بسم الله الرحمن الرحيم
قال العلامة فقيه الزمان الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
أننا إذا سئلنا هل الإسلام هو الإيمان أو غيره ؟
إنْ قلنا : هو الإسلام أخطأنا ، وإنْ قلنا غيره أخطأنا ، وإن فَصَّلْنا أصبنا ،
التفصيل : إنْ ذكرنا جميعاً في سياقٍ واحد فهما مفترقان وإنْ أفرد أحدهما عن الآخر فهما مجتمعان أي بمعنى واحد ،
ثانياً : هل الإيمان تصديق القلب وإقرار والقلب واعترافه فقط ،
أو هو شامل للتصديق وملزوماته أو مستلزماته ؟ الثاني أم الأول ؟
الثاني ، الإيمان أصله هو التصديق لا شك في القلب ،
أنت عندما تقول : آمنت بالله لا تحس إلا أنك أقررت به في قلبك فالإيمان في القلب هذا هو الأصل ،
لكن الإيمان شرعاً أوسع من الإيمان لغةً وهذا من الغرائب ،
لأن القاعدة المطردة أن المصطلح الشرعي أضيق من المصطلح اللغوي ،
الزكاة في اللغة : النماء ، وفي الاصطلاح : مالٌ خاص
الطهارة في اللغة : النظافة ، وفي الشرع : نظافة خاصة الصلاة في اللغة : الدعاء ، وفي الشرع : دعاءٌ خاص
الحج في اللغة : القصد ، وفي الشرع : قصدٌ خاص
لكن الإيمان في اللغة : التصديق ولا يشمل الأعمال الظاهرة
وفي الشرع : يشمل التصديق والأعمال الظاهرة
إذن فالمصطلح الشرعي في باب الإيمان أوسع منه لغةً على خلاف المعهود ،
على كل حال الإيمان في الشرع يشمل التصديق والإقرار الحاصل بالقلب ويشمل ما يلزم منه من الأعمال الصالحة ،
والدليل على هذا : قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة أو وستون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبةٌ من الإيمان )
قول : ( لا إله إلا الله ) اعتقاد وقول باللسان ،
قوله : ( وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ) ، عمل بالجوارح ،
( والحياء شعبة من الإيمان ) هذا عمل قلبي ،
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره )
هذا اعتقادٌ قلبي ،
وفي القرآن : قال الله تعالى : { وما كان الله ليضيع إيمانكم } ( البقرة 143 ) ،
قال المفسرون : أي صلاتكم إلى بيت المقدس والصلاة عمل ،
فصار الإيمان في الشرع يشمل اعتقاد القلب وقول اللسان وعمل الجوارح ،
ولهذا قال المؤلف : ( إيماننا قولٌ وقصدٌ وعمل ) ثلاثة أشياء :
قول : مثل : ( لا إله إلا الله ) ،
قصد : مثل : الاعتقاد : مثل أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر …… الخ ،
عمل : ( وأدناها إماطة الأذى عن الطريق )
فالإيمان إذن يشمل الأشياء الثلاثة كلها تسمى إيماناً ،
أما كون الاعتقاد إيماناً فواضح ،
لكن كون العمل إيماناً لأنه لم يحملني عليه إلا الإيمان الاعتقاد الذي في قلبي ،
لولا أني اعتقد أني أثاب أني اعتقد الثواب في إماطة الأذى عن الطريق ما أمطته لكان عملي عبثاً ،
لولا أني أُثاب على قولي ( لا إله إلا الله ) ما قلتها لأنه يكون عبثاً ،
فلما كان هذا العمل نتيجةً للاعتقاد التام في القلب صار إيماناً وهذا واضح
المصدر :
شرح العقيدة السفارينية
للشيخ العلامة : محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى