدير وقد أخبر ابن عمر: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يزيد في السفر على ركعتين ولا أبو بكر ولا عمر ) أفيظن بعائشة أم المؤمنين مخالفتهم وهي تراهم يقصرون وأما بعد موته فإنها أتمت كما أتم عثمان وكلاهما تأول تأويلا والحجة في روايتهم لا في تأويل الواحد منهم مع مخالفة غيره له .
والحديث الثاني صحح إسناده الدارقطني كما ذكره المصنف قال في التلخيص: وقد استنكره أحمد وصحته بعيدة فإن عائشة كانت تتم . وذكر عروة أنها تأولت ما تأول عثمان كما في الصحيح فلو كان عندها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رواية لم يقل عروة عنها أنها تأولت . قال في الهدى بعد ذكر هذا الحديث : وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول هو كذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : وقد روى كان يقصر وتتم الأول بالياء آخر الحروف والثاني بالتاء المثناة من فوق وكذلك يفطر وتصوم قال قال شيخنا وهذا باطل ثم ذكر نحو الكلام السابق من استبعاد مخالفة عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة .
( وقد استدل ) بحديثي الباب القائلون بأن القصر رخصة وقد تقدم ذكرهم ويجاب عنهم بأن الحديث الثاني لا حجة فيه لهم لما تقدم من أن لفظ تتم وتصوم بالفوقانية لأن فعلها على فرض عدم معارضته لقوله وفعله صلى الله عليه و سلم لا حجة فيه فكيف إذا كان معارضا للثابت عنه من طريقها وطريق غيرها من الصحابة .
وأما الحديث الأول فلو كان صحيحا لكان حجة لقوله صلى الله عليه و سلم في الجواب عنها ( أحسنت ) ولكنه لا ينتهض لمعارضة ما في الصحيحين وغيرهما من طريق جماعة من الصحابة وهذا بعد تسليم أنه حسن كما قال الدارقطني فكيف وقد طعن فيه بتلك المطاعن المتقدمة فإنها بمجردها توجب سقوط الاستدلال به عند عدم المعارض ".


على أنه ينبغي أن يعلم أن من سنة النبي صلى الله عليه وسلم أن يتم المسافر إذا صلى وراء المقيم فقد أخرجمسلم ج1/ص479:" عن بن عَبَّاسٍ قال إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ الصَّلَاةَ على لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم على الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ وَعَلَى الْمُقِيمِ أَرْبَعًا وفي الْخَوْفِ رَكْعَةً
وحدثنا محمد بن الْمُثَنَّى وبن بَشَّارٍ قالا حدثنا محمد بن جَعْفَرٍ حدثنا شُعْبَةُ قال سمعت قَتَادَةَ يحدث عن مُوسَى بن سَلَمَةَ الْهُذَلِيِّ قال سَأَلْتُ بن عَبَّاسٍ كَيْفَ أُصَلِّي إذا كنت بِمَكَّةَ إذا لم أُصَلِّ مع الْإِمَامِ فقال رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ أبي الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم"

قال الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الصحيحة (ح2676):" " تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم . يعني إتمام المسافر إذا اقتدى بالمقيم ، و إلا فالقصر " .
هذه السنة الصحيحة يرويها قتادة عن موسى بن سلمة الهذلي عن ابن عباس رضي الله عنه ويرويه عن قتادة جمع: الأول : أيوب عنه عن موسى قال : كنا مع ابن عباس بمكة، فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعا، و إذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين. قال : فذكره أخرجه أحمد ( 1 / 216 ) والسراج في " مسنده " (ق 120 / 1 ) والطبراني في " المعجم الأوسط"(1/ 278/1 - مصورة الجامعة الإسلامية ) و أبو عوانة في " مسنده " (2/340) من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، والطبراني أيضا (2/92/2) من طريق الحارث بن عمير كلاهما عن أيوب عنه به ، وزاد هو والسراج:" وإن رغمتم"، وقال:" لم يروه عن أيوب إلا الحارث بن عمير والطفاوي" .
الثاني
: شعبة عنه به، ولفظه قال: سألت ابن عباس كيف أصلي إذا كنت بمكة إذا لم أصل مع الإمام فقال:ركعتين سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم. أخرجه مسلم (2/143-144) والنسائي(1/212) وابن خزيمة في"صحيحه"(951) والبيهقي (3/153) وابن حبان (4/185/2744) وأحمد (1/290و337) وأبو عوانة والطحاوي (1/245) ولفظ البيهقي:" كم أصلي إذا فاتتني الصلاة في المسجد الحرام". والباقي مثله .
الثالث:سعيد بن أبي عروبة عنه نحوه.أخرجه مسلم(3/144)والنسائي،وأحمد (1/369)
الرابع
: هشام الدستوائي. قال الطيالسي في "مسنده "( 2742 ) : حدثنا هشام عنه به . ولفظه: قلت لابن عباس: إذا لم أدرك الصلاة في المسجد الحرام كم أصلي بـ ( البطحاء) قال: ركعتين .. إلخ . وأخرجه أحمد ( 1 / 226 ): حدثنا يحيى عن هشام به .
الخامس
: همام :أخبرنا قتادة به مثل لفظ هشام. أخرجه أحمد (1/290 ) . و قد صرح قتادة بالتحديث عنده في رواية شعبة . قلت : وفي الحديث دلالة صريحة على أن السنة في المسافر إذا اقتدى بمقيم أنه يتم ولا يقصر، وهو مذهب الأئمة الأربعة و غيرهم، بل حكى الإمام الشافعي في " الأم " (1/159 ) إجماع عامة العلماء على ذلك ، ونقله الحافظ ابن حجر عنه في " الفتح " (2/ 465 ) وأقره، وعلى ذلك جرى عمل السلف، فروى مالك في" الموطأ "(1/164 ) عن نافع: أن ابن عمر أقام بمكة عشر ليال يقصر الصلاة، إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته.وفي رواية عنه:أن عبد الله بن عمر كان يصلي وراء الإمام بمنى أربعا، فإذا صلى لنفسه صلى ركعتين.ورواه ابن خزيمة في " صحيحه "( 95) من طريق أخرى عن ابن عمر. وأخرجه الطحاوي في " شرح المعاني "(1/244 ) من طريق مالك، ومن قبله الإمام محمد في " موطئه " ( ص127-128) وقال:" وبهذا نأخذ إذا كان الإمام مقيما والرجل مسافر، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله". وقوله:" إذا كان الإمام مقيما." مفهومه - ومفاهيم المشايخ معتبرة عندهم أن الإمام إذا كان مسافرا فأتم- كما يفعل بعض الشافعية- أن المسافر المقتدي خلفه يقصر ولا يتم، وهذا خلاف ما فعله ابن عمر رضي الله عنهما، وتبعه على ذلك غيره من الصحابة، منهم عبد الله بن مسعود- الذي يتبنى الحنفية غالب أقواله – فإنه مع كونه كان ينكر على عثمان رضي الله عنه إتمامه الصلاة في منى، ويعيب ذلك عليه كما في " الصحيحين"، فإنه مع ذلك صلى أربعا كما في " سنن أبي داود " (1960 ) و" البيهقي " (3/ 144) من طريق معاوية بن قرة عن أشياخه أن عبد الله صلى أربعا، قال : فقيل له : عبت على عثمان ثم صليت أربعا ؟! قال : الخلاف شر . وهذا يحتمل أنه صلاها أربعا وحده ، و يحتمل أنه صلاها خلف عثمان ، و رواية البيهقي صريحة في ذلك ، فدلالتها على المراد دلالة أولوية ، كما لا يخفى على العلماء . ومنهم سلمان الفارسي ، فقد روى أبو يعلى الكندي قال: "خرج سلمان في ثلاثة عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة، وكان سلمان أسنهم، فأقيمت الصلاة، فقالوا: تقدم يا أبا عبد الله فقال: ما أنا بالذي أتقدم أنتم العرب، ومنكم النبي صلى الله عليه وسلم، فليتقدم بعضكم، فتقدم بعض القوم، فصلى أربع ركعات، فلما قضى الصلاة، قال سلمان: ما لنا وللمربعة، إنما يكفينا نصف المربعة ". أخرجه عبد الرزاق (4283 ) وابن أبي شيبة (2/448 ) والطحاوي (1/242 ) بإسناد رجاله ثقات، ولولا أن فيه عنعنة أبي إسحاق السبيعي واختلاطه لصححت إسناده، فسكوت الشيخ عبد الله الغماري عنه في رسالته " الرأي القويم " ( ص 30 ) ليس بجيد، لاسيما وقد جزم بنسبته إلى سلمان في رسالته الأخرى " الصبح السافر " ( ص 42 ) !! هذا ولقد شذ في هذه المسألة ابن حزم كعادته في كثير غيرها، فقد ذهب إلى وجوب قصر المسافر وراء المقيم، واحتج بالأدلة العامة القاضية بأن صلاة المسافر ركعتان، كما جاء في أحاديث كثيرة صحيحة. وليس بخاف على أهل العلم أن ذلك لا يفيد فيما نحن فيه، لأن حديث الترجمة يخصص تلك الأحاديث العامة، بمختلف رواياته، بعضها بدلالة المفهوم، وبعضها بدلالة المنطوق. ولا يجوز ضرب الدليل الخاص بالعام، أو تقديم العام على الخاص، سواء كانا في الكتاب أو في السنة خلافا لبعض المتمذهبة. وليس ذلك من مذهب ابن حزم رحمه الله ، فالذي يغلب على الظن أنه لم يستحضر هذا الحديث حين تكلم على هذه المسألة ، أو على الأقل لم يطلع على الروايات الدالة على خلافه بدلالة المنطوق، وإلا لم يخالفها إن شاء الله تعالى، وأما رواية مسلم فمن الممكن أن يكون قد اطلع عليها ولكنه لم يرها حجة لدلالتها بطريق المفهوم، وليس هو حجة عنده خلافا للجمهور، ومذهبهم هو الصواب كما هو مبين في علم الأصول، فإن كان قد اطلع عليها فكان عليه أن يذكرها مع جوابه عنها، ليكون القاريء على بينة من الأمر. و إن من غرائبه أنه استشهد لما ذهب إليه بما نقله عن عبد الرزاق- وهو في "مصنفه "(2/519 )- من طريق داود بن أبي عاصم قال: " سألت ابن عمر عن الصلاة في السفر ؟ فقال: ركعتان. قلت:كيف ترى ونحن ههنا بمنى ؟ قال: ويحك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنت به قلت :نعم. قال : فإنه كان يصلي ركعتين. فصل ركعتين إن شئت أو دع " . قلت : وسنده صحيح، وقال عقبه: " و هذا بيان جلي بأمر ابن عمر المسافر أن يصلي خلف المقيم ركعتين فقط ". قلت ( الألباني) : و هذا فهم عجيب، واضطراب في الفهم غريب، من مثل هذا الإمام اللبيب، فإنك ترى معي أنه ليس في هذه الرواية ذكر للإمام مطلقا، سواء كان مسافرا أم مقيما. وغاية ما فيه أن ابن أبي عاصم بعد أن سمع من ابن عمر أن الصلاة في السفر ركعتان، أراد أن يستوضح منه عن الصلاة وهم - يعني الحجاج - في منى: هل يقصرون أيضا ؟ فأجابه بالإيجاب، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فيها ركعتين. هذا كل ما يمكن فهمه من هذه الرواية، وهو الذي فهمه من خرجها، فأوردها عبد الرزاق في "باب الصلاة في السفر" في جملة أحاديث وآثار في القصر، وكذلك أورده ابن أبي شيبة في باب "من كان يقصر الصلاة " من " مصنفه " ( 2/451 ) . وداود بن أبي عاصم هذا طائفي مكي، فمن المحتمل أنه عرضت له شبهة من جهة كونه مكيا، والمسافة بينها وبين منى قصيرة، فأجابه ابن عمر بما تقدم، وكأنه يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر في منى هو ومن كان معه من المكيين الحجاج. و الله أعلم. وإن مما يؤكد خطأ ابن حزم في ذلك الفهم ما سبق ذكره بالسند الصحيح عن ابن عمر أنه كان إذا صلى في مكة ومنى لنفسه قصر، و إذا صلى وراء الإمام صلى أربعا. فلو كان سؤال داود عن صلاة المسافر وراء المقيم، لأفتاه بهذا الذي ارتضاه لنفسه من الإتمام في هذه الحالة، ضرورة أنه لا يعقل أن تخالف فتواه قوله ، و يؤيد هذا أنه قد صح عنه أنه أفتى بذلك غيره، فروى عبد الرزاق (2/542/4381 ) بسند صحيح عن أبي مجلز قال: قلت لابن عمر: أدركت ركعة من صلاة المقيمين وأنا مسافر ؟ قال: صل بصلاتهم . أورده في " باب المسافر يدخل في صلاة المقيمين". وذكر فيه آثارا أخرى عن بعض التابعين بمعناه ، إلا أن بعضهم فصل، فقال في المسافر يدرك ركعة من صلاة المقيمين في الظهر : يزيد إليها ثلاثا ، و إن أدركهم جلوسا صلى ركعتين. ولم يرو عن أحد منهم الاقتصار على ركعتين على كل حال كما هو قول ابن حزم ! وأما ما ذكره من طريق شعبة عن المغيرة بن مقسم عن عبد الرحمن بن تميم بن حذلم قال:" كان أبي إذا أدرك من صلاة المقيم ركعة وهو مسافر صلى إليها أخرى، وإذا أدرك ركعتين اجتزأهما"، وقال ابن حزم:" تميم بن حذلم من كبار أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه ". قلت: نعم، ولكنه مع شذوذه عن كل الروايات التي أشرت إليها في الباب وذكرنا بعضها، فإن ابنه عبد الرحمن ليس مشهورا بالرواية ، فقد أورده البخاري في " التاريخ " (3/1/265 ) وابن أبي حاتم (2/2/218) ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، و ذكر ابن أبي حاتم أنه روى عنه أبو إسحاق الهمداني أيضا ، و ذكره ابن حبان في " الثقات " (7/68) برواية المغيرة. وهذا قال فيه الحافظ في " التقريب" : " كان يدلس". وذكر أيضا من طريق مطر بن فيل عن الشعبي قال: " إذا كان مسافرا فأدرك من صلاة المقيم ركعتين اعتد بهما". ومطر هذا لا يعرف. وعن شعبة قال: سمعت طاووسا وسألته عن مسافر أدرك من صلاة المقيم ركعتين ؟ قال:" تجزيانه". قلت: وهذا صحيح إن سلم إسناده إلى شعبة من علة، فإن ابن حزم لم يسقه لننظر فيه. وجملة القول أنه إن صح هذا وأمثاله عن طاووس وغيره، فالأخذ بالآثار المخالفة لهم أولى لمطابقتها لحديث الترجمة و أثر ابن عمر وغيره. والله أعلم" .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-05-2011, 08:02 AM
أبو الحسين الحسيني أبو الحسين الحسيني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 154
شكراً: 1
تم شكره 5 مرة في 4 مشاركة
افتراضي

