منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام > منبر الردود السلفية والمساجلات العلمية

آخر المشاركات حكم الكلام أثناء قراءة القرآن (الكاتـب : أبو هريرة الكوني السلفي - )           »          خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-26-2011, 11:35 PM
أبو عمر عبد الباسط المشهداني أبو عمر عبد الباسط المشهداني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 21
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي الرد البرهاني على من زعم أن الحلبي لم يبتر كلام الصنعاني

الرد البرهاني


على من زعم أن الحلبي لم يبتر كلام الصنعاني



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وعلى من اهتدى بهديهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين وبعد:
فإن من أعظم سمات أهل السنة والجماعة وأظهرها هي الالتزام بالحق والقول به ولو على النفس أو الوالدين والأقربين فضلا عن الغير كحال من يدافع عن شيخه أو من تأثر به أو من أراد إفحام خصمه كما قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا )) [النساء, آية :( 135 ) ].
فالله جل في علاه أمر المؤمنين أن تكون أقوالهم وشهاداتهم قائمة على الحق وبالحق, حتى ولو كان هذا الحق على النفس أو أقرب المقربين من الوالدين أو الأقربين, وحذر تبارك وتعالى من إتباع الهوى لأنه من أعظم موانع قبول الحق والالتزام به والقيام بحقوقه.

قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: ((يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط، أي بالعدل، فلا يعدلوا عنه يمينا ولا شمالا ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ولا يصرفهم عنه صارف، وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه.
وقوله: { شهداء لله } كما قال { وأقيموا الشهادة لله } أي: ليكن أداؤها ابتغاء وجه الله، فحينئذ تكون صحيحة عادلة حقا، خالية من التحريف والتبديل والكتمان؛ ولهذا قال: { ولو على أنفسكم } أي: اشهد الحق ولو عاد ضررها عليك وإذا سئلت عن الأمر فقل الحق فيه،وإن كان مضرة عليك، فإن الله سيجعل لمن أطاعه فرجا ومخرجا من كل أمر يضيق عليه.
وقوله: { أو الوالدين والأقربين } أي: وإن كانت الشهادة على والديك وقرابتك، فلا تراعهم فيها، بل اشهد بالحق وإن عاد ضررها عليهم، فإن الحق حاكم على كل أحد، وهو مقدم على كل أحد )).ا.هـ

ومن بديع كلام العلامة ابن سعدي - رحمه الله - في ضمن تفسيره لهذه الآية أنه قال : ((ولما بيَّن أن الواجب القيام بالقسط نهى عن ما يضاد ذلك، وهو لي اللسان عن الحق في الشهادات وغيرها، وتحريف النطق عن الصواب المقصود من كل وجه، أو من بعض الوجوه، ويدخل في ذلك تحريف الشهادة وعدم تكميلها، أو تأويل الشاهد على أمر آخر، فإن هذا من اللي لأنه الانحراف عن الحق. { أَوْ تُعْرِضُوا } أي: تتركوا القسط المنوط بكم، كترك الشاهد لشهادته، وترك الحاكم لحكمه الذي يجب عليه القيام به.
{ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } أي: محيط بما فعلتم، يعلم أعمالكم خفيها وجليها، وفي هذا تهديد شديد للذي يلوي أو يعرض. ومن باب أولى وأحرى الذي يحكم بالباطل أو يشهد بالزور، لأنه أعظم جرما، لأن الأولين تركا الحق، وهذا ترك الحق وقام بالباطل )).ا.هـ

ومن أبرز صور القيام بالحق هو القيام بالإنصاف والعدل بين طلاب العلم في إثبات قضية أو نفيها, فمن أراد أن يثبت أمرا لنفسه أو لغيره أو أن ينفيه عنه فلابد من أن يكون الإنصاف والعدل سمة بارزة عنده, وإلا وقع في المحذور من عدم القيام بالحق والالتزام به, وهذا حال كثير ممن انتسبوا إلى العلم وأهله, وهو في الحقيقة من أبعد الناس عن ذلك لعدم قيامه بهذه السمة وعدم اتصافه بهذه الصفة للمحاباة أو الدفاع بالباطل وهذه والله صفة سيئة تمنع المتصف بها من التمسك بالحق وعدم الالتزام به ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والمصيبة أن هذه الصفة بدأت تنتشر بين طلاب العلم ممن يدّعون الانتساب لمنهج أهل السنة والجماعة مع أنها مخالفة لأصول هذا المنهج, فالمعروف عن علماء أهل السنة والجماعة أن العدل والإنصاف من أبرز سماتهم حتى مع مخالفيهم ومن يعتدون عليهم, وأن سمة الخيانة وعدم القول بالحق من أبرز سمات أهل الأهواء والبدع فهم يقلبون الحقائق للرد على أهل السنة والجماعة, ويحرفون الكلم عن مواضعه للتشغيب على أصول وقواعد أهل السنة والجماعة.

وللعلامة المعلمي ـ رحمه الله ـ كلاما في مسالك الهوى ، وهو قوله رحمه الله في [التنكيل:(2/197ـ198)] : (( فمسالك الهوى اكثر من ان تحصى ، وقد جربت نفسي انني ربما انظر في القضية زاعما انه لا هوى لي ، فيلوح لي فيها معني ، فاقرره تقريرا يعجبني ، ثم يلوح لي ما يخدش في ذاك المعني ، فاجدني اتبرم بذلك الخدش ، وتنازعني نفسي الى تكلف الجواب عنه ، وغض النظر عن مناقشة ذاك الجواب ، وانما هذا لاني لما قررت ذاك المعني اولا تقريرا اعجبني صرت اهوى صحته ، هذا مع انه لم يعلم بذلك احد من الناس ، فكيف اذا كنت قد اذعته في الناس ثم لاح لي الخدش ؟ فكيف لو لم يلح لي الخدش ، ولكن رجلا اخر اعترض علي به ؟! فكيف لو كان المعترض ممن اكرهه ؟! )).

والمقصود من ذلك كله أن الأمانة بكل صورها سمة أهل السنة, وأن الخيانة بكل صورها سمة أهل البدع وهذا معروف لا يحتاج للتدليل عليه.
وإن من المحزن والمؤسف جدا أن نجد غياب الأمانة وظهور الخيانة في مقالات ينتسب قائلها وكاتبها إلى أنه من أهل السنة والجماعة ومن خصوص طلاب العلم منهم, وهذه والله قاصمة الظهر في الحكم على النفس بالانحراف والزيغ عن منهج أهل السنة والجماعة فضلا عن المنهج العلمي عند علماء هذا المنهج المبارك.

