منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام

آخر المشاركات تعليق حول تناول بعض الإخوة لموضوع الإنكار العلني بسطحية بالغة للقضية والفتنة الحاصلة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          الصعفوق الأحمق مجدي ميلود حفالة (الحثالة) يصف نفسه بعدم الرجولة والخيانة والخسة والدناءة التي يترفع... (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جواب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لمن سأله: (ما سبحان الله؟) (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          الرد على الكلام المنسوب للشيخ لزهر حول فضيلة الشيخ طلعت زهران، وحول كتابات العتيبي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          حكم الكلام أثناء قراءة القرآن (الكاتـب : أبو هريرة الكوني السلفي - )           »          خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-26-2012, 11:18 AM
محمود الشمري محمود الشمري غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 21
شكراً: 1
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي غراس الجنتين في بيان معنى حديث السبتيتين

غِراسُ الجَنَتَينِ


في


بَيانِ مَعنى حَديثِ السَبتيَتَينِ




كتبه


أبو حسام محمود


8/7/1433





المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الاحزاب:70-71]
أما بعد: فأن أصدق الحديث كلام الله, وخير الهدي هدي محمد (صلى الله عليه وسلم), وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد:
فقد روى ابن ماجة (رحمه الله) تعالى وغيره أحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في فضل إحياء سنته المطهرة بعدما يُميتها الناس بتركها وعدم العمل بها، حتى يصبح الداعي إليها غريباً كأنما يدعوا إلى أمر منكر, كما قال إبن مسعود رضي الله عنه: (كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَبِسَتْكُمْ فِتْنَةٌ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ، وَيَرْبُو فِيهَا الصَّغِيرُ، وَيَتَّخِذُهَا النَّاسُ سُنَّةً فَإِذَا غُيِّرَتْ، قَالُوا: غُيِّرَتِ السُّنَّةُ؟ " قِيلٌ: مَتَى ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: «إِذَا كَثُرَتْ قُرَّاؤُكُمْ، وَقَلَّتْ فُقَهَاؤُكُمْ، وَكَثُرَتْ أَمْوَالُكُمْ، وَقَلَّتْ أُمَنَاؤُكُمْ، وَالْتُمِسَتِ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ)([1]) فالمتمسك بسنة الرسول (عليه الصلاة والسلام) والداعي إليها في مثل هكذا أزمنة وخصوصا بعدما تكون معالم السنة قد إخلولقت وتلاشت, لمن أعظم الناس ثواباً وأكثرهم جهاداً في سبيل تبليغ دين الله جل وعلا و إحياء سنة الرسول (عليه الصلاة والسلام).
أخرج إبن ماجة رحمه الله عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني حدثني أبي عن جدي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس كان له مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئاً، ومن ابتدع بدعة فعمل بها كان عليه أوزار من عمل بها لا ينقص من أوزار من عمل بها)([2]).
فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتبعين للسنة العاملين بها الداعين إليها, فإن العمل بسنة رسول الله (عليه الصلاة والسلام) ودعوة الناس إليها خصوصاً في هذه الأزمنة التي قل فيها العلم وكثر الجهل وتكلم الرويبضة, لمن أفضل القربات إلى الله سبحانه وتعالى. ولابد أن يلحق الداعية بعض الأذى من السب و اللمز والقيل والقال وغير ذلك، فلابد من الصبر والثبات, حتى يستريح بر أو يُستراح من فاجر.
وقد وعد رسول الله (عليه الصلاة والسلام) الغرباء المصلحين لما فسد من عقائد الناس وأعمالهم خيراً كثيراً.
فقد روى الإمام أحمد (رحمه الله) عن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) أنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ذَاتَ يَوْمٍ وَنَحْنُ عِنْدَهُ: «طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» ، فَقِيلَ: مَنِ الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أُنَاسٌ صَالِحُونَ، فِي أُنَاسِ سُوءٍ كَثِيرٍ، مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ»([3]).
ومن السنن المهجورة في بلادنا وغيرها من البلدان الإسلامية إلا من رحم الله هي سنة نزع النعال لمن أراد زيارة المقابر والمشي بين القبور والتي نسأل الله أن يعيننا على إحيائها, فأن هذه السنة قد ثبتت بما لايقبل الشك من قول الصادق المصدوق (عليه الصلاة والسلام) كما في الحديث الآتي ذكره إن شاء الله تعالى، وبفهم العلماء الراسخين بالعلم. وقد قمت بهذا العمل اليسير مشاركة بسيطة في خدمة سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم), وإحياء ما إندرس منها نسأل الله الصدق والإخلاص في القول والعمل.

أبو حسام



حديث بشير بن الخصاصية (رضي الله عنه).
أخرج أبو داود رحمه الله تعالى عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ بَشِيرٍ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ اسْمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ زَحْمُ بْنُ مَعْبَدٍ، فَهَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا اسْمُكَ؟» قَالَ: زَحْمٌ، قَالَ: «بَلْ، أَنْتَ بَشِيرٌ»، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا» ثَلَاثًا ثُمَّ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «لَقَدْ أَدْرَكَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا» وَحَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظْرَةٌ، فَإِذَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ عَلَيْهِ نَعْلَانِ، فَقَالَ: «يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ، وَيْحَكَ أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ» فَنَظَرَ الرَّجُلُ فَلَمَّا عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَعَهُمَا فَرَمَى بِهِمَا)([4]).

وعند إبن ماجة : قَالَ: (بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «يَا ابْنَ الْخَصَاصِيَّةِ مَا تَنْقِمُ عَلَى اللَّهِ؟ أَصْبَحْتَ تُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا أَنْقِمُ عَلَى اللَّهِ شَيْئًا، كُلُّ خَيْرٍ قَدْ آتَانِيهِ اللَّهُ، " فَمَرَّ عَلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «أَدْرَكَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا» ثُمَّ مَرَّ عَلَى مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «سَبَقَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا» قَالَ: فَالْتَفَتَ، فَرَأَى رَجُلًا يَمْشِي بَيْنَ الْمَقَابِرِ فِي نَعْلَيْهِ، فَقَالَ: «يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ أَلْقِهِمَا» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ يَقُولُ: حَدِيثٌ جَيِّدٌ وَرَجُلٌ ثِقَةٌ).([5])

وعند أحمد (...كُنْتُ أُمَاشِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِذًا بيده ...)([6]).

وعند النسائي (... يمشي بين القبور ...) الحديث ([7]),([8])



معنى السبتيتين

قال في تاج العروس: السِّبْتُ، أَيضاً: (كُلُّ جِلْدٍ مَدْبُوغٍ، أَو) المدبوغُ (بالقَرَظِ) . وَفِي الصَّحاح: السِّبْتُ: جُلودُ البقَرِ المدبوغةِ بالقَرَظ، تُحْذَى مِنه النِّعالُ السِّبْتِيّةُ، انْتهى. وَقَالَ أَبو عَمْرٍ و: كُلّ مدبوغٍ فَهُوَ سِبْتٌ. قيل: مأْخُوذٌ من السَّبْت، وَهُوَ الخَلْق.[9]
وقال السندي: السِّبْتِيَّتَيْنِ: بِكَسْرِ السِّينِ نِسْبَةً إِلَى السِّبْتِ وَهُوَ جُلُودُ الْبَقَرِ الْمَدْبُوغَةُ بِالْقَرَظِ يُتَّخَذُ مِنْهَا النِّعَالُ لِأَنَّهُ سُبِتَ شَعْرُهَا أَيْ حُلِقَ وَأُزِيلَ وَقِيلَ لِأَنَّهَا انْسَبَتَتْ بِالدِّبَاغِ أَيْ لَانَتْ وَأُرِيدَ بِهِمَا النَّعْلَانِ الْمُتَّخَذَانِ مِنَ السِّبْتِ .([10])

فوائد الحديث الفقهية:
· الفائدة الأولى:
عدم جواز لبس النعلين لمن أراد زيارة المقابر والمشي بين القبور، وأنه لافرق بين النعال السبتية وغيرها فالعلة في كافة أنواع النعال واحدة والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً, والشريعة لاتفرق بين متماثلين ولا تجمع بين متفرقين.
قال الشوكاني (رحمه الله): (وَفِي ذَلِكَ [11] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنَّعْلَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ عَدَمُ الْجَوَازِ بِكَوْنِ النَّعْلَيْنِ سِبْتِيَّتَيْنِ لِعَدَمِ الْفَارِقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا).([12])
وقال في (بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار): [قَوْلُهُ: (يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ) قَالَ الشَّارِحُ: ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنَّعْلَيْنِ].([13])
قال العلامة ابن باز (رحمه تعالى) جواباً على السؤال التالي:
س: حديث: «يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك » لما رآه النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في المقبرة بنعليه هل يعمل به؟ وهل ينكر على من مشى بنعليه في المقبرة؟
ج: (الحديث لا بأس به، ولا يجوز أن يمشى بالنعال في المقبرة إلا عند الحاجة، مثل وجود الشوك في المقبرة، أو الرمضاء الشديدة، أما إذا لم يكن هناك حاجة فينكر عليه، كما أنكر صلى الله عليه وسلم على صاحب السبتيتين، ويعلم الحكم الشرعي).([14])
وقال (رحمه الله) جواباً عن السؤال التالي:
س: ما قولكم في الأحاديث الواردة والناهية عن لبس النعلين حين دخول القبور أو المقبرة؟
ج: (جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: أنه رأى رجلا يمشي في نعليه بين القبور، فأمره بخلعها قال: «يا صاحب السبتيتين، ألقهما » احتج العلماء بأنه يكره المجيء إلى المقبرة بالنعال إلا عند الحاجة، إذا كان في المقبرة شوك، أو الشمس حارة في وقت الشمس فلا بأس، أما من غير حاجة فيكره ذلك المشي عليها، كما يكره الجلوس على القبر، أو الوطء عليه أو توسده، كل هذا ما يجوز: لا يطأ القبر، ولا يجلس عليه، ولا يتوسده، لأن الرسول نهى عن ذلك عليه الصلاة والسلام، ولا يجصص القبر، ولا يبنى عليه قبة ولا مسجد، كله منكر.([15])
وأفتت اللجنة الدائمة جواباً على السؤال التالي بما يأتي :
س2: هل خلع النعال في المقابر من السنة أم بدعة؟
ج2: (يشرع لمن دخل المقبرة خلع نعليه؛ لما روى بشير بن الخصاصية قال: «بينا أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجل يمشي في القبور وعليه نعلان، فقال: يا صاحب السبتيتين، ألق سبتيتيك فنظر الرجل، فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلعهما فرمى بهما » رواه أبو داود، وقال أحمد: إسناد حديث بشير بن الخصاصية جيد أذهب إليه إلا من علة، والعلة التي أشار إليها أحمد رحمه الله كالشوك والرمضاء ونحوهما، فلا بأس بالمشي فيهما بين القبور لتوقي الأذى.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء([16])


الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي
عضو عبد الله بن غديان

وقال الشيخ الألباني (رحمه الله):
(وقد ثبت أن الامام أحمد كان يعمل بهذا الحديث، فقال أبو داود في مسائله (ص 158): (رأيت أحمد إذا تبع الجنازة فقرب من المقابر خلع نعليه) .
فرحمه الله، ما كان أتبعه للسنة).([17])


