الدرس الخامس من منهاج السالكين كتاب الصيام شرح فضيلة الشيخ عبدالرحمن العدني

[بدر منصور محمد]

الدرس الخامس :**مايتعلق بأحكام الإفطار أو الفطور والسحور والنهي عن الوصال وهكذا مايتعلق بالحفاظ على الصوم وألا يجرح بالمعاصي والمخالفات ، فهي وإن كانت غير مبطلة للصوم إلا أنها قد تنقص الثواب وقد تحرم الصائم الأجر بالكلية ، فلهذا يحرص الصائم على ملازمة تقوى الله سبحانه وتعالى والبعد عن أسباب الفسوق والمعاصي والمخالفات ، والنبي صلى الله عليه وسلم هو القائل (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب وإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم ) ، هل يقولها بنفسه أويقولها بلسانه وقد جهر بذلك الراجح أنه يقول ذلك بلسانه ويجهر حتى يذكر نفسه ويمنع نفسه ويعرف الآخرين أنه صائم ، ( فليقل إني صائم ) . ثم قال رحمه الله ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه ) متفق عليه ، نعم من مات وعليه صوم تقدم في الدروس الماضية متى يكن الصوم واجبا على الإنسان وذلك بمعرفة الحالتين اللتين تقدم ذكرهما وهي أن يكون عجزه طارئا أو يكون عجزه دائما ، أما إذا كان عجزه دائما فكما تقدم أن الواجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكينا لعموم قوله تعالى (وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين ) ، وأما إذا كان العجز طارئا وأفطر وتمكن من القضاء ثم لم يقضي فهذا الصوم قد لزمه لعموم قوله سبحانه وتعالى ( ومن كان منكم مريضا أوعلى سفر فعدة من أيام أخر ) أي من كان منكم مريضا أوعلى سفر فأفطر فعليه عدة من أيام أخر ، فالذي يفطر لعذر السفر او لعذر المرض أو تفطر المرأة لعذر الحمل أو رضاع أو تفطر المرأة لعذر الحيض والنفاس ففي هذه الحالات لها صورتان أما أن تتمكن من القضاء أو لاتتمكن من القضاء إذا لم تتمكن من القضاء فليس الصوم واجبا عليها يعني ليس الصوم واجبا عليه صاحب هذه الحاله الذي يفطر بعذر المرض أو السفر أو المرأة تفطر لعذر الحمل أو الرضاع أو الحيض أو النفاس ، فمن لم يتمكن من القضاء فليس الصوم لازما عليه ، صورة هذه المسألة أنه مثلا يسافر في نهار رمضان في العشر الوسطى من رمضان من اليوم العاشر إلى اليوم العشرين ، سافر خرج الرجل من عدن متجها إلى صنعاء وبقي فيها عشرة أيام ثم عاد إلى عدن إذا عاد سيواصل الصوم ، الآن أفطر عشرة أيام من رمضان فهل هذا قد لزمه الصوم الجواب إن عاش بعد العيد مدة تمكن فيها من القضاء ثم لم يقضي فهذا الذي قد لزمه الصوم وأما إذا أفطر عشرة أيام من رمضان ثم قدر الله ومات بعد العيد مباشرة فهذا ليس عليه شئ وليس على أوليائه شئ لأن هذا لم يجب عليه الصوم لأن الله تعالى يقول ( فعدة من أيام اخر ) لابد أن يتمكن من القضاء ، أما لو مات قبل أن يقدر على القضاء فليس الصوم لازما أو واجبا عليه ، فهذا الحديث يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه ) ، من مات وعليه صيام ظاهر الحديث أنه في الصوم الواجب لأنه قال وعليه صيام ليس بالصوم التطوع إنما هو في الصوم الواجب متى يكون الصوم عليه إذا تمكن من القضاء ولم يقضي فهذا الصوم واجبا عليه فهذا الذي فيه خلاف هل يصوم عنه وليه أو لايصوم عنه وليه ، وإذا تمكن من البعض ولم يتمكن من البعض الآخر فالذي تمكن من صيامه ولم يصمه هو الذي وجب عليه ، رمضان من اليوم العاشر إلى اليوم التاسع عشر لعذر المرض أو السفر ثم مات في اليوم السابع من شوال فكم الذي قد لزمه من الصيام مات في اليوم السابع في الظهر خمسة أيام إذا أخرجنا