فقد اطلعت على مقال أحزنني كثيرا لأحد كتاب منتدى ( كل السلفيين ) يرد به على من سماهم بالغلاة ويدافع عن من أسماه شيخه وكل ذلك بالباطل وبعدم الإنصاف مع غياب الأمانة العلمية في تقرير المسألة وفي الحكم على الطرفين المخالف والموافق وبيان ذلك:
جاء المقال بعنوان:
نقض تشغيب (الغلاة) على نقل (شيخنا الحلبي ) لكلام (العلامة الصنعاني) من (إرشاد النقاد ) !!
فقد ذكر الكاتب هداه الله تعالى كلام شيخه الحلبي في الطبعة الثانية بتمامه ثم بين مآخذ من أسماهم بالغلاة ثم ادعى نقضها بوهمه وتوهيمه, وقبل أن أبين تشغيبه على قواعد منهج البحث العلمي وانحرافه عن سلوك منهج الإنصاف والعدل أذكر مسألتين متعلقتين بهذا الموضوع وهما:

أولا: الأمانة العلمية في النقل:
لابد من معرفة أن الأمانة العلمية شرط مهم لكل كاتب عليه أن يلتزم بحدودها وضوابطها.
ومن مظاهر الأمانة العلمية عند أهل السنة والجماعة، الأمانة في النقل، والبعد عن التزوير، وقلب الحقائق، وبتر النصوص، وتحريفها، فإذا نقلوا عن مخالف لهم نقلوا كلامه تاماً، فلا يأخذون ما يوافق ما يذهبون إليه، ويدعون ما سواه، كي يدينون المنقول عنه، وإنما ينقلون كلامه تاماً، فإن كان حقاً أقروه، وإن كان باطلاً ردوه، وإن كان فيه وفيه، قبلوا الحق وردوا الباطل، كل ذلك بالدليل القاطع، والبرهان الساطع.
ومن مظاهر الأمانة العلمية عندهم أنهم لا يحمّلون الكلام ما لا يحتمل، وأنهم يذكرون ما لهم وما عليهم، وأنهم يرجعون للحق إذا تبين، ولا يفتون ولا يقضون إلا بما يعلمون، كما أنهم أحرص الناس على نسبة الكلام إلى قائله، وأبعدهم من نسبته إلى غير قائله.
أما أهل الأهواء فلا تسل عن تفريطهم بهذا الجانب، فما أكثر إتباع الهوى عندهم، والحكم بالمتشابه، وحمل الكلام على غير محمله، وتحريف الكلم عن مواضعه، والاستدلال بلوازم يرتبون بعضها على بعض تحقيقاً لأمر في صدورهم من تضليل لغيرهم أو تبديع أو تكفير من غير تثبت ولا دليل بيّن ظاهر.[من مقال خصائص منهج أهل السنة والجماعة ].

ثانيا: أن موضوع الاقتباس والنقل عن الغير له ضوابطه وأحكامه فهو على قسمين:

أ- النقل بالنص: وهذا هو الغالب ولابد فيه من جملة أمور:
1- الحرص على أن يكون النقل معتمدا من قبل المنقول منه.
2- أن يكون النقل أمينا من النقص منه أو الزيادة فيه.
3- أن يكون النقل مميزا عن غيره لئلا يختلط بكلام غيره.
4- أن يكون النقل تاما ليؤدي معناه على ما أراده منه قائله.
5- أن لا ينقل من النص ما وافق رأيه ويحذف منه ما خالفه.
6- وأن ينسب النص إلى قائلة مع تحديد المصدر الذي نقل منه هذا النص موثقا.
إلى غير ذلك مما هو مبسوط في كتب منهج البحث العلمي.

ب- النقل بالمعنى: وهذا لابد فيه من توفر قيدين مهمين هما:
1- عدم وجود النص أو تعسر على الكاتب نقله.
2- أن يفهم النص فهما علميا صحيحا بحيث يؤدي مراد المؤلف كما أراده من كلامه.
ويضاف إلى ذلك شروط كثيرة ليس هذا محل بسطها.
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد -رحمه الله- في [حلية طالب العلم] :-
(( يجب على طالب العلم فائق التحلي بالأمانة العلمية في الطلب والتحمل والعمل والبلاغ والأداء )).

والآن أبدأ ببيان ما اشتمل عليه كلام الكاتب من الفساد والإنحراف عن أصول المنهج العلمي الرصين, وذلك من خلال الأمور الآتية:

أولا: جزم الكاتب بأن شيخه الحلبي لم يخالف المنهج العلمي في النقل وأنه نقل كلام الصنعاني على ضوء المنهج العلمي, وهذا أمر ظاهر البطلان وبيانه من خلال ما يلي:
أ- أن الحلبي نقل كلام الصنعاني مرتين مرة في الطبعة الأولى ومرة في الطبعة الثانية وبين النقل في الطبعتين اختلاف كبير وبيان ذلك:
نقل الحلبي كلام الصنعاني في الطبعة الأولى على النحو الآتي:
(( قال الإمام الصنعاني في (إرشاد النقاد) (ص13):
قد يختلف كلام إمامين من أئمة الحديث فيضعف هذا حديثا وهذا يصححه ويرمي هذا رجلا من الرواة بالجرح وآخر يعدله.
وذلك مما يشعر بأن التصحيح ونحوه من مسائل الاجتهاد الذي اختلفت فيه الآراء)).
فهذا كلام الصنعاني على قول الحلبي, مع أن هذا الكلام نقله الصنعاني عن قول من سأله ليجيبه بعد ذلك بما يراه رحمه الله تعالى.
ونقل الحلبي كلام الصنعاني نفسه في الطبعة الثانية على النحو الآتي:
(( وقد نقل الإمام الصنعاني في ( إرشاد النقاد) (ص 13-14/ ج1- من مجموع الرسائل المنيرية) قول من قال:
(( قد يختلف كلام إمامين من أئمة الحديث في الراوي الواحد, وفي الحديث الواحد, فيضعف هذا حديثا, وهذا يصححه, ويرمي هذا رجلا من الرواة بالجرح, وآخر يعدله)) ثم قال – عقبه – مقرا-:
(( إن الأمر كذلك, أي أنه قد تختلف أقوالهم)) منهج السلف ط2,ص 218.
والفرق بين النقلين واضح لكل ذي عينين لكن عين الرضا كليلة عن إدراك الأخطاء والله المستعان.