· الفائدة الثانية :
هذا الحكم المتقدم يختص بالنعلين ولا يتعداهما الى غيرهما من الخفاف (الأحذية) أو الشمشكات أو التمشكات وهي الصنادل : (خف له سيور يثبت في القدم[18]) . أو مافي معناهما.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله تعالى :
وَيُقَال: إِنَّمَا كره ذَلِك لِأَن أهل الْقُبُور يؤذيهم صَوت النِّعَال .[19]
قلت : إن ثبتت هذه العلة فالأمر ظاهر بأن الحكم لا يتجاوز النعلين , وإلا كانت العلة تعبدية . وعلى كل حال فالحكم لا يتعدى النعلين .
قال إبن قدامة (رحمه الله تعالى):
(وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجِنَازَةِ لَبِسَ خُفَّيْهِ، مَعَ أَمْرِهِ بِخَلْعِ النِّعَالِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَتَعَدَّى النِّعَالَ إلَى الشِّمْشِكَاتِ وَلَا غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ غَيْرُ مُعَلَّلٍ، فَلَا يَتَعَدَّى مَحَلَّهُ).([20])


· الفائدة الثالثة:

يستثنى من الحكم السابق وجود علة تمنع من المشي حافيا , كشوك أو حجر يؤذي الرجل أو إرتفاع حرارة الأرض وما يشابهها.
قال ابن قدامة (رحمه الله):
(قَالَ أَحْمَدُ، فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ الْمَقَابِرَ وَفِيهَا شَوْكٌ يَخْلَعُ نَعْلَيْهِ: هَذَا يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَمْشِيَ الرَّجُلُ فِي الشَّوْكِ، وَإِنْ فَعَلَهُ فَحَسَنٌ، هُوَ أَحْوَطُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ رَجُلٌ. يَعْنِي لَا بَأْسَ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُذْرَ يَمْنَعُ الْوُجُوبَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَالِاسْتِحْبَابُ أَوْلَى).([21])

قال الشيخ الألباني (رحمه الله):
ونقل عن الامأم أحمد أنه قال: (حديث بشير إسناده جيد، أذهب إليه إلا من علة).([22])

· الفائدة الرابعة:
النهي عن لبس النعال مختص بالمشي بين القبور, أما إذا كان الزائر يقف عند حدود المقبرة لغرض العبرة والسلام على الأموات والدعاء لهم من غير مشي بين القبور , فلا يلحقه النهي عن لبس النعال.
قال العلامة ابن باز (رحمه الله تعالى) جواباً على هذا السؤال:
س: ما هو الضابط في خلع النعال عند دخول المقبرة؟
ج: (يخلعها إذا كان يمر بين القبور، أما إذا لم يمر بين القبور فلا يخلعها مثل أن يقف عند أول المقبره ويسلم فلا يخلع).([23])
· الفائدة الخامسة :
يستثنى من الأمر بخلع النعال الذي يمشي في الطرق المعدة للسير بين القبور لكون هذه الطرق تفصل بين قبر وأخر ولافرق بين طرق كبيرة معدة لسير المركبات أو صغيرة معدة لسير الأفراد لأنها في كل الأحوال تفصل بين القبور .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله منبها بعض طلبة العلم على مواضع خلع النعال وجوازه في غيرها :
ترى بين القبور ماهو ماهو في المقبرة [24].
وقال رحمه الله : أحيانا يكون شارع في المقبرة هذا مافيه شي مافي شيء هذا ماهو بين القبور لأن الشارع يفصل بين هؤلاء وهؤلاء بين القبر والقبر.[25]
· الفائدة السادسة :
بيان سبب خلع النعال: نذكر أولا أن الحديث لم يرد فيه بيان العلة ولم يأتي في بيانها نص أخر فهي علة إجتهادية فالأسلم أن نقول أن الأمر غيبي تعبدي فما علينا إلا إمتثال الأمر كماورد من غير زيادة ولا نقصان .
ونقول ثانيا : أن العلماء بذلو جهدهم لمعرفة علة الحكم فكان الأقرب للصواب من أقوالهم أن سبب خلع النعال هو إحترام أموات المسلمين وعدم إيذائهم بلبس النعال بين قبورهم ,
وقد تقدم في الفائدة الثالثة قول القاسم بن سلام رححمه الله :
وَيُقَال: إِنَّمَا كره ذَلِك لِأَن أهل الْقُبُور يؤذيهم صَوت النِّعَال .[26]
وقال الشيخ الألباني (رحمه الله تعالى) بعدما فند تعليل النزع بأنه كان في النعلين قذر وذكر قول ابن حزم الآتي ضمن الرد على الإعتراض الثاني وهو تعليل الخلع بالنجاسة . قال: (والاقرب أن النهي من باب احترام الموتى، فهو كالنهي عن الجلوس على القبر).([27])
وقال ابن قدامة (رحمه الله تعالى) :
وَلَنَا، أَمْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ الَّذِي تَقَدَّمَ، وَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ النَّدْبُ، وَلِأَنَّ خَلْعَ النَّعْلَيْنِ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ، وَزِيُّ أَهْلِ التَّوَاضُعِ، وَاحْتِرَامُ أَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ .([28])
وقال عبد الرحمن بن قاسم (رحمه الله) معلقاً على قول الماتن في زاد المستقنع: (ويكره ....والمشي بالنعل فبها) قال: (أي في المقبرة، لقوله صلى الله عليه وسلم لبشير بن الخصاصية «ألق سبتيتيك» رواه أبو داود، وقال أحمد: إسناده جيد ولأن خلع النعلين أقرب إلى الخشوع، وزي أهل التواضع، واحترام أموات المسلمين، وذكر ابن القيم أن إكرامها عن وطئها بالنعال، من محاسن هذه الشريعة، وقال: من تدبر نهيه عن الجلوس على القبر، والإتكاء عليه، والوطء عليه، علم أن النهي إنما كان احترامًا لساكنها، أن يوطأ بالنعال على رؤوسهم).([29])
وسواء عرفنا العلة (سبب الخلع ) أم لم نعرفها فالواجب علينا هو إمتثال أمر الرسول عليه الصلاة والسلام وعدم معارضته بالرأي .


