فضل الغني الخفي وقت الفتن
عن أبي الطفيل عامر بن واثلة رضي الله عنه، أن حذيفة رضي الله عنه، قال له: «كيف أنت وفتنةٌ؛ خير الناس فيها غني خفي؟!»
قال: قلت: وكيف وإنما هو عطاء أحدنا يطرح به كل مطرح , ويرمي به كل مرمى؟
قال: «كن إذا كابن المخاض، لا ركوبة فتركب، ولا حلوبة فتحلب».
رواه نعيم في كتاب الفتن، وابن أبي شييبة في المصنف، والحاكم في المستدرك بسند صحيح.
ابن المخاض: هو ما أتم سنة من الإبل ودخل في الثانية.
والظاهر أن حذيفة في ها الأثر هو حذيفة بن أسيد رضي الله عنه.
بدلالة ما رواه الحاكم في المستدرك بسند حسن عن قتادة، عن أبي الطفيل، قال: كنت بالكوفة، فقيل: خرج الدجال، قال: فأتينا على حذيفة بن أسيد وهو يحدث، فقلت: هذا الدجال قد خرج، فقال: اجلس، فجلست.
فأتى علي العريف، فقال: هذا الدجال قد خرج وأهل الكوفة يطاعنونه، قال: اجلس، فجلست فنودي إنها كذبة صباغ.
قال: فقلنا يا أبا سريحة ما أجلستنا إلا لأمر فحدثنا.
قال: " إن الدجال لو خرج في زمانكم لرمته الصبيان بالخذف، ولكن الدجال يخرج في بغض من الناس، وخفة من الدين، وسوء ذات بين، فيرد كل منهل، فتطوى له الأرض طي فروة الكبش حتى يأتي المدينة، فيغلب على خارجها ويمنع داخلها.
ثم جبل إيلياء فيحاصر عصابة من المسلمين، فيقول لهم الذين عليهم ما تنتظرون بهذا الطاغية أن تقاتلوه حتى تلحقوا بالله أو يفتح لكم، فيأتمرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا، فيصبحون ومعهم عيسى ابن مريم فيقتل الدجال ويهزم أصحابه، حتى إن الشجر والحجر والمدر، يقول: يا مؤمن هذا يهودي عندي فاقتله "،
قال: " وفيه ثلاث علامات: هو أعور وربكم ليس بأعور، ومكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن أمي وكاتب، ولا يسخر له من المطايا إلا الحمار، فهو رجس على رجس.
ثم قال: أنا لغير الدجال أخوف علي وعليكم "،
قال: فقلنا: ما هو يا أبا سريحة؟
قال: «فتن كأنها قطع الليل المظلم» ،
قال: فقلنا: أي الناس فيها شر؟ قال: «كل خطيب مصقع، وكل راكب موضع» ،
قال: فقلنا: أي الناس فيها خير؟ قال: «كل غني خفي» ،
قال: فقلت: ما أنا بالغني ولا بالخفي، قال: «فكن كابن اللبون لا ظهر فيركب، ولا ضرع فيحلب».
ومعنى راكب موضع: أي راكب مسرع.
والله أعلم.
كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
6/ 11/ 1438 هـ