يوم العيد لأنه لايجوز صومه ومات في السابع في الظهر معناها أنه تمكن من صوم كم خمسة أيام فهذا الذي لزمه خمسة أيام ، فقوله صلى الله عليه وسلم ( من مات وعليه صيام ) إختلف العلماء في من مات وعليه صوم الآن عرفنا متى يكون الصوم واجبا عليه ، اختلف العلماء في من مات وعليه صوم هل يصوم عنه أولياؤه الخلاف في الصيام عن الميت أما الصيام عن الحي فقد أجمعوا على أنه لايصوم أحد عن الحي ، إنما الخلاف في الصيام عن الميت أما الحي فقد أجمعوا أنه لايصوم أحد عن الحي ، رجل مريض أو مسافر أو إمرأة مرضع أو حامل أو نفساء وهم على قيد الحياة لايصوم عنهم أحد هذا لاخلاف فيه بين أهل العلم ، هل الحج يكون عن الحي أو يعتمر عن الحي الجواب إذا كان عذره عنده مانع بدني أو عائق بدني وهو مستمر ومزمن فهذا ممكن أن يحج عنه ويعتمرعنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم وقد قالت له المرأة إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيبة كبيرا لايثبت على الراحلة فهل أحج على أبي قال نعم . أما الصوم فلا يصمن احد عن حي ولا خلاف بين أهل العلم ، والصلاة هل يصلى عن الحي لايصلى عن الحي ، وأما الحج والعمرة فنعم يحج عن الحي ويعتمر عن الحي لكن بشرط أن يكون هذا الحي عاجزا عجزا دائما في بدنه ليس في ماله ، أما إذا كان عاجزا في ماله فلا يحج عنه أحد ولا يعتمر عنه أحد ، إنسان فقير يقول أنا ماعندي قدرة على الوصول إلى بيت الله الحرام فهذه المرأة أو هذا الرجل لايحج عنه ولا يعتمر عنه لأنه قد يتيسر له أمره ، أو إمرأه ليس لها محرم لايجوز أن يحج عنها ولا ان يعتمر عنها لأنه قد يتيسر لها ، أما المريض مرضا مزمنا هذا الذي يحج عنه ويعتمر عنه . قال (من مات وعليه صيام صام عنه وليه ) ، هنا إختلف أهل العلم خرج الحي لايصام عن الحي لكن الميت إذا مات وعليه صوم فهل يصوم عنه وليه فيه أقوال لأهل العلم والراجح أنه نعم يصوم عنه وليه سواء كان الصوم لازما بأصل الشرع أو كان صوم نذر أو كفارة ، سواء كان هذا الصوم لازما بأصل الشرع مثل صوم القضاء أو كان صوم نذر أو كفارة ، الراجح أن الولي يصوم عن هذا الميت سواء كان الصوم لازما بأصل الشرع مثل صوم القضاء أو كان الصوم بسبب النذر أو الكفارة وهذا قول جماعة من أهل العلم ورجحه جماعة من المحققين وهو الراجح لعموم هذا الحديث حديث عائشة رضي الله عنها (من مات وعليه صوم صام عنه وليه ) ، من مات وعليه صوم صوم نكرة في سياق الشرط فتفيد العموم ، من مات وعليه صوم أي صوم سواء كان صوم قضاء أو نذر أو كفارة ، ولايقال أيضا صوم تطوع لأنه قال من مات وعليه صوم أما التطوع فلا يكون في ذمة المسلم أو المتعبد لو كان يصوم الإثنين والخميس وترك في بعض الأيام وهو لم ينذر فلا يكون لازما عليه ، فإذا الحديث مساق في الصوم الواجب ، من مات وعليه صوم صوم نكرة في سياق الشرط تفيد العموم ويستفاد من هذا أن الولي يصوم عن الميت الصوم الذي عليه سواء كان أيام من صوم *رمضان أو كان صوم نذر أو كان صوم كفارة ، وأما العمومات في مثل قوله سبحانه وتعالى ( ولا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ماسعى ) ( ولا تكسب كل نفس إلا عليها ) فهذه العمومات مخصصة في هذه المسألة بالدليل ( من مات وعليه صوم صام عنه وليه ) ، قوله ( صام عنه وليه ) ، صام ظاهره الخبر لكن هو بمعنى الأمر بمعنى ليصم ليصم عنه وليه ، فإذا من مات وعليه صوم واجب سواء كان قضاء أو نذرا أو كفارة فيجب على وليه أن يصوم يجب ، أما زيادة ( صام عنه وليه إن شاء ) فهي منكرة هذة الزيادة