وقال الشيخ الألباني أيضا مبينا أن صلاة السفر ركعتان لا غير في الصحيحة (ح2814):" (فائدة): دلت الأحاديث المتقدمة على أن صلاة السفر أصل بنفسها، وأنها ليست مقصورة من الرباعية كما يقول بعضهم، فهي في ذلك كصلاة العيدين ونحوها، كما قال عمر رضي الله عنه : " صلاة السفر وصلاة الفطر وصلاة الأضحى وصلاة الجمعة، ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم". رواه ابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما "، وهو مخرج في " إرواء الغليل "( 638). وذلك هو الذي رجحه الحافظ في " فتح الباري " بعد أن حكى الاختلاف في حكم القصر في السفر، ودليل كل ، فقال (1/464 ): "والذي يظهر لي - وبه تجتمع الأدلة السابقة - أن الصلوات فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب، ثم زيدت بعد الهجرة عقب الهجرة إلا الصبح، ثم ذكر حديث محبوب، وفاته متابعة المرجى، وقال: ثم بعد أن استقر فرض الرباعية خفف منها في السفر عند نزول الآية السابقة و هي قوله تعالى: ( فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) ويؤيد ذلك ما ذكره ابن الأثير في "شرح المسند": أن قصر الصلاة كان في السنة الرابعة من الهجرة..". وخالف ما تقدم من التحقيق حديثيا وفقهيا بعض ذوي الأهواء من المعاصرين، وهو الشيخ عبد الله الغماري المعروف بحبه للمخالفة وحب الظهور، وقديما قيل: حب الظهور يقصم الظهور والأمثلة على ذلك كثيرة كنت ذكرت بعضها في مقدمة المجلد الثالث من السلسلة الأخرى:" الضعيفة "، وفي تضاعيف أحاديثها. وأمامنا الآن هذا المثال الجديد: لقد زعم في رسالته " الصبح السافر "( ص12) في عنوان له : " فرضت الصلاة أربعا لا اثنتين "، واستدل لذلك - مموها على القراء - بأمور ثلاثة : الأول : الآية السابقة *( فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة .. )*، وذكر أنها نزلت في صلاة الخوف في العهد المدني. الثاني: أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم:" إن الله وضع عن المسافر الصيام وشطر الصلاة ". رواه أصحاب السنن وغيرهم، وهو مخرج عندي في " صحيح أبي داود " ( 2083 ) وغيره . الثالث : أنه ساق خمسة أحاديث صريحة في أن قصر الصلاة كان في مكة حين نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ، وصلى به الصلوات الخمس. والجواب على الترتيب السابق :
1 - أما الآية فقد اعترف هو (ص20 ) أنها نزلت بعد الهجرة في السنة الرابعة أو الخامسة وزاد ذلك بيانا فقال ( ص21 ):" بل الذي وقع أنه كان بين زيادة صلاة الحضر وقصر صلاة السفر فترة زادت على ثلاث سنوات كما مر"! قلت: فهو قد هدم بهذا القول الصريح ذلك العنوان، وما ساقه تحته من الأدلة، وهذا أولها، فإن معنى ذلك أن صلاة الحضر فرضت اثنتين اثنتين، ثم زيدت في المدينة، وهذا يوافق تماما حديث عائشة وبخاصة حديث الترجمة وما استظهره الحافظ كما تقدم، ويخالف زعمه أنها فرضت أربعا أربعا في مكة .
2 - الأحاديث التي ذكرها وأشرت إليها، و نقلت إلى القراء واحدا منها، لأن الجواب عنه جواب عنها، و هو في الحقيقة نفس الجواب عن الآية السابقة، لأن الوضع المذكور في الحديث يصح حمله في كل من الاحتمالين أي سواء كانت الزيادة مكية كما يزعم الغماري، أو مدنية كما يدل عليه ما تقدم من الأحاديث، فقوله (ص 12):" فهذه ثلاثة أحاديث تصرح بأن صلاة المسافر مقصورة من أربع ركعات، لأن معنى وضع شطر الصلاة حط نصفها بعد أن كان إتمامها واجبا عليه". قلت: فهذا الكلام لا ينافي ما ذكرته، ولا دليل فيه يؤيد به انحرافه !.
3 - أما الأحاديث الخمسة الصريحة، فهي في الحقيقة أربعة لأن الثالث والخامس منها مدارهما على الحسن البصري مرسلا، و هي كلها ضعيفة منكرة، وقد دلس فيها على القراء ما شاء له التدليس، وأوهمهم صحة بعض أسانيدها وصراحة متونها وهو في ذلك غير صادق، وإليك البيان بإيجاز تفصيل: أما الإيجاز : فهو أن الأحاديث الخمسة منكرة كلها ، لضعف أسانيدها و مخالفتها للأحاديث الصحيحة التي لم تذكر تربيع الركعات في الظهر والعصر والعشاء، وبعضها يصرح أن الصلاة فرضت ركعتين ركعتين، فأقرت في السفر و زيدت في الحضر. وأما التفصيل، فأقول مستعينا بالله عز وجل :
1 - أما الحديث الأول : فذكره ( ص13 ) من طريق أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبي مسعود الأنصاري قال:" جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قم فصل، وذلك لدلوك الشمس حين مالت، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر أربعا.. " . ثم ذكر مثله في صلاة العصر والعشاء . قال:" رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " على شرط الشيخين". قلت : هذا من تدليسه فإنه يعلم أن أبا بكر بن عمرو لم يسمعه من أبي مسعود لأنه نقله من كتاب " نصب الراية " للزيلعي (1/ 223 ) وقد نقل عن البيهقي أنه منقطع، وهذا قد أخرجه في " سننه "(1/361 ) وكذا الباغندي في" مسند عمر ابن عبد العزيز"( رقم62 ) من طريق أخرى عن أبي بكر به. وقال البيهقي:" أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لم يسمعه من أبي مسعود الأنصاري وإنما هو بلاغ بلغه ". هذا أولا. وثانيا: هو يعلم أن الحديث في " الصحيحين " وغيرهما من طريق أخرى عن أبي مسعود مختصرا ليس فيه بيان الصلوات بله الركعات، وأخرجه أبو داود ببيان الصلوات دون الركعات، وهذا كله يعني أن ذكر الركعات منكر لأنها زيادة بسند ضعيف على الرواية الصحيحة، وقد أشار إلى هذه الحقيقة الحافظ ابن حجر بقوله عقب حديث أبي بكر:" قلت: وأصله في " الصحيحين " من غير بيان " الأوقات". وكذا في " نصب الراية ". وهو مخرج في"صحيح أبي داود" ( 418 ) و"الإرواء"(1/269). وثالثا: هو يعلم أيضا أن الحديث قد جاء عن جماعة من الصحابة بلغوا سبعة نفر ليس في حديثهم عدد الركعات، منهم عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله و أبو هريرة، و هي مخرجة في "الإرواء "( 249 )، و" صحيح أبي داود " ( 417 و 419 و 420 ) وهي كلها مخرجة في " نصب الراية "، فماذا يقول الإنسان عن رجل يتجاهل كل هذه الروايات، وبعضها صحيح وحسن لذاته، وبعضها حسن لغيره، ويتشبث برواية ضعيفة منكرة هي رواية أبي بكر هذه عند إسحاق. على أن هذا قد روى عنه رواية أخرى موافقة لرواية الجماعة، هي أصح من روايته الأولى المنقطعة، فقد روى معمر عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عمرو بن حزم قال: " جاء جبريل فصلى بالنبي صلى الله عليه وسلم .. " الحديث ليس فيه ذكر الركعات. رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " كما في " نصب الراية " ( 1 / 225 ) و" المطالب العالية " ( ق 9 / 2 ) من طريق عبد الرزاق، وهذا في " المصنف " (1/534 ) لكن وقع سقط في إسناده. وقال الحافظ عقبه في " المطالب " أيضا: " هذا إسناد حسن، إلا أن محمد بن عمرو بن حزم لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم لصغره، فإن كان الضمير في " جده " يعود إلى " أبي بكر " توقف على سماع أبي بكر من عمرو". قلت: هو عن جده مصرح به - كما ترى - فهو منقطع لأن ( محمد بن عمرو ) لم يدركه، ولكنه صحيح لشواهده المتقدمة، فإنه ليس فيه شيء من النكارة بخلاف رواية أبي بكر الأولى. تدليس آخر للغماري هداه الله، قال عقب حديثه المتقدم عن أبي مسعود و فيه عدد الركعات المنكر: " ورواه البيهقي في " المعرفة " من طريق أيوب بن عتبة: حدثنا أبو بكر بن عمرو ابن حزم عن عروة بن الزبير عن ابن أبي مسعود الأنصاري عن أبيه". قلت: وجه تدليسه على القراء من ناحيتين: الأولى : سكت عن إسناده فأوهم أن لا شيء فيه وأن البيهقي لم يتكلم عليه، وهو خلاف الواقع، فإن الزيلعي لما عزاه للبيهقي لم يدلس كما صنع الغماري! ومنه نقله، بل أتبعه بقوله (1/223 ): " قال البيهقي: فأيوب بن عتبة ليس بالقوي" . والأخرى- وهي أخطر-:أنه ليس في هذه الطريق تربيع الركعات، وقد أشار لذلك البيهقي في " المعرفة " بقوله (1/173 ) عقب الحديث: " ولم أر ذكر العدد إلا في حديث سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد ( يعني: حديثه عن أبي بكر المتقدم و الذي أعله بالانقطاع ) وقد اختلفوا فيه، وحديث معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة يدل على أنها فرضت بمكة ركعتين ركعتين، فلما خرج إلى المدينة فرضت أربعا، وهو أصح". قلت: وهذا مما لا شك فيه لحديث الترجمة وغيره مما تقدم، ولكن الغماري لا يقيم وزنا لما صح من الحديث، بل ويضعفه بالرأي لمجرد مخالفته لهواه كحديث معمر هذا، فإنه قد ضعفه مع كونه في "صحيح البخاري " كما سيأتي بيانه، والله المستعان. ويؤيد ما أشار إليه البيهقي، أنالحديث أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (17/260/718 ) فقد ساقه فيه بتمامه من طريق أيوب بن عتبة، وليس فيه التربيع. وثمة تدليس ثالث للغماري في قوله عقب فقرته السابقة:" ورواه الباغندي في" مسند عمر بن عبد العزيز"، وصرح في روايته باسم بشير ابن أبي مسعود. وبشير قال عنه الحافظ: تابعي جليل .. فالحديث بمجموع الطريقين صحيح " . قلت : ليتأمل القارىء هذا التدليس الخبيث،كيف أنه تكلم عن بشير و أنه ثقة - وهذا حق - وانصرف عن الكلام عن علة الحديث وهي أيوب بن عتبة الذي في رواية البيهقي موهما القراء أن لا علة فيه ! كما أنه ليس عند الباغندي ( رقم 64 ) التربيع أيضا ! و قوله : فالحديث صحيح بمجموع الطريقين إن كان يعني بهما رواية البيهقي والباغندي فهو واضح البطلان لأنه من باب تقوية رواية الضعيف بروايته الأخرى، وهذا لا يصدر إلا من مأفون! وإن كان يعني طريق أيوب هذه و طريق ابن راهويه ، فهو قريب من الأول لأن مدارهما على أبي بكر، غاية ما في الأمر أن الطريق الأولى منقطعة كما تقدم، والأخرى متصلة، لكن الذي وصلها- وهو أيوب - ضعيف، والأولى رجالها ثقات، و قد قال الغماري نفسه كما سبق أن إسنادها على شرط الشيخين فكيف يصح تقوية المنقطع بالمتصل و روايته مرجوحة ! هذا لو كان في متن كل منهما التربيع ، و ليس كذلك كما سبق، و لم يكن ذكر التربيع في رواية أبي بكر منكرا، وهيهات هيهات، فقد أثبتنا نكارته بما لا قبل لأحد برده مهما كان مكابرا كالغماري. وبهذا ينتهي الكلام على حديثه الأول.
2 - و أما حديثه الثاني وهو عن أنس، فقد كفانا مؤنة رده اعتراف الغماري بأن في إسناده مجهولين، لكن هذا ليس بعلة قادحة عندي لأنهما قد توبعا و إنما هي المخالفة، بل النكارة في المتن، والمخالفة في السند والمتن أما الأولى : فهي قولهما في حديثهما : أن جبريل أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤذن للناس بالصلاة. ومعلوم أن الأذان إنما شرع في المدينة! والأخرى: أن البيهقي أخرج الحديث بسند صحيح عن شيبان بن عبد الرحمن النحوي عن قتادة: حدثنا أنس بن مالك أن مالك بن صعصعة حدثهم فذكر حديث المعراج بطوله وفيه فرض الصلوات الخمس. قال قتادة: وحدثنا الحسن يعني البصري أن النبي صلى الله عليه وسلم .. قلت: فذكر الحديث نحو رواية المجهولين، لكن دون الأمر بالأذان، و فيه تربيع الصلوات الثلاث، وقال البيهقي عقبه:" ففي هذا الحديث، و ما روي في معناه دليل على أن ذلك كان بمكة بعد المعراج، و أن الصلوات الخمس فرضت حينئذ بأعدادهن، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها خلاف ذلك". ثم ساق البيهقي حديث معمر المتقدم برواية البخاري، وحديث داود بن أبي هند من طريق ثالث عنه، استغنيت عن ذكره هناك بالطريقين السابقين. قلت: ووجه المخالفة أن شيبان النحوي بين في روايته عن قتادة عن أنس أنه ليس فيها ذكر التربيع الذي رواه قتادة عن الحسن مرسلا. ومعنى ذلك أن الحسن زادها على أنس، فكانت منكرة بهذا الاعتبار، فكيف إذا ضم إلى ذلك مخالفته أيضا للأحاديث الصحيحة التي سبقت الإشارة إليها .
3- وأما حديثه الثالث، وقد ساقه من طريق سعيد عن قتادة عن الحسن. فقد عرفت الجواب عنه آنفا، ولذلك فمن التدليس الخبيث قوله:" مرسل صحيح الإسناد، و هو مع حديث أنس حجة، كما تقرر في علم الحديث والأصول"! قلت: يشير إلى قولهم- واللفظ للنووي في " تقريبه" (1/ 198 - بشرح " التدريب " ):" فإن صح مخرج المرسل بمجيئه من وجه آخر مسندا أو مرسلا أرسله من أخذ عن غير رجال الأول كان صحيحا ". وراجع " فتح المغيث " ( 1/ 138 ) . وجوابنا عن قوله المذكور من وجهين :
الأول : أن هذا في غير المرسل الذي ثبتت نكارته ومخالفته للأحاديث الصحيحة ، و مثله أقول في المسند الشاهد له أنه لا يصلح للشهادة لأنه منكر أيضا كما سبق تحقيقه ، فكيف يقوي منكر منكرا؟! و الآخر : أن مراسيل الحسن عند العلماء شبه الريح كما قال الحافظ العراقي فيما نقله السيوطي في " شرحه " (1/ 204)، وذلك لأنه كان ممن يصدق كل من يحدثه، ولذلك قال ابن سيرين: حدثوا عمن شئتم من المراسيل إلا عن الحسن و أبي العالية، فإنهما لا يباليان عمن أخذا الحديث. وقال أحمد: ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح، فإنهما يأخذان عن كل أحد . نقلتهما من " جامع التحصيل " للعلائي ( ص 44 و 86 و 87 و 97 ) . و إن مما يؤكد ما ذكر العلماء أن الحسن نفسه قد يروي حديثا عن صحابي دون أن يسمي من حدثه عنه، ثم هو يفتي بخلافه ! الأمر الذي يشعرنا بأنه هو نفسه كان لا يثق بما يرسله ، فانظر " الضعيفة " الحديث ( 342 ) .