الفائدة السابعة : وهي فائدة منهجية .

يتبين في هذه الفائدة شدة وسرعة إستجابة الصحابة (رضي الله عنهم) لإمر رسول الله عليه الصلاة والسلام, وذلك من خلال تصرف ذلك الصحابي (رضي الله عنه) عندما سمع نداء الرسول (عليه الصلاة والسلام) له (.. إخلع نعليك ..) فأنه رضي الله عنه لم يسأل لم أخلعهما يارسول الله بل بادر الى خلعهما ولم يكتف بذلك بل رماهما, فرضي الله عنهم ماكان أسرعهم وأطوعهم إلى تنفيذ شرع الله جل ذكره. وهم الأسوة والقدوة لنا, فحري بنا أن نحذوا حذوهم ونقول سمعنا وأطعنا, ولانضرب للسنة الأمثال ولا نعارضها بالآراء ولا بالقياس.فأن الله جل ذكره يقول :
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً}[30]

إعتراضات وردها على ماتقدم من دلالة الحديث على عدم جواز المشي بين القبور بالنعال:
أورد البعض إعتراضات على دلالة الحديث المتقدمة وعللوا النهي بعلل غير صحيحة نذكر منها مايأتي:
· الإعتراض الأول:
قولهم ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( العَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ،..) الحديث([31])
فقالوا هذا الحديث يدل على جواز لبس النعال في المقابر.
والجواب: أن يقال لهم هذا الحديث ورد بباب الإخبار وحديث النهي في باب الأمر فيقدم الأمر كما هو مقرر في أصول الفقه. ثم الإخبار لا يستفاد منه جواز ولا عدمه حتى يعارض به هذا الحديث.
وكذلك فأن الرسول صلى الله علي وسلم أخبر بأنه يسمع قرع نعالهم ولم يقل أن ذلك القرع كان بين القبور. فيجب على العبد أن يحذر من أن ينسب قولا لرسول الله عليه الصلاة والسلام وهو لم يقله أو يحمل قوله مالايحتمل , فأن هذا من الكذب عليه , وقد قال عليه الصلاة والسلام محذرا من الكذب عليه ومتوعدا الكاذبين (إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)[32]
قال السندي (رحمه الله): (وَكَذَا قد يبْحَث فِي دلَالَة هَذَا الحَدِيث([33]) على الْجَوَاز بِأَن يُقَال لَا يلْزم من ذَلِك جَوَاز مشيهم بهَا فَإِنَّهُ يجوز أَنه ذكر ذَلِك صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على عادات النَّاس وَلَا يلْزم من هَذِه الْحِكَايَة من غير إِنْكَار تَقْرِير مشيهم بهَا سِيمَا إِذا سبق مِنْهُ النَّهْي الَّذِي تقدم فعلى تَقْدِير تَسْلِيم دلَالَة الحَدِيث الْمُتَقَدّم على النَّهْي لَا يُعَارضهُ هَذَا الحَدِيث وَلَا يدل على خلافه وَالله تَعَالَى أعلم).([34])
قال ابن قدامة (رحمه الله): (وَإِخْبَارُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ الْمَيِّتَ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ لَا يَنْفِي الْكَرَاهَةَ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ هَذَا مِنْهُمْ، وَلَا نِزَاعَ فِي وُقُوعِهِ وَفِعْلِهِمْ إيَّاهُ مَعَ كَرَاهِيَتِهِ.([35])
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: (لَيْسَ فِي الحَدِيث([36]) سوى الْحِكَايَة عَمَّن يدْخل الْمَقَابِر، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي إِبَاحَة وَلَا تَحْرِيمًا، وَيدل على أَنه أمره بِالْخلْعِ احتراما للقبور لِأَنَّهُ نهى عَن الِاسْتِنَاد وَالْجُلُوس عَلَيْهَا).([37])
وقال الشيخ عبد المحسن العباد (حفظه الله) جواباً على السؤال التالي:
السؤال: كيف الجمع بين حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (يا صاحب السبتيتين اخلع نعليك فقد آذيت)، وبين قوله صلى الله عليه وسلم: (إنه ليسمع قرع نعالكم)؟
