سئل شيخ الإسلام رحمه الله ما معنى قول من يقول: حب الدنيا رأس كل خطيئة فهل هي من جهة المعاصي أو من جهة جمع المال؟؟
الجواب: الحمد لله ليس هذا محفوظاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن هو معروف عن جُندب بن عبد الله البَجلي من الصحابة ويذكر عن المسيح بن مريم عليه السلام وأكثر ما يغلوا في اللفظ المتفلسفة ومَنْ حذا حذوهم من الصوفية على أصلهن في تعلق النفس إلى أمور ليس هذا موضع بسطها وأمّا حكم الإسلام في ذلك فالذي يعاقب الرجل عليه الحب الذي يستلزم المعاصي فإنّه يستلزم الظلم والكذب والفواحش ولا ريب أن الحرص على المال والرياسة يوجب هذا كما في "الصحيحين": أنه قال: "إياكم والشُح! فإنَّ الشح أَهلك من كان قبلكم أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالظلم فظلموا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا" وعن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف"
قال الترمذي: حديث حَسن فحرص الرجل على المال والشرف يُوجب فساد الدين فأمّا مجرد الحب الذي في القلب إذا كان الإنسان يفعل ما أمره الله به ويترك ما نهى الله عنه ويخاف مقام ربه وينهى النفس عن الهوى فإنّ الله لا يعاقبه على مثل هذا إذا لم يكن معه وجمع المال إذا قام بالواجبات فيه ولم يكتسبه من الحرام لا يعاقب عليه لكن إخراج فضول المال والاقتصار على الكفاية أفضل وأسلم وأفرغ للقلب وأجمع للهم وأنفع في الدنيا والآخرة
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن أصبح والدنيا أكبر همّه: شتت الله عليه شمّله وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له ومَن أصبح والآخرة أكبر همه: جعل الله غناه في قلبه وجمع عليه ضيعته وأتته الدنيا وهي راغمة"