يستغرب كثير من الناس كيف تجرأ رؤوس الإخوان في الخليج-وخاصة في السعودية- على فضح أنفسهم عبر تويتر وفيسبوك رغم حرصهم على التخفي والعمل السري؟!
السبب والله أعلم يرجع لعدة أمور:
الأمر الأول: أن ثقتهم بأوباما والغرب كانت كبيرة جداً، لدرجة أنهم اطمأنوا أنهم سيضمنون ولاء الكفار لهم، ووفاءهم بتعهداتهم التي قطعوها للإخوان ومن معهم إذا شاركوا في الثورة على الحكام لتطبيق المشروع الأمريكي "الشرق الأوسط الجديد" الذي بني على مشروع "الشرق الأوسط الكبير".
الأمر الثاني: أنهم بسبب ثقتهم الكبيرة بنجاح الثورة، وأن الأنظمة ستسقط لا محالة رأوا أن الظهور لن يكون بعده تخفي، لكون أحلامهم بالكراسي ستتحقق لا سيما بعد استيلاء مرسي الخائن على رئاسة مصر بمساعدة الكفار والعملاء، وبمجاراة من الجيش لامتصاص الصدمة وليحول دون احتلال الإخوان للحكم في مصر حقيقة.
الأمر الثالث: أن التجييش للثورة، وضمان طاعة كثير من العوام والأتباع يحتاج إلى الظهور بالأسماء الحقيقية التي استمر التنظيم عدة سنوات وهو يلمعها وينميها، ويجمع لها أكبر عدد من الجماهير الغافلة المسكينة.
فاستخدام الرموز والمعرفات الوهمية وحده لا يكفي زمن الثورة، لكون الشريحة التي ستتجاوب لن تكون كافية، فعمدوا على الظهور بأسمائهم، مع تلميع كبارهم لمعرفات وهمية تكتسب ثقة العامة بتلك التزكية من الرؤوس، فكثر أصحاب التأثير.
الأمر الرابع: أن الظهور بالأسماء الحقيقة له أثر كبير في الحصول على الزعامة ضمن النظام الجديد، والأسماء الوهمية وإن كان لها تأثير فستبقى للتجييش وليس للمسك بالمناصب إلا بالأسماء الحقيقية.
فالسعي للزعامة وحب الظهور هو أحد أسباب الظهور علانية.
الأمر الخامس: أن القوة الناعمة-حسب النظرة القاصرة- تعتمد على تأثير المنصات الإعلامية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وقد بالغ الغرب في تمجيد القوة الناعمة، وأنها تسقط العروش، فاغتر إخوان الشياطين بإسقاط بن علي ثم حسني مبارك مما جعلهم يثقون الثقة العمياء في هذه الوسائل، وظنوا أن التظاهر والتجمهر والتجييش عبر هذه الوسائل أقوى من الانقلابات العسكرية، وأقوى من الجيوش، وقد خاب ظنهم، وخاب مسعاهم، وعرفوا أن هذه الوسائل إذا لم يكن معها عمل عسكري ظاهر أو خفي، وإن لم يكن معها ضغوط جدية من القوى الكبرى فقد كان مصيرها الفشل الذريع، كما وقع من الفشل الذريع لمعاودة استنهاض الربيع العبري من جديد بعد سقط مرسي من على الكرسي، رغم استماتة قناة الجزيرة الإرهابية ومن معها من القنوات للتجييش والدعوة للثورة فلم ينجحوا، ولم يفلحوا لتخلف الدعم العسكري، والضغط الدولي.
فبان أن الثورات كانت مؤامرة واضحة، استغلت فيها عواطف الناس، وما كان واقعا عليهم من ظلم، فاكتسب الثائرون ظلما أعظم، وتمنوا أنهم لم يثوروا، فلم يجنوا من الشوك العنب، ولا جنوا من سفك الدماء إلا مزيد العناء.
الأمر السادس: أن "تويتر" و"فيسبوك" كانا موقعين مغمورين، لا يعرفهما إلا القليل، فباستحداث هذه الثورات، وتمجيد هذه البرامج، وإرجاع الفضل لها في التجييش والتجمهر والتظاهر اكتسب هذا الموقعان زخما إعلاميا دعائيا ضخماً، وصارا من أكثر البرامج رواجاً، مما زاد أسهم الشركتين، وصارت قيمتهما بالمليارات.
وصار هذان الموقعان من أكبر المواقع التي تشتمل على بنوك من المعلومات كانت وما زالت مفيدة للمخابرات العالمية، بل العجب العجاب أنها أفادت المخابرات العربية، واستفاد منها الناس فاكتشفوا الإخوانين المندسين، وعرفوا أعداءهم عن طريق فضيحة الربيع العربي الكبرى، وهي الحفرة العظيمة والأخدود الكبير الذي حفره الكفار للثوريين والإخوانيين فوقعوا فيها صرعى على أم رؤوسهم، ولسان حالهم: وددنا لو أن الزمان رجع لنرجع للتخفي، ولئلا نغتر بالربيع العبري!!!
ولكن: ولات حين مندم.
يداك أوكتا وفوك نفخ.
ورجع إخوان الشيطاين من ربيع أوليائهم من الغرب الكافر بخفي حنين!
وبئس المثوى وبئس المصير لهؤلاء المجرمين المفسدين.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
29/ 12/ 1438 هـ