الجواب: (لا يوجد تنافي بين هذا وهذا؛ لأن الناس في المقابر يبدءون بحفر القبور من مكان متأخر إلى أن يصلوا إلى الباب، فالناس يقبرون في أماكن متأخرة عن الباب، ثم بعد ذلك يمشون إلى أن يصلوا إلى الباب، ومن المعلوم أنهم إذا قبروا صاحب القبر ورجعوا في هذا المكان الذي ليس فيه قبور يمشون بنعالهم، أيضاً للإنسان أن يمشي بين المقابر إذا كان هناك طريق ليس فيه قبور، وأما المشي بين المقابر ولم يكن هناك ضرورة تلجئ إليه من رمضاء أو شوك أو حصى يلحق ضرراً بالإنسان فإن على الإنسان ألا يمشي بالنعال كما جاء في حديث صاحب السبتيتين).([38])
قلت : ويحتمل أنهم كانوا واقفين عند حدود المقبرة ولم يخلعوا نعالهم فلما رجعوا سمع قرع نعالهم أو أنهم خلعوا نعالهم ودخلوا في المقبرة وعندما عادوا لبسوها خارج حدود المقبرة فسمع قرعها.
وعلى كل حال فدلالة الحديث على النهي باقية ولا معارض لها .
· الإعتراض الثاني:
قولهم : يحتمل أنه كان في تلك النعلين نجاسة, ولذلك فقد أمر (عليه الصلاة والسلام) بخلعهما لعلة القذر الذي بهما, أما نحن فأذا لم تكن في نعالنا نجاسة فلا وجه لخلعها.
والجواب: أن هذا القول تحكم بدون دليل وتقييد لما أطلقه الشارع بالرأي المجرد وما أطلقه الشارع لايقيده إلا الشارع , ونصوص الوحي لايصح أن تعارض بالأراء ولا بالقياس ولا تضرب لها الأمثال.
قال ابن حزم (رحمه الله): (وَقَالَ بَعْضُ مَنْ لَا يُبَالِي بِمَا أَطْلَقَ بِهِ لِسَانَهُ فَقَالَ: لَعَلَّ تَيْنِكَ النَّعْلَيْنِ كَانَ فِيهِمَا قَذَرٌ؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَنْ قَطَعَ بِهَذَا فَقَدْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ قَوَّلَهُ مَا لَمْ يَقُلْ، وَمَنْ لَمْ يَقْطَعْ بِذَلِكَ فَقَدْ حَكَمَ بِالظَّنِّ، وَقَفَا مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَكِلَاهُمَا خُطَّتَا خَسْفٍ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُمَا؟).([39])
قلت : لو كانت العلة النجاسة كما يزعمون لأمر عليه الصلاة والسلام الداخل إلى المقبرة أن يقلب نعليه فأن رأى فيهما خبثا يدلكهما في الأرض ثم يدخل وكذلك لعلم ذلك الصحابي هذا الحكم (حكم قلب النعلين ودلكهما بالأرض إن كان بهما خبثا ) إذ لايجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة .
وذلك لأن المساجد هي أطهر البفاع على وجه الأرض وقد علم صلى الله عليه وسلم أصحابه إذا أرادوا الدخول الى المسجد أن يقلبوا نعالهم وينظروا فيها فمن وجد منهم في نعليه شيئاً فاليدلكهما بالأرض ثم يدخل المسجد كما جاء ذلك في الحديث الذي يرويه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ، قَالَ: «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ»، قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا - أَوْ قَالَ: أَذًى - " وَقَالَ: " إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ: فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا "[40]
فأذا كان هذا إرشاده وتعليمه لمن أراد دخول المسجد الذي يجب صيانته عن القاذورات بالنص والأجماع , فبقياس الأولى لوكان أمره بخلع النعلين للماشي بين القبور لعلة النجاسة لأرشد عليه الصلاة والسلام لهذا الحكم الذي في حديث أبي سعيد الخدري .
وهذا بين والحمد لله .