ولتوضيح الفرق أقول:
أن الحلبي في الطبعة الأولى نسب نقل الصنعاني عن السائل للصنعاني, مع تركه لكلام الصنعاني في بيان جواب السائل على ما تضمنه سؤاله.
أما في الطبعة الثانية فميز بين كلام السائل وكلام الصنعاني, ولم ينقل كلام السائل بكماله بل اكتفى منه بجملة وترك الجملة التي نقلها في الطبعة الأولى والتي نسبها للصنعاني.
وكذلك فإن الحلبي في الطبعة الأولى لم ينقل جواب الصنعاني مطلقا ولا بكلمة واحدة, بل اكتفى بكلام السائل الذي نسبه للصنعاني.
أما في الطبعة الثانية فنقل من جواب الصنعاني جملة وترك جواب الصنعاني الذي هو مراد الصنعاني من ذكره للسؤال والإجابة عليه.
مع أن الحلبي مع تغييره هذا لكلام الصنعاني على حسب الطبعتين الأولى والثانية لم ينبه في الطبعة الثانية على ما حصل له في الطبعة الأولى على عادته في عدم البيان, مع أن الطبعة الأولى سارية المفعول متداولة عند كثير من طلاب العلم وهي الطبعة الموجودة الآن في موقعهم (كل السلفيين).

والمصيبة أن الكاتب برر لشيخه الحلبي بأسوأ من صنيع الحلبي نفسه فقال:
(( أما أن شيخنا الحلبي –حفظه الله- قد نسب للصنعاني -في الطبعة الأولى من كتابه- كلاما هو ليس للصنعاني , وإنما من كلام سائله ؛ فجوابه :
إن من قرأ كتاب (إرشاد النقاد) يعلم –يقينا- أن ما قاله الصنعاني -مما نقل شيخنا لفظه- إنما هو تعبير الصنعاني بلفظه عن إشارة السائل من دلالة سؤاله , وليس هو من صريح لفظ السائل والذي أورد –رحمه الله- سؤاله في مقدمة رسالته (ص\2-3) –من طبعة الرسائل المنيرية- ؛ وليس فيها هذا التعبير , ولهذا قال الصنعاني (ص 13-14) : "وأما ما أشار إليه السائل دامت إفادته من أنه : قد يختلف كلام إمامين من أئمة الحديث في الراوي الواحد، وفي الحديث الواحد، فيضعف هذا حديثا، وهذا يصححه! ويرمي هذا رجلا من الرواة بالجرح، وآخر يعدله! فهذا مما يشعر بأن التصحيح ونحوه من مسائل الاجتهاد الذي اختلفت فيه الآراء ؛ فجوابه : أن الأمر كذلك , أي : أنه قد تختلف أقوالهم".
فاللفظ للصنعاني ؛ وهو –رحمه الله- قد أقر ما تضمنه سؤال السائل بقوله : " فجوابه : أن الأمر كذلك , أي : أنه قد تختلف أقوالهم".
فأي وجه للذم يلحق شيخنا حيث نسب إلى الصنعاني ما أقر به بنفسه على ما كان من معنى كلام غيره الذي عبر عنه –رحمه الله- بلفظه !
ومع ذلك فإن شيخنا –قطعا للطريق على المشغبين- عدّل في الطبعة الثانية من كتابه النقل عن الإمام الصنعاني فقال (ص218) : "وقد نقل الإمام الصنعاني في «إرشاد النقاد» (ص13-14/ج1- من مجموع الرسائل المنيرية) قول من قال : «قد يختلف كلام إمامين من أئمة الحديث في الراوي الواحد، وفي الحديث الواحد، فيضعف هذا حديثا، وهذا يصححه! ويرمي هذا رجلا من الرواة بالجرح، وآخر يعدله!»، ثم قال -عقبه- مقرا-: «إن الأمر كذلك؛ أي: إنه قد تختلف أقوالهم " » )).

فوجود كلام السائل في كتاب الصنعاني يدل على أن الكلام هو كلام الصنعاني على قاعدة الكاتب في الدفاع عن نفسه وشيخه, وهذا أمر فساده كبير وخطره عظيم, فهو لا يفرق بين أن يكون الكلام للمؤلف نقله عن غيره للجواب عنه أو للرد عليه, وبين نص كلام المؤلف الذي يتبناه أو يقرره.
فعلى قاعدة الكاتب يستطيع أي أحد أن ينسب لأهل السنة والجماعة مقالات أهل البدع لأنهم نقلوها للرد عليها فيمكنني أن أنسب لشيخ الإسلام ابن تيمية كلام الجهمية والقدرية والمعتزلة والأشاعرة بل والرافضة لأنه نقل كلامهم في كتبه لبيان فسادها والرد عليها, مع أن شيخ الإسلام ينقل كلامهم بلفظه وصياغته هو, وهذا من أعظم الباطل وأقبحه.
فبدل أن يخطئ الكاتب شيخه ويصوب له نقله ذهب يتأول بتأويل ظاهر الفساد ليبرر لشيخه صنيعه في كتابه.
ومن أكبر الأدلة على فساد قول الكاتب تغيير الحلبي لصنيعه في الطبعة الثانية, فلو كان النقل سديدا وصحيحا لما غيره في الطبعة الثانية, لكن الحلبي غيره مع عدم الإشارة إلى التغيير الذي حصل.
مع أن الحلبي صرح في الطبعة الأولى بأنه كلام الصنعاني فقال: (( قال الإمام الصنعاني ... )).
فالقائل هنا هو الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى.
وصرح في الطبعة الثانية بأن الصنعاني نقل هذا الكلام فقال: (( وقد نقل الإمام الصنعاني في ( إرشاد النقاد) (ص 13-14/ ج1- من مجموع الرسائل المنيرية) قول من قال: ...)).
فالصنعاني هنا ناقل لقول السائل لا هو القائل على حسب صنيع الحلبي فليتأمل.

