الأُضحية
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لاشريك له و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله
{ يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا الله حقّ تقاته و لا تموتنّ إلاّ و أنتم مسلمون }
{ يا أيّها النّاس اتّقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثّ منهما رجالا كثيرا و نساء و اتّقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيبا }
{ يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما }
أمّا بعد :
فإنّ أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - و شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
مقدمة
في هذه الأيام الغوالي التي يستعد فيها المسلمون لأداء فريضة الحج ، يستعد المسلمون فيها أيضا لشراء أضاحيهم للتقرب بها إلى الرب تعالى في يوم عيدهم ، هذا اليوم العظيم
الذي هو أفضل أيام السنة , فعن عبد الله بن قرط قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أفضل الأيام عند الله يوم النحر ويوم القر ) قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح .
وهذه الأضاحي التي يتقربون بها إلى الله تعالى في هذا اليوم المبارك من تعظيم شعائره كما قال جلَ وعلا لما ذكر الأضاحي : { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) الحج } ,وفي هذه الكلمات الآتية بعض أحكام الأضحية من السنة وأقوال العلماء :
الأضاحي: قال الأصمعي فيها أربع لغات أضحية وإضحية بضم الهمزة وكسرها وجمعها أضاحي بتشديد الياء وتخفيفها واللغة الثالثة ضحية وجمعها ضحايا والرابعة أضحاة والجمع أضحى وبها سمى يوم الأضحى قال القاضي وقيل سميت بذلك لأنها تفعل في الضحى وهو ارتفاع النهار.
أحكام الأضحية وتشرع الأضحية لكل بيت مسلم وفي كل عام في عيد الأضحى خلافاً لما يتوهمه كثيرٌ من الناس أنها تشرع في العمر مرة أو على الميت فهذا فهم خاطئ والصواب أنها لا تخص بالميت،وهي واجبة على المستطيع على الراجح وهو مذهب الأحناف وقسم من المالكية وهو قول الشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين ، وذلك للأدلة ومنها قول الله تعالى :
[ فصلِ لربك وأنحر(2)الكوثر ] قال ابن عباس، وعطاء، ومجاهد، وعكرمة، والحسن: يعني بذلك نحر البُدْن ونحوها،وقال بعض المفسرين: المراد به الأضحية بعد صلاة العيد. وعن أنس رضي الله عنه قال: { أن رسول الله صلى الله عليه و سلم انكفأ إلى كبشين أقرنين أملحين فذبحهما بيده } رواه البخاري برقم5234 . وقال أبو داود صاحب السنن: باب ما جاء في إيجاب الأضاحي: ثم ذكر حديث مخنف بن سليم قال: ونحن وقوف مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بعرفات قال: {" يا أيها الناس إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية}رواه ابو داود وقال الألباني:حسن .وذكر ابن ماجة صاحب السنن تحت باب
الأضاحي واجبة هي أم لا ؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا } قال الألباني ( حسن ) .
جنسها : [ من بهيمة الأنعام] وهي الغنم والمعز والبقر والإبل،عن البيت المسلم الذين مطعمهم سواء: شاة واحدة اوعنز أو سبع بقرة أوسبع بعير أو عشره ، وعلى ذلك العلماء ،ابن باز والعثيمين والعباد وغيرهم .
أعمارها :
الأغنام : ستة أشهر فما فوق .
والمعز: سنة فما فوق. والبقر:سنتين فما فوق
والإبل:ما أتم خمس سنين .
والسنة ان تكون سمينة، فعن أبي أمامة بن سهل قال : { كنا نسمن الأضحية بالمدينة وكان المسلمون يسمنون } ذكره البخاري في صحيحه .
العيوب في الأضحية:
أولا:عيوب لاتجزىء ولا تصح معها الأضحية وهي أربع:المرض البين ،والعجف ،والضلع البين،والعور البين.وأما إذا كان غير بين فيجزى. فعن البراء بن عازب قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لا يجوز من الضحايا العوراء البين عورها والعرجاء البين عرجها والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقى} رواه النسائي وابن ماجة وصححه الشيخ الألباني.
ثانيا:عيوب تضر بكمال الأضحية فقط :وهي ما قطع منها نصف الأذن فأكثر فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :{ أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نستشرف العين والأذن}أخرجه ابن خزيمة وصححه الشيخ الألباني.
ثالثا:هناك بعض الأشياء يظنها الناس عيوبا مخلة بالأضحية وهي ليست كذلك :
مثل مكسورة القرن والخصي وغير ذلك مما لم يذكر في الأحاديث الصحيحة.
وقتها:من بعد صلاة العيد إلى آخر أيام التشريق على الأصح وهو قول الشيخ ابن عثيمين .
عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه و سلم
: ( من ذبح قبل الصلاة فليعد ) .أخرجه البخاري برقم 911
توزيعها: يأكل منها ويدخر ويطعم وأولى الناس بالإطعام هم الفقراء كما قال تعالى [فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير(28)الحج ]وعن سلمه بن الاكوع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {كلوا وادخروا وأطعموا }أخرجه البخاري برقم 5249
طريقة الذبح: أن يجهز الذابح بشيء حاد على الذبيحة وان يحد شفرته قبل الذبح دون أن ترى الذبيحة ذلك ، وان يقول بسم الله والله اكبر ويقطع الأوداج وهي الشريانيين في عنق الذبيحة دون أن يقطع المفصل حتى تموت الذبيحة والعلماء كرهوا أن يقطع الرأس قبل الموت ، عن رافع بن خديج قال: أفنذبح بالقصب ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
{ ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر وسأخبركم عنه أما السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة } أخرجه البخاري برقم 5179
عن أنس رضي الله عنه قال :{ ضحى النبي صلى الله عليه و سلم بكبشين أملحين فرأيته واضعا قدمه على صفاحهما يسمي ويكبر فذبحهما بيده } أخرجه البخاري برقم 5238.
السنة للذابح:أن يمسك عن شعره وأضفاره طيلة الأيام العشر من ذي الحجة ، فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت :
{ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا ) }رواه مسلم برقم 1977.
هذا واني لادعوا الله تعالى أن يعين المسلمين على فعل هذه السنة والتمسك بسائر سنة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فهي وصيته الغالية فالموصي رسول الله والوصية وصية مفارق فعن العرباض بن سارية عن النبي صلى الله عليه وسلم { قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وأياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار}.أخرجه أحمد وابن ماجة وصححه الألباني.
وأوصي باستغلال العشر من ذي الحجة بالأعمال الصالحة فعن ابن عباس (رضي الله عنه )عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه) . قالوا ولا الجهاد ؟ قال ( ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء ) أخرجه البخاري برقم 926 . وصيام يوم عرفة الذي يكفر سيئات سنتين سنة ماضية وسنة آتية { صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده } أخرجه مسلم برقم 1162 . وصلى الله على محمد وآله وسلم.
كتبه أسعد بن عجيل
|