· الإعتراض الثالث:
قولهم أن هذا النوع من النعال (السبتية) هي من زي أهل الترف والتنعم فلا يناسب أن يلبسا بين القبور, فلذلك أمر (صلى الله عليه وسلم) بخلعهما.
والجواب:
أن يقال إن هذا تحكم بغير دليل، وتعليل لإمر الشارع بمجرد الرأي بل هو تعليل خاطيء تماماً، فان هذه النعال السبتية ليست من زي أهل الترف والتنعم, فقد كان ابن عمر (رضي الله عنهما) يلبسها وأخبر أنه رأى رسول الله (عليه الصلاة ولسلام) يلبسها.
فقد أخرج البخاري ومسلم (رحمهما الله تعالى) : عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا، قَالَ: وَمَا هِيَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ: رَأَيْتُكَ لاَ تَمَسُّ مِنَ الأَرْكَانِ إِلَّا اليَمَانِيَّيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلاَلَ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَّا الأَرْكَانُ: فَإِنِّي لَمْ «أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّ إِلَّا اليَمَانِيَّيْنِ»، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ: فَإِنِّي «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النَّعْلَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا»، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا، وَأَمَّا الصُّفْرَةُ: فَإِنِّي «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا»، وَأَمَّا الإِهْلاَلُ: فَإِنِّي «لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ»([41])
قال ابن حجر (رحمه الله تعالى):
وَأَمَّا قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْهُمَا لِمَا فِيهِمَا مِنَ الْخُيَلَاءِ فَإِنَّهُ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ إبن عُمَرَ كَانَ يَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ وَيَقُولُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُهَا وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ .([42])
وكذلك رد الشيخ الألباني (رحمه الله) في أحكام الجنائز التعليل بالخيلاء بما رده به ابن حجر.([43])

الخاتمة

وأقول أخيراً : إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل. فقد تبين بالدليل الصحيح أن لبس النعال والمشي بها بين قبور المسلمين غير جائز إلا من عذر, وأقل أحواله الكراهة, فرحم الله مسلماً عرف هذا الحكم وعمل به, وأحيا سنة من سنن الرسول (عليه الصلاة والسلام) بعدما هجرها الناس وصارت نسياً منسياً .