4 - و أما حديثه الرابع، فقد ذكره من رواية عبد الرزاق في " المصنف " عن ابن جريج قال: قال نافع بن جبير و غيره :... فذكر الحديث . وقال عقبه:"إسناده صحيح"! قلت :وهذا كذب صريح، وتدليس على القراء خبيث، فإن نافع بن جبير تابعي معروف ثقة، فلو أنه قال: إسناده مرسل صحيح، لكان كذابا أيضا، فإن في الطريق إليه علتين تحولان دون التصحيح: الأولى: وهي ظاهرة لكل ذي معرفة بهذا العلم، وما أظن ذلك مما يخفى على الغماري، ولكنه الهوى! وهي قول ابن جريج: قال: قال نافع. فإن ابن جريج كان من المدلسين المعروفين بذلك والمكثرين منه كما في " التحصيل " ( ص 123 ) للعلائي، فمثله لا يقبل حديثه إلا إذا صرح بالتحديث، وبخاصة أنه كما قال الدارقطني: " تدليسه قبيح، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح، مثل إبراهيم بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة " ! والعلة الأخرى: أن عبد الرزاق أخرجه في "كتاب الصلاة " من " مصنفه "(1/532/2030 )، وهذا الكتاب يرويه عنه إسحاق بن إبراهيم الدبري( انظر ص 349 منه ) وفي سماعه منه كلام معروف، قال النسائي في " الضعفاء " ( ص297/379) في ترجمة عبد الرزاق:" فيه نظر لمن كتب عنه بأخرة". زاد في " التهذيب " عنه : " كتب عنه أحاديث مناكير" . وقال الذهبي في " الميزان " في ترجمة إسحاق بن إبراهيم الدبري : " سمع من عبد الرزاق تصانيفه، وهو ابن سبع سنين أو نحوها، لكن روى عن عبد الرزاق أحاديث منكرة، فوقع التردد فيها هل هي منه فانفرد بها، أو هي معروفة مما تفرد به عبد الرزاق". وفي " اللسان": "ذكر أحمد أن عبد الرزاق عمي فكان يلقن فيتلقن، فسماع من سمع منه بعدما عمي لا شيء. قال ابن الصلاح: و قد وجدت فيما روى الدبري عن عبد الرزاق أحاديث استنكرتها جدا، فأحلت أمرها على الدبري، لأن سماعه منه متأخر جدا ". قلت: وبالجملة فالحديث ضعيف لإرساله، وانقطاعه بين مرسله والراوي عنه، وضعف السند إليه، ظلمات بعضها فوق بعض، ومع هذا كله يقول فيه هذا الهالك في عجبه وغروره: إسناده صحيح !! أضف إلى ذلك العلة العامة الشاملة لأحاديثه الخمسة ، و هي مخالفة الأحاديث الصحيحة !.
5 - وأما حديثه الخامس، فهو عن الحسن البصري أيضا كما تقدمت الإشارة إليه وتقدم الجواب عنه في حديثه الثالث بما فيه كفاية و أنه منكر مثل كل أحاديثه ! هذا ، ومن ضلال هذا المأفون أنه بعد أن ساق هذه الأحاديث الضعيفة وبنى عليها أن الصلوات الثلاث فرضت أربعا أربعا، انبرى ليضعف ما صح من الأحاديث المخالفة لها، وهي ثلاثة: الأول: حديث عائشة المتقدم: فرضت الصلاة ركعتين ... الحديث. وهو مما أخرجه الشيخان وغيرهما من أصحاب الصحاح، حتى قال ابن رشد في" البداية" (3/ 95بتخريج الهداية): " إنه حديث ثابت باتفاق" . وأقره مخرجه الشيخ أحمد الغماري أخو عبد الله هذا، و خرجه و لم يعلق عليه بشيء ، وأما هذا المأفون، فزعم ( ص 16و 18 ): أنه شاذ، والشاذ من قبيل الضعيف. بعد أن ادعى أنه موقوف عليها. وهذه الدعوى وإن كان مسبوقا إليها من بعض فقهاء الشافعية، فقد ردها الحافظ- وهو شافعي أيضا - بقوله في " الفتح " (1/464 ) ردا على المخالفين:" فهو مما لا مجال للرأي فيه، فله حكم الرفع". قلت: وإني - والله - لأتعجب كل العجب من أولئك الفقهاء وكيف يجيزون على السيدة عائشة أن تقول من نفسها:" فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر .. " الحديث ، وهو متفق عليه- كما تقدم - و لو أنها قالت من نفسها:"فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم..." كما قال ذلك ابن عمر في صدقة الفطر، لو أن ذلك قاله قائل دون توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعتبر القائل من الكاذبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف يكون حاله لو قال:" فرض الله.."؟! تالله إنها لإحدى الكبر أن يقال في عائشة الصديقة رضي الله عنها أنها قالت ذلك من نفسها دون توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم ! و لا يقال : لعلهم لم يقفوا على هذا اللفظ الصريح في الرفع ، و إنما على اللفظ الآخر : " فرضت الصلاة ركعتين ركعتين ..".لأننا نقول : هب أن الأمر كذلك بالنسبة لغير الغماري، فإنه في معنى الأول، ألا ترى أن العلماء ذكروا في" مصطلح الحديث":"وقول الصحابي:" أمرنا بكذا" أو" نهينا عن كذا "مرفوع مسند عند أصحاب الحديث".كذا في " اختصار علوم الحديث"(ص50) وغيره . وليس بخاف على أحد أنه لا فرق بين قول الصحابي: " أمر " و قوله فرض"، وبخاصة إذا صرح بالفاعل كما في هذه الرواية الصحيحة عن عائشة رضي الله عنها ، فالحكم على الحديث والحالة هذه بالوقف مخالف لقواعد علم الحديث ، هذه القواعد التي يتبجح الغماري بالإحالة إليها كثيرا دون ما فائدة كما فعل في الحديث الثالث المتقدم . و إنما قلت آنفا: " لغير العماري " ، لأن أولئك الفقهاء قد يمكن أن يلتمس لهم العذر من باب إحسان الظن بهم ، وأما هذا الغماري فقد أغلق هذا الباب بينه وبين مخالفيه، لكثرة طعنه فيهم بغير حق، كما كنت شرحت ذلك في مقدمة المجلد الثالث المشار إليه فيما سبق، و لمكابرته في رد النصوص إما بردها وتضعيفها، أو بتأويلها وإخراجها عن معانيها الظاهرة. وهذا هو المثال بين يديك حديث عائشة يرده بعلة الوقف، وقد عرفت بطلانها مما بينت آنفا. وهناك شيء ثان و ثالث يدل على مكابرته و جحوده. أما الأمر الثاني، فهو مخالفته لأئمة الحديث الذين أوردوا الحديث في " مسانيدهم " كالطيالسي ( 1535 ) وحديثه صريح في الرفع كما يأتي في الذي بعده، وأحمد ( 6 / 234 و241 و265 و272) وأبي يعلى (5/48 و8/107) وغيرهم، ومعلوم أن " المسانيد " وضعها مؤلفوها للأحاديث المرفوعة ، ولا يذكرون فيها شيئا من الموقوفات إلا نادرا . أما الأمر الثالث ، فهو تقصده الإعراض عن ذكر الأحاديث المرفوعة صراحة كحديث الترجمة و ما في معناه مما تقدم تخريجه، لمخالفتها ما ذهب إليه من أن أصل الصلاة التربيع، و هذا مما يؤكد أنه من أهل الأهواء ، لأنهم يذكرون ما لهم، ولا يذكرون ما عليهم بخلاف أهل السنة فإنهم يذكرون ما لهم وما عليهم ولا يصح أن يقال: أنه لعله لم يطلع على تلك الأحاديث، ذلك لأن بعضها في " فتح الباري"، وهو من مراجعه يقينا، وقد رآه فيه معزوا لصحيح ابن خزيمة وابن حبان ، فلماذا أعرض عنه ؟! ولقد زاد في المكابرة فقال في الوجه العاشر (ص 18): "ولم يأت في شيء من الطرق التي استندوا إليها صحيحها وضعيفها أن الصلاة كانت اثنتين ثم فرضت بعد الهجرة أربعا". قلت: يأبى الله بحكمته إلا أن يكشف مكابرة هذا المدبر وضلاله - بقلمه - فإنه ينفي ذلك في كل الطرق حتى الضعيفة منها، فكيف يقول هذا وهو في صدد تضعيف حديث عائشة، و من ألفاظه في رواية معمر المتقدمة بلفظ : " فرضت الصلاة ركعتين ثم هاجر النبي ففرضت أربعا .." . وهذا اللفظ قد ذكره هذا المدبر نفسه في رسالته ( ص 20 ) ، فهذا نص صريح ينافي ما نفاه ، فهل كان ذلك عن غفلة منه أو تغافل ؟ أحلاهما مر ، فهذا الحديث صريح في الرفع ، فهو يبطل ادعاءه بأنه موقوف، و حسبك أنه في صحيح البخاري مع وروده من طرق أخرى كما تقدم. و أما زعمه بأنه شاذ ضعيف ، فهو أبطل من سابقه ، لأنه لم يقله مسلم من قبله ، و قد ذكرت آنفا عن ابن رشد أنه ثابت باتفاق . بل إنني أقول : إنه صحيح يقينا لأنه من أحاديث الصحيحين التي تلقتها الأمة بالقبول ، لا فرق بين من حمله على الوجوب ، ومن حمله على الاستحباب ، و ما كان كذلك من أحاديثهما فهو يفيد العلم كما هو مقرر في " المصطلح"، وراجع لذلك " شرح اختصار علوم الحديث " لابن كثير. ولهذا فإني أخشى أن يشمله وعيد قوله تعالى *( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )* (115: النساء). ولو علم القاريء الأسباب التي حملته على مخالفته للمسلمين لازداد تعجبا معي من جرأته في المخالفة، ويمكن تلخيصها بما يأتي: أولا: مخالفته بزعمه للقرآن وحديث وضع شطر الصلاة، وقد سبق بيان بطلان هذه المخالفة، وأنه موافق لهما، فلا داعي للإعادة.
