نزولا عند طلبكم أخي الحبيب محمدا الدهيمان أقول , و بالله التوفيق :
سأل الأستاذ عز الدين التنوخي الشيخَ بهجة البيطار عن السرّ في الاستدلال على عظمة الخالق بذكر الإبل و الأنعام العجماء الخرساء ذات الأعناق العوجاء ,و لا يستدل على العظمة بالعيون الجميلة البديعة التي تسلب الألباب ؟؟
فكان الجواب , باختصار :
أن الله عزوجل ذكر الإبل فقال : (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ))لما في هذه البهيمة من عجائب الخلقة و كثرة المنافع
فمنها اللبن و اللحم و الوبر , و منها دواء في أبوالها
كما أن لها من الخصائص العجيبة ما يخول لها طول المسير عبر الصحاري , و هي في كل ذلك تحمل متاعها وماءها معها , فلا ترهق راكبها
و لها من الدلائل الواضحة ما يلاحظه كل مسافر يجوب الفيافي في الصحراء خصوصا في تلك الأزمان , فالنظر إليها أدعى لتذكر الخالق و عظمته .
بخلاف النظر إلى العيون الجميلة , فإن الناظر إليها أبعد ما يكون عن استحضار العظمة و ذكر عجائب الله في خلقه ,إذ الناظر لهذه العيون
لا يكون منه إلا ذلك الانجذاب الغريزي نحو الجمال الأنثوي الذي جبل الإنسان على عشقة و السير خلفه , فلا يذكره حين يذكره إلا
للسمر أو الزواج أو الحرام , بل إن تلك العيون هي سبب انزلاق الكثيرين و انحرافهم عن جادة العابدين المطيعين
فهل تكون الأعين الجميلة الداعية إلى الشهوات سببا في تذكر عظمة خالق الأرض والسماوات ؟؟!!!
و في مثل هذا المعنى يقول الشاعر :
إن العيون التي في طرفها حوَر *** قتلننا ثم لم يحيينا قتلانا
يصرعن ا اللبّ حتى لا حراك به *** و هن أضعف خلق الله إنسانا
فهل الذي يذهب باللبّ يذكرنا الربَّ ؟؟ أم العكس ؟؟
هذا توجيه الشيخ محمد البيطار لكون الإبل أدل على الخالق من العين الساحرة في وجه المرأة الفاتنة , فمثل ذلك لا يكون داعيا لتذكر عظمة الخالق .
هذا ما بادا لي توضيحا لهده الأبيات , ولعله يكون لي رجعة إليها بمزيد توضيح , و الله الموفق.