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.



أبوحسام


8/7/1433



[1])) أخرجه الحاكم (8570) وقال على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. والدارمي (191) وإبن وضاح (264).
صحيح : تحريم آلات الطرب (ص 16).

[2] سنن ابن ماجة (209)، صحيح لغيره : صحيح وضعيف ابن ماجة (209).

[3] أخرجه أحمد (6650) صحيح: الصحيحة (1619) وصحيح الجامع (3921).

[4])) أخرجه أبو داود (3230).

[5])) أخرجه إبن ماجة (1568).

[6])) أخرجه أحمد (20787).

[7])) أخرجه النسائي (2048).

[8])) وأخرجه إبن حبان (3170) والحاكم في مستدركه (1380) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأبو داود الطيالسي (1220) وألفاظهم متقاربة.
وحسنه الشيخ الالباني في الأرواء (760) وأحكام الجنائز (88).

(1) تاج العروس (4/537)

[10])) حاشية السندي على سنن ابن ماجة (1/475).

)2 )يعني حديث بشير بن الخصاصية

[12])) نيل الأوطار (1479).

[13])) بستان الأحبار (1/517).

[14])) مجموع فتاوى ابن باز (13/355).

[15])) فتاوى نور على الدرب لابن باز (14/176).

[16])) فتاوى اللجنة الدائمة (9/123).

[17])) أحكام الجنائز (200).

)3) أنظرمعجم اللغة العربية المعاصرة (2/1322) والمغرب في ترتيب المعرب (61)

(4)غريب الحديث (3/151)

[20])) المغني (2/420).

[21])) المغني (2/420).

[22])) أحكام الجنائز (200).

[23])) مجموع فتاوى ابن باز (13/355).

(1) يقصد الشيخ رحمه الله أن الخلع خاص بالمشي بين القبور وليس في عموم المقبرة

(2) شرح صحيح مسلم كتاب الحج شريط رقم (2)

(3)غريب الحديث (3/151)

[27])) أحكام الجنائز (200).

[28])) المغني (2/420).

[29])) حاشية الروض المربع (3/130).

(2) الأحزاب /36

[31])) أخرجه البخاري (1338).

(3) أخرجه البخاري (1291) ومسلم في القدمة (3) و (933) وهو حديث متواتر

[33])) أي حديث سماع الميت قرع النعال.

[34])) حاشية السندي على سنن النسائي (2049).

[35])) المغني (2/420).

[36])) حديث سماع قرع النعال.

[37])) عمدة القاري (8/147).

[38])) موقع الشيخ عبد المحسن العباد.

[39])) المحلى (3/360).

[40]أخرجه أبو داود (650) وغيره بألفلظ متقاربة . وصححه الألباني في صحيح أبي داود الأم (657).

[41])) البخاري (166) ومسلم (1187).

[42])) فتح الباري (3/206).

[43])) أحكام الجنائز (200).

التعديل الأخير تم بواسطة محمود الشمري ; 11-26-2012 الساعة 12:51 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-07-2012, 09:49 PM
العباسي العباسي غير متواجد حالياً
طالب في معهد البيضـاء العلميـة -وفقه الله-
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 62
شكراً: 1
تم شكره 3 مرة في 3 مشاركة
افتراضي


جزاكم الله خيرا و بارك فيكم

أخوكم في الله
أبو عبد الرحمن العباسي العراقي
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:26 PM.


powered by vbulletin