ب- أن الحلبي في الطبعة الأولى نقل كلام السائل كاملا ونسبه للصنعاني وفيه الجملة التي يدندن عليها الحلبي وهي قوله: (( قال الإمام الصنعاني في (إرشاد النقاد) (ص13):
قد يختلف كلام إمامين من أئمة الحديث فيضعف هذا حديثا وهذا يصححه ويرمي هذا رجلا من الرواة بالجرح وآخر يعدله.
وذلك مما يشعر بأن التصحيح ونحوه من مسائل الاجتهاد الذي اختلفت فيه الآراء)).
فالجملة التي ساق الحلبي كلام السائل ونسبه للصنعاني من أجلها هو قضية أن الاختلاف بين أئمة الحديث في الرواة مشعر بأن التصحيح ونحوه من مسائل الاجتهاد الذي اختلفت فيه الآراء, فلا يُلزَم المخالف لأنه من قبيل الاجتهاد الذي يجوز فيه الاختلاف من غير إنكار على المخالف.
فلما بُين للحلبي أن هذا الكلام ليس من كلام الصنعاني بل هو من نقل الصنعاني لكلام السائل, غيره في الطبعة الثانية.
فلو كان هذا الكلام كلام الصنعاني على حد زعم الكاتب فلماذا غيره الحلبي على حسب الطبعتين الأولى والثانية.

ثانيا: أما ما ادعاه الكاتب من أن شيخه الحلبي لم يبتر كلام الصنعاني بترا مخلا في الطبعة الثانية موهماً أن الصنعاني قد أقر السائل على سؤاله حيث قال بعد إيراده لكلام السائل: ((إن الأمر كذلك؛ أي: إنه قد تختلف أقوالهم )).
ولم يفطن الكاتب أن محور سؤال السائل للصنعاني يتعلق بقضية مهمة ألا وهي حقيقة اختلاف أئمة الجرح والتعديل وسببه ومن أجل ذلك ذكره الصنعاني لا كما أوهم الكاتب من أن سياق الصنعاني للسؤال والجواب كان من أجل بيان اختلاف أئمة الجرح والتعديل في أحكامهم على الرواة فقط.
ومما يدل على ذلك سياق كلام السائل الذي ذكره الصنعاني حيث قال: ((: "وأما ما أشار إليه السائل دامت إفادته من أنه : قد يختلف كلام إمامين من أئمة الحديث في الراوي الواحد، وفي الحديث الواحد، فيضعف هذا حديثا، وهذا يصححه! ويرمي هذا رجلا من الرواة بالجرح، وآخر يعدله! فهذا مما يشعر بأن التصحيح ونحوه من مسائل الاجتهاد الذي اختلفت فيه الآراء )).
فالمتأمل لكلام السائل يجد أنه قد بنى سؤاله على مقدمة ألا وهي وجود الاختلاف بين أئمة الجرح والتعديل وهذه مقدمة مسلمة يدل عليها الواقع ولا يحتاج إلى معرفتها مثل هذا السؤال فكل من له أدنى معرفة بعلم الحديث يعرف أن الأئمة مختلفون في أحكامهم على الرواة وأساب هذا الاختلاف معلومة لمن فهم هذا العلم وعرف مناهج أهله.
وأما السؤال الذي أراده السائل وساقه من أجله الصنعاني هو ما بعد هذه المقدمة ألا وهو حقيقة إختلاف الأئمة في أحكامهم فهل حقيقة الاختلاف راجعة إلى أن أحكام الأئمة على الرواة إنما هي أحكام اجتهادية مبناها على الرأي والاجتهاد كما نصر ذلك الحلبي في كتابه, أم أن حقيقة الاختلاف راجعة إلى غير ذلك من كون الإحاطة بالعلم في أحوال الرواة وتغير أحوالهم وأن أحكام الأئمة ليست من قبيل الاجتهاد وإنما من قبيل نقل الأخبار وقبولها بشروطها كما نصر ذلك الصنعاني في كتابه إرشاد النقاد.
ومما يدل على هذا الفهم صنيع الحلبي في كتابه حيث أنه نقل كلام السائل كاملا ونسبه إلى الصنعاني كما في الطبعة الأولى, وذلك لأن الكلام يدل دلالة صريحة على أن أحكام الرواة على الأئمة إنما هي أحكام اجتهادية.
فلما بين للحلبي أنه ليس من كلام الصنعاني وإنما ذكره الصنعاني من كلام السائل ليجيب عليه ويبين الحق الذي يراه, لجأ الحلبي إلى عدم ذكر كلام السائل كاملا لأن الصنعاني نقض كلام السائل ورده وبين الحق الذي يجب إتباعه.
ومما يدل على ما ذكرت دلالة قطعية إيراد الصنعاني لكلام السائل والجواب عليه تحت عنوان مهم ودقيق جدا ألا وهو قوله: (( فصل في سبب اختلاف الأقوال في الجرح والتعديل )).
وهذا العنوان هو ما أراده الصنعاني من إيراده لكلام السائل والجواب عليه فليتنبه.
ومن خلال هذا الكلام يجاب على سؤال الكاتب الذي طرحه ونصه:
(( والسؤال : هل خرج شيخنا عن مراد الصنعاني في حذفه لتتمة كلامه , والذي هو تمثيل وتدليل على صحة قوله : " أن الأمر كذلك أي أنه قد تختلف أقوالهم" ؟
فإن كانت الإجابة : نعم يوجد اختلاف ؛ فبينوها لنا –رعاكم الله- وإن كنّا نظن أن دون ذلك خرط القتاد !
وإن كانت -قطعا- : لا ؛ فعلام التشنيع على شيخنا الحلبي أنه بتر تتمة كلام الصنعاني في الطبعة الثانية من كتابه , والمحذوف هو تأكيد للمذكور ؟!)).

