بسم الله الرحمن الرحيم
و بعد فهذه درة اقتطفتها من كتاب الشيخ العلامة ابن القيم الجوزية من كتابه القيم مدارج السالكين يقول رحمه الله تعالى:
فالله سبحانه قد اقتضت حكمته : أن ركب الإنسان بل وسائر الحيوان على طبيعة محمولة على قوتين : غضبية وشهوانية وهي الإرادية وهاتان القوتان هما الحاملتان لأخلاق النفس وصفاتها وهما مركوزتان في جبلة كل حيوان فبقوة الشهوة والإرادة : يجذب المنافع إلى نفسه وبقوة الغضب : يدفع المضار عنها فإذا استعمل الشهوة في طلب ما يحتاج إليه : تولد منها الحرص وإذا استعمل الغضب في دفع المضرة عن نفسه : تولد منه القوة والغيرة فإذا عجز عن ذلك الضار : أورثه قوة الحقد وإن أعجزه وصول ما يحتاج إليه ورأى غيره مستبدا به أورثه الحسد فإن ظفر به : أورثته شدة شهوته وإرادته : خلق البخل والشح وإن اشتد حرصه وشهوته على الشيء ولم يمكنه تحصيله إلا بالقوة الغضبية فاستعملها فيه : أورثه ذلك العدوان والبغي والظلم ومنه يتولد : الكبر والفخر والخيلاء فإنها أخلاق متولدة من بين قوتي الشهوة والغضب وتزوج أحدهما بصاحبه .