من أهوال يوم القيامة: تدنو الشمس قدر ميل، ويزاد في حرّها، وتغلي منها رؤوس من لم يستظل بظل العرش أو من لم يستظل بظل عمله الصالح
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذلك؟
يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون.." الحديث الطويل في الشفاعة. متفق عليه.
2- عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق، حتى تكون منهم كمقدار ميل» - قال سليم بن عامر -أحد رواة الحديث-: فوالله ما أدري ما يعني بالميل؟ أمسافة الأرض، أم الميل الذي تكتحل به العين -
قال: «فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما» قال: وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه. رواه مسلم في صحيحه.
وفي رواية صحيحة عند الإمام أحمد والترمذي وابن حبان في صحيحه وغيرهم: "فتصهرهم الشمس فيكونون في العرق كقدر أعمالهم، منهم من يأخذه إلى عقبيه، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجاما".
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم». متفق عليه واللفظ للبخاري.
4- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: {يوم يقوم الناس لرب العالمين} [المطففين: 6]، قال: «يقوم أحدهم حتى يغيب في رشحه إلى أنصاف أذنيه». متفق عليه.
5- عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «تدنو الشمس من الأرض فيعرق الناس، فمن الناس من يبلغ عرقه إلى كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى نصف الساق، ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه، ومنهم من يبلغ العجز، ومنهم من يبلغ الخاصرة، ومنهم من يبلغ منكبيه، ومنهم من يبلغ عنقه، ومنهم من يبلغ وسط فيه وأشار بيده فألجمها فاه، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا ومنهم من يغطيه عرقه وضرب بيده إشارة فأمر يده فوق رأسه من غير أن يصيب الرأس دور راحته يمينا وشمالا». رواه الإمام أحمد وابن حبان والطبراني والحاكم وغيرهم وهو صحيح، واللفظ للحاكم. [صحيح الترغيب:3588].
6- عن أبي أمامة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل، ويزاد في حرها كذا وكذا، يغلي منها الهامُ كما تغلي القدور على الأثافي، يعرقون فيها على قدر خطاياهم، منهم من يبلغ إلى كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى ساقيه، ومنهم من يبلغ إلى وسطه، ومنهم من يلجمه العرق ". رواه الإمام أحمد، والطبراني في الكبير والأوسط، وقاسم بن أصبغ وابن عساكر في تاريخ دمشق وغيرهم بسند حسن كما قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام.
والهام: جمع هامة وهي الرأس.
فتغلي الرؤوس كما تغلي القدور .
7- عن أنس رضي الله عنه قال: حدثني نبي الله صلى الله عليه وسلم: " إني لقائم أنتظر أمتي تعبر الصراط، إذ جاءني عيسى فقال: هذه الأنبياء قد جاءتك يا محمد يسألون - أو قال: يجتمعون إليك - ويدعون الله، أن يفرق بين جمع الأمم، إلى حيث يشاء الله، لغم ما هم فيه
فالخلق ملجمون في العرق.
فأما المؤمن، فهو عليه كالزكمة، وأما الكافر فيتغشاه الموت".
قال: " قال عيسى: انتظر حتى أرجع إليك، قال: فذهب نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى قام تحت العرش، فلقي ما لم يلق ملك مصطفى، ولا نبي مرسل، فأوحى الله إلى جبريل: أن اذهب إلى محمد فقل له: ارفع رأسك، سل تعط، واشفع تشفع. قال: فشفعت في أمتي، أن أخرج من كل تسعة وتسعين إنسانا واحدا، قال: فما زلت أتردد على ربي، فلا أقوم مقاما إلا شفعت، حتى أعطاني الله من ذلك، أن قال: يا محمد أدخل من أمتك من خلق الله، من شهد أنه لا إله إلا الله يوما واحدا مخلصا، ومات على ذلك ". رواه الإمام أحمد، وابن خزيمة في التوحيد، والأصبهاني في الحجة، والضياء في المختارة، وسنده صحيح على شرط مسلم. وصححه شيخنا الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
وهو حديث عجيب.
أسأل الله أن يؤمننا يوم الفزع الأكبر، وأن يظلنا في ظل عرشه، وأن يظلنا بظل أعمالنا الصالحة، وأن يجعلنا من أهل الفردوس.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
20/ 10/ 1439 هـ