فمن تأمل صنيع الحلبي وقارنه بصنيع الصنعاني تبين له قطعا أن الحلبي قد خرج كليا عن مراد الصنعاني في تقرير هذا الموضوع حيث علمنا مراد الصنعاني من إيراد كلام السائل والجواب عليه, وعرفنا صنيع الحلبي في التصرف بكلام الصنعاني مما يزيل أدنى شك من اختلاف مرادهما.
ولذلك فإني أسأل الكاتب سؤالا من جنس سؤاله ألا وهو:
لماذا لم يورد الحلبي كلام السائل كاملا في الطبعة الثانية مع أنه نسبه كاملا للصنعاني في الطبعة الأولى ؟!, ولماذا لم يورد جواب الصنعاني كاملا في الطبعتين الأولى والثانية ؟!, أليس من الواجب عليه أن يذكر كلام الصنعاني الذي نقل جزءا منه وأن يبين وجهه أو ضعفه على أقل الأحوال لأن المسألة جد خطيرة وأن الحلبي قد فتح أبوابها للناس ؟!.
لكن الحلبي أهمل كلام الصنعاني لأنه لا يوافق مراده وما يتبناه فذهب إلى كلام غيره ليستدل على كلامه وتقريراته وهذا من عدم الأمانة العلمية في عرض مسائل العلم وهذا مخالف لمناهج الأئمة في تقريراتهم لأبواب العلم ومسائله والله المستعان.

ولبيان مراد الحلبي من إيراد كلام السائل أقول:
ذكر الحلبي كلام الصنعاني في الاستدلال على وقوع الاختلاف بين أئمة الجرح والتعديل في جرح الرواة وتعديلهم وفي تصحيح الأحاديث وتضعيفها فقال أي الحلبي: (( وقد نقل الإمام الصنعاني في ( إرشاد النقاد) (ص 13-14/ ج1- من مجموع الرسائل المنيرية) قول من قال:
(( قد يختلف كلام إمامين من أئمة الحديث في الراوي الواحد, وفي الحديث الواحد, فيضعف هذا حديثا, وهذا يصححه, ويرمي هذا رجلا من الرواة بالجرح, وآخر يعدله)) ثم قال – عقبه – مقرا-:
(( إن الأمر كذلك, أي أنه قد تختلف اقوالهم)) منهج السلف ط2,ص 218.
فالحلبي لم ينصف في نقله عن الإمام الصنعاني, حيث أنه قطع الكلام ولم ينقله بتمامه مما يؤثر في فهم كلامه فليس من الأمانة العلمية أن يقطع كلام العالم بما يوافق رأي الناقل له, فلو أن الحلبي نقل كلام الصنعاني بتمامه لهدم جميع ما أصله في هذا الباب, وقد نقلت كلام الصنعاني بتمامه قبل قليل فلينظر وليطابق مع نقل ومراد الحلبي هنا.
ثم إن الحلبي علق بكلام الصنعاني هذا في حاشية كتابه على ما ذكره في الأصل حيث نقل كلام أحمد بن صالح حيث قال: (( لا يترك حديث رجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه)).
فأراد أن يبين من الأصل والحاشية أن الذي يجب تركه وجرحه هو من اجتمع الأئمة على جرحه وتركه, أما من اختلف فيه العلماء فيجوز الجرح كما يجوز التعديل للاختلاف الحاصل في ذلك وأتى بكلام الصنعاني على هذا التأصيل.
مع أن كلام الصنعاني يرد ذلك ردا قويا وينسف قاعدة الحلبي هذه من أصولها.
ولهذا السبب لم ينقل الحلبي كلام الصنعاني بتمامه, وإنما اكتفى من كلام الصنعاني بجملة واحدة وهي (( أن الأمر كذلك – أي أنهم قد تختلف أقوالهم)).
وحملها على ما أراد من كلامه وتأصيله.