منكرة ( صام عنه وليه إن شاء ) رواه البزار من طريق عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف وقد خالف الثقات فهي زيادة منكرة لاتصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فواجب على الولي أن يصوم واجب على الولي أن يصوم إذا مات الميت وعليه صوما واجب فواجب على الأولياء أن يصوموا عنه وجوبا ليس على سبيل الإستحباب ، لأن قوله صام عنه وليه بمعنى ليصم مثل قوله سبحانه وتعالى ( والمطلقات يتربصن ) أي ليتربصن ، وهكذا قوله ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن ) أي ليتربصن ، وهكذا على قول بعض أهل التفسير ( فمن دخله كان آمنا ) أيش معنى كان آمنا أي فأمنوه ، قال ( صام عنه وليه ) من هو الولي الولي هو كل قريب سواء كان وارثا أوغير وارث ، سواء كان وارثا كالأبن والبنت والأب والأم والزوج والزوجة ..... قرابة الزوجية ، ( صام عنه وليه ) يشمل كل قريب سواء كان وارثا أو كان غير وارث ، الأقرب فالأقرب فإذا ترك الأولياء جميعا الصوم أثموا إذا قام به البعض صح ، ( صام عنه وليه ) أي قريبه ، إذا ترك القريب الصوم وتبرع بالصوم الأجنبي لم يصم أحد من الأقرباء ولكن صام الزميل الصديق أو الجار أوالرجل الآخر البعيد ليس له علاقة قرابة بالميت الجواب يصح هذا الصوم لأنه تبرع أشبه قضاء الديون المخاطب بالقضاء هم الأولياء أي الأقارب فإذا لم يصوموا وصامه البعيد فهذا الصوم مجزئ لأن هذا تبرع يشبه قضاء الديون لوقام بقضاء الدين أي شخص فهذا مجزئ فالحاصل أن من مات وعليه صوم صام عنه وليه سواء كان قضاء أونذر أو كفارة لعموم حديث بن عباس أيضا أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال ( يارسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأصوم عنها قال أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيه قال نعم قال فدين الله أحق أن يقضى ) رواه مسلم هو متفق عليه لكن هذا السياق لمسلم ، وبمعناه رواه مسلم من حديث بريدة .( من مات وعليه صيام صام عنه وليه ) ولو إشترط الأولياء في الصوم عن الميت مثلا مات وعليه عشرون يوما من رمضان وهم ثلاثة أوهم أربعة فصام كل واحد خمسة أيام هل تجزئ عنه الجواب نعم تجزئ عنه ولو صاموا في وقت واحد ، مات وقام أربعة من الأقارب بالصيام عنه عليه عشرون يوما فقام كل واحد يصوم خمسة أيام وكان هذا الصيام في أيام معينة إبتدأوا من السبت وانتهوا الثلاثاء ، سبت وأحد وأثنين وثلاثاء وأربعاء هذا مجزئ إلا في الصوم الذي يشترط فيه التتابع فلايجزئ إلا أن يكون متتابعا ، مات الميت وعليه صيام شهرين متتابعين قتل شخصا خطأ أو كان عليه كفارة الجماع في نهار رمضان أوكان عليه كفارة الظهار فواجب عليه أن يصوم شهرين متتابعين ، تمكن من الصيام ولم يصم حتى مات فواجب على أوليائه أن يصوموا عنه لعموم الحديث ( من مات وعليه صوم صام عنه وليه ) ، فهل لهم أن يصوموا في أيام معينة جميعا ، إجتمع عشرة من الأولياء وكل يصوم ثلاثة أيام الجواب لا الراجح أنه يجب أن يجعلوا الصوم متتابعا يتفقون يقول هذا أنا سأصوم الأيام الأولى وهذا التي بعدها حتى يجعلوا الشهرين متتابعين هذا الراجح وإلابعضهم يقول لا لابد في هذا الصوم أن يتولاه واحد ، ومنهم من أطلق قال يجوز للأولياء أن يصوموا ولو في الصيام الذي يشترط فيه التتابع ولو في أيام متحدة ، ومنهم من توسط قال يجوز للأولياء أن يتعانوا على صيام الشهرين المتتابعين لكن على سبيل التتابع وهذا هو الراجح ، فالراجح أنهم يصومون صياما متتابعا . **

فرغه : أبو معاذ مفتاح عمران*