ثانيا: أنه مخالف بزعمه أيضا لأحاديثه الخمسة، وقد عرفت أنها ضعيفة الأسانيد منكرة مخالفة للأحاديث الصحيحة، ومنها حديث الترجمة. ولذلك لم يصححها أحد! .
ثالثا: أنه يجوز أن يكون شرعت الركعتان حين فرض عليه صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء خمسون صلاة، ثم خففت إلى خمس وكملها أربعا أربعا ! وهذا تجويز عقلي - ومن عقله هو ! - يغني حكايته عن رده لمعارضته للنصوص الصحيحة .
رابعا: لما تواتر من بيان ركعاتها من جبريل صبيحة ليلة الإسراء! وهذا كذب وزور لم يقله أيضا مسلم قبله، وهو تكرار للمخالفة الثانية. والمتواتر إنما هو صلاة جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم دون بيان الركعات. بل لو قيل بأن المتواتر أنها فرضت ركعتين ركعتين لما كان بعيدا عن الصواب ، لتلقي الأمة لحديثها بالقبول كما تقدم آنفا. وبالجملة فالرجل مغرم بالمخالفة للعلماء بسوء فهمه الذي يصور له الصحيح ضعيفا والضعيف صحيحا، ومما ضعفه أيضا من الحديث الصحيح حديث عمر المتقدم ( ص 748 ) : " صلاة السفر .. ركعتان تمام غير قصر .. على لسان نبيكم " ( ص 23 ) وحديث ابن عباس : " إن الله فرض الصلاة على لسان نبيكم على المسافر ركعتين .. " حكم عليه أيضا بالشذوذ ! ( ص 22 - 23 ). وإن من خبثه ومكره بقرائه، أن هذه الأحاديث الصحيحة و التي هو يضعفها ، لا يخرجها حتى لا يتنبه القراء أنها صحيحة فيشكون على الأقل بتضعيفه إياها ! فحديث ابن عباس رواه مسلم وأبو عوانة وابن خزيمة وابن حبان في " صحاحهم "، وحديث عائشة أخرجه الشيخان كما تقدم ، وكذا المذكورون مع مسلم آنفا، وحديث ابن عباس مخرج عندي في " صحيح أبي داود " ( 1134 ) و " الروض النضير " ( 393 ) و حديث عمر سبق تخريجه. ومن الأحاديث الضعيفة التي صححها هذا الغماري المأفون حديث عائشة: "كان يسافر فيتم الصلاة ويقصر" (ص 26 -28 ) ولا أريد إطالة الكلام في الرد عليه فإنني قد بينت ضعفه و كشفت عن علته في " إرواء الغليل " ( 3 / 6 - 9 ) وإنما أريد أن ألفت نظر القراء إلى أمرين هامين : الأول : أن الغماري لم يبين صحة الحديث على طريقة المحدثين ، و بخاصة و هو بصدد الرد على المضعفين له كابن تيمية وابن القيم وابن حجر وإنما اقتصر على تقليد الدارقطني في قوله: "إسناده صحيح " وقد بينت هناك أن فيه مجهول الحال، وأما الغماري فقال ( ص 30):" رجال إسناده ثقات"! دون أي بيان أو تحقيق! والآخر: أن من المضعفين لهذا الحديث الذي صححه هذا الغماري الصغير أخاه الكبير أحمد الغماري رحمه الله، فإنه قال معلقا على قول ابن رشد:" لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أتم الصلاة قط". فقال الشيخ أحمد: " قلت: هذا معلوم من سيرته لمن تتبع الأحاديث والأخبار في أسفاره صلى الله عليه وسلم، وقد نص الحفاظ على ذلك، قال ابن القيم في " الهدي النبوي " ... " ثم ساق كلام ابن القيم ، وارتضاه . وأما الغماري الصغير، فإنه حكاه ورده بتصحيح الدارقطني لإسناده وتقليده إياه كما تقدم، فتأمل كم هو مغرور بنفسه، هالك في مخالفاته! نسأل الله العافية والسلامة. وخلاصة ما تقدم أن حديث الترجمة صحيح بمتابعه وشاهده، وبعضه في "صحيح البخاري"، و بشاهده الذي حسنه الحافظ. وقد جاء الحديث من طريق أخرى عن عائشة، وهو الآتي بعده. والحمد لله تعالى وحده. ثم رأيت المسمى حسن السقاف الهالك في تقليد شيخه عبد الله الغماري، قد نقل عن كتابه " الصبح " بعض أقواله في أحكام السفر، نقلها في كتاب له أسماه " صحيح صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تنظر إليها"، وهو كتاب مزور مسروق من كتابي المعروف كما يشعرك به عنوانه، ويؤكد ذلك لكل باحث بصير مضمونه، فإنه جرى فيه على نهج شيخه في التدليس على القراء وتضعيف الأحاديث الصحيحة وتصحيح الأحاديث الضعيفة مؤكدا بذلك أنه - على الأقل - من أهل الأهواء بما لا مجال لبيان ذلك الآن، فحسبي من ذلك هنا الإشارة إلى أنه في كتابه المذكور عقد فصلا في آخره في قصر الصلاة في السفر ، جرى فيه على الإعراض عن دلالة حديث عائشة وغيره في وجوب قصر الصلاة في السفر، مصرحا بأنه رخصة فقط! وأتى برواية باطلة عن عائشة، أن قصره صلى الله عليه وسلم إنما كان في حرب، وأنه كان يخاف !! ومن المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين أنهم داوموا على القصر في السفر في حجة الوداع و غيرها، فهل خفي هذا على هذا المقلد، أم هي المكابرة و الجحد للحقائق ؟! ثم لم يكتف بذلك بل زاد في الطين بلة أنه زعم ( ص 276 ) أن سنده حسن، وهو في ذلك غير صادق، وقد بينت ذلك في " الضعيفة " رقم ( 4141 ). والله المستعان. وإليك الآن بالطريق الآخر الموعود لحديث عائشة الصحيح رضي الله تبارك وتعالى عنها : " كان يصلي بمكة ركعتين - يعني- الفرائض، فلما قدم المدينة، وفرضت عليه الصلاة أربعا، وثلاثا، صلى وترك الركعتين كان يصليهما بمكة تماما للمسافر " .

وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى رحمة واسعة وعوضنا بوفاته من يقوم بهذا العلم ( علم الحديث رواية ودراية ) اللهم آمين؛ قال الشيخ في تمام المنة1/318:" ثم إن المؤلف (سيد سابق) لم يبين الراجح من تلك الأقوال في الحكم كما هو شأنه في كثير من المسائل والذي أقطع به أن الصواب قول من قال بوجوب القصر لأدلة كثيرة لا معارض لها ذكرها الشوكاني في " السيل الجرار " ( 1 / 306 - 307 ) منها حديث عائشة الذي ذكرته قريبا : " فرضت الصلاة ركعتين ركعتين " الحديث أخرجه الشيخان .
قال الشوكاني : " فمن زاد فيها فهو كمن زاد على أربع في صلاة الحضر ولا يصح التعلق بما روي عنها أنها كانت تتم فإن ذلك لا تقوم به الحجة بل الحجة في روايتها لا في رأيها "
وقال الحافظ في " التلخيص " ( 2 / 44 ) : " وذكر عروة أنها تأولت كما تأول عثمان كما في " الصحيح " فلو كان عندها عن النبي صلى الله عليه و سلم رواية لم يقل عروة عنها أنها تأولت وقد ثبت في " الصحيحين " خلاف ذلك " .
قلت : يشير إلى ضعف حديث الدارقطني عنها بلفظ : " قصر رسول الله " صلى الله عليه وسلم " في السفر وأتم " فإنه مع ضعف إسناده مخالف للأحاديث الصحيحة الصريحة في قصره صلى الله عليه وسلم للصلاة في السفر وقد ذكرت بعضها في " الإرواء "(3/3-9) وبينت علة الحديث المذكور فليرجع إليه من شاء ".

أما تأويل عثمان فقد نقل الشيخ يحيى الحجوري عن النووي فقال في كتابه ضياء السالكين(43) :" وتأول العلماء رواية حديث ابن عمر أن عثمان لم يزد على ركعتين حتى قبضه الله هذا في السفر، أما في منى فقد كان يقصر من قبل ثم أتم بعد ذلك والروايات بإتمام عثمان محمولة على الإتمام بمنى خاصة، وقد فسر عمران بن الحصين في روايته إتمام عثمان إنما كان بمنى، وكذا ظاهر الأحاديث التي ذكرها مسلم بعد هذا".
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-05-2011, 08:04 AM
أبو الحسين الحسيني أبو الحسين الحسيني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 154
شكراً: 1
تم شكره 5 مرة في 4 مشاركة
افتراضي

وقال ابن القيم في زاد المعاد1/468:"وقد يقال : إن الآية اقتضت قصرا يتناول قصر الأركان بالتخفيف وقصر العدد بنقصان ركعتين وقيد ذلك بأمرين : الضرب في الأرض والخوف فإذا وجد الأمران أبيح القصران فيصلون صلاة الخوف مقصورة عددها وأركانها وإن انتفى الأمران فكانوا آمنين مقيمين انتفى القصران فيصلون صلاة تامة كاملة وإن وجد أحد السببين ترتب عليه قصره وحده فإذا وجد الخوف والإقامة قصرت الأركان واستوفي العدد وهذا نوع قصر وليس بالقصر المطلق في الآية فإن وجد السفر والأمن قصر العدد واستوفي الأركان وسميت صلاة أمن وهذا نوع قصر وليس بالقصر المطلق وقد تسمى هذه الصلاة مقصورة باعتبار نقصان العدد وقد تسمى تامة باعتبار إتمام أركانها وأنها لم تدخل في قصر الآية والأول اصطلاح كثير من الفقهاء المتأخرين والثاني يدل عليه كلام الصحابة كعائشة وابن عباس وغيرهما قالت عائشة: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين...... ولما بلغ عبدالله بن مسعود أن عثمان بن عفان صلى بمنى أربع ركعات قال إنا لله وإنا إليه راجعون صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين وصليت مع أبي بكر بمنى ركعتين وصليت مع عمر بن الخطاب بمنى ركعتين فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان متفق عليه ولم يكن ابن مسعود ليسترجع من فعل عثمان أحد الجائزين المخير بينهما بل الأولى على قول وإنما استرجع لما شاهده من مداومة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه على صلاة ركعتين في السفر .
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنه قال صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان في السفر لا يزيد على ركعتين وأبا بكر وعمر وعثمان يعني في صدر خلافة عثمان وإلا فعثمان قد أتم في آخر خلافته وكانذلك أحد الأسباب التي أنكرت عليه وقد خرج لفعله تأويلات .

أحدها أن الأعراب كانوا قد حجوا تلك السنة فأراد أن يعلمهم أن فرض الصلاة أربع لئلا يتوهموا أنها ركعتان في الحضر والسفر ورد هذا التأويل بأنهم كانوا أحرى بذلك في حج النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا حديثي عهد بالإسلام والعهد بالصلاة قريب ومع هذا فلم يربع بهم النبي صلى الله عليه وسلم .

التأويل الثاني أنه كان إماما للناس والإمام حيث نزل فهو عمله ومحل ولايته فكأنه وطنه ورد هذا التأويل بأن إمام الخلائق على الإطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو أولى بذلك وكان هو الإمام المطلق ولم يربع .

التأويل الثالث أن منى كانت قد بنيت وصارت قرية كثر فيها المساكن في عهده ولم يكن ذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بل كانت فضاء ولهذا قيل له يا رسول الله ألا نبني لك بمنى بيتا يظلك من الحر فقال لا منى مناخ من سبق فتأول عثمان أن القصر إنما يكون في حال السفر ورد هذا التأويل بأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة عشرا يقصر الصلاة .

التأويل الرابع أنه أقام بها ثلاثا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثة فسماه مقيما والمقيم غير مسافر ورد هذا التأويل بأن هذه إقامة مقيدة في أثناء السفر ليست بالإقامة التي هي قسيم السفر وقد أقام صلى الله عليه وسلم بمكة عشرا يقصر الصلاة وأقام بمنى بعد نسكه أيام الجمار الثلاث يقصر الصلاة

التأويل الخامس أنه كان قد عزم على الإقامة والاستيطان بمنى واتخاذها دار الخلافة فلهذا أتم ثم بدا له أن يرجع إلى المدينة وهذا التأويل أيضا مما لا يقوى فإن عثمان رضي الله عنه من المهاجرين الأولين وقد منع صلى الله عليه وسلم المهاجرين من الإقامة بمكة بعد نسكهم ورخص لهم فيها ثلاثة أيام فقط فلم يكن عثمان ليقيم بها وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وإنما رخص فيها ثلاثا وذلك لأنهم تركوها لله وما ترك لله فإنه لا يعاد فيه ولا يسترجع ولهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم من شراء المتصدق لصدقته وقال لعمر لا تشترها ولا تعد في صدقتك فجعله عائدا في صدقته مع أخذها بالثمن .