ثالثا: أما دعوى أن من رد على الحلبي قد بتر كلامه وخالف مراده في ذكره لكلام الصنعاني, فالظاهر أن الكاتب بعيد كل البعد عن مسائل العلم وفهم كلام أهله وإلا لو أن الكاتب أمعن النظر في كلام شيخه لعرف مراده ومقصوده في هذا الباب, ولبيان ذلك مع أنه لا يحتاج إلى بيان أقول:
أولا: أن الكاتب ادعى أن شيخه الحلبي كان مقصوده من إيراد هذه المسألة بأجمعها وهي مسألة ( الجرح المفسر ) بيان أن ليس كل جرح مفسر مقبول, وأن الخلاف واقع في قبول الجرح المفسر فقال:
(( فشيخنا –حفظه الله- أورد كلام أحمد بن صالح في سياق بيانه : أن ليس كل جرح مفسر يكون واجبا ملزما الأخذ به , وأن الخلاف واقع في قبول الجرح المفسر , ونقل عن أحمد بن صالح والنسائي قولهما المبين لمذهبهما في متى يلزمان بترك حديث رجل ؛ للإشارة إلى أنهما قد لا يتركان حديث رجل جرح جرحا مفسرا إن كان جرحه هذا لا يوجب ترك روايته , بخلاف ما لو أجمع على تركه وجرحه.ونقل شيخنا لكلام الصنعاني إنما جاء في نفس النسق والسياق في تمام كلامه –سباقه ولحاقه- وهو : (وقوع الخلاف في جرح الرواة ))).
فذكر الكاتب أن شيخه أراد أن يبين في هذه المسألة أمرا عظيما ومهما للغاية فيما يزعم؟! بحيث يستحق أن يفرد في مسألة مستقلة ألا وهو وقوع الخلاف بين أئمة الجرح والتعديل في أحكامهم على الرواة !.
ومما غاب عن الكاتب أن هذه المسألة من أبجديات علم الحديث بحيث لا يمكن أن تخفى على صغار طلبة العلم فضلا عن كبارهم , فلو تتبع الكاتب أي كتاب من كتب الجرح والتعديل لعرف ذلك ولما احتاج المقام إلى كل هذا العناء والتعب في هذه التقريرات.
لكن نسي أو تناسى أن الحلبي ليس هذا مقصوده, وإنما مقصوده أمر آخر وهو: حكم قبول الجرح المفسر وحكم من خالفه, فبنى هذه المسألة على تلكم المقدمات التي ظنها الكاتب أنها مقصود الحلب من إيرادها وأخطأ في ذلك خطأ فاحشا.
وإلا فمراد الحلبي من إيراد هذه المسألة بيان أمر للسلفيين وهو: أن الجرح المبين بأسبابه الصحيحة لا يلزم الغير إلا أن يكون هذا الجرح مما أجمع العلماء عليه, أما والخلاف قائم فيه فلا وجه للإلزام مطلقا.
فبين مقصود الحلبي وما فهمه الكاتب من مقصود الحلبي بون كبير وفرق شاسع لا يكاد يخفى على من له أدنى ممارسة في علم الحديث, خاصة ممن كان الإنصاف عادته والعدل عنوانه, أما من خالف في ذلك وكابر فلا يخلو من أحد أمرين: إما لبالغ جهله في فهم مسائل علم الحديث, وإما لعدم إنصافه في ما يتكلم ويقرر.
ومما يدل على مقصود الحلبي عنوان المسألة التي عنون لها الحلبي وهي( الجرح المفسر ) ولم يقل الحلبي اختلاف الأئمة في الجرح, وإنما أطلق العنوان فكان الاختلاف مقدمته وعدم الوجوب والإلزام صلبه وحقيقته.
ومما يدل كذلك قوله بعد إيراد العنوان مباشرة وهو قوله:
(( فكل من جرح شخصا نراه يلزم الآخرين به, بحجة أن جرحه له مفسر, وأنه (واجب) قبول الجرح المفسر)).
فبعد أن ذكر أن هذه المسألة مما أفضت إلى النزاع والخصام والإلزام, ذكر قوله هذا الذي يفيد أن الجرح المفسر ليس بواجب القبول مما يوجب عدم الإلزام بهذا الجرح.
فأين مقصود الحلبي الذي فهمه الكاتب منه, وأين واقع الخلاف الذي جعله الكاتب مقصود الحلبي ومحور مسألته هذه.
ومما يدل أيضا ما نقله الحلبي عن شيخ الإسلام ابن تيمية من عدم الإلزام بالأقوال المحدثة والمسائل الاجتهادية, ثم عقب الحلبي بقوله:
(( وهذه النصوص – جميعا – تدل – بما لا ريب فيه – على أن ( الإلزام ) لا يجوز – البتة – سواء أكان ذلك في:
أ- الأقوال المحدثة.
أو:
ب- المسائل الاجتهادية.
وخلاف ذلك جهل, أو غلو, أو تشغيب! ))
ومما لا جدال فيه أن الحلبي يريد أن مسائل الجرح المفسر من قبيل هذه المسائل التي مسائل اجتهادية.
وكذلك مما يدل على مقصود الحلبي أن الحلبي علق بكلام الصنعاني هذا في حاشية كتابه على ما ذكره في الأصل حيث نقل كلام أحمد بن صالح حيث قال: (( لا يترك حديث رجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه)).
فأراد أن يبين من الأصل والحاشية أن الذي يجب تركه وجرحه هو من اجتمع الأئمة على جرحه وتركه, أما من اختلف فيه العلماء فيجوز الجرح كما يجوز التعديل للاختلاف الحاصل في ذلك وأتى بكلام الصنعاني على هذا التأصيل.
فما علاقة وقوع الاختلاف بين أئمة الجرح والتعديل بصنيع أحمد بن صالح المصري من أنه لا يترك حديث رجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه, إلا أنه يريد أن يبين سبب ذلك فعلق بكلام الصنعاني ليبين سبب عدم الترك إلا بالإجماع وهو: أنه لا إلزام إلا بالإجماع لأن كلام الأئمة في الرواة من المسائل الاجتهادية التي لا يصح الإلزام بها مطلقا, فكان كلام الصنعاني على حسب صنيع الحلبي هو المبين لسبب صنيع أحمد بن صالح المصري وهو مقصود الحلبي على خلاف ما فهمه الكاتب أو أراد تفهيمه للناس بحجة الدفاع عن منهج شيخه مع أني أكاد أجزم بأن الكاتب ليس بمقتنع بما كتب لكنه لا بد من الدفاع ولو بالباطل لحماية منهج شيخه ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
مع أن أصل إستدلال الحلبي بكلام الإمام أحمد بن صالح المصري – رحمه الله – قد انتقده الحلبي في شرحه للباعث الحثيث .
حيث ذكر هناك أن الجرح المفسر مقدم على التعديل مطلقاً ! .

حيث قال الحلبي في شرحه للباعث الحثيث شريط رقم (39) تعليقا على عبارة : (وروى ابن الصلاح عن أحمد بن صالح المصري أنه قال: لا يترك الرجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه)
علق الشيخ الحلبي ( وهذا كلام في الحقيقة ليس بدقيق بمعنى : أننا نرى بعض الكذابين قد ورد توثيق لهم , فهل نقول :هذا لا نترك حديثه ؟ "لان الجميع لم يجتمعوا على ترك حديثه " .
نقول : لا , وإنما الحجة في ذلك كله على ماذا ؟ على البينة وتفسير الجرح , فإذا جاءنا جرحٌ مفسر في راوٍ وثقهُ زيد أو عمرو من كبار أئمتنا فان الجرح المفسر مقدم على التعديل المبهم , بل نقول : مقدم على التعديل مطلقا لماذا ؟
لإن الجارح معه زيادة علم , ومعه بينة تزيد على الأصل في الراوي وهو (الثقة) ).أ.هـ


حمل المقطع الصوتي من هنا

وهذا الكلام مخالف لما قرره الحلبي في كتابه منهج السلف الصالح ، فما الذي تغير ؟! القواعد والاصول أم التطبيقات لهذه القواعد .
وكلام الحلبي مليء بما يدل على مقصوده ولولا خشية الإطالة لأتيت بكل ما يدل على ذلك.

ثانيا: ادعى الكاتب أن شيخه لم يأت بكلام الصنعاني ليبين أن كلام الأئمة في الرواة من قبيل المسائل الاجتهادية وإنما أتى به ليبين وقوع الاختلاف بين كلامهم في الراوي الواحد وإنما أتى بكلام المنذري لبيان ذلك.
وما هذا التفريق بين الكلامين في حدود مسألة واحدة كلها تدل على مراد واحد بدليل دخولهما في مسألة واحدة وهي الجرح المفسر, فمن أين لك هذا الفصل بين الكلامين, بل كل ما ساقه الحلبي من الأدلة وأقوال العلماء لبيان ما قصده من عدم الإلزام بالجرح المفسر الذي لم يجمع العلماء عليه ومن ضمن ذلك كلام الصنعاني, فتفريق الكاتب بين كلام الصنعاني وبين كلام المنذري إنما هو عين التلاعب بالنصوص وبأقوال العلماء, فعلى الكاتب أن يتقي الله تعالى وأن ينصف في القول والعمل, ولو اجرينا طريقة الكاتب على أقوال العلماء التي ذكرها الحلبي لخرج لنا عشرات المسائل في المسألة الواحدة وهذا هو عين التكلف الذي نهينا عنه.

ثالثا: ذكر الكاتب في دفاعه عن شيخه بمحض الهوى والتلاعب بالنصوص حيث قال:
(( إن مما يؤكد أن شيخنا لم يورد كلام الصنعاني –هذا- ليستدل به على أن الكلام في الرجال داخل في باب الاختلاف العلمي الذي يقتضيه الاجتهاد حاله كحال اختلاف الفقهاء –كما قوله إياه المشغِّب- , وإنما أورده ليستشهد به على وقوع الخلاف في الرجال –لا أكثر- أن شيخنا في الطبعة الأولى من كتابه نقل قول الصنعاني –الذي حكاه على لسان السائل قائلا- : " قال الإمام الصنعاني في «إرشاد النقاد» (ص13): «قد يختلف كلام إمامين من أئمة الحديث في الراوي الواحد، وفي الحديث الواحد، فيضعف هذا حديثا، وهذا يصححه! ويرمي هذا رجلا من الرواة بالجرح، وآخر يعدله!
وذلك مما يشعر أن التصحيح -ونحوه- من مسائل الاجتهاد التي اختلفت فيها الآراء»".
فعدله في الطبعة الثانية إلى القول : "وقد نقل الإمام الصنعاني في «إرشاد النقاد» (ص13-14/ج1- من مجموع الرسائل المنيرية) قول من قال: «قد يختلف كلام إمامين من أئمة الحديث في الراوي الواحد، وفي الحديث الواحد، فيضعف هذا حديثا، وهذا يصححه! ويرمي هذا رجلا من الرواة بالجرح، وآخر يعدله!»، ثم قال -عقبه- مقرا-: «إن الأمر كذلك؛ أي: إنه قد تختلف أقوالهم»".
فشيخنا حذف في الطبعة الثانية ما كان أورده في الطبعة الأولى من عبارة السائل : "وذلك مما يشعر أن التصحيح -ونحوه- من مسائل الاجتهاد التي اختلفت فيها الآراء".
فلو كان شيخنا يريد من نقله لكلام الصنعاني أن يستدل به على أن الكلام في الرجال داخل في باب الاختلاف العلمي الذي يقتضيه الاجتهاد حاله كحال اختلاف الفقهاء لأبقى هذه العبارة –التي حكاها الصنعاني على لسان السائل- فهي موضع الشاهد من الاستدلال ؛ لكن لمّا حذفها واقتصر على موضع الشاهد وهو (وقوع الخلاف في الحكم على الرجال) دلّ ذلك على أنه لم يورد كلام الصنعاني لأجل الغاية التي ذكرها المشغبون ؛ بل على ما ذكرناه ؛ فبطل تشغيبهم –بحمد الله-عند أولي العقول والإنصاف- .)).
وهذا الدفاع من الكاتب عن شيخه عري عن الأدلة مطلقا, وذلك أن شيخه إنما غير فيما نقله في الطبعة الأولى لما تبين للناس سوء نقله وتصرفه في كلام الصنعاني, وإلا لبين ما وقع فيه من خطأ وسوء تصرف, لكنه الدفاع بالباطل, وكلام الصنعاني نموذجا من النماذج الكثيرة التي وقع فيها الحلبي في كتابه هذا, فكل من تتبع صنيع الحلبي في كتابه ظهر له من عدم الأمانة العلمية الشيء الكثير الذي لا يستطيع رده إلا بمثل تكلف الكاتب.
قال ابن الوزير -رحمه الله- في [«العواصم والقواصم» :(1/224)] :(( وَالقَاصِدُ لِوَجْهِ اللهِ لَا يَخَافُ أَنْ يُنْقَدَ عَلَيْهِ خَلَلٌ فِي كَلَامِهِ ، وَلَا يَهابُ أَنْ يُدَلَّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِهِ ، بَل يحُبُّ الحَقَّ مِنْ حَيْثُ أَتَاهُ ، وَ يَقْبَلُ الهُدَى مِمَّن أَهْدَاهُ، بَلْ المُخَاشَنَةُ بِالحَقِّ وَ النَّصِيحَةِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ المُدَاهنَةِ عَلَى الأَقْوَالِ القَبِيحَةِ )) .
وأخيرا : فإن اتهام الكاتب وأقرانه من كتّاب موقع (كل السلفيين ) على كل من بين أخطاء الحلبي أو رد عليه بأنه من الغلاة, إنه لعين الغلو لو كانوا يفقهون, وإلا لماذا هذا الطعن والتشهير بكل من خالفهم في قواعدهم ومنهجهم ورد على شيخهم وبين فساد قواعده وتطبيقاته التي خالفت ما كان عليه هو من قبل.
ولماذا لم يعاملوا من رد على شيخهم على حسب قواعدهم الواسعة لكنها البدع والعياذ بالله, وهذا حال المبتدعة في الرد على من خالفهم وإلى الله المشتكى.

وفي الختام أدعوا نفسي وإخواني إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة, وأن يتمسكوا بكلام العلماء الربانيين الذي جعلهم الله منارا يهتدي بهم الناس إلى طريق الله المستقيم, ويحفظون للناس دينهم من تأويل الجاهلين وزيغ الضالين وابتداع المبتدعين.
وأسأل الله تعالى أن يثبتنا على دينه وأن يميتنا على سنة نبيه صلى الله عليه وسلم, أنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأجمعين .

كتبه
أبو محمد الهاشمي البغدادي
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-27-2011, 12:25 AM
أبو عمر عبد الباسط المشهداني أبو عمر عبد الباسط المشهداني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 21
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي

كلام الصنعاني في الطبعة الاولى لكتاب الحلبي منهج السلف الصالح






كلام الصنعاني في الطبعة الثانية لكتاب الحلبي منهج السلف الصالح





كلام الصنعاني كاملا في إرشاد النقاد الذي بتره الحلبي



التعديل الأخير تم بواسطة أسامة بن عطايا العتيبي ; 06-27-2011 الساعة 05:24 AM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-27-2011, 12:59 AM
أبو عمر عبد الباسط المشهداني أبو عمر عبد الباسط المشهداني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 21
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي

مواضيع ذات صلة ...