التأويل السادس أنه كان قد تأهل بمنى والمسافر إذا أقام في موضع وتزوج فيه أو كان له به زوجة أتم ويروي في ذلك حديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم فروى عكرمة بن إبراهيم الأزدي عن ابن أبي ذباب عن أبيه قال صلى عثمان بأهل منى أربعا وقال يا أيها الناس لما قدمت تأهلت بها وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا تأهل الرجل ببلدة فإنه يصلي بها مقيم رواه الإمام أحمد رحمه الله في مسنده وعبد الله بن الزبير الحميدي في مسنده أيضا وقد أعله البيهقي بانقطاعه وتضعيفه عكرمة بن إبراهيم قال أبو البركات ابن تيمية ويمكن المطالبة بسبب الضعف فإن البخاري ذكره في تاريخه ولم يطعن فيه وعادته ذكر الجرح والمجروحين وقد نص أحمد وابن عباس قبله أن المسافر إذا تزوج لزمه الإتمام وهذا قول أبي حنيفة ومالك وأصحابهما وهذا أحسن ما اعتذر به عن عثمان .
وقد اعتذر عن عائشة أنها كانت أم المؤمنين فحيث نزلت كان وطنها وهو أيضا اعتذار ضعيف فإن النبي صلى الله عليه وسلم أبو المؤمنين أيضا وأمومة أزواجه فرع عن أبوته ولم يكن يتم لهذا السبب وقد روى هشام بن عروة عن أبيه أنها كانت تصلي في السفر أربعا فقلت لها لو صليت ركعتين فقالت يا ابن أختي إنه لا يشق علي .
قال الشافعي رحمه الله لو كان فرض المسافر ركعتين لما أتمها عثمان ولا عائشة ولا ابن مسعود ولم يجز أن يتمها مسافر مع مقيم وقد قالت عائشة كل ذلك قد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم وأقصر ثم روى عن إبراهيم ابن محمد عن طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة قالت كل ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة في السفر وأتم وقصر.
قال البيهقي وكذلك رواه المغيرة بن زياد عن عطاء وأصح إسناد فيه ما أخبرنا أبو بكر الحارثي عن الدارقطني عن المحاملي حدثنا سعيد ابن محمد بن ثواب حدثنا أبو عاصم حدثنا عمر بن سعيد عن عطاء زاد المعاد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في الصلاة ويتم ويفطر ويصوم .
قال الدارقطني وهذا إسناد صحيح ثم ساق من طريق أبي بكر النيسابوري عن عباس الدوري أنبأنا أبو نعيم حدثنا العلاء بن زهير حدثني عبدالرحمن بن الأسود عن عائشة أنها اعتمرت مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة حتى إذا قدمت مكة قالت يا رسول الله بأبي أنت وأمي قصرت وأتممت وصمت وأفطرت قال أحسنت يا عائشة .
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول هذا الحديث كذب على عائشة ولم تكن عائشة لتصلي بخلاف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر الصحابة وهي تشاهدهم يقصرون ثم تتم هي وحدها بلا موجب كيف وهي القائلة فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فزيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر فكيف يظن أنها تزيد على ما فرض الله وتخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
قال الزهري لعروة لما حدثه عنها بذلك فما شأنها كانت تتم الصلاة فقال تأولت كما تأول عثمان فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد حسن فعلها وأقرها عليه فما للتأويل حينئذ وجه ولا يصح أن يضاف إتمامها إلى التأويل على هذا التقدير وقد أخبر ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يزيد في السفر على ركعتين ولا أبو بكر ولا عمر أفيظن بعائشة أم المؤمنين مخالفتهم وهي تراهم يقصرون وأما بعد موته صلى الله عليه وسلم فإنها أتمت كما أتم عثمان وكلاهما تأول تأويلا والحجة في روايتهم لا في تأويل الواحد منهم مع مخالفة غيره له والله أعلم .
وقد قال أمية بن خالد لعبد الله بن عمر إنا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف في القرآن ولا نجد صلاة السفر في القرآن فقال له ابن عمر يا أخي إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئا فإنما نفعل كما رأينا محمدا صلى الله عليه وسلم يفعل.
وقد قال أنس خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة .
وقال ابن عمر صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين وأبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وهذه كلها أحاديث صحيحة ".

الخلاصة
يتضح من ما مضى من أقوال العلماء في صلاة السفر أنها فرضت حين فرضت ركعتان لا غير ولا ينبغي الزيادة عليها بحال ومن فعل فعليه الإعادة وهو قول الأحناف ومن وافقهم فإنه لا يجوز الزيادة على الواجب إلا بدليل شرعي وأما فعل عثمان رضي الله عنه فإنه صلى صلاة حاضر متأولا أنه تأهل أو نوى الإقامة وهذا التأويل يدل على أنه يرى صلاة السفر ركعتين وإلا لصرح بجواز إتمامها لو كان يرى جواز الإتمام وقد بينا بعض ما اعتذر له ومنها أن أعرابيا ناداه في منى. يا أمير المؤمنين! ما زلتُ أصليها منذ رأيتك عامَ أولَ ركعتينفصلى عثمان أربعا لأجل تعليم الأعراب؛ وأما تأويل عائشة رضي الله عنها فهو مخالف لروايتها القاضية بركعتي السفر فرضا والعبرة بروايتها لا برأيها واجتهادها؛ وما نقل عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أتم وقصر فلم يثبت.
وأما صلاة ابن مسعود وراء عثمان فقد أنكر على عثمان وصلى أربعا وصلاة ابن مسعود أربعا تشبه تماما صلاة المسافر خلف المقيم مع أن فرض المسافر ركعتان ولا يعني إتمام المسافر وراء المقيم أن القصر رخصة خصوصا وقد ذكر بعض العلماء ومنهم الشنقيطي في أضواء البيان وقد مرّ ذكره أن المقصود قصر الصفة لا العدد ؛ فيتنزل إتمام المسافر وراء المقيم منزلة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الخوف ركعتين بطائفة وركعتين بأخرى فكان له صلى الله عليه وسلم أربعا ولكل من الطائفتين ركعتان مع أنه صلى بهم صلاة الخوف؛ فكانت ركعتا النبي صلى الله عليه وسلم الأخريين نافلة وقد بينا ذلك في الحلقات الماضية في اختلاف نية الإمام والمأموم؛ وتشبه أيضا ( أعن إتمام ابن مسعود) صلاة معاذ مع النبي صلى الله عليه وسلم فرضا وبأصحابه نافلة مع قوله صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داود(ح579) وصححه الألباني :" عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ - يَعْنِى مَوْلَى مَيْمُونَةَ - قَالَ أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عَلَى الْبَلاَطِ وَهُمْ يُصَلُّونَ فَقُلْتُ أَلاَ تُصَلِّى مَعَهُمْ قَالَ قَدْ صَلَّيْتُ إني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لاَ تُصَلُّوا صَلاَةً في يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ ». وكذلك أنكر على الرهط الذين صلوا في رحالهما وأمرهما صلى الله عليه وسلم بأن يصليا نافلة كما في سنن أبي داود(ح575)وصححه الألباني :" عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ. أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ غُلاَمٌ شَابٌّ فَلَمَّا صَلَّى إِذَا رَجُلاَنِ لَمْ يُصَلِّيَا في نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَدَعَا بِهِمَا فجيء بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا فَقَالَ « مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا ». قَالاَ قَدْ صَلَّيْنَا في رِحَالِنَا. فَقَالَ « لاَ تَفْعَلُوا إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ في رَحْلِهِ ثُمَّ أَدْرَكَ الإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ فَلْيُصَلِّ مَعَهُ فَإِنَّهَا لَهُ نَافِلَةٌ».
وما جاء في سنن النسائي بابإعادة الصلاة مع الجماعة بعد صلاة الرجل لنفسه (ح857) وصححه الألباني :" عن زيد بن أسلم عن رجل من بني الديل يقال له بسر بن محجن عن محجن أنه : كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فأذن بالصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع ومحجن في مجلسه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منعك أن تصلي ألست برجل مسلم قال بلى ولكني كنت قد صليت في أهلي فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا جئت فصل مع الناس وان كنت قد صليت".
والله تعالى أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
وكتبه
أبو الحسين الحسيني الهاشمي
رزقه الله العلم النافع والعمل الصالح
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:39 PM.


powered by vbulletin