نظرات وتعقبات على كلام الحلبي في مسألة الجرح المفسر
http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=25324

الإفهام في بطلان قاعدة من قيد قبول الحق بالاقتناع أو عدم الإلزام
http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=25810
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-27-2011, 05:55 AM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,370
شكراً: 2
تم شكره 273 مرة في 213 مشاركة
افتراضي

جزاكم الله خيراً وبارك فيكم

وما ذكرتموه من بيان سبب إيراد الحلبي ما في كتاب إرشاد النقاد للصنعاني ظاهر وواضح، ففي الطبعة الأولى لما نقل ما زعم -كذباً وزوراً- أنه كلام الصنعاني سود الحلبي -سود الله وجهه- هذه العبارة: (وذلك مما يشعر بأن التصحيح ونحوه من مسائل الاجتهاد الذي اختلفت فيه الآراء)

وتسويد الحلبي للكلام -سود الله وجهه- من أساليب الحلبي المعروفة لبيان مقصوده بالنقل!

فتسويده لذلك الكلام دال على مراده ومقصوده بذلك النقل.

أما أن يزعم المبتدع عماد طارق أن الحلبي إنما أورده ليبين وجود الخلاف في أحكام أئمة الجرح والتعديل على الرواة فهذا من سخافة هذا الضال، وقد سبق أن ذكر المبتدع الحلبي قضية الاختلاف، ومثل بعكرمة، ولا يحتاج إلى مثل هذا التعليق لذكر وجود أمر بدهي وهو قد ذكره سابقاً، وتحشيته على كلام الإمام أحمد بن صالح المصري أعظم برهان على أنه أراد تأييد كلامه لا ليذكر أمراً بدهياً!!

ولكن لما بين له الناس أنه بتر كلام الصنعاني، وأنه أخل بالأمانة العلمية أُسْقِط في يدي الحلبي، وبدل أن يحذف كلام الصنعاني، ويبين للناس خطأه، ويشكر من نبهه، إذا به يصر ويستكبر، ويبقي الكلام ولكن مع شيء من التحوير والتحريف، فبدل أن يبقي كلام الصنعاني للدلالة على أن الخلاف في الرواة من قبيل المسائل الاجتهادية، ويبقي التعليق تأييداً لمذهب الإمام أحمد بن صالح المصري إذا به يعدل في النقل ليظهر للقراء أن تعليقه يمكن أن يكون صحيحاً، وأن يحمل على بيان أن الخلاف في الأحكام على الرواة موجود!!!!

فالحلبي لجأ إلى تكرار هذه القضية في الهامش -مع ما فيها من السماجة ولي أعناق أقوال العلماء- ليستقيم له نقله، ويتقبل الهمج الرعاع تحريفه وبتره!

وحيل الحلبي هذه قد تنطلي على عماد طارق وأشباهه لأنهم على درجة كبيرة من الغباء وكثافة الجهل، مع ما يسوقهم إليه هواهم من الدفاع بالباطل عن هذا الحلبي الكذاب ..

وعماد طارق يعلم من مكر الحلبي ومشهور ما تسقط به عدالتهما، وما هو كاف لينفر عنهما، لكن "لأمر ما جدع قصير أنفه!" كما في المثل العربي!

ولولا استفادته ومصلحته الدنيوية الدنيئة لَلَفَظَهُم من زمن، ولكنه الهوى الذي يتجارى به وبهم كما يتجارى الكلب بصاحبه..

فأنصحه وأنصحهم بالتوبة قبل فوات الوقت، فإن الموت إذا حل به وبهم انكشف الغطاء، ولن ينفعهم هذا الابتداع وهذا التلاعب وهذا التغرير بشباب المسلمين..

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 06-27-2011, 10:23 AM
أبو عبد الرحمن الجزائري أبو عبد الرحمن الجزائري غير متواجد حالياً
طالب في معهد البيضـاء العلميـة -وفقه الله-
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 376
شكراً: 3
تم شكره 26 مرة في 23 مشاركة
افتراضي

جزاكم الله خيرا
__________________

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 06-27-2011, 10:50 AM
أبو طلحة سعيد السلفي أبو طلحة سعيد السلفي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
الدولة: المملكة المغربية مدينة الداخلة
المشاركات: 366
شكراً: 7
تم شكره 36 مرة في 34 مشاركة
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى أبو طلحة سعيد السلفي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو طلحة سعيد السلفي
افتراضي

بارك الله فيكم شيخنا أسامة وجزاكم الله خيرا عن الاسلام و المسلمين
وجعلك الله شوكة في حلوق اهل البدع والحزبيين ومن يدافع عنهم بالباطل



وبارك الله في عمل هذا الاخ أبو محمد الهاشمي البغدادي
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 06-28-2011, 08:02 AM
محمد عبدالله محمد محمد عبدالله محمد غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 415
شكراً: 0
تم شكره 11 مرة في 11 مشاركة
افتراضي

جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 08-30-2011, 07:31 PM
بلال الجيجلي بلال الجيجلي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: الجزائر- ولاية جيجل - حرسها الله من كل سوء-
المشاركات: 941
شكراً: 13
تم شكره 43 مرة في 40 مشاركة
افتراضي

بارك الله فيكم.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 05-03-2012, 06:56 PM
أبو أنس محمد السلفي أبو أنس محمد السلفي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 227
شكراً: 1
تم شكره 7 مرة في 7 مشاركة
افتراضي

جزاكم الله خيرا

يرفع الأهمية ....
__________________
قال رسول الله عليه الصلاه والسلام
(الأرواح جنود مجنده ما تعرف منها إئتلف وما تناكر منها أختلف)
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 05-04-2012, 07:18 AM
ابو علقمة يونس النحيلي ابو علقمة يونس النحيلي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: ليبيا /حرسها الله /من توكرة
المشاركات: 311
شكراً: 82
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
افتراضي

بارك الله فيكم وحفظكم الله
الحلبي لا يستحي أبدا من الكذب
سبحان الله متي يرجع الحلبي إلى الله ويتوب من الكذب
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:59 PM.


powered by vbulletin